المالية العامة وأهميتها



أولاً :- تعريف علم المالية العامة :-

من المفيد في بداية دراستنا لعلم المالية العامة ، مناقشة بعض التعاريف التي أوردها كتاب المالية العامة ، فقد تطور مفهوم هذا العلم منذ نشأته وحتى الوقت الحاضر ، فقد عرف بعض الكتاب المالية العامة   (( بأنه العلم الذي يعالج النفقات العامة والإيرادات العامة ويشمل كافة العلاقات الضرورية المختلفة والمتداخلة ومناقشة مثل  هذه النفقات والإيرادات )) وعرف آخرون المالية العامة (( بأنه العلم الذي يبحث في كيفية حصول السلطات العامة على الموارد الاقتصادية المختلفة واستخدامها لإشباع الحاجات العامة والآثار الاقتصادية المختلفة الناتجة عن ذلك )) وحديثا” يعرف علم المالية العامة (( بأنه دراسة النشاط الاقتصادي والمالي للدولة وللسلطات العامة ، وآثار هذا النشاط على ميادين الحياة العامة ، ويتكون هذا النشاط في عمليات تقوم بها  الدولة على جزء من  الثروة  القومية  ومن الدخل  واستخدامها لإشباع الحاجات العامة والآثار الاقتصادية  المختلفة الناتجة عن ذلك )) او هو العلم (( الذي يدرس نشاط الدولة طالما تستخدم وسائل الفن المالي متمثلة في النفقات والضرائب والرسوم والقروض ووسائل نقدية والميزانية )) 0

ثانيا” :- الحاجات العامة والحاجات الخاصة   :-

يمكن  تقسيم حاجات الإنسان الى قسمين أساسيين الأول : هو الحاجات الفردية ، وهي تلك الحاجات التي نشأت مع نشوء الخليقة ، حيث قام الإنسان بإشباع هذه الحاجات اعتمادا” على جهده الخاص ، ومن دون معاونة الآخرين ، ولعل  أهم هذه الحاجات هي حاجة الإنسان إلى المأكل والمشرب ، أما  القسم الثاني من الحاجات فهو الحاجات الجماعية ، ويمكن اعتبارها  إحدى الأسس الهامة التي  استند أليها  التطور الاقتصادي والاجتماعي والسياسي للمجتمعات الحديثة ، فمع بروز الحاجات المشتركة شعر الأفراد بضرورة قيام جهة تتولى تنظيم وإشباع حاجاتهم ، لكونهم كأفراد مستقلين لا يستطيعون إشباعها بشكل فردي ، ومن هذا المنطق نشأت الهيئات العامة بأشكالها المختلفة ، ومن ثم تطورت لتأخذ شكل الحكومات في الوقت الحاضر ، حيث تدخل ضمن وظائفها الرئيسية إشباع الحاجات الجماعية كحاجة الأفراد الى خدمات الأمن الداخلي والدفاع عن سيادتهم من الاعتداءات الخارجية 0000 الخ 0أما الحاجات التي يتم إشباعها من قبل الأفراد أو الهيئات الخاصة فتسمى حاجات خاصة ، ومن الطبيعي أن يبذل الإنسان جهدا” شخصيا” أو مقابلا” نقديا” لقاء إشباعه لحاجته الخاصة ، أما الحاجات العامة







فقد لايبذل الفرد أي جهد او مقابل نقدي لقاء قيام الهيئة العامة بإشباع الحاجات العامة ( او الجماعية ) 0

لذلك يمكن القول ان الحاجات الجماعية هي تلك الحاجات التي تقوم بإشباعها هيئات عامة لتحقيق المنفعة الجماعية العامة 0

ويمكن تمييز الحاجات الجماعية على النحو آلاتي :-

أ- الحاجات التي تستدعي طبيعتها ومقتضيات الحياة الاجتماعية أن تقوم الدولة بإشباعها ، ومن دون قيام الدولة بإشباع هذه الحاجات تكون قد أخلت بأهم وظائفها الرئيسية ومنها الدفاع الخارجي والأمن الداخلي والقضاء 0

ب- الحاجات المرتبطة بحياة المجتمع الاقتصادية والثقافية والأخلاقية ، وإذا ترك للأفراد إشباع تلك الحاجات مباشرة وبدون تدخل الدولة فأنها قد تكلفهم امولا”كبيرة ، وقد يحرم العامة من الناس من الحصول عليها مثل هذه الحاجات ، لتعليم والصحة ووسائل المواصلات 0

جـ- الحاجات ذات النفع المباشر كإعانة الدولة للفقراء وتقرير معاش للشيوخ والعجزة والأرامل 0

ثالثا” :- الخدمات العامة   :-

ارتبط تطور الخدمات العامة بتطور دور الدولة في إدارة الشؤون الاقتصادية والاجتماعية والسياسية ، وقد اصبح حقيقة واضحة بأن تدخل الدولة ضرورة لابد منها لتنظيم الجوانب المختلفة لحياة المجتمع واستمرار تطوره بشكل مناسب 0

      ولعل ابرز جانب يظهره تدخل الدولة هو ممارستها في تقديم





الخدمات العامة المختلفة لافراد  المجتمع ، ويمكن تقسيم الخدمات العامة الى مايأتي :-

أ- خدمات عامة غير قابلة للتجزئة 0

ب- خدمات عامة قابلة للتجزئة 0

 فالنوع الاول من الخدمات العامة يتميز بعدم أمكان تجزئتها ، وبالتالي فهي غير قابلة للبيع وتقدمها الدولة مجانا” لكافة الافراد ، فخدمات الدفاع الخارجي على سبيل المثال تمثل خدمة عامة لايمكن تجزئتها ، وبالتالي لاتستطيع الدولة معرفة مقدار انتفاع كل فرد بمثل هذه الخدمة حتى تستطيع مطالبته بثمنها ، لذلك فان نظام الاثمان لايصلح لقياسها لعدم تأثرها بظروف العرض والطلب ، لهذا كان المصدر الاساسي لتمويل نفقات الخدمات العامة هو الايرادات العامة ، التي تحصل عليها الدولة من الافراد كالضرائب مثلا” 0

اما الخدمات القابلة للتجزئة فهي الخدمات التي يمكن معرفة مقدار انتفاع كل فرد بمثل هذه الخدمة ، ومن ثم يكون بالمستطاع تحديد ثمن لهذه الخدمة ، فخدمات الطبيب التي يقدمها للمرضى في المستشفيات العامة من السهولة حساب ثمنها ، وبالتالي تستطيع الدولة ان تأخذ ثمنها كاملا” من المريض او قد تأخذ اقل من ثمنها وقد لاتأخذ أي مقابل نظير مثل هذه الخدمات 0











