النفقات العامة


الفصل الأول :- النفقات العامة ، مفهوم وأشكالها وقواعدها

الفصل الثاني :- تقسيمات النفقات العامة

الفصل الثالث :- ظاهرة ازدياد  النفقات العامة

الفصل الرابع – الأثار الاقتصادية  للنفقات العامة






الفصل الأول

النفقات العامة مفهومها وأشكالها وقواعدها

المبحث  الاول :- تعريف النفقات العامة وعناصرها

المبحث الثاني :-  تطور دور النفقات العامة

المبحث الثالث :- صورة وأشكال النفقات العامة

المبحث الرابع :- قواعد النفقات العامة

















الفصل الأول

النفقات العامة ، مفهومها وأشكالها وقواعدها

تمهيد :-

        تعد النفقات العامة احدى الوسائل المهمة التي تستخدمها الدولة بهدف تحقيق دورها في المجالات الاقتصادية والمالية حيث انها تعكس جميع الانشطة العامة ، وتبين برامج الحكومة في الميادين المختلفة في شكل اعتمادات تخصص كل منها لتلبية الحاجات العامة للافراد ، وسعيا وراء تحقيق اقصى نفع جماعي ممكن ، كما ان تطور الدولة وتنوع مجالات تدخلها بقصد اشباع هذه الحاجات قد فرض على نظرية النفقات العامة ان تتطور هي الاخرى من حيث مفهومها ، وتتحدد انواعها ، وتقسيماتها والقواعد التي تحكمها وتبرز الاثار الاقتصادية والاجتماعية المترتبة عليها 0

لقد تناول التقليديون النفقات العامة في ضوء منطقهم التقليدي الذي كان يحدد النفقات اللازمة للوفاء بالحاجات العامة التي تولت الدولة امر اشباعها وفقا” لمتطلبات المذهب الاقتصادي الحر ، ولهذا فقد كان المبرر الاساسي وقتئذ لتحصيل الايرادات العامة هو تغذية النفقات العامة اللازمة لتسيير المرافق المحدودة التي تتولى الدولة امر تنظيمها وادارتها وملكيتها 0 ولذلك فان الدولة في ظل هذه النظرية تحترم مبدأ توازن الموازنة بل وتقدسه ، بحيث لاتسمح بفرض ايرادات وتحصيلها او بتكليف المكلفين باعباء مالية الاضمن الحدود اللازمة لتمويل نفقات هذه المرافق ، وهذا يعني ان النظرية التقليدية اعتبرت نفقات الدولة مجرد نفقات للاستهلاك العام ، الذي اضطلعت به الدولة في اثناء ادائها لدورها المحدود في حياة المجتمع ( الدولة الحارسة ) 0 لذلك فقد كان طابع الانفاق العام حياديا” 0

اما اهتمامات الكتاب المحدثون في المالية العامة ، فقد توسعت ، خاصة في مجال النفقات العامة ، حيث تزايد تدخل الدولة في النشاط الاقتصادي الوطني ، والحياة الاجتماعية مستخدمة في سبيل تعزيز هذا التدخل وتأصيل اسس ومقومات عناصر المالية العامة كركائز اساسية  لهذا الطريق ، ولذلك اصبح من غير المعقول الاحتفاظ بحياد هذه النفقات في ظل هذا التطور الهائل الذي لحق دور الدولة ، كما ادى هذا التطور الى خروج الموازنة العامة عن الاطار الذي وضعتها فيه النظرية التقليدية وهو (( مبدأ التوازن )) وفي هذه الظروف اضطرت الدولة الى زيادة الانفاق العام للوفاء بالاهداف المذكورة ، على الرغم من احتمال ان تصاب الموازنة بعجز ، وانتهت التجارب  والتطبيقات المالية الحديثة  الى قبول فكرة عجز الموازنة ، وانها لاتشكل خطرا”  ، وانما بالعكس  يمكن استخدامها اداة لتحقيق التوازن الاقتصادي وتطويق الاثار الضارة الناشئة عن الدورات الاقتصادية 0

وقد فرضت هذه التطورات اهتمام المفكرين بدراسة طبيعة النفقات العامة وتحليلها وتقسيمها وحدودها والمعايير الاقتصادية وغير الاقتصادية التي تحكم عملية اختيارها والضوابط والمعايير والمقومات التي توجه الانفاق العام ، والاثار الاقتصادية والاجتماعية الناشئة عن ذلك ، وهكذا تجاوزت دراسة النفقات العامة الحدود الكمية التي كانت تدرس في اطارها وقد اصبحت بالاضافة الى ذلك تبحث في النواحي النوعية والكيفية واثارها وعملية استخدامها في مجال المالية العامة لتحقيق  الاهداف 0

المبحث الاول – تعريف النفقات العامة وعناصرها 0

اولا” :- النفقة العامة :-

ان النفقة  العامة  عبارة عن مبلغ من المال تستخدمه الدولة او احدى المؤسسات العامة التي تنشئها من اموالها بقصد اشباع حاجه عامة 0 ويستخلص من هذا التعريف ان عناصر النفقة العامة ثلاثة : استعمال مبلغ نقدي وهذه النقود تكون داخلة في الذمة المالية للدولة ، وان يكون الغرض من استعمالها سد حاجة عامة

ثانيا” :- عناصر النفقة العامة :-

1) النفقة العامة مبلغ من النقود :-  تتخذ النفقة العامة عادة طابعا” نقديا” ، يتمثل فيما تدفعه الدولة او هيئاتها العامة للحصول على الموارد الانتاجية من سلع وخدمات تحتاجها للقيام بنشاطها ، كدفع مرتبات واجور العاملين ودفع مستحقات الموردين والمقاولين والانفاق على الجيش وقوات الامن والانفاق على الخدمات والمرافق والاشغال العامة ، والانفاق على خدمة الدين العام بما يتطلبه من سداد الاقساط والفوائد 0

وبذلك لايعد من قبل النفقة العامة التجاء الدولة بما لها من سلطات الى الحصول على ماتحتاجه من موارد انتاجية بغير مقابل كما في حالات السخرة او الاستيلاء بغير تعويض، او سداد جزء من المقابل المستحق للغير نقدا” والاخر عينا” في صورة خدمات تقدمها الدولة دون مقابل او بمقابل رمزي ( الاعفاء من سداد قيمة ايجار المساكن او نفقات العلاج والتعليم واجور المواصلات او تخفيض قيمتها بالنسبة لبعض موظفي الدولة ) وقد تضاءلت هذه الحالات في ظل الدولة الحديثة بحيث اصبح قيام الدولة بدفع مقابل نقدي للحصول على ما تحتاجه من سلع وخدمات بشكل عنصر اساسيا” من عناصر النفقة العامة ، وقد ترتب على ذلك ان ازداد حجم النفقات العامة ، وبالتالي حجم الضرائب وغيرها ، الا ان ذلك لايفرض بالضرورة زيادة في عبء هذه التكاليف ، وانما قد يجري تخفيضه وتوزيعه بصورة افضل 0

ومن مزايا استخدام النقود في الانفاق انه يسهل من عمل النظام المالي ، حيث انه يركز مبدأ الرقابة على النفقات العامة تأمينا” لافضلية استخدامها وفقا” للقواعد التي تحقق المصلحة العامة ، ولاتتحقق بسهولة هذه الاعتبارات لو جرى الانفاق بشكل عيني ، فضلا” عن ان الانفاق العيني يثير كثيرا” من المشكلات الادارية والتنظيمية ويتسم بعدم الدقة ، حيث قد تحابي الادارة بعض الافراد فتمنحهم مزايا عينية ، ضمن عيوب الانفاق العيني هو الاخلال بمبدأ المساواة بين الافراد امام فرص الاستفادة من النفقات العامة وتحمل الاعباء التي تفرضها 0

2) صدور النفقة العامة من الدولة او احدى هيئاتها : يشترط في النفقة  العامة ان تصدر من الدولة او احدى هيئاتها ، وبهذا المفهوم  فانها تشمل نفقات الهيئات المحلية والهيئات العامة القومية والمؤسسات العامة ونفقات المشروعات العامة ، حتى ولو خضعت ادارة هذه المشروعات لتنظيم تجاري بقصد تحقيق الربح ، حيث لا يحجب ذلك صفتها العامة ، وبناء على ذلك تعتبر نفقة عامة تلك النفقات التي تنفذها الدولة بصفتها السيادية ، اضافة الى نفقاتها في المجال الاقتصادي ، وبالعكس فان النفقة التي يقوم بها الافراد او المشروعات الخاصة لاتعتبر نفقة عامة حتى ولو كان المقصود بها تحقيق نفع عام 0 فاذا تبرع شخص ما بمبالغ لبناء مستشفى او مدرسة مثلا” ، فلا يعتبر ذلك نفقة عامة ، وانما يدخل ضمن اطار الانفاق الخاص 0

3) يقصد بالنفقة العامة تحقيق نفع عام : ان النفقات العامة تهدف اساسا” الى شباع الحاجات العامة وتحقيق النفع العام ، وبهذا المعنى لاتعتبر نفقات عامة ، تلك التي لاتشبع حاجة عامة ، ولاتحقق نفعا” عاما” للافراد ، ويمكن تبرير ذلك في انه لما كان الافراد متساوون في تحمل الاعباء العامة ( الضرائب وغيرها ) فانهم يتساوون في الانتفاع بالنفقات العامة للدولة في جميع الوجوه ، أي ان النفقة سدادا” لحاجة عامة وليست لمصلحة خاصة 0

المبحث الثاني – تطور دور النفقات العامة :-

لقد ارتبط تطور دور النفقات العامة بتطور علم المالية العامة ، حيث تغير دورها من الحيادية كما تؤكد عليه النظرية الكلاسيكية الى الدور المتدخل الايجابي الذي ظهر في النظرية الحديثة 0

اولا” :- النفقات العامة في النظرية الكلاسيكية :-

لم تشغل النفقات  العامة مكانة مهمة في مؤلفات كتاب المالية الكلاسيك ، مقارنة بتلك التي شغلتها الايرادات العامة ، فمعظم الكتاب الكلاسيك 0 الذين عالجو النفقات العامة ، كان قد عالجوها من الناحية الفنية والسياسية ، دون الاهتمام بطبيعتها واثارها الاقتصادية ، الا ان الاحداث  الاقتصادية والاجتماعية كالحرب العالمية الاولى وبصورة خاصة الازمة الاقتصادية العامة ، اظهرت اهمية دراسة  طبيعة النفقات العامة واثارها الاقتصادية والاجتماعية 0

فقد كان علماء المالية الكلاسيك ، ينظرون الى النفقات العامة بعين الريبة والشك ، وشعارهم هو الاقتصاد في الانفاق ، ويدعون الدولة الى التوفير بقدر المستطاع ، وانهم اعتبروا  الدولة   مستهلك للثروة ، لانه حتى تنفق الدولة يجب ان تقتطع جزءا” من ثروة الافراد وتملكها ، وهذا يعني ان الدولة تقضي او تعدم ذلك الجزء المتقطع من الثروة القومية 0

وان الاساس العلمي الذي يقوم عليه المفهوم الكلاسيكي ، من ان الدولة مستهلك للنفقات  العامة ، ناتج من نظرية الدولة القائمة على اساس المذهب الحر، فالدولة بموجب هذه النظرية يجب ان تحصر اعمالها في  الوظائف العسكرية والامنية والتشريعية ، وان تمتنع عن التدخل في الميدان الاقتصادي ، وذلك على اعتبار ان العمل الفردي اكثر كفاءة وانتاجا” من عمل الدولة عن طريق تدخلها في الميدان الاقتصادي ، فتدخل الدولة في الميدان الاقتصادي بدلا” من ان يولد ثروة يؤدي الى استهلاك الثروة القومية ، وبالنتيجة يؤدي الى افقار المجتمع لانها تنقص من مجموع الثروة التي يتقاسمها الافراد 0 فالنفقات العامة في نظر علماء المالية الكلاسيكية ، لاتضيف شيئا” الى الدخل القومي ، بل بالعكس تقتطع قسما” منه ، وهذا يعني ان الدولة تستهلك نفقاتها ، فمحتوى المفهوم الكلاسيكي للنفقات العامة هو  ان الدولة  مستهلك

ثانيا” :- النفقات العامة في النظرية الحديثة :-

 يستند المفهوم  الحديث  للنفقات العامة على فكرتين اساسيتين الاولى 0 ان الدولة عبارة عن اداة لاعادة التوزيع  ، والثانية 0 عدم قبول الفكرة القائلة بان العمل الفردي اكثر انتاجا”  وتفوقا” من عمل الدولة 0

بالنسبة للفكرة الاولى 0 ان الدولة  اداة لاعادة التوزيع ، تعتبر النفقات العامة بانواعها المختلفة ( نفقات انتاج ، ونفقات استهلاك 000 الخ ) في الفكر المالي الحديث ، عبارة عن توزيع  للدخول والثروات  وتحويل للقوة الشرائية من مجموعة الى اخرى داخل المجتمع 0

 فعلماء المالية المحدثين ،  على عكس القدامى يرون في الدولة مجموعة من الافراد يعملون وينفقون ويستهلكون كغيرهم من الافراد ( موظفين ومتعهدون 000 الخ ) فالدولة 0 لايمكن ان تكون مستهلك ، لان الدولة ماهي الاعبارة عن  شخصية حكمية لاتستهلك ولا تنفق ، وانما موظفوا الدولة ومجهزوا  ومقاولو الدولة 0 هم الذين يستهلكون وينفقون بواسطة المبالغ التي تدفعها لهم الدولة ، والتي حصلت عليها بأقتطاعها من دخول وثروة الافراد عن طريق الاساليب المالية ( الضريبة والرسم 000 الخ ) فا لنفقات العامة لاتستهلك ، كما قال الكلاسيك ، وانما تقوم  باعادة توزيعها الى الافراد عن طريق دفع الرواتب الى الموظفين والاجور الى العمال او تدفع الدولة ثمن السلع المختلفة المقدمة من قبل المجهزين 0 فالمبالغ المقتطعة من دخل وثروة الافراد ، تعيد الدولة توزيعها الى الافراد ثانية عن طريق الانفاق العام ، ولكن لايوجد علاقة شخصية ومباشرة بين الذي يدفع والذي يستلم ، فالدولة عبارة عن مضخة تمتص جزء من الدخل القومي لتعيده ثانية الى تيار الدخل القومي عن طريق الانفاق العام 0

 اما فيما يتعلق بتفسير عدم اعتبار الدولة مستهلك لمجموع المبالغ التي اقتطعت من دخل وثروة الافراد ، لانها ستعاد الى تيار الدخل القومي بشكل انفاق عام 0 ومع ذلك فان علماء المال القدامى يرون ان الانفاق العام هذا يؤدي الى خسارة مادية ناتجة عن الفرق بين تدخل الدولة غير المنتج والعمل الخاص المنتج  وهذا يفسر ان جزء من النفقات العامة المستخدمة من قبل الدولة ستخفض 0 ويبدو ان الوهم الذي وقع فيه هؤلاء العلماء في اعتبار ( الدولة مستهلك ) يمكن في تحديد ( ماهية  الانتاجية ) فاذا اقتصر استخدام هذا اللفظ على انتاج السلع المادية ، فان كثيرا” من النشاط الحكومي يبدو ولاشك اقل انتاجية من كثير من اوجه النشاط الفردي ، اذ ان النسبة الغالبة من النشاط الحكومي تمثل في توليد خدمات غير مادية كالامن الداخلي والدفاع الخارجي والقضاء والتربية والتعليم والرعاية 000 الخ

وواضح ان الاقتصاد الحديث لايقرن صفة الانتاجية بالمادية ، فجميع اوجه النشاط التي تبذل لاشباع حاجات المجتمع المادية وغير المادية انما تعتبر منتجة ، فالمدرس او المحامي او الطبيب لايقل انتاجه عن البناء او النجار او الصانع ، فالانتاج ليس توليدا” للسلع فقط ، انما هو توليد منفعه سواء كان ذلك بأنتاج السلع او الخدمات مادية كانت او غير مادية 0

كما ان الحكم على اوجه النشاط الحكومي بأنها غير منتجة لالشيء سوى انها لاتدر للفرد نفعا” ماديا” مباشرا” يكون بعيدا” عن الصواب 0 فالعبرة ليست بما يصيب الفرد من نفع مادي مباشر انما العبرة دائما” عما يحققه النشاط الحكومي من منافع اجتماعية مباشرة وفضلا” عما تقدم يمكن القول ، ان المدرسة التقليدية كانت تصف الانفاق العام بانه استهلاك للثروة يرجع ايضا” الى تخوف هذه المدرسة من ان الازدياد في الانفاق العام قد يؤدي بدوره الى زيادة الاستقطاعات الضريبية من دخل وثروة الافراد ولربما الى احداث تغيرات في بقية النظام المالي للدولة والتي قد تلحق الضرر في الطبقة البرجوازية 0

في ضوء ماتقدم يتضح ان اعطاء الصفة المطلقة للعمل الخاص بانه اكثر انتاجا” وتفوقا” من تدخل الدولة قائم على اساس غير صحيح فهناك كثير من الحالات التي يؤدي فيها استخدام الدولة الموارد المجتمع الى وفر في استغلال هذه الموارد ومضاعفة الاشباع الجماعي وزيادة في الدخل القومي ، فاذا قارنا بين النفقات التي تستخدمها الدولة في مشاريع منتجة كبناء السدود لتوليد القوة الكهربائية او اصلاح الاراضي الزراعية ، وبين الافراد الذين يكنزون اموالهم في البنوك الاجنبية ، فمما لاشك فيه ان المبالغ المنفقة من قبل الدولة في هذه المشاريع الانتاجية ستزيد  من القوة الانتاجية للمجتمع ، أي انها اكثر انتاجا”  من المبالغ المودعه من قبل بعض الافراد في تلك البنوك 0

كما ان هناك خدمات تقوم بها الدولة تفيد معظم او جميع المواطنين فالانفاق على التعليم يفيد الطلاب ، كما يفيد الهيكل الاجتماعي باسره ، لانه يساعد على تطور المجتمع ثقافيا” ، ويساهم في تحقيق التطور  الاقتصادي للمجتمع 0

المبحث الثالث – صور واشكال النفقات العامة :-

توجد للنفقات العامة صور متعددة ، يمكن تحديدها بما يأتي :-

اولا” :- الأجور والمرتبات التي تدفعها الدولة إلى الموظفين  والعمال والمتقاعدين العاملين في اجهزتها :-

ان الاجور  والمرتبات تعرف بانها المبالغ النقدية التي تقدمها الدولة للافراد العاملين في اجهزتها المختلفة فعلا” ثمنا” للخدمات التي يقدمها هؤلاء لها ، او الذين عملوا لديها فترة من الزمن ثم وصلوا سنا” من العمر يجعل استمرارهم في العمل  متعذرا” ، فأحالتهم الدولة الى التقاعد 0 وتظهر في علم المالية العامة ملاحظتان هامتان فيما يخص الاجور والمرتبات هما :-

1) الخدمة المأجورة  والخدمة المجانية :-

 قد تلجأ الدولة الى تسخير الافراد للقيام ببعض الاعمال لفترة من الزمن ، او قد تولي الدولة افرادا” اخرين من المجتمع مناصب عامة ، دون ان تلتزم بتقديم أي اجر لقاء ذلك0 وعلى الرغم من محدودية هذا العمل ، الا انه قد يترك اثارا” لايستهان بها ، فالخدمات المجانية تشوبها غالبا” عيوب متعددة منها تفشي الرشوة ، اضافة الى المتاعب التي يتعرض لها الفرد من جراء مراجعته للادارات التي يديرها موظفون لايقبضون مقابل للخدمات التي يؤدونها 0

في حين عندما تقوم الدولة بتقديم اجور  او مرتبات لقاء خدمة يؤديها الافراد للدولة ، يجعلها تحصل على الكفاءات المطلوبة ، كما ان من اهم واجبات الدولة في العصر الحديث هو ضرورة توفير العمل للموظفين واتاحة الفرصة لحصولهم على اجور عادلة مقابل هذا العمل 0

2) أسس تحديد الأجور والمرتبات :-

توجد عدة أنواع للأجور  والمرتبات يمكن تحديدها بما يأتي :-

أ) مرتب رئيس الدولة :- تقرر الدول على اختلاف شكل الحكم فيها مرتبا” لرئيس الدولة  مهما كانت طبيعة   منصبه ، سواء  كان ملكا” او رئيسا” للجمهورية ، وان طريقة تحديد هذا المرتب تختلف بأختلاف الدول ، فبعض الدول تقوم باصدار قانون مع قانون الموازنة تحدد بموجبه راتب رئيس الدولة ، ويتميز هذا الاسلوب باستجابته للظروف الاقتصادية وتستخدم دول اخرى اسلوب تحديد مرتب رئيس الدولة عندما يتولى المنصب ، دون ان يفوتها ان تصرح بالقانون على امكانية تعديله عندما ترى ان هناك ضرورة لتعديله ، وفي دول اخرى يتم تحديد مرتب رئيس الدولة مسبقا” ويؤخذ على هذا الاسلوب بعدم مرونته ، اذ انه قد لايستطيع مواكبة المستوى المعاشي الذي يليق برئيس الدولة 0

ب) مرتبات اعضاء البرلمان :- تخصص معظم الدول على اختلاف انظمتها السياسية مكافأة نقدية لكل عضو من اعضاء البرلمان وليكن السبب الرئيسي لهذا التخصيص في رغبة هذه الدول لضمان تقدم اصحاب الكفاءات لاشغال مثل  هذه الوظائف وتحمل مسؤولية تمثيل الشعب ، وبالتالي قيامهم بواجباتهم الوظيفية على الوجه الاكمل 0 الا ان عملية تحديد هذه المكافأة النقدية لاعضاء البرلمان ، تختلف بأختلاف الدول ، فبعض الدول تحددها وفقا” لما ينص عليه الدستور ، وتحدد دول اخرى هذه المكافأة من خلال صدور قانونا” معينا” بذلك 0

جـ) مرتبات الموظفين :- تمثل هذه الفئة الاجتماعية حجما” كبيرا” من العاملين في قطاعات الدولة ، وتقدم الدولة  لها اجورا” ومرتبات مقابل الخدمات التي تقدمها لها ، وعلى الدولة ان تراعي اسسا” معينة عند تحديد هذه الاجور يمكن  ايضاحها بما يأتي :-

1- تقوم الدولة بتحديد مرتبات واجور هذه الفئة الاجتماعية في ضوء تكاليف المعيشة ، ذلك لان الموظف الذي يحصل على اجور غير كافية لسد نفقات العيش المناسب قد يدفعه الامر الى البحث عن مصادر غير مشروعة كالرشوة من المراجعين او السرقة من الاموال العامة وعندئذ يصاب الجهاز الاداري بالفساد 0

2- مراعاة طبيعة العمل عند تحديد المرتب مع اخذ المؤهل العلمي والفني للموظف بنظر الاعتبار ذلك لان طبيعة الاعمال التي يقدمها الموظفون مختلفة ، اذ ان العمل اليدوي يختلف عن العمل الفني الماهر والفكري واستخدام التكنولوجية الحديثة 0

3- اذا حددت الدولة المرتبات والاجور بصورة مناسبة فأنها تضمن عدم منافسة المشروعات الخاصة في الحصول على خدمات الموظفين الذين تتوفر لديهم  خبرة واسعة في عمل معين ، اذ قد تستخدم هذه المشروعات اسلوب اغراء الموظف الذي يعمل في الجهاز الاداري عن طريق المرتب 0

