اقتصاديات النقود والبنوك
مقدمة
يهتم مقرر اقتصاديات النقود والبنوك بدراسة الترابط الوثيق بين المفاهيم الثلاثة النقود، البنوك ، والأسواق المالية كوحدات متكاملة بهدف دراستها جميعاً في آن واحد لتعريف بنشأة وتطور النقود والبنوك وطبيعة النقود وماهيتها ووظائف وأنواع النقود والنظم النقدية والسياسات النقدية والنظريات النقدية ، والمناهج التحليلية للتوازن النقدي والمؤسسات النقدية ، ودراسة الأسواق المالية وأنواعها وأدواتها والتوازن الاقتصادي بهدف تهيئة الطالب وظيفياً عند شغله لأي وظيفة تتعلق بهذا المجال .
التطور التاريخي للنقود :
قبل ابتكار النقود ، مثلت قدرة الفرد على إنتاج سلع وتوفير خدمات للآخرين ، السبيل الذي يفسح المجال أمامه لمقايضتها مقابل سلع وخدمات يحتاجها ولكنها متوفرة لدي الآخرين ، وهذا ما يطلق عليه باقتصاد المبادلة أو المقايضة .
اقتصاد المبادلة أو المقايضة :
قبل أن يبتكر الإنسان النقود ، اضطر لاستخدام السلع والخدمات كأدوات لاستبدالها مقابل سلع وخدمات تكون بحوزة الآخرين , لذلك فإن قدرته على اقتناء ما لدى الجانب الآخر كان يعتمد على ما لديه من سلع وخدمات يقبل بها الطرف الآخر وذلك نتيجة لعدم وجود أداة وسيطة كالنقود في الوقت الحاضر .
وبناءً علية يمكننا تعريف المقايضة على أنها :
عملية تبادل سلع مقابل سلع أخرى أو خدمات مقابل خدمات أخرى أو أي توليفة من سلع وخدمات لا تدخل فيها أداة وسيطة موحدة بالمفهوم المتعارف عليه الآن وهو النقود .
سلبيات اقتصاد المبادلة أو المقايضة :
احتمال عدم توافق الرغبات .
احتمال تلف وتناقص قيم السلع .
وجود تكاليف نظير تخزين السلع .
الحاجة إلى معلومات وبيانات عن أثمان السلع .
الحاجة إلى التنقل بين الأسواق ، الأمر الذي يترتب عليه ضياع الوقت والجهد .
صعوبة تجزئة السلع والخدمات .
هذه الأمور مجتمعة ساهمت في حث الإنسان على البحث عن بدائل ، وانتهى المطاف به عند ابتكار النقود واستخدامها كأداة وسيطة للتبادل .
اقتصاد النقود :
حتى يقبل الأفراد ببديل عن المقايضة ، فإنه لا بد أن يكون البديل قادر على التقليل من سلبيات اقتصاد المبادلة أو أنه يوفر وضعاً تكون الايجابيات الناتجة عن القبول به أفضل منها في اقتصاد المبادلة أو المقايضة .
فخلال فترات سالفة استخدم الإنسان فيها الذهب أو الفضة ومعادن وسلع أخرى لتقوم ببعض هذه المهام التي تقوم بها النقود حالياً ، إذ كانت لها قيمة تبادلية إلى جانب قيمتها كسلعة ، وهو ما يعرفها بالنقود السلعية ، فعلى سبيل المثال استخدم الصوف والماشية والمحاصيل الزراعية والذهب والفضة كأدوات للتبادل إلى جانب استخداماتها الاستهلاكية الأخرى إلا أن قيمتها لكلا الفرضين قد تختلف .
أما النقود المستخدمة حالياً وهي لا يمكن تحويلها من ورق إلى أي شيء آخر ، فيطلق عليها النقد بأمر الحكومة ” حيث أن القيمة النقدية لهذه الأداة أكبر من قيمتها السوقية كسلعة ، ولا تتعهد الحكومة بتحويلها إلى أي شيء ، بل تكتسب أهميتها من قبل الناس لها .
قاعدة الذهب :
قامت قاعدة الذهب على أساس قبول البنوك المركزية والحكومات المختلفة لاستبدال عملاتها بذهب ، وعلى أساس تحديد قيمة كل عملة مقابل كمية محددة من الذهب ، أصبح سعر صرف العملات بعضها مقابل بعض يتحدد بناءً على علاقة كل عملة بالذهب ، وعليه أصبح الذهب هو العامل المشترك بينها .
لقد نظر العالم إلى تكريس العلاقة بين النقد الذي يصدره كل بلد والذهب على أنه وسيلة لتجسيد مصدر من مصادر الاستقرار في قيم المبادلات التجارية التي قد تنتج نظير تغيرات في أسعار العملات بعضها مقابل بعض.
خصائص قاعدة الذهب :
وجوب تحديد قيمة العملة المحلية بمقدار محدد من الذهب .
ضرورة مواكبة عرض النقود المحلي لكمية الذهب المتوفرة بالبلاد وهذه القاعدة مهمة للحفاظ على العلاقة ثابتة بن العملة المحلية وما تساويه من الذهب .
استعداد الحكومة لاستبدال العملة المحلية بما يساويها من ذهب دون حدود وقيود تفرض على كميات التبادل التي تنطوي عليها هذه العملة .
ملاحظة : لقد كان يستخدم الذهب لأغراض النقد إلى جانب استخدامه لأغراض أخرى كالزينة مثلاً وهذا يعني أن الكمية المعروضة من الذهب يجب أن تفي بطلبات القطاعين ، لأن زيادة الطلب على الذهب من أجل الزينة يمكن أن يؤدي إلى تناقص كمية الذهب المتوفرة لتوفير الغطاء التام لكمية النقد المصدر والعكس صحيح .
قانون جريشم ( Gresham’s Law )
لكي أتمكن من توضيح قانون جريشم سأقوم بضرب المثل التالي :
إذا كان هناك نوعان من العملة المعدنية تكون كمية الذهب التي تحويها العملة الأولى مساوية للقيمة الرسمية لها ( أي المعلنة رسمياً ) ، في حين أن كمية الذهب في العملة الثانية ليست إلا 50% من قيمتها الرسمية ، فإن الجمهور سوف يحتفظ بالعملة الأولى مفضلاً استخدام العملة الثانية طالما أن القيمتين الإسميتين للعملتين متساوية ، فمثلاً إذا ارتفع سعر الذهب فإن ذلك سوف يدفع الجمهور إلى إذابة العملة المعدنية التي تحتوي على الذهب للحصول على المعدن في حين سوف يستخدم الجمهور العملة الفضية لإتمام معاملات التبادل التجارية إلى حد ربما قد يصل إلى خروج العملة المعدنية ذات محتوى من الذهب من التداول واختفاؤها .
وبناءً على ما سبق فإن تفضيل الأفراد استخدام النقود السيئة يدفع النقود الجيدة خارج التداول حرصاً من الأفراد للحفاظ على ثرواتهم .
ففي الدول التي تتعرض نقودها إلى تناقص في قيمتها بسبب التضخم مثالاً ، تجد أن الناس تتجه نحو استبدالها بنقد أجنبي والاحتفاظ بهذا النقد ، وبذلك استخدام النقد المحلي في عمليات التبادل بهدف التخلص منه بسرعة للحصول على سلع وخدمات أو عملات أجنبية تكون الجيدة والمفضلة لديهم .
تعريف النقود :
لا يزال معنى النقود محل جدول ويرجع ذلك إلى أهمية النقود في النشاط الاقتصادي والدور الذي تلعبه في التأثير على الاقتصاد الأمر الذي يستدعي تحديد دقيق لمفهوم النقود وخاصة من حيث مكوناتها ، وكذلك الطبيعة الديناميكية لمفهوم النقود وبالتالي احتمال الاختلاف في تحديد ماهيتها من وقت لآخر ومن دولة إلى آخرى بحسب ما تمليه الاستعمالات والاستخدامات الاقتصادية وظروف النمو الاقتصادي .
يوجد عدة مداخل حاولت تحديد ما هيه النقود وهي كالتالي :
أولاً : المدخل المادي لتعريف النقود :
يعرف هذا المدخل النقود على أنها تتكون من سندات بحجم ولون معين مع بعض الكلمات والرموز المطبوعة عليها وتتكون من عملات معدنية من نوع معين .
ويعاب على هذا المدخل أنه يحصر النقود في نطاق ضيق للغاية لأنها اتخذت أشكال عديدة أخرى منها الأحجار وغيرها ناهيك عن الأنواع الأخرى للنقود التي تطورت حتى وصلت للنقود الإلكترونية .
ثانياً : المدخل الفني لتعريف النقود :
يعرف المدخل الفني النقود على أنها أداة فنية اكتشفها الإنسان ليتخلص من خلالها من صعوبات المقايضة.
ويعاب على هذا المدخل القصور الكبير في كثير من جوانبه حيث أنه لا يظهر الأساس الذي تركز عليه النقود في مباشرة وظائفها في الحياة الاقتصادية .
ثالثاً : المدخل القانوني لتعريف النقود :
يعرف المخل القانوني النقود على أنها ذلك الشيء الذي تتوافر فيه القدرة على إبراء الذمة وتتمتع بالقبول العام على الوفاء بالالتزامات داخل المجتمع .
ومما يعاب عليه هو وجود اختلاف واضح بين المنظور الاقتصادي والمنظور القانوني للنقود حيث أن الاقتصاديين لم يشترطوا أن تتمتع النقود بالقدرة القانونية على إبراء الذمة وإنما هي الشيء الذي يلقى قبول عام كوسيط للتبادل .
رابعاً : المدخل الوظيفي لتعريف النقود :
يستخدم هذا المدخل وظائف النقود لكي يستدل على تعريفها ، فهو يعرف النقود بأنها أي شيء ذات قبول عام في التداول ويستخدم وسيطاً للتداول ومقياساً ومستودعاً للقيمة ومخزن لها ، بالإضافة إلى استخدامها كوسيلة للمدفوعات الآجلة .
ومن خلال تحليل هذا التعرف يمكننا أن نلاحظ التالي :
أن التعريف مبني على الجوانب النفسية لأفراد المجتمع والقائم على ثقة الأفراد فيما يقبلونه كوسيلة للدفع والتبادل وهذا القبول ينطوي على قوة شرائية ولتحقيق ذلك استخدم الإنسان بعض السلع كنقود ، فقد استخدم التجار أنواع من المعادن ذات الوزن المحدد والصفات المتفق عليها وقد كانت المسكوكات ثم السبائك الذهبية أكثر المعادن شيوعاً في صنع النقود ، ومع زيادة حجم المعاملات التجارية ، أصبح حمل الذهب يمثل عبئاً كبيراً مما أدى إلى ظهور النقود الورقية على أيدي الصاغة الذين كانوا يقبلون الودائع الذهبية من الأفراد مقابل إيصالات أو شهادات بقيمة ودائعهم ، ثم استخدمت هذه الإيصالات في التبادل بدلاً من المعادن حتى أصبحت مقبولة في التعامل ، ومع شيوع استخدام هذه الإيصالات والشهادات في عمليات التبادل تدخلت الحكومات لتنظيم عمليات التبادل والتداول إلى أن انتهي الأمر إلى أن أصبحت الودائع المصرفية التي تتداول عن طريق الشيكات تمثل نقوداً إلى أن أصبحت النقود الورقية والودائع تمثل الشكل الحديث للنقود بعد أن انتهى تماماً عهد النقود الذهبية ، وبالتالي استخدم كلمة ( أي شيء) في التعريف له من الأهمية والشمولية الكثير حيث تدل على العدد غير المحدود من الأشياء التي استخدمت كالنقود .
إن التشريعات التي تصدرها الدول لإعطاء الصيغة القانونية على العملات الورقية والمصرفية كعملات قانونية تستهدف تدعيم ثقة الأفراد في قبول أي أصل من الأصول كنقود ، وهنا لا يمكن رفض العملات القانونية في سداد الديون ، من ثم فإنه بالرغم من أن الحسابات الجارية بالبنوك التجارية ليس لها الوضع القانوني كعملة قانونية إلا أن هذه البنوك ملتزمة بتحويل هذه الحسابات إلى عملية قانونية بناء على طلب المودعين ، هذا بالإضافة إلى أن الهدف من تعريف وقياس حجم النقود في المجتمع هو تمكين صانعي السياسة الاقتصادية من السيطرة والرقابة على حجم النقود المتداولة ، بغرض تحقيق استقرار المستوى العام للأسعار وازدياد مستوى النشاط الاقتصادي في المجتمع .
وظائف النقود :
إن مقدار السعادة أو الرضا والإشباع الذي يحصل عليه المرء هي مشتقة مما تستطيع النقود أن توفره له من سلع وخدمات التي هي نتاج للوظائف والخدمات التي تقدمها النقود ، ويمكننا تلخيص هذه الوظائف والخدمات في أربع وظائف أساسية للنقود وهي :
أولاً : تستخدم النقود كأداة للتبادل :
إن ما يميز النقد هو قبوله من قبل الجميع مما يضفي عليه ثقة الجمهور كأداة لإتمام المعاملات التجارية ويدعم قدرة المرء على مبادلة سلعة لديه بمبلغ من النقد ، ثم يستخدمه لاقتناء ما يرغب فيه من سلع وخدمات ، ولاشك أن قيام النقود بهذا الدور قد ترك انعكاسات ايجابية على الوقت والجهد والبحث المتواصل مقارنة بما كان يقوم به الأفراد في اقتصاد المقايضة مما يوفر وقتاً أكبر للتخصص في الإنتاج وقيام الأفراد بالأعمال الإنتاجية التي يتقنونها بدلاً من هدر الوقت في البحث في الأسواق والقيام بأعمال لا يتقنونها ، كما ساهمت هذه الوظيفة باستقلال عمليات البيع عن عمليات الشراء الأمر الذي أدى إلى تسهيل قيام التبادل المباشر بين أي طرفين في عمليات المبادلة .
ثانياً : تستخدم النقود كوحدة قياس للأثمان :
ن ( ن – 1 )
2
في عالم المقايضة وفي ظل وجود عشر سلع مثالاً ، تكون هناك خمسة وأربعون قيمة تبادلية ، فهناك تسعة أسعار للسلعة الأولى ، وثمانية أسعار للسلعة الثانية (سعرها مقابل السلعة الأولى معروف عندما تحدد سعر السلعة الأولى مقابلها ) وسبعة أسعار للسلعة الثالثة وهكذا ، ولمعرفة عدد معدلات التبادل يمكننا استخدام المعادلة التالية :
عدد معدلات التبادل =
حيث أن ( ن ) هو عدد السلع .
10 ( 10 – 1 )
2
في حالة وجود عشرة سلع سيكون عدد معدلات التبادل كالتالي :
= 45 قيمة تبادلية .
وبناءً على ما سبق فإن استخدام النقود يقلص عدد الأسعار أو القيم التبادلية إلى عشرة أسعار حيث يوضع سعر نقدي لكل سلعة ، وفي هذه الحالة ترد قيم جميع السلع لوحدة قياس واحدة ، كما أن استخدام النقود كوحدة قياس سهل من عملية إعداد القوائم الحسابية والقيود الحسابية ومقارنة الحسابات .
ثالثاً : تستخدم النقود كحافظ أو مخزن أو مستودع للقيمة :
إن استخدام النقود كوسيط للتبادل سمح باستقلال عملية البيع عن عملية الشراء الأمر الذي يعني وجود فاصل زمني بين عمليات البيع والشراء وبالتالي ليس بالضرورة أن تحصل على النقود في وقت ما وإنفاقها فوراً وفي نفس الوقت ، ولكن في الواقع العملي نجد أن الفرد ينفق جزء من دخله ويدخر جزء آخر ليقوم بالشراء به مستقبلاً وبذلك تتاح الفرصة للفرد ببيع سلعة يقتنيها ثم يحتفظ بقيمتها على شكل نقود بدلاً من سلع أخرى قد تكون عرضة للتلف أو تحمله تكاليف تخزين .
وحيث أن الفرد يحتفظ بالنقود لكي ينفقها في المستقبل فإن النقود تعتبر في هذه الحالة كمخزن أو مستودع للقيمة ، وتتوقف فاعلية النقود كمخزن أو مستودع للقيمة على فاعليتها كمقياس للقيمة حيث أنها يجب أن تحتفظ بقوتها الشرائية لفترة زمنية طويلة وهذا يعني الثبات النسبي لكل من العرض والطلب على النقود حتى يبقى مستوي الأسعار ثابتاً نسبياً ، ولكن من الملاحظ أن القيمة الحقيقية للنقود ترتفع بالتدهور الذي يلحق المستوى العام للأسعار في فترات الانكماش ، بينما تنخفض هذه القيمة في فترات التضخم .
ومما سبق نلاحظ أنه في فترات التضخم واستمرار ارتفاع الأسعار يلجأ الأفراد إلى الاحتفاظ بالقيمة في صورة أصول حقيقية ، ومن مزايا هذا أنه يدر عائد لصاحبه في صورة ربح ، فائدة أو ريع ، فضلاً عما تحققه من أرباح رأسمالية في حالة ارتفاع الأسعار ، ومن ناحية أخرى فإن الاحتفاظ بالأصول الحقيقية قد تعرض الفرد لخسائر رأسمالية حين الحاجة لتحويل بعضها إلى أرصده نقدية .
وأخيراً فإن بيع سلعة اليوم والاحتفاظ بثمنها على شكل نقود لا يعني بأن القوة الشرائية لهذه النقود ستبقى ثابتة إلى الأبد .
رابعاً : تستخدم النقود كمعيار للمدفوعات الآجلة :
إن زيادة حجم الإنتاج الجاري عن قيمة المبيعات الجارية خلال فتره معينة نتيجة لزيادة الإنتاج في المجتمعات الحديثة وتزايد حجم المخزون السلعي ، نتج عنه بالضرورة أهمية تسويق المنتجات على أساس العقود لتجنب تكديس المخزون وكذلك لضمان استمرار تدفق السلع المختلفة وتوفيرها في المجتمع .
وبناءً على ما سبق فإن بنود التعاقد تتم على أساس قيمة معينة ، يلتزم المقترض برد هذه القيمة في وقت لاحق مضاف إليه الفوائد المحسوبة عليه خلال تلك الفترة ، وبالتالي لابد من وجود معيار يتم على أساسه تحديد الائتمان ، ومن هنا استطاعت النقود أن تقوم بهذا الدور والذي يطلق عليه ( وسيط المدفوعات الآجلة ) وبذلك فإن وظيفة النقود كمعيار للقيمة لا يقتصر على القيم الحاضرة وإنما يمتد لقياس المدفوعات الأصلية ، ولكي تقوم النقود بهذه الوظيفة وجب عليها الاحتفاظ بقيمتها لفترة طويلة نسبياً حيث أن التذبذب في قيمة النقود يسبب اضطراب سوق الائتمان مما يؤثر على حجم الائتمان والنشاط الاقتصادي .
ففي فترات ارتفاع الأسعار وما يتبعها من انخفاض وتدهور في قيمة النقود يجد الدائن أن قيمة السلع والخدمات التي يستطيع القرض شرائها عند رده أقل من القيمة التي كان يستطيع شرائها عند عقد القرض ، الأمر الذي ينطوي على إعادة توزيع الثروة من الدائن إلى المدين ، بينما في فترات انخفاض الأسعار ، يجد المدين أن قيمة السلع والخدمات التي يستطيع القرض شرائها عند رده تزيد عن القيمة التي كان يستطيع شرائها عند عقد القرض الأمر الذي يتضمن إعادة توزيع الدخل من المدين إلى الدائن ، وعليه يجب توافر الثقة بين المدين والدائن في أن وحدة النقود لن تتغير قيمتها في وقت السداد عنها في وقت التعاقد بدرجة ملموسة .
خصائص وسمات النقود :
لقد أضفت وظائف النقود لها جاذبية مقارنة بعالم لم تكن توجد فيه ، فقد استطاعت هذه الأداة أن تقلل من عدد وحجم المخاطر التي كان يتعرض لها الأفراد في عالم المقايضة ، إلى جانب قيامها بوظائف المبادلة ولكن على درجة أكبر من الكفاءة ، ولكي تتمكن النقود من القيام بوظائفها الاقتصادية والحفاظ على ثقة وإقبال الجماهير عليها وجب أن تتميز بعدة خصائص أو سمات هي :
أولاً : محدودية الكمية المعروضة منها :
يؤكد قانون الندرة على أن الأشياء ومن ضمنها النقود تكتسب أهمية نظراً لمحدودية الكمية المعروضة منها مقارنة بحجم الطلب عليها .
إن صفة الندرة صفة يجب أن تكتسبها النقود وإلا فإن قيمتها وقبول الجمهور لها سوف يتعرضان للانهيار من هنا وجب على السلطات الحكومية المعنية بكميات النقد الموجودة بالاقتصاد أن تعي هذا وأن تعمل جاهدة على التوفيق بين الكمية المعروضة والكمية المطلوبة منه ، بالرغم من أن زيادة الكمية المناسبة من النقد التي يجب توفرها ليس حساساً في مبالغ بسيطة ، وقد لا تترك أثراً سلبياً على قيمة النقود وخاصة في الاقتصاديات الكبيرة إلا أنه لابد أن يواكب التغير في عرض النقود إمكانيات الاقتصاد وقدراته الإنتاجية فالزيادة الكبيرة في كمية النقد تساهم في ارتفاع الأسعار .
وبناءً عليه وجب على السلطات المعنية أن تجعل الكمية المعروضة من النقد بقدر كاف لتمكن الجمهور من استخدامها وهو واثق باحتفاظها بقيمتها ، وأفضل سبيل لذلك أن توفر كمية مناسبة بحيث أن تقابلها سلع وخدمات حقيقية ينتجها الاقتصاد .
ثانياً : صعوبة تزويرها أو تقليدها :
توجه الحكومات موارد مالية وتشكل إدارات حكومية وأخرى أمنية للتقليل من احتمالات تزوير نقودها الوطنية ، فإقبال الجمهور على النقود واستخدامها للقيام بوظائفها يقوم على أساس ثقته فيها ، وأحد دعائم هذه الثقة ينطلق من مصداقية النقود وإدراكه أنها سليمة ولن ترفض على أساس إنها مغايرة للنقود الأخرى المتداولة ، هذا لا يعني أنه لن يقوم أحد على محاولة تزييف النقود ولكن الهدف من عمليات الوقاية هو التضييق على مثل هذه المحاولات مما يعزز من ثقة الجمهور فيها والقبول بها .
ثالثاً : سهولة الاحتفاظ بها :
لقد كانت المقايضة تتطلب الاحتفاظ بمخزون من السلع يضمن مساعي الأفراد لتبادلها مقابل سلع يرغب فيها ، أما في اقتصاد النقود فكل ما هو مطلوب من المرء القيام به هو أن يحتفظ بنقد محدود يؤدي مهام كمية كبيرة من السلع التي تعود الإنسان على الاحتفاظ بها في اقتصاد المقايضة .
رابعاً : سهولة حملها ونقلها :
تتميز النقود بأنها سهلة الحمل ، والتنقل بها مهمة يسيرة فبدلاً من أن ينتقل المرء فيما بين الأسواق ومعه سلع يرغب بمقايضتها ، أصبح ينتقل ومعه كمية من النقود يحتفظ بها في محفظته وعليه فإن النقود يجب أن تتكون من وحدات يسهل حملها ونقلها من مكان لآخر فإن لم تتوفر هذه الخاصية فسيصعب استخدامها على نطاق واسع .
خامساً : قوة تحملها :
وذلك بسبب عدم قابلية النقود للهلاك بسرعة ، وتتعلق هذه الخاصية بطبيعة المواد التي تستخدم كنقود أو تصنع منها النقود .
سادساً : سهلة التجزئة :
وجود فئات نقدية مختلفة القيم وسهلة التجزئة رغب الجمهور القبول بها ، بمعنى آخر أن تكون النقود قابلة للتجزئة إلى وحدات صغيرة متساوية القيمة يسهل إجراء عمليات التبادل في المعاملات الصغيرة ، فكلما أمكن تجزئة النقود إلى وحدات صغيرة كلما أمكن توسيع عملية التبادل .
سابعاً : وحدة أشكالها وسهولة تمييزها والتعرف عليها :
إذا نظر المرء إلى مختلف فئات النقد ، يجدها تختلف من حيث المقاس واللون والتصميم ولكن الأوراق النقدية متطابقة ومتجانسة ضمن الفئة الواحدة وهذه السمة أعفت المرء عن عملية فحص الأوراق بشكل متكرر وبعناء للتأكد من مضمونها كما كان الوضع في عالم المقايضة كما يجب أن تتكون النقود من وحدات يسهل التعرف عليها ، حيث أن صعوبة التعرف على وحدات معينة من قبل الأفراد يؤدي إلى رفض التعامل بها مما يعيق عملية التبادل وعدم اتساع استخدام النقود في المعاملات المختلفة ، كما أن هذه السمة عملت على التقليل من جاذبية المعادن كالذهب والفضة كأداة وسيطة كانت تقوم مقام النقود ، وإذ احتاج الإنسان إلى شخص مختص للتأكد من درجة نقاوة المعدن المقدم له كوسيلة للدفع حيث تختلف أشكالها ودرجة نقاوتها وأوزانها .
ثامناً : الحكومة هي المصدرة للنقود :
تكتسب النقود في معظم المجتمعات ثقة رديفة لثقة الجمهور في الحكومة ، لكون الحكومة هي الجهة التي تصدرها ، قد يجادل المرء في أن لهذه الثقة مبررات نسبية يكمن أهمها في تضاؤل احتمال عجز الحكومة من الإيفاء بالتزاماتها تجاه ما تصدره من نقد مقارنتاً بالتزامات قد تقطعها جهات أخرى على نفسها ، ويجب التنويه إلى أنه ليس بالضرورة أن يقبل الجمهور بالنقود لمجرد كون الحكومة هي الجهة المصدرة لها في ظل فشل النقود أو عجزها عن القيام بالمهام والوظائف التي يتوقع المرء أن تقوم بها .
علاقة النقود ببعض المفاهيم الأخرى :
أولاً : النقود والثروة :
تقسم الأصول في أي مجتمع إلى أصول حقيقية (السلع المادية الملموسة) ، وإلى أصول نقدية ومالية وهي النقود غير السلعية ( أسهم وسندات ووعود بالدفع ) وتتكون ثروة المجتمع من الأصول الحقيقية فقط ، أما الأصول النقدية والمالية فهي تمثل ثروة الأفراد كأعضاء في المجتمع ولكنها لا يمكن أن تحسب ضمن ثروة المجتمع وإلا لاختلفت الثروة الحقيقية للمجتمع وأصبح مبالغاً فيها .
إن التغيرات في حجم النقود أو في حجم الحقوق العامة والخاصة لا يمثل بالضرورة التغيرات في ثروة المجتمع الحقيقية ذلك أن زيادة معينة في الدين العام أو حدوث انخفاض حاد في أسعار الأسهم في البورصة لا يخفض مباشرة من الثروة الحقيقية للمجتمع وإنما يؤدي فقط إلى مجرد تغيير قيمة ونسبة الحقوق القائمة إلى مقدار الثروة ، وقد ينتج عن هذا آثار غير مباشرة على معدل إنتاج الأصول الحقيقية ، ولكن من المهم أن تعترف بأن الأثر المباشر والفوري للتغير في قيمة الحقوق ( بما فيها النقود) لا يكون على مجموع الثروة القومية وإنما يكون الأثر على توزيع هذه الثروة .
والنقود هي الرمز المحدد للثورة ، لا يكون هذا المحتىي الفعلي للثروة بل الواقع أن الجزء الغالب من نقود المجتمع الحديث يتكون من حقوق دفترية ( الودائع ) وليس من مخزون النقود السلعية ولا تستمد هذه النقود نفعها من كونها سلع تستهلك ولكن من قدرتها على المبادلة ، إن احتفاظ النقود بقيمتها يعتمد إذا على القدرة على التخلي عنها مقابل سلع وحقوق أخرى دون خسارة تذكر ، والنقود كحق متميز عن غيره من الحقوق حيث نجد أنه مستبعد تماماً من قائمة أصول المجتمع التي لا تحتوي النقود كثروة ، وباستثناء النقود السلعية فإن النقود تكون دائماً من وعود بالدفع ( دين ) وحق ضد من يصدرها ويمتلك هذا الحق من يملك النقود ( الدائن ) وهذه المديونية والدائنية تختص مع غيرها من الحقوق في خلال عمليات حساب الثروة الحقيقية للمجتمع .
ثانياً : النقود والسيولة :
عند بحث العلاقة بين النقود والسيولة يجب أن نتذكر أن النقود كحق لها خاصيتين متميزتين تؤثر على رغبة الأـفراد في الاحتفاظ بها وتفضيلها عن غيرها من الحقوق الأخرى وهي :
أن النقود بذاتها لا تدر دخلاً ، وأن امتلاك الفرد لمجموعة من الأسهم والسندات أو حساب ادخار سوف يدر عليه دخلاً في صورة فائدة أو ربح وعليه لابد أن نلاحظ أن الاحتفاظ بالنقود ينطوي على تضحية بتيار من الدخل كان يمكن الحصول عليه لو احتفظ بالنقود في صورة أنواع أخرى من الحقوق .
أن النقود لها قدرة على السيطرة على السلع والخدمات وعلى غيرها من الحقوق وتستمد هذه الخاصية من طبيعتها الأساسية وكونها أداة للدفع مقبولة قبولاً عاماً .
أما السيولة اصطلاحاً فترمز إلى سرعة تسويق أو تسييل الأصل بما يحتاجه الأفراد من سلع وخدمات فورية ، أما درجة السيولة بالنسبة للأصول غير النقدية فترمز إلى القدرة على تحويلها أو استبدلها بالنقود بأسرع وقت ممكن ودون تحمل خسارة .
وفي هذا الإطار يمكن تصنيف الأصول من حيث درجة سيولتها إلى أشكال مختلفة تبدأ بالنقود على قيمة هذه الأصول أي درجة سيولتها تصل إلى 100% ومن ثم تأتي الودائع بأنواعها والسندات الحكومة حتى تصل في آخر القائمة إلى الأراضي والعقارات حيث تحتاج إلى مجهود ووقت وهناك احتمال حدوث خسائر.
وأخيراً لابد من الإشارة إلى وجود علاقة عكسية بين سيولة الأصل والعائد .
ثالثاً : النقود وشبة النقود :
عند البحث في مكونات النقود نجد أنها عبارة عن العملة الورقية المتداولة في المجتمع والعملة المساعدة والودائع الجارية بالبنوك التجارية ، والتي يطلق عليها مصطلح وسائل الدفع ، وهي تؤثر تأثيراً مباشراً على النشاط الاقتصادي في المجتمع .
وفي الطرف الآخر يوجد أيضاً ما يسمى بأشباه النقود وتتضمن الودائع الآجلة في البنوك وغيرها من المدخرات النقدية .
كما ولدينا كذلك ما يسمى بالعوامل المؤثرة في وسائل الدفع وهي تشمل أشباه النقود مع غيرها من الأصول الأخرى الأكثر سيولة ، وتسمى بهذا الاسم لأن في إمكانها بسبب درجة سيولتها أن تتحول إلى نقود أو تعود إلى حالتها مؤثرة بذلك في كمية النقود بالمجتمع .
وبناءً على ما سبق يمكننا قياس مقدار السيولة في المجتمع من خلال الجمع بين وسائل الدفع والعوامل المؤثرة فيها .
ويمكننا تلخيصها فيها :
وسائل الدفع :
صافي العملة المتداولة خارج البنوك وتتضمن :
صافي النقد المتداول .
العملة المساعدة .
الودائع الجارية الخاصة .
العوامل المؤثرة على وسائل الدفع :
الخصوم وتتضمن :
نسبة النقود ( الودائع لأجل التوفير لدى البنوك ) .
الودائع الحكومية .
ودائع أخرى ( حسابات المقاصة وأخرى بالدولار ، دوافع الأموال المقابلة ، حسابات صندوق النقد )
الأصول وتتضمن :
الأصول الأجنبية .
مطلوبات من القطاع الخاص ( القروض والسلفيات والأوراق المالية )
مطلوب من البنوك المتخصصة وتتضمن ( استثمارات ، تسهيلات ائتمانية ، ودائع توفير ).
ج- بنود الموازنة تتضمن :
رأس المال والاحتياطيات والمخصصات .
صافي البنود الأخرى .
رابعاً : النقود وعرض النقود :
هناك مفهومان أساسيان يستخدمان في قياس العرض النقدي هما ، مفهوم المعاملات وهو الذي يركز على النقود كوسيط للتبادل ، والثاني هو مفهوم السيولة ويركز على وظيفة النقود كمستودع للقيمة .
مفهوم المعاملات وقياس العرض النقدي :
يقوم هذا المفهوم على أساس أن مفهوم النقود يتحدد أساساً في استخدام النقود كوسيلة للمدفوعات مقابل السلع والخدمات في المجتمع وبالتالي فإنها تتميز عن غيرها من الأصول الأخرى في القياس بهذه الوظيفة ، وعليه فإن الآراء التي تتبنى هذا المفهوم ترى بأن تعريف النقود يجب أن يشمل فقط الأصول التي تستخدم كوسيط للتبادل وتتمثل هذه الأصول في النقود المعدنية والورقية والنقود المصرفية ، ومن هنا يطلق على هذا التعريف بالتعريف الضيق للنقود أو مصطلح وسائل الدفع كما أشرنا سابقاً ، ويرمز للعرض النقدي وفقاً لهذا المفهوم بالرمز M1 والذي يشتمل على وسائل الدفع التالية :
النقدية المتداولة في المجتمع لدى الأفراد ومنشآت الأعمال ، والتي تستخدم كوسائل دفع ، وعليه فإن مفهوم النقدية بهذا المعني لا يشتمل على :
الودائع لدى البنوك التجارية ، وذلك من مبدأ أن احتسابها كنقود متداولة سوف يترتب عليه الازدواج في حساب النقود .
النقدية التي تحتفظ بها وزارة المالية .
النقدية التي يحتفظ بها البنك المركزي في شكل احتياطي للبنوك الأخرى وذلك لأنها تمثل جزء من الودائع لدى البنوك الأخرى .
الودائع الجارية والودائع تحت الطلب الخاصة بالأفراد والمنشآت لدى قطاع البنوك ، باعتبارها وسائل دفع لشراء السلع والخدمات وسداد الديون الحاضرة ، وبالتالي نجد أنه يستبعد من الودائع تحت الطلب ما يلي :
الودائع الحكومية وذلك لأنها لا تمثل وسائل دفع لشراء السلع والخدمات في المجتمع .
ودائع البنوك لدى بعضها البعض .
وبناءً على ما سبق فإن أنصار هذا المفهوم يعتقدون بأن :
التعريف العملي للنقود يجب أن يتحدد بشكل يمكن السلطات النقدية من قياس وتعديل عرض النقود بما يتلاءم مع احتياجات عمليات التبادل التي تحقق زيادة مقومات الإنتاج والعمالة في ظل استقرار المستوى العام للأسعار .
وجود علاقة مباشرة بين العرض النقدي بهذا المفهوم والأهداف الاقتصادية العامة فمع زيادة العرض النقدي مع ثبات ظروف الطلب على السلع والخدمات من جانب المستهلكين وزيادة الطلب على عناصر الإنتاج والمواد الخام والوسيطة من جانب المنتجين الأمر الذي من شأنه زيادة الإنتاج والعمالة في المجتمع .
ج- أن زيادة العرض النقدي قد يصاحبها ارتفاع في المستوى العام للأسعار في المجتمع ، إلا أن زيادة الإنتاج سوف تعمل على إعادة التوازن مرة أخرى بين وسائل الدفع (النقود) والمستوى العام للأسعار والعكس صحيح .
مفهوم السيولة وقياس العرض النقدي :
يقوم هذا المفهوم على أساس أن مفهوم النقود يتحدد بناءً على وظيفة النقود كمستودع للقيمة ، حيث يحتفظ بالأصول المالية لحين استخدامها في المستقبل ، وطبقاً لها المفهوم فإن تعريف النقود يشتمل على الأصول عالية السيولة مثل الودائع الادخارية والودائع بإخطار لدى البنوك التجارية وشهادات الإيداع الادخارية بالبنوك التجارية ( أي أشباه النقود ) .
مبررات أنصار هذا المفهوم :
وجود عدد من الأصول المالية ذات السيولة العالية والتي تتمتع ببعض خصائص النقود وتقوم كذلك ببعض وظائفها ويمكن اعتبارها من وسائل الدفع ، وتتمثل هذه الأصول فيما يسمى أشباه النقود ، مثل الودائع الآجلة والودائع الادخارية لدى البنوك التجارية ، والودائع الادخارية بصناديق البريد ، والتي يمكن تحويلها بكل يسر وسهولة إلى نقود أو ودائع تحت الطلب بالبنوك التجارية ، وعليه فإن هذه الحسابات تتصف بدرجة عالية من السيولة بحيث يعتبرها أفراد المجتمع معادلة من الناحية العملية لعرض النقود M1 وإن كانت لا تستخدم مباشرة في إجراء المدفوعات .
أن الدافع الأساسي من تعريف وقياس عرض النقود هو ضمان تحقيق السيطرة والرقابة على عرض النقود وذلك من أجل تحقيق استقرار مستوى النشاط الاقتصادي في المجتمع وزيادة حجمه ، وعليه فإن تعريف وقياس عرض النقود يجب أن يقوم على أساس واقعي بحيث يشتمل على مجموعة الأصول المالية التي تتصف بدرجة عالية من السيولة وتكون خاضعة لإدارة السياسة النقدية ، والتي يرتبط حجمها بمستوى النشاط الاقتصادي في المجتمع ارتباطاً وثيقاً في شكل علاقة سببية ، وبالتالي فإن عرض النقود لا يجب أن يقتصر فقط على الأصول النقدية السائلة و/أو في شكل حسابات جارية وتحت الطلب والتي تؤدي وظيفة وسيط للتبادل .
وبناءً على كل ما سبق فإن أنصار هذا المفهوم يعرفون العرض النقدي من وجهة نظر السيولة بالرمز M2 وهو يتكون من التالي :
عرض النقود على أساس وسائل الدفع M1
الودائع الجارية وبإخطار لدى البنوك التجارية .
ج- الودائع الجارية بصناديق التوفير .
د- شهادات الإيداع الادخارية ذات الدخل الثابت التي تصدرها البنوك التجارية .
مفهوم إجمالي السيولة المحلية وقياس العرض النقدي :
نلاحظ أن تعريف النقود وفقاً لمفهوم السيولة لا يتضمن الودائع الآجلة والادخارية في المؤسسات المالية الأخرى غير البنوك التجارية حيث أن هذه الأصول مماثلة للودائع الادخارية الآجلة لدى البنوك التجارية وبالتالي فإن استبعادها من التعريف لا يعكس القياس الفعلي لكمية العرض النقدي في المجتمع لذلك فإن الودائع الحكومية لا تدخل ضمن ذلك المفهوم ، في حين أن هذه الودائع سوف تنصب آجلاً أو عاجلاً في دائرة الإنفاق العام وتتحول إلى وسائل دفع في يد الأفراد والمنشآت الأمر الذي يتطلب حسابها في العرض النقدي للمجتمع .
وبناءً عليه نجد أن هناك تعريف أوسع لعرض النقود يتضمن كل من مكونات M1 ، M2 وتلك الأصول المالية الأخرى التي تتصف بدرجة عالية نسبياً من السيولة مثل الودائع الحكومية والآجلة والادخارية لدى المؤسسات غير البنكية ويرمز لهذا التعريف الواسع لعرض النقود بالرمز M3 ، وهو يحدد العرض النقدي في المجتمع في صورته الرسمية ويعرف بمصطلح اجمالي السيولة المحلية .
ويتحدد العرض النقدي في المجتمع بمفهومه الواسع M3 بالمكونات التالية :
عرض النقود على أساس مفهوم السيولة 2M
الودائع الحكومية لدى البنوك التجارية
ج – الودائع الادخارية لدى مختلف المؤسسات المالية في المجتمع غير البنوك التجارية .
د- بوالص التأمين لدى شركات التأمين المختلفة .
أنواع النقود :
عرفت البشرية العديد من أنواع النقود وتعددت أشكالها عبر التاريخ حيث يمكننا القول بأن هذه الأنواع مثلت مراحل معينه من التطور ، وفي هذا الإطار يمكننا تتبع أنواع النقود بالتالي :
أولاً : النقود السلعية :
يشير تاريخ النقود إلى أن البشرية استخدمت أنواعاً لا حصر لها من السلع كوسيط للتبادل ومقياس للقيمة مثل الملح والأصواف والماشية وما إلى ذلك ، ولكن مع التطور شاع استخدام المعادن كالذهب والفضة ، ومع التطور الاقتصادي ظهرت النقود النائبة والتي تعني استعمال شهادات ورقية تمثل قيمة النقود السلعية وتصدرها السلطة النقدية وتعطي صاحبها الحق في تحويلها إلى نقود سلعية كاملة القيمة .
وتأخذ النقود السلعية شكلين أساسيين ، النقود المعدنية الكاملة والنقود النائبة عن النقود المعدنية الكاملة ، كما أن النقود السلعية قد تكون معدنية كاملة أي تتداول على هيئة مسكوكات معدنية ذهبية أو فضية أو يتداول النوعان معاً ، والنقود المعدنية الكاملة هي النقود التي تتعادل قيمتها كنقد مع قيمتها كسلعة في الاستخدامات غير النقدية كما ويجدر الذكر أن تساوي القيمة النقدية ( القوة الشرائية ) للنقود المعدنية الكاملة مع قيمتها كسلعة ، لا يعني ثبات قيمة وحدة النقد ، فهذه القيمة قابلة للتغير مع تغير أسعار السلع الأخرى ، فارتفاع أسعار السلع والخدمات في المجتمع يؤدي إلى انخفاض القوة الشرائية للنقود المعدنية الكاملة والعكس صحيح وعليه فإن استخدام النقود المعدنية الكاملة لا يمنع حدوث تضخم أو انكماش .
أما النوع الثاني من النقود السلعية الكاملة فيتمثل في النقود النائبة عن النقود المعدنية الكاملة وهي عبارة عن نقود ورقية تصاحب النقود الذهبية وتنوب عنها في التداول بحيث تمثل قيمتها تمثيلاً كاملاً ولذا فإن السلطات النقدية تحتفظ بالذهب ليكون غطاء نسبته 100% من قيمة النقود الورقية النائبة .
ويمكننا القول أن النقود النائبة تمتاز عن النقود المعدنية الكاملة من عدة نواحي منها :
النقود النائبة تحمي النقود المعدنية من التآكل .
نفقات طبع النقود النائبة أقل بكثير من سك النقود المعدنية .
سهولة حمل النقود النائبة .
ثالثاً : النقود الورقية :
أظهرت النقود الورقية اتجاهين أساسيين هما :
الاتجاه الأول : ظهرت النقود النائبة أثناء عصر سيادة النقود المعدنية لأن النقود النائبة هي في الأصل شهادات ورقية استخدمت لكي تنوب عن النقود المعدنية مع بقاء الأخيرة أساساً للتعامل .
الاتجاه الثاني : اتجه الأفراد إلى حمل ما لديهم من ذهب أو غيره من المعادن لكي يودعونه في خزائن لدى الصياغ لتأمينه من المخاطر كالسرقة .
وفي مقابل الإيداع كان الصاغة يعطون للمودع شهادة ورقية عبارة عن تعهد منهم له بمقتضاه رد ما أودع لديهم من ذهب بمجرد طلبه ولكن ما لبث أن تخلوا عن حمل الذهب واكتفوا بنقل ملكية الشهادات ، وساعد على ذلك ثقة الأفراد في قدرتهم على تحويل الشهادات إلى ذهب متى شاؤا وبذلك لم تعد الشهادات ممثلة للنقود فحسب بل أصبحت هي نفسها تقوم بكل وظائف النقود وبالتالي فهي أول أشكال النقود الورقية .
ومع مزيد من التطور كانت النقود الورقية التي تصدرها مختلف البنوك مصاحبة للنقود المعدنية ونظراً لأن النقود الورقية أصبحت ليس لها في حد ذاتها أي قيمة سلعية فقد احتكر إصدارها البنوك المركزية لأن قيمتها أصبحت مشتقة بصفة أـساسية من القبول العام لها كوسيط للتبادل .
ومعنى ذلك أن النقود الورقية أصبحت نقود رمزية يديرها البنك المركزي كما لم تعد قابلة للتحويل إلى معادن نفيسة وتعتمد قيمتها على ما تحدده هيئة الإصدار لها وعلى غطاءها من العملات الأجنبية القابلة للتحويل وبعض الأصول الأخرى وتعتمد أيضاً على قبول العام كوسيط للتبادل .
وبناءً على ما سبق يمكننا القول بوجود نوعين من النقود الورقية وهي كالتالي :
نقود ورقية قابلة للتحويل :
ويقصد بها تلك الورقة أو الوثيقة التي يصدرها أحد البنوك ، وقد أصبح البنك المركزي في أي دولة هو المحتكر لإنتاج هذا النوع من النقود متعهداً بمقتضاها بأن يرد إلى حاملها بمجرد طلبه في شكل عملة معدنية قانونية المبلغ المحدد المكتوب على الورقة .
وتجدر الإشارة إلى أن الفرق بين هذا النوع من النقود النائبة يتمثل في أن البنك الذي أصدر كمية من النقود القابلة للتحويل ليس عليه أن يحتفظ بكمية من الذهب معادلة تماماً لما أصدره من أوراق بنكنوت وإنما عليه أن يحتفظ برصيد يعادل نسبة معينة من قيمة الأوراق المصدرة .
والجدير بالذكر أن هذه النقود في ظل قاعدة الذهب تستمد قيمتها من إمكانية استبدالها بالنقود الذهبية ، ولكن بسبب حالات الذعر المالي التي دفعت البنك إلى التوقف عن تحويل النقود إلى ذهب وقيام الحكومة باتخاذ إجراءات منها تحويل النقود الورقية الوثيقة إلى نقود ورقية إلزامية وإعطائها قوة إبرام غير محدودة في سداد الديون أو تسوية كافة المدفوعات .
نقود ورقية غير قابلة للتحويل :
بشكل عام إن النقود الورقية الغير قابلة للتحويل سواء حكومية أو بنكنوت ليس لها قيمة ذاتية وتستمد قوتها من إلزام جميع الأفراد بقبولها في التعامل بوصفها عملة رسمية بالإضافة إلى إمكانية استخدامها في إشباع الحاجات عن طريق استبدالها بسلع أخرى .
وعليه فإن النقود الورقية غير القابلة للتحويل تختلف عن النقود القابلة للتحويل في النقاط الآتية :
النقود الغير قابلة للتحويل تعتبر نقوداً محلية لا يتعدى تداولها حدود الدولة التي تضع القانون الذي يجعل من هذه النقود عملة رسمية أما النقود القابلة للتحويل فمن الممكن اعتبارها عملة دولية .
قيمة النقود الغير قابلة للتحويل أكثر عرضة للتغير من قيمة النقود القابلة للتحويل .
ثالثاً : النقود المصرفية :
النقود المصرفية عبارة عن ديون في ذمة البنك قابلة للدفع عند الطلب ويمكن تحويلها من فرد لآخر بواسطة الشيكات ويطلق عليها أيضاً نقود الودائع أو النقود الائتمانية ، فودائع الحسابات يمكن استخدامها كوسيلة للدفع عن طريق الشيكات غير أن استخدامها يتوقف على موافقة الدائن إذ لا تتمتع بقوة الإبرام بحكم القانون .
وهكذا نجد أن النقود المصرفية ليس لها كيان مادي ملموس إنما توجد في صورة حساب بدفاتر البنوك .
وتعتمد النقود المصرفية على قاعدة هامة مفادها أن البنوك التجارية لها قدرة كبيرة للغاية على خلق النقود ومن ثم تقوم بإضافة هذه النقود الجديدة إلى كمية النقود المتداولة في المجتمع وهذه النقود الجديدة ما هي إلا قيود دفترية مسجلة في دفاتر البنك إلا أنها تتمتع بقوة إبرام غير محدودة .
رابعاً : النقود الالكترونية البلاستيكية :
ظهرت النقود الالكترونية البلاستيكية مع تطور شكل ونوعية النقود وهي أحدث صورة من صور النقود بل وتعتبر الطريق إلى عالم تختفي فيه عمليات التداول بالنقود ويطلق عليها أيضاً بطاقات الدفع الالكترونية أو وسائل الدفع الحديثة .
ويمكن القول بأن هذه النقود تعد نوعاً من أنواع النقود النائبة ، بمعنى أنها تنوب عن النقود الحقيقية في القيام بوظيفة النقود كوسيط للتبادل ولكنها أخذت شعبية واسعة في إبرام الذمة وتسوية المدفوعات الأمر الذي ارتقى بها إلى مرتبه النقود ، وبناءً على ما سبق فإن النقود الإلكترونية البلاستيكية تطلق على بطاقات الدفع الإلكترونية التي لا تخرج عن كونها بطاقات بلاستيكية يتم معالجتها إلكترونياً ، وذلك لاستخدامها في أغراض متعددة من خلال المعلومات المخزنة عليها والدخول بها على الآلات المعدة لتحقيق هذه الأغراض ونذكر من هذه البطاقات :
بطاقات الائتمان
بطاقات الدفع الفوري
بطاقات الدفع المؤجل أو بطاقات اعتماد النفقات
بطاقات التحويل الإلكتروني
بطاقات الصراف الآلي
كروت ضمان الشيكات
وفيما يلي نستعرض ثلاث أنواع من النقود الإلكترونية البلاستيكية المتداولة حالياً :
بطاقات الدفع :
وهي التي تعتمد على وجود أرصدة فعلية للعميل لدى البنك في صورة حسابات جارية وهي أيضاً كروت يتم التحكم بها عن طريق البنك .
البطاقات الائتمانية :
وهي التي تصدرها البنوك في حدود مبالغ معينة ويتم استخدامها كأداة وفاء وائتمان لأنها تتيح فرصة الحصول على السلع والخدمات من دفع آجل لقيمتها .
بطاقات الصرف الشهري :
وهذه البطاقات تختلف عن البطاقات الائتمانية في أن السداد يتم بالكامل من قبل العميل للبنك خلال الشهر الذي يتم فيه السحب .
الطلب على النقود ( النظريات النقدية ) :
أولاً : النظرية الكمية للنقود لدي الاقتصاديون الكلاسيكيون :
تم عرض النظرية الكمية للنقود من خلال مدخلين هما مدخل المبادلات الكلية بصياغة ( فيشر ) ، ومدخل الأرصدة النقدية بصياغة مدرسة ( كمبريدج ).
المدخل الأول : مدخل المبادلات الكلية بصياغة فيشر :
ينص مدخل المبادلات الكلية بأن هناك علاقة إيجابية بين كمية النقد المتوفرة للتداول وبين مستوى الأسعار المحلي ، إذ يؤكد كذلك على أن التغيرات في عرض النقود ليست قادرة على تغيير المستويات الحقيقية للمتغيرات الاقتصادية الرئيسية كالإنتاج والدخل وسعر الفائدة ، مما يعني أن زيادة في الكمية المعروضة من النقود ينتج عنها ارتفاع في معدل الأسعار المحلية وبنسبة مساوية لنسبة النمو في عرض النقود مما يؤدي إلى تغير في القيمة الاسمية وليس الحقيقية للناتج القومي الاسمي .
يمكن القول أنه ليس بالإمكان الاعتماد على عرض النقود لتحفيز أو تغيير مسار الاقتصاد لأن ما يحدث للقيمة النقدية للنشاط الاقتصادي هو نتاج لتغيرات في مستوى الأسعار وليس في مستوى الإنتاج .
وسعياً لتوضيح هذا الموقف النظري اعتمد على معادلتين هي معادلة التبادل أو التعامل والمعادلة الدخلية للتبادل .
المعادلة الأولى : معادلة التبادل أو التعامل :
تصاغ هذه المعادلة ، على النحو التالي :
MV = PT
T × V = P × M
حيث أن :
M = كمية النقود المتوفرة خلال فترة محدودة .
V = سرعة دوران النقود من أجل إتمام المعاملات .
P = متوسط الأسعار الذي تمت على أساسه معاملات التبادل .
T = عدد المعاملات التي أنجزت في فترة ما ( تشمل سلعاً قد لا يتضمنها تعريف الناتج المحلي الإجمالي إلى أنه تم تبادلها مثل شراء السلع المستعملة ) .
ومن خلال هذه المعادلة يتبين لنا أن كمية النقد المتوفرة في الاقتصاد مضروبة في عدد مرات استخدام كل وحدة نقد خلال الفترة المعينة تساوي القيمة النقدية للتبادلات خلال فترة معينة .
المعادلة الثانية : المعادلة الدخلية للتبادل :
يمكن إعادة تعريف حجم النشاط الاقتصادي والتأكيد على السلع والخدمات النهائية التي أنتجت في فترة القياس ذاتها ، واستبعاد السلع والخدمات التي يستبعدها تعريف الناتج القومي أو الدخل القومي وذلك باستبدال T بالدخل القوميY لتصبح المعادلة:
MV = PY
Y × V = P × M
حيث أن :
Y = القيمة الحقيقية للدخل أو الناتج القومي .
P × Y = القيمة الإسمية للدخل أو الناتج القومي .
كما يبدو من المعادلة الدخلية للتبادل ، فإنه في حال ثبات سرعة دوران النقود ، يحدد عرض النقود إجمالي الإنفاق ومن ثم حجم النشاط الاقتصادي . في حين إذا اتسمت درجة دوران النقود بالتقلب ، فإنه لن يصبح من السهل على الجهات الحكومية المعنية كالبنك المركزي مثلاً ، تحديد مدى تأثير تغيرات في عرض النقود على الناتج القومي ، وهو ما يقلل من فاعلية ودقة السياسة النقدية .
وبناءً على ما سبق فإن هذا المدخل ينظر إلى أن الناتج الإجمالي الحقيقي Y ، لا يتغير في المدى الطويل لأن الموارد الاقتصادية محدودة ويتسم الاقتصاد بتوظيف تام للموارد مما يجعل مستوى الأسعار عرضة للتغيير نتيجة التغيرات التي تطرأ في كمية النقود في حين لا يتغير حجم الإنتاج في المدى القصير ، كما أنهم افترضوا ثبات V لأنها تعتمد على عوامل لا تتغير كثيراً مثل أنماط الإنفاق ، أساليب الدفع ، ثروة الفرد وأسعار الفائدة وغيرها .
المدخل الثاني : مدخل الأرصدة النقدية بصياغة مدرسة ( كمبيردج ):
رغم توافق رؤية اقتصاديي كمبيردج مع فيشر حول أهمية حجم المبادلات والتعامل كمحدد لكمية النقد الذي يحتفظ به الأفراد حاضراً لديهم ، نوه اقتصاديو جامعة كبيمردج إلى أهمية الثروة في تحديد هذه الكمية كذلك ، ويرى الاقتصاديون بشكل عام أن إفساح المجال أمام قرارات الجمهور للتأثر بالثروة ، اختلافاً بين الطرح الذي قدمه فيشر والذي جاء به اقتصاديو كمبريدج ، وهو ما خلص إلى تأثر الجمهور بحجم المعاملات من جانب وبالثروة وما يطرأ عليها من تغير من جانب آخر ، مع هذا فإنهم قبلوا بمعادلة فيشر لتحديد الطلب على النقود وهي :
Md = K × ( P × Y )
حيث أن :
K = 7/1 وهي لن تكون ثابتة في المدى القصير بل تتغير لأن العوائد التي يمكن أن يحصل عليها المرء من الأشكال المختلفة للثروة تتغير .