المبحث الثاني : المالية العامة والمالية الخاصة

 أن تمييز المالية العامة عن المالية الخاصة ، يعني تمييز نشاط الدولة المالي عن نشاط الأفراد بقصد إشباع الحاجات ، ينظر أليه من خلال ثلاث نقاط هي :-

1-من حيث أسلوب الأنفاق:-

 تحدد الدولة نفقاتها أولا” ثم تعين مقدار ما يلزمها من الإيراد ، التي تغطي النفقات ، ويجب في الظروف العادية ألا تزيد الإيرادات عن النفقات حتى لا يحرم الأفراد من أموال ليست الدولة في حاجة أليها ، وذلك باستقطاعها كضرائب منهم 0

أما الفرد فيقدر دخله أولا” ثم ينفق في حدود ذلك الدخل ، ويرجع هذا الفرق إلى أن قدرة الدولة على الاقتراض أوسع من قدرة الفرد ، فهي باقية وثقة المقرضين بها اكبر من ثقتهم بالأفراد

2- من حيث الهدف :-

ان هدف قيام الدولة بالمرافق العامة ليس  الربح في الغالب ، بل اعتبارات اخرى كاتاحة الفرصة للانتفاع بالخدمة للجميع بدون تمييز ، ولاينفي ذلك ان الدولة قد تحصل على موارد مالية للميزانية العامة نتيجة لتوليها بعض المشروعات









3- من حيث التنظيم :-

ان الطرق الحسابية للدولة تختلف عن الطرق التي يتبعها الأفراد فعليها تثبيت القيود بالدفاتر الحكومية ، واثبات الإيرادات التي قبضت فعلا” خلال السنة المالية ، بينما المشاريع  الخاصة تسير على مبدأ استحقاق النفقة أو الإيراد ، وذلك لتحميل كل فترة حسابية بإيراداتها  ونفقاتها فقط ، حتى يمكن معرفة المركز المالي للمشروع خلال سنتها المالية 0

المبحث الثالث : علاقة المالية العامة بالعلوم الأخرى

على أن هذه الفوراق بين مالية الدولة والمالية الخاصة لاتعني انعدام الصلة بينهما ، فان ما تطورت أليه المالية العامة في العصر الحديث من اعتبارها أداة من أدوات  التوجيه الاقتصادي ، وثيقة الصلة بين مالية الدولة والاقتصاد ، كما أن هناك صلة واضحة بين مالية الدولة والظروف السياسية والعوامل الاجتماعية والنظم القانونية ،  فالأوضاع السياسية والإدارية للدولة تؤثر في ماليتها العامة ، وان نفقاتها وإيراداتها العامة تختلف من دولة لأخرى حسب اتجاهها السياسي 0

 كما تتصل مالية الدولة بالشؤون الاجتماعية ، فالإصلاح الاجتماعي ، وتقليل الفوارق الاجتماعية ، واعادة توزيع الدخل بين الأفراد كل ذلك يتوقف على مواردها المالية 0



اما علاقة مالية الدولة بالقانون فقائمة ، باعتباره الأداة التنظيمية المقررة للقواعد الواجب الاخذ بها في مختلف الميادين ويطلق اسم ( التشريع المالي) على القواعد  القانونية المتعلقة  بمالية اشخاص القانون العام ، ويعتبر هذا التشريع وثيق الصلة بالقانون العام ، فالقانون الاداري ينظلم المصالح العمومية التي تنفق عليها الدولة ماليتها والقانون الدستوري يتضمن الكثير من  النصوص المنظمة لشؤون مالية الدولة 0

وفي ضوء ماتقدم يتضح ان هناك علاقة قوية بين المالية العامة والعلوم الاخرى القانونية والسياسية والاجتماعية والاقتصادية ، مما يجعلها ذات طبيعة خاصة 0

المبحث الرابع – عناصر الظاهرة المالية

يحلل المختصون في علم المالية العامة الظاهرة المالية الى ثلاث عناصر هي :-

1- النفقات العامة :-

أن  الخدمات العامة لا تستطيع الدولة أن تؤديها للإفراد ألا إذا تم الحصول على سلع ومواد  للوصول إلى خدمات الأفراد فمثلا” لابد للدفاع عن الوطن من الحصول على الآلات والمعدات الحربية والعتاد وغير ذلك ، وهذه كلها سلع مادية وجوب الاستعانة بالجنود والضباط وكل من يعمل للدفاع  أي الحصول على خدمات اولئك الافراد 0





هذه الاموال وهذه الخدمات اما ان تحصل عليها الدولة جبرا” او مجانا” ، واما أن تحصل عليها بمقابل ، وطريقة الاستيلاء الجبري أو المجان طريقة ضعيفة الإنتاج ، وعلى ذلك فليس أمام الدولة للحصول على هذه السلع  ألا بتحمل النفقات وذلك بشرائها ، فالهيئات العامة لا تستطيع أن تشبع حاجات الأفراد الجماعية ، الاذا تحملت نفقات مختلفة وهي أثمان السلع والخدمات اللازمة لتأدية الأعمال ، وهذه ما نسميها بالنفقات العامة 0

2- الإيرادات العامة :-

 بعد أن تعرفنا على النفقات العامة علينا أن نتعرف عن كيفية حصول السلطات العامة على المبالغ  لتمويل هذه النفقات ونستطيع  أن نقول ،  باختصار أن مصادر التمويل  هي إيرادات الدولة من أملاكها ومشاريعها ، أي ما يعرف بإيراد الدومين ،  وهناك الضرائب والرسوم والقروض والغرامات والإصدار  النقدي ، وتختلف هذه المصادر من حيث الأهمية كما تختلف  أراء الفقهاء حول الالتجاء أليها وتعرف هذه بالإيرادات العامة 0

3- الموزانة العامة :-

ولابد للدولة من وضع برنامج محدد وقواعد واضحة مرسومة لنفقاتها وايراداتها العامة وعادة ماتكون على شكل وثيقة تعرف الموازنة العامة تتضمن تقديرات النفقات والايرادات العامة خلال فترة زمنية قادمة غالبا” ماتكون سنة 0

المبحث  الخامس : نطاق الحاجات العامة

يمكن  تحديد ثلاث مراحل او ادوار توضح التغيرات التي حصلت في نطاق الحاجات العامة وهذه الادوار هي :-