4- عند تحديد المرتبات على الدولة ان تأخذ بعين الاعتبار مستوى هذه الاجور والمرتبات السائدة في البلدان المجاورة او المتقدمة اقتصاديا” ، بخاصة وان بعض الدول تقدم  امتيازات لحاملي الشهادات والاختصاصات النادرة ، اذ لو اهملت الدولة هذا الجانب فأنها ستدفع ابناءها من اصحاب الكفاءات الى الهجرة

5- على الدولة ان تقوم باصدار قانون عام يتناول تنظيم مرتبات الموظفين ، موضحا” شروط التعيين في الخدمة العامة وشروط الترقية في السلم الوظيفي بحيث يصبح هذا الامر معروفا” وثابتا” لدى الجميع 0

ء) المرتبات التقاعدية :- ويقصد بالاجر او المرتب التقاعدي المبلغ النقدي الذي تقدمه الدولة بصورة دورية   ( شهريا” ) الى الافراد الذين سبق ان عملوا في اجهزتها المختلفة ثم بلغوا من السن ما يجعل استمرارهم في الخدمة العامة امرا”  متعذرا” فأحالتهم الدولة  على التقاعد بطلب منهم  أو برغبة منها 0

ولايتشابه المرتب التقاعدي مع التأمين لان الاخير يتم دفعه وفقا” للشروط  المتفق عليها في العقد المبرم بين المؤمن والمؤمن لصالحه في حين ان المرتب التقاعدي تدفعه الدولة بصرف النظر عن ذلك ، كما ان علاقة الموظف بالدولة هي ليست علاقة تعاقدية 0 كذلك يختلف المرتب التقاعدي عن المكافأة لان من ابرز خصائص الاخيرة انها تدفع لمرة واحدة او عدة مرات ، في حين ان المرتب التقاعدي يتصف بالدورية والانتظام 0

الا ان مسلك الدول في اقتطاع التوقيفات التقاعدية يختلف بحسب الطريقة التي تتبعها ويمكن تحديد هذا المسلك بالطريقتين الاتيتين :

1- تقوم بعضها باقتطاع مبلغ من مرتب الموظف الشهري خلال فترة خدمته ، ثم تضعه في صندوق معين بعد ان تضع معه مبلغا” يأخذ شكل إعانة  وبعد ذلك تقوم باستثماره بهدف زيادة هذه المبالغ عن طريق أرباحه 0

2- تقوم دول أخرى باقتطاع المبلغ المذكور وتضعه في خزانة الدولة على أساس انه يمثل نوعا” من أنواع الإيرادات ، ويطلق على  هذا النوع من الإيراد اسم أشباه الضرائب 0

ثانيا” :- قيم السلع والخدمات التي تشتريها الدولة وتهدف من ذلك إلى إشباع الحاجات العامة :-

وتمثل قيم الادوات  والمعدات والالات التي تقوم الدولة بابتياعها وتخصصها لاشباع الحاجات العامة ،وتظهر عند معالجة هذه الحالة المسائل  الآتية :

أ) من حيث السلطة التي تقوم بالأشراف على عملية الشراء فقد تكون هذه السلطة مركزية واحدة ، أو سلطات لامركزية متعددة ان مسألة الحصول على الادوات والمعدات والاثاث وغيرها وتحديد نوعيتها يتطلب خبرة ودراية معينة في عملية الشراء ، لذلك  يعهد أمر توفيرها الى الجهات المختصة وهي ادارة المشتريات 0 اما اذا كان موضوع الشراء متعلقا” بالمباني الكبيرة وعقود الاشغال العامة ، فان امر الحصول عليها  وتنظيمها والاشراف عليها يجب ان يودع الى السلطة المركزية ، لانها تحتاج الى خبرة اكبر وامكانات اكثر والسلطة المركزية اقدر من غيرها على توفير ذلك 0

ب) من حيث الكيفية التي يتم الحصول بها على هذه المستلزمات فقد تقوم بذلك الهيئات العامة عن طريق شراء هذه الاحتياجات من السوق مباشرة ، او ان تكلف لتوفير  هذه الاحتياجات المقاولين والموردين المختصين بعملية الشراء ، ومن ابرز عيوب اسلوب الشراء المباشر من السوق ، انه لايحفز الموظف المعني بالشراء الى اخذ الوقت الكافي لتقدير الحاجة الى الشراء واختيار مصدر التوريد والتفاوض على الاسعار والشروط الاخرى التي يحددها العقد ثم تتبع  عملية الشراء حتى تصل المواد او الالات او المهمات المشتراة الى المخازن المطلوبة 0 لذلك تلجأ الدولة الى المقاولين المختصين ، لان لديهم خبرة كافية بأوضاع السوق واسعار المواد والسلع وانواعها ، غير ان الدولة  الاشتراكية تتولى هذا الامر بنفسها او بواسطة اجهزتها المتخصصه بالشراء 0 جـ- من حيث الاسلوب الذي يتم به الحصول على المقاولين ، هل هو طريق المناقصة  أو الاحالة المباشرة لذوي الممارسة  0

ان المناقصة هي دعوة سرية بشروط معلنة ، ويقدم  الراغبون للاشتراك بها عروضهم وعطاءاتهم للتعاقد على الاشغال العامة ، او توريد مهمات وادوات ومواد ولوازم الى الدولة ، اما الممارسة فهي ان تعقد الدولة اتفاقا” مع مقاول مختص بالشراء 0 دون ان تعلن مسبقا” عن طبيعة العمل الذي تريد القيام به في شكل مناقصة ، وتلجأ الادارات المختصة الى هذا الاسلوب عندما تتوسم في احد المعادلين  الكفاءة والاخلاص المعينين للقيام بمهمة الشراء 0 هذا ويبقى اسلوب اللجوء الى المناقصة هو الافضل لانه الطريق الاسلم ، غير ان هذا لايمنع من استخدام الطريق الثاني اذا وجدت الدولة مايبرر اللجوء له 0

ثالثا” :- الاعانات المختلفة التي تقدمها الدولة إلى مختلف الفئات الاجتماعية أو إلى الدول والمنظمات الدولية :-

يمكن تعريف الاعانات بأنها تيار من الانفاق تقرر الدولة دفعه الى فئات اجتماعية او للهيئات العامة والخاصة دون ان يقابله تيار من السلع والخدمات تحصل عليه الدولة من الجهة المستلمة للاعانات ويمكن تقسيم  الاعانات الى قسمين :

الاول اعانات دولية ، والقسم الثاني اعانات داخلية 0

1) الاعانات الدولية :-

وتتمثل في المبالغ النقدية او العينية التي تقدمها دولة معينة الى دولة اخرى 0 أي ان الدولة الاولى تقوم  بدفع هذه الاعانات اذا وجد لديها فائض الى دولة اخرى ، بسبب مشاركة الاخيرة  لها في الاتجاه السياسي  ، اوقد تكون لاسباب حسن الجوار والانسانية لمساعدة الدولة المتضررة من الكوارث الطبيعية  كالفيضانات او الزلازل او الاعصار ، وقد يرافق الاسباب السياسية والانسانية اسباب قومية كالاعانات التي يقدمها قطر عربي  معين  الى الاقطار العربية الاخرى توطيدا” لأواصل التعاون والاخوة بين الاقطار العربية 0

2) الاعانات الداخلية :-

وهي المبالغ النقدية  التي تدرجها الدولة في ميزانيتها العامة  وتوجه لأغراض  ادارية واقتصادية  واجتماعية وسياسية 0

أ) الاعانات الادارية :- وهي المبالغ النقدية التي تقدمها الدولة الى الهيئات العامة او الهيئات المحلية التي تتمتع بشخصية معنوية لمساعدتها على القيام بواجباتها ، وتقرر الدولة هذه  الاعانات على اساس انها تتحمل جزءا” من نفقات  هذه الهيئات  وقد يتم تخصيص هذه المبالغ لتغطية  العجز المالي في ميزانياتها ، او لتلافي الكوراث الطبيعية او الحالات الطارئة 0 وتستخدم الدولة هذه الاعانات كسلاح لمراقبة اعمال  تلك الهيئات  وارغامها على السير باتجاه سياسية الدولة العامة 0

ب) الاعانات الاقتصادية :- وهي المبالغ التي تدفعها الدولة الى بعض المشروعات الصناعية لدعم موقفها لتستطيع الوقوف بوجه المنافسة  الاجنبية ، وهدفها تشجيع وحماية الانتاج الوطني ومحاربة ارتفاع الاسعار كاعانات التصدير التي تدفعها بعض الدول الى المؤسسة العامة للتصدير كما تأخذ صورة مدفوعات نقدية للمشروعات والمنتجين ، وهدف هذه الاعانات هو توفير السلع والخدمات للمواطنين بأقل كلفة ممكنة 0

جـ) الاعانات الاجتماعية :- وهي مبالغ  تدفعها الدولة الى الهيئات او الافراد لغرض تحقيق اهداف اجتماعية ، مثال ذلك الاعانات التي تخصصها الدولة للافراد العاطلين عن العمل ، أي انها اعانات ضد البطالة ، واساس هذا المفهوم هو ان الدولة لاتتخلى عن الموطنين عندما يتعطلون عن العمل ، لان رعاية هؤلاء من صميم واجبها الاجتماعي 0

ء) الاعانات السياسية :- وهي المبالغ التي تقدمها الدولة الى المنظمات والمؤسسات التي تربطها بالدولة رابطة سياسية على مستوى الفكر والعمل ، مثل الاعانات التي تقدم الى المنظمات الجماهيرية 0

رابعا” :- تسديد أقساط وفوائد الدين العام الذي تقترضه الدولة :-

يعرف القرض العام بانه دين مستحق على الدولة او هيئة عامة تتعهد بموجب عقدة الذي يصدر به قانون بسداد اصله وفوائده بشروط محددة ، والاصل في القرض العام ان يكون  اختياريا” ، أي يكون للمقرضين من الافراد او الهيئات حرية الاكتتاب فيه او الامتناع عن ذلك ، وان يخصص لتمويل انفقات عامة معينة يحدده قانون القرض ، غير ان استمرار استعانة الدولة بالقروض العامة التي لم تعد مصدرا” استثنائيا”  من مصادر الايرادات العامة والتجائها الى القروض الاجبارية ، وعدم تخصيص قيمتها لتمويل نفقات محدده ، جعلت القروض العامة في الوقت الحالي تقترب في طبيعتها من الضرائب 0

والقروض العامة قد تكون داخلية يقتصر الاكتتاب فيها على الاشخاص التابعين للدولة ، او خارجية يكتتب فيها اشخاص ليسوا من رعايا الدولة ، كما قد تكون القروض العامة قصيرة الاجل كأذونات الخزانة العامة التي تستعين بها الدولة لسد عجز نقدي بحيث يتم سدادها خلال السنة المالية ، او ان تكون متوسطة وطويلة الاجل ، تتعهد الدولة بسدادها بعد فترة تزيد عن سنة ، وقد تصل الى عشرات السنين ، بحسب طبيعة الانفاق الذي تقوم القروض بتمويله ، بل قد لاتحدد الدولة اجل سداد القرض وهو مايسمى بالدين المؤيد 0

المبحث الرابع – قواعد النفقات العامة

توجد ثلاث  قواعد تحكم الانفاق الحكومي وهي : المنفعة والاقتصاد ، والترخيص :

اولا” :- قاعدة المنفعة :-

ان الانفاق الحكومي ينبغي ان يهدف اساسا” الى تحقيق اقصى منفعه اجتماعية ممكنة ، لذا لايجوز للدولة ان تنفق في الامور التي لايرجى منها نفعا” , كما ولا تقتصر فكرة المنفعة المتأتية من انفاق الدولة على الانتاجية الحدية والدخل العائد منها ،  بل تشمل كل ما يمكن ان تدره الاموال المنفقة على العاطلين عن العمل في صورة اعانات من منافع ، كذلك الحال بالنسبة للاموال المنفقة على زيادة وتحسين نوعية الانتاج 0

ويتحقق مبدأ المنفعة العامة اذا توجه الانفاق نحو اشباع  الحاجات العامة ، اذ تكتسب الحاجات العامة عموميتها اذا كان اشباعها يحقق منفعه جماعية ، وتؤدي هذه القاعدة بالدولة الى المفاضلة بين المشروعات التي يحتاجها المجتمع على اساس ماتحققه من منفعة جماعية ، وتقرر الانفاق في ضوء ذلك ، كما ان على الدولة ان توازن بين المنافع ، فلا يقتصر انفاقها على اشباع حاجة عامة واحدة وتهمل الحاجات الاخرى ، وانما عليها ان توازن بين مختلف الحاجات لتتمكن ان تحقق اقصى منفعة اجتماعية ممكنة ، اضافة الى ذلك عليها ان تراعي توزيع النفقات حسب حاجات النواحي والاقاليم المختلفة ، وكذلك لمختلف الطبقات الاجتماعية 0 ومن اولى واجبات المخطط هي الموازنة بين وجوه الانفاق المختلفة ، حيث يقرر في ضوء اهداف الخطة الموازنة بين وجوه الانفاق المختلفة ، واي المشروعات واجبة التنفيذ اولا”،  فيوازن بين كلفة المشروعات ، والمدة التي يستغرقها التنفيذ  ، وعدد وكفاءة جهاز التشغيل من عمال وغيرهم ، والعائد من المشروع والنتائج التي تسحب اثارها على مستوى النشاط الاقتصادي 0

ثانيا” :- قاعدة الاقتصاد :-

وتتضمن تجنب التبذير في النفقات العامة ، لان مبرر النفقة هو بما تحققه من منفعة اجتماعية ، ولاتقوم المنفعة عن طريق انفاق تبذيري ، كزيادة عدد الموظفين بشكل يفوق الحاجة لهم او اجراء تنقلات غير ضرورية بينهم لغير دافع المصلحة العامة ، والانفاق الزائد على المظاهر في الدوائر الحكومية 0ويحتاج تجنب التبذير في الانفاق العام الى تعاون وتضافر جهود مختلفة ورقابة الراي العام للكشف عن ذلك الى جانب الرقابة الادارية والبرلمانية0 على ان ذلك لايعني التقتير ، لان التقتير في الانفاق العام الذي يؤدي الى تحقيق منفعة اجتماعية كبيرة غير صحيح ، بينما الاقتصاد يعني انفاق المبالغ اللازمة على العناصر الاساسية والجوهرية في الموضوع ، فالانفاق على مشروع اقتصادي ضروري يجب تقديم ما يلزمه من اموال ، لكن الكماليات والزخارف داخله ليست ضرورية وبالتالي يمكن تجنبها

ثالثا” :- قاعدة الترخيص :-

تعني ان النفقة تصرف من قبل هيئة عامة بأموال عامة ، ولهذا ينبغي ان تحصل هذه الهيئة العامة على اذن من السلطة المختصة ، ذلك لان الانفاق على اشباع الحاجة العامة التي تحقق المنفعة لايتم الا بقانون 0 ولايهم بعد ذلك ان تقوم السلطة المختصة بتقرير النفقات العامة هي او البرلمان في النطاق المركزي ، او الهيئات العامة فيما يخص اختصاصها الزماني والمكاني  كما ان ما يميز النفقة العامة عن النفقة الخاصة هي قاعدة الترخيص ، لانها اما ان تخضع للبرلمان في النطاق المركزي ، واما لاذن الهيئات المحلية المختصة اذا دخلت ضمن اختصاصها ولا تخضع النفقات الخاصة لمثل هذه الاجراءات 0

























اسئلة الفصل

س1:- ماذا يقصد بالنفقات العامة ، وماهي عناصرها عددها مع الشرح

س2:- بين اوجه الاختلاف والتشابه بين النظرية الكلاسيكية والنظرية الحديثة فيما يتعلق بمفهوم النفقات العامة 0

س3:- توجد للنفقات العامة صور محددة عددها مع الشرح

س4:- هناك ثلاثة قواعد تحكم الانفاق الحكومي وضحها بالتفصيل

س5:- ميز بين الأتي :-

1- الخدمات المأجورة والخدمات المجانية

2- مرتب التقاعدي والتأمين

3- الاعانات الدولية والاعانات الداخلية

4- النفقات العامة ضمن المفهوم التقليدي والنفقات العامة ضمن المفهوم الحديث 0



















مصادر الفصل

1- د. زين العابدين ناصر ، موجز في مبادئ علم المالية العامة المطبعة العربية الحديثة ، 1974

2- د. صلاح نجيب العمر ، اقتصاديات المالية العامة مطبعة العاني بغداد 1981

3- د. طاهر موسى عبد ، د. زهير جواد الفتال اقتصاديات المالية العامة مطبعة جامعة بغداد 1985

4- د. محمود رياض عطية موجز في المالية العامة دار المعارف بمصر 1969

5- د. محمد وديع بدوي ، دراسات في المالية العامة دار المعارف بمصر 1966

6- أ. هشام محمد صفوت العمري اقتصاديات المالية العامة والسياسة المالية الجزء الاول الطبعة الثانية مطبعة التعليم العالي بغداد 1986

7- Taylor   P.Economics  of  public  finance . re  EDU Indian Edition  1970

8- Shoub C.public Finance George  Weidenfeid and Nicolson Ltd . London 1970





















الفصل الثاني

تقسيمات النفقات العامة



المبحث الأول :- التقسيمات العلمية للنفقات العامة

المبحث الثاني :- التقسيمات العلمية للنفقات العامة

























فصل الثاني

تقسيمات النفقات العامة

تمهيد :-

         ادى تطوير دور الدولة المعاصرة التي تخلت عن سياستها الحيادية التقليدية ، واتبعت سياسة من شأنها التدخل للتأثير على جميع مظاهر الحياة الاجتماعية والاقتصادية والسياسية الى تعدد اوجه نشاطها بما يتطلبه من ازدياد حجم نفقاتها وتنوعها ولذلك اهتمت الدراسات الماليه الحديثة بتحليل طبيعة هذه  النفقات العامة وتقسيمها بحسب موضع كل منها وآثاره ، اضافة الى الاهتمام التقليدي بحجمها 0

ان النفقات العامة في مفهومها التقليدي كانت ذات طبيعة واحدة ، وذلك لوحدة اهدافها ، التي تتحدد في تسيير الجهاز الاداري للدولة ، الذي لم يكن له من عمل سوى تحقيق الوظائف الرئيسية للدولة ، وهي الدفاع والامن والعدالة وعدد محدود من الخدمات والمرافق العامة ، لذا كان تقسيم النفقات العامة يتم على اساس تحديد انصيب كل الوزارات والادارات العامة منها ، ورغم استمرار اهمية هذا التقسيم الاداري للنفقات العامة في مجال اعداد ميزانية الدولة ، فان سياسة التدخل التي تنتهجها الدولة الحديثة عن طريق نشاطها المالي ، وهو نشاط ذو طبيعة اقتصادية يشكل وبقية اوجه النشاط الاقتصادي وحدة متكاملة يؤثر عليها ويتأثر بها ، اضافة الى خضوعه لاساليب التحليل الاقتصادي قد أدت الى تقسيم النفقات العامة الى عدة تقسيمات ، الا انه يمكن تقسيم النفقات العامة الى مجموعتين رئيسيتين : الاولى  التقسيمات العلمية للنفقات العامة ، والمجموعة الثانية  ، التقسيمات العملية او الوضعية  للنفقات العامة ، وتضم التقسيمات العلمية للنفقات تقسيمات متعددة تختلف باختلاف الزاوية التي ينظر منها اليها وهي :

     – تقسيم النفقات العامة الى النفقات العادية والنفقات غير العادية

    – تقسيم النفقات العامة الى النفقات الفعلية والنفقات التحويلية

    – تقسيم النفقات العامة الى النفقات الانتاجية والنفقات غير الانتاجية

    – تقسيم النفقات العامة الى النفقات الادارية والنفقات التحويلية

ويمكن تقسيم النفقات العامة ضمن التقسيم العملي للنفقات الى عدة تقسيمات وهي :

     – التقسيمات الادارية للنفقات العامة  0

     – التقسيمات الوظيفية للنفقات العامة  0

     – التقسيمات الاقتصادية للنفقات العامة 0

المبحث الاول – التقسيمات العلمية للنفقات العامة

اولا” :- النفقات العادية والنفقات غير العادية :-

يقصد بالنفقات العادية ، هي النفقات التي تتكرر بأنتظام في كل فترة زمنية معينة  ، عادة ما تكون سنة ، أي انها دورية متجددة مثل رواتب الموظفين ، هذا يعني ان النفقات العادية تتحدد من خلال تكرارها السنوي وليس في مقدارها من  سنة



الى اخرى ، ويتم تمويل هذه النفقات بواسطة ميزانية عادية ، تبرر بايرادات عادية مثل الضرائب 0

اما النفقات غير العادية ، فهي النفقات التي لا تتكرر ولا تتجدد في كل سنة ، بل تحدث في فترات زمنية غير منتظمة ، مثل نفقات انشاء جسر ، او فتح شارع ، او نفقات الحروب وغيرها ، ويتم تمويل هذه النفقات بواسطة ميزانية غير عادية تبرر بايرادات غير عادية مثل القروض 0

ثانيا” :- النفقات الفعلية والنفقات التحويلية :-

يقصد بالنفقات الفعلية ، تلك النفقات التي تقوم بها الدولة وتحصل مقابلها على السلع والخدمات ، منها مرتبات واجور موظفي الدولة والنفقات اللازمة للقيام بالخدمات التعليمية والصحية او النفقات الخاصة بتوسع المشاريع الانتاجية القائمة او انشاء مشاريع ووحدات جديدة ، وهذا يعني ان النفقات الفعلية تساهم في زيادة الانتاج القومي بصورة مباشرة 0

وهذا يعني ان النفقات الفعلية ، هي التي تدفع لقاء مقابل سواء مقابل سلعة او خدمة ، وعندما تقوم الدولة بأنفاق اموال معينة ، مقابل حصولها على منتجات معينة ، يتمثل ذلك في زيادة طلبها على السلع والخدمات ، وهذه الزيادة من الطلب تحفز المنتجين على التوسع في الانتاج والذي يترتب عليه زيادة استخدام عناصر الانتاج ، ثم  زيادة دخول اصحاب هذه العناصر 0 ومايترتب عليه من زيادة من الانتاج القومي والدخل القومي ، ثم الرفاهية الاجتماعية 0

اما النفقات التحويلية ، فهي تلك النفقات التي تؤدي الى اعادة توزيع الدخل القومي من فئة  اجتماعية الى فئة اخرى ، او من قطاع الى اخر ، بهدف زيادة القوة الشرائية لبعض فئات المجتمع ( ذوي الدخول المنخفضة او المحدودة ) لتتمكن من الحصول على السلع والخدمات الضرورية لها ، وبهدف تشجيع بعض القطاعات على زيادة الانتاج وتحسين نوعيته والحد من ارتفاع الاسعار ، لاسيما اسعار السلع والخدمات الضرورية لمعظم فئات المجتمع ، وبدون ان تؤدي هذه النفقات الى استهلاك جانب من انتاج المجتمع من السلع والخدمات ، كما هو الحال بالنسبة للنفقات الفعلية ، وهذا يعني ان النفقات التحويلية هي نفقات تقوم بها الدولة بدون ان يكون لها مقابل ، بل تأخذ شكل نفقات دعم ( اعانات ) وهبات  ، وتبرر هذه النفقات بايرادات عادية مثل الضرائب ، وهي بذلك تساهم بصورة مباشرة هي زيادة الرفاهية الاجتماعية لافراد المجتمع ، وبصورة غير مباشرة في زيادة الانتاج القومي 0