يبدو أن المدخل الحالي يترك للأفراد حرية اختيار كمية النقد التي يحتفظون بها من أجل الحفاظ على ثروتهم إلى جانب استخدام جزء من النقود من أجل إتمام معاملات التبادل .
وتأتي أهمية فهم معدل دوران النقود V من قدرته بالتأثير في مدى فاعلية السياسات التي تتبناها الحكومة للتأثير في حجم النشاط الاقتصادي .
فإذا افترضنا أن V ثابت فإن معادلة الطلب على النقود تبين أن عرض النقود أو الطلب على النقود يحدد الناتج المحلي الإجمالي ، من جانب آخر إذا كانت V متقلبة فإنه يصعب التنبؤ بقيمة الناتج المحلي الإجمالي حتى لو وجهت السياسات الحكومية قيمة M .
كما أنه إذا كانت V تتغير بنفس معدل التغير في M ولكن في اتجاه مضاد ، فستبقى قيمة الناتج المحلي الإجمالي بمعزل عن التغيرات في M ، وتصبح سياسة تغيير كمية النقود غير مجدية ، إنه في حال قدرة البنك المركزي على التنبؤ بقيمة V وعدم ارتباطها بشكل مباشر بقيمة M ، يصبح بمقدوره التأثير في حجم النشاط الاقتصادي PY .
ثانياً : نظرية الطلب على النقود لكينز :
لقد احتفظ كينز بنظرية النقود التقليدية باعتبارها طلباً للنقود بغرض المعاملات وهو جزء من الطلب الكلي على النقود في نظريته العامة ، وذكر ( كينز ) أن الطلب على النقود له ثلاث دوافع : المعاملات ، والاحتياط ، والمضاربة ، ويمثل كل من دافعي المعاملات والاحتياط وظيفة الوسيط في التبادل ودافع الأمان كمستودع مؤقت للقوة الشرائية عند ( فيشر ) ومدرسة كمبيردج ، وبذلك عالج ( كينز ) الطلب على النقود من خلال الدوافع المسببة لهذا الطلب في نموذج تضمن نظام مالي بسيط ضم:
النقود كأصل يمثل قيمة السيولة أو السيولة ذاتها ويدر عائد ضمني هو الشعور بالأمان والثقة في تنفيذ المعاملات والوفاء بالديون ومواجهة المتطلبات غير المتوقعة والطارئة للسيولة النقدية ، ولا يدر عائد نقدي .
السندات كأصل مالي طويل الأجل منخفض السيولة ويدر عائد فائدة نقدي .
ودوافع الاحتفاظ بالنقود من وجهة نظر جون كينز هي :
دافع المعاملات :
يقصد بدافع المعاملات أن الأفراد يطلبون نقوداً من أجل إتمام معاملات التبادل التي تعتمد على الدخل ، وأقر كينز من خلال هذا الدافع بالعلاقة الإيجابية بين هذا الجزء من الطلب على النقود وبين دخل الفرد ، فالمرء بحاجة للاحتفاظ بمبلغ من المال من أجل دفع فواتير مستحقة عليه ، أو من أجل شراء احتياجاته اليومية من المحلات التجارية ، وبالرغم من أن هذا الجزء من الطلب يفقد الفرد عائداً كان من الممكن تحقيقه لو أنه احتفظ بمثل هذا المبلغ في أصول تحقق عوائد ، فإن المرء مضطراً للتضحية بهذا إذا أراد إتمام تبادلات يتطلب القيام بها استخدام النقود .
دافع الاحتياط :
ويقصد بهذا الدافع أن الأفراد يحتفظون بكمية من النقود من أجل تفادي تقلبات قد تطرأ في دخولهم مما يعرض أنماط الاستهلاك المعتادة لديهم للتقلب ، كما أن هذه الكمية توفر متكأ يستخدم في الحالات الطارئة التي يكون المرء فيها بحاجة إلى نقود متوفرة لديه ، فعلى سبيل المثال يحتفظ الأفراد بالمبالغ لديهم بغرض قيامهم بشراء سلع لم يخططوا مسبقاً لشرائها أو من أجل تمكينهم من القيام بواجبهم تجاه ضيوف غير متوقعين ، وبما أن التزامات الأفراد وقدرتهم على الشراء مرتبطة بدخولهم فلقد رأى كينز أن هذا الجانب من الطلب على النقود يعتمد ايجابياً على الدخل .
دافع المضاربة :
ويقصد به أن الفرد يفاضل بين العوائد والتكاليف المترتبة نظير توظيف ثروته في بدائل عديدة ، وفي الصيغة الأصلية وضح كينز أن بإمكان الفرد أن يحتفظ بثروته على شكل نقود أو على شكل سندات ، كما أن اختيار الفرد للسندات سيعتمد على العائد المتوقع الذي قد يأخذ شكل الفائدة والتغير المتوقع في أسعار السندات أو التغير في قيمتها الرأسمالية ، والتغيرات في سعر الفائدة تؤدي إلى تغيرات في أسعار السندات إذ أن ارتفاعاً في سعر الفائدة يؤدي إلى تناقص في القيمة السوقية للسندات والعكس صحيح .
وبناءً على ما سبق إذا قارنا بين احتفاظ الفرد لسندات وبين احتفاظه بنقود فإنه في الفترات التي يرتفع فيها سعر الفائدة تنخفض فيها أسعار السندات مما يشجع الأفراد للاستثمار فيها توقعاً منهم بارتفاع أسعارها مستقبلاً ، وبما أن ثروة الفرد محدودة فإن طلبه على النقود يتناقص مفضلاً شراء السندات ، من جانب آخر تدفع التوقعات بارتفاع سعر الفائدة الأفراد لتفضيل النقود على السندات سعياً منهم لتفادي خسارة متوقعة في القيمة الرأسمالية للسندات ، أي أن العلاقة عكسية بين الطلب على النقود وسعر الفائدة .
إن في إبراز أهمية سعر الفائدة في الاستدلال على كمية النقد المطلوبة مما يميز النظرية الكينزية عن النظريات الكلاسيكية السابقة ويمكن وضع النظرية الكينزية للطلب على النقود في الدالة التالية :
Md/P = F ( R , Y )
إذ أن الطلب الحقيقي على النقود Md/P ، يعتمد إيجابياً على الدخل الحقيقي Y ، وعكسياً على سعر الفائدة الاسمي R ، ويعود استخدام الفائدة الاسمي وليس الحقيقي لأنه يمثل العائد الفعلي على النقود . ويتضمن التغيرات المتوقعة في الأسعار عند حلول الأجل الذي يتحقق عنده العائد ، كما أن هذه الدالة تمثل الطلب الحقيقي وليس الطلب الاسمي على النقود ، والهدف من التمييز بينهما هو التأكيد على غياب ( وهم النقد ) أي أن الأفراد يهتمون بالقيم الحقيقية للمتغيرات وليست قيمتها الاسمية.
لقد أفصح كينز عن احتمال أن يصل سعر الفائدة إلى مستوى منخفض تعجز عنده زيادة في عرض النقود عن تخفيضه إلى مستوى أدنى من ذلك وهذا ما أطلق عليه ( بمصيدة السيولة ) ، فنظراً لاعتقاد الجمهور أن سعر الفائدة الحالي أقل من مستواه الطبيعي فإنهم سوف يحتفظون بالنقود الإضافية التي وصلت إليهم نتيجة زيادة عرض النقود على شكل نقد ، بل إنهم سوف يقومون ببيع السندات والأصول الأخرى التي تعود عليهم بفوائد منخفضة لتوقعهم بانخفاض أسعارها ، إذ أن تناقص العوائد عليها وصل إلى حد جعل المنفعة من النقود تفوق تلك العوائد .
في الفترة الحالية لم تعد المدرسة الكينزية الحديثة تميز الطلب على النقود مثل ذلك التمييز الذي اقترحه كينز ، فلقد أصبح أتباعها ينظرون إلى الطلب على النقود أنه يعتمد على سعر الفائدة والدخل ، ويأخذ المرء تكلفة الفرصة البديلة في الاعتبار حتى عندما يستخدم النقود كأداة للتبادل أو متكأ للحيطة ، ولا يعتقدون أن الاقتصاديات الحديثة تدع مجالاً لمصيدة السيولة .
وقد وسع الاقتصاديان ( بومال ) و ( توبين ) نظرية كينز وأوضحوا أن الطلب على النقود بدافع المعاملات والطوارئ حساس أيضاً للتغيرات في معدل الفائدة وأن هناك علاقة عكسية بينهم ، فكلما كان معدل الفائدة مرتفع وأكبر من التكلفة المصاحبة لشراء السندات يكون المبلغ الموجه بشراء السندات كبير .
وكان هدفهم من إيجاد هذه العلاقة هو تخفيض تكلفة بقاء النقود بشكل سائل لغرض المعاملات والطوارئ من أجل الحصول على أعلى عائد ممكن .
ثالثاً : النظرية الكمية الحديثة للنقود ( النظرية النقدية ) :
قام الاقتصادي الشهير ( ملتون فريدمان ) بإعادة صياغة نظرية الكمية في الطلب على النقود ، وقد تناول فريدمان الطلب على النقود كأصل في حفاظة الثروة الفردية لدى أفراد القطاع العائلي باعتبارهم الحائزين النهائيين لهذه الثروة ، وكأصل في حافظة رأس المال لدى أفراد ومؤسسات القطاع الإنتاجي ، ومهد فريدمان لطرح نظريته في الطلب على النقود بالتساؤل عن سبب احتفاظ الأفراد والمؤسسات بالنقود ، وكانت إجابته احتفاظ الأفراد بالنقود باعتبارها أصل السيولة الذي يؤدي الوظائف التقليدية للنقود ، واحتفاظ مؤسسات الإنتاج بالنقود كأحد أشكال رأس المال المستخدم في العملية الإنتاجية ، وشملت دالة الطلب على النقود أهم العوامل المفسرة لسلوك الطلب على النقود كأصل في حفاظة الثروة وفي حافظة رأس ، وقد اتخذت دالة الطلب على النقود بصياغة ( ملتون فريدمان ) الشكل والعلاقات التالية :
Md/P = f ( yp+ , rb+ , rs+ , rm+ , pe+ , …..)
حيث أن :
Md/p = الطلب الحقيقي على النقود .
yp = الدخل الدائم وهو القيمة الحالية المخصومة لتدفقات الدخل المتوقعة لفترة طويلة في المستقبل .
rb = العائد المتوقع من السندات .
rs = العائد المتوقع من الأسهم .
rm = العائد المتوقع من النقود
pe = معدل التضخم المتوقع ( وهو بمثابة ضريبة على الاحتفاظ بالنقود ).
لقد أكد فريدمان أن للفرد حرية في اختيار البديل الذي يحتفظ فيه بثروته ، إذ أن طلبه على النقد يأخذ العوائد من مختلف البدائل في الاعتبار ، فهناك العائد من احتفاظ المرء بالنقود rm ، والعائد من السندات rb ، والعائد من الأسهم rs ، والمفاضلة بين الاحتفاظ بنقد أو بدائل أخرى تعتمد على الفروقات بين العوائد على هذه البدائل والعائد مع الاحتفاظ بالنقد ، فإذا ارتفعت العوائد على السندات والأسهم والأصول الأخرى مقارنة بالعائد من الاحتفاظ بالنقود فإن المرء يفضل البدائل على الاحتفاظ بالنقود مما يقلل من طلبة على النقد ، ويلاحظ من المعادلة أن هناك علاقة عكسية تؤكدها إشارة السالب أعلى العائد على السندات والعائد على الأسهم، والإشارة الموجبة أعلى العائد على النقود ، بين هذه العوائد والطلب على النقود ، فإذا ارتفع العائد على السندات rb فإن المرء يفضل توظيف المزيد من نقوده في السندات ومن ثم يقلل مما يحتفظ به من النقد ، أما بالنسبة للعائد من الاحتفاظ بالنقد rm فإنه يعكس المنافع والخدمات التي يحصل عليها المرء من احتفاظه بالنقد حاضراً لديه أو في حساباته الجارية ، ويعكس pe نسبة التغير في أسعار السلع وهو بمثابة نسبة التضخم الذي تمثل ضريبة على الاحتفاظ بالنقود ، فإذا توقع المرء ارتفاع مستوى الأسعار في المستقبل ومن ثم تناقص القوة الشرائية للنقود ، فإنه سيباشر بإنفاقها واقتناء سلعاً بدلاً عنها وهذا يعني تناقص الطلب على النقود ومن ثم زيادة معدل دورانه .
أخيراً ، الاختلاف بين نظرية كينز ونظرية فريدمان :
فريدمان يرى أن الطلب على النقود لا يعتمد إلا على الدخل الدائم ، في حين أن كينز استخدم الدخل الحالي .
أن فريدمان لايرى دوراً لسعر الفائدة للتأثير في الطلب على النقود ، وهو ما افترضه فيشر في نظريته الكلاسيكية ، أما كينز فإنه أضاف سعر الفائدة كأهم محدد للطلب على النقود من خلال دافع المضاربة .
ترى النظرية الكنزية أن درجة دوران النقود ليست ثابتة بل أنها تتغير طبقاً للتغيرات في سعر الفائدة ، أما النظرية النقدية فترى في استقرار الطلب على النقود استقراراً في درجة دوران النقود ، ويترتب على استقرار درجة دوران النقود أن التغيرات في عرض النقود هي التي تحدد حجم النشاط الاقتصادي.
رأى كينز أن التقلبات في سعر الفائدة تؤدي إلى تقلبات في الطلب على النقود من أجل المضاربة ومن ثم في دالة الطلب على النقود . من جانب آخر يلعب سعر الفائدة دور في دالة الطلب على النقود التي اقترحها فريدمان .
ينوه فريدمان بأهمية أن تتسم السياسة الحكومية ( نقدية ومالية ) بالاستقرار ، في حين أن كينز يرى أنها مطالبة بالتصدي للتقلبات في جانب الطلب على النقود بغية إبطال عواقبه السلبية على الاقتصاد.
النظم النقدية :
مفهوم النظام النقدي :
يعرف النظام النقدي بأنه مجموعة القواعد التي تتضمن تعيين وحدة التحاسب النقدية وتلك التي تضبط إصدار وسحب النقد الأساسي أو الانتهائي من التداول .
خصائص النظام النقدي :
النظام النقدي هو نظام اجتماعي : النظم النقدية هي أدوات اقتصادية تتخذ لتسهيل الإنتاج وتبادل المنتجات وهي تعكس بالضرورة وضع الاقتصاد الذي وجدت لخدمته ، بل هي لاتسير إلا وفقاً له ، فالنظام النقدي في النظام الرأسمالي يختلف عن مثله في النظام الاشتراكي وفي المجتمع الإسلامي .
النظام النقدي هو نظام تاريخي : أي يتطور ويتغير حسب تطور وتغير النظام الاقتصادي والاجتماعي الذي ينتمي إليه النظام التقدمي .
أولاً : قاعدة النقد السلعية ( النظام المعدني ) :
إن قاعدة النقد السلعية هي ذلك النظام الذي يحدد في ظله القانون النقدي سعراً ثابتاً مقاساً بوحدة التحاسب النقدية للوحدة من هذه السلعة أو من كل تلك السلع التي يقع الاختيار عليها قاعدة النقد .
(1) نظام المعدن الواحد :
لقد تمثلت قاعدة النقد السلعية ذات المعدن الواحد في عدة أشكال حسب تطورها التاريخي وهي كالتالي:
نظام المسكوكات الذهبية : يمثل هذا النظام الشكل الأول لقاعدة الذهب حيث تداولت في ظله المسكوكات الذهبية إما بمفردها أو جانبها أوراق نقد نائبة أو تداولت إلى جانبها نقوداً اختيارية ولكن في جميع الحالات كانت المسكوكات هي النقد الأساسي والنهائي ، ولكي يتحقق تشغيل هذا النظام يقتضي الأمر توافر شروط معينة نذكرها فيما يلي :
تعيين نسبة ثابتة من وحدة النقد المستخدمة وكمية معينة من الذهب ذات وزن معين وعيار معين .
وجوب توافر حرية كاملة لسك الذهب بدون مقابل أو بتكلفة طفيفة لكل من يطلب تحويل السبائك الذهبية إلى مسكوكات ( حرية السك ) .
وجوب توافر حرية كاملة لصهر المسكوكات الذهبية ( حرية الصهر) .
وجوب توافر حرية كاملة لتحويل العملات الأخرى المتداولة إلى النقود الذهبية بالسعر القانوني الثابت للذهب .
وجوب توافر حرية لاستيراد وتصدير الذهب .
مزايا نظام المسكوكات الذهبية :
يسمح بتداول النقود الأخرى إلى جانب المسكوكات الذهبية مما يؤدي إلى توسع حجم الكتلة النقدية المتداولة .
نظام عالمي نظراً لأنه شمل كل دول العالم ولفترة طويلة .
إلزامية بتساوي القيمة الشرائية للنقود وللذهب .
عيوب نظام المسكوكات الذهبية :
إن تطور هذا النظام يعني اتجاهه نحو احتكار الذهب والسيطرة على السوق وذلك لأن هذا النظام يعني وحدة السوق العالمية .
لم يتوسع إنتاج الذهب أمام توسع إنتاجية السلع والخدمات مما أدى إلى ارتفاع الأسعار .
ب – نظام السبائك الذهبية :
أدى تزايد حاجات أفراد المجتمع إلى زيادة طلبهم على النقود في صورة مسكوكات ذهبية ، مما دفع بالبنوك إلى إصدار نقود بغطاء نسبي .
مع قدوم الحرب العالمية الأولى ارتفعت نفقات شراء الأسلحة وتمويل الحرب مما حث إنجلترا وفرنسا وإيطاليا وأمريكا إلى عقد مؤتمر في ( جنوا ) ليتوصلوا إلى نتائج من أهمها :
إلغاء نظام المسكوكات الذهبية وتبني نظام السبائك الذهبية بداية من عام 1925 .
وضع شروط لعملية سك وصهر العملة .
وضع شروط على عملية تحويل النقود الورقية إلى ذهب .
أوجه الاختلاف بين نظام السبائك ونظام المسكوكات :
في ظل السبائك لا تتداول المسكوكات الذهبية بل تسحب من التداول ولكن تستمر السلطات النقدية في شراء كل ما يعرض عليها من سبائك الذهب بسعر ثابت حتى تحول دون ارتفاع القيمة النقدية للذهب عن قيمته السوقية ، ولكن في هذه الحالة تحتفظ البنوك المركزية بالذهب في خزائنها وتدفع للبائعين قيمة مشترياتهم منه عن طريق إصدار نقود ورقية أو بفتح حسابات جارية لهم حسب رغباتهم .
لم تعد هناك حرية كاملة لتحويل أنواع النقود الأخرى المتداولة إلى ذهب بل قيدت هذه الحرية ووضع لها شروط .
إن تطبيق هذا النظام كان مفيداً لأنه ساعد على تركيز الاحتياطي الذهبي في أيدي البنوك المركزية والحكومات مما أتاح فرصة لإدخال نوع من الإدارة النقدية في ظل هذا النظام إلى جانب ممارسة قدر من الرقابة على حركات الذهب .
ج – نظام الصرف بالذهب :
إن الوحدة النقدية في ظل هذا النظام لبلد ما لا تتحدد مباشرة على أساس الذهب ، بل يكون ارتباطها به ارتباطاً غير مباشر وذلك كأن ترتبط الوحدة النقدية بنسبة ثابتة مع الوحدة النقدية لعملة بلد آخر يسير على نظام الذهب .
من الناحية التاريخية كان نظام الصرف بالذهب في البلاد التي اتبعته وليد للعلاقات التجارية التي قامت بين دولة صغرى تربطها بدولة كبرى تسير على نظام الذهب علاقة التبعية السياسية والاقتصادية كما كان الحال بالنسبة للهند ومصر في علاقتهما بإنجلترا .
مزايا نظام الصرف بالذهب :
مكن هذا النظام البلد الذي اتبعته من التمتع بمزايا نظام الذهب دون ضرورة الاحتفاظ باحتياطي من الذهب يرتبط مباشرة بالنقد المتداول ، ولكن ذلك يحتم على هذا البلد التابع أن يحتفظ بجزء كبير من احتياطاته الأجنبية على صورة نقد أو صورة أذونات وسندات تصدرها خزانة الدولة المتبوعة .
قيام البلد المطبق لهذا النظام باستثمار جانب كبير من احتياطياتها الذهبية في مشروعات استثمارية.
تثبيت أسعار العملات الصغيرة مما ينعكس في وجود سعر صرف ثابت بين عملة البلد التابع والبلد المتبوع .
تبقى عملة البلد التابع دائماً قوية .
ربح تكاليف تخزين الذهب وحراسته وصهره .
عيوب نظام الصرف بالذهب :
يؤدي إلى خلق تبعية نقدية للبلد التي تقوم باتباع هذا النظام الأمر الذي يؤدي إلى حدوث تبعية سياسية واقتصادية .
قد تتعرض الدولة المتبوعة لأزمات فينعكس ذلك على الدولة التابعة .
المساس بسيادة البلد التابع حيث يصبح مرتبطاً بالبلد المتبوع اقتصادياً وسياسياً.
وأخيراً يوجد لنظام المعدن الواحد العديد من المزايا والعيوب التي من أهمها ما يلي :
مزايا نظام المعدن الواحد :
يقود إلى استقرار مستويات الأسعار العالمية على الأجل الطويل والذي يؤدي إلى اتساع وتطور التجارة الدولية واتساع حركة حرية انتقال رؤوس الأموال .
ضمنياً يؤمن هذا النظام ضد مخاطر الأزمات الاقتصادية لأن نظام المدفوعات الدولية يضمن كفاءة توزيع الموارد الاقتصادية مما يجعل التأثير خلال الفترات الزمنية القصيرة قليلاً .
يؤدي هذا النظام عمله دون الحاجة إلى تدخل الحكومات التي يقتصر دورها فقط على المتابعة وعلى تطبيق القانون .
عيوب نظام المعدن الواحد :
وجود بعض الأخطاء التي يمكن أن يرتكبها المسئولون عن إدارة نظام نقدي مستقل عن الذهب أقل بكثير من الأضرار التي تصيب النشاط الاقتصادي المحلي الناتجة عن ارتباطه بنظام الذهب الدولي.
أثبتت الحقائق العلمية والواقعية أن هذا النظام لا يحقق الاستقرار في الأسعار لأن إنتاج الذهب لا يتمتع بالمرونة التي تجعل عرضه يتجاوب تلقائياً مع الطلب عليه .
تحقيق الاستقرار في أسعار الصرف يقتصر على الدول المتقدمة ، أما الدول النامية فتعرضت إلى تقلبات كبيرة خلال فترة تشغيل نظام الذهب .
( 2 ) نظام المعدنين :
هو ذلك النظام الذي تحددت في ظله قيمة الوحدة النقدية بالنسبة لمعدنين هما الذهب والفضة ، وحيث أن الشروط الواجب توافرها للمحافظة على علاقة ثابتة بين قيمة الوحدة النقدية وبين قيمة كل من المعدنين هي نفس الشروط التي ذكرناها بخصوص نظام المعدن الواحد .
ولابد من الإشارة إلى أن العامل الأساسي في استقرار تداول المعدنين معاً هو استمرار تعادل النسبة بين قيمتهما السوقية والنسبة بين قيمتهما القانونية ، أما إذا اختلفت هاتان النسبتان فإن المعدن الذي يرتفع قيمته السوقية عن قيمته القانونية يميل إلى الاختفاء من التداول ويحل محلة المعدن الرخيص بدلاً منه وبلغة قانون جريشم : النقد الرخيص يطرد النقد الجيد من التداول .
إن ارتفاع القيمة السوقية للذهب عن قيمته القانونية سوف يغري الجمهور بصهر الوحدات الذهبية وبيعها سبائك بالسعر السوقي المرتفع وتحقيق ربح من هذه العملية ، وهنا يقول منتقدي نظام المعدنين أن الأمر ينتهي باختفاء المعدن الجيد أو المعدن ذات القيمة السوقية المرتفعة من التداول وبذلك يتحول نظام المعدنين إلى نظام المعدن الواحد ، حيث أن نظام المعدنين لم يستمر في الحياة العملية لأن البلاد التي اتبعته حددت نسباً مختلفة للمعدنين .
ولكن مما يحسب لهذا النظام بأن استخدام معدن الفضة إلى جانب معدن الذهب في القاعدة النقدية يزيد من حجم القاعدة ويترتب على ذلك أن يصبح العرض الكلي للنقود أكبر في ظل هذا النظام منه في حالة نظام المعدن الواحد ومن ثم تتمكن السلطات النقدية من مقابلة حاجات الجمهور إلى النقد في يسر وسهولة، كما أن استخدام معدنين في القاعدة النقدية بدلاً من معدن واحد يدخل شيئاً من المرونة في النظام النقدي ومن ثم تميل القوة الشرائية للوحدة النقدية أو مستوى الأسعار إلى التمتع بدرجة من الثبات النسبي أكبر مما يتوافر في ظل نظام المعدن الواحد .
ثانياً : قاعدة النقد الائتمانية ( نظام النقد الورقي الإلزامي ) :
تعرف القاعدة الائتمانية للنقد بأنها نظام لا تعرف في ظله وحدة التحاسب النقدية بالنسبة لسلعة معينة ولكن من الوجهة الفعلية تعرف بنفسها ، وبالتالي لا يصبح النقد الإنتهائي أو الأساسي سلعة ذات قيمة تجارية .
ففي ظل القاعدة الائتمانية للنقد أصبح النقد الورقي الاختياري نقداً إلزامياً أي غير قابل للتحويل إلى ذهب أو إلى أي معدن آخر ، وبالتالي أخذ مكان النقد السلعي وأصبح نقداً انتهائياً أو أساسياً تعرف وحدة التحاسب النقدية بالنسبة له ، وأصبحت نقود الودائع النوع الوحيد للنقد الاختياري المتداول .
إن النقد الورقي الانتهائي يستمد كيانه من القانون المحلي ويتداول في داخل الحدود السياسية للدولة التي تصدره ، وتغدو القيمة الخارجية للوحدة من هذا النقد تتحدد في أسواق الصرف الحرة بالعوامل التي تحكم عرضه والطلب عليه ، ولم يعد هناك حدوداً عليا ودنيا لأسعار الصرف كما هو الحال بالنسبة لحدي تصدير واستيراد الذهب .
كما وأصبح النقد الورقي نقداً مداراً تتولى السلطات النقدية ( البنك المركزي والخزانة) مسؤولية تحديد معدل تغيره في وقت معين مسترشدة في تحديدها لمعدل تغيره بأهداف اقتصادية معينة تستهدف المساهمة في تحقيقها وعليه يتحقق الربط بين التغير في العرض النقدي والنشاط الاقتصادي .
خصائص نظام النقد الورقي الإلزامي :
يقع هذا النظام في أرقى سلم التطور النقدي مما يجعله فعال في مواجهة الأزمات النقدية الخاصة .
أنه نظام غير مقيد يرتبط الإصدار النقدي فيه إلى حاجة الدولة الاقتصادية للنقود ولا يرتبط بحجم ما تملكه الدولة من ذهب أو معادن نفيسة .
إلزامية التعامل بالأوراق النقدية .
مركزية إصدار النقد القانوني لدى سلطة وحيدة هي البنك المركزي .
الورقة النقدية لا قيمة لها وإنما تستمد قيمتها من قوة القانون .
القوة الشرائية للنقود الورقية غير ثابتة طالما بإمكان الحكومة إصدار الكمية المطلوبة منها عند الضرورة .
النقود الورقية تتمتع بقدرة المرونة على مقابلة الاحتياجات والمعاملات .
أنه نظام محلي بطبيعته وهو نظام مدار يسمح بالربط بين معدل التغير في الإصدار النقدي وبين معدل التغير في مستوى النشاط الاقتصادي .
سوقية المعاملات الداخلية تتم بنقود ورقية وتتسم بالقبول العام وثقة الأفراد ، ويطبع عليها القانون قوة إبراء غير محدودة للوفاء بالالتزامات أو الديون ، أما المعاملات الخارجية فالدولة هي التي تقوم بتحديد أسعار الصرف الخارجي وذلك لتحويل العملة الوطنية إلى عملات أجنبية بسعر صرف ثابت وقابل للتحويل إلى ذهب .
الائتمان :
يعرف الائتمان بأنه : الثقة التي يوليها البنك لشخص ما سواء أكان طبيعياً أم معنوياً ، بأن يمنحه مبلغاً من المال لاستخدامه في غرض محدد ، خلال فترة زمنية متفق عليها وبشروط معينة مقابل عائد مادي متفق عليه ، وبضمانات تمكن البنك من استرداد قرضه في حال توقف العميل عن السداد .
وتعرف القروض البنكية بأنها تلك الخدمات المقدمة للعملاء التي يتم بمقتضاها تزويد الأفراد والمؤسسات والمنشآت في المجتمع بالأموال اللازمة على أن يتعهد المدين بسداد تلك الأموال وفوائدها والعمولات المستحقة عليها والمصاريف دفعة واحدة أو على أقساط في تواريخ محددة ، ويتم تدعيم هذه العلاقة بتقديم مجموعة من الضمانات التي تكفل للبنك استرداد أمواله في حال توقف العميل عن السداد بدون أية خسائر ، وينطوي هذا المعنى على ما يسمى بالتسهيلات الائتمانية ويحتوي على مفهوم الائتمان والسلفيات .
عناصر الائتمان :
الائتمان يجب أن يتوافر فيه أربعة عناصر على الأقل لكي يعتبر ائتمان وهي :
علاقة مديونية : وجود دائن ( مانح الائتمان ) ووجود مدين ( متلقي الائتمان ) وتوافر الثقة بينهما .
وجود دين : وجود المبلغ النقدي الذي أعطاه الدائن للمدين حيث يتعين على المدين أن يقوم برده للدائن ، وهنا يظهر الارتباط بين الائتمان والنقود .
الأجل الزمني : الفارق الزمني هو العنصر الجوهري الذي يفرق بين المعاملات الفورية والمعاملات الائتمانية .
المخاطرة : وهي سبب حصول الدائن على دينه مضافاً إليه الفائدة نتيجة انتظاره على المدين ناهيك عن احتمال عدم دفع الدين .
أسس منح الائتمان :
يجب أن يتم منح الائتمان استناداً إلى قواعد وأسس مستقرة متعارف عليها وهي :
توفر الأمان لأموال البنك : وذلك يعني اطمئنان البنك إلى أن المنشأة التي تحصل على الائتمان سوف تتمكن من سداد القروض الممنوحة لها مع فوائدها في المواعيد المحددة لذلك .
تحقيق الربح : والمقصود بذلك حصول البنك على فوائد من القروض التي يمنحها تمكنه من دفع الفوائد على الودائع ومواجهة مصاريفه المختلفة ، وتحقيق عائد على رأس المال المستثمر على شكل أرباح صافية .
السيولة : أي توفر قدر كاف من الأموال السائلة لدى البنك لمقابلة طلبات السحب دون أي تأخير ، وهدف السيولة دقيق لأنه يستلزم الموازنة بين توفير قدر مناسب من السيولة للبنك وهو أمر قد يتعارض مع هدف تحقيق الربحية ، ويبقى على إدارة البنك الناجحة مهمة المواءمة بين هدفي الربحية والسيولة.
صور الائتمان :
تتعدد صور الائتمان وأنواعه وفقاً لعدة معايير يمكن تلخيصها على الشكل التالي :
معيار شخصية متلقي الائتمان : يمكن التفريق بين نوعين من الشخصيات التي يمكن أن تكون خاصة أو عامة ، فالائتمان يكون خاصاً في حالة ما إذا كان الذي يعقد الائتمان هو أحد الأشخاص الطبيعيين أو الاعتباريين ( كالشركات والمؤسسات الخاصة ) وقد يكون الائتمان عاماً إذا كان الذي يعقد الائتمان أحد الأشخاص العامة كالدولة أو المحافظات أو أي من وحدات الحكم المحلي المختلفة.
معيار أجل الائتمان : ينقسم إلى :
ائتمان قصير الأجل : إذا كان أجل أو مدة الائتمان تقل عن عام ويكون هدفه الأساسي تمويل العمليات الجارية .
ائتمان متوسط الأجل : ويركز هذا النوع من الائتمان على إشباع حاجة الأفراد لتمويل حصولهم على بعض السلع الاستهلاكية المعمرة وأيضاً تمويل بعض العمليات الرأسمالية مثل حصولهم على بعض العدد والآلات .
ائتمان طويل الأجل : يعتبر الائتمان طويل الأجل إذا كان فترة انتهاء أجله تزيد عن خمسة أعوام ، ومن أمثلته القروض التي تلجأ إليها المشروعات لتمويل احتياجاتها من رؤوس الأموال الثابتة .
معيار الغرض من الائتمان : وينقسم إلى عدة أنواع هي :
الائتمان الاستهلاكي : غالباً يكون متوسط الأجل ويأخذ شكل البيع بالتقسيط .
الائتمان التجاري : ويكون عادة قصير الأجل وتلجأ إليه المشروعات عادة بغرض تمويل جزء من رأسمالها العامل أو الجاري .
الائتمان الإنتاجي أو الاستثماري : وهو طويل الأجل بغرض تمويل رأس المال الثابت كالمباني والأراضي والآلات ، والأداة المناسبة للحصول على مثل هذا الائتمان هي السندات .
معيار ضمان الدين :
طبقاً لهذا المعيار إذا تم الائتمان دون أن يقدم المدين أي نوع من الضمانات العينية إلى مانح الائتمان مكتفياً فقط بالوعد الذي أخذه على عاتقة بإبراء ذمته في الأجل المحدد ، ووثق الدائن في ذلك مستنداً إلى شخصية المدين مثلاً حسن سمعته يكون الائتمان شخصياً ، أما إذا اشترط الدائن أن يقدم المدين ضماناً عينياً لتسديد دينه يكون الائتمان عينياً ، وعادة ما يشترط أن تكون قيمة الضمان أكبر من قيمة القرض ، والفرق بين القيمتين يسمى بهامش الضمان ، وتختلف قيمة هذا الهامش باختلاف نوع الضمان ونوع القرض وطبيعة الظروف المحيطة به .
ويمكننا أن نعرض لعدة صور من الائتمان العيني كالتالي :
القروض بضمان البضائع : ويشترط أن تكون البضائع قابلة للتخزين والتأمين عليها .
القروض بضمان أوراق مالية : وهنا يودع المدين طرف البنك أوراقاً مالية كضمان للمدين .
القروض بتأمين الكمبيالات : وهنا يقدم المدين كمبيالات مسحوبة لأمره من أشخاص آخرين معروفين للبنك وتكون الكمبيالات مظهرة للبنك .
القروض بضمانات متنوعة : هناك أنواع مختلفة من القروض تندرج تحت هذا النوع مثل السلف بضمان المرتبات ، كذلك من أنواع القروض اعتمادات المقاولين حيث يتفق أحد المقاولين مع أحد البنوك بفتح اعتماد كنسبة من قيمة عملية حكومية مثالاً مقابل التنازل للبنك عن المستخلصات التي يحصل عليها ، أما اعتمادات التصدير والاستيراد فيقوم العميل بفتح اعتماد مستندي لصالح المصدر ويقوم البنك بمنحه الائتمان اللازم مقابل التنازل عن بوالص الشحن ثم يقوم بالإفراج عن السلع المستوردة .
وظائف الائتمان :
يساعد الائتمان النقود القانونية في استحداث قدر من وسائل الدفع يتناسب حجماً ونوعاً مع متطلبات الحياة الاقتصادية للمجتمع .
يلعب الائتمان دوراً كبيراً في زيادة كفاءة عملية تخصيص الموارد الإنتاجية سواء في مجال الاستهلاك أو في مجال الإنتاج .
يلعب الائتمان دوراً كبيراً في تحديد مستوى الدخل القومي النقدي ، حيث أنه من المتوقع أن تكون هناك علاقة طردية بين معدل خلق الائتمان ومستوى الدخل القومي ، فنتوقع أن يرتفع مستوى الدخل القومي كلما زاد معدل خلق الائتمان والعكس صحيح .
أدوات الائتمان :
تعتبر الأوراق التجارية أدوات الائتمان قصيرة الأجل ، بينما تعد الأوراق المالية أدوات الائتمان طويل الأجل ، ومن الجدير بالذكر أن النقود الورقية ذاتها تعد من أدوات الائتمان ، ويمكننا توضيح هذه الأدوات كالتالي :
الأوراق التجارية : وهي تمثل أدوات الائتمان قصيرة الأجل وتتميز بسرعة تداولها وعدم وجود قيود قانونية كثيرة عليها حيث يلعب العرف دوراً في إضفاء الثقة عليها ومن أهمها :
الكمبيالة .
السند الأذني .
الشيك .
أذونات الخزانة .
الأوراق المالية : وهي أدوات الائتمان طويل الأجل ومن أهمها :
الأسهم .
السندات .
النقود الورقية .
معايير منح الائتمان :
يعتبر نموذج المعايير الائتمانية المعروفة 5c’s أبرز منظومة ائتمانية لدى محللي ومانحي الائتمان على مستوى العالم عند منح القروض التي طبقاً لها يقوم البنك كمانح ائتمان بدراسة تلك الجوانب لدى عميله المقترح كمقترض أو كعميل ائتمان وفيما يلي استعراض لهذه المعايير :
الشخصية :
تعد شخصية العميل الركيزة الأساسية الأولى في القرار الائتماني وهي الركيزة الأكثر تأثيراً في المخاطر التي تتعرض لها البنوك ، وبالتالي فإن أهم مسعى عند إجراء التحليل الائتماني هو تحديد شخصية العميل بدقة ، فكلما كان العميل يتمتع بشخصية أمينة ونزيهة وسمعة طيبة في الأوساط المالية ، وملتزماً بكافة تعهداته وحريصاً على الوفاء بالتزاماته كان أقدر على اقناع البنك بمنحة الائتمان المطلوب والحصول على دعم البنك له .
القدرة :
ويقصد بها قدرة العميل على تحقيق الدخل وبالتالي قدرته على سداد القرض والالتزام بدفع الفوائد والمصروفات والعمولات ، وعليه لا بد للبنك عند دراسة هذا المعيار من التعرف على الخبرة الماضية للعميل المقترض وتفاصيل مركزه المالي وتعاملاته البنكية السابقة سواء مع نفس البنك أو أية بنوك أخرى .
رأس المال :
يعتبر رأس مال العميل هو ملاءة العميل المقترض وقدرة حقوق ملكيته على تغطية القرض الممنوح له ، فهو بمثابة الضمان الإضافي في حال فشل العميل في التسديد ، وتشير الدراسات المتخصصة في التحليل الائتماني إلى أن قدرة العميل على سداد التزاماته بشكل عام تعتمد في الجزء الأكبر منها على قيمة رأس المال الذي يملكه ، إذ كلما كان رأس المال كبيراً انخفضت المخاطر الائتمانية ، ويرتبط هذا العنصر بمصادر التمويل الذاتية أو الداخلية للمنشأة والتي تشمل كل من رأس المال المستثمر والاحيتاطيات المكونة والأرباح المحتجزة .
الضمان :
يقصد به مجموعة الأصول التي يضعها العميل تحت تصرف البنك كضمان مقابل الحصول على القرض ، ولا يجوز للعميل التصرف في الأصل المرهون ، فهذا الأصل سيصبح من حق البنك في حال عدم قدرة العميل على السداد ، وقد يكون الضمان شخصاً ذا كفاءة مالية وسمعة مؤهلة لكي تعتمد علية إدارة الائتمان في ضمان تسديد الائتمان ، كما يمكن أن يكون الضمان مملوكاً لشخص آخر وافق أن يكون ضامناً للعميل ، وأخيراً فإن الضمان بصفة عامة تفرضه مبررات موضوعية ومنطقية تعكسها دراسة طلب القرض ولا يمثل الأسبقية الأولى في اتخاذ القرار الائتماني .
الظروف المحيطة :
يجب على الباحث الائتماني أن يدرس معدل تأثير الظروف العامة والخاصة المحيطة بالعميل طالب الائتمان على النشاط أو المشروع المطلوب تمويله ، والظروف العامة هي المناخ الاقتصادي العام في المجتمع وكذلك الإطار التشريعي والقانوني الذي تعمل المنشأة في إطاره خاصة التشريعات النقدية والجمركية والتشريعات الخاصة بتنظيم أنشطة التجارة الخارجية استيراداً أو تصديراً ، أما الظروف الخاصة فهي ترتبط بالنشاط الخاص الذي يمارسه العميل مثل الحصة السوقية ، شكل المنافسة ، وموقع المشروع وغيرها .
النظام المالي والأسواق المالية ( أدوات سوق النقد وسوق رأس المال ) :
مفهوم النظام المالي :
يقصد بالنظام المالي الأسواق والأفراد ، والمؤسسات والقوانين والإجراءات التنظيمية والتقنيات التي يتم من خلالها تداول الأصول النقدية والمالية كأذون الخزانة والسندات والأسهم وغيرها ، ويكون دور النظام المالي محورياً في المجتمعات المعاصرة ، فهو يؤمن انتقال الموارد المالية الفائضة من المدخرين إلى المقترضين من أجل الاستثمار أو الاستهلاك ، وبمعنى آخر يجعل الأموال المعدة للاقراض والاقتراض متاحة ، ويقدم الوسائل والأدوات المالية التي تسهم في تعزيز التنمية الاقتصادية للبلد ، وبالتالي يرتفع مستوى المعيشة التي يتمتع بها مواطنيه .
يحدد النظام المالي كلاً من تكاليف الائتمان ومقدار توفر هذا الائتمان الذي يستخدم كوسيلة للدفع مقابل الآلاف من السلع والخدمات التي يتم تداولها يومياً ، ولتمويل الاستثمارات الجديدة ، كما تعكس التطورات في النظام المالي صحة الاقتصاد الوطني .
مفهوم السوق المالي ووظائفه :
يتمثل السوق المالي في المجال الذي يتم فيه الإلتقاء بين رغبات الوحدات الاقتصادية ذات الفائض المالي ، والوحدات الاقتصادية ذات العجز المالي من خلال وسطاء سوق المال ، أو ما يطلق عليهم الوسطاء الماليون ويتمثلون في البنوك وشركات التأمين وصناديق المعاشات .
يؤدي السوق المالي وظيفة هامة في النشاط الاقتصادي في أي مجتمع من المجتمعات ، تتمثل في تحويل الموارد المالية من الوحدات ذات الفائض المالي إلى الوحدات ذات العجز المالي بما يؤدي إلى زيادة مستوى النشاط الاقتصادي وزيادة كفاءته .
وعادة ما يتم نقل مدخرات ذات الفائض المالي إلى الوحدات ذات العجز المالي من خلال سوق المال بطريقتين :
التمويل المباشر : حيث تحصل الوحدات ذات العجز المالي على التمويل اللازم لها مباشرة من الوحدات ذات الفائض المالي ، وذلك من خلال قيام الوحدات ذات العجز المالي بإصدار حقوقاً مالية على نفسها في شكل أسهم وسندات وبيعها للوحدات ذات الفائض المالي ، وتمثل هذه الأصول المالية ديناً على الوحدات التي أصدرتها ومستحقة الدفع من دخلها في المستقبل ، كما تمثل هذه الأصول بالنسبة للوحدات التي اشترتها ، المقرضون حقوقاً على أصول ودخل المقترضين .
التمويل غير المباشر : حيث تقوم المؤسسات المالية بالحصول على الموارد المالية من الوحدات ذات الفائض مقابل إصدار أصول مالية على نفسها ، وبيعها للوحدات ذات الفائض ، وتسمى أصولاً مالية غير مباشرة مثل شهادات الادخار وشهادات الاستثمار ، ثم تقوم باقراض هذه الموارد المالية إلى الوحدات الاقتصادية ذات العجز المالي والتي تقوم بإصدار وبيع أصولاً مالية مباشرة للمؤسسات المالية .
المؤسسات المالية الوسيطة :
يسمي بعض المؤلفين هذه المؤسسات بعناصر أو مكونات السوق ويمكن إيجازها في التالي :
الوسطاء ( السماسرة ) : ويعرف الوسيط المالي بأنه الشخص المرخص بموجب قانون السوق المالي وأنظمته وتعليماته ، ويقوم بأعمال محددة تؤهله لممارسة الوسيط بين الجمهور المستثمرين والجهات المصدرة للأوراق المالية مقابل عمولة محددة يتقاضاها نظير الخدمات التي يقدمها ، ويكون الشخص الوسيط شخص طبيعي أو اعتباري وتشمل الوساطة المالية الأعمال التالية :
أ – الوساطة بالعمولة : حيث يقتصر عمل الوسيط شراء أو بيع الأوراق المالية لصالح العملاء مقابل عمولات محددة من قبل لجنة إدارة السوق .
ب – الوساطة بالبيع والشراء لصالح محفظته المالية / ويكون ذلك بترخيص خاص للوسيط ، ويعرف في هذه الحالة بأنه صانع الأسواق ، ويشبه دور صانعي الأسواق دور تجار الجملة في أسواق بيع السلع .
ج – الوساطة لتغطية إصدارات الأوراق المالية الجديدة : حيث يقوم الوسيط في هذه الحالة بمهمة تسويق الإصدارات الجديدة لصالح الشركة المصدرة مقابل عمولة محددة بموجب اتفاق بينهما يتعهد الوسيط بتغطية الإصدارات بشكل كامل أو جزئي.
المصارف التجارية : مؤسسات وسيطة تقوم باستقطاب الودائع وإعادة إقراضها مقابل فائدة تشكل المصدر الرئيسي لارباحها ويتمحور عملها في خلق الائتمان .
المصارف المتخصصة : مؤسسات وسيطة متخصصة تمارس نشاطاتها الاقتصادية بشكل رئيسي قي تمويل القطاعات الاقتصادية حسب نوع نشاطها ومعظم تسليفاتها ذات أجل طويل ودورها الأساسي تنموي .
مكاتب التمثيل للمصارف الخارجية : هي مؤسسات أو شركات أعمال تمثل بنكاً أجنبياً يرتكز نشاطها في السوق المحلية ومهمة المكتب تمثيل الشركات المصرفية الأم أمام السلطة النقدية المحلية .
صناديق التقاعد : وهي مؤسسات حكومية عادة تعني بشؤون استلام الأقساط التأمينية من العاملين وتسديد الرواتب التقاعدية .
مؤسسات وشركات التأمين : يعرف التأمين بأنه عمل يسعى إلى توزيع الخطر على أكبر عدد ممكن من الأفراد مقابل مبلغ بسيط من المال يسمى قسط التأمين يدفعه المؤمن له إلى الهيئات المتخصصة التي تقوم بتحمل نتائج الأخطار مقابل الأقساط التي تجمعها وذلك بأن تدفع تعويضاً عن الأضرار والخسائر التي تلحق بالمؤمن له ، ومن أهم أنواع التأمين ، التأمين على الحياة ، وضد الحريق ، وضد الحوادث ، والتأمين البحري ، والتأمين على رأس المال .
مؤسسات الضمان الاجتماعي : يمثل الضمان الاجتماعي التزام العامل ورب العمل في القيام بتسديد اشتراكات شهرية وفق القوانين والأنظمة المرعية إلى المؤسسات التي تقوم برعاية مصالح هؤلاء .
مؤسسات الادخار العقارية : مؤسسات مالية متخصصة في تمويل قطاع الإسكان والمرافق ، حيث أن هذا القطاع يحتاج إلى توفير أموال كبيرة معدة للتوظيف في الأجل الطويل .
صناديق التوفير أو الادخار البريدي : مؤسسات مالية تقوم بتنظيم عملية الادخار وتركز على أهمية الادخار الشعبي وتسعى إلى تنمية الوعي الادخاري لموظفين ذوي الدخل المحدود وتجميع المدخرات الاستثمارية بأفضل الطرق المتاحة لاسيما تمويل المشروعات الإنتاجية ومشروعات التنمية .
الصرافون : تشكل أعمال الصرافين رديفاً لأعمال المصارف وتشمل من حيث المبدأ العمليات المتعلقة بالذهب والعملات الأجنبية .
وظائف الأسواق المالية :
زيادة معدل نمو الاستثمار القومي .
تخصيص الموارد الاستثمارية أفضل تخصيص ممكن .
توفير درجة عالية من السيولة للمستثمرين .
المساهمة في تمويل مشروعات التنمية الاقتصادية والاجتماعية .
تقويم أداء الشركات والمشروعات الاستثمارية .
تقييم وتحديد أسعار الأوراق المالية .
إتاحة أوعية ادخارية متنوعة .
الحد من معدلات التضخم .
الاستفادة من التطورات المالية والاقتصادية العالمية .
إتاحة مؤشر للحالة الاقتصادية .
تنمية الوعي المالي والاستثماري .
تخفيض المخاطر التي تواجه المدخرين والمستثمرين .
هيكل الأسواق المالية :
يمكن النظر إلى الأسواق المالية من أكثر من زاوية ، وبالتالي تصنيفها وفقاً لأكثر من معيار حسب الهدف من تصنيف هذه الأسواق ، بناء على ذلك فسوف يتم النظر إلى أسواق الأوراق المالية من أربع زوايا هي طبيعة عمل السوق ، طريقة التداول ، درجة تنظيم السوق ، والمنتجات المالية المتداولة في السوق .
المعيار الأول : هو طبيعة عمل الأسواق :
وفقاً لهذا المعيار تقسم أسواق الأوراق المالية إلى نوعين من الأسواق هما السوق الأولية والسوق الثانوية ، إذ أن هذا المعيار يتناول الأسواق من حيث المعنى ومن حيث المكان في نفس الوقت .
أولاً : السوق الأولية :
هي السوق المالية التي يتم من خلالها إصدار الأوراق المالية كالأسهم والسندات وتباع للمشترين لأول مرة من قبل الشركات أو الوكالات الحكومية التي تحصل على النقود مقابلها ، أي أن هناك عملية اقتراض في حال إصدار السندات ، وزيادة رأس المال في حال الأسهم ، إن السوق الأولية للسندات عادة ما تكون غير معروفة للجمهور وذلك لأن عمليات البيع للمشترين الأوليين غالباً ما تتم في مكاتب مغلقة ، ومن أهم المؤسسات المالية الوسيطة التي تساعد في عمليات البيع الأولي للأوراق المالية في السوق الأولية هي مصارف الاستثمار .
ثانياً : السوق الثانوية :
هي السوق التي يتم تداول الأوراق المالية فيها شراء وبيعاً عبر السماسرة والوسطاء ولذلك يطلق عليها سوق التداول وهي السوق التي يتم فيها إعادة بيع الأوراق المالية التي سبق إصدارها وبالتالي تداولها ، ومن أبرز الأمثلة عليها بورصة نيويورك ، وناسداك في أمريكا ، وبورصة لندن .
عندما يقوم شخص ما بشراء أوراق مالية من السوق الثانوية فإن بائع هذه الأوراق يحصل على النقود في عملية المبادلة من المشتري ، ولكن الشركة التي أصدرت هذه الأوراق لا تحصل على أي نقود جديدة ، فأي شركة تحوز نقود جديدة فقط عندما تباع الأوراق المالية لأول مرة في السوق الأولية ، ومع ذلك فإن السوق الثانوية تقوم بأداء وظيفتين هامتين :
تجعل إعادة بيع الأدوات المالية من أجل الحصول على النقود أكثر يسراً ، بمعنى أن هذه الأدوات تجعل التعامل أكثر سيولة .
أنها تحدد أسعار الأدوات المالية التي تصدرها الشركات وتبيعها في السوق الأولية .
المعيار الثاني هو طريقة التداول :
أولاً : الأسواق الحاضرة :
وهي الأسواق التي يتم فيها تداول الأوراق المالية بصورة فورية بين البائعين والمشترين ، و تتم هذه الأسواق عمليات البيع والشراء آنياً أثناء انعقاد جلسة التداول.
ثانياً : الأسواق المستقبلية :
وهي الأسواق التي يتم فيها تداول الأوراق المالية من خلال عقود واتفاقيات يتم تنفيذها في تاريخ لاحق ، ويتم التعامل فيها بالأوراق المشتقة ، وتعرف الأوراق المشتقة بأنها عقود مالية تشتق قيمتها من الأسعار الحالية للأصول المالية أو العينية محل التعاقد مثل الأسهم ، ومن أهم أنواع المشتقات العقود المستقبلية ، وعقود الاختبار والعقود الآجلة .
المعيار الثالث هو درجة تنظيم السوق :
أولاً : الأسواق المنظمة :
وهي مؤسسات مركزية تتجمع فيها قوى العرض والطلب على الأوراق المالية القائمة في مكان واحد هو السوق أو البورصة ، ويمكن تقسيم الأسواق المنظمة إلى أسواق مركزية وأسواق المناطق أو الأسواق المحلية .
ويقصد بالسوق المركزية تلك السوق التي يتعامل فيها على الأوراق المالية المسجلة لدى لجنة الأوراق المالية أو البورصة بصرف النظر عن الموقع الجغرافي للمنشأة أو الهيئة المصدرة لتلك الورقة مثل بورصة لندن وبورصة طوكيو وبورصة نيويورك للأسهم ، أما البورصات المحلية أو بورصات المناطق فهي تتعامل بأوراق مالية لمشروعات صغيرة تهم جمهور المستثمرين في النطاق الجغرافي للمشروعات أو في المناطق القريبة منها .
وأخيراً فإن الأسواق المنظمة تتم عملية التداول فيها من خلال نظام المزاد العلني ، ويتم تسجيل الأوراق المالية في هذه الأسواق وفقاً لقواعد معينة .
ثانياً : الأسواق غير المنظمة أو السوق الموازية :
يطلق اصطلاح الأسواق غير المنظمة على المعاملات التي تجري خارج البورصات والتي يطلق عليها المعاملات على المنضدة والتي تتولاها بيوت السمسرة المنتشرة في جميع أنحاء الدولة وكذلك تسمى بالأسواق الموازية ، ولا يوجد مكان مادي لهذه الأسواق ، ولكنها عبارة عن شبكة اتصالات تجمع بين السماسرة والتجار والمستثمرين المنتشرين داخل الدولة ، وتتمثل هذه الشبكة في خطوط تليفونية أو أطراف للحاسب الآلي أو غيرها من وسائل الاتصال السريعة ، ويتم التعامل في الأسواق غير المنظمة أساساً في الأوراق المالية غير المسجلة في الأسواق المنظمة ، وعلى الأخص في السندات وذلك لأن تعاملها في الأسهم عادة ما يكون على نطاق أضيق ، وهذا لا يمنع من تعامل هذه الأسواق على الأوراق المسجلة في الأسواق المنظمة ، وتتم عملية التداول بطريقة التفاوض بين المستثمرين ووكلاء الأسهم الذين يعلنون أسعارهم على الكمبيوتر لتحديد النهائي السعر للصفقة ولعل أهم مثال على هذه الأسواق غير المنظمة هو النازداك الأمريكي ويؤخذ على هذه الأسواق أنه لا توجد آليات للحد من التدهور أو الارتفاع الحاد في الأسعار والذي قد يحدث بسبب عدم التوازن بين العرض والطلب .