1- دور الدولة الحارسة :-

وهذه المرحلة تميزت بانحسار دور الدولة الاقتصادي لاسيما بعد ارساء اسس التحول الصناعي في بداية التطور الراسمالي ، حيث حدد الاقتصاديون التقليديون ، وظيفة الدولة بمهمة الدفاع الخارجي ، وتولي مسؤولية الامن الداخلي من خلال ما تقوم به أجهزة الشرطة والقضاء والاشغال العامة التي ليس من طبيعتها ان تدر دخلا” يغطي نفقاتها ، وتتمثل هذه الاعمال بتسهيل التجارة ونشر التعليم والمحافظة على الصحة العامة ، وهو ما يعرف في العصر الحديث بالانفاق على الاغراض الاجتماعية والاقتصادية على الرغم من انه محدود جدا” في ذلك الوقت مقارنة بالواجبات الاخرى 0

2- دور الدولة المتدخلة  :-

بعد التطورات التي حصلت في الاقتصاديات الرأسمالية اشتدت حدث الازمات الاقتصادية ، وآخرها الازمة  الاقتصادية عام 1929 ، حيث بدأت الدولة بمزاولة الوظائف الاقتصادية الجديدة ، فخرجت بذلك عن النطاق الذي مارسته كدولة حارسة ، وكان لذلك أثره في زيادة اهمية النشاط المالي للدولة ، واتساع نطاقه وفي ظل هذه الظروف ظهر التحليل الكينزي الذي

تناول تحليل مستوى العمالة في الاقتصاد القومي وقد افرز توكيدا” متزايدا” للدور التدخلي للدولة في إطار ما يعرف بالمالية الوظيفية او المعوضة ، ومع كل هذا التوسع في دور الدولة فقد ظل نشاطها المالي لإيقان بمثليه ( النشاط الخاص ) حيث ان نشاط الافراد يتم بزيادة الوزن النسبي في هيكل الاقتصاد القومي 0

3- دور الدولة المنتجة  :-

تتمتع اقتصادات  بعض الدول بحرية اوسع في تحديد الحاجات  العامة ، اذ انها تسيطر على الجزء الاكبر من وسائل الانتاج ، وتخضع لمذهب اقتصادي معين تهدف من خلاله الى ان توجه الموارد الاقتصادية لصالح المجتمع ككل ، وعندئذ تحتل الحاجات الجماعية سلم الاولويات عند المفاضله الى اجمالي الحاجات ، كما انها تملك الوسائل الفعالة لضمان التفضيل الذي تقرره بالنسبة للحاجات العامة في الحاضر والمستقبل ، ( وعلى الرغم من توسع الدولة باشباع الحاجات العامة فهي لابد وان تلتزم باسس معينة وتمكن باساسين جوهريين :-

أ- مراعاة الحد الادنى اللازم لمعيشة المواطنين ، ويعبر هذا الحد عن الحاجات المادية والنفسية للسكان ، اذ ان المساس به يؤدي الى تدهور الانتاج وانخفاض الانتاجية

ب- ضرورة العمل على تحقيق التوازن بين التدفق النقدي والتدفق العيني 0

كمية النقود × سرعة تداولها = كمية الانتاج × المستوى العام للاسعار وذلك لاجل تفادي حصول تصاعد مستمر في المستوى العام للاسعار ( او التضخم ) 0





المبحث السادس : دور المالية العامة في اداء الخدمات العامة 0

يتم اشباع الحاجات العامة  بواسطة الخدمات العامة بما فيها مايقبل التجزئة والانقسام ، او غير القابلة ، مع مراعاة الاستقلال النسبي بين نطاق كل من الحاجات العامة والانتاج العام من قبل الدولة ومن خلال نشاطها المالي ، وبهذا المعنى فان المالية العامة تسيطر على جزء من الاقتصاد القومي الذي يهدف الى اشباع الحاجات العامة ويشمل نشاط الدولة المالي ويخضع الى قراراتها وتقديراتها في ضوء صفاته الخاصة التي تتوضح في اهدافه ومظاهر تنظيمه وهيكله 0

اولا” :- اهداف المالية العامة :-

يمكن معرفة اهداف المالية العامة  من خلال مقارنتها بالمالية الخاصة ، ذلك ان الاخيرة تبحث عن النشاط الذي يحقق نفعا” للفرد في شكل نقدي او يمكن تقويمه بالنقود ، وغرضها الاقتصادي هو الانتاجية الاقتصادية ، اما هدف المالية العامة فينصب على تعظيم الفائدة الاجتماعية القصوى التي تحقق اكبر قدر من الاشباع وبأقل تكلفة ممكنة ، أي استخدام الوسيلة الاكثر نفعا” من الناحية الاجتماعية ، ويزداد هذا الاختلاف وضوحا” في الهدف ، وهو مايحدث عند اختيار  الافراد والدولة لوسائل اشباع الحاجات العامة والخاصة وفي هذا الصدد يتميز التفضيل المالي الذي تمارسه الدولة عن التفضيل الاقتصادي الذي





يمارسه الفرد ، وذلك نظرا” لارتباط التفضيل المالي  بالسياسة المالية وادارتها للموازنة العامة ، بعيدا” عن فكرة النفع الخاص الذي هو غاية التفضيل الاقتصادي 0

ثانيا” :- مظاهر المالية العامة :-

تعتمد المالية العامة وفقا” لاهدافها على مظهرين هما :-

أ) المظهر التنظيمي  :-

تستند  المالية العامة على خلاف المالية الخاصة على الملكية الجماعية لوسائل الانتاج ، جزئية كانت او كلية ، كما ان تنظيماتها تختلف في درجة خضوعها للدولة ، كما تختلف شكل ادارتها وفقا” لطبيعة اهدافها او لظروف انشائها من استغلال مباشر الى استغلال مالي الى امتياز  يمنح حقه الى شركات خاصة ، الا ان القاسم المشترك في جميع هذه التنظيمات هو خضوعها لسلطة الدولة بصورة مباشرة او غير مباشرة ، ويتجلى ذلك من خلال تحديد هدفها بواسطة الدولة وفقا” لما يتطلبه امر أشباع الحاجات العامة 0

ب) المظهر القانوني  :-

تتوقف الضوابط التي تخضع لها المالية العامة على طبيعة الشكل القانوني التي يحكمها ، فعندما  يكون الامر متعلقا” بالمرافق العامة ، وهي بصدد ان تؤدي خدمات عامة ، فأنها تعتبر جزءا” لايتجزأ من الادارة العامة ، وتسري عليها احكام القانون العام ، اما اذا كنا امام مجموعة من الوحدات الاقتصادية التي تعتبر بمثابة مراكز لانتاج السلع والخدمات المادية  ( المشروعات العامة ) فأنها تخضع