فعندما يحدث تفاوت كبير في الدخول بين افراد المجتمع ، وترغب الدولة في تقليص حدته ، تستخدم في ذلك عدة وسائل اهمها الضرائب ، التي تؤخذ من ذوي الدخول المرتفعة ، وتوزع على ذوي الدخول المنخفضة وهي بذلك تعمل على تحسين احوال المعيشه لذوي الدخول المنخفضة ، وبالتالي زيادة رفاهيتهم  الاجتماعية ، وذلك لان مقدار المنفعة التي سينفقها دافعوا الضرائب من ذوي الدخول المرتفعه ، هي اقل من المنفعة التي يكتسبها المستفيدون من ذوي الدخول المنخفضة  ، ويمكن توضيح ذلك من خلال منحنى  المنفعة الحدية للنقود الواضح في الشكل (1) ، والذي يبين انه في أي مستوى للدخل ، فان الشخص يحصل على المنفعة الحدية نفسها ، التي يحصل عليها شخص اخر ، وعليه يكون بالامكان استخدام  هذا الشكل ليظهر اثر اعادة توزيع الدخل على القوة الشرائية ، وبالتالي على الرفاهية الاجتماعية ، ومن خلال استخدام الضرائب التصاعدية ( وهي الضرائب التي تزداد بزيادة الدخل ) فاذا ما فرضت ضريبة على ذوي الدخول المرتفعة مقدارها ( EH ) ، وان ( AD ) تمثل مقدار النفقات التحويلية ، التي اعطيت الى ذوي  الدخول المنخفضة على شكل رواتب للعاطلين والعاجزين ومكآفات للمتقاعدين وما في حكمها ، يلاحظ ان مقدار ( AD  ) اقل من مقدار ( EH ) لان عملية التحويل ترافقها نفقات ادارية او استعمالات غير تحويلية ، أي ان الدولة تحول للفقراء جزءا” من الدخول المتحصل  عليها من الاغنياء ، ولكن مع ذلك يتبين ان المساحة ( AD CB  ) او الزيادة في منفعة ذوي الدخول المنخفضة ، اكبر من المساحة ( EHGF  ) او المنفعة التي  يفقدها ذوو الدخول المرتفعة الذي يعني زيادة المنفعة الكلية ، أي زيادة رفاهية المجتمع 0























الشكل ( 1 ) توزيع الدخل القومي لصالح ذوي الدخول المنخفضة

المنفعة

الحدية

للنقود

(MU2)





B



C





F          G





(MU2)





الدخول النقدي   H         E                                     D     A









ومثلما  هناك من يرى ان لسياسة اعادة توزيع الدخل لصالح ذوي الدخول المنخفضة من رفاهية أكبر للمجتمع ، فان بعض الباحثين ، يرى العكس ، أي ان اجراءات اعادة توزيع الدخل لصالح ذوي الدخول المنخفضة تعيق عملية زيادة الانتاج ، ثم الرفاهية ، لانها تعمل على تخفيض الادخارات لدى اصحاب الدخول المرتفعة ، وما يترتب على ذلك من تقليل الحوافز لديهم على زيادة الاستثمار ثم الانتاج 0

وفي موضع الرد على اهمية التفاوت في توزيع الدخل ، يمكن القول ، ان القبول بالتفاوت كشرط ضروري لزيادة النمو الاقتصادي ، حالة يصعب تحقيقها في معظم الدول النامية ، لان تخفيض دخول ذوي الدخول المنخفضة ، قد يؤدي الى عدم تمكنهم من الحصول على الغذاء اللازم لصحتهم ، والى حدوث نقص في الخدمات الضرورية ( التعليم والصحة والسكن وغيرها ) وكلاهما يؤدي الى انخفاض الانتاجية التي لها تأثير مثبط في عملية النمو الاقتصادي 0

وحتى ذوي الدخول العالية في اغلب مجتمعات الدول النامية  ، قد عرفوا على نقيض من التجربة التاريخية للدول المتقدمة بميلهم الكبير للاستهلاك ، وقلة تلك المبالغ التي تخصص من دخولهم للادخار ، ثم الاستثمار الانتاجي ، حيث يلاحظ ان عددا” كبيرا” من ملاك الاراضي والتجار وفئات اخرى ، ينفقون جزءا” كبيرا” من دخولهم على السلع الكمالية المستوردة ، وعلى اقامة الحفلات والرحلات ، وايداع القسم الاخر من دخولهم لدى البنوك الاجنبية ،  وغيرها من المجالات التي ، لاتعود بالفائدة والخير لمجتمعاتهم ، لانها لاتضيف شيئا” للعملية الانتاجية في بلدانهم 0

     في ضوء ما تقدم يمكن ان نقسم النفقات التحويلية حسب مجالات استخدامها وطبيعة اهدافها الى الاتي :-

1- نفقات تحويلية اجتماعية :- تهدف الى تحسين الاحوال المعيشية لذوي الدخول المنخفضة في المجتمع ، كالمدفوعات التي تقدم الى العاطلين والعاجزين ومخصصات غلاء المعيشة ، وغيرها من المدفوعات كمدفوعات الاعانات التي تقدم الى اصحاب الاسر كبيرة العدد ، او لبعض المنتجين لتمكينهم من بيع منتجاتهم للمستهلكين باسعار منخفضة 0

2- نفقات تحويلية مالية :- ومنها رواتب التقاعد التي تقدمها الدولة لموظفيها بعد انتهاء خدمتهم ، والتي تزيد عن القدر الذي يمكن ان يصفي عليها طابع النفقات الحقيقية التي تقدمها الدولة  مقابل ما قدموه لها من خدمات 0

3- نفقات تحويلية اقتصادية :- تستهدف تحقيق نمو متوازن بين القطاعات المكونة للاقتصاد القومي ، ومنها الاعانات التي تمنحها الدولة لبعض المشروعات الانتاجية ، لتضمن لها تحقيق مستوى معين من الدخل ، او التي تمنحها الدولة لبعض منتجي السلع الضرورية ، للحد من ارتفاع مستوى اسعارها ، بحيث تعد هذه الاعانات المباشرة للمنتجين بمثابة اعانات غير مباشرة للمستهلكين ، كالاعانات التي تقدمها الدولة في العراق ، لمنتجي محصول الحنطة ، بهدف زيادة انتاجه ، ثم توفيره في الاسواق باسعار مناسبة ومستقرة ، ومنها ايضا” الاعانات الانشائية  التي تحصل عليها بعض المشروعات لاستكمال تجهيزها الراسمالي ، او التوسع فيه ، او استبدال ما دمر منها ، بسبب الكوارث  الطبيعية او الحروب ، وتتخذ  هذه الاعانات اما شكل مباشر ، تتمثل في مساعدة الدولة لهذه المشروعات في الحصول على مستلزمات انتاجها بدون مقابل ، او بشكل غير مباشر ، تتمثل في قيام الدولة بمساعدة هذه المشروعات في الحصول على قروض بشروط ميسرة ، من خلال دعم الحكومة  للمصارف ، ومن هذه الاعانات الاقتصادية ، إعانات  التصدير ، التي تمنحها الدولة بهدف تشجيع الصادرات المحلية ، وإعانات الاستيراد التي تمنحها الدولة بهدف تمكين المشاريع من استيراد بعض الأجهزة الضرورية لعملية الإنتاج 0

ثالثا” :- النفقات الانتاجية والنفقات غير الانتاجية :-

تعرف النفقات الانتاجية ، بانها تلك النفقات التي تؤدي الى انتاج السلع والخدمات ، والتي عند اضافتها الى السلع والخدمات المنتجة من قبل القطاع الخاص تحصل على الناتج المحلي ، وهذا يعني ان النفقات الانتاجية ، هي النفقات التي تساهم في زيادة الناتج المحلي للبلد 0

ومما لاشك فيه ، ان الدولة تميل الى انتاج العديد من السلع والخدمات الضرورية للمجتمع ، بصرف النظر من انها تأتي بايراد مالي مربح او لاتأتي به ، لان الدولة هدفها رفاهية المجتمع، أي أشباع حاجة عامة ،وبالتالي ، فانها تقدم هذه السلع والخدمات ، اما بدون مقابل او بمقابل رمزي ، لتضمن حصول جميع الافراد عليها ، فضلا” عن ان القطاع الخاص غالبا” مايبتعد عن انتاج مثل هذه السلع والخدمات، اما لان انتاجها غير مربح ، او لان انتاجها يتطلب موارد ماليه كبيرة ، يصعب على الافراد توفرها 0

اما النفقات غير الانتاجية  ، فهي تلك النفقات التي لاتستخدم في زيادة الانتاج المحلي من السلع والخدمات ، بل تستخدم في سبيل المحافظة على النظام العام في البلد 0

رابعا” :- النفقات الادارية والنفقات الرأسمالية :-

النفقات  الادارية ، هي النفقات اللازمة لسير الادارات العامة في الدولة ، سواء كانت هذه النفقات تقدم على شكل رواتب واجور ومكافأت الى الافراد العاملين في الادرات العامة مقابل خدماتهم التي يؤدونها الى هذه الادرات ، او تكون على شكل نفقات لشراء المهمات والمستلزمات المطلوبة لتمشية اعمال هذه الادارات ، او  على شكل اموال تدفعها الدولة الى بعض الهيئات المحلية ، نظير الخدمات التي تقدمها نيابة عنها ، وهذا يعني ان الدولة  بأنفاقها لهذه الاموال تنتظر من وراء  انفاقها هذا الحصول على خدمات ومنافع مباشرة ، لايمكن ان تستغني عنها الوحدات الادارية الحكومية 0

اما النفقات الراسمالية ، فهي تلك النفقات الاستثمارية التي تخصصها الدولة للحصول على المعدات الراسمالية اللازمة لزيادة الانتاج السلعي ( مشروعات انتاجية ) او لزيادة الخدمات العامة ( اقامة مشروعات الخدمات العامة كالمدارس والمستشفيات )

وهذا يعني ان النفقات الراسمالية تتميز بصفات معينة تميزها عن النفقات الادارية ، ذلك ان الدولة لاتهدف من وراء هذا الانفاق الى تحقيق نفع مباشر ، يفيد الجهاز الاداري للدولة ، بل تهدف من وراءه  زيادة معدلات النمو  الاقتصادي والتنمية الاقتصادية في البلد 0











المبحث الثاني :- التقسيمات العلمية للنفقات العامة :-

تقسم  العديد من الدول النفقات العامة على اسس وضعية ( عملية ) بدلا” من الاعتماد على الاسس العلمية ( الاقتصادية ) لتقسيم نفقاتها ،وذلك لاعتبارات تاريخية وادارية ووطنية ، ويمكن تقسيم النفقات العامة وفقا” للتقسيمات العملية الى ثلاثة تقسيمات وكما يأتي :-

اولا” :- التقسيمات الادارية للنفقات العامة :-

مع ان التقسيمات الادارية للنفقات العامة تعد من اقدم التقسيمات الوضعية ، فأنها ماتزال تحتل مكانة مهمة في مجال اعداد وتنفيذ الميزانية العامة للدولة ، اذ يجري توزيع النفقات العامة وفقا” لهذا التقسيم على اساس الجهة التي تقوم بالانفاق ، أي وفقا” للوحدات الادارية التي اعطيت حق التصرف في الاموال مثل الوزارات ، وقد كان عدد هذه الوزارات محدودا” في السابق ، وذلك لمحدودية  سلطات الدولة التي كانت تتركز في الدفاع الخارجي والامن الداخلي والعدالة اضافة الى ما تقدمه لبعض السلع والخدمات التي لا يرغب القطاع الخاص تقديمها لافراد المجتمع 0

ونظرا” لعدم توافق هذا التقسيم مع توسع وجبات الدولة وتعددها ، فقد ظهرت الحاجة الى تقسيم اخر يتناسبه مع وظائف الدولة المتعددة 0 وهو التقسيم الوظيفي الذي يكون أكثر تناسبا” مع تطور واجبات الدولة

ثانيا” :- التقسيمات الوظيفية للنفقات العامة :-

ترتبط التقسيمات الوظيفية للنفقات العامة بالمفاهيم الحديثة للمالية العامة ، حيث ان النفقات العامة من خلال هذا التقسيم لم تعد اداة لتمويل الجهاز الاداري للدولة  فحسب ، وانما كاداة لتنفيذ سياسات الدولة المختلفة في مجال السياسة والاقتصاد والاجتماع 000 الخ ، أي ان هناك اهدافا” متعددا” تسعى الدولة الى تحقيقها ، وبالتالي ، اصبح من الضروري ، ان يجري تقسيم النفقات العامة على اساس وظائف الدولة ، التي تضطلع بها ، وليس وفقا” للوحدات الادارية التي اعطيت حق التصرف في الاموال كالوزارات 0

وقد استخدمت هذا القسم لجنة هوفر (Hoover  ) في الولايات المتحدة ، ثم انتشر في كثير من الدول الاوربية ، وبناء عليه يتم تقسيم النفقات العامة وفقا” للوظائف الرئيسية في الدولة ويبلغ عددها ثماني وظائف هي :-

1- الادارة العامة والسلطات العامة

2- القضاء والامن

3- العلاقات الخارجية

4- الدفاع الوطني

5- التعليم والثقافه

6- النشاط الاجتماعي ( الصحة ، العمل ، 000 )

7- النشاط الاقتصادي ( الزراعة ، الصناعة ، التجارة ، 000 )

8- الاسكان







ثالثا” :- التقسيمات الاقتصادية للنفقات العامة :-

وهي تلك التقسيمات  التي يمكن ان تجري وفقا” لمهام مختلف دوائر الدولة ، مع الاهتمام بان توزيع هذه المهام حسب تدخل الدولة في الحقول الاقتصادية المختلفة كالصناعة والزراعة والتجارة 000 الخ ، الا انه من  الافضل ان يأخذ التقسيم الاقتصادي للنفقات العامة بعين الاعتبار الجوانب الاقتصادية والاجتماعية في الميزانية وكما يأتي :-

1- النفقات اللازمة لسير الادارة ومختلف المصالح الحكومية 0

2- نفقات التجهيز والانشاء 0

3- نفقات تحويلية 0























اسئلة الفصل

س1:- عرف المفاهيم الأتية

1-النفقات غير العادية

2- النفقات التحويلية

3- النفقات الادارية

4- النفقات الرأسمالية

5- النفقات غير الانتاجية

س2:- ميز بين المفاهيم الآتية :-

1- النفقات العادية والنفقات غير العادية

2- النفقات الفعلية والنفقات التحويلية

3- النفقات التحويلية الاجتماعية والنفقات التحويلية الاقتصادية

4- النفقات الانتاجية والنفقات غير الانتاجية

5- النفقات الادارية والنفقات الرأسمالية

س3:- وضح التقسيمات العلمية للنفقات العامة

س4:- بين كيف تم تقسيم النفقات العامة وفق التقسيم الوظيفي

س5:- أ- ماهي اهم الاعتبارات التي يأخذ بها القسم الاقتصادي للنفقات العامة

ب- علل الأتي :-

على الرغم من أهمية التقسيمات الادارية للنفقات العامة في مجال اعداد وتنفيذ الموازنة  العامة وفقد ظهرت الحاجة  إلى تقسيمات  اخرى للنفقات العامة 0







مصادر الفصل

1- د. رفعت المحجوب ، المالية العامة ، الكتاب الاول النفقات العامة دار النهضة العربية القاهرة 1971

2- د. عاطف صدقي المالية العامة دار النهضة العربية القاهرة 1969

3- د. عبد العال الصكبان مقدمة  في علم المالية العامة والمالية العامة في العراق الجزء الاول الطبعة الاولى مطبعة  العاني بغداد 1972

4- د. علي العربي ، د. عبد المعطي عساف ادارة المالية العامة بدون تاريخ

5- د. فاضل شاكر الواسطي اقتصاديات المالية العامة الطبعة الاولى مطبعة المعارف بغداد 1973

6- د. يونس احمد البطريق واخرون مبادئ المالية العامة مؤسسة شباب الجامعة للطباعة والنشر والتوزيع

7- د. يونس احمد البطريق المالية العامة مركز الكتب الثقافية بيروت 1984

8- د. نور الله نور الله محاضرات في المالية العامة وتشريعات الضرائب جامعة دمشق 1966

9- هاشم الجعفري مبادى المالية العامة والتشريع المالي بغداد 1961









الفصل الثالث

ظاهرة ازدياد النفقات العامة



المبحث الأول :- الأسباب الظاهرة لزيادة النفقات العامة

المبحث الثاني :- الأسباب الحقيقية لزيادة النفقات العامة

المبحث الثالث :- العوامل المحددة لحجم النفقات العامة





الفصل الثالث

ظاهرة ازدياد النفقات  العامة

تمهيد :-

أن ظاهرة ازدياد النفقات العامة ماهي ألا ظاهرة عامة ومستمرة في جميع الدول سواء أكانت متقدمة أم نامية وأيا كان نظامها السياسي والاقتصادي ، وقد يحدث سنة معينة أن لا تزداد النفقات العامة أو إنها تنخفض ، ولكن ذلك لا يخل بالظاهرة العامة وهي الاتجاه المستمر بزيادة النفقات العامة ويجب الإشارة إلى أن درجة الزيادة في النفقات العامة تختلف تبعا” للمكان والزمان ألا انه يمكن القول بصورة عامة أن درجة الزيادة كانت بطيئة حتى عام 1914 وبعد هذا التاريخ أخذت الزيادة في النفقات العامة بالأتساع 0

وان أول من لاحظ هذه الظاهرة ، أي ظاهرة ألا زيادة في النفقات العامة هو الاقتصاد الألماني فاجز في سنة 1892 ولهذا يطلق على هذه الظاهرة بقانون فاخر ، ويسمى هذا القانون بـ (( قانون الزيادة المستمرة للنشاط العام وبصورة خاصة نشاط الدولة )) 0

ويجب الإشارة إلى أن الأرقام المتزايدة العامة ولعدة سنوات ، قد لا تعكس الزيادة الحقيقية في النفقات ، أي انه قد يكون الازدياد الفعلي للنفقات العامة أقل مما تنبئ عنه هذه الأرقام ، وهذا  يعني أن هتاك عوامل عديدة قد تضيف على الزيادة الحقيقية في النفقات العامة زيادات جديدة تؤدي إلى تضخيم الظاهرة لذلك فانه من اجل الوقوف على حقيقة الزيادة في هذه الأرقام لأبد من أن نفرق بين الأسباب الظاهرية التي أدت إلى تضخم هذه النفقات وزيادتها غير حقيقية وتلك التي أدت إلى زيادتها زيادة حقيقية 0

المبحث الأول :- الأسباب الظاهرة لزيادة النفقات العامة

 يقصد بالزيادة الظاهرية في النفقات العامة تلك الزيادة التي لا يترتب عليها زيادة  في نصيب الفرد الواحد من الخدمات العامة التي تقدمها الدولة ويعزى معظم هذه الزيادة إلى أسباب ظاهرية من شأنها أن تزيد من حجم الأنفاق العام دون أن تؤدي إلى زيادة في المنفعة الحقيقية للخدمات العامة ويمكن تحديد أهم الأسباب التي تؤدي إلي زيادة هذه الظاهرة كما يأتي :-

أولاً :- انخفاض قيمة النقود :-

يقصد بانخفاض قيمة النقود هبوط القوة الشرائية للوحدة النقدية والذي يعود إلى ارتفاع المستوى العام للأسعار أي يجب أن يدفع عدد اكبر من الوحدات النقدية من اجل الحصول على نفس السلعة أو الخدمة التي كان بالإمكان الحصول عليها في السابق بعدد اقل من الوحدات النقدية ويشير الانخفاض في قيمة  النقود إلى أن الزيادة في النفقات العامة تكون ظاهرية في جزء منها وان هذا الجزء يتوقف على مدى هذا الانخفاض وهذا يعني أن الزيادة في النفقات العامة قد تعزى إلى ارتفاع الأسعار وليس إلى الزيادة في كمية السلع والخدمات التي وزعتها هذه النفقات 0





ثانياً :-  تغير القواعد المالية  :-

قد تعزى الزيادة في النفقات العامة إلى تغير القواعد الفنية في أعداد الميزانية العامة من دولة إلى أخرى أو من فترة إلى أخرى إذ قد يترتب على حدوث هذه التغيرات في القواعد الفنية إلى الانتقال من الميزانية الصافية ( والتي لا يدرج فيها المبالغ التي تنفقها الدولة بل يدرج فيها صافي الإيرادات ) إلى الميزانية الإجمالية والتي يدرج فيها كل المصروفات والإيرادات التي تقوم بها الدولة ويتضح من ذلك أن أتباع الميزانية الإجمالية من شأنه أن تؤدي إلى ارتفاع رقم المصروفات العامة ذلك الارتفاع الذي لاتقابلة في حالة اتباع الدولة الميزانية الصافية 0

كما أن طرق أعداد الميزانية قد لا تختلف من حيث الشكل فحسب وانما قد تختلف من حيث الجوهر والموضوع فقد تتناول الميزانية العامة مثلاً نفقات الدولة التي تنفقها في المشروعات الاقتصادية التي تم تأميمها وفي أحيان أخرى قد لا يظهر مثل هذا النوع من النفقات في الميزانية وذلك لأنها قد تدرج في ميزانية مستقلة فهذه المصروفات وغيرها يجب أن تأخذ بعين الاعتبار عند البحث في زيادة النفقات العامة 0

ثالثاً :- توسع مساحة إقليم الدولة أو زيادة عدد سكانها :-

تتطلب زيادة عدد السكان واتساع مساحة الإقليم التي تبسط الدولة عليه سلطتها الحكومية إلى زيادة في الأنفاق الحكومية عامة فيها فزيادة عدد أفراد المجتمع معناه إضافة أعباء جديدة على الدولة إذ عليها واجب توفير الأمن العام والعدالة وبناء المستشفيات والمدارس وما إلى ذلك من الحاجات العامة التي يحتاجها المجتمع 0

فزيادة النفقات العامة نتيجة لزيادة عدد السكان أو زيادة مساحة الإقليم  أو كلاهما لاتعد بمجموعها زيادة ظاهرية وذلك لأنها حصلت نتيجة لزيادة عدد السكان أو زيادة مساحة الإقليم أو كلاهما  وكذلك لاتعد زيادة حقيقية لأنها لا تؤدي إلى زيادة نصيب الفرد الواحد من الخدمات العامة رغم زيادة حجم الأنفاق مثل ذلك الزيادة التي حققتها أرقام الميزانية العامة للجمهورية العربية المتحدة بعد وحدة  مصر وسوريا فقد كانت في حقيقتها تجميع لميزانية كل من البلدين قبل وحدتهما 0

المبحث الثاني :- الأسباب الحقيقية لزيادة النفقات العامة

يقصد بالزيادة الحقيقية في حجم النفقات العامة زيادة المنفعة الحقيقية للمجتمع والناشئة عن هذه النفقات أو زيادة نصيب متوسط الفرد الواحد من الخدمات العامة وتشير الزيادة الحقيقية في النفقات

العامة إلى زيادة تدخل الدولة في الجانب الاقتصادي والاجتماعي والسياسي وغيرها من جوانب الحياة ويمكن أن نبين أهم الأسباب التي تؤدي إلى الزيادة الحقيقية في النفقات العامة وكما يأتي :-

أولاً :- الأسباب الاقتصادية :- وأهمها  :-

أ- نمو الدخل القومي :-

  تساعد الزيادة في معدلات الدخل القومي على زيادة النفقات العامة حيث أن زيادة العوائد التي يحصل عليها أصحاب عناصر الإنتاج والتي من مجموعها يتكون الدخل القومي تمكن الدولة من أن تحصل على نسبة معينة من هذه