المعيار الرابع هو المنتجات المالية المتداولة في السوق :
تمثل الورقة المالية صكاً يعطي لحامله الحق في الحصول عن جزء من عائد أو الحق في جزء من أصول منشأة ما أو الحقين معاً .
أولاً : أسواق أدوات الملكية : وهي الأسواق التي يتم فيها إصدار وتداول الأسهم العادية التي تصدرها الشركات المساهمة ، والأسهم العادية تمثل حقوقاً تعطي لحاملها حق المشاركة في الدخل الصافي للشركة ، ويرجع نمو الإصدارات من الأسهم إلى ثلاثة أسباب هي زيادة عدد الشركات المقيدة في سوق الأوراق المالية بسبب خصخصة شركات القطاع العام ، وزيادة حجم الإصدارات الجديدة من قبل الشركات المقيدة في السوق ، وأخيراً حدوث ارتفاع في أسعار الأسهم.
ثانياً : أسواق أدوات الدين :
وهي الأسواق التي يتم فيه إصدار وتداول السندات ، وتعد السندات التي تصدرها منشآت الأعمال بمثابة عقد أو اتفاق بين المنشأة ( المقترض ) والمستثمر (المقرض) ، وبمقتضى هذا الاتفاق يقرض الثاني مبلغاً إلى الطرف الأول ، الذي يتعهد بدوره برد أصل المبلغ وفوائده متفق عليها في تواريخ محددة ، وترجع الزيادة في إصدار السندات إلى حدوث تحسن نسبي في شروط إصدارات السندات الجديدة بالدول النامية وذلك نتيجة تحسن الجدارة الائتمانية للدول النامية .
الأدوات المالية ( الأوراق المالية ) :
الورقة المالية هي وثيقة أو صك تعبر عن التزام على مصدرها أو بائعها وأصل لحاملها أو مالكها ، وتخول هذا الأخير حق الحصول على تدفق معين من مدفوعات الفائدة أو العائد خلال فترة زمنية محددة .
وفي الواقع يوجد عدد كبير جداً من أنواع الأوراق المالية تتباين من بلد لآخر وذلك حسب درجة تطور الاقتصاد والنظام المالي ولكنها تتشابه في الإطار العام ويمكن التمييز بين نوعين من الأدوات بحسب آجالها حيث نجد أوراق أو أدوات تتداول في السوقين النقدية والمالية على النحو التالي :
أولاً : ـأدوات سوق النقد :
هي استثمارات تتمتع بأقل درجة من الخطورة وتقلبات أسعارها تكون في الحدود الدنيا بسبب قصر آجال الاستحقاق لهذه الأدوات المتداولة في سوق النقد .
وفيما يلي توضيح لهذه الأدوات :
أذونات الخزينة :
هي أوراق مالية قصيرة الأجل تصدرها وزارة المالية أو من ينوب عنها لآجال قياسية 3و6و12 شهراً ، وإذ تطرح الأذونات ذات الثلاثة والستة شهور في السوق الأولي أسبوعياً ، بينما تطرح الأذونات التي يكون أجلها سنة مرة في الشهر ، وفي ضوء استمرارية هذا الطرح للبيع فإن السوق الثانوي لها يكون نشطاً ويوفر للمستثمر آجال استحقاق متنوعة .
وتباع الأذونات بسعر مخصوم بمعنى أن سعرها عند حلول الأجل أي عندما يستحق دفع قيمتها من قبل الحكومة يكون أعلى من سعرها عند الإصدار وبيعها ولا يتم دفع أي فائدة مباشرة عليها أو عوائد في حين يمثل الفارق بين سعر الشراء والقيمة عند حلول الأجل هو العائد على المستثمر .
360
عدد الأيام حتى الأجل
القيمة الاسمية – القيمة السوقي
القيمة الاسمية
يمكن تقدير نسبة العائد المخصوم على الأذن باستخدام المعادلة التالية :
العائد المخصوم ( نسبة الخصم ) = X X 100
وتعتبر أذون الخزينة أكثر الأموال سيولة في السوق النقدية بسبب أنها من أكثر الأصول تداولاً .
وتعتبر الأكثر أماناً لأنه لا يوجد أي مخاطر في تسديد قيمتها لأن المدين هنا هو الحكومة والتي لا تمتنع عن السداد عند الاستحقاق .
وأخيراً تحتفظ المصارف عادة بالقسم الأكبر من الأوراق الحكومية ويحتفظ الأفراد في القطاع العائلي والأعمال وغيرهم بمقدار صغير .
شهادات الإيداع المصرفية القابلة للتداول :
وهي أصول أدوات دين بقيم كبيرة ، تباع من قبل المصارف إلى المودعين ويتم دفع مقدار محدد من الفائدة بمعدل سنوي عليها وبتاريخ الاستحقاق يتم تسديد قيمة الشهادة بالقيمة الأصلية التي اشتريت بها ، وتعتبر من أهم مصادر التمويل للمصارف التجارية التي تحصل عليه من قبل الشركات والصناديق المشتركة في السوق النقدية والمؤسسات الخيرية والوكالات الحكومية .
الأوراق التجارية :
أدوات ائتمان قصيرة الأجل تصدرها المصارف والشركات التجارية الكبيرة لتلبية احتياجات التمويل العاجلة ، تتسم بقصر آجالها مما يوفر بديلاً استثمارياً مقبولاً لذوي الفوائض .
ومن الجدير بالذكر تلجأ الجهات المصدرة لهذا النوع من الأدوات لأسباب عدة من بينها تردد البنوك والمؤسسات المالية في تقديم التسهيلات الائتمانية لها ، ولتفادي تكلفة الاقتراض من البنوك ودفع سعر فائدة مرتفع نسبياً مقارنة بما تدفعه للدائنين ، كما أنها تتسم كذلك بقابليتها للتداول في السوق الثانوي .
القبولات ( الضمانات ) المصرفية :
هي عبارة عن حوالة مصرفية أو أمر دفع قصير الأجل منخفض المخاطر تصدرها شركة مستوردة ما ، قابلة للدفع في موعد محدد في المستقبل ومضمونة من قبل المصرف الذي يتعامل معه المستورد مقابل رسم أو عمولة ، ممهورة بخاتم المصرف بعبارة مقبول ، وعادة ما يصادق المصرف على هذا الأمر ويتحمل مسؤولية الإيفاء به مقابل إيداع المؤسسة أو الشركة لما يساوي قيمة في حسابها لدى المصرف المصدر وفي حالة التأخير أو العجز عن السداد بالتاريخ المحدد فيعني ذلك أن المصرف ملزم بإجراء تحويل قيمته لصالح مصرف بلد المصدر ، وما يميز هذه الأداة أن الحوالة تكون مقبولة عند الاستيراد نظراً لأن المصدر الأجنبي يعلم أنه حتى لو أفلست الشركة المستوردة فإن المصرف سيقوم بتسديد قيمة الحوالة الأمر الذي يقلل من مخاطر التجارة الخارجية ، وغالباً ما يتم بيع الحوالة المقبولة في السوق الثانوية بخصم معين بطريقة مشابهة لأذون الخزينة ، وإن من يتعامل بها في السوق هي عادة ذات الجهات التي تتعامل بأذون الخزينة .
اتفاقيات إعادة الشراء :
هي قروض قصيرة الأجل ، عادة باستحقاق لا يتجاوز أسبوعين وتمثل أذون الخزانة ، مقابل الوفاء حيث يستلم المقرض هذه الأصول إذا لم يقم المقترض بسداد القرض.
ثانياً : أدوات سوق رأس المال :
يوفر سوق رأس المال أدوات تمكن من الحصول على تمويل لآجال تتعدي العام وتصل إلى ثلاثين سنة بل إن بعضها ليس له أجل بعكس أدوات سوق النقد والتي تتسم بقصر آجالها .
والهدف من اللجوء إلى هذا النوع من الأدوات هو الحصول على تمويل لمشروعاتهم التي يتوقعون أن تصل في الأجل الطويل إلى مستوى إنتاج يعود عليهم بإيرادات وأرباح تمكنهم من تسديد المبالغ التي حصلوا عليها من خلال الاقتراض من سوق رأس المال ، وكذلك رغبة في مشاركة الآخرين لهم في تكوين رأس مال المؤسسات وملكياتها كما هو الحال بالنسبة للشركات المساهمة .
ومن أهم أدوات سوق رأس المال :
الأسهم :
هي عبارة عن وثائق مالية ( صكوك ) تخول حامليها حقوق ملكية على صافي الدخل وعلى موجودات الشركات ، يتم دفع جزء من أرباح الشركات التجارية لحاملي الأسهم والجزء الآخر يتم احتجازه من أجل شراء تجهيزات ومعدات رأسمالية جديدة .
تزداد الأرباح الموزعة في السنوات الجيدة للشركات ، وبالتالي يزداد الطلب على شرائها فترتفع أسعارها ، وتتراجع هذه الأرباح في السنوات الرديئة بل يمكن أن لا توجد أي أرباح وهكذا تنخفض أسعار الأسهم ، بل يمكن أن تتعرض الشركات للإفلاس الأمر الذي يجعل الأسهم بدون قيمة تذكر ، وهكذا تعتبر الأسهم أصول خطرة ولا تتمتع بدرجة كبيرة من السيولة ويعتبر الأفراد أكبر مالكي الأسهم والباقي تملكه صناديق التقاعد والصناديق المشتركة أو شركات التأمين .
السندات :
تمثل السندات أداة رئيسية من أدوات التمويل في الأسواق المالية المباشرة إذ يقترض ذوي العجوزات أمولاً بشكل مباشر من ذوي الفوائض ويمكن تعريف السندات على أنها أوراقاً مالية طويلة الأجل تصدرها الحكومة والشركات للحصول على أموال لتمويل إنفاقها أو استثماراتها ، وتعد حاملها بدفعات ثابتة المبالغ ( هناك سندات بدفعات متغيرة ) وفي مواعيد محددة ( نصف سنة مثلاً ) دون أن تمنح أي حقوق ملكية في المؤسسات التي تصدرها فهي بمثابة شهادة دين وليست شهادة ملكية ، فإضافة إلى الدفعات الثابتة يحصل حاملها عند حلول أجل استحقاقها على الدفعة الثابتة الأخيرة إضافة إلى قيمتها الإسمية ، وبناءً على ما سبق فإن السندات توفر للمستثمرين مصدرين للدخل هما الدفعات الثابتة ، والتغيرات التي تطرأ على قيمتها السوقية بما يمنح المستثمر فرصة لبيعها وتحقيق مكاسب رأسمالية .
الفائدة ومعدل الفائدة ( سعر الفائدة ) :
إن تنازل الأفراد عن النقود لفترة معينة في عالم اليوم الذي تحدد قيمة النقود فيه طبقاً لقوتها الشرائية التي تكون عرضة للتغير بين فترة وأخرى نتيجة تغيرات قد تطرأ على المستوى العام للأسعار ، يتطلب تعويضهم ليس فقط عن التغير في القوة الشرائية للنقود ولكن كذلك عن المنفعة المفقودة نظير تأجيل استهلاكهم في تلك الفترة ، وفي أسواق المال وعالم النقود يعوض المرء عن هذا التنازل وقبوله التأجيل بفائدة تدفع على المبلغ المتنازل عنه .
وبناءً على ما سبق يمكننا تعريف الفائدة بأنها مبلغ معين من المال إما يدفع أو يحصل ، فالشخص الذي يتنازل عن نقوده الآن نتيجة إقراضها ( دائن ) يحصل الفائدة بعد فترة معينة يتفق عليها ، في حين أن المقترض ( المدين ) يدفع الفائدة عند انقضاء الفترة نظير حصوله على المبلغ عند بدايتها ، كما يمكن أن ننظر إلى الفائدة على أنها نسبة مئوية من المبلغ وعندئذ نتحدث عن سعر الفائدة أو معدل الفائدة ، وعليه فإن سعر الفائدة هو نسبة مئوية تحسب على أساس سنوي وهو حاصل قيمة مبلغ الفائدة على المبلغ المودع أو المقترض .
أولاً : وظائف معدل سعر الفائدة في الاقتصاد الوطني :
تساعد في ضمان أن الادخارات الحالية سوف تتدفق في الاستثمار لتدعم وتدفع النمو الاقتصادي .
أنها تقوم بتخصيص العرض المتاح من الائتمان وعموماً توفر أموالاً قابلة للاقتراض إلى تلك المشروعات الاستثمارية التي لها العوائد الأعلى المتوقعة.
أنها تجلب عرض النقود ليكون في توازن مع طلب الجمهور على النقود .
أنها وسيلة سياسة حكومية مهمة عبر تأثيرها في حجم الادخار والاستثمار ، فإذا كان الاقتصاد الوطني ينمو على نحو بطيء جداً أو البطالة مرتفعة فإن الحكومة تستطيع أن تستعمل أدوات سياستها لتخفيض معدلات سعر الفائدة لحفز الاقتراض والاستثمار ، وعلى الناحية الأخرى فإن اقتصاداً وطنياً يعاني من تضخم سريع فإنه تقليدياً يدعو إلى سياسة حكومية تتضمن وضع معدلات سعر الفائدة عند المستوى الأعلى من أجل إبطال الاقتراض والإنفاق وتشجيع المزيد من الادخار .
ثانياً : قياس معدل الفائدة :
الفائدة البسيطة :
ثمة قانون أو معادلة لحساب الفائدة المتحصله على أساس الفائدة البسيطة :
مبلغ الفائدة = مبلغ القرض الأصلي × معدل أو نسبة الفائدة × الزمن بالسنوات
و
المبلغ الإجمالي عند الاستحقاق = مبلغ القرض الأصلي + مبلغ الفائدة
مثال : أفترض ان أصل المبلغ يساوي 5,000 دولار ، وسعر الفائدة 8% ، وأجل الاستحقاق 3 سنوات ، عندئذ يصبح الإجمالي المستحق عند الاستحقاق :
مبلغ الفائدة = 5,000 × 8% × 3 = 1,200 دولار
إذا المبلغ الإجمالي بعد ثلاث سنوات = 5,000 + 1,200 = 6,200 دولار
الفائدة المركبة :
الأسلوب الأكثر شيوعاً بالنسبة للقروض والودائع هو الذي يتم حساب الفائدة فيه بشكل تراكمي يرتبط إيجابياً مع الوقت وهي ما تعرف بالفائدة المركبة ، قد يجادل المرء أن هذا الأسلوب يؤدي إلى ترشيد قرارات الاقتراض ، إذ أنه يحثهم على الإسراع في تسديد ما هو مستحق عليهم ، مما يوفر موارد لأفراد آخرين قد تكون لديهم حاجة ورغبة في اقتراضها ومن ثم توظيفها .
مثال : افترض أن أصل المبلغ يساوي 5,000 دولار ، وسعر الفائدة 8% ، وأجل الاستحقاق 3 سنوات ، عندئذ يصبح الإجمالي المستحق بعد ثلاث سنوات باستخدام الفائدة المركبة :
السنة الأولي : 5,000 × 8% = 400 دولار
والإجمالي = 5,400 دولار
السنة الثانية : 5,400 × 8% = 432 دولار
والإجمالي = 5,832 دولار
السنة الثالثة : 5,832 × 8% = 56/ 466 دولار
الإجمالي = 56/ 6,298 دولار
هناك طريقة مختصرة للوصول إلى النتيجة ذاتها :
ج ن = أ ( 1 + ع )ن
حيث أن :
ج ن = المبلغ المستحق الإجمالي
أ = المبلغ الأصلي
ع = نسبة الفائدة
ن = المدة بالسنوات
ثالثاً : سعر الفائدة الإسمي والحقيقي :
لعل التمييز بين سعر الفائدة الحقيقي وسعر الفائدة الإسمي على قدر كبير من الأهمية لأن ما يؤثر في قرارات الدائنين والمدينين هو العائد الحقيقي من الاستثمار والاقتراض والتكلفة الحقيقية نظير الاقتراض بالنسبة للمدينين .
إن الفائدة التي تعود على المودع أو يحصلها الدائن . يتم في العادة تحصيلها في المستقبل أي عند حلول الأجل ، من هنا فإن المودع مثلاً يتنازل عن أمواله المودعة الآن حتى يتسنى له الحصول على إجمالي يتضمن الفائدة ولكن في المستقبل ، إلا أن مفهوم القيمة الزمنية للنقود يؤكد أن المرء بحاجة إلى تعويض مقابل هذا التنازل ، إلى جانب حصوله على أصل المبلغ ، إن هذا ما يتناوله مفهوم القوة الشرائية للنقود الذي يوفر مقياساً للتغير الذي يطرأ على القيمة الحقيقية لمبلغ ما وقدرته على شراء سلع وخدمات ، لأنه يأخذ في الاعتبار التغيرات التي قد تطرأ على مستوى الأسعار في اتجاه مواز يمكن استخدام مقياس مماثل يميز بين ما يحصل عليه المرء ( المودع في هذه الحالة ) من عائد على شكل فائدة ، وبين القدرة أو القوة الحقيقية لذلك العائد الذي سيحصل عليه في المستقبل ، وهذا المقياس هو سعر الفائدة الحقيقي الذي عرفه فيشر بمعادلته الشهيرة :
r = i – pe
كما يبدو من هذه المعادلة ، فإن سعر الفائدة الحقيقي r ، يساوي الفرق بين سعر الفائدة الإسمي i ، ونسبة التضخم المتوقع pe .
وبما أنه لا يوجد أسلوباً أمثل لحساب نسبة التضخم المتوقع ، فإن احتمالات الخطأ في تقدير r واردة .
إن هذا الواقع يترك سعر الفائدة الحقيقي بعيداً عن التداول فيما بين الدائنين والمدينين وهو ما يدفعهم لاستخدام السعر الإسمي ، إلا أن السعر الإسمي يأخذ في الاعتبار السعر الحقيقي ونسبة التضخم ، ويساوي :
i = r + pe
وإذا افترضنا أن نسبة التضخم المتوقع تساوي صفراً ، عندئذ يتساوى سعر الفائدة الإسمي مع السعر الحقيقي وليس هناك أي مبرر للتمييز بينهما ، من جانب آخر إذا كانت نسبة التضخم المتوقعة 5% مثلاً فإن سعر الفائدة الإسمي سوف يفوق السعر الحقيقي بنسبة التضخم ونذكر بأن الهدف من دفع سعر الفائدة الإسمي بمعدل يساوي نسبة التضخم هو الحفاظ على سعر الفائدة الحقيقي ثابتاً من أصل الحفاظ على القوة الشرائية لأصل المبلغ .
نخلص مما سبق أن اختلاف رغبات الأفراد في الاستهلاك وفي توقيته وتفضيلهم الاستهلاك الآن بدلاً عن المستقبل ، يجعل ذوي الفوائض يطلبون عوائد إيجابية نظير تنازلهم عن مواردهم لأطراف أخرى ، فإذا كانت هذه العوائد ( كالفائدة ) منخفضة فإن رغبتهم في الاستهلاك الآن سوف تغلب على التأجيل ، مما يقلل من الموارد المتاحة لذوي العجوزات .
إن الواقع العملي يظهر أنه يكون هناك في أي وقت من الأوقات أكثر من سعر فائدة في الأسواق المالية ، وأن هذا الاختلاف فيما بين أسعار الفائدة هو نتاج لعوامل عدة ، أهمها أجل الاستحقاق ، درجة المخاطرة ، الضرائب ودرجة التسييل ( القدرة على تسويق الأصل المالي وتحويله إلى نقد ) .
ويتعارف على العلاقة بين سعر الفائدة وأجل الاستحقاق بالتركيبة الزمنية لسعر الفائدة والتي تلخص بأنه كلما كان أجل الاستحقاق أطول ، أصبح العائد على الورقة المالية أكبر وهذه ليست بقاعدة ثابتة في جميع الأوقات ، فهناك فترات قد يكون العائد فيها على الأوراق المالية قصيرة الأجل أكبر منه على الأوراق المالية طويلة الأجل ، ويمكن أن يفسر هذا بفعل تأثير العوامل التي تؤثر في سعر الفائدة .
من جانب آخر يمكن أن يفسر الاختلاف في درجة المخاطر التي ينطوي عليها الاستثمار في أوراق مالية ذات مخاطر مرتفعة ، ارتفاع العائد عليها مقارنة بأوراق مالية ذات مخاطر منخفضة .
أضف إلى هذين العاملين تأثير اختلاف نسب الضريبة التي تفرضها الحكومة على الأوراق المالية المختلفة ، فهناك حكومات لا تفرض الضريبة على الدخل المحصل من الاستثمار في أوراق مالية حكومية أو تفرض مستوى منخفض من الضريبة عليها ، مما يؤدي إلى حصول المستثمر على صافي دخل أكبر مقارنة بصافي الدخل الذي يعود عليه من أوراق مالية أخرى تكون نسبة الضريبة عليها مرتفعة .
كما تساهم قدرة المستثمر على تحويل الورقة الحالية إلى نقد بأقل خسائر ممكنة ، وهو ما يعرف بدرجة التسييل ( السيولة ) في خلق اختلافات بين العوائد على مختلف الأوراق المالية ، فمع ثبات باقي العوامل المؤثرة في سعر الفائدة تكون العوائد على الأوراق المالية منخفضة .
البنوك التجارية وخلق النقود والائتمان :
مفهوم البنك :
وردت عدة تعريفات للبنك منها الكلاسيكية ومنها الحديثة ، فمن وجهة النظر الكلاسيكية يمكن القول أن البنك هو : مؤسسة تعمل كوسيط مالي بين مجموعتين رئيسيتين من العملاء ، المجموعة الأولى لديها فائض من الأموال وتحتاج إلى الحفاظ عليها وتنميتها ، والمجموعة الثانية هي مجموعة من العملاء تحتاج إلى أموال لأغراض أهمها الاستثمار أو التشغيل أو كلاهما .
كما قد ينظر إلى البنك على اعتبار أنه تلك المنظمة التي تتبادل المنافع المالية مع مجموعات من العملاء بما لا يتعارض مع مصلحة المجتمع وبما يتماشي مع التغير المستمر في البيئة المصرفية .
أما من الزاوية الحديثة فيمكن النظر إلى البنك على أنه : مجموعة من الوسطاء الماليين الذين يقومون بقبول ودائع تدفع عند الطلب ، أو لآجال محددة وتزاول عمليات التمويل الداخلي والخارجي وخدمته بما يحقق أهداف خطة التنمية وسياسة الدولة ودعم الاقتصاد القومي ، وتباشر عمليات تنمية الادخار والاستثمار المالي في الداخل والخارج بما في ذلك المساهمة في إنشاء المشروعات ، وما يتطلب من عمليات مصرفية وتجارية ومالية وفقاً للأوضاع التي يقررها البنك المركزي .
وظائف البنوك التجارية :
يمكننا أن نجمل أهم الوظائف التي تؤديها البنوك التجارية بصفة عامة ، في الوظائف التالية :
قبول الودائع التي قد يكون بعضها تحت الطلب ( ودائع جارية ) وبعضها ودائع لأجل أو ودائع ادخارية .
خلق النقود والائتمان .
خلق الأوراق التجارية .
إصدار الأوراق المالية في شكل أسهم وسندات نيابة عن عملائها وتسويق هذه الأوراق في سوق المال .
بيع وشراء الأوراق المالية لحسابها ولحساب عملائها .
منح القروض للهيئات والمنشآت والأفراد .
القيام بخدمات بالنيابة عن العملاء مثل إنجاز عمليات التحويلات النقدية بين العملاء ، وبين بعضهم البعض ، وإصدار خطابات الضمان التي يطلبها العملاء ، والقيام بتحصيل شيكات وكمبيالات العملاء ، وسداد ديونهم نيابة عنهم .
التعامل بالبيع والشراء في العملات الأجنبية
تأجير الخزائن الحديدية والخزائن الليلية والمخازن للعملاء .
القيام بوظيفة أمناء الاستثمار لحساب عملائها الذين ليس لديهم من الوقت أو الخبرة بما يمكنهم من مباشرة عمليات الاستثمار بطريقة مضمونة وبدرجة كافية .
ميزانية البنك التجاري :
بنود ميزانية بنك تجاري مصنفة حسب الالتزامات والأصول
الأصول الالتزامات
نقد :
1- في الخزينة .
2- في البنك المركزي .
3- في بنوك أخرى .
4- في الطريق للتحصيل .
5- احتياطيات .
القروض ( من البنك )
1- للأفراد .
2- للمؤسسات .
3- للحكومة .
4- أخرى
استثمارات :
1- أوراق مالية .
2- أصول ثابتة .
الودائع :
1- حسابات جارية .
2- حسابات توفير ولأجل .
3- حسابات بعملات أجنبية .
القروض ( على البنك )
1- من البنك المركزي .
2- من بنوك أخرى .
3- من مؤسسات خاصة .
رأس المال وحقوق المساهمين :
1- رأس المال الأسهمي .
2- أرباح غير موزعة .
3- احتياطيات قانونية وعامة .
التزامات أخرى
إجمالي الأصول إجمالي الالتزامات
أولاً : الالتزامات :
الودائع :
بما أن الوظيفة الرئيسية للبنك تقوم على استقبال الودائع ، فإن الودائع تمثل أكبر مطالبات الآخرين على البنك ، وتصنف هذه الودائع في ثلاثة مكونات رئيسية هي :
الحسابات الجارية : وهي الأموال المودعة في البنك بالعملة المحلية مقابل أوامر دفع ( شيكات ) تعطي المودع الحق في تحريرها مقابل نقوده المودعة وفي العادة لا يستحق المودع فوائد على الأموال المودعة في حسابه الجاري ، إلا أن بعض الدول تسمح للبنوك بدفع فوائد على هذه الحسابات وهو ما يطلق عليها بأوامر الدفع القابلة للتفاوض وتمثل الودائع الجارية أرخص مصدر للأموال التي يحصل عليها البنك لأنه لا يدفع عليها فوائد أو أنه يدفع فوائد عليها منخفضة .
حسابات التوفير والأجل : وتحقق الأموال المودعة في هذه الحسابات فوائد للمودعين ويختلف حساب التوفير عن حساب الأجل أو الودائع الزمنية في أن البنوك لا تلزم المودع في حسابات التوفير بالتقيد بفترة زمنية أو أجل محدد قبل السحب منها ، رغم أنه يحق للبنوك في الكثير من الدول أن تمارس هذا الحق .
أما بالنسبة للودائع التي يرتبط فيها حق المودع في الحصول على فوائد بالاحتفاظ بودائعه لفترة زمنية محددة ، فإنها تعرف بالحسابات لأجل أو الودائع الزمنية .
ج- ودائع بعملات أجنبية جارية أو توفير ولأجل :
وهي كثيراً ما تجد طريقها إلى خارج البلاد ، إذ تتاح للبنك فرصة تحقيق عائد منها ودفع فوائد للمودعين المحليين عليها .
القروض المستحقة على البنك :
ويلجأ البنك لهذا النوع من القروض لسد حاجته لموارد إضافية يوفرها البنك المركزي أو بنوك أخرى أو مؤسسات مالية تتكون لديها موارد فائضة عن حاجتها ، مقابل فائدة تفرضها على البنك مما يدفعه للتفكير ملياً قبل الإقدام على الاقتراض ، ويشمل هذا الجانب من الالتزامات شهادات الإيداع ، واتفاقيات إعادة الشراء ، والقبولات المصرفية ، وهي التزامات مستحقة على البنك الذي يصدرها .
رأس المال وحقوق المساهمين :
وهو الجانب الذي يمثل حقوق الملكية التي تتكون من قيمة أسهم المساهمين وطبعاً القيمة الإسمية للأسهم وليست قيمتها السوقية وهي تمثل المصدر الأول لرأس المال ، ومع مرور الوقت يستقطع البنك جزءً من الأرباح التي يحققها سنوياً ، ويضيفها لرأس المال إما لتعزيز موقفه المالي أو لإعادة تدويرها واستثمارها ، كما يضيف إلى حقوق المساهمين الاحتياطيات القانونية والاحتياطيات العامة التي تساهم كذلك في دعم موقفه القانوني والمالي .
ثانياً : الأصول :
إلى جانب استقبال الودائع ، فإن الجانب الآخر لوظيفة البنك هو توظيف هذه الودائع والأموال الأخرى التي تتوفر لديه ، ونظراً لكون العملية المصرفية تقوم على أساس الثقة التي تنبع من إيمان كل مودع أن نقوده موجودة في البنك ومتوفرة للسحب منها في أي وقت يشاء ، فإن البنك مطالب بإدارة أصوله بشكل يضمن توفر مبالغ مناسبة تكفل له الإيفاء بطلبات كافة المودعين الذين يرغبون السحب من ودائعهم ، إن أي عجز في قدرة البنك على الإيفاء بالتزاماته قد يدفعه للجوء للاقتراض ، هذا مكلف بالنسبة له .
النقد :
إن البنك يحتفظ بجزء من موارده على شكل نقد في الخزينة لتلبية السحوبات اليومية من الودائع ، وجزء يفي بالاحتياطي الإلزامي الذي يقرره البنك المركزي على البنوك ، إضافة إلى الإيفاء بالاحتياطي الإلزامي ، تلبي الأموال المودعة في البنك المركزي مبالغ الشيكات المحررة من قبل عملاء البنك التجاري المعني لعملاء في بنك تجاري آخر ، مما يتطلب انتقال الودائع فيما بين حسابات البنوك عن طريق عملية المقاصة التي تقوم على عملية تحويل المبالغ بين حسابات مختلف البنوك لدى البنك المركزي من أجل تسوية مبالغ الشيكات المسحوبة على بنك لحساب بنك آخر .
كما يحتفظ البنك بودائع له في بنوك أخرى مما يسهل عليه دفع الشيكات المصدرة عليها لأفراد توجد حساباتهم في بنوك أخرى ويرغبون في تحصيل قيم هذه الشيكات عن طريق إيداع مبالغها في حساباتهم .
كما أن الشيكات التي أودعها عملاء البنك في حساباتهم لديه ومسحوبة على بنوك أخرى ، تمثل أحد أصول البنك عندما تتم إضافة مبالغ الشيكات لحسابات عملاء البنك حتى قبل أن يحصلها البنك من بنك آخر ويطلق عليها نقود في طريقها للتحصيل .
قروض للبنك :
هذا الجزء من الأصول يمثل المصدر الأساسي لعوائد البنك وأهم دعامات العملية المصرفية بشكل عام ، وهي القروض بمختلف أشكالها ، ويمكن أن تصنف هذه القروض حسب الجهة المدينة أو حسب نوعية القرض أو حتى حسب آجالها ، وتعتبر القروض من الأصول الأقل سيولة لأنه لا يمكن تحصيلها بشكل كلي إلا عند حلول آجالها ، كما أن درجة سيولة القروض تعتمد على نوعية القروض المقدمة من البنك ، فهناك على سبيل المثال القروض طويلة الأجل ، كتلك التي تقدم للقطاع الصناعي والقطاع العقاري ، إذ تطول فترة تحصيلها مقارنةً بالقروض الشخصية والقروض التي تقدم لقطاع التجارة التي تتسم بدرجة سيولة عالية وأجل قصير ، وهناك القروض القصيرة الآجل كتلك التي قد تكون ليوم واحد .
الاستثمارات :
إضافة إلى النقد والقروض ، يحتفظ البنك بجزء من أصوله على شكل استثمارات في أوراق مالية كالسندات وأذونات الخزينة وغيرها ، أو تكون هذه الاستثمارات في أصول ثابتة أخرى كالعقارات مثلاً ، وهذه الاستثمارات تتنوع من حيث الآجال مما يوفر للبنك فرصة أكبر لتسييل أصوله إن شاء ويقلل درجة المخاطرة التي قد يتعرض لها ، وتوفر آجال الأوراق المالية للبنوك درجة أكبر من المرونه للاستفادة من زيادة قد تطرأ في الطلب على مواردها سواء من جانب المودعين أو المدينين ، مما جعل الكثيرون يطلقون مسمى الاحتياطيات الثانوية على الأوراق المالية قصيرة الآجل الأكثر ضماناً كأذونات الخزينة .
ثالثاً : إدارة الأصول :
بما أن البنوك هي مؤسسات مساهمة تسعى لتحقيق أكبر ربح ، فإنها لابد أن تنظر إلى توظيف أصولها في أوجه تحقق هذا مع تقليل درجة المخاطر التي قد تتعرض لها . إضافة إلى المخاطر هناك عوامل أخرى تؤثر في كيفية إدارة البنك لأصوله ومدى قدرته على تحقيق أرباح جراء ذلك ، فهناك الاحتياطي الإلزامي والاحتياطي القانوني الذين يحددهما البنك المركزي واللذان ينطوي الاحتفاظ بهما تحمل البنك لتكلفة تتمثل في تكلفة الفرصة البديلة ، كما يجب على البنك أن يحتفظ بنسبة مناسبة من الاحتياطي النقدي الفائض لديه لمواجهة السحوبات اليومية ، وبعض ما قد يطرأ من سحوبات غير متوقعة أو لمواجهت السحوبات الموسمية ، إن مسألة أن يبقى البنك سائلاً أو يسيراً مالياً تبقى مسألة نسبية .
فإذا أخذنا رغبة البنك في تقديم القروض ، فيجب ألا يغفل أهمية تنويع هذه القروض بشكل يضمن له تقليل المخاطر ، من خلال تنوع الجهات المدينة له والمبالغ المقرضة ويضمن له آجالاً مختلفة .
فبالرغم من أن العوائد المنخفضة نسبياً هي من سمات الاستثمارات القصيرة الأجل والأقل مخاطرة ، فإن مسعى البنك للحفاظ على درجة مناسبة من السيولة يتطلب توظيف جزءً من موارده في أوجه استثمار ذات آجال قصيرة، مع هذا فإن إدارة البنك مطالبة بعدم التحفظ أكثر من اللازم في الاستثمار وإلا تناقصت أرباحه ، وفي حال عدم وجود مستويات مناسبة من السيولة في البنك فإن على إدارة البنك أن تعي أن هذا التناقص قد يؤدي بالبنك إلى مرحلة تنظر فيها الجهات المختصة إلى توقيع جزاءات عليه أو حتى إغلاقه ، والجدير بالذكر أن الملاك لا يتحملون خسارة تفوق إجمالي حقوق الملكية لأن البنك مؤسسة ذات مسئولية محدودة .
إن القروض تمثل أفضل مصدر للدخل ضمن مصادر الدخل الأخرى ، ومن خلال تنويع قنوات القروض وآجالها ومبالغها ، يستطيع البنك أن يقلل من المخاطر التي قد يتعرض لها نتيجة تعثر بعض المدينين في أي من القطاعات في سداد الديون المستحقة عليهم ، ورغم أن البنوك تسعى لتعظيم عوائدها من وراء هذه القروض مع إدراك إدارة البنك أن كافة التسهيلات الائتمانية تحتوي على درجة من المخاطرة ، قد تأخذ شكل عجز المدين عن سداد القرض ـ أو عدم كفاية الرهونات ( إن وجدت ) للتعويض عن قيمة القرض ، فأحد الخيارات المتاحة للبنوك لتفادي أو للتقليل من تعثر المدينين نحو سداد الديون المستحقة عليهم له ، يتمثل في القروض البنكية المضمونة أو غير المضمونة .
فالقروض المضمونة هي التي يقدم طالب القرض رهونات تتكون على شكل أصول ثابتة أو أوراق مالية تتسم بدرجة مخاطرة منخفضة كالسندات وأذونات الخزينة رهناً مقابل قيمة القرض .
وفي حالة ثقة البنك بالمدين وقدرته على السداد ، فقد يمنحه قروضاً غير مضمونة أي بدون رهونات ووجود الرهونات لا يعني بالضرورة غياب المخاطر حيث أنها تتعرض لتقلب القيم السوقية للأصول المرهونة .
كما تسعى البنوك لتقليل المخاطر التي قد تتعرض لها من خلال تنويع مجالات توظيفها المباشر لأصولها ، وتلجأ البنوك لتنويع أدواتها الاستثمارية كمدخل لتقليل المخاطر ، إذ تستثمر في الأوراق المالية المختلفة التي تتنوع آجالها والعوائد المتوقعة منها ودرجة المخاطرة التي تتضمنها ، وربما تتجه البنوك للاستثمار في أصول ثابتة كالعقارات والأسواق التجارية ، وقد يجادل المرء في أن التنويع يستهدف تفادي المخاطر المنظمة وهي التي ترتبط بشكل أو قطاع من قطاعات الاستثمار دون غيره.
وقد تختار البنوك تقديم تسهيلات ائتمانية بأسعار فائدة متغيرة كمدخل لتقليل المخاطر ، إذ تتم بصفة دورية مراجعة سعر الفائدة في السوق ، ويصحح السعر على هذه القروض ليعكس واقع أسعار الفائدة على بدائل منافسة ، إن إتباع سياسة إقراض كهذه يفسح المجال أمام البنك لإشراك المدينين في المخاطر التي قد يتعرض لها نتيجة تقلبات في سعر الفائدة ، مع هذا فتناقص سعر الفائدة في السوق يلزم البنك في حال تقديمه لقرض بسعر فائدة متغير ، بتخفيض الفائدة على هذا القرض مما يترتب عليه تناقص في إيراداته ، وقد تلجأ البنوك إلى منح قروض قصيرة الأجل دون استخدام الفائدة المتغيرة ، أو أن تمنح قروضاً قابلة للاستدعاء من قبل البنك في أي وقت .
وأخيراً فمن جملة المخاطر الأخرى التي قد يتعرض لها البنك هي تلك التي لا يملك السيطرة المباشرة عليها مثل مخاطر أسعار الفائدة التي تنتج عن تغيرات في أسعار الفائدة في السوق ، ومخاطر من تعرض موجودات البنك من أوراق مالية وأصول ثابتة أخرى لتغيرات في أسعارها والعوائد المرتقبة منها ، وتمثل مخاطر القروض وما تنطوي عنه من احتمال فشل العملاء في سداد القروض المستحقة عليهم هاجساً ينتاب البنوك التجارية ، وكثيراً ما يؤدي إلى انهيارها ، ومخاطر فقدان البنك للسيولة المناسبة مؤدياً إلى عجزه في الإيفاء بطلبات السحوبات التي يقوم بها العملاء .
رابعاً : إدارة الالتزامات :
بما أن موارد البنك تمثل تعهداً من قبله تجاه الآخرين ، فإنه لا بد من أن يحسن إدارتها وذلك لعلاقتها المباشرة والمؤثرة في جانب الأصول .
ويقصد بإدارة الالتزامات هو استخدام بنود هذا الجانب من ميزانية البنك للحصول على الموارد المالية بأقل التكاليف لتوفر للبنك فرصة أفضل لتقديم القروض واستثمارها في مختلف أوجه الاستثمار الكفيلة بتحقيق أفضل العوائد ، كما أن زيادة الالتزامات تتطلب أن يتبنى البنك خطوات منافسة ومماثلة لتلك التي تتبناها بنوك أخرى .
كما يجب أن تتسم الأوراق المالية التي يصدرها البنك بدرجة من السيولة والعائد ودرجة منخفضة من المخاطر مقارنة لما تصدرها البنوك الأخرى إن لم تكن أفضل منها ، وبالرغم من حرية البنوك في إصدار أوراق مالية كشهادات الإيداع ، فإن إقبال المستثمرين عليها يعتمد على الوضع المالي للبنك الذي يفصح عنه وضع الأصول إذ تحدد ملامح أداء البنك .
ويساهم توفر الفرص أمام البنك للحصول على تمويل من أسواق المال مرونة له لتحسين إدارة التزاماته ، إذ يمنحه زمام المبادرة في طرح أوراق مالية قصيرة الأجل كشهادات الإيداع إذا طرأت مشكلة في حجم السحوبات منه ، أو حال وجود طلب إضافي على التسهيلات الائتمانية التي يقدمها ، ونظراً لأن الكثيرين ومنهم البنك المركزي ، ينظرون إلى رأس المال على أنه ضمان لحقوق المساهمين ، فإن البنك المركزي كثيراً ما يربط بين سياسة الإقراض التي يتبعها البنك ورأس المال .
العديد من البنوك المركزية يضع سقفاً على التسهيلات الائتمانية التي يقدمها البنك بحيث لا تتجاوز نسبة معينة من رأس المال ، أو لا تتجاوز التسهيلات الائتمانية التي تمنح لجهة واحدة مبلغ معين ، مما يوجه البنوك إلى زيادة رأس المال كمدخل لزيادة قدرتها على تقديم تسهيلات ائتمانية إضافية .
خامساً : مؤشرات أداء البنوك ( مدخل تحليل النسب المالية ) :
إن المهتمين ينظرون إلى الأوضاع المالية للبنوك من خلال تحليل مالي لميزانياتها واستشراف مواقفها المستقبلية باستخدام مؤشرات عديدة تعكس أداء البنك في جانبي الأصول والالتزامات ، نذكر منها :
مؤشرات السيولة لدى البنك :
ودائع البنك لدى البنك المركزي + النقود الحاضرة لدية
إجمالي الودائع
وهي تعبر عن قدرة البنك على الإيفاء الفوري بالتزاماته سواء اليومية منها كالسحوبات الدورية والطارئة ، كالتغيرات الموسمية في الالتزامات أو الناتجة عن حوادث مفاجئة ، وأهم هذه المؤشرات :
نسبة الرصيد النقدي = ×100
ودائع البنك لدى البنك المركزي
الودائع
نسبة الرصيد النقدي تعبر عن مقدار النقد الذي هو في متناول البنك التجاري ولا يخضع لقيود ، ويلاحظ أنه إذا ارتفعت نسبة الرصيد النقدي ، جاز القول أن لدى البنك سيولة عالية ولكن نظراً لتداخل إدارة الأصول وإدارة الالتزامات فإن زيادة مطلقة في نسب الرصيد النقدي أو النسب الأخرى التي توظف لقياس السيولة دون تحقيق معدلات مقبولة من الأرباح .
نسبة الاحتياطي النقدي= ×100
ودائع البنك لدى البنك المركزي + النقود الحاضرة لديه + أصول أخرى عالية السيولة
الودائع
وتعتبر نسبة الاحتياطي النقدي مقياساً آخر لتحديد مدى قدرة البنك على الوفاء بالتزاماته من الودائع ، فإذا انخفضت هذه النسبة ، يرى البعض فيها تدنياً في قدرة البنك على توفير السيولة بالسرعة المطلوبة لمواجهة التغيرات في الودائع .
نسبة السيولة = ×100
القروض
الودائع
يستخدم مؤشر نسبة السيولة لتقدير سيولة البنك .
نسبة القروض إلى الودائع = × 100
تمثل نسبة القروض إلى الودائع مقياساً آخر لسيولة البنك التي كلما ارتفعت قلت سيولة البنك .
رأس المال الأسهمى + أرباح محتجزة + فوائض مالية
الودائع
مؤشر حماية الدائن :
نسبة رأس المال إلى الودائع = ×100
رأس المال الأسهمى + أرباح محتجزة + فوائض مالية
الأصول
تعكس مدى قدرة رأس المال في حماية الدائنين أو المودعين ، وينظر إلى رأس المال كأنه الوعاء الذي يحتضن حقوق هاتين الفئتين بالدرجة الأولى في حالة انهيار البنك .
نسبة رأس المال إلى الأصول = ×100
حقوق الملكية
الأصول
ويمكن صياغة هذه النسبة على النحو التالي :
نسبة رأس المال إلى الأصول = ×100
وتوفر مقارنة رأس المال إلى إجمالي أصول البنك معياراً بين النسبة التي يمكن أن تتناقص بها الأصول قبل أن ينعكس هذا سلباً على المودعين من خلال تحملهم الخسائر .
مؤشر نسبة القروض إلى الأصول :
مجموع القروض
الأصول
يوفر مؤشراً عن المدى الذي مضى إليه البنك في تمويل عملياته من مصادر ذاتية وأموال الغير .
نسبة الاقتراض = × 100
إذا ارتفعت هذه النسبة ، يصبح الملاك والمودعين أكثر عرضة للتقلبات التي تطرأ على سداد القروض .
حقوق الملكية
القروض
مؤشر نسبة حقوق الملكية إلى القروض :
نسبة حقوق الملكية إلى القروض = × 100
يعبر عن مدى مساهمة الملاك في تمويل القروض .
مؤشر نسبة حقوق الملكية إلى الاستثمار في الأوراق المالية :
حقوق الملكية
إجمالي الاستثمارات في الأوراق المالية
يقيس هامش الوقاية من المخاطر التي قد يتعرض لها البنك نتيجة التقلبات في القيمة السوقية للأوراق المالية .
نسبة حقوق الملكية إلى الاستثمار في الأوراق المالية = ×100
ما دامت هذه النسبة أكبر من 100% فإن لدى البنك القدرة على احتواء التقلبات في قيم الأوراق المالية .
مؤشر نسبة توظيف الودائع :
القروض + الاستثمار في أوراق مالية
الودائع
يهدف إلى قياس مدى كفاءة البنك في توظيف الودائع في أوجه استثمارية مختلفة تنتج عنها عوائد تدعم موقفه تجاه الإيفاء بما يدفعه من فوائد للمودعين وتحقيق فوائض للملاك .
نسبة توظيف الودائع = ×100
فإذا كانت النسبة 70% فهذا يعني أن البنك استثمر 70% من إجمالي الودائع في قروض وفي أوراق ماليه .
صافي الربح بعد الضريبة
حقوق الملكية
مؤشر نسبه العائد على حقوق الملكية :
نسبة العائد على حقوق الملكية = ×100
إلى جانب هذه النسب ، هناك عدد آخر منها يوظف لتحليل الوضع المالي للبنوك ، سواء في جانب الأصول أو جانب الالتزامات من ميزانياتها وحساباتها الختامية .
خلق النقود والائتمان :
تنفرد البنوك التجارية عن غيرها من المؤسسات المالية بقدرتها الفائقة في خلق الائتمان ، أي أنها تنفرد بتزويد الاقتصاد بنوع من النقود تمثل الشكل الثاني من وسائل الدفع التي يمكن إدخالها في حيز الرصيد النقدي في اقتصاد ما والتي تستخدم لإنجاز المعاملات المختلفة .
ولابد أن ندرك أن هذه القدرة في خلق الائتمان ليست مطلقة إذ أن السياسة الائتمانية تستطيع أن تتحكم فيها زيادة أو نقصاناً مع تغير الظروف التي يمر بها الاقتصاد وذلك من خلال نسبة الاحتياطي القانوني الذي تلتزم به البنوك التجارية .
فعندما تزداد نسبة الاحتياطي تنكمش القدرة في خلق الائتمان عكس الحالة التي تنخفض فيها نسبة الاحتياطي حيث تستطيع البنوك التجارية خلق المزيد من الائتمان الذي يقدم للاقتصاد .
تنشأ عملية خلق الائتمان عن قاعدة أساسية مفادها أن أصحاب الودائع الجارية وهي وودائع يحق لصاحبها سحبها في أي وقت يشاء دون إذن مسبق من البنك ، لن يتقدموا في وقت واحد لسحب ما أودعوه في البنك التجاري ، وحتى لو تم هذا الافتراض الجدلي ، وتقدم هؤلاء المودعين بسحب ودائعهم ، فإن هناك ودائع جديدة يتقدم بها مودعين جدد مما يجعل رصيد الودائع الجارية في البنك التجاري يتسم بنوع من الثبات النسبي مما يعطي للبنك التجاري قدرة خلق ائتمان جديد ، فعملية خلق الائتمان تنشأ بسبب ثبات النسبة بين سحوبات المودعين وإيداعات مودعين جدد .
إن عملية خلق الائتمان مهمة جداً للاقتصاد ، فمن خلالها يمد الاقتصاد بنوعين من النقود لإتمام المعاملات المختلفة وهي :
النقود القانونية التي ينفرد بإصدارها البنك المركزي (العملة الورقية والمعدنية)
النقود المشتقة والتي تنشأ عن عملية خلق الائتمان التي تنفرد بها البنوك التجارية .
إن انفراد البنوك التجارية بهذه العملية تعود لسببين هما :
قدرة البنك التجاري في ضمان تسديد الودائع في أي وقت بسبب ما لديه من سيولة .
استمرار الطلب على الائتمان من قبل الأفراد وشركات الأعمال
ولكن لابد من التأكيد على أن هذه القدرة ليست مطلقة وبأنها مقيدة بمجموعة من الافتراضات هي :
الوعي المصرفي لدى الأفراد بحيث يؤدي ذلك إلى إقبالهم على إيداع ما لديهم من أرصدة نقدية فائضة في البنوك التجارية واعتمادهم على الشيكات في تسوية مدفوعاتهم .
احتفاظ البنوك التجارية باحيتاطيات نقدية إجبارية .
عدم وجود تسرب نقدي خارج النظام المصرفي استناداً إلى الافتراض الأول.
افتراض أن كل البنوك التجارية داخل الاقتصاد كأنها تعمل كمصرف واحد ضمن فروع متعددة ومنتشرة في جميع البلاد .
توفر الرغبة لدى البنوك التجارية في إقراض ما لديها من أموال تزيد عن مقدار الاحتياطي النقدي التي ترغب بالاحتفاظ به .
أن هناك طلب دائم على الائتمان .
كيف تتم عملية خلق الائتمان :
لإلقاء الضوء على كيفية قيام البنك التجاري في خلق الائتمان ، تفترض أن البنك التجاري استلم وديعة جارية من أحد المودعين بمبلغ 5,000 دولار ، وعلى وفق قاعدة القيد المزدوج في المحاسبة فإن الميزانية العمومية للبنك التجاري سوف تأخذ الشكل الآتي في لحظة الإيداع .
الميزانية العمومية للبنك التجاري
5,000 نقدية 5,000 ودائع جارية
وبما أن البنك التجاري يعمل كوسيط مالي لذلك فإنه سوف يسعى إلى استثمار أمواله في أصول استثمارية يضمن من خلالها تحقيق عائد ، ونظراً لأن البنك التجاري ملتزم بشرط البنك المركزي بضرورة الاحتفاظ باحتياطي قانوني ضمن نسبة معينة من الودائع حماية للمودعين ، ولنفترض أن نسبة الأحتياطي القانوني تبلغ 25% من الودائع ، لذلك فإن ميزانية البنك التجاري سوف تكون بعد أن يتم الاحتفاظ بنسبة الاحتياطي القانوني ومنح الباقي على شكل ائتمان مصرفي على الشكل الآتي :
الميزانية العمومية للبنك
1,250 نقدية
3,750 ائتمان
5,000 ودائع
5,000 5,000
وبالنظر للميزانية أعلاه نلاحظ أن البنك التجاري احتفظ برصيد النقدية 1,250 إيفاء للاحتياطي القانوني ، ولذلك فإنه سوف يستخدم 3,750 دولار على شكل ائتمان مصرفي .
ومن خلال هذه العملية يكون البنك التجاري قد خلق ائتمان وساهم بزيادة كمية وسائل الدفع بمقدار 3,750 دولار .
لنفترض أن الشخص الذي حصل على الائتمان البالغ 3,750 دولار استخدمه في شراء سلعة من شخص آخر ، حيث قام هذا الشخص الثالث بإيداع المبلغ في البنك التجاري صاحب الميزانية العمومية أعلاه ( أو في بنك تجاري ثاني ) هذا يعني أن البنك التجاري سوف يحصل على وديعة جديدة بمقدار 3,750 دولار ، ويكون على استعداد لتقديم ائتمان جديد بعد خصم 25% من الوديعة الجديدة على شكل احتياطي قانوني أي أنه قادر على منح 2,812.50 دولار ائتمان جديد لأحد العملاء ولذلك فإن ميزانية البنك التجاري ( الأول ) سوف تعكس الوضع الآتي الجديد :
ميزانية البنك التجاري ( الأول )
1,250 نقدية
3,750 ائتمان
937.50 نقدية
2,812.50 ائتمان
5,000 ودائع
3,750 ودائع
8,750 8,750
ويلاحظ هنا أن البنك التجاري ( الأول ) قد ساهم في خلق ائتمان جديد مقداره 2,812.50 دولار من الوديعة الجديدة البالغة 3,750 وبعد أن استقطع البنك 25% منها كاحتياطي قانوني .
ولا تختلف الحالة إذا قام المودع الأخير بإيداع مبلغ 3,750 دولار في بنك تجاري آخر ولنفرض البنك (الثاني) فإن ميزانية البنك الجديد (الثاني) سوف تأخذ الشكل الآتي بعد أن يستقطع البنك 25% من الوديعة ويقرض الباقي .
ميزانية البنك التجاري ( الثاني )
937.50 النقدية
2,812.50 الائتمان
3,750 ودائع
ولو تتبعنا هذا الائتمان الجديد 2,812.50 دولار سواء في البنك التجاري ( الأول أو الثاني ) فإنه سوف يعود إلى البنك ، لا محال وذلك على شكل وديعة جديدة ، من خلالها يستطيع البنك التجاري أن يحتفظ بجزء منها على شكل احتياطي قانوني ويقرض الباقي ، وهكذا تستمر عملية خلق الائتمان لتنتهي بمقدار يساوي ثلاثة أضعاف الوديعة الأصلية .
ع ( 1 – ح )
ح
ولكي نتمكن من تحديد ما يمكن أن يخلقه البنك التجاري من ائتمان تستخدم المعالة التالية :
مقدار الائتمان =
حيث أن :
ع = مقدار الوديعة الأصلية .
ح = نسبة الاحتياطي القانوني .
5,000 ( 1 – 25% )
25%
وعند تطبيق هذه المعادلة على وديعة مقدارها 5,000 دولار ، ونسبة الاحتياطي القانوني 25% فإن مقدار الائتمان الذي تستطيع البنوك التجارية خلقه هي 15,000 دولار كالتالي :
مقدار الائتمان = = 15,000 دولار
ويلاحظ أن مقدار ما خلقه البنك التجاري من ائتمان يساوي ثلاثة أضعاف الوديعة الأصلية ، أي أن البنك التجاري قد ساهم بزيادة وسائل الدفع داخل الاقتصاد بقيمة الائتمان الذي خلقه .
إن أهم ما يمكن ملاحظته أن قدرة البنوك التجارية في خلق الائتمان تتأثر بشكل مباشر بنسبة الاحتياطي القانوني الذي تفرضه السلطة النقدية ، وبواسطة نسبة الاحتياطي تتمكن السلطة التنفيذية من التأثير على قدرة البنوك التجارية خلق الائتمان عند فترة الركود الاقتصادي أو عند حالة الانتعاش.
لنفرض أن السياسة الائتمانية للسلطة النقدية قد أقرت أن تكون نسبة الاحتياطي القانوني 35% ، عليه فإن مقدار ما سوف تخلقه البنوك التجارية سوف ينخفض ليصل إلى 9,285.70 دولار.