في تنظيمها وتسييرها الى ما تقرره القوانين الاقتصادية التي تنظم عمليات الانتاج والتوزيع وفقا” لاسس وقواعد ينظمها علم الاقتصاد 0

المبحث السابع – الطبيعة الاقتصادية للظاهرة المالية

يتفق الاقتصاديون التقليديون والمحدثون في مسألة التسليم بالطبيعة الاقتصادية للظاهرة المالية على الرغم من اختلافهما في اسلوب التحليل الذي يطرحه كل منهما , لذلك سيتم شرح موقف كل منهما من هذه المشكلة على وفق التحليل المالي الحديث من اجل توضيح العلاقة التبادلية  بين الكميات الاقتصادية والكميات المالية من خلال عملية الترابط بين الدورتين الاقتصادية والمالية والاثار المترتبة على ذلك 0

اولا” :- الاقتصاديون والظاهرة المالية  :-

لقد اهتم الاقتصاديون منذ زمن طويل بالظاهرة المالية ، وفهموها على انها ظاهرة اقتصادية ، وقد تنبه الى هذا الامر رواد المدرسة التقليدية ( الكلاسيكية ) ادم سميث وديفيد ريكاردو وجون ميل ، غير  انهم لم يفرقوا بين ما هو مالي وما هو اقتصادي  ، لهذا كانت افكارهم  عن المالية العامة لاتنفصل عن الاقتصاد والسياسي ، وبذلك فقد اختلطت الدراسة المالية بالدراسة الاقتصادية 0





ويبدو واضحا”  ان  النظرية الحديثة قد دعمت الاتجاه الذي بدأه  التقليديون المتمثل في عدم فصل  الظاهرة المالية عن الظاهرة الاقتصادية ، الا أن  النظرية الحديثة  قد غيرت من طبيعة  التحليل الذي تخضع له هذه الظواهر  ، حيث اعتمدت التحليل الكلي بدلا” من التحليل الجزئي  0

ثالثا” :- طبيعة العلاقة التبادلية بين الكميات المالية والكميات الاقتصادية :-

يتحدد نطاق الكميات المالية العامة( النفقات والإيرادات العامة ) من خلال التحليل الكلي لكميات اقتصادية تؤثر في الاقتصاد القومي وتتأثر به ، وهذا يعني وجود علاقة تبادلية بين الكميات  الاقتصادية  ( الناتج القومي والانفاق القومي  ) والكميات المالية ( النفقات العامة والايرادات العامة ) 0 بعبارة اخرى بين الدورة الاقتصادية والدورة المالية ، اذ ان الايرادات العامة تستجيب استجابة كبيرة لتغير النشاط الاقتصادي ، فخلال فترة الازدهار تزداد الايرادات العامة تبعا” لزيادة النشاط الاقتصادي ، والذي يعني ظهور الفائض في الميزانية ، الناتج من تجاوز الايرادات العامة النفقات العامة ، والناتج من زيادة النشاط الاقتصادي العام ، وبالعكس في فترة الكساد تنخفض الايرادات العامة تبعا” لانخفاض النشاط الاقتصادي ، والذي يعني ظهور العجز في الميزانية ، ناتج من عدم كفاية الموارد المالية لتغطية النفقات العامة  المقررة كنتيجة لانخفاض النشاط الاقتصادي ، وهذا يؤدي الى عدم توازن الاقتصاد العام ، وهذا يعني ان التقلبات الاقتصادية



ادت الى عدم التوازن الاقتصادي ، الذي ادى الى عدم التوازن

الميزاني ، وبعبارة ادق ان المالية العامة تأثرت بالوضع العام أي     ( بالدورة الاقتصادية ) ومن هذا يتبين ان المالية العامة تتأثر بالاقتصاد وتؤثر فيه 0

ويمكن  توضيح العلاقة التبادلية بين الكميات المالية والكميات الاقتصادية من خلال تعريف علمي الاقتصاد والمالية العامة ، فعلم الاقتصاد يعرف بانه العلم الذي يبحث عن افضل الوسائل لاشباع الحاجات الانسانية المتعددة من الموارد الطبيعية المحدودة ، وعلم المالية العامة يعرف بانه العلم الذي يبحث عن افضل الوسائل لاشباع الحاجات العامة من الموارد المالية المتاحة للدولة والتي تتسم بالمحدودية بطبيعتها ومن هذين التعريفين يتضح مدى  الصلة المتينة بين  الاقتصاد والمالية العامة  لان كلاهما يبحث عن اشباع الحاجات الانسانية المتعددة من الموارد المتاحة 0

ثالثا” :- الاثار الناشئة عن الطبيعة الاقتصادية للظاهرة المالية :-

تتجسد الاثار الناتجة عن الطبيعة الاقتصادية للظاهرة المالية في نقطتين هما 0

1) يخضع التحليل المالي لقواعد التحليل الاقتصادي ، فيما يتعلق بدراسة اثار الكميات المالية ( النفقات والايرادات العامة ) وتحدد  نطاقها ، وغرضها ، وان التحليل الاقتصادي يقدم للنظرية المالية وللسياسة المالية ادوات التحليل التي تستند اليها في مجال الرفاهية  المنفعة الكلية والمنفعة الحدية ومنحنيات السواء ، وفائض المستهلك وفائض المنتج 0000  الخ 0





2) ينبغي ان تكون السياسة المالية متسقة مع السياسة الاقتصادية أي ان السياسة المالية تشكل اهم ادوات السياسة الاقتصادية وكلما زاد حجم الكميات المالية في الاقتصاد القومي زادت هذه الاهمية وبخاصة في الدول النامية 0