العوائد ( الدخول ) عن طريق الضرائب والرسوم وغيرها لتتمكن الدولة من خلالها من مقابلة نفقاتها المتزايدة أي ان هناك علاقة طردية بين الدخل القومي  والنفقات العامة 0

ب- انتشار المشروعات العامة :-

أن تدخل الدولة في الحياة الاقتصادية اخذ بالتزايد في معظم الدول سواء كان عن طريق توسع المشروعات القائمة أو من خلال إنشاء  مشروعات جديدة لاسباب  متعددة منها المساهمة في زيادة المعروض من السلع والخدمات الضرورية للمجتمع والتي يحتكر القطاع الخاص إنتاجها أو التي

لا يرغب في إنتاجها بسبب عدم تحقيقها للأرباح أو بسبب أن إنتاجها يحتاج إلى موارد مالية كبيرة بتعذر على القطاع الخاص توفيرها وعلى اثر ذلك تتزايد النفقات العامة 0

جـ- دعم الدولة للمنتجين والمصدرين المحليين :-

 تقدم  الدولة إعانات متعددة مالية وغير مالية تشجع من خلالها المنتجين على الاستمرار في إنتاج السلع الضرورية وعرضها في السوق بأسعار مناسبة وكذلك تزيد من قدرة منتجات المصدرين  الوطنيين  على المنافسة في الأسواق العالمية 0

د- حدوث الدورات الاقتصادية :-

تعمل الدولة على زيادة نفقاتها العامة في فترتي الكساد والازدهار ففي فترة الكساد عليها أن تعمل جاهدة على زيادة الطلب الفعال من خلال تشغيل اكبر عدد ممكن من القوى العاملة في المشاريع الخدمية والإنتاجية مقابل أجور معينة توزع على هؤلاء العاملين الذين سيقومون بأنفاقها على السلع والخدمات لأسباع حاجاتهم منها والذي يعني زيادة الطلب الفعال ومع استمرار زيادة الاستخدام ثم زيادة الدخول الموزعة لاسيما وانهم من ذوي الدخول المحددة ويتميزون بارتفاع الميل الحدي للاستهلاك والذي يترتب عليه زيادة اكثر في الطلب الفعال 0 مما يؤدي إلى امتصاص المعروض من السلع والخدمات في الأسواق من ناحية والى تحفيز المشاريع على التوسع في إنتاجها من ناحية أخرى ، وبالتالي زيادة معدلات النمو الاقتصادي 0 أما فترة الازدهار فان قيام الدولة بإنشاء المشاريع وتوسيع القائم منها يرافقها تطبيق سياسات مالية ونقدية ( كزيادة الضرائب والتوسع في القروض العامة ) للحد من ارتفاع معدلات التضخم التي تساير عملية زيادة الأنفاق الحكومي 0

ثانياً :-  الأسباب الاجتماعية : ومن أهم هذه الأسباب :-

أ- زيادة عدد السكان والهجرة إلى المدن :-

أن زيادة عدد السكان وزيادة معدلات هجرتهم من الريف إلى المدن والى المراكز الصناعية تؤدي حتما” إلى زيادة الإنفاق الحكومي نتيجة لقيام الدولة برعاية شؤون عدد أكبر من الأفراد خاصة في تلك المناطق التي يرتفع فيها معدل زيادتهم كما أن زيادة نسبة سكان المدن عن طريق نمو سكانها والهجرة أليها من المناطق الريفية يتطلب ارتفاع نسبة النفقات العامة المخصصة للمدن مقارنة بما يخصص من نفقات إلى المناطق الريفية وذلك لما تتطلبه عملية اتساع حجم المدن من ناحية وطبيعة الحياة فيها من ناحية أخرى من ارتفاع تكاليف أداء الخدمات العامة إضافة إلى ماتحتاجة الحياة الحضرية من خدمات إضافية لا تحتاجها  الحياة الريفية ولعل الدليل على ذلك أن زيادة عدد سكان مدينة معينة واتساع حجمها يؤدي إلى ارتفاع نصيب الفرد الواحد من سكانها من النفقات العامة 0



ب- تطور الوعي الاجتماعي :-

أن تطور الدولة من مرحلة الدولة الحارسة إلى مرحلة الدولة المتدخلة ثم الدولة المنتجة قد انعكس على جميع جوانب نشاطاتها لاسيما الجانب الاجتماعي ومنه الوعي الاجتماعي حيث اصبح من واجبات الدولة رفع مستوى المعيشة للفئات ذات الدخول المحددة بصورة خاصة وبقية فئات المجتمع بصورة عامة وذلك من خلال التوسع في تقديم الخدمات العامة وبصورة خاصة التعليم والصحة والنقل والمواصلات 00 الخ كما أصبحت الدولة مسؤولة عن تقديم الإعانات النقدية لمواجهة حالات المرض والعجز والشيخوخة والبطالة إضافة إلى ذلك فان الدولة كثيرا” ما تلجأ إلى تقديم إعانات إلى بعض المنتجين لاسيما منتجي السلع الأساسية وذلك بهدف تخفيض أسعارها وتمكن الطبقات الفقيرة من الحصول عليها 0

ثالثاً :-  الأسباب السياسية  :-

تتأثر النفقات العامة بطبيعة الحكم السائد وأفكاره السياسية التي يعتنقها فالحكم الذي يتحدد بحدود إقليمية  تكون انفاقاته اقل من الحكم الذي يتعدى حدود إقليمية إلى رحاب القومية الواسعة ويساهم في مساعدة الأقطار الشقيقة النامية كما أن الدولة التي تحمل رسالة إنسانية وتساهم في حركات  التحرر تكون انفقاتها العامة أوسع مقارنة بغيرها من الدول التي لاتتبنى هذه المواقف 0

كما أن انتشار المبادئ والنظم الديمقراطية ونمو مسؤولية والاهتمام بالفئات الاجتماعية ذات الدخول المنخفضة ومحاولة تقديم الخدمات الضرورية لها إضافة إلى أن نظام تعدد الأحزاب السياسية قد يدفع الدولة إلى زيادة المشروعات الاجتماعية لكسب رضا الناخبين  الذي ترتب عليه زيادة في النفقات العامة كذلك فان للتعاون الدولي ومساهمة الدولة في المنظمات الدولية والإقليمية واتساع رقعة التمثيل الخارجي تكلف الميزانية الكثير من النفقات 0

رابعاً :- الأسباب الإدارية  :-

لقد تمخض عن تطور دور الدولة وزيادة تدخلها في الحياة الاقتصادية والاجتماعية زيادة عدد المؤسسات والإدارات والمرافق العامة ثم زيادة عدد الموظفين والعاملين وارتفاع تكاليف تسييرها ومن ثم زيادة النفقات العامة غير أن زيادة عدد الموظفين عن الحد الذي تحتاج أليه الإدارات وسوء التنظيم الإداري وانعدام التعاون والتنسيق في العمل بين الإدارات إضافة إلى الروتين المعقد تساهم كثيرا” في زيادة النفقات العامة 0

خامساً :- الأسباب المالية   :-

تميز العصر الحديث بسهولة الاقتراض حيث لم يتحدد القرض العام بمفهومة السابق من انه مصدرا” غير اعتياديا” تلجأ أليه الدولة في الظروف غير الطبيعية لزيادة إيراداتها العامة وقد تفرض على الدولة المقترضة شروطا” غير ميسرة من قبل المؤسسات المقرضة مما يؤدي إلى زيادة عبء خدمة الدين (سداد اصل الدين والفوائد المترتبة عليه ) نتيجة لهذا الاقتراض 0

وقد تضاءلت هذه القيود نتيجة للجوء الدولة إلى إصدار سندات ذات أجال وفئات مختلفة وتشجع الأفراد على شراءها من خلال المزايا التي ترافق عملية طرح السندات كالإعفاء من الفوائد والضرائب وغيرها من المحفزات وقد تلجأ الدولة إلى القرض الإجباري إذا اصبح  القرض الاختياري لا يلبي احتياجاتها من الأموال اللازمة لتغطية النفقات المتزايدة كما أن اللجوء إلى القرض العام قد أدى إلى زيادة خدمة الدين ومن بعد إلى زيادة النفقات العامة كما أن وجود فائض في الإيرادات العامة أو مال احتياطي غير مخصص قد يغري الدولة بانفاقة في وجوه غير ضرورية مما يزيد من النفقات العامة 0

سادساً :- الأسباب القانونية   :-

أن تطور المبادئ القانونية وتقرير مسؤولية الدولة أمام القضاء نتيجة لما يلحق الأفراد من أضرار من قبل دوائر الدولة وموظفيها سواء أكان بتعمد أو نتيجة خطأ أو إهمال أو نتيجة القيام بمشروع مثل إنشاء جسر تسبب في تصدع جدران الدور القريبة من قواعده الجانبية نتيجة لدق ركائزه ، بل حتى لو اقتضت المصلحة العامة باستملاك بعض الأراضي والدور للصالح العام ، فعلى الدولة تعويض أصحابها بما يناسب القيمة وقت الاستملاك وغالبا” ما تكون الدولة كريمة في التقدير لتشجيع أصحاب هذه الأراضي والدور على الانتقال إلى أماكن جديدة وإنشاء دور حديثة لهم إضافة إلى بعض التعويضات التي تغريهم بالانتقال إلى هذه الدور كل ذلك يساهم في زيادة النفقات العامة 0

سابعاً :- نفقات الدفاع والكوارث الطبيعية   :-

أن قيام المنازعات بين الدول والأطماع الدولية من قبل بعضها ضد بعض أخر يجعل الدولة في استعداد دائم للدفاع عن نفسها من خلال تدريب مواطنيها وحصولها على الأسلحة الحديثة والذي يعني زيادة النفقات العامة كما إن حدوث النكبات والكوارث الطبيعية في البلد كالزلزال والفيضانات يلزم الدولة بإزالتها وذلك بتقديم المعونات والمساعدات للمتضررين وتعويضهم واعادة بناء ما خلفته تلك الكوارث والنكبات 0

المبحث الثالث :- العوامل المحددة لحجم النفقات العامة

لم تكتفي النظرية المالية التقليدية بالربط بين الدخل القومي وبين حجم النفقات العامة وانما سارت إلى ابعد من ذلك عندما حدد بعض كتابها نسبة الأنفاق العام من الدخل القومي فاقترح بعضهم أن تكون النسبة 15% وحددها آخرون بـ 16% وان الحد الأقصى لنسبة الأنفاق العام من الدخل القومي والتي يجب أن لا تتعداه هي 25% وان السبب الذي جعل النظرية المالية التقليدية تحدد هذه النسبة الضئيلة من الدخل القومي للأنفاق العام هي لأنها افترضت أن الأنفاق العام ذو طبيعة استهلاكية وبالتالي يجب أن تحدده في أضيق الحدود وعند افتراضها لحيادية النفقات العامة لم ترى حاجة للبحث في أنواعها وأثارها المختلفة لذا عمل التقليديون على تحديد الحجم الكلي للأنفاق العام واهملوا حجمة ونوعه  وحجم كل نوع 0ومع أن هناك صلة قائمة بين حجم النفقات العامة والدخل القومي ألا أن هذه تهمل طبيعة النفقات العامة وكيف أن مقدارها يختلف باختلاف كل من  الغرض منها وباختلاف أثارها والظروف الاجتماعية والاقتصادية في الدول فمثلاً الأنفاق العام على مشاريع التنمية الاقتصادية ينبغي أن تكون كبيراً في حين أن الأنفاق على نشاطات أخرى اقل أهمية يفترض أن يكون صغيراً ولهذا فان المسألة تختلف باختلاف ظروف الزمان والمكان 0

وفي ضوء ما تقدم يمكن تحديد عدة عوامل تحدد حجم الأنفاق العام وهذه العوامل هي دور الدولة والإيرادات العام وحالة النشاط الاقتصادي 0



أولاً :-  دور الدولة :-

لقد تم التطرق من قبل إلى أن الدولة تقوم بإشباع الحاجات العامة عن طريق الأنفاق عليها وان الحاجات العامة تنمو باستمرار مع توسع وظائف الدولة ولهذا فان دور الدولة يعد عاملا” محددا” لمقدار النفقات العامة حيث أن الأنفاق لا يتقرر ألا عند إشباع حاجة عامة أي عند تدخل الدولة ومن ثم فكلما كان دور الدولة كبيرا” كلما كان حجم الأنفاق كبيرا” أيضا” والعكس صحيح 0

لذلك يلاحظ أن حجم النفقات العامة كان صغيرا” خلال فترة الدولة الحارسة واتسع اكثر حجم النفقات العامة في فترة الدولة المتدخلة والدولة المنتجة فلم يكن الأنفاق العام مهما” في ظل المفهوم التقليدي لدور الدولة  ذلك لان النشاط الاقتصادي المربح كان من اختصاص القطاع الخاص إما الدولة فتقوم بحراسة المجتمع من الاعتداء الخارجي وتوفير الأمن الدخلي والقضاء إضافة إلى بعض المشاريع العامة التي لا يقترب منها القطاع الخاص مثل شق الطرق العامة واقامة الجسور والسدود وبناء المستشفيات والمدارس ومافي حكمها 0

أما في فترة الدولة المتدخلة والدولة المنتجة فان حجم النفقات العامة اخذ بالزيادة مع اتساع دور الدولة في هذه الفترة وقد اشتركت عدة عوامل في زيادة تدخل الدولة ثم زيادة نفقاتها العامة فتدخلت الدولة في الحياة الاقتصادية من اجل إعادة أعمار ما دمرته الحرب العالمية الأولى ولمعالجة الأزمة الاقتصادية في عام 1929 عن طريق التوسع في الاستخدام وزيادة الدخول الموزعة لزيادة الطلب الفعال وتدخلت الدولة في الحياة الاجتماعية لمكافحة البطالة والجهل والمرض من خلال التوسع في إقامة المشاريع العامة كبناء المدارس والمستشفيات وكذلك تدخلت الدول في الحياة السياسية عن طريق انتشار المبادئ والنظم الديمقراطية والعلاقات الخارجية ونمو مسؤولية الدولة إضافة إلى تحول الدول الى الاشتراكية  وما يرافقها من زيادة في حجم النفقات العامة نتيجة لاتساع النشاط العام 0

 ثانياً :-  الإيرادات العامة  :-

يتأثر حجم النفقات العامة  والزيادة فيها بمقدار الإيرادات العامة ونسبة الزيادة فيها إذ انه لايمكن للدولة أن تنفق امولاً تفوق الأموال التي تحصل عليها وذلك لان سلطاتها في الحصول على الإيرادات العامة محدودة 0

وقد تطور مفهوم الإيرادات العامة مع تطور المالية العامة ففي فترة الدولة الحارسة نجد أن الدولة لا تلجأ إلى تحصيل الإيرادات من الأفراد ألا لغرض تمويل نفقاتها وان هذه الإيرادات التي تم تجميعها يجب أن لاتزيد عما يلزم لتمويل النفقات العامة أي يجب أن تكون الميزانية العامة متوازنة بمعنى آت تغطي النفقات العامة عن طريق الإيرادات العادية أي عدم الالتجاء إلى القروض العامة وهذا يترتب عليه أن يتم إقرار النفقات العامة في الميزانية قبل الإيرادات العامة حتى لا يتحقق فائض في الإيرادات الذي كان من الممكن للقطاع الخاص الاستفادة منه أن هذا الوضع كان مقبولاً في ظل المفهوم التقليدي لدور الدولة ألا أن الأحداث التي وقعت في العقود الأخيرة من القرن التاسع عشر وبداية القرن العشرين وأزمة 1929 أوضحت عدم أما كنية الاستمرار في تطبيق مفهوم المالية العامة الذي جاءت به المدرسة التقليدية والذي يقضي بوجوب تحقيق التوازن في الميزانية العامة للدولة وعلى اثر ذلك توسعت النفقات العامة من  ناحية وتم  اللجوء إلى القروض العامة لتمويل بعض النفقات من ناحية أخرى واصبح توازن الميزانية ليس أمرا مهماً بقدر أهمية التوازن الاقتصادي 0



ثالثاً  :-  حالة النشاط الاقتصادي  :-

تعد حالة النشاط الاقتصادي محدداً مهما” لحجم النفقات العامة فإذا كانت حالة الاقتصاد تعاني من ظاهرة الارتفاع المستمر في مستويات الأسعار ( ارتفاع معدلات التضخم ) فان العلاج لذلك يقتضي تخفيض حجم النفقات العامة ألان تخفيضها يؤدي إلى تقليل الطلب الفعال على السلع والخدمات وهذا يعني أن النفقات العامة تعد إحدى مكونات الطلب الكلي الفعال 0

وإذا كان الاقتصاد يعاني من حالة الركود أي أن العرض الكلي من السلع والخدمات يفوق كثيرا” الطلب الكلي عليها فان علاج ذلك يكون في زيادة حجم النفقات العامة لان زيادتها تؤدي إلى زيادة الدخول الموزعة والذي يقود إلى زيادة الطلب الكلي الفعال لمقابلة الزيادة في المعروض من السلع والخدمات 0























أسئلة الفصل

س1 :- عرف ظاهرة ازدياد النفقات العامة ، ثم ميز بين الزيادة الظاهرية في النفقات العامة والزيادة  الحقيقة في النفقات العامة 0

س2:- ماهي أهم الأسباب الظاهرية لزيادة النفقات العامة

س3:- بين الأسباب الاقتصادية التي تؤدي الى الزيادة الحقيقية في النفقات العامة س4:- تلكم عن الأسباب الاجتماعية  والأسباب السياسية للزيادة الحقيقية في النفقات العامة

س5:- وضح كيف يؤدي تطور الجوانب الاتيه إلى أحداث زيادة حقيقية في النفقات العامة

الجانب الإداري
الجانب المالي
الجانب القانوني
س6 :- ماهي أهم  العوامل المحددة لحجم الأنفاق العام  مع الشرح













مصادر الفصل

د. حسن عواضة ، المالية العامة ، دار النهضة العربية بيروت ، 1973
د. رياض الشيخ ، المالية العامة دار النهضة العربية القاهرة 1969
د. رفعت المحجوب ، المالية العامة ، دار النهضة العربية القاهرة 1971
د. عاطف صدقي مبادئ المالية ، مكتبة وهبة القاهرة 1964
د. عادل احمد حشيش ، اقتصاديات المالية العامة مؤسسة الثقافة الجامعية ، الإسكندرية 1983
د. عبد الجواد نايف ، اقتصاديات المالية العامة مطبعة الجامعة بغداد 1983
د. علي لطفي ، اقتصاديات المالية العامة ، القاهرة 1983
د. علي العربي ، د. عبد المعطي عساف ، إدارة المالية العامة بدون تاريخ
د. محمود فؤاد إبراهيم ، مبادئ  علم المالية العامة ، مكتبه النهضة المصرية ، القاهرة ، بدون  تاريخ 0




















الفصل الرابع

الآثار الاقتصادية للنفقات  العامة

المبحث الأول : اثر النفقات العامة  في الناتج القومي وعناصره

المبحث الثاني :-  اثر النفقات العامة  في الاستهلاك القومي

المبحث الثالث :- اثر النفقات العامة في إعادة توزيع الدخل القومي













الفصل  الرابع

الآثار الاقتصادية للنفقات العامة

تمهيد :-

تمثل النفقات  العامة في معظم الدول المعاصرة نسبة لا يستهان بها من الدخل القومي وعليه فان تأثيرها يصبح كبيرا” على سير الحياة الاقتصادية والاجتماعية والسياسية لهذه الدول – ولقد انتبهت معظم الحكومات إلى قوة مثل هذا التأثير فصارت تستعمل النفقات العامة كأداة للسيطرة على الاقتصاد القومي وتوجيهه بما يلي حاجات المجتمع على المديين  القريب والبعيد وبما يحقق أكبر منفعة ممكنة لجمهور المواطنين وسيتم استعراض الآثار المختلفة للنفقات العامة في الإنتاج والاستهلاك وتوزيع الدخل

المبحث الأول :- اثر النفقات العامة في الناتج القومي وعناصره :-

تؤثر النفقات العامة في الناتج القومي عن طريق تأثيرها في حجم الطلب الكلي الفعال وذلك لان النفقات التي تقوم بها الدولة تشكل جزءا” مهما” من هذا الطلب وتتوقف علاقة النفقات العامة بحجم الطلب الكلي وأثرها عليه  أي مقدار النفقات العامة ونوعها من ناحية ، وعلى درجة مرونة الجهاز الإنتاجي وقدرته على التوسع في إنتاج السلع والخدمات وعلى درجة التنمية الاقتصادية والاجتماعية المتحققة في البلد  من ناحية أخرى    ومن أجل الوقوف على أثر النفقات العامة في الناتج القومي لأبد من دراسة أثر الأنواع الرئيسة لتلك النفقات في الناتج القومي وكما يأتي :-

أولا ً :-  أثر النفقات الاجتماعية في الناتج القومي   :-

تأخذ هذه النفقات شكل نفقات تحويلية سواء كانت نقدية أم عينية بصورة سلع وخدمات ، وفي كلتا الحالتين فأنها تؤثر في إنتاج القومي ، فالنفقات التحويلية النقدية تتمثل في نقل جزء من القوة الشرائية من فئات ذوي الدخول المرتفعة إلى فئات ذوي الدخول المنخفضة في صورة إعانات البطالة ومساعدات الضمان الاجتماعي وغيرها وبما أن الميل الحدي للاستهلاك للطبقات الفقيرة مرتفعاً ، فان زيادة دخول هؤلاء الأفراد سيؤدي إلى زيادة الطلب لاسيما على السلع الأساسية التي لم يتحقق الأسباع منها وهذا يؤدي إلى تحفيز الإنتاج وزيادته

كما أن الدولة عندما تقوم التحويلات النقدية لهذه الطبقات الفقيرة لا تطمح من ذلك تحسين أحوالها المعيشية فحسب وانما لكي تتجنب بهذه التحويلات الهزات الاجتماعية الناشئة من زيادة عدد العاطلين وانخفاض الدخول 0

أما عندما تأخذ النفقات الاجتماعية طابعاً عينياً ( التحويلات العينية ) كالخدمات الطبية والإسكانية والتعليم المجاني فان الفائدة منها قد تكون أكبر مقارنة الحويلات النقدية ، التي توجه معظمها لأغراض استهلاكية وعليه فالنفقات الاجتماعية بصورها المختلفة تزيد من كفاءة الأفراد من ذوي الدخول المحدودة وقدراتهم الذهنية والجسمانية وتؤمنهم من مخاطر المستقبل ، ومن بعد تزيد من قدرتهم على العمل والإنتاج ومن ثم تساهم في زيادة الناتج القومي وهذا كله مرتبط بمقدار النفقات العامة ونوعها 0



ثانياً :- أثر النفقات الاقتصادية في الناتج القومي   :-

وتتمثل هذه النفقات في قيام الدولة بأنفاق جزء من امواها لأنتاج السلع والخدمات الضرورية للمجتمع ، أو بتنفيذ هذه النفقات في صورة إعانات اقتصادية إلى بعض المشروعات الخاصة لتحقيق هدف اقتصادي معين كالحد من أثر ارتفاع أسعار بعض السلع بقصد تمكين الأفراد من ذوي الدخول المنخفضة من الحصول على هذه السلع بأسعار مناسبة ، اوبقصد تعويض هذه المشاريع عما تفرضه عليها الدولة من التزامات لتأمين نشاطها الذي تقوم به لان نشاطها يتعلق بخدمة عامة يحتاجها المجتمع ، كما أن بعض الإعانات تستخدم لمساعدة مشروعات معينة على تجهيز نفسها من الآلات والمعدات اللازمة لاستمرار  نشاطها الإنتاجي 0