5,000 ( 1 – 0.35)
0.35
وذلك كالتالي : = 9,285.70 دولار
5,000 ( 1 – 0.16)
0.16
في حين لو أقرت السلطة النقدية نسبة 16% كاحتياطي قانوني ، فإن قدرة البنوك على خلق الائتمان سوف تبلغ 26,250 دولار من الوديعة الأصلية .
وذلك كالتالي : = 26,250 دولار
ويلاحظ من التحليل أعلاه أن العلاقة بين قدرة البنوك التجارية في خلق الائتمان ونسبة الاحتياطي القانوني التي تقرها السلطة النقدية هي علاقة عكسية ، إذ تنخفض قدرة البنك في خلق الائتمان عندما ترتفع النسبة وتزداد عند انخفاضها ، وبهذا الأسلوب تكون السلطة النقدية ومن خلال السياسة الائتمانية قد تحكمت في الائتمان المصرفي داخل الاقتصاد في فترة عندما يحتاج الاقتصاد إلى سياسة انكماشية في الائتمان المصرفي وفي فترة الانتعاش الاقتصادي عندما يحتاج الاقتصاد إلى الائتمان المصرفي وذلك لأن قدرة البنوك التجارية على خلق الائتمان تحددها عوامل ثلاثة هي :
وجود أرصدة نقدية لدى البنوك التجارية.
أن تكون نسبة الاحتياطي أقل من واحد عدد صحيح.
حالة النشاط الاقتصادي التي تحكم الطلب على الائتمان ورغبة البنوك في تسهيل أو تضييق الائتمان .
وعلى ضوء هذا التحديد يمكن التوصل إلى الاستنتاج الآتي :
تتـناسب القدرة في خلق الائتمان تناسباً عكسياً مع نسبة الاحتياطي القانوني
يتماشى خلق الائتمان تماشياً طردياً مع مبلغ الوديعة الأصلية .
تضعف قدرة البنوك التجارية على خلق الائتمان إذا ما تسرب جزء من الائتمان إلى التداول .
البنك المركزي والسياسة النقدية :
طبيعة البنك المركزي :
يمثل البنك المركزي لأي دولة في مؤسسة وحيدة ، فلكل اقتصاد قومي مؤسسة مركزية مصرفية واحدة تقوم بالإشراف على الائتمان وإصدار النقود ، ويقوم البنك المركزي بتحويل الأصول الحقيقية إلى أصول نقدية ، فيتولى عملية إصدار النقود القانونية ، التي تتمتع بالقدرة النهائية والإجبارية على الوفاء بالالتزامات .
ولخطورة الوظائف التي يقوم بها البنك المركزي ، فهو مؤسسة عامة أي مملوكه للدولة وخاضعة لإشرافها ـ وتختلف أهداف البنك المركزي عن أهداف بقية أنواع البنوك الأخرى ، من حيث أنه لا يعتبر هدفه الرئيسي هو تحقيق أقصى ربح ، وذلك لأن البنك المركزي يسعى إلى تحقيق أهداف يغلب عليها الطابع القومي والمصلحة العامة .
الوظائف الأساسية للبنك المركزي :
يهدف البنك المركزي في المقام الأول إلى تدعيم النظام النقدي للدولة والإشراف على الأوجه المختلفة للنشاط المصرفي ، وفي سبيل ذلك فهو يقوم بمجموعة من الوظائف الأساسية سنتناولها بشيء من التفصيل على النحو التالي :
أولاً : إصدار أوراق البنكنوت :
يعتبر البنك المركزي محتكراً لعملية إصدار أوراق البنكنوت ، وتمثل هذه العملية الوظيفة الرئيسية للبنك المركزي ، ولذا سمي ببنك الإصدار ، وتقوم عملية الإصدار عن طريق تحويل البنك المركزي لأصول ( أو حقوق له لدى الغير ) إلى أوراق بنكنوت ، وهذه الأوراق المصدرة تمثل التزامات على البنك المركزي قبل الأفراد والمؤسسات الحائزة لهذه الوحدات النقدية المصدرة .
وكان إنفراد البنك المركزي بهذا الامتياز من العوامل الرئيسية التي ميزته عن البنوك التجارية العادية ، وزادت من مكانته عندما أصبحت أوراق البنكنوت المصدرة عملة قانونية لها قوة إبراء غير محدودة ، وعندما استخدمتها البنوك كاحتياطي مقابل الودائع ، ومن أهم المزايا المترتبة على تركيز وظيفة الإصدار في بنك مركزي واحد ما يلي :
زيادة ثقة الجمهور المتعاملين في أوراق النقد المصدرة .
تمكين البنك المركزي من التأثير في حجم الائتمان عن طريق التأثير في حجم الاحتياطيات النقدية التي تحتفظ بها البنوك التجارية مقابل الودائع .
تقديم ضمان أكبر ضد الإنفراد في إصدار أوراق النقد الذي قد ينتج عن تعدد بنوك الإصدار.
علماً أنه إذا كان إصدار أوراق البنكنوت هو من اختصاص البنك المركزي وحده ، فإن الدولة عادة ما تضع عدة قيود على نشاطه في هذا الخصوص ، بحيث تضمن عدم الإسراف في الكميات المصدرة بما يهدد باختلال التوازن الداخلي والخارجي .
وتختلف هذه القيود باختلاف نظم الإصدار ، ومن أهم نظم إصدار النقود ما يلي :
نظام الغطاء الذهبي الكامل :
وطبقاً له يتم إصدار قدر معين من النقود وتغطى بالكامل بالذهب ، وهذا النظام عديم المرونة حيث لا يمكن زيادة كمية النقود المصدرة إلا بزيادة الغطاء الذهبي .
نظام الإصدار الجزئي الوثيق :
وطبقاً له يتم تغطية قدر معين من الإصدار بسندات حكومية وكل ما تجاوز ذلك القدر يغطى بالذهب .
نظام الغطاء الذهبي النسبي :
وطبقاً له يتم تغطية أوراق النقد المصدرة بذهب يمثل نسبة من قيمتها ويغطى الباقي بعناصر أخرى مثل السندات والأذون الحكومية والكمبيالات التجارية .
ويكمن جمود هذا النظام في حدود نسبة الذهب المقررة ، حيث قد يعجز البنك المركزي عن تلبية احتياجات سوق النقد من أوراق البنكنوت إذا عجز عن توفير النسبة المطلوبة من الذهب .
نظام الحد الأقصى للإصدار :
وفقاً له يتم وضع حد أقصى لما يمكن للبنك المركزي أن يصدره من أوراق البنكنوت دون أي التزام بالاحتفاظ برصيد من الذهب ، وبطبيعة الحال فإن الحد الأقصى يكون قابلاً للتغير حسب الظروف .
نظام الإصدار الحر:
وفقاً له يتم خضوع حجم الإصدار إلى تقدير السلطات النقدية ، واضطرت بعض الدول تحت ضغط الظروف إلى عدم النص في قانون الإصدار على حد أقصى لما يمكن للبنك المركزي أن يصدره من أوراق بنكنوت ، وترك أمر تغيير حجم الإصدار كلية إلى تقدير السلطات النقدية .
وأخيراً إن الغطاء في معظم التشريعات الحديثة أصبح متنوع العناصر ، فقد يوجد إلى جانب الذهب العملات الأجنبية ، وأذون الخزانة وصكوك الحكومة وما شابه ذلك، في حين تشكل كمية أوراق البنكنوت المصدرة خصوم البنك المركزي ، فإن عناصر الغطاء تشكل أصوله ، ومن الضروري تعادل مجموع الأصول مع مجموع الخصوم .
ثانياً : القيام بدور بنك الحكومة ومستشارها المالي ووكيلها :
يقوم البنك المركزي بالاحتفاظ بالأرصدة النقدية للحكومة ، بتحصيل إيراداتها وصرف نفقاتها . كما ويحتفظ بحسابات المصالح والمؤسسات الحكومية ، فالحكومة تضع أموالها فيه ، ولهذا أهمية كبيرة في النظام بصفة عامة لأن ذلك يؤدي إلى نتائج تختلف تماماً عن تلك التي تترتب على احتفاظ الحكومة بحساباتها في البنوك التجارية .
ويقوم بوصفه وكيل بإصدار القروض العامة وبيع السندات الحكومية وأذون الخزانة نيابة عنها ، والإشراف على عملية الاكتتاب ، ويتعدى ذلك إلى تنظيم استهلاك وسداد الكوبونات ، وعموماً يتولى البنك كل ما يتعلق بإصدار ودفع فوائد وسداد قيمة القروض نيابة عن الحكومة .
هذا ويمثل مستشاراً للحكومة في الشئون المالية والنقدية فيمد الحكومة بالمعلومات والنصائح اللازمة لاتخاذ القرارات والسياسات الاقتصادية .
ثالثاً : توفير السيولة اللازمة للبنوك التجارية عند الضرورة :
يقوم البنك المركزي بدور البنك بالنسبة للبنوك الأخرى ، فيحتفظ بالأرصدة النقدية للبنوك التجارية ، وذلك بالإضافة إلى أنه يقوم بدور المقرض الأخير بالنسبة لهذه البنوك عن طريق تقديم القروض ( بضمانات معينة ) أو عن طريق إعادة خصم بض الأوراق التجارية والمالية .
وبطبيعة الحال يستطيع البنك المركزي أن يفرض- عند الإقراض أو إعادة الخصم- أسعار الفائدة التي تتراءى له حتى يحول دون التجاء البنوك التجارية لهذا الأسلوب بصفة متكررة بما لا يتفق مع الصالح العام .
رابعاً : القيام بعمليات المقاصة بين البنوك التجارية :
تحتفظ البنوك التجارية بجزء من احتياطياتها النقدية على هيئة ودائع لدى البنك المركزي ، وهذه الودائع تمكن البنك المركزي من تسوية المديونيات المتبادلة بين البنوك التجارية – نتيجة إيداع العملاء في بنوكهم شيكات مسحوبة على بنوك أخرى- ولذا يقوم البنك المركزي بدور الوسيط بين البنوك التجارية عن طريق ما يسمى بعملية المقاصة ، والمقاصة هي عملية تصفية للشيكات التي تتلقاها البنوك من عملائها بقصد تحصيلها لحسابهم من البنوك الأخرى .
خامساً : تنظيم الرقابة على الصرف الأجنبي :
إن فرض الرقابة على الصرف إنما يتضمن ضرورة موافقة السلطات النقدية على كل عملية من عمليات تحويل العملة الوطنية إلى عملة أجنبية أو العكس ، والواقع أن البنك المركزي يقوم بدور هام في تنظيم هذه العملية ، فهو الذي يحتفظ باحتياطيات الدولة من العملات الأجنبية ، ويحدد أسعار وشروط تعامل البنوك الأخرى في النقد الأجنبي بيعاً وشراءً .
سادساً : الرقابة على الائتمان :
يقوم البنك المركزي بمراقبة حجم الائتمان المصرفي عن طريق التحكم في كمية النقود المصرفية التي تستطيع البنوك إنشائها بهدف تجنب زيادة كمية النقود المتداولة عن حجم السلع والخدمات مما يجنب ارتفاع المستوى العام للأسعار الذي يسبب التضخم ، كما ويهدف إلى تجنب نقص كمية النقود عن حجم السلع والخدمات مما يجنب انخفاض المستوي العام للأسعار الذي يسبب ظاهرة الانكماش الاقتصادي .
ويقصد بالرقابة على الائتمان : تحكم البنك المركزي في حجم كمية النقود التي تستطيع البنوك التجارية أن تخلقها بما يتمشى مع مستوى النشاط الاقتصادي المرغوب فيه منعاً للتضخم أو تجنباً الانكماش .
ومن أهم الوسائل التي يستخدمها البنك المركزي في مراقبة وتوجيه الائتمان ما يلي :
تغيير سعر إعادة الخصم :
يقصد بسعر إعادة الخصم ( سعر الفائدة التي يتقاضاها البنك المركزي من البنوك التجارية نظير إعادة خصم ما لديها من كمبيالات وأذون أو ما يقدم لها من قروض وسلفيات مضمونة بمثل هذه الأوراق أو بغيرها ) .
إن سعر الخصم المحدد من قبل البنك المركزي والذي تقترض به البنوك التجارية يمثل المؤشر الذي تعتمد عليه البنوك التجارية في تحديد سعر الفائدة التي تمنح به قروضاً، فإذا ما قام البنك المركزي برفع سعر الخصم، فإن البنوك التجارية تقوم بنقل هذا العبء على عملائها عن طريق رفع سعر الفائدة على القروض ، مما يترتب عليه الحد من رغبة الأفراد في الحصول على الائتمان ، وبالتالي ينكمش حجم الائتمان ، والعكس تماماً في حالة قيام البنك المركزي بتخفيض سعر الخصم .
عمليات السوق المفتوحة :
ويقصد بها قيام البنك المركزي تلقائياً ببيع وشراء الأوراق المالية في سوق رأس المال بهدف التأثير على كمية النقود المتداولة في المجتمع .
وتعتبر هذه الوسيلة من الوسائل الفعالة في مقدرة البنوك على منح الائتمان ، فعندما يرغب البنك المركزي بتنشيط الحالة الاقتصادية للدولة فإنه يقوم بشراء الأوراق المالية ودفع قيمتها بشيكات مسحوبة عليه ، ويترتب على ذلك ما يلي :
عند تسليم البائعين لهذه الشيكات فإنهم يقومون بإيداعها لدي بنوكهم التجارية ، الأمر الذي يترتب عليه زيادة الاحتياطيات النقدية لهذه البنوك ، ومن زيادة حجم الودائع بأضعاف مقدار الزيادة في هذه الاحتياطيات .
زيادة النقد المتاح لدى الأفراد مما يؤدي إلى زيادة الطلب على السلع والخدمات وهو ما يحفز الإنتاج وزيادة العمالة ومن ثم ينتهي الأمر إلى حالة من الرواج العام ، وعلى عكس ذلك فإن ما ساد الدولة من الرواج تخشي معها السلطات المسئولة أن تؤدي إلى حالة من التضخم ، عندئذ يتدخل البنك المركزي بائعاً للأوراق المالية في سوق رأس المال ويقوم المشتري لهذه الأوراق بدفع قيمتها إما نقداً أو بشيكات .
تغيير النسبة القانونية للاحتياطي النقدي :
وتتمثل النسبة القانونية للاحتياطي النقدي في نسبة من الأرصدة النقدية التي تلتزم البنوك التجارية قانونياً بالاحتفاظ بها من قيمة الودائع لديها لدى البنك المركزي .
ويتناسب مقدرة البنك التجاري على خلق الودائع مع بقاء العوامل الأخرى على حالها عكسياً مع النسبة القانونية للاحتياطي النقدي ، ولما كان البنك المركزي هو الذي يقوم بتحديد هذه النسبة فإنه يستطيع استخدامها لتقييد أو تسهيل خلق الائتمان حسب الظروف الاقتصادية السائدة ، فإذا رغب البنك المركزي في مكافحة البوادر التضخمية في النشاط الاقتصادي فإنه يلجأ إلى رفع النسبة القانونية للاحتياطي النقدي ، أما إذا رغب في إتباع سياسة توسعية فيمكنه تخفيض هذه النسبة ، وفي هذه الحالة تسرع البنوك التجارية في زيادة أصولها وخصومها ، وبذلك يزيد الائتمان وتتضاعف الودائع وينتهي الأمر في النهاية إلى انتقال الاقتصاد القومي من حالة الكساد إلى حالة الانتعاش .
وجدير بالذكر أن سياسة تغيير النسب القانونية للاحتياطي النقدي تعتبر من أقوى الأسلحة النقدية التي يمكن للبنك المركزي استخدامها في الدول الآخذة بأسباب النمو حيث أن استخدام عمليات السوق المفتوحة يكاد يكون مستحيلاً بسبب ضيق سوق رأس المال ، هذا بالإضافة إلى أن سياسة تغيير سعر إعادة الخصم تكون محدودة الأثر بسبب ضيق سوق الخصم في هذه الدول .
تحديد هامش الاقتراض :
المقصود بذلك هو اشتراط البنك المركزي بضرورة قيام الأفراد بتمويل جانب من مشترياتهم من الأوراق المالية على أن يتم الجزء الباقي عن طريق الاقتراض من البنوك التجارية إذا ما رغبوا في ذلك . وفي حالة الرواج يمكن أن ترتفع هذه النسبة تجنباً للتضخم ، أما في حالة الكساد فيمكن أن تنخفض تجنباً للانكماش.
وضع حد أعلى لسعر الفائدة الممنوح للودائع الجارية :
قد تتنافس البنوك التجارية بغرض زيادة ودائع زيادة ودائع العملاء ، فتمنح فوائد على الودائع الجارية أو تتنازل عن شروط مرور فترة زمنية لسحب الودائع الآجلة ، وقد يؤدي هذا إلى ارتفاع أسعار الفائدة ارتفاعاً كبيراً، ولذا فإن البنك المركزي قد يضع حداً أعلى للفوائد التي تمنح على الودائع الجارية لا يجب على البنوك التجارية أن تتخطاه ، وبالطبع فإن الحد يكون قابلاً للتغيير حسب الظروف الاقتصادية ، فينخفض في حالة الزواج ويرتفع في حالة الكساد .
الرقابة على شروط البيع بالتقسيط :
يؤدي نظام البيع بالتقسيط إلى زيادة الاستهلاك بصفة عامة ، ويمكن للبنك المركزي أن ييسر شروط هذا البيع في حالة الكساد عن طريق انخفاض الحد الأدنى لما يدفع مقدماً من ثمن السلعة ، أو إطالة مدة التقسيط ، أو غير ذلك ، كما يمكن أن يقيد من الشروط في حالة الرواج عن طريق رفع الحد الأدنى لمقدم الثمن أو تقصير مدة التقسيط أو خلافه .
الرقابة على الائتمان العقاري :
من المعلوم أن مشكلة الإسكان تعتبر من المشكلات الرئيسية في معظم الدول إن لم يكن في جميع دول العالم ، وقد يتمكن البنك المركزي المساهمة في التخفيف من حدتها عن طريق تسهيل الحصول على القروض لبناء المساكن وذلك عن طريق تخفيض المقدم وإطالة مدة القرض وغير ذلك .
التأثير الأدبي :
يمكن للبنك المركزي إذ ما رغب في إتباع سياسة انكماشية ( أو توسعية ) أن يدعو المسئولين عن إدارة البنوك التجارية ويصدر إليهم توجيهات بشأن تخفيض (أو زيادة) القروض التي يمنحوها للعملاء وتقليل ( أو زيادة ) استثماراتهم بصفة عامة ، وإذا كان التأثير الأدبي يعني في الظاهر مجرد التوجيه فإن فاعليته علمياً أبعد من ذلك بكثير .
السياسة النقدية :
تتمثل السياسة النقدية في ذلك الفرع من السياسة الاقتصادية الذي يسعى إلى تحقيق الأهداف النهائية للاقتصاد الكلي ، من رفع مستوى العمالة إلى مستوى التوظيف الكامل ، والعمل على استقرار الأسعار ، والسعي إلى تحقيق النمو أو التنمية الاقتصادية ، والعمل على تحقيق التوازن في ميزان المدفوعات ، هذه السياسة يقوم أو يشارك في وضعها ممثل السلطة النقدية في الاقتصاد وهو البنك المركزي وذلك من خلال الأدوات والوسائل التي يستخدمها البنك المركزي والمذكورة آنفاً من خلال وظائفه .
مفهوم السياسة النقدية :
تتمثل أدوات السياسة النقدية في تغيير العرض النقدي في المجتمع والائتمان المصرفي ، ويؤثر هذا في مستويات أسعار الفائدة ، وبدوره في مستوى الاستثمار ، ومن ثم في الطلب الكلي ، وبالتالي يؤثر في مستوى النشاط الاقتصادي .
ويتولى إدارة السياسة النقدية البنك المركزي ، حيث يتحكم في العرض النقدي في المجتمع من خلال التأثير في عديد من المتغيرات التي تحكم قدرة البنوك على منح الائتمان ، فضلاً عن التحكم في الإصدار النقدي الجديد ، ويؤثر هذا في أسعار الفائدة ، ومن ثم في حجم الاستثمار الذي يمثل مكوناً من مكونات الطلب الكلي .
ففي ظل ظروف الركود أو الكساد الاقتصادي يتبع البنك المركزي سياسة نقدية توسعية ويزيد من العرض النقدي في المجتمع ، ويترتب على ذلك الأمر انخفاض في أسعار الفائدة ومن ثم يزداد الاستثمار وبالتالي يزداد مستوى الطلب الكلي ، مما يؤدي في النهاية إلى زيادة مستوى الناتج القومي ومستوى التوظيف ، فضلاً عن ارتفاع معدل النمو الاقتصادي ، بينما في ظل ظروف التضخم فإن البنك المركزي يتبع سياسة نقدية انكماشية ترمي إلى تخفيض العرض النقدي بالمجتمع ، ومن ثم ارتفاع أسعار الفائدة ، وبالتالي ينخفض مستوى الاستثمار وبدوره مستوى الطلب الكلي ، وهذا يحد في النهاية من الارتفاع في المستوى العام للأسعار .
النموذج الكينزي لتحديد التوازن
نموذج : IS/LM
يمثل النموذج الكينزي أحد أشهر مداخل دراسة الاقتصاد الكلي بشكل عام والاقتصاد النقدي بشكل خاص . فمنذ أن وضع جون هيكس ( John Hicks,1937) النظرية الكينزية ( Keynesian theory ) في نموذج أطلق عليه نموذج IS/LM ، أصبح استخدامه شيئاً اعتيادياً .
في الحقيقة ، يستمد هذا من النموذج الكينزي الذي يعرف بنموذج 45ْ ، الذي يقوم على تحديد التوازن بين الطلب الكلي الذي يتكون من الاستهلاك والاستثمار والإنفاق الحكومي ، والعرض الكلي الذي يمثله الناتج القومي أو الدخل القومي ، ويعاني نموذج 45ْ لتحديد التوازن في ذاته من نقاط قصور عدة من بينها :
أنه لا يتناول سوق النقود إذ يغيب عنه الطلب على النقود وعرض النقود ، وبذلك يفسر التغيرات في سعر الفائدة .
يبتعد عن الواقع الاقتصادي الذي يملي وضعاً يتفاعل فيه سوق النقود وسوق السلع مؤثراً الوضع فيهما في الإنتاج وحالة الاقتصاد .
أما الامتداد للنموذج الكينزي الأساسي، وهو نموذج IS/LM فإنه يشمل سوق السلع وسوق النقود مما يوفر أداة لتوضيح أثر السياسة النقدية والمالية في الاقتصاد.
معادلة LM
بما أن منحنى LM هو حاصل توليفات التوازن بين الطلب على النقود وعرض النقود فهذا يتطلب معادلة للطلب على النقود ومعادلة لعرض النقود .
الطلب على النقود :
باستخدام المعادلة نجد أن الطلب على النقود يعتمد علي Y وعلى R .
= f ( Y , R)
عند وضعها على شكل معادلة محددة تصبح :
Md/P = LO + Ly Y – 1r R
حيث أن :
Y = الدخل الحقيقي ، R = سعر الفائدة الحقيقي .
LO = الطلب على النقود المستقل على R وY .
Ly = معامل Y ويقيس مدى تأثير Md/P بتغيرات في Y .
1r = معامل R ويقيس مدى تأثير Md/P بتغيرات في R .
عرض النقود :
افترض أن عرض النقود دالة محددة يكون فيها العرض مستقلاً عن R وY ويحدد طبقاً لاختيارات البنك المركزي ، أي أن عرض النقود تمثله دالة مستقلة وليست سلوكية وتصبح :
=
معادلة التوازن في سوق النقود
عندما يمثل سوق النقود بنقطة على منحنى LM ، فإنه في حالة توازن . هذا يعني أنه على أي نقطة على منحنى LM حيث يتحقق التوازن في سوق النقد ، فإن الكمية المطلوبة تساوي الكمية المعروضة ، جبرياً هذا يعني :
Md/P = LO + Ly Y – 1r R =
حل المعادلة لقيمة R تصبح :
R=
معادلة LM :
R = +
مشتقة R بالنسبة لمستوى الدخلY ( أي التغير في R الناتج عن تغير في Y فقط ) هي تمثل ميل منحنى LM ويساوي :
=
وهو التغير الناتج في R نتيجة تغير في Y بافتراض ثبات باقي العوامل المؤثرة في R إذ أن تغيرات في L أو L تؤدي إلى تغير في ميل المنحنى . على سبيل المثال ، مع الحفاظ على L ثابتة ، فإن زيادة في مرونة الطلب على النقود في الدخل L تؤدي إلى زيادة في ميل منحنى LM . أما زيادة في L مع الحفاظ على ثبات L فإنها تؤدي إلى زيادة في ميل LM ، أي أنه يتجه ليصبح أقرب إلى الخط الأفقي . ولاحظ أنه يمكن تحديد معادلة LM من خلال حلها لقيمة Y أيضاً .
معادلة IS :
يمكن اشتقاق معادلة تمثل التوازن في سوق السلع من خلال المعادلات التالية .
الإنفاق الخاص :
افترض أن الإنفاق الخاص ( الاستهلاك ) تمثله المعادلة التالية :
C = + c * Yd
حيث أن :
Co = الاستهلاك التلقائي المستقل عن صافي الدخل Y .
c = معامل يقيس التغير في C نظير تغير في صافي الدخل ، وهو الميل الحدي للاستهلاك .
Yd = صافي الدخل بعد خصم الدخل .
الاستثمار الخاص :
افترض أن الاستثمار يعتمد على الدخل وسعر الفائدة ، إذن :
I = Io – Ir R + Iy Y
حيث أن :
Io = الاستثمار المستقل .
Ir = حساسية الاستثمار لتغيرات في R ( مرونة الاستثمار في سعر الفائدة عند التحويل اللوغريثمي ) .
Iy = حساسية الاستثمار لتغيرات في Y ( مرونة الاستثمار في الدخل عند التحويل اللوغريثمي ) .
الإنفاق الحكومي :
افترض أن الإنفاق الحكومي مستقلاً عن R وعن Y وتعبر عنه المعادلة التالية :
G = Go
معادلة التوازن في سوق السلع :
بما أن IS يمثل حالات التوازن بين الطلب على السلع وعرض السلع ، فإنه هناك حاجة لمعادلة توازن تبين أن الطلب الكلي Y يساوي العرض الكلي AD :
Y = C + I + G = AD
حل المعادلات السابقة للتوازن في سوق السلع من خلال التعويض عن قيمتها في :
Y = Co + c Yd + Io – Ir R + Iy Y + Go
أن صافيY هو حاصل الفرق بين الدخل الكلي Y والضرائب المفروضة عليه وأطلق عليها T . فإذا لم تكن هناك ضرائب ، فإنYd = Y . افترض أنه ليس هناك ضرائب ، عندئذ حل المعادلة لقيمة Y ، لتصبح :
Y = Co + c Y + Io – Ir R + Iy + Go
معادلة IS :
Y =
يلاحظ أن الدخل يعتمد على سعر الفائدة ضمن عوامل أخرى ، ويمكن من خلال تقدير التغير في هذه المعادلة اشتقاق ميل منحنى IS وهو التغير في سعر الفائدة نتيجة تغير في الدخل ، أو بأخذ المشتقة الجزئية للمتغير R نتيجة تغير Y ، وعلى النحو الآتي :
Ir R = Co + Io + Go – Y (1 – C – Iy )
R =
بأخذ المشتقة الجزئية يصبح ميل منحنى IS :
=
ويعبر الميل عن التغير في سعر الفائدة الناتج عن تغير في Y بافتراض الحفاظ على باقي العوامل المؤثرة في R ثابتة .
يتضح من هذا أن ميل منحنى IS يعتمد على قيم C و Iy و Ir . على سبيل المثال ، ارتفاع قيمة Iy ( تناقص في بسط معادل الميل ) يؤدي إلى تناقص في ميل المنحني ، أي أنه يصبح أقرب إلى الخط الأفقي المستقيم من وضعه قبل التغير في Iy . وكذلك الحال بالنسبة للمعامل C . أما إذا كان المستثمرين يتصفون بدرجة حساسية عالية ( مرونة عالية ) تجاه تغيرات في سعر الفائدة ، فإن Ir تكون كبيرة .
وارتفاع قيمة هذا المعامل مع الحفاظ على باقي مكونات معادلة ميل منحنى IS ثابتة ، يؤدي إلى تناقص في ميل المنحنى .
التوازن وفاعلية السياستين المالية والنقدية
أولاً : إن أي نقطة على منحنى IS تمثل توليفة من الدخل Y وسعر الفائدة R تجعل سوق السلع في توازن.
ثانياً : إن أي نقطة على المنحنى LM تمثل توليفة من الدخل Y وسعر الفائدة R تجعل سوق النقود في توازن .
والمقصود بالتوازن في الوضع الأول هو أن تتساوي الكمية المطلوبة من السلع التي يحددها الطلب الكلي ، بالكمية المعروضة من السلع التي تعكسها الناتج أو الدخل القومي . أما في الحالة الثانية ، فإن التوازن يتحقق إذا تساوت الكمية المطلوبة من النقود مع الكمية المعروضة منه . ويما أن الواقع يتسم بوجود السوقين معاً ، وأن سعر الفائدة ومستوى الدخل اللذان يتحقق التوازن في السوقين عندهما هما نتاج للعوامل التي تحرك قوى العرض والطلب في هذين السوقين ، فإننا نبحث في التوازن في السوقين ومدى فاعلية السياستين المالية والنقدية وأثرهما في النشاط الاقتصادي .
لنبدأ بالشكل (1) إذا رسم منحنى IS ومنحنى LM ، وبما أن النقطة A تقع على المنحنين في نفس المكان ، فإنها تعكس توليفة من R1 و Y1 تحقق التوازن في السوقين معاً .
الشكل (1)
R
R1
A
LM
IS
Y
Y1
التوازن في سوق النقود وسوق السلع
بالرغم من أن التوازن هو هدف النموذج الاقتصادي ، فإن هذا لا يعني أن التوازن ظاهرة مستمرة في كل الأوقات . فالتوازن المطلوب هو ذاك الذي لو تعرض سوق السلع وسوق النقود أو أي منهما عنده لصدمات أبعدت أي منهما أو كليهما عنه ، فإنه توجد قوى ذاتية في السوقين تدفعهما تجاهه ، ويمكن حصر حالات عدم التوازن التي يمكن أن يتعرض لها أي من السوقين أو كليهما في الشكل الآتي :
الشكل (2)
R
F
LM
IS
A
B
عجز في سوق النقود
عجز في سوق السلع
عجز في سوق النقود
فائض في سوق السلع
فائض في سوق النقود
فائض في سوق السلع
فائض في سوق النقود
عجز في سوق السلع
G
E
C
H
I
D
حالات عدم التوازن في سوقي السلع والنقود
Y
إن النقطتين B و C تقعان على منحنى LM ، إذن فهما تمثلان نقطتي توازن في سوق النقود . أما النقطتين D و E فإنهما تمثلان حالتي توازن سوق السلع لأنهما يقعان على منحني IS أما نقطة التوازن A فإنها الحالة الوحيدة التي يكون عندها سوق النقود وسوق السلع في حالة توازن، إن أي نقطة تقع إلى اليسار منحنى LM تمثل حالة فائض في سوق النقود . بينما تمثل أي نقطة إلى يمين المنحنى ذاته حالة عجز في نفس السوق . لذا فإن النقطتين G و H إضافة إلى نقطة E تمثل حالات عجز في سوق النقود . فإذا كان هناك عجزاً فإن سعر الفائدة لا بد أن يرتفع حتى يتحقق التوازن عند نقطة ما على منحنى LM . من جانب آخر ، إذا كان الاقتصاد عند أي من النقاط F و D و I ، فإن سوق النقود يصبح في حالة فائض مما يتطلب تناقصاً في سعر الفائدة لكي يتحقق التوازن في هذا السوق . من جانب آخر عند مستويات دخل وسعر فائدة تمثلها نقاط مثل C و I و H ، يكون هناك عجزاً في سوق السلع وهو يتطلب زيادة في الإنتاج وهو ما يمكن تحقيقه من خلال زيادة في الاستثمار حتى يتحقق التوازن في سوق السلع. أما بالنسبة للنقاط التي تقع إلى يمين منحنى IS كالنقاط G،F،B ، فيكون سوق السلع عندها في حالة فائض.
نخلص من هذا أن أي توليفة من سعر الفائدة والدخل تكون في المنطقة التي تقع إلى يمين منحنى LM ويسار منحنى IS ( مثل النقطة H ) ، يعاني عندها السوقين من العجز ، وأن أي توليفة من سعر الفائدة والدخل تكون في المنطقة التي تقع إلى يسار منحنى LM ويمين منحنى IS ( مثل النقطة F ) ، يتصف فيها السوقين بالفائض ، أما إذا كانت التوليفة إلى يمين المنحنى LM ويمين منحنى IS مثل النقطة G ، فإن سوق النقود يعاني من عجز في الوقت الذي يتسم سوق السلع بالفائض . من جانب آخر ، إذا كانت التوليفة منR و Y إلى يسار منحنى LM ويسار منحنى IS ، فإن سوق السلع يعاني من عجز في الوقت الذي يكون سوق النقود في حالة فائض .
تغيرات في السياسة المالية والسياسة النقدية :
بناء على ما سبق يبدو أن التصحيح في سوق النقود يكون مصدره تغيرات في عرض النقود وتأثيره في سعر الفائدة ، بينما يأتي التصحيح للاختلالات في سوق السلع من خلال تغيرات في مستوى الدخل (الإنتاج) . لنوضح هذا من خلال استعراض الحالات التالية :
أولاً : زيادة في عرض النقود ( سياسة نقدية وتوسعيه ) :
سواء من منطلق توفير موارد إضافية للقطاع المصرفي من أجل التوسع في منح التسهيلات الائتمانية ، أو من منطلق الإيفاء بالتزامات الحكومة تجاه سندات سبق وأن أصدرتها ، فإن زيادة في عرض النقود ناتجة عن تخفيض نسبة الاحتياطي الإلزامي أو تشجيع البنك المركزي للبنوك على منح تسهيلات ائتمانية مثلاً ، تؤدي إلى انتقال في منحنى LM إلى يمين كما هو موضحاً في الشكل ( 3 ) .
الشكل ( 3 )
LM1
أثر زيادة عرض النقود في التوازن
R
R2
R1
R3
Y1 = Y2
A
Y4
Y3
C
LM2
IS1
Y
B
بافتراض انخفاض سعر الفائدة منR1 إلى R2 ، مما يؤدي إلى توازن آني في سوق النقود ، إذ أن منحنى LM الذي يعكس الزيادة في عرض النقود ويحقق التوازن في هذا السوق هو LM2 ، فإن الزيادة في عرض النقود تنقل سوق السلع إلى حالة عجز عند النقطة B ، ويقدر العجز بالمسافة بين مستوى الدخل Y2 = Y1 والمستوى Y4 . هذا يعني أن هناك طلباً إضافياً على السلع المنتجة في سوق السلع لا يمكن استيفاؤه في ظل المستوى الحالي للإنتاج . يترتب على هذا ، أن المستثمرين يلجأون إلى الاقتراض من القطاع المصرفي أو السحب من ودائعهم بغية زيادة استثماراتهم. وفي سعي منها لتقليل حجم الطلب على مواردها، تبدأ البنوك بالمنافسة على موارد الجمهور من خلال رفع سعر الفائدة ، ليساهم في تقليل الاستهلاك الخاص مما يعني ارتفاع في الفائدة من R2 تجاه R3 ، إلا أن هذا الارتفاع سيؤدي إلى تناقص في مستوى الإنتاج نتيجة تناقص الطلب على السلع من جانب الجمهور ، وتناقص في مستوى الاستثمار جراء ارتفاع تكلفة الاقتراض . وتستمر التغيرات حتى الوصول إلى النقطة C إذ تتساوى الكمية المطلوبة مع الكمية المعروضة في سوقي السلع والنقود .
ومن خلال مقارنة وضع كل من سعر الفائدة والدخل قبل وبعد المبادرة التي تمثلت بسياسة نقدية توسعية، يتضح أن R3 < R1 وأن Y3 > Y1 ، وهو ما يبرهن على أن التوسع في عرض النقود قد أسهم في تنشيط الاقتصاد والنهوض به . في هذه الحالة ، أي عندما تتمكن سياسة ما من التأثير في Y نصفها بالفاعلية. نخلص للقول أن هذه السياسة النقدية فعالة .
ثانياً : زيادة في مستوى الإنفاق الحكومي ( سياسة مالية ) :
هناك احتمال أن تلجأ الحكومة إلى تبني سياسة مالية توسعية تقوم على أساس زيادة في الإنفاق الحكومي مع ثبات السياسة النقدية . افترض أن الشكل (4) يمثل الوضع قبل وبعد زيادة الإنفاق الحكومي ، إذ أن LM1 و IS1 والنقطة A تمثل الوضع قبل الزيادة .
الشكل (4)
R
R2
R1
Y1
A
Y2
Y3
C
LM1
IS2
Y
B
IS1
أثر زيادة الإنفاق الحكومي في التوازن
يؤدي التوسع في الإنفاق الحكومي إلى انتقال منحنى IS من IS1 إلى IS2 ، وهذا لا يتطلب تغيراً في سعر الفائدة ، إذ كان الهدف هو الحفاظ على التوازن في سوق السلع ، لأن الدخل ارتفع من Y1 إلى Y2. إلا أن عند النقطة B يصبح سوق النقود في وضع عدم التوازن ويكون في حالة عجز ، لأن الزيادة في الدخل تتطلب زيادة في الطلب على النقود من أجل إتمام معاملات التبادل الإضافية . وحتى يتناقص الطلب على النقود ، لابد أن ترتفع المكافأة المقدمة لمن يقلل طلبه عليها ، ويأتي هذا من خلال ارتفاع سعر الفائدة من R1 إلى R2 . يترتب على هذا الارتفاع تناقصاً في مستوى الإنفاق الخاص على الاستهلاك ، وتناقصاً في مستوى الاستثمار. إنه فقط عند النقطة C يعود التوازن إلى سوق النقود مع الحفاظ على التوازن في سوق السلع على طول المنطقة بينB و C . لاحظ أن الارتفاع في سعر الفائدة الذي ترتب على زيادة الإنفاق الحكومي ، أدى في نهاية المطاف إلى تناقص في مستوى الدخل من Y3 إلى Y2 نتيجة تناقص الاستهلاك والاستثمار الناتج عن ارتفاع سعر الفائدة ، إلا أن Y3 تبقى أكبر من Y1 ، وهو ما يعكس فعالية السياسة المالية في تنشيط الاقتصاد .
التناقص في الدخل من Y2 إلى Y3 يطلق علية ناتج أو أثر المزاحمة ، أي أن القطاع الحكومي نافس القطاع الخاص على الموارد مما أدى إلى ارتفاع تكلفتها (سعر الفائدة) . أما مقدار هذا الناتج فإنه يعتمد على مرونة طلب وعرض النقود في سعر الفائدة ، أي مرونة منحنى LM ، إذ يلاحظ أنه كلما انخفضت مرونة LM كلما كان مقدار المزاحمة أكبر .
هذا يعني أن فعالية السياسة النقدية أو السياسة المالية تعتمد على مرونة منحنى IS ومرونة منحنى LM .
2- فعالية السياسة المالية والسياسة النقدية :
للتأكد من مدى فعالية إحدى السياستين في الاقتصاد، أي في قدرتها على التأثير في الدخل ، افترض أن سوق النقد المحلي يتصف بغياب أثر تغير في سعر الفائدة على الطلب على النقود . هنا لا يبالي الجمهور بالتغيرات في المكافأة التي تقدم لهم جراء تنازلهم عن نقود يحتفظ بها لديهم . الشكل (5) يوضح منحنى LM1 الذي أصبح خطاً عمودياً يعكس توازن سوق النقد عند جميع نقاطه ، وكذلك منحنى IS1 الذي نفترض أنه مرناً في سعر الفائدة .
الشكل (5)
عدم فعالية السياسة المالية
R
R2
R1
Y1
A
LM1
IS2
Y
B
IS1
خلال فترات الركود إذ ينكمش الاقتصاد ، يمكن أن تتبنى الحكومة سياسة مالية توسعية بهدف إنعاش الاقتصاد . تذكر أن فعالية أي من السياستين تحدد بمدى قدرتها على التأثير في Y . فالزيادة في الإنفاق الحكومي تؤدي إلى انتقال منحنى IS1 إلى IS2 بمقدار الزيادة في الإنفاق .كما يلاحظ من الشكل فإن التوازن في السوقين يتطلب الوصول إلى النقطة B ( يمكن أن تبدأ بافتراض ثبات R عند R1 وتأخذ الطريق التفصيلي للوصول إلى B ، إلا أننا نتجاهل هذا في هذه الحالة للتركيز على المرونات ) . وهو ما يتحقق من خلال ارتفاع سعر الفائدة من R1 إلى R2 . إلا أن الدخل لم يتغير مما يعني أن السياسة المالية عديمة الفاعلية وهو ما يفسر ميل المنحنى LM هنا ، منحنى LM1 عديم المرونة في سعر الفائدة مما يتطلب أن يتحمل سوق السلع كافة الآثار الناجمة عن التغير في الإنفاق الحكومي ، ويقوم على أثر ذلك بالتغيرات التي تكفل الوصول إلى النقطة B . فمزاحمة القطاع الحكومي للقطاع الخاص (المستثمرين) على الموارد المالية ، تؤدي إلى تناقص في حجم الاستثمارات بمقدار يساوي الزيادة في الإنفاق الحكومي ، لأن هذه المزاحمة أدت إلى ارتفاع في سعر الفائدة مما أثر سلباً على الاستثمارات الخاصة . أي أن التوسع في الإنفاق العام ترك أثر كامل للمزاحمة مقارناً بالحالة السابقة في الشكل (4) ، إذ زاحم القطاع الخاص بشكل جزئي . وبما أنه لو يطرأ تغير في الدخل ، فإنه بسبب مرونة LM في سعر الفائدة التي تساوي صفراً ، لم تستطيع السياسة المالية التأثير في الدخل .
تذكر أن الطلب على النقود عديم المرونة في سعر الفائدة لأنه طلب مستمد من الدخل . إذن فالشكل (5) يمكن أن يمثل هذا الموقف ، وهذا يعني لا يوصي بتدخل الحكومة في الاقتصاد بغية إنعاشه ، لأنه لن تكون لسياساتها التوسعية نتائج ايجابية على الدخل ، بل ستؤدي إلى ارتفاع في سعر الفائدة وانحسار لدور القطاع الخاص. هل هذا يعني أن السياسة المالية دائماً غير فعالة ؟ لا . فلقد جادل كينز أن المنحنى LM مطلق المرونة ، أي أن الطلب على النقود مطلق المرونة في سعر الفائدة . في هذا الوضع ، يصبح منحنى LM خطاً أفقياً مستقيماً كما هو موضحاً في الشكل (6) بوصف وضع كهذا بمصيدة السيولة إذ أن سعر الفائدة يكون منخفضاً في الأساس مما يدفع الأفراد إلى تفضيل النقد الحاضر لديهم على أوجه الاستثمار الأخرى ولن يكون لتخفيض هذا السعر أي مبرر لحثهم على الاحتفاظ بالمزيد من النقد حاضراً لديهم.
الشكل (6)
منحنى LM مطلق المرونة
Y
R
L
افترض أنه طرأت زيادة في عرض النقود، ما هو أثر هذه السياسة النقدية التوسعية في حجم الناتج القومي؟ في هذه الحالة ، يبقى منحنى LM كما هو ، ولن يتأثر سعر الفائدة أو الدخل القومي وبذلك تصبح السياسة النقدية عديمة الفاعلية .
من جانب آخر ، دفاعاً عن أهمية السياسة المالية ، جادل كينز أن زيادة الإنفاق الحكومي في هذه الحالة ستؤدي إلى انتقال في منحنى IS إلى اليمين ، ما تترتب عليه زيادة في الدخل (الإنتاج) من Y1 إلى Y2 دون أن تترك هذه الزيادة انعكاسات على سعر الفائدة ، وهذا موضحاً في الشكل (7) .
الشكل (7)
R
R1
Y1
A
Y2
LM1
IS2
Y
B
IS1
سياسة مالية فعالة
إلى جانب الموقف الكينزي الأساسي الذي اعتبر منحنى LM مرناً في سعر الفائدة وتكون السياسة النقدية عديمة الجدوى، افترض أن منحنى LM1 موجب الميل، وأن الاستثمار الخاص لا يعتمد على سعر الفائدة مما ينتج عنه منحنى IS1 يكون خطاً رأسياً كما هو موضحاً في الشكل (8)، إذ يكون السوقين في حال توازن عند النقطة A ويكون R1 هو سعر الفائدة و Y1 هو مستوى الدخل. عندما يزيد عرض النقود، فإن منحنى LM1 ينتقل إلى LM2، ويتناقص سعر الفائدة إلى R2 دون أن يتأثر الدخل. فنظراً لعدم مرونة الاستثمار في سعر الفائدة، فلن يرد المستثمرون على التناقص فيه. للخروج من هذا الوضع، يمكن أن يزيد الإنفاق الحكومي ويؤدي إلى انتقال في منحنى IS1 إلى IS2 مؤدياً إلى زيادة الدخل ليصل إلى Y2. أما أثر هذا في سعر الفائدة فإنه يعتمد على مقدار الانتقال في منحنى IS مقارناً بالانتقال في منحنى LM فهناك احتمال أن يتناقص أو يتزايد سعر الفائدة أو يبقى عند R1 كما افترضنا في هذا الشكل. فإذا كان الانتقال في منحنى LM أكبر من الانتقال في منحنى IS، فسوف يتناقص سعر الفائدة ويزيد الدخل. أما إذا كان الانتقال في IS أكبر من الانتقال في LM، فسوف يرتفع سعر الفائدة ويزيد الدخل.
الشكل (8)
R
R2
R1
Y1
A
Y2
C
LM1
IS2
Y
B
IS1
أثر تغير متزامن في LM و IS في الاقتصاد
LM2
والوضع الذي يصبح فيه كلتا السياستين فاعلة ، هو الذي يكون فيه منحنى LM ذا ميل موجب ومنحنى IS ميل سالب ، مع اختلاف في درجة الفاعلية طبقاً لدرجة ميل كل منحنى مقارناً بالآخر . بإيجاز :
تصبح السياسة النقدية أكثر فاعلية أكثر فاعلية ، إذ كان منحنى IS قريباً من كونه خطاً أفقياً ، أي أنه عالي المرونة في سعر الفائدة ، في حين أن منحنى LM منخفض المرونة في سعر الفائدة ، أي أنه يقترب من الخط الرأسي .
تصبح السياسة المالية أكثر فاعلية إذا كان منحنى IS قريباً من كونه خطاً رأسياً ، أي أنه منخفض المرونة في سعر الفائدة ، في حين أن منحنى LM عالي المرونة في سعر الفائدة ، أي أنه يقترب من الخط الأفقي .
ينظر النموذج الكينزي إلى الطلب على النقود كونه يتأثر بسعر الفائدة ، إذ أن ارتفاع في تكلفة الاحتفاظ بالنقود ( ارتفاع سعر الفائدة ) يدفع الأفراد إلى التقليل مما لديهم من نقود مفضلين الاحتفاظ بها في حسابات تعود عليهم بفوائد وقنوات استثمارية أخرى ، وهو بذلك يفسر التغيرات الاقتصادية التي تنتج عن تغيرات في سعر الفائدة . من هنا يعتبر دور سعر الفائدة في النموذج الكينزي أساسياً لتوضيح آلية عمل السياسة النقدية . فالتغير في عرض النقود يعمل على تغيير سعر الفائدة ، الذي بدوره يؤثر في الاستثمار ويساهم في تحريك الدخل القومي من خلال مضاعف الاستثمار ، وحتى يكون للتغير في عرض النقود فعالية في النموذج الكينزي ، فإنه لابد أن يستجيب سعر الفائدة له سواء كان الاقتصاد في حالة انتعاش أو انكماش ، وإذ لم يستجيب فلن تصبح للسياسة النقدية فعالية .
من جانب آخر ، تناول بعض النقاد الاقتصاديين هذا النموذج بشيء من التحفظ ، إذ يرون أن العلاقة بين الطلب على النقود والدخل ليست بالضرورة علاقة قوية ، فإذا أخذنا بالمعطيات الاقتصادية المعاصرة واستخدام وسائل أخرى للمعاملات بشكل شائع ، كاستخدام بطاقات الائتمان ، لوجدنا أن الكثير من هذه المعاملات لا يتطلب استخداماً مباشراً للنقود . كما أن العلاقة بين الطلب على النقود وسعر الفائدة كما طرحها النموذج الكينزي تعرضت للنقد، إذ أكد النقاد على أن سعر الفائدة الذي توليه القطاعات الاقتصادية أهمية هو سعر الفائدة الحقيقي وليس الاسمي ، إذ أن الطلب على النقود في هذا النموذج يعتمد على سعر الفائدة الاسمي . يترتب على هذا أن المتغير الأجدر بالاهتمام هو سعر الفائدة الذي يعكس الفارق بين العائد الحقيقي على النقود والعائد الحقيقي على العوائد على البدائل . أضف إلى هذا أنه لا يمكن القول أن المتغير الأهم بالنسبة للمستثمرين هو سعر الفائدة فقط ، إذ لا يمكن إغفال المتغيرات الأخرى التي تساهم في صنع القرارات الاستثمارية مما يقلل من انفرادية سعر الفائدة كمحدد للاستثمار تعمل من خلاله السياسة النقدية على تحريك دفة الاقتصاد .
أما النقديون فلا يرون ضرورة تغير سعر الفائدة حتى يكون للسياسة النقدية ( تغير في عرض النقود ) فاعلية . فالتغير الذي سيطرأ على الناتج القومي قد ينتج عن تناقص إنفاق الأفراد على السلع والخدمات والأوراق المالية نتيجة تناقص في عرض النقود ، ويبدو من هذا ليس هناك ضرورة أن يكون لسعر الفائدة دور في تفعيل السياسة النقدية . فالتغير في كمية النقود تمثل الأداة الرئيسة لأحداث تغيير في معدل نمو الدخل ، وبذلك يتفادى الاقتصاد التقلبات الكبيرة في الدخل التي يمكن أن تنتج عن تغيرات في سعر الفائدة ، رغم أنه ستبقى هناك مصادر تقلبات أخرى ثانوية ، مثل التغيرات في الإنفاق الحكومي ، والطلب على الصادرات المحلية ، والاستثمار ، والإنفاق الخاص ، تؤثر في الدخل ويصعب علينا توقعها أو توقع التغيرات فيها . هذا الموقف يختلف عن رؤية الكينزيين الذي يرون في بعض ما يتصوره النقديون بأنه مصادر تقلبات ثانوية ، هو في الواقع القوة التي تشكل مصدراً رئيسياً للتقلبات في الدخل ، فالتغيرات في الاستثمار الخاصة كفيلة بأن تشكل مصدراً رئيسياً لتغيير الدخل ، في حين أن التغيرات في كمية النقود هي مصدر ثانوي . من هنا يمكن التعويل على سياسة الإنفاق الحكومي لمواجهة التغيرات في الاستثمار الخاص وإبطال مفعولها ، وليس هناك حرج من أن تتوسع الحكومة في الإنفاق في فترات ينخفض فيها الإنفاق والاستثمار الخاصين حتى لو اضطرت إلى أن تتحمل عجزاً في موازنتها العامة .
الأسئلة :
السؤال الأول: تعددت المداخل لتعريف النقود وماهيتها، تحدث عن ذلك بإسهاب موضحاً وظائف النقود وخصائصها وأنواعها.
السؤال الثاني: أذكر مع الشرح أهم النظريات النقدية التي تناولت موضوع الطلب على النقود موضحاً الاختلاف بينها.
السؤال الثالث: أذكر مع الشرح:
الشروط الواجب توافرها لضمان تشغيل نظام المسكوكات الذهبية.
مزايا وعيوب نظام الصرف بالذهب.
أسباب التحول من نظام المسكوكات إلى نظام السبائك.
خصائص نظام النقد الورقي الإلزامي.
السؤال الرابع: عدد بدون شرح:
وظائف الائتمان والأسس التي يمنح على أساسها.
معايير تحديد صور الائتمان وأشكاله.
أنواع الائتمان وفق معيار أجل الائتمان.
أهم أدوات الائتمان قصير الأجل.
السؤال الخامس: تحدث بإسهاب لماذا توافق أو تعترض على مدى صحة العبارات التالية:
إذا لم يوجد سوق رأس المال الثانوي لما أمكن قيام سوق رأس المال الأولي.
جميع الالتزامات التي يتم تداولها في سوق النقد تتمتع بدرجة عالية من الأمان.
السؤال السادس: تحدث عن الآتي:
مفهوم البنك.
وظائف البنوك التجارية.
أهم المؤشرات المستخدمة لحماية الدائنين.
السؤال السابع: قام أحد العملاء بإيداع مبلغ 5,000 دولار في أحد البنوك التجارية، ما هو مقدار الائتمان الذي يستطيع البنك خلقه إذا علمت أن نسبة الاحتياطي القانوني تساوي 25%.
السؤال الثامن: تحدث عن طبيعة ووظائف البنك المركزي.
السؤال التاسع: أذكر مع الشرح أهم وسائل البنك المركزي للرقابة على الائتمان.
السؤال العاشر: باستخدام المنحنيات وضح بالرسم أثر كل من العبارات التالية على وضع التوازن في سوقي السلع والنقود:
زيادة عرض النقود.
زيادة الإنفاق الحكومي.
المراجع
محمد أحمد السريتي، محمد عزت محمد غزلان، اقتصاديات النقود والبنوك والأسواق المالية، مؤسسة رؤية للطباعة والنشر والتوزيع، 2010.
محمد صالح القريشي، اقتصاديات النقود والبنوك والمؤسسات المالية، إثراء للنشر والتوزيع، عمان، 2009.
سيف سعيد السويدي، النقود والبنوك، كلية الإدارة والاقتصاد بجامعة قطر، الدوحة، 2001.
وحيد مهدي عامر، اقتصاديات النقود والبنوك، الدار الجامعية، الإسكندرية، 2010.
منير إبراهيم هندي، إدارة البنوك التجارية (مدخل اتخاذ القرارات)، المكتب العربي الحديث، الإسكندرية، 2010.
منير إبراهيم هندي، إدارة المنشآت المالية وأسواق المال، منشأة المعارف، جلال حزي وشركاه، الإسكندرية، 2008.
محمد عبدالفتاح الصيرفي، إدارة البنوك، دار المناهج، عمان، 2006.
حمزة محمود الزبيدي، إدارة الائتمان المصرفي والتحليل الائتماني، مؤسسة الوراق للنشر والتوزيع، عمان، 2008.
فايز بن إبراهيم الحبيب، مبادئ الاقتصاد الكلي، كلية العلوم الإدارية بجامعة الملك سعود، الرياض، 1994.