اسئلة الفصل

س1:-عرف علم المالية العامة ثم وضح علاقته بالعلوم الأخرى

س2:- ميز بين الأتي :-

1-الحاجات العامة والحاجات الخاصة 0

2-الخدمات العامة  غير القابلة للتجزئة والخدمات العامة القابلة للتجزئة

3- المالية العامة والمالية الخاصة

4- دور الدولة الحارسة ودور الدولة المتدخلة

5- هدف المالية العامة وهدف المالية الخاصة

س3:- تلكم عن مظاهر المالية العامة

س4:- وضح الأثار الناشئة عن الطبيعة الاقتصادية للظاهرة المالية




 المالية العامة وأهميتها



أولاً :- تعريف علم المالية العامة :-

من المفيد في بداية دراستنا لعلم المالية العامة ، مناقشة بعض التعاريف التي أوردها كتاب المالية العامة ، فقد تطور مفهوم هذا العلم منذ نشأته وحتى الوقت الحاضر ، فقد عرف بعض الكتاب المالية العامة   (( بأنه العلم الذي يعالج النفقات العامة والإيرادات العامة ويشمل كافة العلاقات الضرورية المختلفة والمتداخلة ومناقشة مثل  هذه النفقات والإيرادات )) وعرف آخرون المالية العامة (( بأنه العلم الذي يبحث في كيفية حصول السلطات العامة على الموارد الاقتصادية المختلفة واستخدامها لإشباع الحاجات العامة والآثار الاقتصادية المختلفة الناتجة عن ذلك )) وحديثا” يعرف علم المالية العامة (( بأنه دراسة النشاط الاقتصادي والمالي للدولة وللسلطات العامة ، وآثار هذا النشاط على ميادين الحياة العامة ، ويتكون هذا النشاط في عمليات تقوم بها  الدولة على جزء من  الثروة  القومية  ومن الدخل  واستخدامها لإشباع الحاجات العامة والآثار الاقتصادية  المختلفة الناتجة عن ذلك )) او هو العلم (( الذي يدرس نشاط الدولة طالما تستخدم وسائل الفن المالي متمثلة في النفقات والضرائب والرسوم والقروض ووسائل نقدية والميزانية )) 0

ثانيا” :- الحاجات العامة والحاجات الخاصة   :-

يمكن  تقسيم حاجات الإنسان الى قسمين أساسيين الأول : هو الحاجات الفردية ، وهي تلك الحاجات التي نشأت مع نشوء الخليقة ، حيث قام الإنسان بإشباع هذه الحاجات اعتمادا” على جهده الخاص ، ومن دون معاونة الآخرين ، ولعل  أهم هذه الحاجات هي حاجة الإنسان إلى المأكل والمشرب ، أما  القسم الثاني من الحاجات فهو الحاجات الجماعية ، ويمكن اعتبارها  إحدى الأسس الهامة التي  استند أليها  التطور الاقتصادي والاجتماعي والسياسي للمجتمعات الحديثة ، فمع بروز الحاجات المشتركة شعر الأفراد بضرورة قيام جهة تتولى تنظيم وإشباع حاجاتهم ، لكونهم كأفراد مستقلين لا يستطيعون إشباعها بشكل فردي ، ومن هذا المنطق نشأت الهيئات العامة بأشكالها المختلفة ، ومن ثم تطورت لتأخذ شكل الحكومات في الوقت الحاضر ، حيث تدخل ضمن وظائفها الرئيسية إشباع الحاجات الجماعية كحاجة الأفراد الى خدمات الأمن الداخلي والدفاع عن سيادتهم من الاعتداءات الخارجية 0000 الخ 0أما الحاجات التي يتم إشباعها من قبل الأفراد أو الهيئات الخاصة فتسمى حاجات خاصة ، ومن الطبيعي أن يبذل الإنسان جهدا” شخصيا” أو مقابلا” نقديا” لقاء إشباعه لحاجته الخاصة ، أما الحاجات العامة







فقد لايبذل الفرد أي جهد او مقابل نقدي لقاء قيام الهيئة العامة بإشباع الحاجات العامة ( او الجماعية ) 0

لذلك يمكن القول ان الحاجات الجماعية هي تلك الحاجات التي تقوم بإشباعها هيئات عامة لتحقيق المنفعة الجماعية العامة 0

ويمكن تمييز الحاجات الجماعية على النحو آلاتي :-

أ- الحاجات التي تستدعي طبيعتها ومقتضيات الحياة الاجتماعية أن تقوم الدولة بإشباعها ، ومن دون قيام الدولة بإشباع هذه الحاجات تكون قد أخلت بأهم وظائفها الرئيسية ومنها الدفاع الخارجي والأمن الداخلي والقضاء 0

ب- الحاجات المرتبطة بحياة المجتمع الاقتصادية والثقافية والأخلاقية ، وإذا ترك للأفراد إشباع تلك الحاجات مباشرة وبدون تدخل الدولة فأنها قد تكلفهم امولا”كبيرة ، وقد يحرم العامة من الناس من الحصول عليها مثل هذه الحاجات ، لتعليم والصحة ووسائل المواصلات 0

جـ- الحاجات ذات النفع المباشر كإعانة الدولة للفقراء وتقرير معاش للشيوخ والعجزة والأرامل 0

ثالثا” :- الخدمات العامة   :-

ارتبط تطور الخدمات العامة بتطور دور الدولة في إدارة الشؤون الاقتصادية والاجتماعية والسياسية ، وقد اصبح حقيقة واضحة بأن تدخل الدولة ضرورة لابد منها لتنظيم الجوانب المختلفة لحياة المجتمع واستمرار تطوره بشكل مناسب 0

      ولعل ابرز جانب يظهره تدخل الدولة هو ممارستها في تقديم





الخدمات العامة المختلفة لافراد  المجتمع ، ويمكن تقسيم الخدمات العامة الى مايأتي :-

أ- خدمات عامة غير قابلة للتجزئة 0

ب- خدمات عامة قابلة للتجزئة 0

 فالنوع الاول من الخدمات العامة يتميز بعدم أمكان تجزئتها ، وبالتالي فهي غير قابلة للبيع وتقدمها الدولة مجانا” لكافة الافراد ، فخدمات الدفاع الخارجي على سبيل المثال تمثل خدمة عامة لايمكن تجزئتها ، وبالتالي لاتستطيع الدولة معرفة مقدار انتفاع كل فرد بمثل هذه الخدمة حتى تستطيع مطالبته بثمنها ، لذلك فان نظام الاثمان لايصلح لقياسها لعدم تأثرها بظروف العرض والطلب ، لهذا كان المصدر الاساسي لتمويل نفقات الخدمات العامة هو الايرادات العامة ، التي تحصل عليها الدولة من الافراد كالضرائب مثلا” 0

اما الخدمات القابلة للتجزئة فهي الخدمات التي يمكن معرفة مقدار انتفاع كل فرد بمثل هذه الخدمة ، ومن ثم يكون بالمستطاع تحديد ثمن لهذه الخدمة ، فخدمات الطبيب التي يقدمها للمرضى في المستشفيات العامة من السهولة حساب ثمنها ، وبالتالي تستطيع الدولة ان تأخذ ثمنها كاملا” من المريض او قد تأخذ اقل من ثمنها وقد لاتأخذ أي مقابل نظير مثل هذه الخدمات 0