وآيا كان نوع الإعانة فقد تعطي للمشروعات العامة أو المشروعات الخاصة وقد يستفيد بعض المنتجين مباشرة منها ، وبعض المستهلكين كما أن الإعانات قد تعطي في صورة مباشرة كنقود أو غيرها وقد تقر في صورة غير مباشرة كإعفاءات من الضرائب مثلاً ، فأن من شأنها أن تساهم في زيادة إنتاج السلع والخدمات ثم عرضها في السوق بأسعار مناسبة وهذا يؤدي الى زيادة الناتج القومي ورفع الكفاءة الإنتاجية للاقتصاد القومي ، كما أن الإعانات التي تقدم لتشجيع عملية التصدير مثلاً تعمل على تحسين الميزان التجاري وتنشط الاقتصاد بوجه عام إذ تؤدي هذه الإعانات إلى جذب رؤوس أموال أخرى ومنتجين آخرين للدخول في سوق إنتاج التصدير وهذا يعود بالفائدة على الاقتصاد القومي نتيجة للحصول على العملات الأجنبية التي يمكن أن يستخدم جزء منها لاستيراد الآلات والمعدات اللازمة لنمو مشروعات معينة والذي يساهم في تقوية الاقتصاد وزيادة ناتجة القومي 0

ثالثاً :-  أثر النفقات العسكرية في الناتج القومي  :-

مع أهمية النفقات العسكرية التي تعد لازمة في توفير المناخ الملائم لعملية الإنتاج واستمرارها فأنها تشكل عبئاً كبيراً على الموازنة العامة في عديد من الدول مما يحتم على الدولة أن تكون حذرة قدر الإمكان تجاه ما تسببه نفقاتها العسكرية من أثار اقتصادية بحيث تستفيد من الجوانب الإيجابية فيها وتقلص حجم الآثار السلبية منها 0لقد اعتبر الفكر المالي التقليدي النفقات العسكرية ضمن النفقات الاستهلاكية في حين يميل الفكر المالي الحديث إلى التمييز بين أنواع هذه النفقات حيث يرى أن هناك ما يعتبر نافعاً واخر ضاراً بحسب ظروف الدولة التي فيها الأنفاق العسكري وبوجه عام  فأنه يميز بين نوعين من الآثار التي تصيب الناتج القومي من جراء هذا الأنفاق هما الآثار السلبية والآثار الإيجابية 0

ففي ما يتعلق بالآثار السلبية للنفقات العسكرية في الناتج القومي والتي تحدث عندما تقوم الدولة بتحويل عناصر الإنتاج والموارد ( القوة العاملة والكوادر الفنية والإدارية والمواد الإدارية والآلات والمعدات والأجهزة والأراضي والمباني وغيرها ) من الاستخدامات التي تسمح بإشباع الحاجات المدنية للمجتمع إلى العمليات العسكرية ، الذي يؤدي إلى ارتفاع أسعار هذه العناصر والموارد والى تقليل حجم الإنتاج المدني ومن ثم انخفاض الناتج القومي ، كما تؤثر النفقات العسكرية على توازن ميزان المدفوعات من جراء صرف العملات الأجنبية لأغراض التسليح ألا أن هذه النفقات مفيدة إذا استخدمت في إنشاء صناعات حربية في الداخل حيث تعمل في هذه الحالة على زيادة الدخل القومي 0 أما الآثار الإيجابية للنفقات العسكرية في الناتج القومي فهي تحدث عندما تقوم الدولة بتوفير الحماية الخارجية والأمن الداخلي والعدالة التي تعد ضرورية لاستتباب  الأمن وبعث الطمأنينة في نفوس المجتمع وفي نفوس أصحاب المشاريع لممارسة نشاطهم وكذلك بالنسبة للأيدي العاملة والخبرات المتنوعة الوطنية ومنها والأجنبية كما أن النفقات العسكرية قد تساهم في إنشاء صناعات معينة تستفيد منها المجالات الحربية والمدنية سواء بسواء أقامة منشأة حيوية مثل المطارات والمؤني والطرق والجسور والسدود والمخازن وما في حكمها ، التي يستفيد منها الاقتصاد القومي في الإنتاج المدني خلال فترة الحرب وبعدها كذلك قد يتولد عن النفقات العسكرية في كثير من المجالات تقدم علمي في فنون الإنتاج المختلفة  حيث تخصص نسبة كبيرة منها للبحوث العلمية التي تعود بالنفع للاقتصاد ككل

رابعاً  :- أثر النفقات العامة على تحويل عناصر الإنتاج  :-

تتمكن الدولة من خلال نفقاتها العامة أن تؤثر في نقل بعض عناصر الإنتاج من نشاط إلى أخر أو من منطقة إلى أخرى وكما يأتي :-

1- نقل بعض عناصر الإنتاج من نشاط إلى آخر :-

تستطيع الدولة بواسطة النفقات العامة أن توجه الإنتاج في الاتجاه الذي تتحقق فيه مصلحة المجتمع في مجموعة فإذا رأت الدولة أن من مصلحة المجتمع التوسع في إنتاج المنسوجات الشعبية مثلاً والعمل على تقليل إنتاج المنسوجات الحريرية فسيتم ذلك عن طريق منح إعانات مالية للمشاريع التي تقوم بإنتاج المنسوجات الشعبية وفرض ضرائب على إنتاج المنسوجات الحريرية وبذلك تتجه بعض عناصر الإنتاج إلى النشاط الذي شملته الدولة برعايتها وذلك بانتقالها من صناعة المنسوجات الحريرية إلى صناعة المنسوجات الشعبية نظرا” لضمان الربح فيها 0

2-نقل بعض عناصر الإنتاج من منطقة إلى أخرى :-

تستطيع الدولة أن تعمل على انتقال بعض عناصر الإنتاج من مكان إلى أخر وذلك عن طريق زيادة حجم النفقات العامة المخصصة لخدمات التعليم  والصحة والمشروعات العمرانية في المناطق الفقيرة أو المناطق النائية فيؤدي ذلك إلى زيادة كفاءة سكان هذه المناطق وبالتالي تزداد مقدرتهم على العمل وعلى الادخار فتصبح هذه المناطق قادرة على اجتذاب عناصر الإنتاج أليها وذلك بأغراء أصحاب رؤوس الأموال باستثمار أموالهم في هذه المناطق لتوفر إمكانات الربح فيها 0

المبحث الثاني : اثر النفقات في الاستهلاك القومي :-

أن التوسع في النفقات العامة  تؤدي عادة إلى تحسن مستوى دخول الأفراد العاملين ومن ثم زيادة مقدرتهم على الادخار وعلى شراء السلع الاستهلاكية والخدمات مما يشجع المنتجين على إنتاج مزيد من السلع وتقديم المزيد من الخدمات وهكذا يؤدي الأنفاق الأولي الذي باشرته الدولة إلى ظهور سلسة من الحلقات المتتالية من الأنفاق تفوق في مجموعها المبالغ التي قامت الدولة بأنفاقها  في بداية الأمر  أي انه عندما تخصص الدولة جزءا” من نفقات العامة بصورة أجور ورواتب للعمال والموظفين الذين تم تشغيلهم فان جزءا” من هذه الدخول التي حصل عليها هؤلاء العمال والموظفين تتجه نحو إشباع الحاجات الاستهلاكية الخاصة أي تؤدي إلى زيادة الطلب وهذا سيحفز على التوسع في الإنتاج والى تشغيل عمال اكثر وهذا يؤدي إلى زيادة توزيع الدخول التي ستنفق جزءا” منها على السلع والخدمات النهائية والذي يقود إلى توسع اكبر في الإنتاج والتشغيل ويؤدي هذا التوسع في الإنتاج والتشغيل إلى توزيع دخول جديدية أخرى يستعمل جزء منها في زيادة الطلب على السلع والخدمات النهائية أيضا” وهكذا وفي كل مرة يتزايد الناتج القومي ويستخدم عمال جدد اكثر ويتجه الناتج نحو مستوى التشغيل الكامل ويسمى هذا بالمضاعف الذي هو عبارة عن معالم عددي يبين مقدار الزيادة في الدخل القومي ( الناتج القومي الإجمالي )نتيجة للزيادة في الأنفاق الاستثماري فمثلا” لو ازداد الدخل القومي بمقدار (400  ) دينار نتيجة لزيادة الأنفاق الاستثماري أو الإنتاج بمقدار (100 ) دينار فان المضاعف سيكون (4  ) أي أن :-

K  =    Y   =   400   =  4

                    I         100

حيث أن (K ) ترمز إلى المضاعف الاستثماري و (     Y ) ترمز للزيادة في الدخل القومي (I   ) ترمز للزيادة في الأنفاق الاستثماري ، وان الأساس في العلاقة بين الدخل والاستثمار تأتي من خلال الزيادة في الأنفاق الاستهلاكي التي تحدثها زيادة الأنفاق الاستثماري الأصلية 0

ومن ناحية أخرى فان زيادة الطلب على السلع والخدمات النهائية نتيجة لزيادة النفقات العامة تؤدي في النهاية إلى زيادات متتابعة في الطلب على السلع الرأسمالية أو الاستثمارية ( الآلات والمعدات والمكائن ) اللازمة لانتاج هذه السلع الاستهلاكية والخدمات التي تزايد الطلب عليها وهذا يؤدي إلى زيادة كل من الناتج القومي الإجمالي ومستوى التشغيل أو الاستخدام والاتجاه نحو مستوى التشغيل الكامل ويسمى هذا  بالمعجل الذي هو عبارة عن مبدأ يوضح العلاقة بين الطلب على السلع والخدمات النهائية ( أي حجم الناتج القومي الإجمالي ) والطلب على السلع الرأسمالية للازمة لانتاج تلك السلع والخدمات النهائية فالزيادة في الطلب على السلع والخدمات النهائية يقتضي بالضرورية زيادة الطلب على السلع الرأسمالية الداخلة في إنتاج تلك السلع والخدمات النهائية في الاقتصاد القومي وإذا كانت  ( A ) تمثل نسبة راس المال المستخدمة الى حجم الناتج القومي وان (   K ) تمثل الزيادة في راس المال المستخدمة وان ( Y ) تمثل الزيادة في حجم الناتج القومي من السلع والخدمات النهائية فيمكن تمثيل مبدأ المعجل بالمعادة الآتية :-

A  =  ∆K

            Y

وطالما أن الزيادة في رأس المال المستخدم (   K ) تمثل الاستثمار الصافي في الاقتصاد القومي (In ) فيمكن إعادة كتابة المعادلة أعلاه بالشكل الأتي :-

A = IN

          Y    

ثم أن IN = A.   Y



والمعادلة  الأخيرة تشير إلى أن الاستثمار الصافي في الاقتصاد القومي يساوي الزيادة في الناتج القومي  مضروبة  في نسبة رأس المال المستخدم إلى الناتج وان هذه المعادلة تمثل الصيغة الجبرية لمبدأ المعجل 0

ولكي تحدث هذه الآثار الانتعاشية المضاعفة التي أشرنا أليها أعلاه نموا” وتوسعا” في مستويات الدخول والاستهلاك







والاستثمار والرخاء الاقتصادي ينبغي أن يتميز الاقتصاد المعنى بجهاز إنتاجي مرن  بأنه يستطيع أن يلبي الحاجات المتزايدة من الطلب على الخدمات والسلع الاستهلاكية وان مستوى التشغيل لم يصل إلى مستوى التشغيل الكامل حتى يمكن زيادة مستويات التشغيل التي ترافق التوسع في الإنتاج لان عدم مرونة الجهاز الإنتاجي أو أن استخدام القوى العاملة قد وصل إلى حالة الاستخدام الكامل فان الزيادة في الطلب نتيجة لزيادة النفقات العامة تؤدي إلى زيادة المستوى  العام للأسعار والذي يعني ارتفاع معدلات التضخم وبالتالي تعذر تطبيق مبدأ المضاعف والمعجل في هذا الاقتصاد 0

كما أن تمويل هذه الزيادة في النفقات العامة يجب أن تكون عن طريق القروض أو الإصدار النقدي أو عن طريق السحب من الاحتياطي العام أو أي طريق أخر لا يؤثر بدرجة كبيرة في الدخول الخاصة التي ينوي أصحابها القيام بأنفاقها على شراء السلع والخدمات النهائية لانه إذا تم تمويل هذه النفقات العامة عن طريق فرض الضرائب على المواطنين فان من شأنها أن تؤد الى انقاص حجم النفقات الخاصة لاسيما ذوي الدخول  المحدودة  الذي يترتب عليه أضعاف اثر الزيادة الكلية التي كان من الممكن ان تحدث في الطلب الكلي للاقتصاد القومي نتيجة للزيادة في النفقات العامة 0

المبحث الثالث :- النفقات العامة في اعادة توزيع الدخل القومي :-

 تؤثر الدولة من خلال نفقاتها تأثيرا” واسعا” في تكوين الدخل القومي وفي توزيعه ويتحقق هذا التأثير في توزيع الدخل القومي على مرحلتين0 المرحلة الأولى  وتسمى بالتوزيع الأولي للدخل ، ويقصد بالتوزيع الأولي للدخل إعطاء دخول  إلى عوامل الإنتاج    ( العمل وراس المال والأرض والتنظيم ) وان دخل كل عامل من هذه العوامل يتحدد بمقدار مساهمته في العملية الإنتاجية ، وان  هذه الدخول تأخذ شكل أجور وفوائد وربح وأرباح على التولي 0

أما المرحلة الثانية وتظهر الحاجة لها عندما ينتج عن التوزيع الأولي تفاوت كبير في الدخول الموزعة وترغب الدولة في إعادة توزيع هذه الدخول مرة أخرى لصالح ذوي الدخول المنخفضة أي تسعى إلى تقليص حدة التفاوت بين الذين أصابوا نصيبا”حسنا” من التوزيع الأولي  والذين لم يحققوا ألا القدر اليسير منه وتستخدم الدولة في ذلك عدة وسائل أهمها التوسع في النفقات  العامة لاسيما النفقات التحويلية منها والتي تتمثل في كل من الإعانات الاجتماعية كمخصصات الضمان والمرتبات التقاعدية والإعانات الاقتصادية كمدفوعات مكافحة البطالة والغلاء وكذلك تتمثل في النفقات التي تقدمها الدولة من خدمات مجانية في مجالات التعليم والصحة واقامة دور الرعاية  الاجتماعية والعجزة إضافة إلى ذلك فان التوسع في القطاع العام يعني أن هناك تحديدا” للقطاع الخاص وعلى الأقل في مجال إنتاج بعض لسلع والخدمات 0 وهذا بدوره يؤدي إلى الحد من أهمية الملكية الخاصة باعتبارها المصدر الأساسي للتفاوت في توزيع الدخول في المجتمع 0

وتجب الإشارة هنا إلى اثر النفقات العامة في إعادة توزيع الدخل لا تتحدد في طبيعة  النفقات العامة فقط وانما تتوقف على مصادر تمويلها أيضا” فمحاولة الدولة  إعادة توزيع الدخل لصالح  ذوي الدخول المنخفضة تتمثل أساسا” في عملية نقل جزء من دخل الأغنياء إلى دخل الفقراء من خلال نشاط الهيئات المختلفة في الدولة ويتم ذلك عن طريق فرض ضرائب مباشرة وخاصة التصاعدية منها وذلك لان حصة الطبقات الغنية في حصيلتها تكون اكبر من حصة الطبقات الفقيرة أما إذا تم تمويل نفقات الدولة عن طريق الضرائب غير المباشرة فان الطبقات الفقيرة سوف تتحمل معظمها وبالتالي فأنها ستؤدي إلى زيادة التفاوت في توزيع الدخل وليس إلى تقليله 0

كما أن سعي الدولة إلى إعادة توزيع الدخل لا تقتصر أهميتها على قام الدولة بخدمة الأهداف والقيم التي يعتنقها المجتمع في اقترابها من العدالة في توزيع الدخل وتأكيدها لمبدأ  التضامن الاجتماعي وتوفيرها لمبدأ تكافؤ الفرص فحسب بل أن لها أثارا” أخرى حيث أن عملية إعادة توزيع الدخل لصالح الطبقات الفقيرة ؤدي إلى زيادة الطلب على الخدمات والسلع الاستهلاكية لارتفاع الميل الحدي للاستهلاك هذه الطبقات والذي يقود إلى تحفيز المشاريع إلى التوسع في الإنتاج والاستخدام ومن ثم زيادة الناتج القومي الإجمالي 0












أسئلة الفصل

س1:- ميز بين اثر النفقات الاجتماعية النقدية واثر النفقات الاجتماعية العينية في الناتج القومي 0

س2:- وضح اثر النفقات الاقتصادية في الناتج القومي

س3:- للنفقات العسكرية أثارا” إيجابية أثارا” سلبيا” في الناتج القومي وضح ذلك 0

س4:- تتمكن الدولة من خلال نفقاتها العامة أن تؤثر في نقل بعض عناصر الإنتاج من نشاط إلى أخر أو من منطقة إلى أخرى هل توافق  على ذلك أم  لا ؟ ولماذا ؟

س5:- وضح اثر النفقات العامة في الاستهلاك القومي من خلال مفهومي المضاعف والمعجل 0

س6:- يمكن للدولة من خلال نفقاتها ان تعمل على تقليل التفاوت في توزيع الدخل القومي وضح ذلك 0



النفقات العامة


الفصل الأول :- النفقات العامة ، مفهوم وأشكالها وقواعدها

الفصل الثاني :- تقسيمات النفقات العامة

الفصل الثالث :- ظاهرة ازدياد  النفقات العامة

الفصل الرابع – الأثار الاقتصادية  للنفقات العامة






الفصل الأول

النفقات العامة مفهومها وأشكالها وقواعدها

المبحث  الاول :- تعريف النفقات العامة وعناصرها

المبحث الثاني :-  تطور دور النفقات العامة

المبحث الثالث :- صورة وأشكال النفقات العامة

المبحث الرابع :- قواعد النفقات العامة

















الفصل الأول

النفقات العامة ، مفهومها وأشكالها وقواعدها

تمهيد :-

        تعد النفقات العامة احدى الوسائل المهمة التي تستخدمها الدولة بهدف تحقيق دورها في المجالات الاقتصادية والمالية حيث انها تعكس جميع الانشطة العامة ، وتبين برامج الحكومة في الميادين المختلفة في شكل اعتمادات تخصص كل منها لتلبية الحاجات العامة للافراد ، وسعيا وراء تحقيق اقصى نفع جماعي ممكن ، كما ان تطور الدولة وتنوع مجالات تدخلها بقصد اشباع هذه الحاجات قد فرض على نظرية النفقات العامة ان تتطور هي الاخرى من حيث مفهومها ، وتتحدد انواعها ، وتقسيماتها والقواعد التي تحكمها وتبرز الاثار الاقتصادية والاجتماعية المترتبة عليها 0

لقد تناول التقليديون النفقات العامة في ضوء منطقهم التقليدي الذي كان يحدد النفقات اللازمة للوفاء بالحاجات العامة التي تولت الدولة امر اشباعها وفقا” لمتطلبات المذهب الاقتصادي الحر ، ولهذا فقد كان المبرر الاساسي وقتئذ لتحصيل الايرادات العامة هو تغذية النفقات العامة اللازمة لتسيير المرافق المحدودة التي تتولى الدولة امر تنظيمها وادارتها وملكيتها 0 ولذلك فان الدولة في ظل هذه النظرية تحترم مبدأ توازن الموازنة بل وتقدسه ، بحيث لاتسمح بفرض ايرادات وتحصيلها او بتكليف المكلفين باعباء مالية الاضمن الحدود اللازمة لتمويل نفقات هذه المرافق ، وهذا يعني ان النظرية التقليدية اعتبرت نفقات الدولة مجرد نفقات للاستهلاك العام ، الذي اضطلعت به الدولة في اثناء ادائها لدورها المحدود في حياة المجتمع ( الدولة الحارسة ) 0 لذلك فقد كان طابع الانفاق العام حياديا” 0

اما اهتمامات الكتاب المحدثون في المالية العامة ، فقد توسعت ، خاصة في مجال النفقات العامة ، حيث تزايد تدخل الدولة في النشاط الاقتصادي الوطني ، والحياة الاجتماعية مستخدمة في سبيل تعزيز هذا التدخل وتأصيل اسس ومقومات عناصر المالية العامة كركائز اساسية  لهذا الطريق ، ولذلك اصبح من غير المعقول الاحتفاظ بحياد هذه النفقات في ظل هذا التطور الهائل الذي لحق دور الدولة ، كما ادى هذا التطور الى خروج الموازنة العامة عن الاطار الذي وضعتها فيه النظرية التقليدية وهو (( مبدأ التوازن )) وفي هذه الظروف اضطرت الدولة الى زيادة الانفاق العام للوفاء بالاهداف المذكورة ، على الرغم من احتمال ان تصاب الموازنة بعجز ، وانتهت التجارب  والتطبيقات المالية الحديثة  الى قبول فكرة عجز الموازنة ، وانها لاتشكل خطرا”  ، وانما بالعكس  يمكن استخدامها اداة لتحقيق التوازن الاقتصادي وتطويق الاثار الضارة الناشئة عن الدورات الاقتصادية 0

وقد فرضت هذه التطورات اهتمام المفكرين بدراسة طبيعة النفقات العامة وتحليلها وتقسيمها وحدودها والمعايير الاقتصادية وغير الاقتصادية التي تحكم عملية اختيارها والضوابط والمعايير والمقومات التي توجه الانفاق العام ، والاثار الاقتصادية والاجتماعية الناشئة عن ذلك ، وهكذا تجاوزت دراسة النفقات العامة الحدود الكمية التي كانت تدرس في اطارها وقد اصبحت بالاضافة الى ذلك تبحث في النواحي النوعية والكيفية واثارها وعملية استخدامها في مجال المالية العامة لتحقيق  الاهداف 0

المبحث الاول – تعريف النفقات العامة وعناصرها 0

اولا” :- النفقة العامة :-

ان النفقة  العامة  عبارة عن مبلغ من المال تستخدمه الدولة او احدى المؤسسات العامة التي تنشئها من اموالها بقصد اشباع حاجه عامة 0 ويستخلص من هذا التعريف ان عناصر النفقة العامة ثلاثة : استعمال مبلغ نقدي وهذه النقود تكون داخلة في الذمة المالية للدولة ، وان يكون الغرض من استعمالها سد حاجة عامة

ثانيا” :- عناصر النفقة العامة :-

1) النفقة العامة مبلغ من النقود :-  تتخذ النفقة العامة عادة طابعا” نقديا” ، يتمثل فيما تدفعه الدولة او هيئاتها العامة للحصول على الموارد الانتاجية من سلع وخدمات تحتاجها للقيام بنشاطها ، كدفع مرتبات واجور العاملين ودفع مستحقات الموردين والمقاولين والانفاق على الجيش وقوات الامن والانفاق على الخدمات والمرافق والاشغال العامة ، والانفاق على خدمة الدين العام بما يتطلبه من سداد الاقساط والفوائد 0