اقتصاديات النقود والبنوك
مقدمة
يهتم مقرر اقتصاديات النقود والبنوك بدراسة الترابط الوثيق بين المفاهيم الثلاثة النقود، البنوك ، والأسواق المالية كوحدات متكاملة بهدف دراستها جميعاً في آن واحد لتعريف بنشأة وتطور النقود والبنوك وطبيعة النقود وماهيتها ووظائف وأنواع النقود والنظم النقدية والسياسات النقدية والنظريات النقدية ، والمناهج التحليلية للتوازن النقدي والمؤسسات النقدية ، ودراسة الأسواق المالية وأنواعها وأدواتها والتوازن الاقتصادي بهدف تهيئة الطالب وظيفياً عند شغله لأي وظيفة تتعلق بهذا المجال .
التطور التاريخي للنقود :
قبل ابتكار النقود ، مثلت قدرة الفرد على إنتاج سلع وتوفير خدمات للآخرين ، السبيل الذي يفسح المجال أمامه لمقايضتها مقابل سلع وخدمات يحتاجها ولكنها متوفرة لدي الآخرين ، وهذا ما يطلق عليه باقتصاد المبادلة أو المقايضة .
اقتصاد المبادلة أو المقايضة :
قبل أن يبتكر الإنسان النقود ، اضطر لاستخدام السلع والخدمات كأدوات لاستبدالها مقابل سلع وخدمات تكون بحوزة الآخرين , لذلك فإن قدرته على اقتناء ما لدى الجانب الآخر كان يعتمد على ما لديه من سلع وخدمات يقبل بها الطرف الآخر وذلك نتيجة لعدم وجود أداة وسيطة كالنقود في الوقت الحاضر .
وبناءً علية يمكننا تعريف المقايضة على أنها :
عملية تبادل سلع مقابل سلع أخرى أو خدمات مقابل خدمات أخرى أو أي توليفة من سلع وخدمات لا تدخل فيها أداة وسيطة موحدة بالمفهوم المتعارف عليه الآن وهو النقود .
سلبيات اقتصاد المبادلة أو المقايضة :
احتمال عدم توافق الرغبات .
احتمال تلف وتناقص قيم السلع .
وجود تكاليف نظير تخزين السلع .
الحاجة إلى معلومات وبيانات عن أثمان السلع .
الحاجة إلى التنقل بين الأسواق ، الأمر الذي يترتب عليه ضياع الوقت والجهد .
صعوبة تجزئة السلع والخدمات .
هذه الأمور مجتمعة ساهمت في حث الإنسان على البحث عن بدائل ، وانتهى المطاف به عند ابتكار النقود واستخدامها كأداة وسيطة للتبادل .
اقتصاد النقود :
حتى يقبل الأفراد ببديل عن المقايضة ، فإنه لا بد أن يكون البديل قادر على التقليل من سلبيات اقتصاد المبادلة أو أنه يوفر وضعاً تكون الايجابيات الناتجة عن القبول به أفضل منها في اقتصاد المبادلة أو المقايضة .
فخلال فترات سالفة استخدم الإنسان فيها الذهب أو الفضة ومعادن وسلع أخرى لتقوم ببعض هذه المهام التي تقوم بها النقود حالياً ، إذ كانت لها قيمة تبادلية إلى جانب قيمتها كسلعة ، وهو ما يعرفها بالنقود السلعية ، فعلى سبيل المثال استخدم الصوف والماشية والمحاصيل الزراعية والذهب والفضة كأدوات للتبادل إلى جانب استخداماتها الاستهلاكية الأخرى إلا أن قيمتها لكلا الفرضين قد تختلف .
أما النقود المستخدمة حالياً وهي لا يمكن تحويلها من ورق إلى أي شيء آخر ، فيطلق عليها النقد بأمر الحكومة ” حيث أن القيمة النقدية لهذه الأداة أكبر من قيمتها السوقية كسلعة ، ولا تتعهد الحكومة بتحويلها إلى أي شيء ، بل تكتسب أهميتها من قبل الناس لها .
قاعدة الذهب :
قامت قاعدة الذهب على أساس قبول البنوك المركزية والحكومات المختلفة لاستبدال عملاتها بذهب ، وعلى أساس تحديد قيمة كل عملة مقابل كمية محددة من الذهب ، أصبح سعر صرف العملات بعضها مقابل بعض يتحدد بناءً على علاقة كل عملة بالذهب ، وعليه أصبح الذهب هو العامل المشترك بينها .
لقد نظر العالم إلى تكريس العلاقة بين النقد الذي يصدره كل بلد والذهب على أنه وسيلة لتجسيد مصدر من مصادر الاستقرار في قيم المبادلات التجارية التي قد تنتج نظير تغيرات في أسعار العملات بعضها مقابل بعض.
خصائص قاعدة الذهب :
وجوب تحديد قيمة العملة المحلية بمقدار محدد من الذهب .
ضرورة مواكبة عرض النقود المحلي لكمية الذهب المتوفرة بالبلاد وهذه القاعدة مهمة للحفاظ على العلاقة ثابتة بن العملة المحلية وما تساويه من الذهب .
استعداد الحكومة لاستبدال العملة المحلية بما يساويها من ذهب دون حدود وقيود تفرض على كميات التبادل التي تنطوي عليها هذه العملة .
ملاحظة : لقد كان يستخدم الذهب لأغراض النقد إلى جانب استخدامه لأغراض أخرى كالزينة مثلاً وهذا يعني أن الكمية المعروضة من الذهب يجب أن تفي بطلبات القطاعين ، لأن زيادة الطلب على الذهب من أجل الزينة يمكن أن يؤدي إلى تناقص كمية الذهب المتوفرة لتوفير الغطاء التام لكمية النقد المصدر والعكس صحيح .
قانون جريشم ( Gresham’s Law )
لكي أتمكن من توضيح قانون جريشم سأقوم بضرب المثل التالي :
إذا كان هناك نوعان من العملة المعدنية تكون كمية الذهب التي تحويها العملة الأولى مساوية للقيمة الرسمية لها ( أي المعلنة رسمياً ) ، في حين أن كمية الذهب في العملة الثانية ليست إلا 50% من قيمتها الرسمية ، فإن الجمهور سوف يحتفظ بالعملة الأولى مفضلاً استخدام العملة الثانية طالما أن القيمتين الإسميتين للعملتين متساوية ، فمثلاً إذا ارتفع سعر الذهب فإن ذلك سوف يدفع الجمهور إلى إذابة العملة المعدنية التي تحتوي على الذهب للحصول على المعدن في حين سوف يستخدم الجمهور العملة الفضية لإتمام معاملات التبادل التجارية إلى حد ربما قد يصل إلى خروج العملة المعدنية ذات محتوى من الذهب من التداول واختفاؤها .
وبناءً على ما سبق فإن تفضيل الأفراد استخدام النقود السيئة يدفع النقود الجيدة خارج التداول حرصاً من الأفراد للحفاظ على ثرواتهم .
ففي الدول التي تتعرض نقودها إلى تناقص في قيمتها بسبب التضخم مثالاً ، تجد أن الناس تتجه نحو استبدالها بنقد أجنبي والاحتفاظ بهذا النقد ، وبذلك استخدام النقد المحلي في عمليات التبادل بهدف التخلص منه بسرعة للحصول على سلع وخدمات أو عملات أجنبية تكون الجيدة والمفضلة لديهم .
تعريف النقود :
لا يزال معنى النقود محل جدول ويرجع ذلك إلى أهمية النقود في النشاط الاقتصادي والدور الذي تلعبه في التأثير على الاقتصاد الأمر الذي يستدعي تحديد دقيق لمفهوم النقود وخاصة من حيث مكوناتها ، وكذلك الطبيعة الديناميكية لمفهوم النقود وبالتالي احتمال الاختلاف في تحديد ماهيتها من وقت لآخر ومن دولة إلى آخرى بحسب ما تمليه الاستعمالات والاستخدامات الاقتصادية وظروف النمو الاقتصادي .
يوجد عدة مداخل حاولت تحديد ما هيه النقود وهي كالتالي :
أولاً : المدخل المادي لتعريف النقود :
يعرف هذا المدخل النقود على أنها تتكون من سندات بحجم ولون معين مع بعض الكلمات والرموز المطبوعة عليها وتتكون من عملات معدنية من نوع معين .
ويعاب على هذا المدخل أنه يحصر النقود في نطاق ضيق للغاية لأنها اتخذت أشكال عديدة أخرى منها الأحجار وغيرها ناهيك عن الأنواع الأخرى للنقود التي تطورت حتى وصلت للنقود الإلكترونية .
ثانياً : المدخل الفني لتعريف النقود :
يعرف المدخل الفني النقود على أنها أداة فنية اكتشفها الإنسان ليتخلص من خلالها من صعوبات المقايضة.
ويعاب على هذا المدخل القصور الكبير في كثير من جوانبه حيث أنه لا يظهر الأساس الذي تركز عليه النقود في مباشرة وظائفها في الحياة الاقتصادية .
ثالثاً : المدخل القانوني لتعريف النقود :
يعرف المخل القانوني النقود على أنها ذلك الشيء الذي تتوافر فيه القدرة على إبراء الذمة وتتمتع بالقبول العام على الوفاء بالالتزامات داخل المجتمع .
ومما يعاب عليه هو وجود اختلاف واضح بين المنظور الاقتصادي والمنظور القانوني للنقود حيث أن الاقتصاديين لم يشترطوا أن تتمتع النقود بالقدرة القانونية على إبراء الذمة وإنما هي الشيء الذي يلقى قبول عام كوسيط للتبادل .
رابعاً : المدخل الوظيفي لتعريف النقود :
يستخدم هذا المدخل وظائف النقود لكي يستدل على تعريفها ، فهو يعرف النقود بأنها أي شيء ذات قبول عام في التداول ويستخدم وسيطاً للتداول ومقياساً ومستودعاً للقيمة ومخزن لها ، بالإضافة إلى استخدامها كوسيلة للمدفوعات الآجلة .
ومن خلال تحليل هذا التعرف يمكننا أن نلاحظ التالي :
أن التعريف مبني على الجوانب النفسية لأفراد المجتمع والقائم على ثقة الأفراد فيما يقبلونه كوسيلة للدفع والتبادل وهذا القبول ينطوي على قوة شرائية ولتحقيق ذلك استخدم الإنسان بعض السلع كنقود ، فقد استخدم التجار أنواع من المعادن ذات الوزن المحدد والصفات المتفق عليها وقد كانت المسكوكات ثم السبائك الذهبية أكثر المعادن شيوعاً في صنع النقود ، ومع زيادة حجم المعاملات التجارية ، أصبح حمل الذهب يمثل عبئاً كبيراً مما أدى إلى ظهور النقود الورقية على أيدي الصاغة الذين كانوا يقبلون الودائع الذهبية من الأفراد مقابل إيصالات أو شهادات بقيمة ودائعهم ، ثم استخدمت هذه الإيصالات في التبادل بدلاً من المعادن حتى أصبحت مقبولة في التعامل ، ومع شيوع استخدام هذه الإيصالات والشهادات في عمليات التبادل تدخلت الحكومات لتنظيم عمليات التبادل والتداول إلى أن انتهي الأمر إلى أن أصبحت الودائع المصرفية التي تتداول عن طريق الشيكات تمثل نقوداً إلى أن أصبحت النقود الورقية والودائع تمثل الشكل الحديث للنقود بعد أن انتهى تماماً عهد النقود الذهبية ، وبالتالي استخدم كلمة ( أي شيء) في التعريف له من الأهمية والشمولية الكثير حيث تدل على العدد غير المحدود من الأشياء التي استخدمت كالنقود .
إن التشريعات التي تصدرها الدول لإعطاء الصيغة القانونية على العملات الورقية والمصرفية كعملات قانونية تستهدف تدعيم ثقة الأفراد في قبول أي أصل من الأصول كنقود ، وهنا لا يمكن رفض العملات القانونية في سداد الديون ، من ثم فإنه بالرغم من أن الحسابات الجارية بالبنوك التجارية ليس لها الوضع القانوني كعملة قانونية إلا أن هذه البنوك ملتزمة بتحويل هذه الحسابات إلى عملية قانونية بناء على طلب المودعين ، هذا بالإضافة إلى أن الهدف من تعريف وقياس حجم النقود في المجتمع هو تمكين صانعي السياسة الاقتصادية من السيطرة والرقابة على حجم النقود المتداولة ، بغرض تحقيق استقرار المستوى العام للأسعار وازدياد مستوى النشاط الاقتصادي في المجتمع .
وظائف النقود :
إن مقدار السعادة أو الرضا والإشباع الذي يحصل عليه المرء هي مشتقة مما تستطيع النقود أن توفره له من سلع وخدمات التي هي نتاج للوظائف والخدمات التي تقدمها النقود ، ويمكننا تلخيص هذه الوظائف والخدمات في أربع وظائف أساسية للنقود وهي :
أولاً : تستخدم النقود كأداة للتبادل :
إن ما يميز النقد هو قبوله من قبل الجميع مما يضفي عليه ثقة الجمهور كأداة لإتمام المعاملات التجارية ويدعم قدرة المرء على مبادلة سلعة لديه بمبلغ من النقد ، ثم يستخدمه لاقتناء ما يرغب فيه من سلع وخدمات ، ولاشك أن قيام النقود بهذا الدور قد ترك انعكاسات ايجابية على الوقت والجهد والبحث المتواصل مقارنة بما كان يقوم به الأفراد في اقتصاد المقايضة مما يوفر وقتاً أكبر للتخصص في الإنتاج وقيام الأفراد بالأعمال الإنتاجية التي يتقنونها بدلاً من هدر الوقت في البحث في الأسواق والقيام بأعمال لا يتقنونها ، كما ساهمت هذه الوظيفة باستقلال عمليات البيع عن عمليات الشراء الأمر الذي أدى إلى تسهيل قيام التبادل المباشر بين أي طرفين في عمليات المبادلة .
ثانياً : تستخدم النقود كوحدة قياس للأثمان :
ن ( ن – 1 )
2
في عالم المقايضة وفي ظل وجود عشر سلع مثالاً ، تكون هناك خمسة وأربعون قيمة تبادلية ، فهناك تسعة أسعار للسلعة الأولى ، وثمانية أسعار للسلعة الثانية (سعرها مقابل السلعة الأولى معروف عندما تحدد سعر السلعة الأولى مقابلها ) وسبعة أسعار للسلعة الثالثة وهكذا ، ولمعرفة عدد معدلات التبادل يمكننا استخدام المعادلة التالية :
عدد معدلات التبادل =
حيث أن ( ن ) هو عدد السلع .
10 ( 10 – 1 )
2
في حالة وجود عشرة سلع سيكون عدد معدلات التبادل كالتالي :
= 45 قيمة تبادلية .
وبناءً على ما سبق فإن استخدام النقود يقلص عدد الأسعار أو القيم التبادلية إلى عشرة أسعار حيث يوضع سعر نقدي لكل سلعة ، وفي هذه الحالة ترد قيم جميع السلع لوحدة قياس واحدة ، كما أن استخدام النقود كوحدة قياس سهل من عملية إعداد القوائم الحسابية والقيود الحسابية ومقارنة الحسابات .
ثالثاً : تستخدم النقود كحافظ أو مخزن أو مستودع للقيمة :
إن استخدام النقود كوسيط للتبادل سمح باستقلال عملية البيع عن عملية الشراء الأمر الذي يعني وجود فاصل زمني بين عمليات البيع والشراء وبالتالي ليس بالضرورة أن تحصل على النقود في وقت ما وإنفاقها فوراً وفي نفس الوقت ، ولكن في الواقع العملي نجد أن الفرد ينفق جزء من دخله ويدخر جزء آخر ليقوم بالشراء به مستقبلاً وبذلك تتاح الفرصة للفرد ببيع سلعة يقتنيها ثم يحتفظ بقيمتها على شكل نقود بدلاً من سلع أخرى قد تكون عرضة للتلف أو تحمله تكاليف تخزين .
وحيث أن الفرد يحتفظ بالنقود لكي ينفقها في المستقبل فإن النقود تعتبر في هذه الحالة كمخزن أو مستودع للقيمة ، وتتوقف فاعلية النقود كمخزن أو مستودع للقيمة على فاعليتها كمقياس للقيمة حيث أنها يجب أن تحتفظ بقوتها الشرائية لفترة زمنية طويلة وهذا يعني الثبات النسبي لكل من العرض والطلب على النقود حتى يبقى مستوي الأسعار ثابتاً نسبياً ، ولكن من الملاحظ أن القيمة الحقيقية للنقود ترتفع بالتدهور الذي يلحق المستوى العام للأسعار في فترات الانكماش ، بينما تنخفض هذه القيمة في فترات التضخم .
ومما سبق نلاحظ أنه في فترات التضخم واستمرار ارتفاع الأسعار يلجأ الأفراد إلى الاحتفاظ بالقيمة في صورة أصول حقيقية ، ومن مزايا هذا أنه يدر عائد لصاحبه في صورة ربح ، فائدة أو ريع ، فضلاً عما تحققه من أرباح رأسمالية في حالة ارتفاع الأسعار ، ومن ناحية أخرى فإن الاحتفاظ بالأصول الحقيقية قد تعرض الفرد لخسائر رأسمالية حين الحاجة لتحويل بعضها إلى أرصده نقدية .
وأخيراً فإن بيع سلعة اليوم والاحتفاظ بثمنها على شكل نقود لا يعني بأن القوة الشرائية لهذه النقود ستبقى ثابتة إلى الأبد .
رابعاً : تستخدم النقود كمعيار للمدفوعات الآجلة :
إن زيادة حجم الإنتاج الجاري عن قيمة المبيعات الجارية خلال فتره معينة نتيجة لزيادة الإنتاج في المجتمعات الحديثة وتزايد حجم المخزون السلعي ، نتج عنه بالضرورة أهمية تسويق المنتجات على أساس العقود لتجنب تكديس المخزون وكذلك لضمان استمرار تدفق السلع المختلفة وتوفيرها في المجتمع .
وبناءً على ما سبق فإن بنود التعاقد تتم على أساس قيمة معينة ، يلتزم المقترض برد هذه القيمة في وقت لاحق مضاف إليه الفوائد المحسوبة عليه خلال تلك الفترة ، وبالتالي لابد من وجود معيار يتم على أساسه تحديد الائتمان ، ومن هنا استطاعت النقود أن تقوم بهذا الدور والذي يطلق عليه ( وسيط المدفوعات الآجلة ) وبذلك فإن وظيفة النقود كمعيار للقيمة لا يقتصر على القيم الحاضرة وإنما يمتد لقياس المدفوعات الأصلية ، ولكي تقوم النقود بهذه الوظيفة وجب عليها الاحتفاظ بقيمتها لفترة طويلة نسبياً حيث أن التذبذب في قيمة النقود يسبب اضطراب سوق الائتمان مما يؤثر على حجم الائتمان والنشاط الاقتصادي .
ففي فترات ارتفاع الأسعار وما يتبعها من انخفاض وتدهور في قيمة النقود يجد الدائن أن قيمة السلع والخدمات التي يستطيع القرض شرائها عند رده أقل من القيمة التي كان يستطيع شرائها عند عقد القرض ، الأمر الذي ينطوي على إعادة توزيع الثروة من الدائن إلى المدين ، بينما في فترات انخفاض الأسعار ، يجد المدين أن قيمة السلع والخدمات التي يستطيع القرض شرائها عند رده تزيد عن القيمة التي كان يستطيع شرائها عند عقد القرض الأمر الذي يتضمن إعادة توزيع الدخل من المدين إلى الدائن ، وعليه يجب توافر الثقة بين المدين والدائن في أن وحدة النقود لن تتغير قيمتها في وقت السداد عنها في وقت التعاقد بدرجة ملموسة .
خصائص وسمات النقود :
لقد أضفت وظائف النقود لها جاذبية مقارنة بعالم لم تكن توجد فيه ، فقد استطاعت هذه الأداة أن تقلل من عدد وحجم المخاطر التي كان يتعرض لها الأفراد في عالم المقايضة ، إلى جانب قيامها بوظائف المبادلة ولكن على درجة أكبر من الكفاءة ، ولكي تتمكن النقود من القيام بوظائفها الاقتصادية والحفاظ على ثقة وإقبال الجماهير عليها وجب أن تتميز بعدة خصائص أو سمات هي :
أولاً : محدودية الكمية المعروضة منها :
يؤكد قانون الندرة على أن الأشياء ومن ضمنها النقود تكتسب أهمية نظراً لمحدودية الكمية المعروضة منها مقارنة بحجم الطلب عليها .
إن صفة الندرة صفة يجب أن تكتسبها النقود وإلا فإن قيمتها وقبول الجمهور لها سوف يتعرضان للانهيار من هنا وجب على السلطات الحكومية المعنية بكميات النقد الموجودة بالاقتصاد أن تعي هذا وأن تعمل جاهدة على التوفيق بين الكمية المعروضة والكمية المطلوبة منه ، بالرغم من أن زيادة الكمية المناسبة من النقد التي يجب توفرها ليس حساساً في مبالغ بسيطة ، وقد لا تترك أثراً سلبياً على قيمة النقود وخاصة في الاقتصاديات الكبيرة إلا أنه لابد أن يواكب التغير في عرض النقود إمكانيات الاقتصاد وقدراته الإنتاجية فالزيادة الكبيرة في كمية النقد تساهم في ارتفاع الأسعار .
وبناءً عليه وجب على السلطات المعنية أن تجعل الكمية المعروضة من النقد بقدر كاف لتمكن الجمهور من استخدامها وهو واثق باحتفاظها بقيمتها ، وأفضل سبيل لذلك أن توفر كمية مناسبة بحيث أن تقابلها سلع وخدمات حقيقية ينتجها الاقتصاد .
ثانياً : صعوبة تزويرها أو تقليدها :
توجه الحكومات موارد مالية وتشكل إدارات حكومية وأخرى أمنية للتقليل من احتمالات تزوير نقودها الوطنية ، فإقبال الجمهور على النقود واستخدامها للقيام بوظائفها يقوم على أساس ثقته فيها ، وأحد دعائم هذه الثقة ينطلق من مصداقية النقود وإدراكه أنها سليمة ولن ترفض على أساس إنها مغايرة للنقود الأخرى المتداولة ، هذا لا يعني أنه لن يقوم أحد على محاولة تزييف النقود ولكن الهدف من عمليات الوقاية هو التضييق على مثل هذه المحاولات مما يعزز من ثقة الجمهور فيها والقبول بها .
ثالثاً : سهولة الاحتفاظ بها :
لقد كانت المقايضة تتطلب الاحتفاظ بمخزون من السلع يضمن مساعي الأفراد لتبادلها مقابل سلع يرغب فيها ، أما في اقتصاد النقود فكل ما هو مطلوب من المرء القيام به هو أن يحتفظ بنقد محدود يؤدي مهام كمية كبيرة من السلع التي تعود الإنسان على الاحتفاظ بها في اقتصاد المقايضة .
رابعاً : سهولة حملها ونقلها :
تتميز النقود بأنها سهلة الحمل ، والتنقل بها مهمة يسيرة فبدلاً من أن ينتقل المرء فيما بين الأسواق ومعه سلع يرغب بمقايضتها ، أصبح ينتقل ومعه كمية من النقود يحتفظ بها في محفظته وعليه فإن النقود يجب أن تتكون من وحدات يسهل حملها ونقلها من مكان لآخر فإن لم تتوفر هذه الخاصية فسيصعب استخدامها على نطاق واسع .
خامساً : قوة تحملها :
وذلك بسبب عدم قابلية النقود للهلاك بسرعة ، وتتعلق هذه الخاصية بطبيعة المواد التي تستخدم كنقود أو تصنع منها النقود .
سادساً : سهلة التجزئة :
وجود فئات نقدية مختلفة القيم وسهلة التجزئة رغب الجمهور القبول بها ، بمعنى آخر أن تكون النقود قابلة للتجزئة إلى وحدات صغيرة متساوية القيمة يسهل إجراء عمليات التبادل في المعاملات الصغيرة ، فكلما أمكن تجزئة النقود إلى وحدات صغيرة كلما أمكن توسيع عملية التبادل .
سابعاً : وحدة أشكالها وسهولة تمييزها والتعرف عليها :
إذا نظر المرء إلى مختلف فئات النقد ، يجدها تختلف من حيث المقاس واللون والتصميم ولكن الأوراق النقدية متطابقة ومتجانسة ضمن الفئة الواحدة وهذه السمة أعفت المرء عن عملية فحص الأوراق بشكل متكرر وبعناء للتأكد من مضمونها كما كان الوضع في عالم المقايضة كما يجب أن تتكون النقود من وحدات يسهل التعرف عليها ، حيث أن صعوبة التعرف على وحدات معينة من قبل الأفراد يؤدي إلى رفض التعامل بها مما يعيق عملية التبادل وعدم اتساع استخدام النقود في المعاملات المختلفة ، كما أن هذه السمة عملت على التقليل من جاذبية المعادن كالذهب والفضة كأداة وسيطة كانت تقوم مقام النقود ، وإذ احتاج الإنسان إلى شخص مختص للتأكد من درجة نقاوة المعدن المقدم له كوسيلة للدفع حيث تختلف أشكالها ودرجة نقاوتها وأوزانها .
ثامناً : الحكومة هي المصدرة للنقود :
تكتسب النقود في معظم المجتمعات ثقة رديفة لثقة الجمهور في الحكومة ، لكون الحكومة هي الجهة التي تصدرها ، قد يجادل المرء في أن لهذه الثقة مبررات نسبية يكمن أهمها في تضاؤل احتمال عجز الحكومة من الإيفاء بالتزاماتها تجاه ما تصدره من نقد مقارنتاً بالتزامات قد تقطعها جهات أخرى على نفسها ، ويجب التنويه إلى أنه ليس بالضرورة أن يقبل الجمهور بالنقود لمجرد كون الحكومة هي الجهة المصدرة لها في ظل فشل النقود أو عجزها عن القيام بالمهام والوظائف التي يتوقع المرء أن تقوم بها .
علاقة النقود ببعض المفاهيم الأخرى :
أولاً : النقود والثروة :
تقسم الأصول في أي مجتمع إلى أصول حقيقية (السلع المادية الملموسة) ، وإلى أصول نقدية ومالية وهي النقود غير السلعية ( أسهم وسندات ووعود بالدفع ) وتتكون ثروة المجتمع من الأصول الحقيقية فقط ، أما الأصول النقدية والمالية فهي تمثل ثروة الأفراد كأعضاء في المجتمع ولكنها لا يمكن أن تحسب ضمن ثروة المجتمع وإلا لاختلفت الثروة الحقيقية للمجتمع وأصبح مبالغاً فيها .
إن التغيرات في حجم النقود أو في حجم الحقوق العامة والخاصة لا يمثل بالضرورة التغيرات في ثروة المجتمع الحقيقية ذلك أن زيادة معينة في الدين العام أو حدوث انخفاض حاد في أسعار الأسهم في البورصة لا يخفض مباشرة من الثروة الحقيقية للمجتمع وإنما يؤدي فقط إلى مجرد تغيير قيمة ونسبة الحقوق القائمة إلى مقدار الثروة ، وقد ينتج عن هذا آثار غير مباشرة على معدل إنتاج الأصول الحقيقية ، ولكن من المهم أن تعترف بأن الأثر المباشر والفوري للتغير في قيمة الحقوق ( بما فيها النقود) لا يكون على مجموع الثروة القومية وإنما يكون الأثر على توزيع هذه الثروة .
والنقود هي الرمز المحدد للثورة ، لا يكون هذا المحتىي الفعلي للثروة بل الواقع أن الجزء الغالب من نقود المجتمع الحديث يتكون من حقوق دفترية ( الودائع ) وليس من مخزون النقود السلعية ولا تستمد هذه النقود نفعها من كونها سلع تستهلك ولكن من قدرتها على المبادلة ، إن احتفاظ النقود بقيمتها يعتمد إذا على القدرة على التخلي عنها مقابل سلع وحقوق أخرى دون خسارة تذكر ، والنقود كحق متميز عن غيره من الحقوق حيث نجد أنه مستبعد تماماً من قائمة أصول المجتمع التي لا تحتوي النقود كثروة ، وباستثناء النقود السلعية فإن النقود تكون دائماً من وعود بالدفع ( دين ) وحق ضد من يصدرها ويمتلك هذا الحق من يملك النقود ( الدائن ) وهذه المديونية والدائنية تختص مع غيرها من الحقوق في خلال عمليات حساب الثروة الحقيقية للمجتمع .
ثانياً : النقود والسيولة :
عند بحث العلاقة بين النقود والسيولة يجب أن نتذكر أن النقود كحق لها خاصيتين متميزتين تؤثر على رغبة الأـفراد في الاحتفاظ بها وتفضيلها عن غيرها من الحقوق الأخرى وهي :
أن النقود بذاتها لا تدر دخلاً ، وأن امتلاك الفرد لمجموعة من الأسهم والسندات أو حساب ادخار سوف يدر عليه دخلاً في صورة فائدة أو ربح وعليه لابد أن نلاحظ أن الاحتفاظ بالنقود ينطوي على تضحية بتيار من الدخل كان يمكن الحصول عليه لو احتفظ بالنقود في صورة أنواع أخرى من الحقوق .
أن النقود لها قدرة على السيطرة على السلع والخدمات وعلى غيرها من الحقوق وتستمد هذه الخاصية من طبيعتها الأساسية وكونها أداة للدفع مقبولة قبولاً عاماً .
أما السيولة اصطلاحاً فترمز إلى سرعة تسويق أو تسييل الأصل بما يحتاجه الأفراد من سلع وخدمات فورية ، أما درجة السيولة بالنسبة للأصول غير النقدية فترمز إلى القدرة على تحويلها أو استبدلها بالنقود بأسرع وقت ممكن ودون تحمل خسارة .
وفي هذا الإطار يمكن تصنيف الأصول من حيث درجة سيولتها إلى أشكال مختلفة تبدأ بالنقود على قيمة هذه الأصول أي درجة سيولتها تصل إلى 100% ومن ثم تأتي الودائع بأنواعها والسندات الحكومة حتى تصل في آخر القائمة إلى الأراضي والعقارات حيث تحتاج إلى مجهود ووقت وهناك احتمال حدوث خسائر.
وأخيراً لابد من الإشارة إلى وجود علاقة عكسية بين سيولة الأصل والعائد .
ثالثاً : النقود وشبة النقود :
عند البحث في مكونات النقود نجد أنها عبارة عن العملة الورقية المتداولة في المجتمع والعملة المساعدة والودائع الجارية بالبنوك التجارية ، والتي يطلق عليها مصطلح وسائل الدفع ، وهي تؤثر تأثيراً مباشراً على النشاط الاقتصادي في المجتمع .
وفي الطرف الآخر يوجد أيضاً ما يسمى بأشباه النقود وتتضمن الودائع الآجلة في البنوك وغيرها من المدخرات النقدية .
كما ولدينا كذلك ما يسمى بالعوامل المؤثرة في وسائل الدفع وهي تشمل أشباه النقود مع غيرها من الأصول الأخرى الأكثر سيولة ، وتسمى بهذا الاسم لأن في إمكانها بسبب درجة سيولتها أن تتحول إلى نقود أو تعود إلى حالتها مؤثرة بذلك في كمية النقود بالمجتمع .
وبناءً على ما سبق يمكننا قياس مقدار السيولة في المجتمع من خلال الجمع بين وسائل الدفع والعوامل المؤثرة فيها .
ويمكننا تلخيصها فيها :
وسائل الدفع :
صافي العملة المتداولة خارج البنوك وتتضمن :
صافي النقد المتداول .
العملة المساعدة .
الودائع الجارية الخاصة .
العوامل المؤثرة على وسائل الدفع :
الخصوم وتتضمن :
نسبة النقود ( الودائع لأجل التوفير لدى البنوك ) .
الودائع الحكومية .
ودائع أخرى ( حسابات المقاصة وأخرى بالدولار ، دوافع الأموال المقابلة ، حسابات صندوق النقد )
الأصول وتتضمن :
الأصول الأجنبية .
مطلوبات من القطاع الخاص ( القروض والسلفيات والأوراق المالية )
مطلوب من البنوك المتخصصة وتتضمن ( استثمارات ، تسهيلات ائتمانية ، ودائع توفير ).
ج- بنود الموازنة تتضمن :
رأس المال والاحتياطيات والمخصصات .
صافي البنود الأخرى .
رابعاً : النقود وعرض النقود :
هناك مفهومان أساسيان يستخدمان في قياس العرض النقدي هما ، مفهوم المعاملات وهو الذي يركز على النقود كوسيط للتبادل ، والثاني هو مفهوم السيولة ويركز على وظيفة النقود كمستودع للقيمة .
مفهوم المعاملات وقياس العرض النقدي :
يقوم هذا المفهوم على أساس أن مفهوم النقود يتحدد أساساً في استخدام النقود كوسيلة للمدفوعات مقابل السلع والخدمات في المجتمع وبالتالي فإنها تتميز عن غيرها من الأصول الأخرى في القياس بهذه الوظيفة ، وعليه فإن الآراء التي تتبنى هذا المفهوم ترى بأن تعريف النقود يجب أن يشمل فقط الأصول التي تستخدم كوسيط للتبادل وتتمثل هذه الأصول في النقود المعدنية والورقية والنقود المصرفية ، ومن هنا يطلق على هذا التعريف بالتعريف الضيق للنقود أو مصطلح وسائل الدفع كما أشرنا سابقاً ، ويرمز للعرض النقدي وفقاً لهذا المفهوم بالرمز M1 والذي يشتمل على وسائل الدفع التالية :
النقدية المتداولة في المجتمع لدى الأفراد ومنشآت الأعمال ، والتي تستخدم كوسائل دفع ، وعليه فإن مفهوم النقدية بهذا المعني لا يشتمل على :
الودائع لدى البنوك التجارية ، وذلك من مبدأ أن احتسابها كنقود متداولة سوف يترتب عليه الازدواج في حساب النقود .
النقدية التي تحتفظ بها وزارة المالية .
النقدية التي يحتفظ بها البنك المركزي في شكل احتياطي للبنوك الأخرى وذلك لأنها تمثل جزء من الودائع لدى البنوك الأخرى .
الودائع الجارية والودائع تحت الطلب الخاصة بالأفراد والمنشآت لدى قطاع البنوك ، باعتبارها وسائل دفع لشراء السلع والخدمات وسداد الديون الحاضرة ، وبالتالي نجد أنه يستبعد من الودائع تحت الطلب ما يلي :
الودائع الحكومية وذلك لأنها لا تمثل وسائل دفع لشراء السلع والخدمات في المجتمع .
ودائع البنوك لدى بعضها البعض .
وبناءً على ما سبق فإن أنصار هذا المفهوم يعتقدون بأن :
التعريف العملي للنقود يجب أن يتحدد بشكل يمكن السلطات النقدية من قياس وتعديل عرض النقود بما يتلاءم مع احتياجات عمليات التبادل التي تحقق زيادة مقومات الإنتاج والعمالة في ظل استقرار المستوى العام للأسعار .
وجود علاقة مباشرة بين العرض النقدي بهذا المفهوم والأهداف الاقتصادية العامة فمع زيادة العرض النقدي مع ثبات ظروف الطلب على السلع والخدمات من جانب المستهلكين وزيادة الطلب على عناصر الإنتاج والمواد الخام والوسيطة من جانب المنتجين الأمر الذي من شأنه زيادة الإنتاج والعمالة في المجتمع .
ج- أن زيادة العرض النقدي قد يصاحبها ارتفاع في المستوى العام للأسعار في المجتمع ، إلا أن زيادة الإنتاج سوف تعمل على إعادة التوازن مرة أخرى بين وسائل الدفع (النقود) والمستوى العام للأسعار والعكس صحيح .
مفهوم السيولة وقياس العرض النقدي :
يقوم هذا المفهوم على أساس أن مفهوم النقود يتحدد بناءً على وظيفة النقود كمستودع للقيمة ، حيث يحتفظ بالأصول المالية لحين استخدامها في المستقبل ، وطبقاً لها المفهوم فإن تعريف النقود يشتمل على الأصول عالية السيولة مثل الودائع الادخارية والودائع بإخطار لدى البنوك التجارية وشهادات الإيداع الادخارية بالبنوك التجارية ( أي أشباه النقود ) .
مبررات أنصار هذا المفهوم :
وجود عدد من الأصول المالية ذات السيولة العالية والتي تتمتع ببعض خصائص النقود وتقوم كذلك ببعض وظائفها ويمكن اعتبارها من وسائل الدفع ، وتتمثل هذه الأصول فيما يسمى أشباه النقود ، مثل الودائع الآجلة والودائع الادخارية لدى البنوك التجارية ، والودائع الادخارية بصناديق البريد ، والتي يمكن تحويلها بكل يسر وسهولة إلى نقود أو ودائع تحت الطلب بالبنوك التجارية ، وعليه فإن هذه الحسابات تتصف بدرجة عالية من السيولة بحيث يعتبرها أفراد المجتمع معادلة من الناحية العملية لعرض النقود M1 وإن كانت لا تستخدم مباشرة في إجراء المدفوعات .
أن الدافع الأساسي من تعريف وقياس عرض النقود هو ضمان تحقيق السيطرة والرقابة على عرض النقود وذلك من أجل تحقيق استقرار مستوى النشاط الاقتصادي في المجتمع وزيادة حجمه ، وعليه فإن تعريف وقياس عرض النقود يجب أن يقوم على أساس واقعي بحيث يشتمل على مجموعة الأصول المالية التي تتصف بدرجة عالية من السيولة وتكون خاضعة لإدارة السياسة النقدية ، والتي يرتبط حجمها بمستوى النشاط الاقتصادي في المجتمع ارتباطاً وثيقاً في شكل علاقة سببية ، وبالتالي فإن عرض النقود لا يجب أن يقتصر فقط على الأصول النقدية السائلة و/أو في شكل حسابات جارية وتحت الطلب والتي تؤدي وظيفة وسيط للتبادل .
وبناءً على كل ما سبق فإن أنصار هذا المفهوم يعرفون العرض النقدي من وجهة نظر السيولة بالرمز M2 وهو يتكون من التالي :
عرض النقود على أساس وسائل الدفع M1
الودائع الجارية وبإخطار لدى البنوك التجارية .
ج- الودائع الجارية بصناديق التوفير .
د- شهادات الإيداع الادخارية ذات الدخل الثابت التي تصدرها البنوك التجارية .
مفهوم إجمالي السيولة المحلية وقياس العرض النقدي :
نلاحظ أن تعريف النقود وفقاً لمفهوم السيولة لا يتضمن الودائع الآجلة والادخارية في المؤسسات المالية الأخرى غير البنوك التجارية حيث أن هذه الأصول مماثلة للودائع الادخارية الآجلة لدى البنوك التجارية وبالتالي فإن استبعادها من التعريف لا يعكس القياس الفعلي لكمية العرض النقدي في المجتمع لذلك فإن الودائع الحكومية لا تدخل ضمن ذلك المفهوم ، في حين أن هذه الودائع سوف تنصب آجلاً أو عاجلاً في دائرة الإنفاق العام وتتحول إلى وسائل دفع في يد الأفراد والمنشآت الأمر الذي يتطلب حسابها في العرض النقدي للمجتمع .
وبناءً عليه نجد أن هناك تعريف أوسع لعرض النقود يتضمن كل من مكونات M1 ، M2 وتلك الأصول المالية الأخرى التي تتصف بدرجة عالية نسبياً من السيولة مثل الودائع الحكومية والآجلة والادخارية لدى المؤسسات غير البنكية ويرمز لهذا التعريف الواسع لعرض النقود بالرمز M3 ، وهو يحدد العرض النقدي في المجتمع في صورته الرسمية ويعرف بمصطلح اجمالي السيولة المحلية .
ويتحدد العرض النقدي في المجتمع بمفهومه الواسع M3 بالمكونات التالية :
عرض النقود على أساس مفهوم السيولة 2M
الودائع الحكومية لدى البنوك التجارية
ج – الودائع الادخارية لدى مختلف المؤسسات المالية في المجتمع غير البنوك التجارية .
د- بوالص التأمين لدى شركات التأمين المختلفة .
أنواع النقود :
عرفت البشرية العديد من أنواع النقود وتعددت أشكالها عبر التاريخ حيث يمكننا القول بأن هذه الأنواع مثلت مراحل معينه من التطور ، وفي هذا الإطار يمكننا تتبع أنواع النقود بالتالي :
أولاً : النقود السلعية :
يشير تاريخ النقود إلى أن البشرية استخدمت أنواعاً لا حصر لها من السلع كوسيط للتبادل ومقياس للقيمة مثل الملح والأصواف والماشية وما إلى ذلك ، ولكن مع التطور شاع استخدام المعادن كالذهب والفضة ، ومع التطور الاقتصادي ظهرت النقود النائبة والتي تعني استعمال شهادات ورقية تمثل قيمة النقود السلعية وتصدرها السلطة النقدية وتعطي صاحبها الحق في تحويلها إلى نقود سلعية كاملة القيمة .
وتأخذ النقود السلعية شكلين أساسيين ، النقود المعدنية الكاملة والنقود النائبة عن النقود المعدنية الكاملة ، كما أن النقود السلعية قد تكون معدنية كاملة أي تتداول على هيئة مسكوكات معدنية ذهبية أو فضية أو يتداول النوعان معاً ، والنقود المعدنية الكاملة هي النقود التي تتعادل قيمتها كنقد مع قيمتها كسلعة في الاستخدامات غير النقدية كما ويجدر الذكر أن تساوي القيمة النقدية ( القوة الشرائية ) للنقود المعدنية الكاملة مع قيمتها كسلعة ، لا يعني ثبات قيمة وحدة النقد ، فهذه القيمة قابلة للتغير مع تغير أسعار السلع الأخرى ، فارتفاع أسعار السلع والخدمات في المجتمع يؤدي إلى انخفاض القوة الشرائية للنقود المعدنية الكاملة والعكس صحيح وعليه فإن استخدام النقود المعدنية الكاملة لا يمنع حدوث تضخم أو انكماش .
أما النوع الثاني من النقود السلعية الكاملة فيتمثل في النقود النائبة عن النقود المعدنية الكاملة وهي عبارة عن نقود ورقية تصاحب النقود الذهبية وتنوب عنها في التداول بحيث تمثل قيمتها تمثيلاً كاملاً ولذا فإن السلطات النقدية تحتفظ بالذهب ليكون غطاء نسبته 100% من قيمة النقود الورقية النائبة .
ويمكننا القول أن النقود النائبة تمتاز عن النقود المعدنية الكاملة من عدة نواحي منها :
النقود النائبة تحمي النقود المعدنية من التآكل .
نفقات طبع النقود النائبة أقل بكثير من سك النقود المعدنية .
سهولة حمل النقود النائبة .
ثالثاً : النقود الورقية :
أظهرت النقود الورقية اتجاهين أساسيين هما :
الاتجاه الأول : ظهرت النقود النائبة أثناء عصر سيادة النقود المعدنية لأن النقود النائبة هي في الأصل شهادات ورقية استخدمت لكي تنوب عن النقود المعدنية مع بقاء الأخيرة أساساً للتعامل .
الاتجاه الثاني : اتجه الأفراد إلى حمل ما لديهم من ذهب أو غيره من المعادن لكي يودعونه في خزائن لدى الصياغ لتأمينه من المخاطر كالسرقة .
وفي مقابل الإيداع كان الصاغة يعطون للمودع شهادة ورقية عبارة عن تعهد منهم له بمقتضاه رد ما أودع لديهم من ذهب بمجرد طلبه ولكن ما لبث أن تخلوا عن حمل الذهب واكتفوا بنقل ملكية الشهادات ، وساعد على ذلك ثقة الأفراد في قدرتهم على تحويل الشهادات إلى ذهب متى شاؤا وبذلك لم تعد الشهادات ممثلة للنقود فحسب بل أصبحت هي نفسها تقوم بكل وظائف النقود وبالتالي فهي أول أشكال النقود الورقية .
ومع مزيد من التطور كانت النقود الورقية التي تصدرها مختلف البنوك مصاحبة للنقود المعدنية ونظراً لأن النقود الورقية أصبحت ليس لها في حد ذاتها أي قيمة سلعية فقد احتكر إصدارها البنوك المركزية لأن قيمتها أصبحت مشتقة بصفة أـساسية من القبول العام لها كوسيط للتبادل .
ومعنى ذلك أن النقود الورقية أصبحت نقود رمزية يديرها البنك المركزي كما لم تعد قابلة للتحويل إلى معادن نفيسة وتعتمد قيمتها على ما تحدده هيئة الإصدار لها وعلى غطاءها من العملات الأجنبية القابلة للتحويل وبعض الأصول الأخرى وتعتمد أيضاً على قبول العام كوسيط للتبادل .
وبناءً على ما سبق يمكننا القول بوجود نوعين من النقود الورقية وهي كالتالي :
نقود ورقية قابلة للتحويل :
ويقصد بها تلك الورقة أو الوثيقة التي يصدرها أحد البنوك ، وقد أصبح البنك المركزي في أي دولة هو المحتكر لإنتاج هذا النوع من النقود متعهداً بمقتضاها بأن يرد إلى حاملها بمجرد طلبه في شكل عملة معدنية قانونية المبلغ المحدد المكتوب على الورقة .
وتجدر الإشارة إلى أن الفرق بين هذا النوع من النقود النائبة يتمثل في أن البنك الذي أصدر كمية من النقود القابلة للتحويل ليس عليه أن يحتفظ بكمية من الذهب معادلة تماماً لما أصدره من أوراق بنكنوت وإنما عليه أن يحتفظ برصيد يعادل نسبة معينة من قيمة الأوراق المصدرة .
والجدير بالذكر أن هذه النقود في ظل قاعدة الذهب تستمد قيمتها من إمكانية استبدالها بالنقود الذهبية ، ولكن بسبب حالات الذعر المالي التي دفعت البنك إلى التوقف عن تحويل النقود إلى ذهب وقيام الحكومة باتخاذ إجراءات منها تحويل النقود الورقية الوثيقة إلى نقود ورقية إلزامية وإعطائها قوة إبرام غير محدودة في سداد الديون أو تسوية كافة المدفوعات .
نقود ورقية غير قابلة للتحويل :
بشكل عام إن النقود الورقية الغير قابلة للتحويل سواء حكومية أو بنكنوت ليس لها قيمة ذاتية وتستمد قوتها من إلزام جميع الأفراد بقبولها في التعامل بوصفها عملة رسمية بالإضافة إلى إمكانية استخدامها في إشباع الحاجات عن طريق استبدالها بسلع أخرى .
وعليه فإن النقود الورقية غير القابلة للتحويل تختلف عن النقود القابلة للتحويل في النقاط الآتية :
النقود الغير قابلة للتحويل تعتبر نقوداً محلية لا يتعدى تداولها حدود الدولة التي تضع القانون الذي يجعل من هذه النقود عملة رسمية أما النقود القابلة للتحويل فمن الممكن اعتبارها عملة دولية .
قيمة النقود الغير قابلة للتحويل أكثر عرضة للتغير من قيمة النقود القابلة للتحويل .
ثالثاً : النقود المصرفية :
النقود المصرفية عبارة عن ديون في ذمة البنك قابلة للدفع عند الطلب ويمكن تحويلها من فرد لآخر بواسطة الشيكات ويطلق عليها أيضاً نقود الودائع أو النقود الائتمانية ، فودائع الحسابات يمكن استخدامها كوسيلة للدفع عن طريق الشيكات غير أن استخدامها يتوقف على موافقة الدائن إذ لا تتمتع بقوة الإبرام بحكم القانون .
وهكذا نجد أن النقود المصرفية ليس لها كيان مادي ملموس إنما توجد في صورة حساب بدفاتر البنوك .
وتعتمد النقود المصرفية على قاعدة هامة مفادها أن البنوك التجارية لها قدرة كبيرة للغاية على خلق النقود ومن ثم تقوم بإضافة هذه النقود الجديدة إلى كمية النقود المتداولة في المجتمع وهذه النقود الجديدة ما هي إلا قيود دفترية مسجلة في دفاتر البنك إلا أنها تتمتع بقوة إبرام غير محدودة .
رابعاً : النقود الالكترونية البلاستيكية :
ظهرت النقود الالكترونية البلاستيكية مع تطور شكل ونوعية النقود وهي أحدث صورة من صور النقود بل وتعتبر الطريق إلى عالم تختفي فيه عمليات التداول بالنقود ويطلق عليها أيضاً بطاقات الدفع الالكترونية أو وسائل الدفع الحديثة .
ويمكن القول بأن هذه النقود تعد نوعاً من أنواع النقود النائبة ، بمعنى أنها تنوب عن النقود الحقيقية في القيام بوظيفة النقود كوسيط للتبادل ولكنها أخذت شعبية واسعة في إبرام الذمة وتسوية المدفوعات الأمر الذي ارتقى بها إلى مرتبه النقود ، وبناءً على ما سبق فإن النقود الإلكترونية البلاستيكية تطلق على بطاقات الدفع الإلكترونية التي لا تخرج عن كونها بطاقات بلاستيكية يتم معالجتها إلكترونياً ، وذلك لاستخدامها في أغراض متعددة من خلال المعلومات المخزنة عليها والدخول بها على الآلات المعدة لتحقيق هذه الأغراض ونذكر من هذه البطاقات :
بطاقات الائتمان
بطاقات الدفع الفوري
بطاقات الدفع المؤجل أو بطاقات اعتماد النفقات
بطاقات التحويل الإلكتروني
بطاقات الصراف الآلي
كروت ضمان الشيكات
وفيما يلي نستعرض ثلاث أنواع من النقود الإلكترونية البلاستيكية المتداولة حالياً :
بطاقات الدفع :
وهي التي تعتمد على وجود أرصدة فعلية للعميل لدى البنك في صورة حسابات جارية وهي أيضاً كروت يتم التحكم بها عن طريق البنك .
البطاقات الائتمانية :
وهي التي تصدرها البنوك في حدود مبالغ معينة ويتم استخدامها كأداة وفاء وائتمان لأنها تتيح فرصة الحصول على السلع والخدمات من دفع آجل لقيمتها .
بطاقات الصرف الشهري :
وهذه البطاقات تختلف عن البطاقات الائتمانية في أن السداد يتم بالكامل من قبل العميل للبنك خلال الشهر الذي يتم فيه السحب .
الطلب على النقود ( النظريات النقدية ) :
أولاً : النظرية الكمية للنقود لدي الاقتصاديون الكلاسيكيون :
تم عرض النظرية الكمية للنقود من خلال مدخلين هما مدخل المبادلات الكلية بصياغة ( فيشر ) ، ومدخل الأرصدة النقدية بصياغة مدرسة ( كمبريدج ).
المدخل الأول : مدخل المبادلات الكلية بصياغة فيشر :
ينص مدخل المبادلات الكلية بأن هناك علاقة إيجابية بين كمية النقد المتوفرة للتداول وبين مستوى الأسعار المحلي ، إذ يؤكد كذلك على أن التغيرات في عرض النقود ليست قادرة على تغيير المستويات الحقيقية للمتغيرات الاقتصادية الرئيسية كالإنتاج والدخل وسعر الفائدة ، مما يعني أن زيادة في الكمية المعروضة من النقود ينتج عنها ارتفاع في معدل الأسعار المحلية وبنسبة مساوية لنسبة النمو في عرض النقود مما يؤدي إلى تغير في القيمة الاسمية وليس الحقيقية للناتج القومي الاسمي .
يمكن القول أنه ليس بالإمكان الاعتماد على عرض النقود لتحفيز أو تغيير مسار الاقتصاد لأن ما يحدث للقيمة النقدية للنشاط الاقتصادي هو نتاج لتغيرات في مستوى الأسعار وليس في مستوى الإنتاج .
وسعياً لتوضيح هذا الموقف النظري اعتمد على معادلتين هي معادلة التبادل أو التعامل والمعادلة الدخلية للتبادل .
المعادلة الأولى : معادلة التبادل أو التعامل :
تصاغ هذه المعادلة ، على النحو التالي :
MV = PT
T × V = P × M
حيث أن :
M = كمية النقود المتوفرة خلال فترة محدودة .
V = سرعة دوران النقود من أجل إتمام المعاملات .
P = متوسط الأسعار الذي تمت على أساسه معاملات التبادل .
T = عدد المعاملات التي أنجزت في فترة ما ( تشمل سلعاً قد لا يتضمنها تعريف الناتج المحلي الإجمالي إلى أنه تم تبادلها مثل شراء السلع المستعملة ) .
ومن خلال هذه المعادلة يتبين لنا أن كمية النقد المتوفرة في الاقتصاد مضروبة في عدد مرات استخدام كل وحدة نقد خلال الفترة المعينة تساوي القيمة النقدية للتبادلات خلال فترة معينة .
المعادلة الثانية : المعادلة الدخلية للتبادل :
يمكن إعادة تعريف حجم النشاط الاقتصادي والتأكيد على السلع والخدمات النهائية التي أنتجت في فترة القياس ذاتها ، واستبعاد السلع والخدمات التي يستبعدها تعريف الناتج القومي أو الدخل القومي وذلك باستبدال T بالدخل القوميY لتصبح المعادلة:
MV = PY
Y × V = P × M
حيث أن :
Y = القيمة الحقيقية للدخل أو الناتج القومي .
P × Y = القيمة الإسمية للدخل أو الناتج القومي .
كما يبدو من المعادلة الدخلية للتبادل ، فإنه في حال ثبات سرعة دوران النقود ، يحدد عرض النقود إجمالي الإنفاق ومن ثم حجم النشاط الاقتصادي . في حين إذا اتسمت درجة دوران النقود بالتقلب ، فإنه لن يصبح من السهل على الجهات الحكومية المعنية كالبنك المركزي مثلاً ، تحديد مدى تأثير تغيرات في عرض النقود على الناتج القومي ، وهو ما يقلل من فاعلية ودقة السياسة النقدية .
وبناءً على ما سبق فإن هذا المدخل ينظر إلى أن الناتج الإجمالي الحقيقي Y ، لا يتغير في المدى الطويل لأن الموارد الاقتصادية محدودة ويتسم الاقتصاد بتوظيف تام للموارد مما يجعل مستوى الأسعار عرضة للتغيير نتيجة التغيرات التي تطرأ في كمية النقود في حين لا يتغير حجم الإنتاج في المدى القصير ، كما أنهم افترضوا ثبات V لأنها تعتمد على عوامل لا تتغير كثيراً مثل أنماط الإنفاق ، أساليب الدفع ، ثروة الفرد وأسعار الفائدة وغيرها .
المدخل الثاني : مدخل الأرصدة النقدية بصياغة مدرسة ( كمبيردج ):
رغم توافق رؤية اقتصاديي كمبيردج مع فيشر حول أهمية حجم المبادلات والتعامل كمحدد لكمية النقد الذي يحتفظ به الأفراد حاضراً لديهم ، نوه اقتصاديو جامعة كبيمردج إلى أهمية الثروة في تحديد هذه الكمية كذلك ، ويرى الاقتصاديون بشكل عام أن إفساح المجال أمام قرارات الجمهور للتأثر بالثروة ، اختلافاً بين الطرح الذي قدمه فيشر والذي جاء به اقتصاديو كمبريدج ، وهو ما خلص إلى تأثر الجمهور بحجم المعاملات من جانب وبالثروة وما يطرأ عليها من تغير من جانب آخر ، مع هذا فإنهم قبلوا بمعادلة فيشر لتحديد الطلب على النقود وهي :
Md = K × ( P × Y )
حيث أن :
K = 7/1 وهي لن تكون ثابتة في المدى القصير بل تتغير لأن العوائد التي يمكن أن يحصل عليها المرء من الأشكال المختلفة للثروة تتغير .