المبحث الثاني : المالية العامة والمالية الخاصة

 أن تمييز المالية العامة عن المالية الخاصة ، يعني تمييز نشاط الدولة المالي عن نشاط الأفراد بقصد إشباع الحاجات ، ينظر أليه من خلال ثلاث نقاط هي :-

1-من حيث أسلوب الأنفاق:-

 تحدد الدولة نفقاتها أولا” ثم تعين مقدار ما يلزمها من الإيراد ، التي تغطي النفقات ، ويجب في الظروف العادية ألا تزيد الإيرادات عن النفقات حتى لا يحرم الأفراد من أموال ليست الدولة في حاجة أليها ، وذلك باستقطاعها كضرائب منهم 0

أما الفرد فيقدر دخله أولا” ثم ينفق في حدود ذلك الدخل ، ويرجع هذا الفرق إلى أن قدرة الدولة على الاقتراض أوسع من قدرة الفرد ، فهي باقية وثقة المقرضين بها اكبر من ثقتهم بالأفراد

2- من حيث الهدف :-

ان هدف قيام الدولة بالمرافق العامة ليس  الربح في الغالب ، بل اعتبارات اخرى كاتاحة الفرصة للانتفاع بالخدمة للجميع بدون تمييز ، ولاينفي ذلك ان الدولة قد تحصل على موارد مالية للميزانية العامة نتيجة لتوليها بعض المشروعات









3- من حيث التنظيم :-

ان الطرق الحسابية للدولة تختلف عن الطرق التي يتبعها الأفراد فعليها تثبيت القيود بالدفاتر الحكومية ، واثبات الإيرادات التي قبضت فعلا” خلال السنة المالية ، بينما المشاريع  الخاصة تسير على مبدأ استحقاق النفقة أو الإيراد ، وذلك لتحميل كل فترة حسابية بإيراداتها  ونفقاتها فقط ، حتى يمكن معرفة المركز المالي للمشروع خلال سنتها المالية 0

المبحث الثالث : علاقة المالية العامة بالعلوم الأخرى

على أن هذه الفوراق بين مالية الدولة والمالية الخاصة لاتعني انعدام الصلة بينهما ، فان ما تطورت أليه المالية العامة في العصر الحديث من اعتبارها أداة من أدوات  التوجيه الاقتصادي ، وثيقة الصلة بين مالية الدولة والاقتصاد ، كما أن هناك صلة واضحة بين مالية الدولة والظروف السياسية والعوامل الاجتماعية والنظم القانونية ،  فالأوضاع السياسية والإدارية للدولة تؤثر في ماليتها العامة ، وان نفقاتها وإيراداتها العامة تختلف من دولة لأخرى حسب اتجاهها السياسي 0

 كما تتصل مالية الدولة بالشؤون الاجتماعية ، فالإصلاح الاجتماعي ، وتقليل الفوارق الاجتماعية ، واعادة توزيع الدخل بين الأفراد كل ذلك يتوقف على مواردها المالية 0



اما علاقة مالية الدولة بالقانون فقائمة ، باعتباره الأداة التنظيمية المقررة للقواعد الواجب الاخذ بها في مختلف الميادين ويطلق اسم ( التشريع المالي) على القواعد  القانونية المتعلقة  بمالية اشخاص القانون العام ، ويعتبر هذا التشريع وثيق الصلة بالقانون العام ، فالقانون الاداري ينظلم المصالح العمومية التي تنفق عليها الدولة ماليتها والقانون الدستوري يتضمن الكثير من  النصوص المنظمة لشؤون مالية الدولة 0

وفي ضوء ماتقدم يتضح ان هناك علاقة قوية بين المالية العامة والعلوم الاخرى القانونية والسياسية والاجتماعية والاقتصادية ، مما يجعلها ذات طبيعة خاصة 0

المبحث الرابع – عناصر الظاهرة المالية

يحلل المختصون في علم المالية العامة الظاهرة المالية الى ثلاث عناصر هي :-

1- النفقات العامة :-

أن  الخدمات العامة لا تستطيع الدولة أن تؤديها للإفراد ألا إذا تم الحصول على سلع ومواد  للوصول إلى خدمات الأفراد فمثلا” لابد للدفاع عن الوطن من الحصول على الآلات والمعدات الحربية والعتاد وغير ذلك ، وهذه كلها سلع مادية وجوب الاستعانة بالجنود والضباط وكل من يعمل للدفاع  أي الحصول على خدمات اولئك الافراد 0





هذه الاموال وهذه الخدمات اما ان تحصل عليها الدولة جبرا” او مجانا” ، واما أن تحصل عليها بمقابل ، وطريقة الاستيلاء الجبري أو المجان طريقة ضعيفة الإنتاج ، وعلى ذلك فليس أمام الدولة للحصول على هذه السلع  ألا بتحمل النفقات وذلك بشرائها ، فالهيئات العامة لا تستطيع أن تشبع حاجات الأفراد الجماعية ، الاذا تحملت نفقات مختلفة وهي أثمان السلع والخدمات اللازمة لتأدية الأعمال ، وهذه ما نسميها بالنفقات العامة 0

2- الإيرادات العامة :-

 بعد أن تعرفنا على النفقات العامة علينا أن نتعرف عن كيفية حصول السلطات العامة على المبالغ  لتمويل هذه النفقات ونستطيع  أن نقول ،  باختصار أن مصادر التمويل  هي إيرادات الدولة من أملاكها ومشاريعها ، أي ما يعرف بإيراد الدومين ،  وهناك الضرائب والرسوم والقروض والغرامات والإصدار  النقدي ، وتختلف هذه المصادر من حيث الأهمية كما تختلف  أراء الفقهاء حول الالتجاء أليها وتعرف هذه بالإيرادات العامة 0

3- الموزانة العامة :-

ولابد للدولة من وضع برنامج محدد وقواعد واضحة مرسومة لنفقاتها وايراداتها العامة وعادة ماتكون على شكل وثيقة تعرف الموازنة العامة تتضمن تقديرات النفقات والايرادات العامة خلال فترة زمنية قادمة غالبا” ماتكون سنة 0

المبحث  الخامس : نطاق الحاجات العامة

يمكن  تحديد ثلاث مراحل او ادوار توضح التغيرات التي حصلت في نطاق الحاجات العامة وهذه الادوار هي :-