وبذلك لايعد من قبل النفقة العامة التجاء الدولة بما لها من سلطات الى الحصول على ماتحتاجه من موارد انتاجية بغير مقابل كما في حالات السخرة او الاستيلاء بغير تعويض، او سداد جزء من المقابل المستحق للغير نقدا” والاخر عينا” في صورة خدمات تقدمها الدولة دون مقابل او بمقابل رمزي ( الاعفاء من سداد قيمة ايجار المساكن او نفقات العلاج والتعليم واجور المواصلات او تخفيض قيمتها بالنسبة لبعض موظفي الدولة ) وقد تضاءلت هذه الحالات في ظل الدولة الحديثة بحيث اصبح قيام الدولة بدفع مقابل نقدي للحصول على ما تحتاجه من سلع وخدمات بشكل عنصر اساسيا” من عناصر النفقة العامة ، وقد ترتب على ذلك ان ازداد حجم النفقات العامة ، وبالتالي حجم الضرائب وغيرها ، الا ان ذلك لايفرض بالضرورة زيادة في عبء هذه التكاليف ، وانما قد يجري تخفيضه وتوزيعه بصورة افضل 0

ومن مزايا استخدام النقود في الانفاق انه يسهل من عمل النظام المالي ، حيث انه يركز مبدأ الرقابة على النفقات العامة تأمينا” لافضلية استخدامها وفقا” للقواعد التي تحقق المصلحة العامة ، ولاتتحقق بسهولة هذه الاعتبارات لو جرى الانفاق بشكل عيني ، فضلا” عن ان الانفاق العيني يثير كثيرا” من المشكلات الادارية والتنظيمية ويتسم بعدم الدقة ، حيث قد تحابي الادارة بعض الافراد فتمنحهم مزايا عينية ، ضمن عيوب الانفاق العيني هو الاخلال بمبدأ المساواة بين الافراد امام فرص الاستفادة من النفقات العامة وتحمل الاعباء التي تفرضها 0

2) صدور النفقة العامة من الدولة او احدى هيئاتها : يشترط في النفقة  العامة ان تصدر من الدولة او احدى هيئاتها ، وبهذا المفهوم  فانها تشمل نفقات الهيئات المحلية والهيئات العامة القومية والمؤسسات العامة ونفقات المشروعات العامة ، حتى ولو خضعت ادارة هذه المشروعات لتنظيم تجاري بقصد تحقيق الربح ، حيث لا يحجب ذلك صفتها العامة ، وبناء على ذلك تعتبر نفقة عامة تلك النفقات التي تنفذها الدولة بصفتها السيادية ، اضافة الى نفقاتها في المجال الاقتصادي ، وبالعكس فان النفقة التي يقوم بها الافراد او المشروعات الخاصة لاتعتبر نفقة عامة حتى ولو كان المقصود بها تحقيق نفع عام 0 فاذا تبرع شخص ما بمبالغ لبناء مستشفى او مدرسة مثلا” ، فلا يعتبر ذلك نفقة عامة ، وانما يدخل ضمن اطار الانفاق الخاص 0

3) يقصد بالنفقة العامة تحقيق نفع عام : ان النفقات العامة تهدف اساسا” الى شباع الحاجات العامة وتحقيق النفع العام ، وبهذا المعنى لاتعتبر نفقات عامة ، تلك التي لاتشبع حاجة عامة ، ولاتحقق نفعا” عاما” للافراد ، ويمكن تبرير ذلك في انه لما كان الافراد متساوون في تحمل الاعباء العامة ( الضرائب وغيرها ) فانهم يتساوون في الانتفاع بالنفقات العامة للدولة في جميع الوجوه ، أي ان النفقة سدادا” لحاجة عامة وليست لمصلحة خاصة 0

المبحث الثاني – تطور دور النفقات العامة :-

لقد ارتبط تطور دور النفقات العامة بتطور علم المالية العامة ، حيث تغير دورها من الحيادية كما تؤكد عليه النظرية الكلاسيكية الى الدور المتدخل الايجابي الذي ظهر في النظرية الحديثة 0

اولا” :- النفقات العامة في النظرية الكلاسيكية :-

لم تشغل النفقات  العامة مكانة مهمة في مؤلفات كتاب المالية الكلاسيك ، مقارنة بتلك التي شغلتها الايرادات العامة ، فمعظم الكتاب الكلاسيك 0 الذين عالجو النفقات العامة ، كان قد عالجوها من الناحية الفنية والسياسية ، دون الاهتمام بطبيعتها واثارها الاقتصادية ، الا ان الاحداث  الاقتصادية والاجتماعية كالحرب العالمية الاولى وبصورة خاصة الازمة الاقتصادية العامة ، اظهرت اهمية دراسة  طبيعة النفقات العامة واثارها الاقتصادية والاجتماعية 0

فقد كان علماء المالية الكلاسيك ، ينظرون الى النفقات العامة بعين الريبة والشك ، وشعارهم هو الاقتصاد في الانفاق ، ويدعون الدولة الى التوفير بقدر المستطاع ، وانهم اعتبروا  الدولة   مستهلك للثروة ، لانه حتى تنفق الدولة يجب ان تقتطع جزءا” من ثروة الافراد وتملكها ، وهذا يعني ان الدولة تقضي او تعدم ذلك الجزء المتقطع من الثروة القومية 0

وان الاساس العلمي الذي يقوم عليه المفهوم الكلاسيكي ، من ان الدولة مستهلك للنفقات  العامة ، ناتج من نظرية الدولة القائمة على اساس المذهب الحر، فالدولة بموجب هذه النظرية يجب ان تحصر اعمالها في  الوظائف العسكرية والامنية والتشريعية ، وان تمتنع عن التدخل في الميدان الاقتصادي ، وذلك على اعتبار ان العمل الفردي اكثر كفاءة وانتاجا” من عمل الدولة عن طريق تدخلها في الميدان الاقتصادي ، فتدخل الدولة في الميدان الاقتصادي بدلا” من ان يولد ثروة يؤدي الى استهلاك الثروة القومية ، وبالنتيجة يؤدي الى افقار المجتمع لانها تنقص من مجموع الثروة التي يتقاسمها الافراد 0 فالنفقات العامة في نظر علماء المالية الكلاسيكية ، لاتضيف شيئا” الى الدخل القومي ، بل بالعكس تقتطع قسما” منه ، وهذا يعني ان الدولة تستهلك نفقاتها ، فمحتوى المفهوم الكلاسيكي للنفقات العامة هو  ان الدولة  مستهلك

ثانيا” :- النفقات العامة في النظرية الحديثة :-

 يستند المفهوم  الحديث  للنفقات العامة على فكرتين اساسيتين الاولى 0 ان الدولة عبارة عن اداة لاعادة التوزيع  ، والثانية 0 عدم قبول الفكرة القائلة بان العمل الفردي اكثر انتاجا”  وتفوقا” من عمل الدولة 0

بالنسبة للفكرة الاولى 0 ان الدولة  اداة لاعادة التوزيع ، تعتبر النفقات العامة بانواعها المختلفة ( نفقات انتاج ، ونفقات استهلاك 000 الخ ) في الفكر المالي الحديث ، عبارة عن توزيع  للدخول والثروات  وتحويل للقوة الشرائية من مجموعة الى اخرى داخل المجتمع 0

 فعلماء المالية المحدثين ،  على عكس القدامى يرون في الدولة مجموعة من الافراد يعملون وينفقون ويستهلكون كغيرهم من الافراد ( موظفين ومتعهدون 000 الخ ) فالدولة 0 لايمكن ان تكون مستهلك ، لان الدولة ماهي الاعبارة عن  شخصية حكمية لاتستهلك ولا تنفق ، وانما موظفوا الدولة ومجهزوا  ومقاولو الدولة 0 هم الذين يستهلكون وينفقون بواسطة المبالغ التي تدفعها لهم الدولة ، والتي حصلت عليها بأقتطاعها من دخول وثروة الافراد عن طريق الاساليب المالية ( الضريبة والرسم 000 الخ ) فا لنفقات العامة لاتستهلك ، كما قال الكلاسيك ، وانما تقوم  باعادة توزيعها الى الافراد عن طريق دفع الرواتب الى الموظفين والاجور الى العمال او تدفع الدولة ثمن السلع المختلفة المقدمة من قبل المجهزين 0 فالمبالغ المقتطعة من دخل وثروة الافراد ، تعيد الدولة توزيعها الى الافراد ثانية عن طريق الانفاق العام ، ولكن لايوجد علاقة شخصية ومباشرة بين الذي يدفع والذي يستلم ، فالدولة عبارة عن مضخة تمتص جزء من الدخل القومي لتعيده ثانية الى تيار الدخل القومي عن طريق الانفاق العام 0

 اما فيما يتعلق بتفسير عدم اعتبار الدولة مستهلك لمجموع المبالغ التي اقتطعت من دخل وثروة الافراد ، لانها ستعاد الى تيار الدخل القومي بشكل انفاق عام 0 ومع ذلك فان علماء المال القدامى يرون ان الانفاق العام هذا يؤدي الى خسارة مادية ناتجة عن الفرق بين تدخل الدولة غير المنتج والعمل الخاص المنتج  وهذا يفسر ان جزء من النفقات العامة المستخدمة من قبل الدولة ستخفض 0 ويبدو ان الوهم الذي وقع فيه هؤلاء العلماء في اعتبار ( الدولة مستهلك ) يمكن في تحديد ( ماهية  الانتاجية ) فاذا اقتصر استخدام هذا اللفظ على انتاج السلع المادية ، فان كثيرا” من النشاط الحكومي يبدو ولاشك اقل انتاجية من كثير من اوجه النشاط الفردي ، اذ ان النسبة الغالبة من النشاط الحكومي تمثل في توليد خدمات غير مادية كالامن الداخلي والدفاع الخارجي والقضاء والتربية والتعليم والرعاية 000 الخ

وواضح ان الاقتصاد الحديث لايقرن صفة الانتاجية بالمادية ، فجميع اوجه النشاط التي تبذل لاشباع حاجات المجتمع المادية وغير المادية انما تعتبر منتجة ، فالمدرس او المحامي او الطبيب لايقل انتاجه عن البناء او النجار او الصانع ، فالانتاج ليس توليدا” للسلع فقط ، انما هو توليد منفعه سواء كان ذلك بأنتاج السلع او الخدمات مادية كانت او غير مادية 0

كما ان الحكم على اوجه النشاط الحكومي بأنها غير منتجة لالشيء سوى انها لاتدر للفرد نفعا” ماديا” مباشرا” يكون بعيدا” عن الصواب 0 فالعبرة ليست بما يصيب الفرد من نفع مادي مباشر انما العبرة دائما” عما يحققه النشاط الحكومي من منافع اجتماعية مباشرة وفضلا” عما تقدم يمكن القول ، ان المدرسة التقليدية كانت تصف الانفاق العام بانه استهلاك للثروة يرجع ايضا” الى تخوف هذه المدرسة من ان الازدياد في الانفاق العام قد يؤدي بدوره الى زيادة الاستقطاعات الضريبية من دخل وثروة الافراد ولربما الى احداث تغيرات في بقية النظام المالي للدولة والتي قد تلحق الضرر في الطبقة البرجوازية 0

في ضوء ماتقدم يتضح ان اعطاء الصفة المطلقة للعمل الخاص بانه اكثر انتاجا” وتفوقا” من تدخل الدولة قائم على اساس غير صحيح فهناك كثير من الحالات التي يؤدي فيها استخدام الدولة الموارد المجتمع الى وفر في استغلال هذه الموارد ومضاعفة الاشباع الجماعي وزيادة في الدخل القومي ، فاذا قارنا بين النفقات التي تستخدمها الدولة في مشاريع منتجة كبناء السدود لتوليد القوة الكهربائية او اصلاح الاراضي الزراعية ، وبين الافراد الذين يكنزون اموالهم في البنوك الاجنبية ، فمما لاشك فيه ان المبالغ المنفقة من قبل الدولة في هذه المشاريع الانتاجية ستزيد  من القوة الانتاجية للمجتمع ، أي انها اكثر انتاجا”  من المبالغ المودعه من قبل بعض الافراد في تلك البنوك 0

كما ان هناك خدمات تقوم بها الدولة تفيد معظم او جميع المواطنين فالانفاق على التعليم يفيد الطلاب ، كما يفيد الهيكل الاجتماعي باسره ، لانه يساعد على تطور المجتمع ثقافيا” ، ويساهم في تحقيق التطور  الاقتصادي للمجتمع 0

المبحث الثالث – صور واشكال النفقات العامة :-

توجد للنفقات العامة صور متعددة ، يمكن تحديدها بما يأتي :-

اولا” :- الأجور والمرتبات التي تدفعها الدولة إلى الموظفين  والعمال والمتقاعدين العاملين في اجهزتها :-

ان الاجور  والمرتبات تعرف بانها المبالغ النقدية التي تقدمها الدولة للافراد العاملين في اجهزتها المختلفة فعلا” ثمنا” للخدمات التي يقدمها هؤلاء لها ، او الذين عملوا لديها فترة من الزمن ثم وصلوا سنا” من العمر يجعل استمرارهم في العمل  متعذرا” ، فأحالتهم الدولة الى التقاعد 0 وتظهر في علم المالية العامة ملاحظتان هامتان فيما يخص الاجور والمرتبات هما :-

1) الخدمة المأجورة  والخدمة المجانية :-

 قد تلجأ الدولة الى تسخير الافراد للقيام ببعض الاعمال لفترة من الزمن ، او قد تولي الدولة افرادا” اخرين من المجتمع مناصب عامة ، دون ان تلتزم بتقديم أي اجر لقاء ذلك0 وعلى الرغم من محدودية هذا العمل ، الا انه قد يترك اثارا” لايستهان بها ، فالخدمات المجانية تشوبها غالبا” عيوب متعددة منها تفشي الرشوة ، اضافة الى المتاعب التي يتعرض لها الفرد من جراء مراجعته للادارات التي يديرها موظفون لايقبضون مقابل للخدمات التي يؤدونها 0

في حين عندما تقوم الدولة بتقديم اجور  او مرتبات لقاء خدمة يؤديها الافراد للدولة ، يجعلها تحصل على الكفاءات المطلوبة ، كما ان من اهم واجبات الدولة في العصر الحديث هو ضرورة توفير العمل للموظفين واتاحة الفرصة لحصولهم على اجور عادلة مقابل هذا العمل 0

2) أسس تحديد الأجور والمرتبات :-

توجد عدة أنواع للأجور  والمرتبات يمكن تحديدها بما يأتي :-

أ) مرتب رئيس الدولة :- تقرر الدول على اختلاف شكل الحكم فيها مرتبا” لرئيس الدولة  مهما كانت طبيعة   منصبه ، سواء  كان ملكا” او رئيسا” للجمهورية ، وان طريقة تحديد هذا المرتب تختلف بأختلاف الدول ، فبعض الدول تقوم باصدار قانون مع قانون الموازنة تحدد بموجبه راتب رئيس الدولة ، ويتميز هذا الاسلوب باستجابته للظروف الاقتصادية وتستخدم دول اخرى اسلوب تحديد مرتب رئيس الدولة عندما يتولى المنصب ، دون ان يفوتها ان تصرح بالقانون على امكانية تعديله عندما ترى ان هناك ضرورة لتعديله ، وفي دول اخرى يتم تحديد مرتب رئيس الدولة مسبقا” ويؤخذ على هذا الاسلوب بعدم مرونته ، اذ انه قد لايستطيع مواكبة المستوى المعاشي الذي يليق برئيس الدولة 0

ب) مرتبات اعضاء البرلمان :- تخصص معظم الدول على اختلاف انظمتها السياسية مكافأة نقدية لكل عضو من اعضاء البرلمان وليكن السبب الرئيسي لهذا التخصيص في رغبة هذه الدول لضمان تقدم اصحاب الكفاءات لاشغال مثل  هذه الوظائف وتحمل مسؤولية تمثيل الشعب ، وبالتالي قيامهم بواجباتهم الوظيفية على الوجه الاكمل 0 الا ان عملية تحديد هذه المكافأة النقدية لاعضاء البرلمان ، تختلف بأختلاف الدول ، فبعض الدول تحددها وفقا” لما ينص عليه الدستور ، وتحدد دول اخرى هذه المكافأة من خلال صدور قانونا” معينا” بذلك 0

جـ) مرتبات الموظفين :- تمثل هذه الفئة الاجتماعية حجما” كبيرا” من العاملين في قطاعات الدولة ، وتقدم الدولة  لها اجورا” ومرتبات مقابل الخدمات التي تقدمها لها ، وعلى الدولة ان تراعي اسسا” معينة عند تحديد هذه الاجور يمكن  ايضاحها بما يأتي :-

1- تقوم الدولة بتحديد مرتبات واجور هذه الفئة الاجتماعية في ضوء تكاليف المعيشة ، ذلك لان الموظف الذي يحصل على اجور غير كافية لسد نفقات العيش المناسب قد يدفعه الامر الى البحث عن مصادر غير مشروعة كالرشوة من المراجعين او السرقة من الاموال العامة وعندئذ يصاب الجهاز الاداري بالفساد 0

2- مراعاة طبيعة العمل عند تحديد المرتب مع اخذ المؤهل العلمي والفني للموظف بنظر الاعتبار ذلك لان طبيعة الاعمال التي يقدمها الموظفون مختلفة ، اذ ان العمل اليدوي يختلف عن العمل الفني الماهر والفكري واستخدام التكنولوجية الحديثة 0

3- اذا حددت الدولة المرتبات والاجور بصورة مناسبة فأنها تضمن عدم منافسة المشروعات الخاصة في الحصول على خدمات الموظفين الذين تتوفر لديهم  خبرة واسعة في عمل معين ، اذ قد تستخدم هذه المشروعات اسلوب اغراء الموظف الذي يعمل في الجهاز الاداري عن طريق المرتب 0

4- عند تحديد المرتبات على الدولة ان تأخذ بعين الاعتبار مستوى هذه الاجور والمرتبات السائدة في البلدان المجاورة او المتقدمة اقتصاديا” ، بخاصة وان بعض الدول تقدم  امتيازات لحاملي الشهادات والاختصاصات النادرة ، اذ لو اهملت الدولة هذا الجانب فأنها ستدفع ابناءها من اصحاب الكفاءات الى الهجرة

5- على الدولة ان تقوم باصدار قانون عام يتناول تنظيم مرتبات الموظفين ، موضحا” شروط التعيين في الخدمة العامة وشروط الترقية في السلم الوظيفي بحيث يصبح هذا الامر معروفا” وثابتا” لدى الجميع 0

ء) المرتبات التقاعدية :- ويقصد بالاجر او المرتب التقاعدي المبلغ النقدي الذي تقدمه الدولة بصورة دورية   ( شهريا” ) الى الافراد الذين سبق ان عملوا في اجهزتها المختلفة ثم بلغوا من السن ما يجعل استمرارهم في الخدمة العامة امرا”  متعذرا” فأحالتهم الدولة  على التقاعد بطلب منهم  أو برغبة منها 0

ولايتشابه المرتب التقاعدي مع التأمين لان الاخير يتم دفعه وفقا” للشروط  المتفق عليها في العقد المبرم بين المؤمن والمؤمن لصالحه في حين ان المرتب التقاعدي تدفعه الدولة بصرف النظر عن ذلك ، كما ان علاقة الموظف بالدولة هي ليست علاقة تعاقدية 0 كذلك يختلف المرتب التقاعدي عن المكافأة لان من ابرز خصائص الاخيرة انها تدفع لمرة واحدة او عدة مرات ، في حين ان المرتب التقاعدي يتصف بالدورية والانتظام 0

الا ان مسلك الدول في اقتطاع التوقيفات التقاعدية يختلف بحسب الطريقة التي تتبعها ويمكن تحديد هذا المسلك بالطريقتين الاتيتين :

1- تقوم بعضها باقتطاع مبلغ من مرتب الموظف الشهري خلال فترة خدمته ، ثم تضعه في صندوق معين بعد ان تضع معه مبلغا” يأخذ شكل إعانة  وبعد ذلك تقوم باستثماره بهدف زيادة هذه المبالغ عن طريق أرباحه 0

2- تقوم دول أخرى باقتطاع المبلغ المذكور وتضعه في خزانة الدولة على أساس انه يمثل نوعا” من أنواع الإيرادات ، ويطلق على  هذا النوع من الإيراد اسم أشباه الضرائب 0

ثانيا” :- قيم السلع والخدمات التي تشتريها الدولة وتهدف من ذلك إلى إشباع الحاجات العامة :-

وتمثل قيم الادوات  والمعدات والالات التي تقوم الدولة بابتياعها وتخصصها لاشباع الحاجات العامة ،وتظهر عند معالجة هذه الحالة المسائل  الآتية :

أ) من حيث السلطة التي تقوم بالأشراف على عملية الشراء فقد تكون هذه السلطة مركزية واحدة ، أو سلطات لامركزية متعددة ان مسألة الحصول على الادوات والمعدات والاثاث وغيرها وتحديد نوعيتها يتطلب خبرة ودراية معينة في عملية الشراء ، لذلك  يعهد أمر توفيرها الى الجهات المختصة وهي ادارة المشتريات 0 اما اذا كان موضوع الشراء متعلقا” بالمباني الكبيرة وعقود الاشغال العامة ، فان امر الحصول عليها  وتنظيمها والاشراف عليها يجب ان يودع الى السلطة المركزية ، لانها تحتاج الى خبرة اكبر وامكانات اكثر والسلطة المركزية اقدر من غيرها على توفير ذلك 0

ب) من حيث الكيفية التي يتم الحصول بها على هذه المستلزمات فقد تقوم بذلك الهيئات العامة عن طريق شراء هذه الاحتياجات من السوق مباشرة ، او ان تكلف لتوفير  هذه الاحتياجات المقاولين والموردين المختصين بعملية الشراء ، ومن ابرز عيوب اسلوب الشراء المباشر من السوق ، انه لايحفز الموظف المعني بالشراء الى اخذ الوقت الكافي لتقدير الحاجة الى الشراء واختيار مصدر التوريد والتفاوض على الاسعار والشروط الاخرى التي يحددها العقد ثم تتبع  عملية الشراء حتى تصل المواد او الالات او المهمات المشتراة الى المخازن المطلوبة 0 لذلك تلجأ الدولة الى المقاولين المختصين ، لان لديهم خبرة كافية بأوضاع السوق واسعار المواد والسلع وانواعها ، غير ان الدولة  الاشتراكية تتولى هذا الامر بنفسها او بواسطة اجهزتها المتخصصه بالشراء 0 جـ- من حيث الاسلوب الذي يتم به الحصول على المقاولين ، هل هو طريق المناقصة  أو الاحالة المباشرة لذوي الممارسة  0

ان المناقصة هي دعوة سرية بشروط معلنة ، ويقدم  الراغبون للاشتراك بها عروضهم وعطاءاتهم للتعاقد على الاشغال العامة ، او توريد مهمات وادوات ومواد ولوازم الى الدولة ، اما الممارسة فهي ان تعقد الدولة اتفاقا” مع مقاول مختص بالشراء 0 دون ان تعلن مسبقا” عن طبيعة العمل الذي تريد القيام به في شكل مناقصة ، وتلجأ الادارات المختصة الى هذا الاسلوب عندما تتوسم في احد المعادلين  الكفاءة والاخلاص المعينين للقيام بمهمة الشراء 0 هذا ويبقى اسلوب اللجوء الى المناقصة هو الافضل لانه الطريق الاسلم ، غير ان هذا لايمنع من استخدام الطريق الثاني اذا وجدت الدولة مايبرر اللجوء له 0

ثالثا” :- الاعانات المختلفة التي تقدمها الدولة إلى مختلف الفئات الاجتماعية أو إلى الدول والمنظمات الدولية :-