يبدو أن المدخل الحالي يترك للأفراد حرية اختيار كمية النقد التي يحتفظون بها من أجل الحفاظ على ثروتهم إلى جانب استخدام جزء من النقود من أجل إتمام معاملات التبادل .
وتأتي أهمية فهم معدل دوران النقود V من قدرته بالتأثير في مدى فاعلية السياسات التي تتبناها الحكومة للتأثير في حجم النشاط الاقتصادي .
فإذا افترضنا أن V ثابت فإن معادلة الطلب على النقود تبين أن عرض النقود أو الطلب على النقود يحدد الناتج المحلي الإجمالي ، من جانب آخر إذا كانت V متقلبة فإنه يصعب التنبؤ بقيمة الناتج المحلي الإجمالي حتى لو وجهت السياسات الحكومية قيمة M .
كما أنه إذا كانت V تتغير بنفس معدل التغير في M ولكن في اتجاه مضاد ، فستبقى قيمة الناتج المحلي الإجمالي بمعزل عن التغيرات في M ، وتصبح سياسة تغيير كمية النقود غير مجدية ، إنه في حال قدرة البنك المركزي على التنبؤ بقيمة V وعدم ارتباطها بشكل مباشر بقيمة M ، يصبح بمقدوره التأثير في حجم النشاط الاقتصادي PY .
ثانياً : نظرية الطلب على النقود لكينز :
لقد احتفظ كينز بنظرية النقود التقليدية باعتبارها طلباً للنقود بغرض المعاملات وهو جزء من الطلب الكلي على النقود في نظريته العامة ، وذكر ( كينز ) أن الطلب على النقود له ثلاث دوافع : المعاملات ، والاحتياط ، والمضاربة ، ويمثل كل من دافعي المعاملات والاحتياط وظيفة الوسيط في التبادل ودافع الأمان كمستودع مؤقت للقوة الشرائية عند ( فيشر ) ومدرسة كمبيردج ، وبذلك عالج ( كينز ) الطلب على النقود من خلال الدوافع المسببة لهذا الطلب في نموذج تضمن نظام مالي بسيط ضم:
النقود كأصل يمثل قيمة السيولة أو السيولة ذاتها ويدر عائد ضمني هو الشعور بالأمان والثقة في تنفيذ المعاملات والوفاء بالديون ومواجهة المتطلبات غير المتوقعة والطارئة للسيولة النقدية ، ولا يدر عائد نقدي .
السندات كأصل مالي طويل الأجل منخفض السيولة ويدر عائد فائدة نقدي .
ودوافع الاحتفاظ بالنقود من وجهة نظر جون كينز هي :
دافع المعاملات :
يقصد بدافع المعاملات أن الأفراد يطلبون نقوداً من أجل إتمام معاملات التبادل التي تعتمد على الدخل ، وأقر كينز من خلال هذا الدافع بالعلاقة الإيجابية بين هذا الجزء من الطلب على النقود وبين دخل الفرد ، فالمرء بحاجة للاحتفاظ بمبلغ من المال من أجل دفع فواتير مستحقة عليه ، أو من أجل شراء احتياجاته اليومية من المحلات التجارية ، وبالرغم من أن هذا الجزء من الطلب يفقد الفرد عائداً كان من الممكن تحقيقه لو أنه احتفظ بمثل هذا المبلغ في أصول تحقق عوائد ، فإن المرء مضطراً للتضحية بهذا إذا أراد إتمام تبادلات يتطلب القيام بها استخدام النقود .
دافع الاحتياط :
ويقصد بهذا الدافع أن الأفراد يحتفظون بكمية من النقود من أجل تفادي تقلبات قد تطرأ في دخولهم مما يعرض أنماط الاستهلاك المعتادة لديهم للتقلب ، كما أن هذه الكمية توفر متكأ يستخدم في الحالات الطارئة التي يكون المرء فيها بحاجة إلى نقود متوفرة لديه ، فعلى سبيل المثال يحتفظ الأفراد بالمبالغ لديهم بغرض قيامهم بشراء سلع لم يخططوا مسبقاً لشرائها أو من أجل تمكينهم من القيام بواجبهم تجاه ضيوف غير متوقعين ، وبما أن التزامات الأفراد وقدرتهم على الشراء مرتبطة بدخولهم فلقد رأى كينز أن هذا الجانب من الطلب على النقود يعتمد ايجابياً على الدخل .
دافع المضاربة :
ويقصد به أن الفرد يفاضل بين العوائد والتكاليف المترتبة نظير توظيف ثروته في بدائل عديدة ، وفي الصيغة الأصلية وضح كينز أن بإمكان الفرد أن يحتفظ بثروته على شكل نقود أو على شكل سندات ، كما أن اختيار الفرد للسندات سيعتمد على العائد المتوقع الذي قد يأخذ شكل الفائدة والتغير المتوقع في أسعار السندات أو التغير في قيمتها الرأسمالية ، والتغيرات في سعر الفائدة تؤدي إلى تغيرات في أسعار السندات إذ أن ارتفاعاً في سعر الفائدة يؤدي إلى تناقص في القيمة السوقية للسندات والعكس صحيح .
وبناءً على ما سبق إذا قارنا بين احتفاظ الفرد لسندات وبين احتفاظه بنقود فإنه في الفترات التي يرتفع فيها سعر الفائدة تنخفض فيها أسعار السندات مما يشجع الأفراد للاستثمار فيها توقعاً منهم بارتفاع أسعارها مستقبلاً ، وبما أن ثروة الفرد محدودة فإن طلبه على النقود يتناقص مفضلاً شراء السندات ، من جانب آخر تدفع التوقعات بارتفاع سعر الفائدة الأفراد لتفضيل النقود على السندات سعياً منهم لتفادي خسارة متوقعة في القيمة الرأسمالية للسندات ، أي أن العلاقة عكسية بين الطلب على النقود وسعر الفائدة .
إن في إبراز أهمية سعر الفائدة في الاستدلال على كمية النقد المطلوبة مما يميز النظرية الكينزية عن النظريات الكلاسيكية السابقة ويمكن وضع النظرية الكينزية للطلب على النقود في الدالة التالية :
Md/P = F ( R , Y )
إذ أن الطلب الحقيقي على النقود Md/P ، يعتمد إيجابياً على الدخل الحقيقي Y ، وعكسياً على سعر الفائدة الاسمي R ، ويعود استخدام الفائدة الاسمي وليس الحقيقي لأنه يمثل العائد الفعلي على النقود . ويتضمن التغيرات المتوقعة في الأسعار عند حلول الأجل الذي يتحقق عنده العائد ، كما أن هذه الدالة تمثل الطلب الحقيقي وليس الطلب الاسمي على النقود ، والهدف من التمييز بينهما هو التأكيد على غياب ( وهم النقد ) أي أن الأفراد يهتمون بالقيم الحقيقية للمتغيرات وليست قيمتها الاسمية.
لقد أفصح كينز عن احتمال أن يصل سعر الفائدة إلى مستوى منخفض تعجز عنده زيادة في عرض النقود عن تخفيضه إلى مستوى أدنى من ذلك وهذا ما أطلق عليه ( بمصيدة السيولة ) ، فنظراً لاعتقاد الجمهور أن سعر الفائدة الحالي أقل من مستواه الطبيعي فإنهم سوف يحتفظون بالنقود الإضافية التي وصلت إليهم نتيجة زيادة عرض النقود على شكل نقد ، بل إنهم سوف يقومون ببيع السندات والأصول الأخرى التي تعود عليهم بفوائد منخفضة لتوقعهم بانخفاض أسعارها ، إذ أن تناقص العوائد عليها وصل إلى حد جعل المنفعة من النقود تفوق تلك العوائد .
في الفترة الحالية لم تعد المدرسة الكينزية الحديثة تميز الطلب على النقود مثل ذلك التمييز الذي اقترحه كينز ، فلقد أصبح أتباعها ينظرون إلى الطلب على النقود أنه يعتمد على سعر الفائدة والدخل ، ويأخذ المرء تكلفة الفرصة البديلة في الاعتبار حتى عندما يستخدم النقود كأداة للتبادل أو متكأ للحيطة ، ولا يعتقدون أن الاقتصاديات الحديثة تدع مجالاً لمصيدة السيولة .
وقد وسع الاقتصاديان ( بومال ) و ( توبين ) نظرية كينز وأوضحوا أن الطلب على النقود بدافع المعاملات والطوارئ حساس أيضاً للتغيرات في معدل الفائدة وأن هناك علاقة عكسية بينهم ، فكلما كان معدل الفائدة مرتفع وأكبر من التكلفة المصاحبة لشراء السندات يكون المبلغ الموجه بشراء السندات كبير .
وكان هدفهم من إيجاد هذه العلاقة هو تخفيض تكلفة بقاء النقود بشكل سائل لغرض المعاملات والطوارئ من أجل الحصول على أعلى عائد ممكن .
ثالثاً : النظرية الكمية الحديثة للنقود ( النظرية النقدية ) :
قام الاقتصادي الشهير ( ملتون فريدمان ) بإعادة صياغة نظرية الكمية في الطلب على النقود ، وقد تناول فريدمان الطلب على النقود كأصل في حفاظة الثروة الفردية لدى أفراد القطاع العائلي باعتبارهم الحائزين النهائيين لهذه الثروة ، وكأصل في حافظة رأس المال لدى أفراد ومؤسسات القطاع الإنتاجي ، ومهد فريدمان لطرح نظريته في الطلب على النقود بالتساؤل عن سبب احتفاظ الأفراد والمؤسسات بالنقود ، وكانت إجابته احتفاظ الأفراد بالنقود باعتبارها أصل السيولة الذي يؤدي الوظائف التقليدية للنقود ، واحتفاظ مؤسسات الإنتاج بالنقود كأحد أشكال رأس المال المستخدم في العملية الإنتاجية ، وشملت دالة الطلب على النقود أهم العوامل المفسرة لسلوك الطلب على النقود كأصل في حفاظة الثروة وفي حافظة رأس ، وقد اتخذت دالة الطلب على النقود بصياغة ( ملتون فريدمان ) الشكل والعلاقات التالية :
Md/P = f ( yp+ , rb+ , rs+ , rm+ , pe+ , …..)
حيث أن :
Md/p = الطلب الحقيقي على النقود .
yp = الدخل الدائم وهو القيمة الحالية المخصومة لتدفقات الدخل المتوقعة لفترة طويلة في المستقبل .
rb = العائد المتوقع من السندات .
rs = العائد المتوقع من الأسهم .
rm = العائد المتوقع من النقود
pe = معدل التضخم المتوقع ( وهو بمثابة ضريبة على الاحتفاظ بالنقود ).
لقد أكد فريدمان أن للفرد حرية في اختيار البديل الذي يحتفظ فيه بثروته ، إذ أن طلبه على النقد يأخذ العوائد من مختلف البدائل في الاعتبار ، فهناك العائد من احتفاظ المرء بالنقود rm ، والعائد من السندات rb ، والعائد من الأسهم rs ، والمفاضلة بين الاحتفاظ بنقد أو بدائل أخرى تعتمد على الفروقات بين العوائد على هذه البدائل والعائد مع الاحتفاظ بالنقد ، فإذا ارتفعت العوائد على السندات والأسهم والأصول الأخرى مقارنة بالعائد من الاحتفاظ بالنقود فإن المرء يفضل البدائل على الاحتفاظ بالنقود مما يقلل من طلبة على النقد ، ويلاحظ من المعادلة أن هناك علاقة عكسية تؤكدها إشارة السالب أعلى العائد على السندات والعائد على الأسهم، والإشارة الموجبة أعلى العائد على النقود ، بين هذه العوائد والطلب على النقود ، فإذا ارتفع العائد على السندات rb فإن المرء يفضل توظيف المزيد من نقوده في السندات ومن ثم يقلل مما يحتفظ به من النقد ، أما بالنسبة للعائد من الاحتفاظ بالنقد rm فإنه يعكس المنافع والخدمات التي يحصل عليها المرء من احتفاظه بالنقد حاضراً لديه أو في حساباته الجارية ، ويعكس pe نسبة التغير في أسعار السلع وهو بمثابة نسبة التضخم الذي تمثل ضريبة على الاحتفاظ بالنقود ، فإذا توقع المرء ارتفاع مستوى الأسعار في المستقبل ومن ثم تناقص القوة الشرائية للنقود ، فإنه سيباشر بإنفاقها واقتناء سلعاً بدلاً عنها وهذا يعني تناقص الطلب على النقود ومن ثم زيادة معدل دورانه .
أخيراً ، الاختلاف بين نظرية كينز ونظرية فريدمان :
فريدمان يرى أن الطلب على النقود لا يعتمد إلا على الدخل الدائم ، في حين أن كينز استخدم الدخل الحالي .
أن فريدمان لايرى دوراً لسعر الفائدة للتأثير في الطلب على النقود ، وهو ما افترضه فيشر في نظريته الكلاسيكية ، أما كينز فإنه أضاف سعر الفائدة كأهم محدد للطلب على النقود من خلال دافع المضاربة .
ترى النظرية الكنزية أن درجة دوران النقود ليست ثابتة بل أنها تتغير طبقاً للتغيرات في سعر الفائدة ، أما النظرية النقدية فترى في استقرار الطلب على النقود استقراراً في درجة دوران النقود ، ويترتب على استقرار درجة دوران النقود أن التغيرات في عرض النقود هي التي تحدد حجم النشاط الاقتصادي.
رأى كينز أن التقلبات في سعر الفائدة تؤدي إلى تقلبات في الطلب على النقود من أجل المضاربة ومن ثم في دالة الطلب على النقود . من جانب آخر يلعب سعر الفائدة دور في دالة الطلب على النقود التي اقترحها فريدمان .
ينوه فريدمان بأهمية أن تتسم السياسة الحكومية ( نقدية ومالية ) بالاستقرار ، في حين أن كينز يرى أنها مطالبة بالتصدي للتقلبات في جانب الطلب على النقود بغية إبطال عواقبه السلبية على الاقتصاد.
النظم النقدية :
مفهوم النظام النقدي :
يعرف النظام النقدي بأنه مجموعة القواعد التي تتضمن تعيين وحدة التحاسب النقدية وتلك التي تضبط إصدار وسحب النقد الأساسي أو الانتهائي من التداول .
خصائص النظام النقدي :
النظام النقدي هو نظام اجتماعي : النظم النقدية هي أدوات اقتصادية تتخذ لتسهيل الإنتاج وتبادل المنتجات وهي تعكس بالضرورة وضع الاقتصاد الذي وجدت لخدمته ، بل هي لاتسير إلا وفقاً له ، فالنظام النقدي في النظام الرأسمالي يختلف عن مثله في النظام الاشتراكي وفي المجتمع الإسلامي .
النظام النقدي هو نظام تاريخي : أي يتطور ويتغير حسب تطور وتغير النظام الاقتصادي والاجتماعي الذي ينتمي إليه النظام التقدمي .
أولاً : قاعدة النقد السلعية ( النظام المعدني ) :
إن قاعدة النقد السلعية هي ذلك النظام الذي يحدد في ظله القانون النقدي سعراً ثابتاً مقاساً بوحدة التحاسب النقدية للوحدة من هذه السلعة أو من كل تلك السلع التي يقع الاختيار عليها قاعدة النقد .
(1) نظام المعدن الواحد :
لقد تمثلت قاعدة النقد السلعية ذات المعدن الواحد في عدة أشكال حسب تطورها التاريخي وهي كالتالي:
نظام المسكوكات الذهبية : يمثل هذا النظام الشكل الأول لقاعدة الذهب حيث تداولت في ظله المسكوكات الذهبية إما بمفردها أو جانبها أوراق نقد نائبة أو تداولت إلى جانبها نقوداً اختيارية ولكن في جميع الحالات كانت المسكوكات هي النقد الأساسي والنهائي ، ولكي يتحقق تشغيل هذا النظام يقتضي الأمر توافر شروط معينة نذكرها فيما يلي :
تعيين نسبة ثابتة من وحدة النقد المستخدمة وكمية معينة من الذهب ذات وزن معين وعيار معين .
وجوب توافر حرية كاملة لسك الذهب بدون مقابل أو بتكلفة طفيفة لكل من يطلب تحويل السبائك الذهبية إلى مسكوكات ( حرية السك ) .
وجوب توافر حرية كاملة لصهر المسكوكات الذهبية ( حرية الصهر) .
وجوب توافر حرية كاملة لتحويل العملات الأخرى المتداولة إلى النقود الذهبية بالسعر القانوني الثابت للذهب .
وجوب توافر حرية لاستيراد وتصدير الذهب .
مزايا نظام المسكوكات الذهبية :
يسمح بتداول النقود الأخرى إلى جانب المسكوكات الذهبية مما يؤدي إلى توسع حجم الكتلة النقدية المتداولة .
نظام عالمي نظراً لأنه شمل كل دول العالم ولفترة طويلة .
إلزامية بتساوي القيمة الشرائية للنقود وللذهب .
عيوب نظام المسكوكات الذهبية :
إن تطور هذا النظام يعني اتجاهه نحو احتكار الذهب والسيطرة على السوق وذلك لأن هذا النظام يعني وحدة السوق العالمية .
لم يتوسع إنتاج الذهب أمام توسع إنتاجية السلع والخدمات مما أدى إلى ارتفاع الأسعار .
ب – نظام السبائك الذهبية :
أدى تزايد حاجات أفراد المجتمع إلى زيادة طلبهم على النقود في صورة مسكوكات ذهبية ، مما دفع بالبنوك إلى إصدار نقود بغطاء نسبي .
مع قدوم الحرب العالمية الأولى ارتفعت نفقات شراء الأسلحة وتمويل الحرب مما حث إنجلترا وفرنسا وإيطاليا وأمريكا إلى عقد مؤتمر في ( جنوا ) ليتوصلوا إلى نتائج من أهمها :
إلغاء نظام المسكوكات الذهبية وتبني نظام السبائك الذهبية بداية من عام 1925 .
وضع شروط لعملية سك وصهر العملة .
وضع شروط على عملية تحويل النقود الورقية إلى ذهب .
أوجه الاختلاف بين نظام السبائك ونظام المسكوكات :
في ظل السبائك لا تتداول المسكوكات الذهبية بل تسحب من التداول ولكن تستمر السلطات النقدية في شراء كل ما يعرض عليها من سبائك الذهب بسعر ثابت حتى تحول دون ارتفاع القيمة النقدية للذهب عن قيمته السوقية ، ولكن في هذه الحالة تحتفظ البنوك المركزية بالذهب في خزائنها وتدفع للبائعين قيمة مشترياتهم منه عن طريق إصدار نقود ورقية أو بفتح حسابات جارية لهم حسب رغباتهم .
لم تعد هناك حرية كاملة لتحويل أنواع النقود الأخرى المتداولة إلى ذهب بل قيدت هذه الحرية ووضع لها شروط .
إن تطبيق هذا النظام كان مفيداً لأنه ساعد على تركيز الاحتياطي الذهبي في أيدي البنوك المركزية والحكومات مما أتاح فرصة لإدخال نوع من الإدارة النقدية في ظل هذا النظام إلى جانب ممارسة قدر من الرقابة على حركات الذهب .
ج – نظام الصرف بالذهب :
إن الوحدة النقدية في ظل هذا النظام لبلد ما لا تتحدد مباشرة على أساس الذهب ، بل يكون ارتباطها به ارتباطاً غير مباشر وذلك كأن ترتبط الوحدة النقدية بنسبة ثابتة مع الوحدة النقدية لعملة بلد آخر يسير على نظام الذهب .
من الناحية التاريخية كان نظام الصرف بالذهب في البلاد التي اتبعته وليد للعلاقات التجارية التي قامت بين دولة صغرى تربطها بدولة كبرى تسير على نظام الذهب علاقة التبعية السياسية والاقتصادية كما كان الحال بالنسبة للهند ومصر في علاقتهما بإنجلترا .
مزايا نظام الصرف بالذهب :
مكن هذا النظام البلد الذي اتبعته من التمتع بمزايا نظام الذهب دون ضرورة الاحتفاظ باحتياطي من الذهب يرتبط مباشرة بالنقد المتداول ، ولكن ذلك يحتم على هذا البلد التابع أن يحتفظ بجزء كبير من احتياطاته الأجنبية على صورة نقد أو صورة أذونات وسندات تصدرها خزانة الدولة المتبوعة .
قيام البلد المطبق لهذا النظام باستثمار جانب كبير من احتياطياتها الذهبية في مشروعات استثمارية.
تثبيت أسعار العملات الصغيرة مما ينعكس في وجود سعر صرف ثابت بين عملة البلد التابع والبلد المتبوع .
تبقى عملة البلد التابع دائماً قوية .
ربح تكاليف تخزين الذهب وحراسته وصهره .
عيوب نظام الصرف بالذهب :
يؤدي إلى خلق تبعية نقدية للبلد التي تقوم باتباع هذا النظام الأمر الذي يؤدي إلى حدوث تبعية سياسية واقتصادية .
قد تتعرض الدولة المتبوعة لأزمات فينعكس ذلك على الدولة التابعة .
المساس بسيادة البلد التابع حيث يصبح مرتبطاً بالبلد المتبوع اقتصادياً وسياسياً.
وأخيراً يوجد لنظام المعدن الواحد العديد من المزايا والعيوب التي من أهمها ما يلي :
مزايا نظام المعدن الواحد :
يقود إلى استقرار مستويات الأسعار العالمية على الأجل الطويل والذي يؤدي إلى اتساع وتطور التجارة الدولية واتساع حركة حرية انتقال رؤوس الأموال .
ضمنياً يؤمن هذا النظام ضد مخاطر الأزمات الاقتصادية لأن نظام المدفوعات الدولية يضمن كفاءة توزيع الموارد الاقتصادية مما يجعل التأثير خلال الفترات الزمنية القصيرة قليلاً .
يؤدي هذا النظام عمله دون الحاجة إلى تدخل الحكومات التي يقتصر دورها فقط على المتابعة وعلى تطبيق القانون .
عيوب نظام المعدن الواحد :
وجود بعض الأخطاء التي يمكن أن يرتكبها المسئولون عن إدارة نظام نقدي مستقل عن الذهب أقل بكثير من الأضرار التي تصيب النشاط الاقتصادي المحلي الناتجة عن ارتباطه بنظام الذهب الدولي.
أثبتت الحقائق العلمية والواقعية أن هذا النظام لا يحقق الاستقرار في الأسعار لأن إنتاج الذهب لا يتمتع بالمرونة التي تجعل عرضه يتجاوب تلقائياً مع الطلب عليه .
تحقيق الاستقرار في أسعار الصرف يقتصر على الدول المتقدمة ، أما الدول النامية فتعرضت إلى تقلبات كبيرة خلال فترة تشغيل نظام الذهب .
( 2 ) نظام المعدنين :
هو ذلك النظام الذي تحددت في ظله قيمة الوحدة النقدية بالنسبة لمعدنين هما الذهب والفضة ، وحيث أن الشروط الواجب توافرها للمحافظة على علاقة ثابتة بين قيمة الوحدة النقدية وبين قيمة كل من المعدنين هي نفس الشروط التي ذكرناها بخصوص نظام المعدن الواحد .
ولابد من الإشارة إلى أن العامل الأساسي في استقرار تداول المعدنين معاً هو استمرار تعادل النسبة بين قيمتهما السوقية والنسبة بين قيمتهما القانونية ، أما إذا اختلفت هاتان النسبتان فإن المعدن الذي يرتفع قيمته السوقية عن قيمته القانونية يميل إلى الاختفاء من التداول ويحل محلة المعدن الرخيص بدلاً منه وبلغة قانون جريشم : النقد الرخيص يطرد النقد الجيد من التداول .
إن ارتفاع القيمة السوقية للذهب عن قيمته القانونية سوف يغري الجمهور بصهر الوحدات الذهبية وبيعها سبائك بالسعر السوقي المرتفع وتحقيق ربح من هذه العملية ، وهنا يقول منتقدي نظام المعدنين أن الأمر ينتهي باختفاء المعدن الجيد أو المعدن ذات القيمة السوقية المرتفعة من التداول وبذلك يتحول نظام المعدنين إلى نظام المعدن الواحد ، حيث أن نظام المعدنين لم يستمر في الحياة العملية لأن البلاد التي اتبعته حددت نسباً مختلفة للمعدنين .
ولكن مما يحسب لهذا النظام بأن استخدام معدن الفضة إلى جانب معدن الذهب في القاعدة النقدية يزيد من حجم القاعدة ويترتب على ذلك أن يصبح العرض الكلي للنقود أكبر في ظل هذا النظام منه في حالة نظام المعدن الواحد ومن ثم تتمكن السلطات النقدية من مقابلة حاجات الجمهور إلى النقد في يسر وسهولة، كما أن استخدام معدنين في القاعدة النقدية بدلاً من معدن واحد يدخل شيئاً من المرونة في النظام النقدي ومن ثم تميل القوة الشرائية للوحدة النقدية أو مستوى الأسعار إلى التمتع بدرجة من الثبات النسبي أكبر مما يتوافر في ظل نظام المعدن الواحد .
ثانياً : قاعدة النقد الائتمانية ( نظام النقد الورقي الإلزامي ) :
تعرف القاعدة الائتمانية للنقد بأنها نظام لا تعرف في ظله وحدة التحاسب النقدية بالنسبة لسلعة معينة ولكن من الوجهة الفعلية تعرف بنفسها ، وبالتالي لا يصبح النقد الإنتهائي أو الأساسي سلعة ذات قيمة تجارية .
ففي ظل القاعدة الائتمانية للنقد أصبح النقد الورقي الاختياري نقداً إلزامياً أي غير قابل للتحويل إلى ذهب أو إلى أي معدن آخر ، وبالتالي أخذ مكان النقد السلعي وأصبح نقداً انتهائياً أو أساسياً تعرف وحدة التحاسب النقدية بالنسبة له ، وأصبحت نقود الودائع النوع الوحيد للنقد الاختياري المتداول .
إن النقد الورقي الانتهائي يستمد كيانه من القانون المحلي ويتداول في داخل الحدود السياسية للدولة التي تصدره ، وتغدو القيمة الخارجية للوحدة من هذا النقد تتحدد في أسواق الصرف الحرة بالعوامل التي تحكم عرضه والطلب عليه ، ولم يعد هناك حدوداً عليا ودنيا لأسعار الصرف كما هو الحال بالنسبة لحدي تصدير واستيراد الذهب .
كما وأصبح النقد الورقي نقداً مداراً تتولى السلطات النقدية ( البنك المركزي والخزانة) مسؤولية تحديد معدل تغيره في وقت معين مسترشدة في تحديدها لمعدل تغيره بأهداف اقتصادية معينة تستهدف المساهمة في تحقيقها وعليه يتحقق الربط بين التغير في العرض النقدي والنشاط الاقتصادي .
خصائص نظام النقد الورقي الإلزامي :
يقع هذا النظام في أرقى سلم التطور النقدي مما يجعله فعال في مواجهة الأزمات النقدية الخاصة .
أنه نظام غير مقيد يرتبط الإصدار النقدي فيه إلى حاجة الدولة الاقتصادية للنقود ولا يرتبط بحجم ما تملكه الدولة من ذهب أو معادن نفيسة .
إلزامية التعامل بالأوراق النقدية .
مركزية إصدار النقد القانوني لدى سلطة وحيدة هي البنك المركزي .
الورقة النقدية لا قيمة لها وإنما تستمد قيمتها من قوة القانون .
القوة الشرائية للنقود الورقية غير ثابتة طالما بإمكان الحكومة إصدار الكمية المطلوبة منها عند الضرورة .
النقود الورقية تتمتع بقدرة المرونة على مقابلة الاحتياجات والمعاملات .
أنه نظام محلي بطبيعته وهو نظام مدار يسمح بالربط بين معدل التغير في الإصدار النقدي وبين معدل التغير في مستوى النشاط الاقتصادي .
سوقية المعاملات الداخلية تتم بنقود ورقية وتتسم بالقبول العام وثقة الأفراد ، ويطبع عليها القانون قوة إبراء غير محدودة للوفاء بالالتزامات أو الديون ، أما المعاملات الخارجية فالدولة هي التي تقوم بتحديد أسعار الصرف الخارجي وذلك لتحويل العملة الوطنية إلى عملات أجنبية بسعر صرف ثابت وقابل للتحويل إلى ذهب .
الائتمان :
يعرف الائتمان بأنه : الثقة التي يوليها البنك لشخص ما سواء أكان طبيعياً أم معنوياً ، بأن يمنحه مبلغاً من المال لاستخدامه في غرض محدد ، خلال فترة زمنية متفق عليها وبشروط معينة مقابل عائد مادي متفق عليه ، وبضمانات تمكن البنك من استرداد قرضه في حال توقف العميل عن السداد .
وتعرف القروض البنكية بأنها تلك الخدمات المقدمة للعملاء التي يتم بمقتضاها تزويد الأفراد والمؤسسات والمنشآت في المجتمع بالأموال اللازمة على أن يتعهد المدين بسداد تلك الأموال وفوائدها والعمولات المستحقة عليها والمصاريف دفعة واحدة أو على أقساط في تواريخ محددة ، ويتم تدعيم هذه العلاقة بتقديم مجموعة من الضمانات التي تكفل للبنك استرداد أمواله في حال توقف العميل عن السداد بدون أية خسائر ، وينطوي هذا المعنى على ما يسمى بالتسهيلات الائتمانية ويحتوي على مفهوم الائتمان والسلفيات .
عناصر الائتمان :
الائتمان يجب أن يتوافر فيه أربعة عناصر على الأقل لكي يعتبر ائتمان وهي :
علاقة مديونية : وجود دائن ( مانح الائتمان ) ووجود مدين ( متلقي الائتمان ) وتوافر الثقة بينهما .
وجود دين : وجود المبلغ النقدي الذي أعطاه الدائن للمدين حيث يتعين على المدين أن يقوم برده للدائن ، وهنا يظهر الارتباط بين الائتمان والنقود .
الأجل الزمني : الفارق الزمني هو العنصر الجوهري الذي يفرق بين المعاملات الفورية والمعاملات الائتمانية .
المخاطرة : وهي سبب حصول الدائن على دينه مضافاً إليه الفائدة نتيجة انتظاره على المدين ناهيك عن احتمال عدم دفع الدين .
أسس منح الائتمان :
يجب أن يتم منح الائتمان استناداً إلى قواعد وأسس مستقرة متعارف عليها وهي :
توفر الأمان لأموال البنك : وذلك يعني اطمئنان البنك إلى أن المنشأة التي تحصل على الائتمان سوف تتمكن من سداد القروض الممنوحة لها مع فوائدها في المواعيد المحددة لذلك .
تحقيق الربح : والمقصود بذلك حصول البنك على فوائد من القروض التي يمنحها تمكنه من دفع الفوائد على الودائع ومواجهة مصاريفه المختلفة ، وتحقيق عائد على رأس المال المستثمر على شكل أرباح صافية .
السيولة : أي توفر قدر كاف من الأموال السائلة لدى البنك لمقابلة طلبات السحب دون أي تأخير ، وهدف السيولة دقيق لأنه يستلزم الموازنة بين توفير قدر مناسب من السيولة للبنك وهو أمر قد يتعارض مع هدف تحقيق الربحية ، ويبقى على إدارة البنك الناجحة مهمة المواءمة بين هدفي الربحية والسيولة.
صور الائتمان :
تتعدد صور الائتمان وأنواعه وفقاً لعدة معايير يمكن تلخيصها على الشكل التالي :
معيار شخصية متلقي الائتمان : يمكن التفريق بين نوعين من الشخصيات التي يمكن أن تكون خاصة أو عامة ، فالائتمان يكون خاصاً في حالة ما إذا كان الذي يعقد الائتمان هو أحد الأشخاص الطبيعيين أو الاعتباريين ( كالشركات والمؤسسات الخاصة ) وقد يكون الائتمان عاماً إذا كان الذي يعقد الائتمان أحد الأشخاص العامة كالدولة أو المحافظات أو أي من وحدات الحكم المحلي المختلفة.
معيار أجل الائتمان : ينقسم إلى :
ائتمان قصير الأجل : إذا كان أجل أو مدة الائتمان تقل عن عام ويكون هدفه الأساسي تمويل العمليات الجارية .
ائتمان متوسط الأجل : ويركز هذا النوع من الائتمان على إشباع حاجة الأفراد لتمويل حصولهم على بعض السلع الاستهلاكية المعمرة وأيضاً تمويل بعض العمليات الرأسمالية مثل حصولهم على بعض العدد والآلات .
ائتمان طويل الأجل : يعتبر الائتمان طويل الأجل إذا كان فترة انتهاء أجله تزيد عن خمسة أعوام ، ومن أمثلته القروض التي تلجأ إليها المشروعات لتمويل احتياجاتها من رؤوس الأموال الثابتة .
معيار الغرض من الائتمان : وينقسم إلى عدة أنواع هي :
الائتمان الاستهلاكي : غالباً يكون متوسط الأجل ويأخذ شكل البيع بالتقسيط .
الائتمان التجاري : ويكون عادة قصير الأجل وتلجأ إليه المشروعات عادة بغرض تمويل جزء من رأسمالها العامل أو الجاري .
الائتمان الإنتاجي أو الاستثماري : وهو طويل الأجل بغرض تمويل رأس المال الثابت كالمباني والأراضي والآلات ، والأداة المناسبة للحصول على مثل هذا الائتمان هي السندات .
معيار ضمان الدين :
طبقاً لهذا المعيار إذا تم الائتمان دون أن يقدم المدين أي نوع من الضمانات العينية إلى مانح الائتمان مكتفياً فقط بالوعد الذي أخذه على عاتقة بإبراء ذمته في الأجل المحدد ، ووثق الدائن في ذلك مستنداً إلى شخصية المدين مثلاً حسن سمعته يكون الائتمان شخصياً ، أما إذا اشترط الدائن أن يقدم المدين ضماناً عينياً لتسديد دينه يكون الائتمان عينياً ، وعادة ما يشترط أن تكون قيمة الضمان أكبر من قيمة القرض ، والفرق بين القيمتين يسمى بهامش الضمان ، وتختلف قيمة هذا الهامش باختلاف نوع الضمان ونوع القرض وطبيعة الظروف المحيطة به .
ويمكننا أن نعرض لعدة صور من الائتمان العيني كالتالي :
القروض بضمان البضائع : ويشترط أن تكون البضائع قابلة للتخزين والتأمين عليها .
القروض بضمان أوراق مالية : وهنا يودع المدين طرف البنك أوراقاً مالية كضمان للمدين .
القروض بتأمين الكمبيالات : وهنا يقدم المدين كمبيالات مسحوبة لأمره من أشخاص آخرين معروفين للبنك وتكون الكمبيالات مظهرة للبنك .
القروض بضمانات متنوعة : هناك أنواع مختلفة من القروض تندرج تحت هذا النوع مثل السلف بضمان المرتبات ، كذلك من أنواع القروض اعتمادات المقاولين حيث يتفق أحد المقاولين مع أحد البنوك بفتح اعتماد كنسبة من قيمة عملية حكومية مثالاً مقابل التنازل للبنك عن المستخلصات التي يحصل عليها ، أما اعتمادات التصدير والاستيراد فيقوم العميل بفتح اعتماد مستندي لصالح المصدر ويقوم البنك بمنحه الائتمان اللازم مقابل التنازل عن بوالص الشحن ثم يقوم بالإفراج عن السلع المستوردة .
وظائف الائتمان :
يساعد الائتمان النقود القانونية في استحداث قدر من وسائل الدفع يتناسب حجماً ونوعاً مع متطلبات الحياة الاقتصادية للمجتمع .
يلعب الائتمان دوراً كبيراً في زيادة كفاءة عملية تخصيص الموارد الإنتاجية سواء في مجال الاستهلاك أو في مجال الإنتاج .
يلعب الائتمان دوراً كبيراً في تحديد مستوى الدخل القومي النقدي ، حيث أنه من المتوقع أن تكون هناك علاقة طردية بين معدل خلق الائتمان ومستوى الدخل القومي ، فنتوقع أن يرتفع مستوى الدخل القومي كلما زاد معدل خلق الائتمان والعكس صحيح .
أدوات الائتمان :
تعتبر الأوراق التجارية أدوات الائتمان قصيرة الأجل ، بينما تعد الأوراق المالية أدوات الائتمان طويل الأجل ، ومن الجدير بالذكر أن النقود الورقية ذاتها تعد من أدوات الائتمان ، ويمكننا توضيح هذه الأدوات كالتالي :
الأوراق التجارية : وهي تمثل أدوات الائتمان قصيرة الأجل وتتميز بسرعة تداولها وعدم وجود قيود قانونية كثيرة عليها حيث يلعب العرف دوراً في إضفاء الثقة عليها ومن أهمها :
الكمبيالة .
السند الأذني .
الشيك .
أذونات الخزانة .
الأوراق المالية : وهي أدوات الائتمان طويل الأجل ومن أهمها :
الأسهم .
السندات .
النقود الورقية .
معايير منح الائتمان :
يعتبر نموذج المعايير الائتمانية المعروفة 5c’s أبرز منظومة ائتمانية لدى محللي ومانحي الائتمان على مستوى العالم عند منح القروض التي طبقاً لها يقوم البنك كمانح ائتمان بدراسة تلك الجوانب لدى عميله المقترح كمقترض أو كعميل ائتمان وفيما يلي استعراض لهذه المعايير :
الشخصية :
تعد شخصية العميل الركيزة الأساسية الأولى في القرار الائتماني وهي الركيزة الأكثر تأثيراً في المخاطر التي تتعرض لها البنوك ، وبالتالي فإن أهم مسعى عند إجراء التحليل الائتماني هو تحديد شخصية العميل بدقة ، فكلما كان العميل يتمتع بشخصية أمينة ونزيهة وسمعة طيبة في الأوساط المالية ، وملتزماً بكافة تعهداته وحريصاً على الوفاء بالتزاماته كان أقدر على اقناع البنك بمنحة الائتمان المطلوب والحصول على دعم البنك له .
القدرة :
ويقصد بها قدرة العميل على تحقيق الدخل وبالتالي قدرته على سداد القرض والالتزام بدفع الفوائد والمصروفات والعمولات ، وعليه لا بد للبنك عند دراسة هذا المعيار من التعرف على الخبرة الماضية للعميل المقترض وتفاصيل مركزه المالي وتعاملاته البنكية السابقة سواء مع نفس البنك أو أية بنوك أخرى .
رأس المال :
يعتبر رأس مال العميل هو ملاءة العميل المقترض وقدرة حقوق ملكيته على تغطية القرض الممنوح له ، فهو بمثابة الضمان الإضافي في حال فشل العميل في التسديد ، وتشير الدراسات المتخصصة في التحليل الائتماني إلى أن قدرة العميل على سداد التزاماته بشكل عام تعتمد في الجزء الأكبر منها على قيمة رأس المال الذي يملكه ، إذ كلما كان رأس المال كبيراً انخفضت المخاطر الائتمانية ، ويرتبط هذا العنصر بمصادر التمويل الذاتية أو الداخلية للمنشأة والتي تشمل كل من رأس المال المستثمر والاحيتاطيات المكونة والأرباح المحتجزة .
الضمان :
يقصد به مجموعة الأصول التي يضعها العميل تحت تصرف البنك كضمان مقابل الحصول على القرض ، ولا يجوز للعميل التصرف في الأصل المرهون ، فهذا الأصل سيصبح من حق البنك في حال عدم قدرة العميل على السداد ، وقد يكون الضمان شخصاً ذا كفاءة مالية وسمعة مؤهلة لكي تعتمد علية إدارة الائتمان في ضمان تسديد الائتمان ، كما يمكن أن يكون الضمان مملوكاً لشخص آخر وافق أن يكون ضامناً للعميل ، وأخيراً فإن الضمان بصفة عامة تفرضه مبررات موضوعية ومنطقية تعكسها دراسة طلب القرض ولا يمثل الأسبقية الأولى في اتخاذ القرار الائتماني .
الظروف المحيطة :
يجب على الباحث الائتماني أن يدرس معدل تأثير الظروف العامة والخاصة المحيطة بالعميل طالب الائتمان على النشاط أو المشروع المطلوب تمويله ، والظروف العامة هي المناخ الاقتصادي العام في المجتمع وكذلك الإطار التشريعي والقانوني الذي تعمل المنشأة في إطاره خاصة التشريعات النقدية والجمركية والتشريعات الخاصة بتنظيم أنشطة التجارة الخارجية استيراداً أو تصديراً ، أما الظروف الخاصة فهي ترتبط بالنشاط الخاص الذي يمارسه العميل مثل الحصة السوقية ، شكل المنافسة ، وموقع المشروع وغيرها .
النظام المالي والأسواق المالية ( أدوات سوق النقد وسوق رأس المال ) :
مفهوم النظام المالي :
يقصد بالنظام المالي الأسواق والأفراد ، والمؤسسات والقوانين والإجراءات التنظيمية والتقنيات التي يتم من خلالها تداول الأصول النقدية والمالية كأذون الخزانة والسندات والأسهم وغيرها ، ويكون دور النظام المالي محورياً في المجتمعات المعاصرة ، فهو يؤمن انتقال الموارد المالية الفائضة من المدخرين إلى المقترضين من أجل الاستثمار أو الاستهلاك ، وبمعنى آخر يجعل الأموال المعدة للاقراض والاقتراض متاحة ، ويقدم الوسائل والأدوات المالية التي تسهم في تعزيز التنمية الاقتصادية للبلد ، وبالتالي يرتفع مستوى المعيشة التي يتمتع بها مواطنيه .
يحدد النظام المالي كلاً من تكاليف الائتمان ومقدار توفر هذا الائتمان الذي يستخدم كوسيلة للدفع مقابل الآلاف من السلع والخدمات التي يتم تداولها يومياً ، ولتمويل الاستثمارات الجديدة ، كما تعكس التطورات في النظام المالي صحة الاقتصاد الوطني .
مفهوم السوق المالي ووظائفه :
يتمثل السوق المالي في المجال الذي يتم فيه الإلتقاء بين رغبات الوحدات الاقتصادية ذات الفائض المالي ، والوحدات الاقتصادية ذات العجز المالي من خلال وسطاء سوق المال ، أو ما يطلق عليهم الوسطاء الماليون ويتمثلون في البنوك وشركات التأمين وصناديق المعاشات .
يؤدي السوق المالي وظيفة هامة في النشاط الاقتصادي في أي مجتمع من المجتمعات ، تتمثل في تحويل الموارد المالية من الوحدات ذات الفائض المالي إلى الوحدات ذات العجز المالي بما يؤدي إلى زيادة مستوى النشاط الاقتصادي وزيادة كفاءته .
وعادة ما يتم نقل مدخرات ذات الفائض المالي إلى الوحدات ذات العجز المالي من خلال سوق المال بطريقتين :
التمويل المباشر : حيث تحصل الوحدات ذات العجز المالي على التمويل اللازم لها مباشرة من الوحدات ذات الفائض المالي ، وذلك من خلال قيام الوحدات ذات العجز المالي بإصدار حقوقاً مالية على نفسها في شكل أسهم وسندات وبيعها للوحدات ذات الفائض المالي ، وتمثل هذه الأصول المالية ديناً على الوحدات التي أصدرتها ومستحقة الدفع من دخلها في المستقبل ، كما تمثل هذه الأصول بالنسبة للوحدات التي اشترتها ، المقرضون حقوقاً على أصول ودخل المقترضين .
التمويل غير المباشر : حيث تقوم المؤسسات المالية بالحصول على الموارد المالية من الوحدات ذات الفائض مقابل إصدار أصول مالية على نفسها ، وبيعها للوحدات ذات الفائض ، وتسمى أصولاً مالية غير مباشرة مثل شهادات الادخار وشهادات الاستثمار ، ثم تقوم باقراض هذه الموارد المالية إلى الوحدات الاقتصادية ذات العجز المالي والتي تقوم بإصدار وبيع أصولاً مالية مباشرة للمؤسسات المالية .
المؤسسات المالية الوسيطة :
يسمي بعض المؤلفين هذه المؤسسات بعناصر أو مكونات السوق ويمكن إيجازها في التالي :
الوسطاء ( السماسرة ) : ويعرف الوسيط المالي بأنه الشخص المرخص بموجب قانون السوق المالي وأنظمته وتعليماته ، ويقوم بأعمال محددة تؤهله لممارسة الوسيط بين الجمهور المستثمرين والجهات المصدرة للأوراق المالية مقابل عمولة محددة يتقاضاها نظير الخدمات التي يقدمها ، ويكون الشخص الوسيط شخص طبيعي أو اعتباري وتشمل الوساطة المالية الأعمال التالية :
أ – الوساطة بالعمولة : حيث يقتصر عمل الوسيط شراء أو بيع الأوراق المالية لصالح العملاء مقابل عمولات محددة من قبل لجنة إدارة السوق .
ب – الوساطة بالبيع والشراء لصالح محفظته المالية / ويكون ذلك بترخيص خاص للوسيط ، ويعرف في هذه الحالة بأنه صانع الأسواق ، ويشبه دور صانعي الأسواق دور تجار الجملة في أسواق بيع السلع .
ج – الوساطة لتغطية إصدارات الأوراق المالية الجديدة : حيث يقوم الوسيط في هذه الحالة بمهمة تسويق الإصدارات الجديدة لصالح الشركة المصدرة مقابل عمولة محددة بموجب اتفاق بينهما يتعهد الوسيط بتغطية الإصدارات بشكل كامل أو جزئي.
المصارف التجارية : مؤسسات وسيطة تقوم باستقطاب الودائع وإعادة إقراضها مقابل فائدة تشكل المصدر الرئيسي لارباحها ويتمحور عملها في خلق الائتمان .
المصارف المتخصصة : مؤسسات وسيطة متخصصة تمارس نشاطاتها الاقتصادية بشكل رئيسي قي تمويل القطاعات الاقتصادية حسب نوع نشاطها ومعظم تسليفاتها ذات أجل طويل ودورها الأساسي تنموي .
مكاتب التمثيل للمصارف الخارجية : هي مؤسسات أو شركات أعمال تمثل بنكاً أجنبياً يرتكز نشاطها في السوق المحلية ومهمة المكتب تمثيل الشركات المصرفية الأم أمام السلطة النقدية المحلية .
صناديق التقاعد : وهي مؤسسات حكومية عادة تعني بشؤون استلام الأقساط التأمينية من العاملين وتسديد الرواتب التقاعدية .
مؤسسات وشركات التأمين : يعرف التأمين بأنه عمل يسعى إلى توزيع الخطر على أكبر عدد ممكن من الأفراد مقابل مبلغ بسيط من المال يسمى قسط التأمين يدفعه المؤمن له إلى الهيئات المتخصصة التي تقوم بتحمل نتائج الأخطار مقابل الأقساط التي تجمعها وذلك بأن تدفع تعويضاً عن الأضرار والخسائر التي تلحق بالمؤمن له ، ومن أهم أنواع التأمين ، التأمين على الحياة ، وضد الحريق ، وضد الحوادث ، والتأمين البحري ، والتأمين على رأس المال .
مؤسسات الضمان الاجتماعي : يمثل الضمان الاجتماعي التزام العامل ورب العمل في القيام بتسديد اشتراكات شهرية وفق القوانين والأنظمة المرعية إلى المؤسسات التي تقوم برعاية مصالح هؤلاء .
مؤسسات الادخار العقارية : مؤسسات مالية متخصصة في تمويل قطاع الإسكان والمرافق ، حيث أن هذا القطاع يحتاج إلى توفير أموال كبيرة معدة للتوظيف في الأجل الطويل .
صناديق التوفير أو الادخار البريدي : مؤسسات مالية تقوم بتنظيم عملية الادخار وتركز على أهمية الادخار الشعبي وتسعى إلى تنمية الوعي الادخاري لموظفين ذوي الدخل المحدود وتجميع المدخرات الاستثمارية بأفضل الطرق المتاحة لاسيما تمويل المشروعات الإنتاجية ومشروعات التنمية .
الصرافون : تشكل أعمال الصرافين رديفاً لأعمال المصارف وتشمل من حيث المبدأ العمليات المتعلقة بالذهب والعملات الأجنبية .
وظائف الأسواق المالية :
زيادة معدل نمو الاستثمار القومي .
تخصيص الموارد الاستثمارية أفضل تخصيص ممكن .
توفير درجة عالية من السيولة للمستثمرين .
المساهمة في تمويل مشروعات التنمية الاقتصادية والاجتماعية .
تقويم أداء الشركات والمشروعات الاستثمارية .
تقييم وتحديد أسعار الأوراق المالية .
إتاحة أوعية ادخارية متنوعة .
الحد من معدلات التضخم .
الاستفادة من التطورات المالية والاقتصادية العالمية .
إتاحة مؤشر للحالة الاقتصادية .
تنمية الوعي المالي والاستثماري .
تخفيض المخاطر التي تواجه المدخرين والمستثمرين .
هيكل الأسواق المالية :
يمكن النظر إلى الأسواق المالية من أكثر من زاوية ، وبالتالي تصنيفها وفقاً لأكثر من معيار حسب الهدف من تصنيف هذه الأسواق ، بناء على ذلك فسوف يتم النظر إلى أسواق الأوراق المالية من أربع زوايا هي طبيعة عمل السوق ، طريقة التداول ، درجة تنظيم السوق ، والمنتجات المالية المتداولة في السوق .
المعيار الأول : هو طبيعة عمل الأسواق :
وفقاً لهذا المعيار تقسم أسواق الأوراق المالية إلى نوعين من الأسواق هما السوق الأولية والسوق الثانوية ، إذ أن هذا المعيار يتناول الأسواق من حيث المعنى ومن حيث المكان في نفس الوقت .
أولاً : السوق الأولية :
هي السوق المالية التي يتم من خلالها إصدار الأوراق المالية كالأسهم والسندات وتباع للمشترين لأول مرة من قبل الشركات أو الوكالات الحكومية التي تحصل على النقود مقابلها ، أي أن هناك عملية اقتراض في حال إصدار السندات ، وزيادة رأس المال في حال الأسهم ، إن السوق الأولية للسندات عادة ما تكون غير معروفة للجمهور وذلك لأن عمليات البيع للمشترين الأوليين غالباً ما تتم في مكاتب مغلقة ، ومن أهم المؤسسات المالية الوسيطة التي تساعد في عمليات البيع الأولي للأوراق المالية في السوق الأولية هي مصارف الاستثمار .
ثانياً : السوق الثانوية :
هي السوق التي يتم تداول الأوراق المالية فيها شراء وبيعاً عبر السماسرة والوسطاء ولذلك يطلق عليها سوق التداول وهي السوق التي يتم فيها إعادة بيع الأوراق المالية التي سبق إصدارها وبالتالي تداولها ، ومن أبرز الأمثلة عليها بورصة نيويورك ، وناسداك في أمريكا ، وبورصة لندن .
عندما يقوم شخص ما بشراء أوراق مالية من السوق الثانوية فإن بائع هذه الأوراق يحصل على النقود في عملية المبادلة من المشتري ، ولكن الشركة التي أصدرت هذه الأوراق لا تحصل على أي نقود جديدة ، فأي شركة تحوز نقود جديدة فقط عندما تباع الأوراق المالية لأول مرة في السوق الأولية ، ومع ذلك فإن السوق الثانوية تقوم بأداء وظيفتين هامتين :
تجعل إعادة بيع الأدوات المالية من أجل الحصول على النقود أكثر يسراً ، بمعنى أن هذه الأدوات تجعل التعامل أكثر سيولة .
أنها تحدد أسعار الأدوات المالية التي تصدرها الشركات وتبيعها في السوق الأولية .
المعيار الثاني هو طريقة التداول :
أولاً : الأسواق الحاضرة :
وهي الأسواق التي يتم فيها تداول الأوراق المالية بصورة فورية بين البائعين والمشترين ، و تتم هذه الأسواق عمليات البيع والشراء آنياً أثناء انعقاد جلسة التداول.
ثانياً : الأسواق المستقبلية :
وهي الأسواق التي يتم فيها تداول الأوراق المالية من خلال عقود واتفاقيات يتم تنفيذها في تاريخ لاحق ، ويتم التعامل فيها بالأوراق المشتقة ، وتعرف الأوراق المشتقة بأنها عقود مالية تشتق قيمتها من الأسعار الحالية للأصول المالية أو العينية محل التعاقد مثل الأسهم ، ومن أهم أنواع المشتقات العقود المستقبلية ، وعقود الاختبار والعقود الآجلة .
المعيار الثالث هو درجة تنظيم السوق :
أولاً : الأسواق المنظمة :
وهي مؤسسات مركزية تتجمع فيها قوى العرض والطلب على الأوراق المالية القائمة في مكان واحد هو السوق أو البورصة ، ويمكن تقسيم الأسواق المنظمة إلى أسواق مركزية وأسواق المناطق أو الأسواق المحلية .
ويقصد بالسوق المركزية تلك السوق التي يتعامل فيها على الأوراق المالية المسجلة لدى لجنة الأوراق المالية أو البورصة بصرف النظر عن الموقع الجغرافي للمنشأة أو الهيئة المصدرة لتلك الورقة مثل بورصة لندن وبورصة طوكيو وبورصة نيويورك للأسهم ، أما البورصات المحلية أو بورصات المناطق فهي تتعامل بأوراق مالية لمشروعات صغيرة تهم جمهور المستثمرين في النطاق الجغرافي للمشروعات أو في المناطق القريبة منها .
وأخيراً فإن الأسواق المنظمة تتم عملية التداول فيها من خلال نظام المزاد العلني ، ويتم تسجيل الأوراق المالية في هذه الأسواق وفقاً لقواعد معينة .
ثانياً : الأسواق غير المنظمة أو السوق الموازية :
يطلق اصطلاح الأسواق غير المنظمة على المعاملات التي تجري خارج البورصات والتي يطلق عليها المعاملات على المنضدة والتي تتولاها بيوت السمسرة المنتشرة في جميع أنحاء الدولة وكذلك تسمى بالأسواق الموازية ، ولا يوجد مكان مادي لهذه الأسواق ، ولكنها عبارة عن شبكة اتصالات تجمع بين السماسرة والتجار والمستثمرين المنتشرين داخل الدولة ، وتتمثل هذه الشبكة في خطوط تليفونية أو أطراف للحاسب الآلي أو غيرها من وسائل الاتصال السريعة ، ويتم التعامل في الأسواق غير المنظمة أساساً في الأوراق المالية غير المسجلة في الأسواق المنظمة ، وعلى الأخص في السندات وذلك لأن تعاملها في الأسهم عادة ما يكون على نطاق أضيق ، وهذا لا يمنع من تعامل هذه الأسواق على الأوراق المسجلة في الأسواق المنظمة ، وتتم عملية التداول بطريقة التفاوض بين المستثمرين ووكلاء الأسهم الذين يعلنون أسعارهم على الكمبيوتر لتحديد النهائي السعر للصفقة ولعل أهم مثال على هذه الأسواق غير المنظمة هو النازداك الأمريكي ويؤخذ على هذه الأسواق أنه لا توجد آليات للحد من التدهور أو الارتفاع الحاد في الأسعار والذي قد يحدث بسبب عدم التوازن بين العرض والطلب .