1- دور الدولة الحارسة :-

وهذه المرحلة تميزت بانحسار دور الدولة الاقتصادي لاسيما بعد ارساء اسس التحول الصناعي في بداية التطور الراسمالي ، حيث حدد الاقتصاديون التقليديون ، وظيفة الدولة بمهمة الدفاع الخارجي ، وتولي مسؤولية الامن الداخلي من خلال ما تقوم به أجهزة الشرطة والقضاء والاشغال العامة التي ليس من طبيعتها ان تدر دخلا” يغطي نفقاتها ، وتتمثل هذه الاعمال بتسهيل التجارة ونشر التعليم والمحافظة على الصحة العامة ، وهو ما يعرف في العصر الحديث بالانفاق على الاغراض الاجتماعية والاقتصادية على الرغم من انه محدود جدا” في ذلك الوقت مقارنة بالواجبات الاخرى 0

2- دور الدولة المتدخلة  :-

بعد التطورات التي حصلت في الاقتصاديات الرأسمالية اشتدت حدث الازمات الاقتصادية ، وآخرها الازمة  الاقتصادية عام 1929 ، حيث بدأت الدولة بمزاولة الوظائف الاقتصادية الجديدة ، فخرجت بذلك عن النطاق الذي مارسته كدولة حارسة ، وكان لذلك أثره في زيادة اهمية النشاط المالي للدولة ، واتساع نطاقه وفي ظل هذه الظروف ظهر التحليل الكينزي الذي

تناول تحليل مستوى العمالة في الاقتصاد القومي وقد افرز توكيدا” متزايدا” للدور التدخلي للدولة في إطار ما يعرف بالمالية الوظيفية او المعوضة ، ومع كل هذا التوسع في دور الدولة فقد ظل نشاطها المالي لإيقان بمثليه ( النشاط الخاص ) حيث ان نشاط الافراد يتم بزيادة الوزن النسبي في هيكل الاقتصاد القومي 0

3- دور الدولة المنتجة  :-

تتمتع اقتصادات  بعض الدول بحرية اوسع في تحديد الحاجات  العامة ، اذ انها تسيطر على الجزء الاكبر من وسائل الانتاج ، وتخضع لمذهب اقتصادي معين تهدف من خلاله الى ان توجه الموارد الاقتصادية لصالح المجتمع ككل ، وعندئذ تحتل الحاجات الجماعية سلم الاولويات عند المفاضله الى اجمالي الحاجات ، كما انها تملك الوسائل الفعالة لضمان التفضيل الذي تقرره بالنسبة للحاجات العامة في الحاضر والمستقبل ، ( وعلى الرغم من توسع الدولة باشباع الحاجات العامة فهي لابد وان تلتزم باسس معينة وتمكن باساسين جوهريين :-

أ- مراعاة الحد الادنى اللازم لمعيشة المواطنين ، ويعبر هذا الحد عن الحاجات المادية والنفسية للسكان ، اذ ان المساس به يؤدي الى تدهور الانتاج وانخفاض الانتاجية

ب- ضرورة العمل على تحقيق التوازن بين التدفق النقدي والتدفق العيني 0

كمية النقود × سرعة تداولها = كمية الانتاج × المستوى العام للاسعار وذلك لاجل تفادي حصول تصاعد مستمر في المستوى العام للاسعار ( او التضخم ) 0





المبحث السادس : دور المالية العامة في اداء الخدمات العامة 0

يتم اشباع الحاجات العامة  بواسطة الخدمات العامة بما فيها مايقبل التجزئة والانقسام ، او غير القابلة ، مع مراعاة الاستقلال النسبي بين نطاق كل من الحاجات العامة والانتاج العام من قبل الدولة ومن خلال نشاطها المالي ، وبهذا المعنى فان المالية العامة تسيطر على جزء من الاقتصاد القومي الذي يهدف الى اشباع الحاجات العامة ويشمل نشاط الدولة المالي ويخضع الى قراراتها وتقديراتها في ضوء صفاته الخاصة التي تتوضح في اهدافه ومظاهر تنظيمه وهيكله 0

اولا” :- اهداف المالية العامة :-

يمكن معرفة اهداف المالية العامة  من خلال مقارنتها بالمالية الخاصة ، ذلك ان الاخيرة تبحث عن النشاط الذي يحقق نفعا” للفرد في شكل نقدي او يمكن تقويمه بالنقود ، وغرضها الاقتصادي هو الانتاجية الاقتصادية ، اما هدف المالية العامة فينصب على تعظيم الفائدة الاجتماعية القصوى التي تحقق اكبر قدر من الاشباع وبأقل تكلفة ممكنة ، أي استخدام الوسيلة الاكثر نفعا” من الناحية الاجتماعية ، ويزداد هذا الاختلاف وضوحا” في الهدف ، وهو مايحدث عند اختيار  الافراد والدولة لوسائل اشباع الحاجات العامة والخاصة وفي هذا الصدد يتميز التفضيل المالي الذي تمارسه الدولة عن التفضيل الاقتصادي الذي





يمارسه الفرد ، وذلك نظرا” لارتباط التفضيل المالي  بالسياسة المالية وادارتها للموازنة العامة ، بعيدا” عن فكرة النفع الخاص الذي هو غاية التفضيل الاقتصادي 0

ثانيا” :- مظاهر المالية العامة :-

تعتمد المالية العامة وفقا” لاهدافها على مظهرين هما :-

أ) المظهر التنظيمي  :-

تستند  المالية العامة على خلاف المالية الخاصة على الملكية الجماعية لوسائل الانتاج ، جزئية كانت او كلية ، كما ان تنظيماتها تختلف في درجة خضوعها للدولة ، كما تختلف شكل ادارتها وفقا” لطبيعة اهدافها او لظروف انشائها من استغلال مباشر الى استغلال مالي الى امتياز  يمنح حقه الى شركات خاصة ، الا ان القاسم المشترك في جميع هذه التنظيمات هو خضوعها لسلطة الدولة بصورة مباشرة او غير مباشرة ، ويتجلى ذلك من خلال تحديد هدفها بواسطة الدولة وفقا” لما يتطلبه امر أشباع الحاجات العامة 0

ب) المظهر القانوني  :-

تتوقف الضوابط التي تخضع لها المالية العامة على طبيعة الشكل القانوني التي يحكمها ، فعندما  يكون الامر متعلقا” بالمرافق العامة ، وهي بصدد ان تؤدي خدمات عامة ، فأنها تعتبر جزءا” لايتجزأ من الادارة العامة ، وتسري عليها احكام القانون العام ، اما اذا كنا امام مجموعة من الوحدات الاقتصادية التي تعتبر بمثابة مراكز لانتاج السلع والخدمات المادية  ( المشروعات العامة ) فأنها تخضع