يمكن تعريف الاعانات بأنها تيار من الانفاق تقرر الدولة دفعه الى فئات اجتماعية او للهيئات العامة والخاصة دون ان يقابله تيار من السلع والخدمات تحصل عليه الدولة من الجهة المستلمة للاعانات ويمكن تقسيم  الاعانات الى قسمين :

الاول اعانات دولية ، والقسم الثاني اعانات داخلية 0

1) الاعانات الدولية :-

وتتمثل في المبالغ النقدية او العينية التي تقدمها دولة معينة الى دولة اخرى 0 أي ان الدولة الاولى تقوم  بدفع هذه الاعانات اذا وجد لديها فائض الى دولة اخرى ، بسبب مشاركة الاخيرة  لها في الاتجاه السياسي  ، اوقد تكون لاسباب حسن الجوار والانسانية لمساعدة الدولة المتضررة من الكوارث الطبيعية  كالفيضانات او الزلازل او الاعصار ، وقد يرافق الاسباب السياسية والانسانية اسباب قومية كالاعانات التي يقدمها قطر عربي  معين  الى الاقطار العربية الاخرى توطيدا” لأواصل التعاون والاخوة بين الاقطار العربية 0

2) الاعانات الداخلية :-

وهي المبالغ النقدية  التي تدرجها الدولة في ميزانيتها العامة  وتوجه لأغراض  ادارية واقتصادية  واجتماعية وسياسية 0

أ) الاعانات الادارية :- وهي المبالغ النقدية التي تقدمها الدولة الى الهيئات العامة او الهيئات المحلية التي تتمتع بشخصية معنوية لمساعدتها على القيام بواجباتها ، وتقرر الدولة هذه  الاعانات على اساس انها تتحمل جزءا” من نفقات  هذه الهيئات  وقد يتم تخصيص هذه المبالغ لتغطية  العجز المالي في ميزانياتها ، او لتلافي الكوراث الطبيعية او الحالات الطارئة 0 وتستخدم الدولة هذه الاعانات كسلاح لمراقبة اعمال  تلك الهيئات  وارغامها على السير باتجاه سياسية الدولة العامة 0

ب) الاعانات الاقتصادية :- وهي المبالغ التي تدفعها الدولة الى بعض المشروعات الصناعية لدعم موقفها لتستطيع الوقوف بوجه المنافسة  الاجنبية ، وهدفها تشجيع وحماية الانتاج الوطني ومحاربة ارتفاع الاسعار كاعانات التصدير التي تدفعها بعض الدول الى المؤسسة العامة للتصدير كما تأخذ صورة مدفوعات نقدية للمشروعات والمنتجين ، وهدف هذه الاعانات هو توفير السلع والخدمات للمواطنين بأقل كلفة ممكنة 0

جـ) الاعانات الاجتماعية :- وهي مبالغ  تدفعها الدولة الى الهيئات او الافراد لغرض تحقيق اهداف اجتماعية ، مثال ذلك الاعانات التي تخصصها الدولة للافراد العاطلين عن العمل ، أي انها اعانات ضد البطالة ، واساس هذا المفهوم هو ان الدولة لاتتخلى عن الموطنين عندما يتعطلون عن العمل ، لان رعاية هؤلاء من صميم واجبها الاجتماعي 0

ء) الاعانات السياسية :- وهي المبالغ التي تقدمها الدولة الى المنظمات والمؤسسات التي تربطها بالدولة رابطة سياسية على مستوى الفكر والعمل ، مثل الاعانات التي تقدم الى المنظمات الجماهيرية 0

رابعا” :- تسديد أقساط وفوائد الدين العام الذي تقترضه الدولة :-

يعرف القرض العام بانه دين مستحق على الدولة او هيئة عامة تتعهد بموجب عقدة الذي يصدر به قانون بسداد اصله وفوائده بشروط محددة ، والاصل في القرض العام ان يكون  اختياريا” ، أي يكون للمقرضين من الافراد او الهيئات حرية الاكتتاب فيه او الامتناع عن ذلك ، وان يخصص لتمويل انفقات عامة معينة يحدده قانون القرض ، غير ان استمرار استعانة الدولة بالقروض العامة التي لم تعد مصدرا” استثنائيا”  من مصادر الايرادات العامة والتجائها الى القروض الاجبارية ، وعدم تخصيص قيمتها لتمويل نفقات محدده ، جعلت القروض العامة في الوقت الحالي تقترب في طبيعتها من الضرائب 0

والقروض العامة قد تكون داخلية يقتصر الاكتتاب فيها على الاشخاص التابعين للدولة ، او خارجية يكتتب فيها اشخاص ليسوا من رعايا الدولة ، كما قد تكون القروض العامة قصيرة الاجل كأذونات الخزانة العامة التي تستعين بها الدولة لسد عجز نقدي بحيث يتم سدادها خلال السنة المالية ، او ان تكون متوسطة وطويلة الاجل ، تتعهد الدولة بسدادها بعد فترة تزيد عن سنة ، وقد تصل الى عشرات السنين ، بحسب طبيعة الانفاق الذي تقوم القروض بتمويله ، بل قد لاتحدد الدولة اجل سداد القرض وهو مايسمى بالدين المؤيد 0

المبحث الرابع – قواعد النفقات العامة

توجد ثلاث  قواعد تحكم الانفاق الحكومي وهي : المنفعة والاقتصاد ، والترخيص :

اولا” :- قاعدة المنفعة :-

ان الانفاق الحكومي ينبغي ان يهدف اساسا” الى تحقيق اقصى منفعه اجتماعية ممكنة ، لذا لايجوز للدولة ان تنفق في الامور التي لايرجى منها نفعا” , كما ولا تقتصر فكرة المنفعة المتأتية من انفاق الدولة على الانتاجية الحدية والدخل العائد منها ،  بل تشمل كل ما يمكن ان تدره الاموال المنفقة على العاطلين عن العمل في صورة اعانات من منافع ، كذلك الحال بالنسبة للاموال المنفقة على زيادة وتحسين نوعية الانتاج 0

ويتحقق مبدأ المنفعة العامة اذا توجه الانفاق نحو اشباع  الحاجات العامة ، اذ تكتسب الحاجات العامة عموميتها اذا كان اشباعها يحقق منفعه جماعية ، وتؤدي هذه القاعدة بالدولة الى المفاضلة بين المشروعات التي يحتاجها المجتمع على اساس ماتحققه من منفعة جماعية ، وتقرر الانفاق في ضوء ذلك ، كما ان على الدولة ان توازن بين المنافع ، فلا يقتصر انفاقها على اشباع حاجة عامة واحدة وتهمل الحاجات الاخرى ، وانما عليها ان توازن بين مختلف الحاجات لتتمكن ان تحقق اقصى منفعة اجتماعية ممكنة ، اضافة الى ذلك عليها ان تراعي توزيع النفقات حسب حاجات النواحي والاقاليم المختلفة ، وكذلك لمختلف الطبقات الاجتماعية 0 ومن اولى واجبات المخطط هي الموازنة بين وجوه الانفاق المختلفة ، حيث يقرر في ضوء اهداف الخطة الموازنة بين وجوه الانفاق المختلفة ، واي المشروعات واجبة التنفيذ اولا”،  فيوازن بين كلفة المشروعات ، والمدة التي يستغرقها التنفيذ  ، وعدد وكفاءة جهاز التشغيل من عمال وغيرهم ، والعائد من المشروع والنتائج التي تسحب اثارها على مستوى النشاط الاقتصادي 0

ثانيا” :- قاعدة الاقتصاد :-

وتتضمن تجنب التبذير في النفقات العامة ، لان مبرر النفقة هو بما تحققه من منفعة اجتماعية ، ولاتقوم المنفعة عن طريق انفاق تبذيري ، كزيادة عدد الموظفين بشكل يفوق الحاجة لهم او اجراء تنقلات غير ضرورية بينهم لغير دافع المصلحة العامة ، والانفاق الزائد على المظاهر في الدوائر الحكومية 0ويحتاج تجنب التبذير في الانفاق العام الى تعاون وتضافر جهود مختلفة ورقابة الراي العام للكشف عن ذلك الى جانب الرقابة الادارية والبرلمانية0 على ان ذلك لايعني التقتير ، لان التقتير في الانفاق العام الذي يؤدي الى تحقيق منفعة اجتماعية كبيرة غير صحيح ، بينما الاقتصاد يعني انفاق المبالغ اللازمة على العناصر الاساسية والجوهرية في الموضوع ، فالانفاق على مشروع اقتصادي ضروري يجب تقديم ما يلزمه من اموال ، لكن الكماليات والزخارف داخله ليست ضرورية وبالتالي يمكن تجنبها

ثالثا” :- قاعدة الترخيص :-

تعني ان النفقة تصرف من قبل هيئة عامة بأموال عامة ، ولهذا ينبغي ان تحصل هذه الهيئة العامة على اذن من السلطة المختصة ، ذلك لان الانفاق على اشباع الحاجة العامة التي تحقق المنفعة لايتم الا بقانون 0 ولايهم بعد ذلك ان تقوم السلطة المختصة بتقرير النفقات العامة هي او البرلمان في النطاق المركزي ، او الهيئات العامة فيما يخص اختصاصها الزماني والمكاني  كما ان ما يميز النفقة العامة عن النفقة الخاصة هي قاعدة الترخيص ، لانها اما ان تخضع للبرلمان في النطاق المركزي ، واما لاذن الهيئات المحلية المختصة اذا دخلت ضمن اختصاصها ولا تخضع النفقات الخاصة لمثل هذه الاجراءات 0

























اسئلة الفصل

س1:- ماذا يقصد بالنفقات العامة ، وماهي عناصرها عددها مع الشرح

س2:- بين اوجه الاختلاف والتشابه بين النظرية الكلاسيكية والنظرية الحديثة فيما يتعلق بمفهوم النفقات العامة 0

س3:- توجد للنفقات العامة صور محددة عددها مع الشرح

س4:- هناك ثلاثة قواعد تحكم الانفاق الحكومي وضحها بالتفصيل

س5:- ميز بين الأتي :-

1- الخدمات المأجورة والخدمات المجانية

2- مرتب التقاعدي والتأمين

3- الاعانات الدولية والاعانات الداخلية

4- النفقات العامة ضمن المفهوم التقليدي والنفقات العامة ضمن المفهوم الحديث 0



















مصادر الفصل

1- د. زين العابدين ناصر ، موجز في مبادئ علم المالية العامة المطبعة العربية الحديثة ، 1974

2- د. صلاح نجيب العمر ، اقتصاديات المالية العامة مطبعة العاني بغداد 1981

3- د. طاهر موسى عبد ، د. زهير جواد الفتال اقتصاديات المالية العامة مطبعة جامعة بغداد 1985

4- د. محمود رياض عطية موجز في المالية العامة دار المعارف بمصر 1969

5- د. محمد وديع بدوي ، دراسات في المالية العامة دار المعارف بمصر 1966

6- أ. هشام محمد صفوت العمري اقتصاديات المالية العامة والسياسة المالية الجزء الاول الطبعة الثانية مطبعة التعليم العالي بغداد 1986

7- Taylor   P.Economics  of  public  finance . re  EDU Indian Edition  1970

8- Shoub C.public Finance George  Weidenfeid and Nicolson Ltd . London 1970





















الفصل الثاني

تقسيمات النفقات العامة



المبحث الأول :- التقسيمات العلمية للنفقات العامة

المبحث الثاني :- التقسيمات العلمية للنفقات العامة

























فصل الثاني

تقسيمات النفقات العامة

تمهيد :-

         ادى تطوير دور الدولة المعاصرة التي تخلت عن سياستها الحيادية التقليدية ، واتبعت سياسة من شأنها التدخل للتأثير على جميع مظاهر الحياة الاجتماعية والاقتصادية والسياسية الى تعدد اوجه نشاطها بما يتطلبه من ازدياد حجم نفقاتها وتنوعها ولذلك اهتمت الدراسات الماليه الحديثة بتحليل طبيعة هذه  النفقات العامة وتقسيمها بحسب موضع كل منها وآثاره ، اضافة الى الاهتمام التقليدي بحجمها 0

ان النفقات العامة في مفهومها التقليدي كانت ذات طبيعة واحدة ، وذلك لوحدة اهدافها ، التي تتحدد في تسيير الجهاز الاداري للدولة ، الذي لم يكن له من عمل سوى تحقيق الوظائف الرئيسية للدولة ، وهي الدفاع والامن والعدالة وعدد محدود من الخدمات والمرافق العامة ، لذا كان تقسيم النفقات العامة يتم على اساس تحديد انصيب كل الوزارات والادارات العامة منها ، ورغم استمرار اهمية هذا التقسيم الاداري للنفقات العامة في مجال اعداد ميزانية الدولة ، فان سياسة التدخل التي تنتهجها الدولة الحديثة عن طريق نشاطها المالي ، وهو نشاط ذو طبيعة اقتصادية يشكل وبقية اوجه النشاط الاقتصادي وحدة متكاملة يؤثر عليها ويتأثر بها ، اضافة الى خضوعه لاساليب التحليل الاقتصادي قد أدت الى تقسيم النفقات العامة الى عدة تقسيمات ، الا انه يمكن تقسيم النفقات العامة الى مجموعتين رئيسيتين : الاولى  التقسيمات العلمية للنفقات العامة ، والمجموعة الثانية  ، التقسيمات العملية او الوضعية  للنفقات العامة ، وتضم التقسيمات العلمية للنفقات تقسيمات متعددة تختلف باختلاف الزاوية التي ينظر منها اليها وهي :

     – تقسيم النفقات العامة الى النفقات العادية والنفقات غير العادية

    – تقسيم النفقات العامة الى النفقات الفعلية والنفقات التحويلية

    – تقسيم النفقات العامة الى النفقات الانتاجية والنفقات غير الانتاجية

    – تقسيم النفقات العامة الى النفقات الادارية والنفقات التحويلية

ويمكن تقسيم النفقات العامة ضمن التقسيم العملي للنفقات الى عدة تقسيمات وهي :

     – التقسيمات الادارية للنفقات العامة  0

     – التقسيمات الوظيفية للنفقات العامة  0

     – التقسيمات الاقتصادية للنفقات العامة 0

المبحث الاول – التقسيمات العلمية للنفقات العامة

اولا” :- النفقات العادية والنفقات غير العادية :-

يقصد بالنفقات العادية ، هي النفقات التي تتكرر بأنتظام في كل فترة زمنية معينة  ، عادة ما تكون سنة ، أي انها دورية متجددة مثل رواتب الموظفين ، هذا يعني ان النفقات العادية تتحدد من خلال تكرارها السنوي وليس في مقدارها من  سنة



الى اخرى ، ويتم تمويل هذه النفقات بواسطة ميزانية عادية ، تبرر بايرادات عادية مثل الضرائب 0

اما النفقات غير العادية ، فهي النفقات التي لا تتكرر ولا تتجدد في كل سنة ، بل تحدث في فترات زمنية غير منتظمة ، مثل نفقات انشاء جسر ، او فتح شارع ، او نفقات الحروب وغيرها ، ويتم تمويل هذه النفقات بواسطة ميزانية غير عادية تبرر بايرادات غير عادية مثل القروض 0

ثانيا” :- النفقات الفعلية والنفقات التحويلية :-

يقصد بالنفقات الفعلية ، تلك النفقات التي تقوم بها الدولة وتحصل مقابلها على السلع والخدمات ، منها مرتبات واجور موظفي الدولة والنفقات اللازمة للقيام بالخدمات التعليمية والصحية او النفقات الخاصة بتوسع المشاريع الانتاجية القائمة او انشاء مشاريع ووحدات جديدة ، وهذا يعني ان النفقات الفعلية تساهم في زيادة الانتاج القومي بصورة مباشرة 0

وهذا يعني ان النفقات الفعلية ، هي التي تدفع لقاء مقابل سواء مقابل سلعة او خدمة ، وعندما تقوم الدولة بأنفاق اموال معينة ، مقابل حصولها على منتجات معينة ، يتمثل ذلك في زيادة طلبها على السلع والخدمات ، وهذه الزيادة من الطلب تحفز المنتجين على التوسع في الانتاج والذي يترتب عليه زيادة استخدام عناصر الانتاج ، ثم  زيادة دخول اصحاب هذه العناصر 0 ومايترتب عليه من زيادة من الانتاج القومي والدخل القومي ، ثم الرفاهية الاجتماعية 0

اما النفقات التحويلية ، فهي تلك النفقات التي تؤدي الى اعادة توزيع الدخل القومي من فئة  اجتماعية الى فئة اخرى ، او من قطاع الى اخر ، بهدف زيادة القوة الشرائية لبعض فئات المجتمع ( ذوي الدخول المنخفضة او المحدودة ) لتتمكن من الحصول على السلع والخدمات الضرورية لها ، وبهدف تشجيع بعض القطاعات على زيادة الانتاج وتحسين نوعيته والحد من ارتفاع الاسعار ، لاسيما اسعار السلع والخدمات الضرورية لمعظم فئات المجتمع ، وبدون ان تؤدي هذه النفقات الى استهلاك جانب من انتاج المجتمع من السلع والخدمات ، كما هو الحال بالنسبة للنفقات الفعلية ، وهذا يعني ان النفقات التحويلية هي نفقات تقوم بها الدولة بدون ان يكون لها مقابل ، بل تأخذ شكل نفقات دعم ( اعانات ) وهبات  ، وتبرر هذه النفقات بايرادات عادية مثل الضرائب ، وهي بذلك تساهم بصورة مباشرة هي زيادة الرفاهية الاجتماعية لافراد المجتمع ، وبصورة غير مباشرة في زيادة الانتاج القومي 0

فعندما يحدث تفاوت كبير في الدخول بين افراد المجتمع ، وترغب الدولة في تقليص حدته ، تستخدم في ذلك عدة وسائل اهمها الضرائب ، التي تؤخذ من ذوي الدخول المرتفعة ، وتوزع على ذوي الدخول المنخفضة وهي بذلك تعمل على تحسين احوال المعيشه لذوي الدخول المنخفضة ، وبالتالي زيادة رفاهيتهم  الاجتماعية ، وذلك لان مقدار المنفعة التي سينفقها دافعوا الضرائب من ذوي الدخول المرتفعه ، هي اقل من المنفعة التي يكتسبها المستفيدون من ذوي الدخول المنخفضة  ، ويمكن توضيح ذلك من خلال منحنى  المنفعة الحدية للنقود الواضح في الشكل (1) ، والذي يبين انه في أي مستوى للدخل ، فان الشخص يحصل على المنفعة الحدية نفسها ، التي يحصل عليها شخص اخر ، وعليه يكون بالامكان استخدام  هذا الشكل ليظهر اثر اعادة توزيع الدخل على القوة الشرائية ، وبالتالي على الرفاهية الاجتماعية ، ومن خلال استخدام الضرائب التصاعدية ( وهي الضرائب التي تزداد بزيادة الدخل ) فاذا ما فرضت ضريبة على ذوي الدخول المرتفعة مقدارها ( EH ) ، وان ( AD ) تمثل مقدار النفقات التحويلية ، التي اعطيت الى ذوي  الدخول المنخفضة على شكل رواتب للعاطلين والعاجزين ومكآفات للمتقاعدين وما في حكمها ، يلاحظ ان مقدار ( AD  ) اقل من مقدار ( EH ) لان عملية التحويل ترافقها نفقات ادارية او استعمالات غير تحويلية ، أي ان الدولة تحول للفقراء جزءا” من الدخول المتحصل  عليها من الاغنياء ، ولكن مع ذلك يتبين ان المساحة ( AD CB  ) او الزيادة في منفعة ذوي الدخول المنخفضة ، اكبر من المساحة ( EHGF  ) او المنفعة التي  يفقدها ذوو الدخول المرتفعة الذي يعني زيادة المنفعة الكلية ، أي زيادة رفاهية المجتمع 0























الشكل ( 1 ) توزيع الدخل القومي لصالح ذوي الدخول المنخفضة

المنفعة

الحدية

للنقود

(MU2)





B



C





F          G





(MU2)





الدخول النقدي   H         E                                     D     A









ومثلما  هناك من يرى ان لسياسة اعادة توزيع الدخل لصالح ذوي الدخول المنخفضة من رفاهية أكبر للمجتمع ، فان بعض الباحثين ، يرى العكس ، أي ان اجراءات اعادة توزيع الدخل لصالح ذوي الدخول المنخفضة تعيق عملية زيادة الانتاج ، ثم الرفاهية ، لانها تعمل على تخفيض الادخارات لدى اصحاب الدخول المرتفعة ، وما يترتب على ذلك من تقليل الحوافز لديهم على زيادة الاستثمار ثم الانتاج 0

وفي موضع الرد على اهمية التفاوت في توزيع الدخل ، يمكن القول ، ان القبول بالتفاوت كشرط ضروري لزيادة النمو الاقتصادي ، حالة يصعب تحقيقها في معظم الدول النامية ، لان تخفيض دخول ذوي الدخول المنخفضة ، قد يؤدي الى عدم تمكنهم من الحصول على الغذاء اللازم لصحتهم ، والى حدوث نقص في الخدمات الضرورية ( التعليم والصحة والسكن وغيرها ) وكلاهما يؤدي الى انخفاض الانتاجية التي لها تأثير مثبط في عملية النمو الاقتصادي 0

وحتى ذوي الدخول العالية في اغلب مجتمعات الدول النامية  ، قد عرفوا على نقيض من التجربة التاريخية للدول المتقدمة بميلهم الكبير للاستهلاك ، وقلة تلك المبالغ التي تخصص من دخولهم للادخار ، ثم الاستثمار الانتاجي ، حيث يلاحظ ان عددا” كبيرا” من ملاك الاراضي والتجار وفئات اخرى ، ينفقون جزءا” كبيرا” من دخولهم على السلع الكمالية المستوردة ، وعلى اقامة الحفلات والرحلات ، وايداع القسم الاخر من دخولهم لدى البنوك الاجنبية ،  وغيرها من المجالات التي ، لاتعود بالفائدة والخير لمجتمعاتهم ، لانها لاتضيف شيئا” للعملية الانتاجية في بلدانهم 0

     في ضوء ما تقدم يمكن ان نقسم النفقات التحويلية حسب مجالات استخدامها وطبيعة اهدافها الى الاتي :-

1- نفقات تحويلية اجتماعية :- تهدف الى تحسين الاحوال المعيشية لذوي الدخول المنخفضة في المجتمع ، كالمدفوعات التي تقدم الى العاطلين والعاجزين ومخصصات غلاء المعيشة ، وغيرها من المدفوعات كمدفوعات الاعانات التي تقدم الى اصحاب الاسر كبيرة العدد ، او لبعض المنتجين لتمكينهم من بيع منتجاتهم للمستهلكين باسعار منخفضة 0

2- نفقات تحويلية مالية :- ومنها رواتب التقاعد التي تقدمها الدولة لموظفيها بعد انتهاء خدمتهم ، والتي تزيد عن القدر الذي يمكن ان يصفي عليها طابع النفقات الحقيقية التي تقدمها الدولة  مقابل ما قدموه لها من خدمات 0