المعيار الرابع هو المنتجات المالية المتداولة في السوق :
تمثل الورقة المالية صكاً يعطي لحامله الحق في الحصول عن جزء من عائد أو الحق في جزء من أصول منشأة ما أو الحقين معاً .
أولاً : أسواق أدوات الملكية : وهي الأسواق التي يتم فيها إصدار وتداول الأسهم العادية التي تصدرها الشركات المساهمة ، والأسهم العادية تمثل حقوقاً تعطي لحاملها حق المشاركة في الدخل الصافي للشركة ، ويرجع نمو الإصدارات من الأسهم إلى ثلاثة أسباب هي زيادة عدد الشركات المقيدة في سوق الأوراق المالية بسبب خصخصة شركات القطاع العام ، وزيادة حجم الإصدارات الجديدة من قبل الشركات المقيدة في السوق ، وأخيراً حدوث ارتفاع في أسعار الأسهم.
ثانياً : أسواق أدوات الدين :
وهي الأسواق التي يتم فيه إصدار وتداول السندات ، وتعد السندات التي تصدرها منشآت الأعمال بمثابة عقد أو اتفاق بين المنشأة ( المقترض ) والمستثمر (المقرض) ، وبمقتضى هذا الاتفاق يقرض الثاني مبلغاً إلى الطرف الأول ، الذي يتعهد بدوره برد أصل المبلغ وفوائده متفق عليها في تواريخ محددة ، وترجع الزيادة في إصدار السندات إلى حدوث تحسن نسبي في شروط إصدارات السندات الجديدة بالدول النامية وذلك نتيجة تحسن الجدارة الائتمانية للدول النامية .
الأدوات المالية ( الأوراق المالية ) :
الورقة المالية هي وثيقة أو صك تعبر عن التزام على مصدرها أو بائعها وأصل لحاملها أو مالكها ، وتخول هذا الأخير حق الحصول على تدفق معين من مدفوعات الفائدة أو العائد خلال فترة زمنية محددة .
وفي الواقع يوجد عدد كبير جداً من أنواع الأوراق المالية تتباين من بلد لآخر وذلك حسب درجة تطور الاقتصاد والنظام المالي ولكنها تتشابه في الإطار العام ويمكن التمييز بين نوعين من الأدوات بحسب آجالها حيث نجد أوراق أو أدوات تتداول في السوقين النقدية والمالية على النحو التالي :
أولاً : ـأدوات سوق النقد :
هي استثمارات تتمتع بأقل درجة من الخطورة وتقلبات أسعارها تكون في الحدود الدنيا بسبب قصر آجال الاستحقاق لهذه الأدوات المتداولة في سوق النقد .
وفيما يلي توضيح لهذه الأدوات :
أذونات الخزينة :
هي أوراق مالية قصيرة الأجل تصدرها وزارة المالية أو من ينوب عنها لآجال قياسية 3و6و12 شهراً ، وإذ تطرح الأذونات ذات الثلاثة والستة شهور في السوق الأولي أسبوعياً ، بينما تطرح الأذونات التي يكون أجلها سنة مرة في الشهر ، وفي ضوء استمرارية هذا الطرح للبيع فإن السوق الثانوي لها يكون نشطاً ويوفر للمستثمر آجال استحقاق متنوعة .
وتباع الأذونات بسعر مخصوم بمعنى أن سعرها عند حلول الأجل أي عندما يستحق دفع قيمتها من قبل الحكومة يكون أعلى من سعرها عند الإصدار وبيعها ولا يتم دفع أي فائدة مباشرة عليها أو عوائد في حين يمثل الفارق بين سعر الشراء والقيمة عند حلول الأجل هو العائد على المستثمر .
360
عدد الأيام حتى الأجل
القيمة الاسمية – القيمة السوقي
القيمة الاسمية
يمكن تقدير نسبة العائد المخصوم على الأذن باستخدام المعادلة التالية :
العائد المخصوم ( نسبة الخصم ) = X X 100
وتعتبر أذون الخزينة أكثر الأموال سيولة في السوق النقدية بسبب أنها من أكثر الأصول تداولاً .
وتعتبر الأكثر أماناً لأنه لا يوجد أي مخاطر في تسديد قيمتها لأن المدين هنا هو الحكومة والتي لا تمتنع عن السداد عند الاستحقاق .
وأخيراً تحتفظ المصارف عادة بالقسم الأكبر من الأوراق الحكومية ويحتفظ الأفراد في القطاع العائلي والأعمال وغيرهم بمقدار صغير .
شهادات الإيداع المصرفية القابلة للتداول :
وهي أصول أدوات دين بقيم كبيرة ، تباع من قبل المصارف إلى المودعين ويتم دفع مقدار محدد من الفائدة بمعدل سنوي عليها وبتاريخ الاستحقاق يتم تسديد قيمة الشهادة بالقيمة الأصلية التي اشتريت بها ، وتعتبر من أهم مصادر التمويل للمصارف التجارية التي تحصل عليه من قبل الشركات والصناديق المشتركة في السوق النقدية والمؤسسات الخيرية والوكالات الحكومية .
الأوراق التجارية :
أدوات ائتمان قصيرة الأجل تصدرها المصارف والشركات التجارية الكبيرة لتلبية احتياجات التمويل العاجلة ، تتسم بقصر آجالها مما يوفر بديلاً استثمارياً مقبولاً لذوي الفوائض .
ومن الجدير بالذكر تلجأ الجهات المصدرة لهذا النوع من الأدوات لأسباب عدة من بينها تردد البنوك والمؤسسات المالية في تقديم التسهيلات الائتمانية لها ، ولتفادي تكلفة الاقتراض من البنوك ودفع سعر فائدة مرتفع نسبياً مقارنة بما تدفعه للدائنين ، كما أنها تتسم كذلك بقابليتها للتداول في السوق الثانوي .
القبولات ( الضمانات ) المصرفية :
هي عبارة عن حوالة مصرفية أو أمر دفع قصير الأجل منخفض المخاطر تصدرها شركة مستوردة ما ، قابلة للدفع في موعد محدد في المستقبل ومضمونة من قبل المصرف الذي يتعامل معه المستورد مقابل رسم أو عمولة ، ممهورة بخاتم المصرف بعبارة مقبول ، وعادة ما يصادق المصرف على هذا الأمر ويتحمل مسؤولية الإيفاء به مقابل إيداع المؤسسة أو الشركة لما يساوي قيمة في حسابها لدى المصرف المصدر وفي حالة التأخير أو العجز عن السداد بالتاريخ المحدد فيعني ذلك أن المصرف ملزم بإجراء تحويل قيمته لصالح مصرف بلد المصدر ، وما يميز هذه الأداة أن الحوالة تكون مقبولة عند الاستيراد نظراً لأن المصدر الأجنبي يعلم أنه حتى لو أفلست الشركة المستوردة فإن المصرف سيقوم بتسديد قيمة الحوالة الأمر الذي يقلل من مخاطر التجارة الخارجية ، وغالباً ما يتم بيع الحوالة المقبولة في السوق الثانوية بخصم معين بطريقة مشابهة لأذون الخزينة ، وإن من يتعامل بها في السوق هي عادة ذات الجهات التي تتعامل بأذون الخزينة .
اتفاقيات إعادة الشراء :
هي قروض قصيرة الأجل ، عادة باستحقاق لا يتجاوز أسبوعين وتمثل أذون الخزانة ، مقابل الوفاء حيث يستلم المقرض هذه الأصول إذا لم يقم المقترض بسداد القرض.
ثانياً : أدوات سوق رأس المال :
يوفر سوق رأس المال أدوات تمكن من الحصول على تمويل لآجال تتعدي العام وتصل إلى ثلاثين سنة بل إن بعضها ليس له أجل بعكس أدوات سوق النقد والتي تتسم بقصر آجالها .
والهدف من اللجوء إلى هذا النوع من الأدوات هو الحصول على تمويل لمشروعاتهم التي يتوقعون أن تصل في الأجل الطويل إلى مستوى إنتاج يعود عليهم بإيرادات وأرباح تمكنهم من تسديد المبالغ التي حصلوا عليها من خلال الاقتراض من سوق رأس المال ، وكذلك رغبة في مشاركة الآخرين لهم في تكوين رأس مال المؤسسات وملكياتها كما هو الحال بالنسبة للشركات المساهمة .
ومن أهم أدوات سوق رأس المال :
الأسهم :
هي عبارة عن وثائق مالية ( صكوك ) تخول حامليها حقوق ملكية على صافي الدخل وعلى موجودات الشركات ، يتم دفع جزء من أرباح الشركات التجارية لحاملي الأسهم والجزء الآخر يتم احتجازه من أجل شراء تجهيزات ومعدات رأسمالية جديدة .
تزداد الأرباح الموزعة في السنوات الجيدة للشركات ، وبالتالي يزداد الطلب على شرائها فترتفع أسعارها ، وتتراجع هذه الأرباح في السنوات الرديئة بل يمكن أن لا توجد أي أرباح وهكذا تنخفض أسعار الأسهم ، بل يمكن أن تتعرض الشركات للإفلاس الأمر الذي يجعل الأسهم بدون قيمة تذكر ، وهكذا تعتبر الأسهم أصول خطرة ولا تتمتع بدرجة كبيرة من السيولة ويعتبر الأفراد أكبر مالكي الأسهم والباقي تملكه صناديق التقاعد والصناديق المشتركة أو شركات التأمين .
السندات :
تمثل السندات أداة رئيسية من أدوات التمويل في الأسواق المالية المباشرة إذ يقترض ذوي العجوزات أمولاً بشكل مباشر من ذوي الفوائض ويمكن تعريف السندات على أنها أوراقاً مالية طويلة الأجل تصدرها الحكومة والشركات للحصول على أموال لتمويل إنفاقها أو استثماراتها ، وتعد حاملها بدفعات ثابتة المبالغ ( هناك سندات بدفعات متغيرة ) وفي مواعيد محددة ( نصف سنة مثلاً ) دون أن تمنح أي حقوق ملكية في المؤسسات التي تصدرها فهي بمثابة شهادة دين وليست شهادة ملكية ، فإضافة إلى الدفعات الثابتة يحصل حاملها عند حلول أجل استحقاقها على الدفعة الثابتة الأخيرة إضافة إلى قيمتها الإسمية ، وبناءً على ما سبق فإن السندات توفر للمستثمرين مصدرين للدخل هما الدفعات الثابتة ، والتغيرات التي تطرأ على قيمتها السوقية بما يمنح المستثمر فرصة لبيعها وتحقيق مكاسب رأسمالية .
الفائدة ومعدل الفائدة ( سعر الفائدة ) :
إن تنازل الأفراد عن النقود لفترة معينة في عالم اليوم الذي تحدد قيمة النقود فيه طبقاً لقوتها الشرائية التي تكون عرضة للتغير بين فترة وأخرى نتيجة تغيرات قد تطرأ على المستوى العام للأسعار ، يتطلب تعويضهم ليس فقط عن التغير في القوة الشرائية للنقود ولكن كذلك عن المنفعة المفقودة نظير تأجيل استهلاكهم في تلك الفترة ، وفي أسواق المال وعالم النقود يعوض المرء عن هذا التنازل وقبوله التأجيل بفائدة تدفع على المبلغ المتنازل عنه .
وبناءً على ما سبق يمكننا تعريف الفائدة بأنها مبلغ معين من المال إما يدفع أو يحصل ، فالشخص الذي يتنازل عن نقوده الآن نتيجة إقراضها ( دائن ) يحصل الفائدة بعد فترة معينة يتفق عليها ، في حين أن المقترض ( المدين ) يدفع الفائدة عند انقضاء الفترة نظير حصوله على المبلغ عند بدايتها ، كما يمكن أن ننظر إلى الفائدة على أنها نسبة مئوية من المبلغ وعندئذ نتحدث عن سعر الفائدة أو معدل الفائدة ، وعليه فإن سعر الفائدة هو نسبة مئوية تحسب على أساس سنوي وهو حاصل قيمة مبلغ الفائدة على المبلغ المودع أو المقترض .
أولاً : وظائف معدل سعر الفائدة في الاقتصاد الوطني :
تساعد في ضمان أن الادخارات الحالية سوف تتدفق في الاستثمار لتدعم وتدفع النمو الاقتصادي .
أنها تقوم بتخصيص العرض المتاح من الائتمان وعموماً توفر أموالاً قابلة للاقتراض إلى تلك المشروعات الاستثمارية التي لها العوائد الأعلى المتوقعة.
أنها تجلب عرض النقود ليكون في توازن مع طلب الجمهور على النقود .
أنها وسيلة سياسة حكومية مهمة عبر تأثيرها في حجم الادخار والاستثمار ، فإذا كان الاقتصاد الوطني ينمو على نحو بطيء جداً أو البطالة مرتفعة فإن الحكومة تستطيع أن تستعمل أدوات سياستها لتخفيض معدلات سعر الفائدة لحفز الاقتراض والاستثمار ، وعلى الناحية الأخرى فإن اقتصاداً وطنياً يعاني من تضخم سريع فإنه تقليدياً يدعو إلى سياسة حكومية تتضمن وضع معدلات سعر الفائدة عند المستوى الأعلى من أجل إبطال الاقتراض والإنفاق وتشجيع المزيد من الادخار .
ثانياً : قياس معدل الفائدة :
الفائدة البسيطة :
ثمة قانون أو معادلة لحساب الفائدة المتحصله على أساس الفائدة البسيطة :
مبلغ الفائدة = مبلغ القرض الأصلي × معدل أو نسبة الفائدة × الزمن بالسنوات
و
المبلغ الإجمالي عند الاستحقاق = مبلغ القرض الأصلي + مبلغ الفائدة
مثال : أفترض ان أصل المبلغ يساوي 5,000 دولار ، وسعر الفائدة 8% ، وأجل الاستحقاق 3 سنوات ، عندئذ يصبح الإجمالي المستحق عند الاستحقاق :
مبلغ الفائدة = 5,000 × 8% × 3 = 1,200 دولار
إذا المبلغ الإجمالي بعد ثلاث سنوات = 5,000 + 1,200 = 6,200 دولار
الفائدة المركبة :
الأسلوب الأكثر شيوعاً بالنسبة للقروض والودائع هو الذي يتم حساب الفائدة فيه بشكل تراكمي يرتبط إيجابياً مع الوقت وهي ما تعرف بالفائدة المركبة ، قد يجادل المرء أن هذا الأسلوب يؤدي إلى ترشيد قرارات الاقتراض ، إذ أنه يحثهم على الإسراع في تسديد ما هو مستحق عليهم ، مما يوفر موارد لأفراد آخرين قد تكون لديهم حاجة ورغبة في اقتراضها ومن ثم توظيفها .
مثال : افترض أن أصل المبلغ يساوي 5,000 دولار ، وسعر الفائدة 8% ، وأجل الاستحقاق 3 سنوات ، عندئذ يصبح الإجمالي المستحق بعد ثلاث سنوات باستخدام الفائدة المركبة :
السنة الأولي : 5,000 × 8% = 400 دولار
والإجمالي = 5,400 دولار
السنة الثانية : 5,400 × 8% = 432 دولار
والإجمالي = 5,832 دولار
السنة الثالثة : 5,832 × 8% = 56/ 466 دولار
الإجمالي = 56/ 6,298 دولار
هناك طريقة مختصرة للوصول إلى النتيجة ذاتها :
ج ن = أ ( 1 + ع )ن
حيث أن :
ج ن = المبلغ المستحق الإجمالي
أ = المبلغ الأصلي
ع = نسبة الفائدة
ن = المدة بالسنوات
ثالثاً : سعر الفائدة الإسمي والحقيقي :
لعل التمييز بين سعر الفائدة الحقيقي وسعر الفائدة الإسمي على قدر كبير من الأهمية لأن ما يؤثر في قرارات الدائنين والمدينين هو العائد الحقيقي من الاستثمار والاقتراض والتكلفة الحقيقية نظير الاقتراض بالنسبة للمدينين .
إن الفائدة التي تعود على المودع أو يحصلها الدائن . يتم في العادة تحصيلها في المستقبل أي عند حلول الأجل ، من هنا فإن المودع مثلاً يتنازل عن أمواله المودعة الآن حتى يتسنى له الحصول على إجمالي يتضمن الفائدة ولكن في المستقبل ، إلا أن مفهوم القيمة الزمنية للنقود يؤكد أن المرء بحاجة إلى تعويض مقابل هذا التنازل ، إلى جانب حصوله على أصل المبلغ ، إن هذا ما يتناوله مفهوم القوة الشرائية للنقود الذي يوفر مقياساً للتغير الذي يطرأ على القيمة الحقيقية لمبلغ ما وقدرته على شراء سلع وخدمات ، لأنه يأخذ في الاعتبار التغيرات التي قد تطرأ على مستوى الأسعار في اتجاه مواز يمكن استخدام مقياس مماثل يميز بين ما يحصل عليه المرء ( المودع في هذه الحالة ) من عائد على شكل فائدة ، وبين القدرة أو القوة الحقيقية لذلك العائد الذي سيحصل عليه في المستقبل ، وهذا المقياس هو سعر الفائدة الحقيقي الذي عرفه فيشر بمعادلته الشهيرة :
r = i – pe
كما يبدو من هذه المعادلة ، فإن سعر الفائدة الحقيقي r ، يساوي الفرق بين سعر الفائدة الإسمي i ، ونسبة التضخم المتوقع pe .
وبما أنه لا يوجد أسلوباً أمثل لحساب نسبة التضخم المتوقع ، فإن احتمالات الخطأ في تقدير r واردة .
إن هذا الواقع يترك سعر الفائدة الحقيقي بعيداً عن التداول فيما بين الدائنين والمدينين وهو ما يدفعهم لاستخدام السعر الإسمي ، إلا أن السعر الإسمي يأخذ في الاعتبار السعر الحقيقي ونسبة التضخم ، ويساوي :
i = r + pe
وإذا افترضنا أن نسبة التضخم المتوقع تساوي صفراً ، عندئذ يتساوى سعر الفائدة الإسمي مع السعر الحقيقي وليس هناك أي مبرر للتمييز بينهما ، من جانب آخر إذا كانت نسبة التضخم المتوقعة 5% مثلاً فإن سعر الفائدة الإسمي سوف يفوق السعر الحقيقي بنسبة التضخم ونذكر بأن الهدف من دفع سعر الفائدة الإسمي بمعدل يساوي نسبة التضخم هو الحفاظ على سعر الفائدة الحقيقي ثابتاً من أصل الحفاظ على القوة الشرائية لأصل المبلغ .
نخلص مما سبق أن اختلاف رغبات الأفراد في الاستهلاك وفي توقيته وتفضيلهم الاستهلاك الآن بدلاً عن المستقبل ، يجعل ذوي الفوائض يطلبون عوائد إيجابية نظير تنازلهم عن مواردهم لأطراف أخرى ، فإذا كانت هذه العوائد ( كالفائدة ) منخفضة فإن رغبتهم في الاستهلاك الآن سوف تغلب على التأجيل ، مما يقلل من الموارد المتاحة لذوي العجوزات .
إن الواقع العملي يظهر أنه يكون هناك في أي وقت من الأوقات أكثر من سعر فائدة في الأسواق المالية ، وأن هذا الاختلاف فيما بين أسعار الفائدة هو نتاج لعوامل عدة ، أهمها أجل الاستحقاق ، درجة المخاطرة ، الضرائب ودرجة التسييل ( القدرة على تسويق الأصل المالي وتحويله إلى نقد ) .
ويتعارف على العلاقة بين سعر الفائدة وأجل الاستحقاق بالتركيبة الزمنية لسعر الفائدة والتي تلخص بأنه كلما كان أجل الاستحقاق أطول ، أصبح العائد على الورقة المالية أكبر وهذه ليست بقاعدة ثابتة في جميع الأوقات ، فهناك فترات قد يكون العائد فيها على الأوراق المالية قصيرة الأجل أكبر منه على الأوراق المالية طويلة الأجل ، ويمكن أن يفسر هذا بفعل تأثير العوامل التي تؤثر في سعر الفائدة .
من جانب آخر يمكن أن يفسر الاختلاف في درجة المخاطر التي ينطوي عليها الاستثمار في أوراق مالية ذات مخاطر مرتفعة ، ارتفاع العائد عليها مقارنة بأوراق مالية ذات مخاطر منخفضة .
أضف إلى هذين العاملين تأثير اختلاف نسب الضريبة التي تفرضها الحكومة على الأوراق المالية المختلفة ، فهناك حكومات لا تفرض الضريبة على الدخل المحصل من الاستثمار في أوراق مالية حكومية أو تفرض مستوى منخفض من الضريبة عليها ، مما يؤدي إلى حصول المستثمر على صافي دخل أكبر مقارنة بصافي الدخل الذي يعود عليه من أوراق مالية أخرى تكون نسبة الضريبة عليها مرتفعة .
كما تساهم قدرة المستثمر على تحويل الورقة الحالية إلى نقد بأقل خسائر ممكنة ، وهو ما يعرف بدرجة التسييل ( السيولة ) في خلق اختلافات بين العوائد على مختلف الأوراق المالية ، فمع ثبات باقي العوامل المؤثرة في سعر الفائدة تكون العوائد على الأوراق المالية منخفضة .
البنوك التجارية وخلق النقود والائتمان :
مفهوم البنك :
وردت عدة تعريفات للبنك منها الكلاسيكية ومنها الحديثة ، فمن وجهة النظر الكلاسيكية يمكن القول أن البنك هو : مؤسسة تعمل كوسيط مالي بين مجموعتين رئيسيتين من العملاء ، المجموعة الأولى لديها فائض من الأموال وتحتاج إلى الحفاظ عليها وتنميتها ، والمجموعة الثانية هي مجموعة من العملاء تحتاج إلى أموال لأغراض أهمها الاستثمار أو التشغيل أو كلاهما .
كما قد ينظر إلى البنك على اعتبار أنه تلك المنظمة التي تتبادل المنافع المالية مع مجموعات من العملاء بما لا يتعارض مع مصلحة المجتمع وبما يتماشي مع التغير المستمر في البيئة المصرفية .
أما من الزاوية الحديثة فيمكن النظر إلى البنك على أنه : مجموعة من الوسطاء الماليين الذين يقومون بقبول ودائع تدفع عند الطلب ، أو لآجال محددة وتزاول عمليات التمويل الداخلي والخارجي وخدمته بما يحقق أهداف خطة التنمية وسياسة الدولة ودعم الاقتصاد القومي ، وتباشر عمليات تنمية الادخار والاستثمار المالي في الداخل والخارج بما في ذلك المساهمة في إنشاء المشروعات ، وما يتطلب من عمليات مصرفية وتجارية ومالية وفقاً للأوضاع التي يقررها البنك المركزي .
وظائف البنوك التجارية :
يمكننا أن نجمل أهم الوظائف التي تؤديها البنوك التجارية بصفة عامة ، في الوظائف التالية :
قبول الودائع التي قد يكون بعضها تحت الطلب ( ودائع جارية ) وبعضها ودائع لأجل أو ودائع ادخارية .
خلق النقود والائتمان .
خلق الأوراق التجارية .
إصدار الأوراق المالية في شكل أسهم وسندات نيابة عن عملائها وتسويق هذه الأوراق في سوق المال .
بيع وشراء الأوراق المالية لحسابها ولحساب عملائها .
منح القروض للهيئات والمنشآت والأفراد .
القيام بخدمات بالنيابة عن العملاء مثل إنجاز عمليات التحويلات النقدية بين العملاء ، وبين بعضهم البعض ، وإصدار خطابات الضمان التي يطلبها العملاء ، والقيام بتحصيل شيكات وكمبيالات العملاء ، وسداد ديونهم نيابة عنهم .
التعامل بالبيع والشراء في العملات الأجنبية
تأجير الخزائن الحديدية والخزائن الليلية والمخازن للعملاء .
القيام بوظيفة أمناء الاستثمار لحساب عملائها الذين ليس لديهم من الوقت أو الخبرة بما يمكنهم من مباشرة عمليات الاستثمار بطريقة مضمونة وبدرجة كافية .
ميزانية البنك التجاري :
بنود ميزانية بنك تجاري مصنفة حسب الالتزامات والأصول
الأصول الالتزامات
نقد :
1- في الخزينة .
2- في البنك المركزي .
3- في بنوك أخرى .
4- في الطريق للتحصيل .
5- احتياطيات .
القروض ( من البنك )
1- للأفراد .
2- للمؤسسات .
3- للحكومة .
4- أخرى
استثمارات :
1- أوراق مالية .
2- أصول ثابتة .
الودائع :
1- حسابات جارية .
2- حسابات توفير ولأجل .
3- حسابات بعملات أجنبية .
القروض ( على البنك )
1- من البنك المركزي .
2- من بنوك أخرى .
3- من مؤسسات خاصة .
رأس المال وحقوق المساهمين :
1- رأس المال الأسهمي .
2- أرباح غير موزعة .
3- احتياطيات قانونية وعامة .
التزامات أخرى
إجمالي الأصول إجمالي الالتزامات
أولاً : الالتزامات :
الودائع :
بما أن الوظيفة الرئيسية للبنك تقوم على استقبال الودائع ، فإن الودائع تمثل أكبر مطالبات الآخرين على البنك ، وتصنف هذه الودائع في ثلاثة مكونات رئيسية هي :
الحسابات الجارية : وهي الأموال المودعة في البنك بالعملة المحلية مقابل أوامر دفع ( شيكات ) تعطي المودع الحق في تحريرها مقابل نقوده المودعة وفي العادة لا يستحق المودع فوائد على الأموال المودعة في حسابه الجاري ، إلا أن بعض الدول تسمح للبنوك بدفع فوائد على هذه الحسابات وهو ما يطلق عليها بأوامر الدفع القابلة للتفاوض وتمثل الودائع الجارية أرخص مصدر للأموال التي يحصل عليها البنك لأنه لا يدفع عليها فوائد أو أنه يدفع فوائد عليها منخفضة .
حسابات التوفير والأجل : وتحقق الأموال المودعة في هذه الحسابات فوائد للمودعين ويختلف حساب التوفير عن حساب الأجل أو الودائع الزمنية في أن البنوك لا تلزم المودع في حسابات التوفير بالتقيد بفترة زمنية أو أجل محدد قبل السحب منها ، رغم أنه يحق للبنوك في الكثير من الدول أن تمارس هذا الحق .
أما بالنسبة للودائع التي يرتبط فيها حق المودع في الحصول على فوائد بالاحتفاظ بودائعه لفترة زمنية محددة ، فإنها تعرف بالحسابات لأجل أو الودائع الزمنية .
ج- ودائع بعملات أجنبية جارية أو توفير ولأجل :
وهي كثيراً ما تجد طريقها إلى خارج البلاد ، إذ تتاح للبنك فرصة تحقيق عائد منها ودفع فوائد للمودعين المحليين عليها .
القروض المستحقة على البنك :
ويلجأ البنك لهذا النوع من القروض لسد حاجته لموارد إضافية يوفرها البنك المركزي أو بنوك أخرى أو مؤسسات مالية تتكون لديها موارد فائضة عن حاجتها ، مقابل فائدة تفرضها على البنك مما يدفعه للتفكير ملياً قبل الإقدام على الاقتراض ، ويشمل هذا الجانب من الالتزامات شهادات الإيداع ، واتفاقيات إعادة الشراء ، والقبولات المصرفية ، وهي التزامات مستحقة على البنك الذي يصدرها .
رأس المال وحقوق المساهمين :
وهو الجانب الذي يمثل حقوق الملكية التي تتكون من قيمة أسهم المساهمين وطبعاً القيمة الإسمية للأسهم وليست قيمتها السوقية وهي تمثل المصدر الأول لرأس المال ، ومع مرور الوقت يستقطع البنك جزءً من الأرباح التي يحققها سنوياً ، ويضيفها لرأس المال إما لتعزيز موقفه المالي أو لإعادة تدويرها واستثمارها ، كما يضيف إلى حقوق المساهمين الاحتياطيات القانونية والاحتياطيات العامة التي تساهم كذلك في دعم موقفه القانوني والمالي .
ثانياً : الأصول :
إلى جانب استقبال الودائع ، فإن الجانب الآخر لوظيفة البنك هو توظيف هذه الودائع والأموال الأخرى التي تتوفر لديه ، ونظراً لكون العملية المصرفية تقوم على أساس الثقة التي تنبع من إيمان كل مودع أن نقوده موجودة في البنك ومتوفرة للسحب منها في أي وقت يشاء ، فإن البنك مطالب بإدارة أصوله بشكل يضمن توفر مبالغ مناسبة تكفل له الإيفاء بطلبات كافة المودعين الذين يرغبون السحب من ودائعهم ، إن أي عجز في قدرة البنك على الإيفاء بالتزاماته قد يدفعه للجوء للاقتراض ، هذا مكلف بالنسبة له .
النقد :
إن البنك يحتفظ بجزء من موارده على شكل نقد في الخزينة لتلبية السحوبات اليومية من الودائع ، وجزء يفي بالاحتياطي الإلزامي الذي يقرره البنك المركزي على البنوك ، إضافة إلى الإيفاء بالاحتياطي الإلزامي ، تلبي الأموال المودعة في البنك المركزي مبالغ الشيكات المحررة من قبل عملاء البنك التجاري المعني لعملاء في بنك تجاري آخر ، مما يتطلب انتقال الودائع فيما بين حسابات البنوك عن طريق عملية المقاصة التي تقوم على عملية تحويل المبالغ بين حسابات مختلف البنوك لدى البنك المركزي من أجل تسوية مبالغ الشيكات المسحوبة على بنك لحساب بنك آخر .
كما يحتفظ البنك بودائع له في بنوك أخرى مما يسهل عليه دفع الشيكات المصدرة عليها لأفراد توجد حساباتهم في بنوك أخرى ويرغبون في تحصيل قيم هذه الشيكات عن طريق إيداع مبالغها في حساباتهم .
كما أن الشيكات التي أودعها عملاء البنك في حساباتهم لديه ومسحوبة على بنوك أخرى ، تمثل أحد أصول البنك عندما تتم إضافة مبالغ الشيكات لحسابات عملاء البنك حتى قبل أن يحصلها البنك من بنك آخر ويطلق عليها نقود في طريقها للتحصيل .
قروض للبنك :
هذا الجزء من الأصول يمثل المصدر الأساسي لعوائد البنك وأهم دعامات العملية المصرفية بشكل عام ، وهي القروض بمختلف أشكالها ، ويمكن أن تصنف هذه القروض حسب الجهة المدينة أو حسب نوعية القرض أو حتى حسب آجالها ، وتعتبر القروض من الأصول الأقل سيولة لأنه لا يمكن تحصيلها بشكل كلي إلا عند حلول آجالها ، كما أن درجة سيولة القروض تعتمد على نوعية القروض المقدمة من البنك ، فهناك على سبيل المثال القروض طويلة الأجل ، كتلك التي تقدم للقطاع الصناعي والقطاع العقاري ، إذ تطول فترة تحصيلها مقارنةً بالقروض الشخصية والقروض التي تقدم لقطاع التجارة التي تتسم بدرجة سيولة عالية وأجل قصير ، وهناك القروض القصيرة الآجل كتلك التي قد تكون ليوم واحد .
الاستثمارات :
إضافة إلى النقد والقروض ، يحتفظ البنك بجزء من أصوله على شكل استثمارات في أوراق مالية كالسندات وأذونات الخزينة وغيرها ، أو تكون هذه الاستثمارات في أصول ثابتة أخرى كالعقارات مثلاً ، وهذه الاستثمارات تتنوع من حيث الآجال مما يوفر للبنك فرصة أكبر لتسييل أصوله إن شاء ويقلل درجة المخاطرة التي قد يتعرض لها ، وتوفر آجال الأوراق المالية للبنوك درجة أكبر من المرونه للاستفادة من زيادة قد تطرأ في الطلب على مواردها سواء من جانب المودعين أو المدينين ، مما جعل الكثيرون يطلقون مسمى الاحتياطيات الثانوية على الأوراق المالية قصيرة الآجل الأكثر ضماناً كأذونات الخزينة .
ثالثاً : إدارة الأصول :
بما أن البنوك هي مؤسسات مساهمة تسعى لتحقيق أكبر ربح ، فإنها لابد أن تنظر إلى توظيف أصولها في أوجه تحقق هذا مع تقليل درجة المخاطر التي قد تتعرض لها . إضافة إلى المخاطر هناك عوامل أخرى تؤثر في كيفية إدارة البنك لأصوله ومدى قدرته على تحقيق أرباح جراء ذلك ، فهناك الاحتياطي الإلزامي والاحتياطي القانوني الذين يحددهما البنك المركزي واللذان ينطوي الاحتفاظ بهما تحمل البنك لتكلفة تتمثل في تكلفة الفرصة البديلة ، كما يجب على البنك أن يحتفظ بنسبة مناسبة من الاحتياطي النقدي الفائض لديه لمواجهة السحوبات اليومية ، وبعض ما قد يطرأ من سحوبات غير متوقعة أو لمواجهت السحوبات الموسمية ، إن مسألة أن يبقى البنك سائلاً أو يسيراً مالياً تبقى مسألة نسبية .
فإذا أخذنا رغبة البنك في تقديم القروض ، فيجب ألا يغفل أهمية تنويع هذه القروض بشكل يضمن له تقليل المخاطر ، من خلال تنوع الجهات المدينة له والمبالغ المقرضة ويضمن له آجالاً مختلفة .
فبالرغم من أن العوائد المنخفضة نسبياً هي من سمات الاستثمارات القصيرة الأجل والأقل مخاطرة ، فإن مسعى البنك للحفاظ على درجة مناسبة من السيولة يتطلب توظيف جزءً من موارده في أوجه استثمار ذات آجال قصيرة، مع هذا فإن إدارة البنك مطالبة بعدم التحفظ أكثر من اللازم في الاستثمار وإلا تناقصت أرباحه ، وفي حال عدم وجود مستويات مناسبة من السيولة في البنك فإن على إدارة البنك أن تعي أن هذا التناقص قد يؤدي بالبنك إلى مرحلة تنظر فيها الجهات المختصة إلى توقيع جزاءات عليه أو حتى إغلاقه ، والجدير بالذكر أن الملاك لا يتحملون خسارة تفوق إجمالي حقوق الملكية لأن البنك مؤسسة ذات مسئولية محدودة .
إن القروض تمثل أفضل مصدر للدخل ضمن مصادر الدخل الأخرى ، ومن خلال تنويع قنوات القروض وآجالها ومبالغها ، يستطيع البنك أن يقلل من المخاطر التي قد يتعرض لها نتيجة تعثر بعض المدينين في أي من القطاعات في سداد الديون المستحقة عليهم ، ورغم أن البنوك تسعى لتعظيم عوائدها من وراء هذه القروض مع إدراك إدارة البنك أن كافة التسهيلات الائتمانية تحتوي على درجة من المخاطرة ، قد تأخذ شكل عجز المدين عن سداد القرض ـ أو عدم كفاية الرهونات ( إن وجدت ) للتعويض عن قيمة القرض ، فأحد الخيارات المتاحة للبنوك لتفادي أو للتقليل من تعثر المدينين نحو سداد الديون المستحقة عليهم له ، يتمثل في القروض البنكية المضمونة أو غير المضمونة .
فالقروض المضمونة هي التي يقدم طالب القرض رهونات تتكون على شكل أصول ثابتة أو أوراق مالية تتسم بدرجة مخاطرة منخفضة كالسندات وأذونات الخزينة رهناً مقابل قيمة القرض .
وفي حالة ثقة البنك بالمدين وقدرته على السداد ، فقد يمنحه قروضاً غير مضمونة أي بدون رهونات ووجود الرهونات لا يعني بالضرورة غياب المخاطر حيث أنها تتعرض لتقلب القيم السوقية للأصول المرهونة .
كما تسعى البنوك لتقليل المخاطر التي قد تتعرض لها من خلال تنويع مجالات توظيفها المباشر لأصولها ، وتلجأ البنوك لتنويع أدواتها الاستثمارية كمدخل لتقليل المخاطر ، إذ تستثمر في الأوراق المالية المختلفة التي تتنوع آجالها والعوائد المتوقعة منها ودرجة المخاطرة التي تتضمنها ، وربما تتجه البنوك للاستثمار في أصول ثابتة كالعقارات والأسواق التجارية ، وقد يجادل المرء في أن التنويع يستهدف تفادي المخاطر المنظمة وهي التي ترتبط بشكل أو قطاع من قطاعات الاستثمار دون غيره.
وقد تختار البنوك تقديم تسهيلات ائتمانية بأسعار فائدة متغيرة كمدخل لتقليل المخاطر ، إذ تتم بصفة دورية مراجعة سعر الفائدة في السوق ، ويصحح السعر على هذه القروض ليعكس واقع أسعار الفائدة على بدائل منافسة ، إن إتباع سياسة إقراض كهذه يفسح المجال أمام البنك لإشراك المدينين في المخاطر التي قد يتعرض لها نتيجة تقلبات في سعر الفائدة ، مع هذا فتناقص سعر الفائدة في السوق يلزم البنك في حال تقديمه لقرض بسعر فائدة متغير ، بتخفيض الفائدة على هذا القرض مما يترتب عليه تناقص في إيراداته ، وقد تلجأ البنوك إلى منح قروض قصيرة الأجل دون استخدام الفائدة المتغيرة ، أو أن تمنح قروضاً قابلة للاستدعاء من قبل البنك في أي وقت .
وأخيراً فمن جملة المخاطر الأخرى التي قد يتعرض لها البنك هي تلك التي لا يملك السيطرة المباشرة عليها مثل مخاطر أسعار الفائدة التي تنتج عن تغيرات في أسعار الفائدة في السوق ، ومخاطر من تعرض موجودات البنك من أوراق مالية وأصول ثابتة أخرى لتغيرات في أسعارها والعوائد المرتقبة منها ، وتمثل مخاطر القروض وما تنطوي عنه من احتمال فشل العملاء في سداد القروض المستحقة عليهم هاجساً ينتاب البنوك التجارية ، وكثيراً ما يؤدي إلى انهيارها ، ومخاطر فقدان البنك للسيولة المناسبة مؤدياً إلى عجزه في الإيفاء بطلبات السحوبات التي يقوم بها العملاء .
رابعاً : إدارة الالتزامات :
بما أن موارد البنك تمثل تعهداً من قبله تجاه الآخرين ، فإنه لا بد من أن يحسن إدارتها وذلك لعلاقتها المباشرة والمؤثرة في جانب الأصول .
ويقصد بإدارة الالتزامات هو استخدام بنود هذا الجانب من ميزانية البنك للحصول على الموارد المالية بأقل التكاليف لتوفر للبنك فرصة أفضل لتقديم القروض واستثمارها في مختلف أوجه الاستثمار الكفيلة بتحقيق أفضل العوائد ، كما أن زيادة الالتزامات تتطلب أن يتبنى البنك خطوات منافسة ومماثلة لتلك التي تتبناها بنوك أخرى .
كما يجب أن تتسم الأوراق المالية التي يصدرها البنك بدرجة من السيولة والعائد ودرجة منخفضة من المخاطر مقارنة لما تصدرها البنوك الأخرى إن لم تكن أفضل منها ، وبالرغم من حرية البنوك في إصدار أوراق مالية كشهادات الإيداع ، فإن إقبال المستثمرين عليها يعتمد على الوضع المالي للبنك الذي يفصح عنه وضع الأصول إذ تحدد ملامح أداء البنك .
ويساهم توفر الفرص أمام البنك للحصول على تمويل من أسواق المال مرونة له لتحسين إدارة التزاماته ، إذ يمنحه زمام المبادرة في طرح أوراق مالية قصيرة الأجل كشهادات الإيداع إذا طرأت مشكلة في حجم السحوبات منه ، أو حال وجود طلب إضافي على التسهيلات الائتمانية التي يقدمها ، ونظراً لأن الكثيرين ومنهم البنك المركزي ، ينظرون إلى رأس المال على أنه ضمان لحقوق المساهمين ، فإن البنك المركزي كثيراً ما يربط بين سياسة الإقراض التي يتبعها البنك ورأس المال .
العديد من البنوك المركزية يضع سقفاً على التسهيلات الائتمانية التي يقدمها البنك بحيث لا تتجاوز نسبة معينة من رأس المال ، أو لا تتجاوز التسهيلات الائتمانية التي تمنح لجهة واحدة مبلغ معين ، مما يوجه البنوك إلى زيادة رأس المال كمدخل لزيادة قدرتها على تقديم تسهيلات ائتمانية إضافية .
خامساً : مؤشرات أداء البنوك ( مدخل تحليل النسب المالية ) :
إن المهتمين ينظرون إلى الأوضاع المالية للبنوك من خلال تحليل مالي لميزانياتها واستشراف مواقفها المستقبلية باستخدام مؤشرات عديدة تعكس أداء البنك في جانبي الأصول والالتزامات ، نذكر منها :
مؤشرات السيولة لدى البنك :
ودائع البنك لدى البنك المركزي + النقود الحاضرة لدية
إجمالي الودائع
وهي تعبر عن قدرة البنك على الإيفاء الفوري بالتزاماته سواء اليومية منها كالسحوبات الدورية والطارئة ، كالتغيرات الموسمية في الالتزامات أو الناتجة عن حوادث مفاجئة ، وأهم هذه المؤشرات :
نسبة الرصيد النقدي = ×100
ودائع البنك لدى البنك المركزي
الودائع
نسبة الرصيد النقدي تعبر عن مقدار النقد الذي هو في متناول البنك التجاري ولا يخضع لقيود ، ويلاحظ أنه إذا ارتفعت نسبة الرصيد النقدي ، جاز القول أن لدى البنك سيولة عالية ولكن نظراً لتداخل إدارة الأصول وإدارة الالتزامات فإن زيادة مطلقة في نسب الرصيد النقدي أو النسب الأخرى التي توظف لقياس السيولة دون تحقيق معدلات مقبولة من الأرباح .
نسبة الاحتياطي النقدي= ×100
ودائع البنك لدى البنك المركزي + النقود الحاضرة لديه + أصول أخرى عالية السيولة
الودائع
وتعتبر نسبة الاحتياطي النقدي مقياساً آخر لتحديد مدى قدرة البنك على الوفاء بالتزاماته من الودائع ، فإذا انخفضت هذه النسبة ، يرى البعض فيها تدنياً في قدرة البنك على توفير السيولة بالسرعة المطلوبة لمواجهة التغيرات في الودائع .
نسبة السيولة = ×100
القروض
الودائع
يستخدم مؤشر نسبة السيولة لتقدير سيولة البنك .
نسبة القروض إلى الودائع = × 100
تمثل نسبة القروض إلى الودائع مقياساً آخر لسيولة البنك التي كلما ارتفعت قلت سيولة البنك .
رأس المال الأسهمى + أرباح محتجزة + فوائض مالية
الودائع
مؤشر حماية الدائن :
نسبة رأس المال إلى الودائع = ×100
رأس المال الأسهمى + أرباح محتجزة + فوائض مالية
الأصول
تعكس مدى قدرة رأس المال في حماية الدائنين أو المودعين ، وينظر إلى رأس المال كأنه الوعاء الذي يحتضن حقوق هاتين الفئتين بالدرجة الأولى في حالة انهيار البنك .
نسبة رأس المال إلى الأصول = ×100
حقوق الملكية
الأصول
ويمكن صياغة هذه النسبة على النحو التالي :
نسبة رأس المال إلى الأصول = ×100
وتوفر مقارنة رأس المال إلى إجمالي أصول البنك معياراً بين النسبة التي يمكن أن تتناقص بها الأصول قبل أن ينعكس هذا سلباً على المودعين من خلال تحملهم الخسائر .
مؤشر نسبة القروض إلى الأصول :
مجموع القروض
الأصول
يوفر مؤشراً عن المدى الذي مضى إليه البنك في تمويل عملياته من مصادر ذاتية وأموال الغير .
نسبة الاقتراض = × 100
إذا ارتفعت هذه النسبة ، يصبح الملاك والمودعين أكثر عرضة للتقلبات التي تطرأ على سداد القروض .
حقوق الملكية
القروض
مؤشر نسبة حقوق الملكية إلى القروض :
نسبة حقوق الملكية إلى القروض = × 100
يعبر عن مدى مساهمة الملاك في تمويل القروض .
مؤشر نسبة حقوق الملكية إلى الاستثمار في الأوراق المالية :
حقوق الملكية
إجمالي الاستثمارات في الأوراق المالية
يقيس هامش الوقاية من المخاطر التي قد يتعرض لها البنك نتيجة التقلبات في القيمة السوقية للأوراق المالية .
نسبة حقوق الملكية إلى الاستثمار في الأوراق المالية = ×100
ما دامت هذه النسبة أكبر من 100% فإن لدى البنك القدرة على احتواء التقلبات في قيم الأوراق المالية .
مؤشر نسبة توظيف الودائع :
القروض + الاستثمار في أوراق مالية
الودائع
يهدف إلى قياس مدى كفاءة البنك في توظيف الودائع في أوجه استثمارية مختلفة تنتج عنها عوائد تدعم موقفه تجاه الإيفاء بما يدفعه من فوائد للمودعين وتحقيق فوائض للملاك .
نسبة توظيف الودائع = ×100
فإذا كانت النسبة 70% فهذا يعني أن البنك استثمر 70% من إجمالي الودائع في قروض وفي أوراق ماليه .
صافي الربح بعد الضريبة
حقوق الملكية
مؤشر نسبه العائد على حقوق الملكية :
نسبة العائد على حقوق الملكية = ×100
إلى جانب هذه النسب ، هناك عدد آخر منها يوظف لتحليل الوضع المالي للبنوك ، سواء في جانب الأصول أو جانب الالتزامات من ميزانياتها وحساباتها الختامية .
خلق النقود والائتمان :
تنفرد البنوك التجارية عن غيرها من المؤسسات المالية بقدرتها الفائقة في خلق الائتمان ، أي أنها تنفرد بتزويد الاقتصاد بنوع من النقود تمثل الشكل الثاني من وسائل الدفع التي يمكن إدخالها في حيز الرصيد النقدي في اقتصاد ما والتي تستخدم لإنجاز المعاملات المختلفة .
ولابد أن ندرك أن هذه القدرة في خلق الائتمان ليست مطلقة إذ أن السياسة الائتمانية تستطيع أن تتحكم فيها زيادة أو نقصاناً مع تغير الظروف التي يمر بها الاقتصاد وذلك من خلال نسبة الاحتياطي القانوني الذي تلتزم به البنوك التجارية .
فعندما تزداد نسبة الاحتياطي تنكمش القدرة في خلق الائتمان عكس الحالة التي تنخفض فيها نسبة الاحتياطي حيث تستطيع البنوك التجارية خلق المزيد من الائتمان الذي يقدم للاقتصاد .
تنشأ عملية خلق الائتمان عن قاعدة أساسية مفادها أن أصحاب الودائع الجارية وهي وودائع يحق لصاحبها سحبها في أي وقت يشاء دون إذن مسبق من البنك ، لن يتقدموا في وقت واحد لسحب ما أودعوه في البنك التجاري ، وحتى لو تم هذا الافتراض الجدلي ، وتقدم هؤلاء المودعين بسحب ودائعهم ، فإن هناك ودائع جديدة يتقدم بها مودعين جدد مما يجعل رصيد الودائع الجارية في البنك التجاري يتسم بنوع من الثبات النسبي مما يعطي للبنك التجاري قدرة خلق ائتمان جديد ، فعملية خلق الائتمان تنشأ بسبب ثبات النسبة بين سحوبات المودعين وإيداعات مودعين جدد .
إن عملية خلق الائتمان مهمة جداً للاقتصاد ، فمن خلالها يمد الاقتصاد بنوعين من النقود لإتمام المعاملات المختلفة وهي :
النقود القانونية التي ينفرد بإصدارها البنك المركزي (العملة الورقية والمعدنية)
النقود المشتقة والتي تنشأ عن عملية خلق الائتمان التي تنفرد بها البنوك التجارية .
إن انفراد البنوك التجارية بهذه العملية تعود لسببين هما :
قدرة البنك التجاري في ضمان تسديد الودائع في أي وقت بسبب ما لديه من سيولة .
استمرار الطلب على الائتمان من قبل الأفراد وشركات الأعمال
ولكن لابد من التأكيد على أن هذه القدرة ليست مطلقة وبأنها مقيدة بمجموعة من الافتراضات هي :
الوعي المصرفي لدى الأفراد بحيث يؤدي ذلك إلى إقبالهم على إيداع ما لديهم من أرصدة نقدية فائضة في البنوك التجارية واعتمادهم على الشيكات في تسوية مدفوعاتهم .
احتفاظ البنوك التجارية باحيتاطيات نقدية إجبارية .
عدم وجود تسرب نقدي خارج النظام المصرفي استناداً إلى الافتراض الأول.
افتراض أن كل البنوك التجارية داخل الاقتصاد كأنها تعمل كمصرف واحد ضمن فروع متعددة ومنتشرة في جميع البلاد .
توفر الرغبة لدى البنوك التجارية في إقراض ما لديها من أموال تزيد عن مقدار الاحتياطي النقدي التي ترغب بالاحتفاظ به .
أن هناك طلب دائم على الائتمان .
كيف تتم عملية خلق الائتمان :
لإلقاء الضوء على كيفية قيام البنك التجاري في خلق الائتمان ، تفترض أن البنك التجاري استلم وديعة جارية من أحد المودعين بمبلغ 5,000 دولار ، وعلى وفق قاعدة القيد المزدوج في المحاسبة فإن الميزانية العمومية للبنك التجاري سوف تأخذ الشكل الآتي في لحظة الإيداع .
الميزانية العمومية للبنك التجاري
5,000 نقدية 5,000 ودائع جارية
وبما أن البنك التجاري يعمل كوسيط مالي لذلك فإنه سوف يسعى إلى استثمار أمواله في أصول استثمارية يضمن من خلالها تحقيق عائد ، ونظراً لأن البنك التجاري ملتزم بشرط البنك المركزي بضرورة الاحتفاظ باحتياطي قانوني ضمن نسبة معينة من الودائع حماية للمودعين ، ولنفترض أن نسبة الأحتياطي القانوني تبلغ 25% من الودائع ، لذلك فإن ميزانية البنك التجاري سوف تكون بعد أن يتم الاحتفاظ بنسبة الاحتياطي القانوني ومنح الباقي على شكل ائتمان مصرفي على الشكل الآتي :
الميزانية العمومية للبنك
1,250 نقدية
3,750 ائتمان
5,000 ودائع
5,000 5,000
وبالنظر للميزانية أعلاه نلاحظ أن البنك التجاري احتفظ برصيد النقدية 1,250 إيفاء للاحتياطي القانوني ، ولذلك فإنه سوف يستخدم 3,750 دولار على شكل ائتمان مصرفي .
ومن خلال هذه العملية يكون البنك التجاري قد خلق ائتمان وساهم بزيادة كمية وسائل الدفع بمقدار 3,750 دولار .
لنفترض أن الشخص الذي حصل على الائتمان البالغ 3,750 دولار استخدمه في شراء سلعة من شخص آخر ، حيث قام هذا الشخص الثالث بإيداع المبلغ في البنك التجاري صاحب الميزانية العمومية أعلاه ( أو في بنك تجاري ثاني ) هذا يعني أن البنك التجاري سوف يحصل على وديعة جديدة بمقدار 3,750 دولار ، ويكون على استعداد لتقديم ائتمان جديد بعد خصم 25% من الوديعة الجديدة على شكل احتياطي قانوني أي أنه قادر على منح 2,812.50 دولار ائتمان جديد لأحد العملاء ولذلك فإن ميزانية البنك التجاري ( الأول ) سوف تعكس الوضع الآتي الجديد :
ميزانية البنك التجاري ( الأول )
1,250 نقدية
3,750 ائتمان
937.50 نقدية
2,812.50 ائتمان
5,000 ودائع
3,750 ودائع
8,750 8,750
ويلاحظ هنا أن البنك التجاري ( الأول ) قد ساهم في خلق ائتمان جديد مقداره 2,812.50 دولار من الوديعة الجديدة البالغة 3,750 وبعد أن استقطع البنك 25% منها كاحتياطي قانوني .
ولا تختلف الحالة إذا قام المودع الأخير بإيداع مبلغ 3,750 دولار في بنك تجاري آخر ولنفرض البنك (الثاني) فإن ميزانية البنك الجديد (الثاني) سوف تأخذ الشكل الآتي بعد أن يستقطع البنك 25% من الوديعة ويقرض الباقي .
ميزانية البنك التجاري ( الثاني )
937.50 النقدية
2,812.50 الائتمان
3,750 ودائع
ولو تتبعنا هذا الائتمان الجديد 2,812.50 دولار سواء في البنك التجاري ( الأول أو الثاني ) فإنه سوف يعود إلى البنك ، لا محال وذلك على شكل وديعة جديدة ، من خلالها يستطيع البنك التجاري أن يحتفظ بجزء منها على شكل احتياطي قانوني ويقرض الباقي ، وهكذا تستمر عملية خلق الائتمان لتنتهي بمقدار يساوي ثلاثة أضعاف الوديعة الأصلية .
ع ( 1 – ح )
ح
ولكي نتمكن من تحديد ما يمكن أن يخلقه البنك التجاري من ائتمان تستخدم المعالة التالية :
مقدار الائتمان =
حيث أن :
ع = مقدار الوديعة الأصلية .
ح = نسبة الاحتياطي القانوني .
5,000 ( 1 – 25% )
25%
وعند تطبيق هذه المعادلة على وديعة مقدارها 5,000 دولار ، ونسبة الاحتياطي القانوني 25% فإن مقدار الائتمان الذي تستطيع البنوك التجارية خلقه هي 15,000 دولار كالتالي :
مقدار الائتمان = = 15,000 دولار
ويلاحظ أن مقدار ما خلقه البنك التجاري من ائتمان يساوي ثلاثة أضعاف الوديعة الأصلية ، أي أن البنك التجاري قد ساهم بزيادة وسائل الدفع داخل الاقتصاد بقيمة الائتمان الذي خلقه .
إن أهم ما يمكن ملاحظته أن قدرة البنوك التجارية في خلق الائتمان تتأثر بشكل مباشر بنسبة الاحتياطي القانوني الذي تفرضه السلطة النقدية ، وبواسطة نسبة الاحتياطي تتمكن السلطة التنفيذية من التأثير على قدرة البنوك التجارية خلق الائتمان عند فترة الركود الاقتصادي أو عند حالة الانتعاش.
لنفرض أن السياسة الائتمانية للسلطة النقدية قد أقرت أن تكون نسبة الاحتياطي القانوني 35% ، عليه فإن مقدار ما سوف تخلقه البنوك التجارية سوف ينخفض ليصل إلى 9,285.70 دولار.