في تنظيمها وتسييرها الى ما تقرره القوانين الاقتصادية التي تنظم عمليات الانتاج والتوزيع وفقا” لاسس وقواعد ينظمها علم الاقتصاد 0

المبحث السابع – الطبيعة الاقتصادية للظاهرة المالية

يتفق الاقتصاديون التقليديون والمحدثون في مسألة التسليم بالطبيعة الاقتصادية للظاهرة المالية على الرغم من اختلافهما في اسلوب التحليل الذي يطرحه كل منهما , لذلك سيتم شرح موقف كل منهما من هذه المشكلة على وفق التحليل المالي الحديث من اجل توضيح العلاقة التبادلية  بين الكميات الاقتصادية والكميات المالية من خلال عملية الترابط بين الدورتين الاقتصادية والمالية والاثار المترتبة على ذلك 0

اولا” :- الاقتصاديون والظاهرة المالية  :-

لقد اهتم الاقتصاديون منذ زمن طويل بالظاهرة المالية ، وفهموها على انها ظاهرة اقتصادية ، وقد تنبه الى هذا الامر رواد المدرسة التقليدية ( الكلاسيكية ) ادم سميث وديفيد ريكاردو وجون ميل ، غير  انهم لم يفرقوا بين ما هو مالي وما هو اقتصادي  ، لهذا كانت افكارهم  عن المالية العامة لاتنفصل عن الاقتصاد والسياسي ، وبذلك فقد اختلطت الدراسة المالية بالدراسة الاقتصادية 0





ويبدو واضحا”  ان  النظرية الحديثة قد دعمت الاتجاه الذي بدأه  التقليديون المتمثل في عدم فصل  الظاهرة المالية عن الظاهرة الاقتصادية ، الا أن  النظرية الحديثة  قد غيرت من طبيعة  التحليل الذي تخضع له هذه الظواهر  ، حيث اعتمدت التحليل الكلي بدلا” من التحليل الجزئي  0

ثالثا” :- طبيعة العلاقة التبادلية بين الكميات المالية والكميات الاقتصادية :-

يتحدد نطاق الكميات المالية العامة( النفقات والإيرادات العامة ) من خلال التحليل الكلي لكميات اقتصادية تؤثر في الاقتصاد القومي وتتأثر به ، وهذا يعني وجود علاقة تبادلية بين الكميات  الاقتصادية  ( الناتج القومي والانفاق القومي  ) والكميات المالية ( النفقات العامة والايرادات العامة ) 0 بعبارة اخرى بين الدورة الاقتصادية والدورة المالية ، اذ ان الايرادات العامة تستجيب استجابة كبيرة لتغير النشاط الاقتصادي ، فخلال فترة الازدهار تزداد الايرادات العامة تبعا” لزيادة النشاط الاقتصادي ، والذي يعني ظهور الفائض في الميزانية ، الناتج من تجاوز الايرادات العامة النفقات العامة ، والناتج من زيادة النشاط الاقتصادي العام ، وبالعكس في فترة الكساد تنخفض الايرادات العامة تبعا” لانخفاض النشاط الاقتصادي ، والذي يعني ظهور العجز في الميزانية ، ناتج من عدم كفاية الموارد المالية لتغطية النفقات العامة  المقررة كنتيجة لانخفاض النشاط الاقتصادي ، وهذا يؤدي الى عدم توازن الاقتصاد العام ، وهذا يعني ان التقلبات الاقتصادية



ادت الى عدم التوازن الاقتصادي ، الذي ادى الى عدم التوازن

الميزاني ، وبعبارة ادق ان المالية العامة تأثرت بالوضع العام أي     ( بالدورة الاقتصادية ) ومن هذا يتبين ان المالية العامة تتأثر بالاقتصاد وتؤثر فيه 0

ويمكن  توضيح العلاقة التبادلية بين الكميات المالية والكميات الاقتصادية من خلال تعريف علمي الاقتصاد والمالية العامة ، فعلم الاقتصاد يعرف بانه العلم الذي يبحث عن افضل الوسائل لاشباع الحاجات الانسانية المتعددة من الموارد الطبيعية المحدودة ، وعلم المالية العامة يعرف بانه العلم الذي يبحث عن افضل الوسائل لاشباع الحاجات العامة من الموارد المالية المتاحة للدولة والتي تتسم بالمحدودية بطبيعتها ومن هذين التعريفين يتضح مدى  الصلة المتينة بين  الاقتصاد والمالية العامة  لان كلاهما يبحث عن اشباع الحاجات الانسانية المتعددة من الموارد المتاحة 0

ثالثا” :- الاثار الناشئة عن الطبيعة الاقتصادية للظاهرة المالية :-

تتجسد الاثار الناتجة عن الطبيعة الاقتصادية للظاهرة المالية في نقطتين هما 0

1) يخضع التحليل المالي لقواعد التحليل الاقتصادي ، فيما يتعلق بدراسة اثار الكميات المالية ( النفقات والايرادات العامة ) وتحدد  نطاقها ، وغرضها ، وان التحليل الاقتصادي يقدم للنظرية المالية وللسياسة المالية ادوات التحليل التي تستند اليها في مجال الرفاهية  المنفعة الكلية والمنفعة الحدية ومنحنيات السواء ، وفائض المستهلك وفائض المنتج 0000  الخ 0





2) ينبغي ان تكون السياسة المالية متسقة مع السياسة الاقتصادية أي ان السياسة المالية تشكل اهم ادوات السياسة الاقتصادية وكلما زاد حجم الكميات المالية في الاقتصاد القومي زادت هذه الاهمية وبخاصة في الدول النامية 0












اسئلة الفصل

س1:-عرف علم المالية العامة ثم وضح علاقته بالعلوم الأخرى

س2:- ميز بين الأتي :-

1-الحاجات العامة والحاجات الخاصة 0

2-الخدمات العامة  غير القابلة للتجزئة والخدمات العامة القابلة للتجزئة

3- المالية العامة والمالية الخاصة

4- دور الدولة الحارسة ودور الدولة المتدخلة

5- هدف المالية العامة وهدف المالية الخاصة

س3:- تلكم عن مظاهر المالية العامة

س4:- وضح الأثار الناشئة عن الطبيعة الاقتصادية للظاهرة المالية

0 التعليقات:

إرسال تعليق

 
low-zag © جميع الحقوق محفوظة