5,000 ( 1 – 0.35)
0.35
وذلك كالتالي : = 9,285.70 دولار
5,000 ( 1 – 0.16)
0.16
في حين لو أقرت السلطة النقدية نسبة 16% كاحتياطي قانوني ، فإن قدرة البنوك على خلق الائتمان سوف تبلغ 26,250 دولار من الوديعة الأصلية .
وذلك كالتالي : = 26,250 دولار
ويلاحظ من التحليل أعلاه أن العلاقة بين قدرة البنوك التجارية في خلق الائتمان ونسبة الاحتياطي القانوني التي تقرها السلطة النقدية هي علاقة عكسية ، إذ تنخفض قدرة البنك في خلق الائتمان عندما ترتفع النسبة وتزداد عند انخفاضها ، وبهذا الأسلوب تكون السلطة النقدية ومن خلال السياسة الائتمانية قد تحكمت في الائتمان المصرفي داخل الاقتصاد في فترة عندما يحتاج الاقتصاد إلى سياسة انكماشية في الائتمان المصرفي وفي فترة الانتعاش الاقتصادي عندما يحتاج الاقتصاد إلى الائتمان المصرفي وذلك لأن قدرة البنوك التجارية على خلق الائتمان تحددها عوامل ثلاثة هي :
وجود أرصدة نقدية لدى البنوك التجارية.
أن تكون نسبة الاحتياطي أقل من واحد عدد صحيح.
حالة النشاط الاقتصادي التي تحكم الطلب على الائتمان ورغبة البنوك في تسهيل أو تضييق الائتمان .
وعلى ضوء هذا التحديد يمكن التوصل إلى الاستنتاج الآتي :
تتـناسب القدرة في خلق الائتمان تناسباً عكسياً مع نسبة الاحتياطي القانوني
يتماشى خلق الائتمان تماشياً طردياً مع مبلغ الوديعة الأصلية .
تضعف قدرة البنوك التجارية على خلق الائتمان إذا ما تسرب جزء من الائتمان إلى التداول .
البنك المركزي والسياسة النقدية :
طبيعة البنك المركزي :
يمثل البنك المركزي لأي دولة في مؤسسة وحيدة ، فلكل اقتصاد قومي مؤسسة مركزية مصرفية واحدة تقوم بالإشراف على الائتمان وإصدار النقود ، ويقوم البنك المركزي بتحويل الأصول الحقيقية إلى أصول نقدية ، فيتولى عملية إصدار النقود القانونية ، التي تتمتع بالقدرة النهائية والإجبارية على الوفاء بالالتزامات .
ولخطورة الوظائف التي يقوم بها البنك المركزي ، فهو مؤسسة عامة أي مملوكه للدولة وخاضعة لإشرافها ـ وتختلف أهداف البنك المركزي عن أهداف بقية أنواع البنوك الأخرى ، من حيث أنه لا يعتبر هدفه الرئيسي هو تحقيق أقصى ربح ، وذلك لأن البنك المركزي يسعى إلى تحقيق أهداف يغلب عليها الطابع القومي والمصلحة العامة .
الوظائف الأساسية للبنك المركزي :
يهدف البنك المركزي في المقام الأول إلى تدعيم النظام النقدي للدولة والإشراف على الأوجه المختلفة للنشاط المصرفي ، وفي سبيل ذلك فهو يقوم بمجموعة من الوظائف الأساسية سنتناولها بشيء من التفصيل على النحو التالي :
أولاً : إصدار أوراق البنكنوت :
يعتبر البنك المركزي محتكراً لعملية إصدار أوراق البنكنوت ، وتمثل هذه العملية الوظيفة الرئيسية للبنك المركزي ، ولذا سمي ببنك الإصدار ، وتقوم عملية الإصدار عن طريق تحويل البنك المركزي لأصول ( أو حقوق له لدى الغير ) إلى أوراق بنكنوت ، وهذه الأوراق المصدرة تمثل التزامات على البنك المركزي قبل الأفراد والمؤسسات الحائزة لهذه الوحدات النقدية المصدرة .
وكان إنفراد البنك المركزي بهذا الامتياز من العوامل الرئيسية التي ميزته عن البنوك التجارية العادية ، وزادت من مكانته عندما أصبحت أوراق البنكنوت المصدرة عملة قانونية لها قوة إبراء غير محدودة ، وعندما استخدمتها البنوك كاحتياطي مقابل الودائع ، ومن أهم المزايا المترتبة على تركيز وظيفة الإصدار في بنك مركزي واحد ما يلي :
زيادة ثقة الجمهور المتعاملين في أوراق النقد المصدرة .
تمكين البنك المركزي من التأثير في حجم الائتمان عن طريق التأثير في حجم الاحتياطيات النقدية التي تحتفظ بها البنوك التجارية مقابل الودائع .
تقديم ضمان أكبر ضد الإنفراد في إصدار أوراق النقد الذي قد ينتج عن تعدد بنوك الإصدار.
علماً أنه إذا كان إصدار أوراق البنكنوت هو من اختصاص البنك المركزي وحده ، فإن الدولة عادة ما تضع عدة قيود على نشاطه في هذا الخصوص ، بحيث تضمن عدم الإسراف في الكميات المصدرة بما يهدد باختلال التوازن الداخلي والخارجي .
وتختلف هذه القيود باختلاف نظم الإصدار ، ومن أهم نظم إصدار النقود ما يلي :
نظام الغطاء الذهبي الكامل :
وطبقاً له يتم إصدار قدر معين من النقود وتغطى بالكامل بالذهب ، وهذا النظام عديم المرونة حيث لا يمكن زيادة كمية النقود المصدرة إلا بزيادة الغطاء الذهبي .
نظام الإصدار الجزئي الوثيق :
وطبقاً له يتم تغطية قدر معين من الإصدار بسندات حكومية وكل ما تجاوز ذلك القدر يغطى بالذهب .
نظام الغطاء الذهبي النسبي :
وطبقاً له يتم تغطية أوراق النقد المصدرة بذهب يمثل نسبة من قيمتها ويغطى الباقي بعناصر أخرى مثل السندات والأذون الحكومية والكمبيالات التجارية .
ويكمن جمود هذا النظام في حدود نسبة الذهب المقررة ، حيث قد يعجز البنك المركزي عن تلبية احتياجات سوق النقد من أوراق البنكنوت إذا عجز عن توفير النسبة المطلوبة من الذهب .
نظام الحد الأقصى للإصدار :
وفقاً له يتم وضع حد أقصى لما يمكن للبنك المركزي أن يصدره من أوراق البنكنوت دون أي التزام بالاحتفاظ برصيد من الذهب ، وبطبيعة الحال فإن الحد الأقصى يكون قابلاً للتغير حسب الظروف .
نظام الإصدار الحر:
وفقاً له يتم خضوع حجم الإصدار إلى تقدير السلطات النقدية ، واضطرت بعض الدول تحت ضغط الظروف إلى عدم النص في قانون الإصدار على حد أقصى لما يمكن للبنك المركزي أن يصدره من أوراق بنكنوت ، وترك أمر تغيير حجم الإصدار كلية إلى تقدير السلطات النقدية .
وأخيراً إن الغطاء في معظم التشريعات الحديثة أصبح متنوع العناصر ، فقد يوجد إلى جانب الذهب العملات الأجنبية ، وأذون الخزانة وصكوك الحكومة وما شابه ذلك، في حين تشكل كمية أوراق البنكنوت المصدرة خصوم البنك المركزي ، فإن عناصر الغطاء تشكل أصوله ، ومن الضروري تعادل مجموع الأصول مع مجموع الخصوم .
ثانياً : القيام بدور بنك الحكومة ومستشارها المالي ووكيلها :
يقوم البنك المركزي بالاحتفاظ بالأرصدة النقدية للحكومة ، بتحصيل إيراداتها وصرف نفقاتها . كما ويحتفظ بحسابات المصالح والمؤسسات الحكومية ، فالحكومة تضع أموالها فيه ، ولهذا أهمية كبيرة في النظام بصفة عامة لأن ذلك يؤدي إلى نتائج تختلف تماماً عن تلك التي تترتب على احتفاظ الحكومة بحساباتها في البنوك التجارية .
ويقوم بوصفه وكيل بإصدار القروض العامة وبيع السندات الحكومية وأذون الخزانة نيابة عنها ، والإشراف على عملية الاكتتاب ، ويتعدى ذلك إلى تنظيم استهلاك وسداد الكوبونات ، وعموماً يتولى البنك كل ما يتعلق بإصدار ودفع فوائد وسداد قيمة القروض نيابة عن الحكومة .
هذا ويمثل مستشاراً للحكومة في الشئون المالية والنقدية فيمد الحكومة بالمعلومات والنصائح اللازمة لاتخاذ القرارات والسياسات الاقتصادية .
ثالثاً : توفير السيولة اللازمة للبنوك التجارية عند الضرورة :
يقوم البنك المركزي بدور البنك بالنسبة للبنوك الأخرى ، فيحتفظ بالأرصدة النقدية للبنوك التجارية ، وذلك بالإضافة إلى أنه يقوم بدور المقرض الأخير بالنسبة لهذه البنوك عن طريق تقديم القروض ( بضمانات معينة ) أو عن طريق إعادة خصم بض الأوراق التجارية والمالية .
وبطبيعة الحال يستطيع البنك المركزي أن يفرض- عند الإقراض أو إعادة الخصم- أسعار الفائدة التي تتراءى له حتى يحول دون التجاء البنوك التجارية لهذا الأسلوب بصفة متكررة بما لا يتفق مع الصالح العام .
رابعاً : القيام بعمليات المقاصة بين البنوك التجارية :
تحتفظ البنوك التجارية بجزء من احتياطياتها النقدية على هيئة ودائع لدى البنك المركزي ، وهذه الودائع تمكن البنك المركزي من تسوية المديونيات المتبادلة بين البنوك التجارية – نتيجة إيداع العملاء في بنوكهم شيكات مسحوبة على بنوك أخرى- ولذا يقوم البنك المركزي بدور الوسيط بين البنوك التجارية عن طريق ما يسمى بعملية المقاصة ، والمقاصة هي عملية تصفية للشيكات التي تتلقاها البنوك من عملائها بقصد تحصيلها لحسابهم من البنوك الأخرى .
خامساً : تنظيم الرقابة على الصرف الأجنبي :
إن فرض الرقابة على الصرف إنما يتضمن ضرورة موافقة السلطات النقدية على كل عملية من عمليات تحويل العملة الوطنية إلى عملة أجنبية أو العكس ، والواقع أن البنك المركزي يقوم بدور هام في تنظيم هذه العملية ، فهو الذي يحتفظ باحتياطيات الدولة من العملات الأجنبية ، ويحدد أسعار وشروط تعامل البنوك الأخرى في النقد الأجنبي بيعاً وشراءً .
سادساً : الرقابة على الائتمان :
يقوم البنك المركزي بمراقبة حجم الائتمان المصرفي عن طريق التحكم في كمية النقود المصرفية التي تستطيع البنوك إنشائها بهدف تجنب زيادة كمية النقود المتداولة عن حجم السلع والخدمات مما يجنب ارتفاع المستوى العام للأسعار الذي يسبب التضخم ، كما ويهدف إلى تجنب نقص كمية النقود عن حجم السلع والخدمات مما يجنب انخفاض المستوي العام للأسعار الذي يسبب ظاهرة الانكماش الاقتصادي .
ويقصد بالرقابة على الائتمان : تحكم البنك المركزي في حجم كمية النقود التي تستطيع البنوك التجارية أن تخلقها بما يتمشى مع مستوى النشاط الاقتصادي المرغوب فيه منعاً للتضخم أو تجنباً الانكماش .
ومن أهم الوسائل التي يستخدمها البنك المركزي في مراقبة وتوجيه الائتمان ما يلي :
تغيير سعر إعادة الخصم :
يقصد بسعر إعادة الخصم ( سعر الفائدة التي يتقاضاها البنك المركزي من البنوك التجارية نظير إعادة خصم ما لديها من كمبيالات وأذون أو ما يقدم لها من قروض وسلفيات مضمونة بمثل هذه الأوراق أو بغيرها ) .
إن سعر الخصم المحدد من قبل البنك المركزي والذي تقترض به البنوك التجارية يمثل المؤشر الذي تعتمد عليه البنوك التجارية في تحديد سعر الفائدة التي تمنح به قروضاً، فإذا ما قام البنك المركزي برفع سعر الخصم، فإن البنوك التجارية تقوم بنقل هذا العبء على عملائها عن طريق رفع سعر الفائدة على القروض ، مما يترتب عليه الحد من رغبة الأفراد في الحصول على الائتمان ، وبالتالي ينكمش حجم الائتمان ، والعكس تماماً في حالة قيام البنك المركزي بتخفيض سعر الخصم .
عمليات السوق المفتوحة :
ويقصد بها قيام البنك المركزي تلقائياً ببيع وشراء الأوراق المالية في سوق رأس المال بهدف التأثير على كمية النقود المتداولة في المجتمع .
وتعتبر هذه الوسيلة من الوسائل الفعالة في مقدرة البنوك على منح الائتمان ، فعندما يرغب البنك المركزي بتنشيط الحالة الاقتصادية للدولة فإنه يقوم بشراء الأوراق المالية ودفع قيمتها بشيكات مسحوبة عليه ، ويترتب على ذلك ما يلي :
عند تسليم البائعين لهذه الشيكات فإنهم يقومون بإيداعها لدي بنوكهم التجارية ، الأمر الذي يترتب عليه زيادة الاحتياطيات النقدية لهذه البنوك ، ومن زيادة حجم الودائع بأضعاف مقدار الزيادة في هذه الاحتياطيات .
زيادة النقد المتاح لدى الأفراد مما يؤدي إلى زيادة الطلب على السلع والخدمات وهو ما يحفز الإنتاج وزيادة العمالة ومن ثم ينتهي الأمر إلى حالة من الرواج العام ، وعلى عكس ذلك فإن ما ساد الدولة من الرواج تخشي معها السلطات المسئولة أن تؤدي إلى حالة من التضخم ، عندئذ يتدخل البنك المركزي بائعاً للأوراق المالية في سوق رأس المال ويقوم المشتري لهذه الأوراق بدفع قيمتها إما نقداً أو بشيكات .
تغيير النسبة القانونية للاحتياطي النقدي :
وتتمثل النسبة القانونية للاحتياطي النقدي في نسبة من الأرصدة النقدية التي تلتزم البنوك التجارية قانونياً بالاحتفاظ بها من قيمة الودائع لديها لدى البنك المركزي .
ويتناسب مقدرة البنك التجاري على خلق الودائع مع بقاء العوامل الأخرى على حالها عكسياً مع النسبة القانونية للاحتياطي النقدي ، ولما كان البنك المركزي هو الذي يقوم بتحديد هذه النسبة فإنه يستطيع استخدامها لتقييد أو تسهيل خلق الائتمان حسب الظروف الاقتصادية السائدة ، فإذا رغب البنك المركزي في مكافحة البوادر التضخمية في النشاط الاقتصادي فإنه يلجأ إلى رفع النسبة القانونية للاحتياطي النقدي ، أما إذا رغب في إتباع سياسة توسعية فيمكنه تخفيض هذه النسبة ، وفي هذه الحالة تسرع البنوك التجارية في زيادة أصولها وخصومها ، وبذلك يزيد الائتمان وتتضاعف الودائع وينتهي الأمر في النهاية إلى انتقال الاقتصاد القومي من حالة الكساد إلى حالة الانتعاش .
وجدير بالذكر أن سياسة تغيير النسب القانونية للاحتياطي النقدي تعتبر من أقوى الأسلحة النقدية التي يمكن للبنك المركزي استخدامها في الدول الآخذة بأسباب النمو حيث أن استخدام عمليات السوق المفتوحة يكاد يكون مستحيلاً بسبب ضيق سوق رأس المال ، هذا بالإضافة إلى أن سياسة تغيير سعر إعادة الخصم تكون محدودة الأثر بسبب ضيق سوق الخصم في هذه الدول .
تحديد هامش الاقتراض :
المقصود بذلك هو اشتراط البنك المركزي بضرورة قيام الأفراد بتمويل جانب من مشترياتهم من الأوراق المالية على أن يتم الجزء الباقي عن طريق الاقتراض من البنوك التجارية إذا ما رغبوا في ذلك . وفي حالة الرواج يمكن أن ترتفع هذه النسبة تجنباً للتضخم ، أما في حالة الكساد فيمكن أن تنخفض تجنباً للانكماش.
وضع حد أعلى لسعر الفائدة الممنوح للودائع الجارية :
قد تتنافس البنوك التجارية بغرض زيادة ودائع زيادة ودائع العملاء ، فتمنح فوائد على الودائع الجارية أو تتنازل عن شروط مرور فترة زمنية لسحب الودائع الآجلة ، وقد يؤدي هذا إلى ارتفاع أسعار الفائدة ارتفاعاً كبيراً، ولذا فإن البنك المركزي قد يضع حداً أعلى للفوائد التي تمنح على الودائع الجارية لا يجب على البنوك التجارية أن تتخطاه ، وبالطبع فإن الحد يكون قابلاً للتغيير حسب الظروف الاقتصادية ، فينخفض في حالة الزواج ويرتفع في حالة الكساد .
الرقابة على شروط البيع بالتقسيط :
يؤدي نظام البيع بالتقسيط إلى زيادة الاستهلاك بصفة عامة ، ويمكن للبنك المركزي أن ييسر شروط هذا البيع في حالة الكساد عن طريق انخفاض الحد الأدنى لما يدفع مقدماً من ثمن السلعة ، أو إطالة مدة التقسيط ، أو غير ذلك ، كما يمكن أن يقيد من الشروط في حالة الرواج عن طريق رفع الحد الأدنى لمقدم الثمن أو تقصير مدة التقسيط أو خلافه .
الرقابة على الائتمان العقاري :
من المعلوم أن مشكلة الإسكان تعتبر من المشكلات الرئيسية في معظم الدول إن لم يكن في جميع دول العالم ، وقد يتمكن البنك المركزي المساهمة في التخفيف من حدتها عن طريق تسهيل الحصول على القروض لبناء المساكن وذلك عن طريق تخفيض المقدم وإطالة مدة القرض وغير ذلك .
التأثير الأدبي :
يمكن للبنك المركزي إذ ما رغب في إتباع سياسة انكماشية ( أو توسعية ) أن يدعو المسئولين عن إدارة البنوك التجارية ويصدر إليهم توجيهات بشأن تخفيض (أو زيادة) القروض التي يمنحوها للعملاء وتقليل ( أو زيادة ) استثماراتهم بصفة عامة ، وإذا كان التأثير الأدبي يعني في الظاهر مجرد التوجيه فإن فاعليته علمياً أبعد من ذلك بكثير .
السياسة النقدية :
تتمثل السياسة النقدية في ذلك الفرع من السياسة الاقتصادية الذي يسعى إلى تحقيق الأهداف النهائية للاقتصاد الكلي ، من رفع مستوى العمالة إلى مستوى التوظيف الكامل ، والعمل على استقرار الأسعار ، والسعي إلى تحقيق النمو أو التنمية الاقتصادية ، والعمل على تحقيق التوازن في ميزان المدفوعات ، هذه السياسة يقوم أو يشارك في وضعها ممثل السلطة النقدية في الاقتصاد وهو البنك المركزي وذلك من خلال الأدوات والوسائل التي يستخدمها البنك المركزي والمذكورة آنفاً من خلال وظائفه .
مفهوم السياسة النقدية :
تتمثل أدوات السياسة النقدية في تغيير العرض النقدي في المجتمع والائتمان المصرفي ، ويؤثر هذا في مستويات أسعار الفائدة ، وبدوره في مستوى الاستثمار ، ومن ثم في الطلب الكلي ، وبالتالي يؤثر في مستوى النشاط الاقتصادي .
ويتولى إدارة السياسة النقدية البنك المركزي ، حيث يتحكم في العرض النقدي في المجتمع من خلال التأثير في عديد من المتغيرات التي تحكم قدرة البنوك على منح الائتمان ، فضلاً عن التحكم في الإصدار النقدي الجديد ، ويؤثر هذا في أسعار الفائدة ، ومن ثم في حجم الاستثمار الذي يمثل مكوناً من مكونات الطلب الكلي .
ففي ظل ظروف الركود أو الكساد الاقتصادي يتبع البنك المركزي سياسة نقدية توسعية ويزيد من العرض النقدي في المجتمع ، ويترتب على ذلك الأمر انخفاض في أسعار الفائدة ومن ثم يزداد الاستثمار وبالتالي يزداد مستوى الطلب الكلي ، مما يؤدي في النهاية إلى زيادة مستوى الناتج القومي ومستوى التوظيف ، فضلاً عن ارتفاع معدل النمو الاقتصادي ، بينما في ظل ظروف التضخم فإن البنك المركزي يتبع سياسة نقدية انكماشية ترمي إلى تخفيض العرض النقدي بالمجتمع ، ومن ثم ارتفاع أسعار الفائدة ، وبالتالي ينخفض مستوى الاستثمار وبدوره مستوى الطلب الكلي ، وهذا يحد في النهاية من الارتفاع في المستوى العام للأسعار .
النموذج الكينزي لتحديد التوازن
نموذج : IS/LM
يمثل النموذج الكينزي أحد أشهر مداخل دراسة الاقتصاد الكلي بشكل عام والاقتصاد النقدي بشكل خاص . فمنذ أن وضع جون هيكس ( John Hicks,1937) النظرية الكينزية ( Keynesian theory ) في نموذج أطلق عليه نموذج IS/LM ، أصبح استخدامه شيئاً اعتيادياً .
في الحقيقة ، يستمد هذا من النموذج الكينزي الذي يعرف بنموذج 45ْ ، الذي يقوم على تحديد التوازن بين الطلب الكلي الذي يتكون من الاستهلاك والاستثمار والإنفاق الحكومي ، والعرض الكلي الذي يمثله الناتج القومي أو الدخل القومي ، ويعاني نموذج 45ْ لتحديد التوازن في ذاته من نقاط قصور عدة من بينها :
أنه لا يتناول سوق النقود إذ يغيب عنه الطلب على النقود وعرض النقود ، وبذلك يفسر التغيرات في سعر الفائدة .
يبتعد عن الواقع الاقتصادي الذي يملي وضعاً يتفاعل فيه سوق النقود وسوق السلع مؤثراً الوضع فيهما في الإنتاج وحالة الاقتصاد .
أما الامتداد للنموذج الكينزي الأساسي، وهو نموذج IS/LM فإنه يشمل سوق السلع وسوق النقود مما يوفر أداة لتوضيح أثر السياسة النقدية والمالية في الاقتصاد.
معادلة LM
بما أن منحنى LM هو حاصل توليفات التوازن بين الطلب على النقود وعرض النقود فهذا يتطلب معادلة للطلب على النقود ومعادلة لعرض النقود .
الطلب على النقود :
باستخدام المعادلة نجد أن الطلب على النقود يعتمد علي Y وعلى R .
= f ( Y , R)
عند وضعها على شكل معادلة محددة تصبح :
Md/P = LO + Ly Y – 1r R
حيث أن :
Y = الدخل الحقيقي ، R = سعر الفائدة الحقيقي .
LO = الطلب على النقود المستقل على R وY .
Ly = معامل Y ويقيس مدى تأثير Md/P بتغيرات في Y .
1r = معامل R ويقيس مدى تأثير Md/P بتغيرات في R .
عرض النقود :
افترض أن عرض النقود دالة محددة يكون فيها العرض مستقلاً عن R وY ويحدد طبقاً لاختيارات البنك المركزي ، أي أن عرض النقود تمثله دالة مستقلة وليست سلوكية وتصبح :
=
معادلة التوازن في سوق النقود
عندما يمثل سوق النقود بنقطة على منحنى LM ، فإنه في حالة توازن . هذا يعني أنه على أي نقطة على منحنى LM حيث يتحقق التوازن في سوق النقد ، فإن الكمية المطلوبة تساوي الكمية المعروضة ، جبرياً هذا يعني :
Md/P = LO + Ly Y – 1r R =
حل المعادلة لقيمة R تصبح :
R=
معادلة LM :
R = +
مشتقة R بالنسبة لمستوى الدخلY ( أي التغير في R الناتج عن تغير في Y فقط ) هي تمثل ميل منحنى LM ويساوي :
=
وهو التغير الناتج في R نتيجة تغير في Y بافتراض ثبات باقي العوامل المؤثرة في R إذ أن تغيرات في L أو L تؤدي إلى تغير في ميل المنحنى . على سبيل المثال ، مع الحفاظ على L ثابتة ، فإن زيادة في مرونة الطلب على النقود في الدخل L تؤدي إلى زيادة في ميل منحنى LM . أما زيادة في L مع الحفاظ على ثبات L فإنها تؤدي إلى زيادة في ميل LM ، أي أنه يتجه ليصبح أقرب إلى الخط الأفقي . ولاحظ أنه يمكن تحديد معادلة LM من خلال حلها لقيمة Y أيضاً .
معادلة IS :
يمكن اشتقاق معادلة تمثل التوازن في سوق السلع من خلال المعادلات التالية .
الإنفاق الخاص :
افترض أن الإنفاق الخاص ( الاستهلاك ) تمثله المعادلة التالية :
C = + c * Yd
حيث أن :
Co = الاستهلاك التلقائي المستقل عن صافي الدخل Y .
c = معامل يقيس التغير في C نظير تغير في صافي الدخل ، وهو الميل الحدي للاستهلاك .
Yd = صافي الدخل بعد خصم الدخل .
الاستثمار الخاص :
افترض أن الاستثمار يعتمد على الدخل وسعر الفائدة ، إذن :
I = Io – Ir R + Iy Y
حيث أن :
Io = الاستثمار المستقل .
Ir = حساسية الاستثمار لتغيرات في R ( مرونة الاستثمار في سعر الفائدة عند التحويل اللوغريثمي ) .
Iy = حساسية الاستثمار لتغيرات في Y ( مرونة الاستثمار في الدخل عند التحويل اللوغريثمي ) .
الإنفاق الحكومي :
افترض أن الإنفاق الحكومي مستقلاً عن R وعن Y وتعبر عنه المعادلة التالية :
G = Go
معادلة التوازن في سوق السلع :
بما أن IS يمثل حالات التوازن بين الطلب على السلع وعرض السلع ، فإنه هناك حاجة لمعادلة توازن تبين أن الطلب الكلي Y يساوي العرض الكلي AD :
Y = C + I + G = AD
حل المعادلات السابقة للتوازن في سوق السلع من خلال التعويض عن قيمتها في :
Y = Co + c Yd + Io – Ir R + Iy Y + Go
أن صافيY هو حاصل الفرق بين الدخل الكلي Y والضرائب المفروضة عليه وأطلق عليها T . فإذا لم تكن هناك ضرائب ، فإنYd = Y . افترض أنه ليس هناك ضرائب ، عندئذ حل المعادلة لقيمة Y ، لتصبح :
Y = Co + c Y + Io – Ir R + Iy + Go
معادلة IS :
Y =
يلاحظ أن الدخل يعتمد على سعر الفائدة ضمن عوامل أخرى ، ويمكن من خلال تقدير التغير في هذه المعادلة اشتقاق ميل منحنى IS وهو التغير في سعر الفائدة نتيجة تغير في الدخل ، أو بأخذ المشتقة الجزئية للمتغير R نتيجة تغير Y ، وعلى النحو الآتي :
Ir R = Co + Io + Go – Y (1 – C – Iy )
R =
بأخذ المشتقة الجزئية يصبح ميل منحنى IS :
=
ويعبر الميل عن التغير في سعر الفائدة الناتج عن تغير في Y بافتراض الحفاظ على باقي العوامل المؤثرة في R ثابتة .
يتضح من هذا أن ميل منحنى IS يعتمد على قيم C و Iy و Ir . على سبيل المثال ، ارتفاع قيمة Iy ( تناقص في بسط معادل الميل ) يؤدي إلى تناقص في ميل المنحني ، أي أنه يصبح أقرب إلى الخط الأفقي المستقيم من وضعه قبل التغير في Iy . وكذلك الحال بالنسبة للمعامل C . أما إذا كان المستثمرين يتصفون بدرجة حساسية عالية ( مرونة عالية ) تجاه تغيرات في سعر الفائدة ، فإن Ir تكون كبيرة .
وارتفاع قيمة هذا المعامل مع الحفاظ على باقي مكونات معادلة ميل منحنى IS ثابتة ، يؤدي إلى تناقص في ميل المنحنى .
التوازن وفاعلية السياستين المالية والنقدية
أولاً : إن أي نقطة على منحنى IS تمثل توليفة من الدخل Y وسعر الفائدة R تجعل سوق السلع في توازن.
ثانياً : إن أي نقطة على المنحنى LM تمثل توليفة من الدخل Y وسعر الفائدة R تجعل سوق النقود في توازن .
والمقصود بالتوازن في الوضع الأول هو أن تتساوي الكمية المطلوبة من السلع التي يحددها الطلب الكلي ، بالكمية المعروضة من السلع التي تعكسها الناتج أو الدخل القومي . أما في الحالة الثانية ، فإن التوازن يتحقق إذا تساوت الكمية المطلوبة من النقود مع الكمية المعروضة منه . ويما أن الواقع يتسم بوجود السوقين معاً ، وأن سعر الفائدة ومستوى الدخل اللذان يتحقق التوازن في السوقين عندهما هما نتاج للعوامل التي تحرك قوى العرض والطلب في هذين السوقين ، فإننا نبحث في التوازن في السوقين ومدى فاعلية السياستين المالية والنقدية وأثرهما في النشاط الاقتصادي .
لنبدأ بالشكل (1) إذا رسم منحنى IS ومنحنى LM ، وبما أن النقطة A تقع على المنحنين في نفس المكان ، فإنها تعكس توليفة من R1 و Y1 تحقق التوازن في السوقين معاً .
الشكل (1)
R
R1
A
LM
IS
Y
Y1
التوازن في سوق النقود وسوق السلع
بالرغم من أن التوازن هو هدف النموذج الاقتصادي ، فإن هذا لا يعني أن التوازن ظاهرة مستمرة في كل الأوقات . فالتوازن المطلوب هو ذاك الذي لو تعرض سوق السلع وسوق النقود أو أي منهما عنده لصدمات أبعدت أي منهما أو كليهما عنه ، فإنه توجد قوى ذاتية في السوقين تدفعهما تجاهه ، ويمكن حصر حالات عدم التوازن التي يمكن أن يتعرض لها أي من السوقين أو كليهما في الشكل الآتي :
الشكل (2)
R
F
LM
IS
A
B
عجز في سوق النقود
عجز في سوق السلع
عجز في سوق النقود
فائض في سوق السلع
فائض في سوق النقود
فائض في سوق السلع
فائض في سوق النقود
عجز في سوق السلع
G
E
C
H
I
D
حالات عدم التوازن في سوقي السلع والنقود
Y
إن النقطتين B و C تقعان على منحنى LM ، إذن فهما تمثلان نقطتي توازن في سوق النقود . أما النقطتين D و E فإنهما تمثلان حالتي توازن سوق السلع لأنهما يقعان على منحني IS أما نقطة التوازن A فإنها الحالة الوحيدة التي يكون عندها سوق النقود وسوق السلع في حالة توازن، إن أي نقطة تقع إلى اليسار منحنى LM تمثل حالة فائض في سوق النقود . بينما تمثل أي نقطة إلى يمين المنحنى ذاته حالة عجز في نفس السوق . لذا فإن النقطتين G و H إضافة إلى نقطة E تمثل حالات عجز في سوق النقود . فإذا كان هناك عجزاً فإن سعر الفائدة لا بد أن يرتفع حتى يتحقق التوازن عند نقطة ما على منحنى LM . من جانب آخر ، إذا كان الاقتصاد عند أي من النقاط F و D و I ، فإن سوق النقود يصبح في حالة فائض مما يتطلب تناقصاً في سعر الفائدة لكي يتحقق التوازن في هذا السوق . من جانب آخر عند مستويات دخل وسعر فائدة تمثلها نقاط مثل C و I و H ، يكون هناك عجزاً في سوق السلع وهو يتطلب زيادة في الإنتاج وهو ما يمكن تحقيقه من خلال زيادة في الاستثمار حتى يتحقق التوازن في سوق السلع. أما بالنسبة للنقاط التي تقع إلى يمين منحنى IS كالنقاط G،F،B ، فيكون سوق السلع عندها في حالة فائض.
نخلص من هذا أن أي توليفة من سعر الفائدة والدخل تكون في المنطقة التي تقع إلى يمين منحنى LM ويسار منحنى IS ( مثل النقطة H ) ، يعاني عندها السوقين من العجز ، وأن أي توليفة من سعر الفائدة والدخل تكون في المنطقة التي تقع إلى يسار منحنى LM ويمين منحنى IS ( مثل النقطة F ) ، يتصف فيها السوقين بالفائض ، أما إذا كانت التوليفة إلى يمين المنحنى LM ويمين منحنى IS مثل النقطة G ، فإن سوق النقود يعاني من عجز في الوقت الذي يتسم سوق السلع بالفائض . من جانب آخر ، إذا كانت التوليفة منR و Y إلى يسار منحنى LM ويسار منحنى IS ، فإن سوق السلع يعاني من عجز في الوقت الذي يكون سوق النقود في حالة فائض .
تغيرات في السياسة المالية والسياسة النقدية :
بناء على ما سبق يبدو أن التصحيح في سوق النقود يكون مصدره تغيرات في عرض النقود وتأثيره في سعر الفائدة ، بينما يأتي التصحيح للاختلالات في سوق السلع من خلال تغيرات في مستوى الدخل (الإنتاج) . لنوضح هذا من خلال استعراض الحالات التالية :
أولاً : زيادة في عرض النقود ( سياسة نقدية وتوسعيه ) :
سواء من منطلق توفير موارد إضافية للقطاع المصرفي من أجل التوسع في منح التسهيلات الائتمانية ، أو من منطلق الإيفاء بالتزامات الحكومة تجاه سندات سبق وأن أصدرتها ، فإن زيادة في عرض النقود ناتجة عن تخفيض نسبة الاحتياطي الإلزامي أو تشجيع البنك المركزي للبنوك على منح تسهيلات ائتمانية مثلاً ، تؤدي إلى انتقال في منحنى LM إلى يمين كما هو موضحاً في الشكل ( 3 ) .
الشكل ( 3 )
LM1
أثر زيادة عرض النقود في التوازن
R
R2
R1
R3
Y1 = Y2
A
Y4
Y3
C
LM2
IS1
Y
B
بافتراض انخفاض سعر الفائدة منR1 إلى R2 ، مما يؤدي إلى توازن آني في سوق النقود ، إذ أن منحنى LM الذي يعكس الزيادة في عرض النقود ويحقق التوازن في هذا السوق هو LM2 ، فإن الزيادة في عرض النقود تنقل سوق السلع إلى حالة عجز عند النقطة B ، ويقدر العجز بالمسافة بين مستوى الدخل Y2 = Y1 والمستوى Y4 . هذا يعني أن هناك طلباً إضافياً على السلع المنتجة في سوق السلع لا يمكن استيفاؤه في ظل المستوى الحالي للإنتاج . يترتب على هذا ، أن المستثمرين يلجأون إلى الاقتراض من القطاع المصرفي أو السحب من ودائعهم بغية زيادة استثماراتهم. وفي سعي منها لتقليل حجم الطلب على مواردها، تبدأ البنوك بالمنافسة على موارد الجمهور من خلال رفع سعر الفائدة ، ليساهم في تقليل الاستهلاك الخاص مما يعني ارتفاع في الفائدة من R2 تجاه R3 ، إلا أن هذا الارتفاع سيؤدي إلى تناقص في مستوى الإنتاج نتيجة تناقص الطلب على السلع من جانب الجمهور ، وتناقص في مستوى الاستثمار جراء ارتفاع تكلفة الاقتراض . وتستمر التغيرات حتى الوصول إلى النقطة C إذ تتساوى الكمية المطلوبة مع الكمية المعروضة في سوقي السلع والنقود .
ومن خلال مقارنة وضع كل من سعر الفائدة والدخل قبل وبعد المبادرة التي تمثلت بسياسة نقدية توسعية، يتضح أن R3 < R1 وأن Y3 > Y1 ، وهو ما يبرهن على أن التوسع في عرض النقود قد أسهم في تنشيط الاقتصاد والنهوض به . في هذه الحالة ، أي عندما تتمكن سياسة ما من التأثير في Y نصفها بالفاعلية. نخلص للقول أن هذه السياسة النقدية فعالة .
ثانياً : زيادة في مستوى الإنفاق الحكومي ( سياسة مالية ) :
هناك احتمال أن تلجأ الحكومة إلى تبني سياسة مالية توسعية تقوم على أساس زيادة في الإنفاق الحكومي مع ثبات السياسة النقدية . افترض أن الشكل (4) يمثل الوضع قبل وبعد زيادة الإنفاق الحكومي ، إذ أن LM1 و IS1 والنقطة A تمثل الوضع قبل الزيادة .
الشكل (4)
R
R2
R1
Y1
A
Y2
Y3
C
LM1
IS2
Y
B
IS1
أثر زيادة الإنفاق الحكومي في التوازن
يؤدي التوسع في الإنفاق الحكومي إلى انتقال منحنى IS من IS1 إلى IS2 ، وهذا لا يتطلب تغيراً في سعر الفائدة ، إذ كان الهدف هو الحفاظ على التوازن في سوق السلع ، لأن الدخل ارتفع من Y1 إلى Y2. إلا أن عند النقطة B يصبح سوق النقود في وضع عدم التوازن ويكون في حالة عجز ، لأن الزيادة في الدخل تتطلب زيادة في الطلب على النقود من أجل إتمام معاملات التبادل الإضافية . وحتى يتناقص الطلب على النقود ، لابد أن ترتفع المكافأة المقدمة لمن يقلل طلبه عليها ، ويأتي هذا من خلال ارتفاع سعر الفائدة من R1 إلى R2 . يترتب على هذا الارتفاع تناقصاً في مستوى الإنفاق الخاص على الاستهلاك ، وتناقصاً في مستوى الاستثمار. إنه فقط عند النقطة C يعود التوازن إلى سوق النقود مع الحفاظ على التوازن في سوق السلع على طول المنطقة بينB و C . لاحظ أن الارتفاع في سعر الفائدة الذي ترتب على زيادة الإنفاق الحكومي ، أدى في نهاية المطاف إلى تناقص في مستوى الدخل من Y3 إلى Y2 نتيجة تناقص الاستهلاك والاستثمار الناتج عن ارتفاع سعر الفائدة ، إلا أن Y3 تبقى أكبر من Y1 ، وهو ما يعكس فعالية السياسة المالية في تنشيط الاقتصاد .
التناقص في الدخل من Y2 إلى Y3 يطلق علية ناتج أو أثر المزاحمة ، أي أن القطاع الحكومي نافس القطاع الخاص على الموارد مما أدى إلى ارتفاع تكلفتها (سعر الفائدة) . أما مقدار هذا الناتج فإنه يعتمد على مرونة طلب وعرض النقود في سعر الفائدة ، أي مرونة منحنى LM ، إذ يلاحظ أنه كلما انخفضت مرونة LM كلما كان مقدار المزاحمة أكبر .
هذا يعني أن فعالية السياسة النقدية أو السياسة المالية تعتمد على مرونة منحنى IS ومرونة منحنى LM .
2- فعالية السياسة المالية والسياسة النقدية :
للتأكد من مدى فعالية إحدى السياستين في الاقتصاد، أي في قدرتها على التأثير في الدخل ، افترض أن سوق النقد المحلي يتصف بغياب أثر تغير في سعر الفائدة على الطلب على النقود . هنا لا يبالي الجمهور بالتغيرات في المكافأة التي تقدم لهم جراء تنازلهم عن نقود يحتفظ بها لديهم . الشكل (5) يوضح منحنى LM1 الذي أصبح خطاً عمودياً يعكس توازن سوق النقد عند جميع نقاطه ، وكذلك منحنى IS1 الذي نفترض أنه مرناً في سعر الفائدة .
الشكل (5)
عدم فعالية السياسة المالية
R
R2
R1
Y1
A
LM1
IS2
Y
B
IS1
خلال فترات الركود إذ ينكمش الاقتصاد ، يمكن أن تتبنى الحكومة سياسة مالية توسعية بهدف إنعاش الاقتصاد . تذكر أن فعالية أي من السياستين تحدد بمدى قدرتها على التأثير في Y . فالزيادة في الإنفاق الحكومي تؤدي إلى انتقال منحنى IS1 إلى IS2 بمقدار الزيادة في الإنفاق .كما يلاحظ من الشكل فإن التوازن في السوقين يتطلب الوصول إلى النقطة B ( يمكن أن تبدأ بافتراض ثبات R عند R1 وتأخذ الطريق التفصيلي للوصول إلى B ، إلا أننا نتجاهل هذا في هذه الحالة للتركيز على المرونات ) . وهو ما يتحقق من خلال ارتفاع سعر الفائدة من R1 إلى R2 . إلا أن الدخل لم يتغير مما يعني أن السياسة المالية عديمة الفاعلية وهو ما يفسر ميل المنحنى LM هنا ، منحنى LM1 عديم المرونة في سعر الفائدة مما يتطلب أن يتحمل سوق السلع كافة الآثار الناجمة عن التغير في الإنفاق الحكومي ، ويقوم على أثر ذلك بالتغيرات التي تكفل الوصول إلى النقطة B . فمزاحمة القطاع الحكومي للقطاع الخاص (المستثمرين) على الموارد المالية ، تؤدي إلى تناقص في حجم الاستثمارات بمقدار يساوي الزيادة في الإنفاق الحكومي ، لأن هذه المزاحمة أدت إلى ارتفاع في سعر الفائدة مما أثر سلباً على الاستثمارات الخاصة . أي أن التوسع في الإنفاق العام ترك أثر كامل للمزاحمة مقارناً بالحالة السابقة في الشكل (4) ، إذ زاحم القطاع الخاص بشكل جزئي . وبما أنه لو يطرأ تغير في الدخل ، فإنه بسبب مرونة LM في سعر الفائدة التي تساوي صفراً ، لم تستطيع السياسة المالية التأثير في الدخل .
تذكر أن الطلب على النقود عديم المرونة في سعر الفائدة لأنه طلب مستمد من الدخل . إذن فالشكل (5) يمكن أن يمثل هذا الموقف ، وهذا يعني لا يوصي بتدخل الحكومة في الاقتصاد بغية إنعاشه ، لأنه لن تكون لسياساتها التوسعية نتائج ايجابية على الدخل ، بل ستؤدي إلى ارتفاع في سعر الفائدة وانحسار لدور القطاع الخاص. هل هذا يعني أن السياسة المالية دائماً غير فعالة ؟ لا . فلقد جادل كينز أن المنحنى LM مطلق المرونة ، أي أن الطلب على النقود مطلق المرونة في سعر الفائدة . في هذا الوضع ، يصبح منحنى LM خطاً أفقياً مستقيماً كما هو موضحاً في الشكل (6) بوصف وضع كهذا بمصيدة السيولة إذ أن سعر الفائدة يكون منخفضاً في الأساس مما يدفع الأفراد إلى تفضيل النقد الحاضر لديهم على أوجه الاستثمار الأخرى ولن يكون لتخفيض هذا السعر أي مبرر لحثهم على الاحتفاظ بالمزيد من النقد حاضراً لديهم.
الشكل (6)
منحنى LM مطلق المرونة
Y
R
L
افترض أنه طرأت زيادة في عرض النقود، ما هو أثر هذه السياسة النقدية التوسعية في حجم الناتج القومي؟ في هذه الحالة ، يبقى منحنى LM كما هو ، ولن يتأثر سعر الفائدة أو الدخل القومي وبذلك تصبح السياسة النقدية عديمة الفاعلية .
من جانب آخر ، دفاعاً عن أهمية السياسة المالية ، جادل كينز أن زيادة الإنفاق الحكومي في هذه الحالة ستؤدي إلى انتقال في منحنى IS إلى اليمين ، ما تترتب عليه زيادة في الدخل (الإنتاج) من Y1 إلى Y2 دون أن تترك هذه الزيادة انعكاسات على سعر الفائدة ، وهذا موضحاً في الشكل (7) .
الشكل (7)
R
R1
Y1
A
Y2
LM1
IS2
Y
B
IS1
سياسة مالية فعالة
إلى جانب الموقف الكينزي الأساسي الذي اعتبر منحنى LM مرناً في سعر الفائدة وتكون السياسة النقدية عديمة الجدوى، افترض أن منحنى LM1 موجب الميل، وأن الاستثمار الخاص لا يعتمد على سعر الفائدة مما ينتج عنه منحنى IS1 يكون خطاً رأسياً كما هو موضحاً في الشكل (8)، إذ يكون السوقين في حال توازن عند النقطة A ويكون R1 هو سعر الفائدة و Y1 هو مستوى الدخل. عندما يزيد عرض النقود، فإن منحنى LM1 ينتقل إلى LM2، ويتناقص سعر الفائدة إلى R2 دون أن يتأثر الدخل. فنظراً لعدم مرونة الاستثمار في سعر الفائدة، فلن يرد المستثمرون على التناقص فيه. للخروج من هذا الوضع، يمكن أن يزيد الإنفاق الحكومي ويؤدي إلى انتقال في منحنى IS1 إلى IS2 مؤدياً إلى زيادة الدخل ليصل إلى Y2. أما أثر هذا في سعر الفائدة فإنه يعتمد على مقدار الانتقال في منحنى IS مقارناً بالانتقال في منحنى LM فهناك احتمال أن يتناقص أو يتزايد سعر الفائدة أو يبقى عند R1 كما افترضنا في هذا الشكل. فإذا كان الانتقال في منحنى LM أكبر من الانتقال في منحنى IS، فسوف يتناقص سعر الفائدة ويزيد الدخل. أما إذا كان الانتقال في IS أكبر من الانتقال في LM، فسوف يرتفع سعر الفائدة ويزيد الدخل.
الشكل (8)
R
R2
R1
Y1
A
Y2
C
LM1
IS2
Y
B
IS1
أثر تغير متزامن في LM و IS في الاقتصاد
LM2
والوضع الذي يصبح فيه كلتا السياستين فاعلة ، هو الذي يكون فيه منحنى LM ذا ميل موجب ومنحنى IS ميل سالب ، مع اختلاف في درجة الفاعلية طبقاً لدرجة ميل كل منحنى مقارناً بالآخر . بإيجاز :
تصبح السياسة النقدية أكثر فاعلية أكثر فاعلية ، إذ كان منحنى IS قريباً من كونه خطاً أفقياً ، أي أنه عالي المرونة في سعر الفائدة ، في حين أن منحنى LM منخفض المرونة في سعر الفائدة ، أي أنه يقترب من الخط الرأسي .
تصبح السياسة المالية أكثر فاعلية إذا كان منحنى IS قريباً من كونه خطاً رأسياً ، أي أنه منخفض المرونة في سعر الفائدة ، في حين أن منحنى LM عالي المرونة في سعر الفائدة ، أي أنه يقترب من الخط الأفقي .
ينظر النموذج الكينزي إلى الطلب على النقود كونه يتأثر بسعر الفائدة ، إذ أن ارتفاع في تكلفة الاحتفاظ بالنقود ( ارتفاع سعر الفائدة ) يدفع الأفراد إلى التقليل مما لديهم من نقود مفضلين الاحتفاظ بها في حسابات تعود عليهم بفوائد وقنوات استثمارية أخرى ، وهو بذلك يفسر التغيرات الاقتصادية التي تنتج عن تغيرات في سعر الفائدة . من هنا يعتبر دور سعر الفائدة في النموذج الكينزي أساسياً لتوضيح آلية عمل السياسة النقدية . فالتغير في عرض النقود يعمل على تغيير سعر الفائدة ، الذي بدوره يؤثر في الاستثمار ويساهم في تحريك الدخل القومي من خلال مضاعف الاستثمار ، وحتى يكون للتغير في عرض النقود فعالية في النموذج الكينزي ، فإنه لابد أن يستجيب سعر الفائدة له سواء كان الاقتصاد في حالة انتعاش أو انكماش ، وإذ لم يستجيب فلن تصبح للسياسة النقدية فعالية .
من جانب آخر ، تناول بعض النقاد الاقتصاديين هذا النموذج بشيء من التحفظ ، إذ يرون أن العلاقة بين الطلب على النقود والدخل ليست بالضرورة علاقة قوية ، فإذا أخذنا بالمعطيات الاقتصادية المعاصرة واستخدام وسائل أخرى للمعاملات بشكل شائع ، كاستخدام بطاقات الائتمان ، لوجدنا أن الكثير من هذه المعاملات لا يتطلب استخداماً مباشراً للنقود . كما أن العلاقة بين الطلب على النقود وسعر الفائدة كما طرحها النموذج الكينزي تعرضت للنقد، إذ أكد النقاد على أن سعر الفائدة الذي توليه القطاعات الاقتصادية أهمية هو سعر الفائدة الحقيقي وليس الاسمي ، إذ أن الطلب على النقود في هذا النموذج يعتمد على سعر الفائدة الاسمي . يترتب على هذا أن المتغير الأجدر بالاهتمام هو سعر الفائدة الذي يعكس الفارق بين العائد الحقيقي على النقود والعائد الحقيقي على العوائد على البدائل . أضف إلى هذا أنه لا يمكن القول أن المتغير الأهم بالنسبة للمستثمرين هو سعر الفائدة فقط ، إذ لا يمكن إغفال المتغيرات الأخرى التي تساهم في صنع القرارات الاستثمارية مما يقلل من انفرادية سعر الفائدة كمحدد للاستثمار تعمل من خلاله السياسة النقدية على تحريك دفة الاقتصاد .
أما النقديون فلا يرون ضرورة تغير سعر الفائدة حتى يكون للسياسة النقدية ( تغير في عرض النقود ) فاعلية . فالتغير الذي سيطرأ على الناتج القومي قد ينتج عن تناقص إنفاق الأفراد على السلع والخدمات والأوراق المالية نتيجة تناقص في عرض النقود ، ويبدو من هذا ليس هناك ضرورة أن يكون لسعر الفائدة دور في تفعيل السياسة النقدية . فالتغير في كمية النقود تمثل الأداة الرئيسة لأحداث تغيير في معدل نمو الدخل ، وبذلك يتفادى الاقتصاد التقلبات الكبيرة في الدخل التي يمكن أن تنتج عن تغيرات في سعر الفائدة ، رغم أنه ستبقى هناك مصادر تقلبات أخرى ثانوية ، مثل التغيرات في الإنفاق الحكومي ، والطلب على الصادرات المحلية ، والاستثمار ، والإنفاق الخاص ، تؤثر في الدخل ويصعب علينا توقعها أو توقع التغيرات فيها . هذا الموقف يختلف عن رؤية الكينزيين الذي يرون في بعض ما يتصوره النقديون بأنه مصادر تقلبات ثانوية ، هو في الواقع القوة التي تشكل مصدراً رئيسياً للتقلبات في الدخل ، فالتغيرات في الاستثمار الخاصة كفيلة بأن تشكل مصدراً رئيسياً لتغيير الدخل ، في حين أن التغيرات في كمية النقود هي مصدر ثانوي . من هنا يمكن التعويل على سياسة الإنفاق الحكومي لمواجهة التغيرات في الاستثمار الخاص وإبطال مفعولها ، وليس هناك حرج من أن تتوسع الحكومة في الإنفاق في فترات ينخفض فيها الإنفاق والاستثمار الخاصين حتى لو اضطرت إلى أن تتحمل عجزاً في موازنتها العامة .
الأسئلة :
السؤال الأول: تعددت المداخل لتعريف النقود وماهيتها، تحدث عن ذلك بإسهاب موضحاً وظائف النقود وخصائصها وأنواعها.
السؤال الثاني: أذكر مع الشرح أهم النظريات النقدية التي تناولت موضوع الطلب على النقود موضحاً الاختلاف بينها.
السؤال الثالث: أذكر مع الشرح:
الشروط الواجب توافرها لضمان تشغيل نظام المسكوكات الذهبية.
مزايا وعيوب نظام الصرف بالذهب.
أسباب التحول من نظام المسكوكات إلى نظام السبائك.
خصائص نظام النقد الورقي الإلزامي.
السؤال الرابع: عدد بدون شرح:
وظائف الائتمان والأسس التي يمنح على أساسها.
معايير تحديد صور الائتمان وأشكاله.
أنواع الائتمان وفق معيار أجل الائتمان.
أهم أدوات الائتمان قصير الأجل.
السؤال الخامس: تحدث بإسهاب لماذا توافق أو تعترض على مدى صحة العبارات التالية:
إذا لم يوجد سوق رأس المال الثانوي لما أمكن قيام سوق رأس المال الأولي.
جميع الالتزامات التي يتم تداولها في سوق النقد تتمتع بدرجة عالية من الأمان.
السؤال السادس: تحدث عن الآتي:
مفهوم البنك.
وظائف البنوك التجارية.
أهم المؤشرات المستخدمة لحماية الدائنين.
السؤال السابع: قام أحد العملاء بإيداع مبلغ 5,000 دولار في أحد البنوك التجارية، ما هو مقدار الائتمان الذي يستطيع البنك خلقه إذا علمت أن نسبة الاحتياطي القانوني تساوي 25%.
السؤال الثامن: تحدث عن طبيعة ووظائف البنك المركزي.
السؤال التاسع: أذكر مع الشرح أهم وسائل البنك المركزي للرقابة على الائتمان.
السؤال العاشر: باستخدام المنحنيات وضح بالرسم أثر كل من العبارات التالية على وضع التوازن في سوقي السلع والنقود:
زيادة عرض النقود.
زيادة الإنفاق الحكومي.
المراجع
محمد أحمد السريتي، محمد عزت محمد غزلان، اقتصاديات النقود والبنوك والأسواق المالية، مؤسسة رؤية للطباعة والنشر والتوزيع، 2010.
محمد صالح القريشي، اقتصاديات النقود والبنوك والمؤسسات المالية، إثراء للنشر والتوزيع، عمان، 2009.
سيف سعيد السويدي، النقود والبنوك، كلية الإدارة والاقتصاد بجامعة قطر، الدوحة، 2001.
وحيد مهدي عامر، اقتصاديات النقود والبنوك، الدار الجامعية، الإسكندرية، 2010.
منير إبراهيم هندي، إدارة البنوك التجارية (مدخل اتخاذ القرارات)، المكتب العربي الحديث، الإسكندرية، 2010.
منير إبراهيم هندي، إدارة المنشآت المالية وأسواق المال، منشأة المعارف، جلال حزي وشركاه، الإسكندرية، 2008.
محمد عبدالفتاح الصيرفي، إدارة البنوك، دار المناهج، عمان، 2006.
حمزة محمود الزبيدي، إدارة الائتمان المصرفي والتحليل الائتماني، مؤسسة الوراق للنشر والتوزيع، عمان، 2008.
فايز بن إبراهيم الحبيب، مبادئ الاقتصاد الكلي، كلية العلوم الإدارية بجامعة الملك سعود، الرياض، 1994.
0 التعليقات:
إرسال تعليق