3- نفقات تحويلية اقتصادية :- تستهدف تحقيق نمو متوازن بين القطاعات المكونة للاقتصاد القومي ، ومنها الاعانات التي تمنحها الدولة لبعض المشروعات الانتاجية ، لتضمن لها تحقيق مستوى معين من الدخل ، او التي تمنحها الدولة لبعض منتجي السلع الضرورية ، للحد من ارتفاع مستوى اسعارها ، بحيث تعد هذه الاعانات المباشرة للمنتجين بمثابة اعانات غير مباشرة للمستهلكين ، كالاعانات التي تقدمها الدولة في العراق ، لمنتجي محصول الحنطة ، بهدف زيادة انتاجه ، ثم توفيره في الاسواق باسعار مناسبة ومستقرة ، ومنها ايضا” الاعانات الانشائية  التي تحصل عليها بعض المشروعات لاستكمال تجهيزها الراسمالي ، او التوسع فيه ، او استبدال ما دمر منها ، بسبب الكوارث  الطبيعية او الحروب ، وتتخذ  هذه الاعانات اما شكل مباشر ، تتمثل في مساعدة الدولة لهذه المشروعات في الحصول على مستلزمات انتاجها بدون مقابل ، او بشكل غير مباشر ، تتمثل في قيام الدولة بمساعدة هذه المشروعات في الحصول على قروض بشروط ميسرة ، من خلال دعم الحكومة  للمصارف ، ومن هذه الاعانات الاقتصادية ، إعانات  التصدير ، التي تمنحها الدولة بهدف تشجيع الصادرات المحلية ، وإعانات الاستيراد التي تمنحها الدولة بهدف تمكين المشاريع من استيراد بعض الأجهزة الضرورية لعملية الإنتاج 0

ثالثا” :- النفقات الانتاجية والنفقات غير الانتاجية :-

تعرف النفقات الانتاجية ، بانها تلك النفقات التي تؤدي الى انتاج السلع والخدمات ، والتي عند اضافتها الى السلع والخدمات المنتجة من قبل القطاع الخاص تحصل على الناتج المحلي ، وهذا يعني ان النفقات الانتاجية ، هي النفقات التي تساهم في زيادة الناتج المحلي للبلد 0

ومما لاشك فيه ، ان الدولة تميل الى انتاج العديد من السلع والخدمات الضرورية للمجتمع ، بصرف النظر من انها تأتي بايراد مالي مربح او لاتأتي به ، لان الدولة هدفها رفاهية المجتمع، أي أشباع حاجة عامة ،وبالتالي ، فانها تقدم هذه السلع والخدمات ، اما بدون مقابل او بمقابل رمزي ، لتضمن حصول جميع الافراد عليها ، فضلا” عن ان القطاع الخاص غالبا” مايبتعد عن انتاج مثل هذه السلع والخدمات، اما لان انتاجها غير مربح ، او لان انتاجها يتطلب موارد ماليه كبيرة ، يصعب على الافراد توفرها 0

اما النفقات غير الانتاجية  ، فهي تلك النفقات التي لاتستخدم في زيادة الانتاج المحلي من السلع والخدمات ، بل تستخدم في سبيل المحافظة على النظام العام في البلد 0

رابعا” :- النفقات الادارية والنفقات الرأسمالية :-

النفقات  الادارية ، هي النفقات اللازمة لسير الادارات العامة في الدولة ، سواء كانت هذه النفقات تقدم على شكل رواتب واجور ومكافأت الى الافراد العاملين في الادرات العامة مقابل خدماتهم التي يؤدونها الى هذه الادرات ، او تكون على شكل نفقات لشراء المهمات والمستلزمات المطلوبة لتمشية اعمال هذه الادارات ، او  على شكل اموال تدفعها الدولة الى بعض الهيئات المحلية ، نظير الخدمات التي تقدمها نيابة عنها ، وهذا يعني ان الدولة  بأنفاقها لهذه الاموال تنتظر من وراء  انفاقها هذا الحصول على خدمات ومنافع مباشرة ، لايمكن ان تستغني عنها الوحدات الادارية الحكومية 0

اما النفقات الراسمالية ، فهي تلك النفقات الاستثمارية التي تخصصها الدولة للحصول على المعدات الراسمالية اللازمة لزيادة الانتاج السلعي ( مشروعات انتاجية ) او لزيادة الخدمات العامة ( اقامة مشروعات الخدمات العامة كالمدارس والمستشفيات )

وهذا يعني ان النفقات الراسمالية تتميز بصفات معينة تميزها عن النفقات الادارية ، ذلك ان الدولة لاتهدف من وراء هذا الانفاق الى تحقيق نفع مباشر ، يفيد الجهاز الاداري للدولة ، بل تهدف من وراءه  زيادة معدلات النمو  الاقتصادي والتنمية الاقتصادية في البلد 0











المبحث الثاني :- التقسيمات العلمية للنفقات العامة :-

تقسم  العديد من الدول النفقات العامة على اسس وضعية ( عملية ) بدلا” من الاعتماد على الاسس العلمية ( الاقتصادية ) لتقسيم نفقاتها ،وذلك لاعتبارات تاريخية وادارية ووطنية ، ويمكن تقسيم النفقات العامة وفقا” للتقسيمات العملية الى ثلاثة تقسيمات وكما يأتي :-

اولا” :- التقسيمات الادارية للنفقات العامة :-

مع ان التقسيمات الادارية للنفقات العامة تعد من اقدم التقسيمات الوضعية ، فأنها ماتزال تحتل مكانة مهمة في مجال اعداد وتنفيذ الميزانية العامة للدولة ، اذ يجري توزيع النفقات العامة وفقا” لهذا التقسيم على اساس الجهة التي تقوم بالانفاق ، أي وفقا” للوحدات الادارية التي اعطيت حق التصرف في الاموال مثل الوزارات ، وقد كان عدد هذه الوزارات محدودا” في السابق ، وذلك لمحدودية  سلطات الدولة التي كانت تتركز في الدفاع الخارجي والامن الداخلي والعدالة اضافة الى ما تقدمه لبعض السلع والخدمات التي لا يرغب القطاع الخاص تقديمها لافراد المجتمع 0

ونظرا” لعدم توافق هذا التقسيم مع توسع وجبات الدولة وتعددها ، فقد ظهرت الحاجة الى تقسيم اخر يتناسبه مع وظائف الدولة المتعددة 0 وهو التقسيم الوظيفي الذي يكون أكثر تناسبا” مع تطور واجبات الدولة

ثانيا” :- التقسيمات الوظيفية للنفقات العامة :-

ترتبط التقسيمات الوظيفية للنفقات العامة بالمفاهيم الحديثة للمالية العامة ، حيث ان النفقات العامة من خلال هذا التقسيم لم تعد اداة لتمويل الجهاز الاداري للدولة  فحسب ، وانما كاداة لتنفيذ سياسات الدولة المختلفة في مجال السياسة والاقتصاد والاجتماع 000 الخ ، أي ان هناك اهدافا” متعددا” تسعى الدولة الى تحقيقها ، وبالتالي ، اصبح من الضروري ، ان يجري تقسيم النفقات العامة على اساس وظائف الدولة ، التي تضطلع بها ، وليس وفقا” للوحدات الادارية التي اعطيت حق التصرف في الاموال كالوزارات 0

وقد استخدمت هذا القسم لجنة هوفر (Hoover  ) في الولايات المتحدة ، ثم انتشر في كثير من الدول الاوربية ، وبناء عليه يتم تقسيم النفقات العامة وفقا” للوظائف الرئيسية في الدولة ويبلغ عددها ثماني وظائف هي :-

1- الادارة العامة والسلطات العامة

2- القضاء والامن

3- العلاقات الخارجية

4- الدفاع الوطني

5- التعليم والثقافه

6- النشاط الاجتماعي ( الصحة ، العمل ، 000 )

7- النشاط الاقتصادي ( الزراعة ، الصناعة ، التجارة ، 000 )

8- الاسكان







ثالثا” :- التقسيمات الاقتصادية للنفقات العامة :-

وهي تلك التقسيمات  التي يمكن ان تجري وفقا” لمهام مختلف دوائر الدولة ، مع الاهتمام بان توزيع هذه المهام حسب تدخل الدولة في الحقول الاقتصادية المختلفة كالصناعة والزراعة والتجارة 000 الخ ، الا انه من  الافضل ان يأخذ التقسيم الاقتصادي للنفقات العامة بعين الاعتبار الجوانب الاقتصادية والاجتماعية في الميزانية وكما يأتي :-

1- النفقات اللازمة لسير الادارة ومختلف المصالح الحكومية 0

2- نفقات التجهيز والانشاء 0

3- نفقات تحويلية 0























اسئلة الفصل

س1:- عرف المفاهيم الأتية

1-النفقات غير العادية

2- النفقات التحويلية

3- النفقات الادارية

4- النفقات الرأسمالية

5- النفقات غير الانتاجية

س2:- ميز بين المفاهيم الآتية :-

1- النفقات العادية والنفقات غير العادية

2- النفقات الفعلية والنفقات التحويلية

3- النفقات التحويلية الاجتماعية والنفقات التحويلية الاقتصادية

4- النفقات الانتاجية والنفقات غير الانتاجية

5- النفقات الادارية والنفقات الرأسمالية

س3:- وضح التقسيمات العلمية للنفقات العامة

س4:- بين كيف تم تقسيم النفقات العامة وفق التقسيم الوظيفي

س5:- أ- ماهي اهم الاعتبارات التي يأخذ بها القسم الاقتصادي للنفقات العامة

ب- علل الأتي :-

على الرغم من أهمية التقسيمات الادارية للنفقات العامة في مجال اعداد وتنفيذ الموازنة  العامة وفقد ظهرت الحاجة  إلى تقسيمات  اخرى للنفقات العامة 0







مصادر الفصل

1- د. رفعت المحجوب ، المالية العامة ، الكتاب الاول النفقات العامة دار النهضة العربية القاهرة 1971

2- د. عاطف صدقي المالية العامة دار النهضة العربية القاهرة 1969

3- د. عبد العال الصكبان مقدمة  في علم المالية العامة والمالية العامة في العراق الجزء الاول الطبعة الاولى مطبعة  العاني بغداد 1972

4- د. علي العربي ، د. عبد المعطي عساف ادارة المالية العامة بدون تاريخ

5- د. فاضل شاكر الواسطي اقتصاديات المالية العامة الطبعة الاولى مطبعة المعارف بغداد 1973

6- د. يونس احمد البطريق واخرون مبادئ المالية العامة مؤسسة شباب الجامعة للطباعة والنشر والتوزيع

7- د. يونس احمد البطريق المالية العامة مركز الكتب الثقافية بيروت 1984

8- د. نور الله نور الله محاضرات في المالية العامة وتشريعات الضرائب جامعة دمشق 1966

9- هاشم الجعفري مبادى المالية العامة والتشريع المالي بغداد 1961









الفصل الثالث

ظاهرة ازدياد النفقات العامة



المبحث الأول :- الأسباب الظاهرة لزيادة النفقات العامة

المبحث الثاني :- الأسباب الحقيقية لزيادة النفقات العامة

المبحث الثالث :- العوامل المحددة لحجم النفقات العامة





الفصل الثالث

ظاهرة ازدياد النفقات  العامة

تمهيد :-

أن ظاهرة ازدياد النفقات العامة ماهي ألا ظاهرة عامة ومستمرة في جميع الدول سواء أكانت متقدمة أم نامية وأيا كان نظامها السياسي والاقتصادي ، وقد يحدث سنة معينة أن لا تزداد النفقات العامة أو إنها تنخفض ، ولكن ذلك لا يخل بالظاهرة العامة وهي الاتجاه المستمر بزيادة النفقات العامة ويجب الإشارة إلى أن درجة الزيادة في النفقات العامة تختلف تبعا” للمكان والزمان ألا انه يمكن القول بصورة عامة أن درجة الزيادة كانت بطيئة حتى عام 1914 وبعد هذا التاريخ أخذت الزيادة في النفقات العامة بالأتساع 0

وان أول من لاحظ هذه الظاهرة ، أي ظاهرة ألا زيادة في النفقات العامة هو الاقتصاد الألماني فاجز في سنة 1892 ولهذا يطلق على هذه الظاهرة بقانون فاخر ، ويسمى هذا القانون بـ (( قانون الزيادة المستمرة للنشاط العام وبصورة خاصة نشاط الدولة )) 0

ويجب الإشارة إلى أن الأرقام المتزايدة العامة ولعدة سنوات ، قد لا تعكس الزيادة الحقيقية في النفقات ، أي انه قد يكون الازدياد الفعلي للنفقات العامة أقل مما تنبئ عنه هذه الأرقام ، وهذا  يعني أن هتاك عوامل عديدة قد تضيف على الزيادة الحقيقية في النفقات العامة زيادات جديدة تؤدي إلى تضخيم الظاهرة لذلك فانه من اجل الوقوف على حقيقة الزيادة في هذه الأرقام لأبد من أن نفرق بين الأسباب الظاهرية التي أدت إلى تضخم هذه النفقات وزيادتها غير حقيقية وتلك التي أدت إلى زيادتها زيادة حقيقية 0

المبحث الأول :- الأسباب الظاهرة لزيادة النفقات العامة

 يقصد بالزيادة الظاهرية في النفقات العامة تلك الزيادة التي لا يترتب عليها زيادة  في نصيب الفرد الواحد من الخدمات العامة التي تقدمها الدولة ويعزى معظم هذه الزيادة إلى أسباب ظاهرية من شأنها أن تزيد من حجم الأنفاق العام دون أن تؤدي إلى زيادة في المنفعة الحقيقية للخدمات العامة ويمكن تحديد أهم الأسباب التي تؤدي إلي زيادة هذه الظاهرة كما يأتي :-

أولاً :- انخفاض قيمة النقود :-

يقصد بانخفاض قيمة النقود هبوط القوة الشرائية للوحدة النقدية والذي يعود إلى ارتفاع المستوى العام للأسعار أي يجب أن يدفع عدد اكبر من الوحدات النقدية من اجل الحصول على نفس السلعة أو الخدمة التي كان بالإمكان الحصول عليها في السابق بعدد اقل من الوحدات النقدية ويشير الانخفاض في قيمة  النقود إلى أن الزيادة في النفقات العامة تكون ظاهرية في جزء منها وان هذا الجزء يتوقف على مدى هذا الانخفاض وهذا يعني أن الزيادة في النفقات العامة قد تعزى إلى ارتفاع الأسعار وليس إلى الزيادة في كمية السلع والخدمات التي وزعتها هذه النفقات 0





ثانياً :-  تغير القواعد المالية  :-

قد تعزى الزيادة في النفقات العامة إلى تغير القواعد الفنية في أعداد الميزانية العامة من دولة إلى أخرى أو من فترة إلى أخرى إذ قد يترتب على حدوث هذه التغيرات في القواعد الفنية إلى الانتقال من الميزانية الصافية ( والتي لا يدرج فيها المبالغ التي تنفقها الدولة بل يدرج فيها صافي الإيرادات ) إلى الميزانية الإجمالية والتي يدرج فيها كل المصروفات والإيرادات التي تقوم بها الدولة ويتضح من ذلك أن أتباع الميزانية الإجمالية من شأنه أن تؤدي إلى ارتفاع رقم المصروفات العامة ذلك الارتفاع الذي لاتقابلة في حالة اتباع الدولة الميزانية الصافية 0

كما أن طرق أعداد الميزانية قد لا تختلف من حيث الشكل فحسب وانما قد تختلف من حيث الجوهر والموضوع فقد تتناول الميزانية العامة مثلاً نفقات الدولة التي تنفقها في المشروعات الاقتصادية التي تم تأميمها وفي أحيان أخرى قد لا يظهر مثل هذا النوع من النفقات في الميزانية وذلك لأنها قد تدرج في ميزانية مستقلة فهذه المصروفات وغيرها يجب أن تأخذ بعين الاعتبار عند البحث في زيادة النفقات العامة 0

ثالثاً :- توسع مساحة إقليم الدولة أو زيادة عدد سكانها :-

تتطلب زيادة عدد السكان واتساع مساحة الإقليم التي تبسط الدولة عليه سلطتها الحكومية إلى زيادة في الأنفاق الحكومية عامة فيها فزيادة عدد أفراد المجتمع معناه إضافة أعباء جديدة على الدولة إذ عليها واجب توفير الأمن العام والعدالة وبناء المستشفيات والمدارس وما إلى ذلك من الحاجات العامة التي يحتاجها المجتمع 0

فزيادة النفقات العامة نتيجة لزيادة عدد السكان أو زيادة مساحة الإقليم  أو كلاهما لاتعد بمجموعها زيادة ظاهرية وذلك لأنها حصلت نتيجة لزيادة عدد السكان أو زيادة مساحة الإقليم أو كلاهما  وكذلك لاتعد زيادة حقيقية لأنها لا تؤدي إلى زيادة نصيب الفرد الواحد من الخدمات العامة رغم زيادة حجم الأنفاق مثل ذلك الزيادة التي حققتها أرقام الميزانية العامة للجمهورية العربية المتحدة بعد وحدة  مصر وسوريا فقد كانت في حقيقتها تجميع لميزانية كل من البلدين قبل وحدتهما 0

المبحث الثاني :- الأسباب الحقيقية لزيادة النفقات العامة

يقصد بالزيادة الحقيقية في حجم النفقات العامة زيادة المنفعة الحقيقية للمجتمع والناشئة عن هذه النفقات أو زيادة نصيب متوسط الفرد الواحد من الخدمات العامة وتشير الزيادة الحقيقية في النفقات

العامة إلى زيادة تدخل الدولة في الجانب الاقتصادي والاجتماعي والسياسي وغيرها من جوانب الحياة ويمكن أن نبين أهم الأسباب التي تؤدي إلى الزيادة الحقيقية في النفقات العامة وكما يأتي :-

أولاً :- الأسباب الاقتصادية :- وأهمها  :-

أ- نمو الدخل القومي :-

  تساعد الزيادة في معدلات الدخل القومي على زيادة النفقات العامة حيث أن زيادة العوائد التي يحصل عليها أصحاب عناصر الإنتاج والتي من مجموعها يتكون الدخل القومي تمكن الدولة من أن تحصل على نسبة معينة من هذه

العوائد ( الدخول ) عن طريق الضرائب والرسوم وغيرها لتتمكن الدولة من خلالها من مقابلة نفقاتها المتزايدة أي ان هناك علاقة طردية بين الدخل القومي  والنفقات العامة 0

ب- انتشار المشروعات العامة :-

أن تدخل الدولة في الحياة الاقتصادية اخذ بالتزايد في معظم الدول سواء كان عن طريق توسع المشروعات القائمة أو من خلال إنشاء  مشروعات جديدة لاسباب  متعددة منها المساهمة في زيادة المعروض من السلع والخدمات الضرورية للمجتمع والتي يحتكر القطاع الخاص إنتاجها أو التي

لا يرغب في إنتاجها بسبب عدم تحقيقها للأرباح أو بسبب أن إنتاجها يحتاج إلى موارد مالية كبيرة بتعذر على القطاع الخاص توفيرها وعلى اثر ذلك تتزايد النفقات العامة 0

جـ- دعم الدولة للمنتجين والمصدرين المحليين :-

 تقدم  الدولة إعانات متعددة مالية وغير مالية تشجع من خلالها المنتجين على الاستمرار في إنتاج السلع الضرورية وعرضها في السوق بأسعار مناسبة وكذلك تزيد من قدرة منتجات المصدرين  الوطنيين  على المنافسة في الأسواق العالمية 0

د- حدوث الدورات الاقتصادية :-

تعمل الدولة على زيادة نفقاتها العامة في فترتي الكساد والازدهار ففي فترة الكساد عليها أن تعمل جاهدة على زيادة الطلب الفعال من خلال تشغيل اكبر عدد ممكن من القوى العاملة في المشاريع الخدمية والإنتاجية مقابل أجور معينة توزع على هؤلاء العاملين الذين سيقومون بأنفاقها على السلع والخدمات لأسباع حاجاتهم منها والذي يعني زيادة الطلب الفعال ومع استمرار زيادة الاستخدام ثم زيادة الدخول الموزعة لاسيما وانهم من ذوي الدخول المحددة ويتميزون بارتفاع الميل الحدي للاستهلاك والذي يترتب عليه زيادة اكثر في الطلب الفعال 0 مما يؤدي إلى امتصاص المعروض من السلع والخدمات في الأسواق من ناحية والى تحفيز المشاريع على التوسع في إنتاجها من ناحية أخرى ، وبالتالي زيادة معدلات النمو الاقتصادي 0 أما فترة الازدهار فان قيام الدولة بإنشاء المشاريع وتوسيع القائم منها يرافقها تطبيق سياسات مالية ونقدية ( كزيادة الضرائب والتوسع في القروض العامة ) للحد من ارتفاع معدلات التضخم التي تساير عملية زيادة الأنفاق الحكومي 0

ثانياً :-  الأسباب الاجتماعية : ومن أهم هذه الأسباب :-

أ- زيادة عدد السكان والهجرة إلى المدن :-

أن زيادة عدد السكان وزيادة معدلات هجرتهم من الريف إلى المدن والى المراكز الصناعية تؤدي حتما” إلى زيادة الإنفاق الحكومي نتيجة لقيام الدولة برعاية شؤون عدد أكبر من الأفراد خاصة في تلك المناطق التي يرتفع فيها معدل زيادتهم كما أن زيادة نسبة سكان المدن عن طريق نمو سكانها والهجرة أليها من المناطق الريفية يتطلب ارتفاع نسبة النفقات العامة المخصصة للمدن مقارنة بما يخصص من نفقات إلى المناطق الريفية وذلك لما تتطلبه عملية اتساع حجم المدن من ناحية وطبيعة الحياة فيها من ناحية أخرى من ارتفاع تكاليف أداء الخدمات العامة إضافة إلى ماتحتاجة الحياة الحضرية من خدمات إضافية لا تحتاجها  الحياة الريفية ولعل الدليل على ذلك أن زيادة عدد سكان مدينة معينة واتساع حجمها يؤدي إلى ارتفاع نصيب الفرد الواحد من سكانها من النفقات العامة 0



ب- تطور الوعي الاجتماعي :-

أن تطور الدولة من مرحلة الدولة الحارسة إلى مرحلة الدولة المتدخلة ثم الدولة المنتجة قد انعكس على جميع جوانب نشاطاتها لاسيما الجانب الاجتماعي ومنه الوعي الاجتماعي حيث اصبح من واجبات الدولة رفع مستوى المعيشة للفئات ذات الدخول المحددة بصورة خاصة وبقية فئات المجتمع بصورة عامة وذلك من خلال التوسع في تقديم الخدمات العامة وبصورة خاصة التعليم والصحة والنقل والمواصلات 00 الخ كما أصبحت الدولة مسؤولة عن تقديم الإعانات النقدية لمواجهة حالات المرض والعجز والشيخوخة والبطالة إضافة إلى ذلك فان الدولة كثيرا” ما تلجأ إلى تقديم إعانات إلى بعض المنتجين لاسيما منتجي السلع الأساسية وذلك بهدف تخفيض أسعارها وتمكن الطبقات الفقيرة من الحصول عليها 0

ثالثاً :-  الأسباب السياسية  :-

تتأثر النفقات العامة بطبيعة الحكم السائد وأفكاره السياسية التي يعتنقها فالحكم الذي يتحدد بحدود إقليمية  تكون انفاقاته اقل من الحكم الذي يتعدى حدود إقليمية إلى رحاب القومية الواسعة ويساهم في مساعدة الأقطار الشقيقة النامية كما أن الدولة التي تحمل رسالة إنسانية وتساهم في حركات  التحرر تكون انفقاتها العامة أوسع مقارنة بغيرها من الدول التي لاتتبنى هذه المواقف 0

كما أن انتشار المبادئ والنظم الديمقراطية ونمو مسؤولية والاهتمام بالفئات الاجتماعية ذات الدخول المنخفضة ومحاولة تقديم الخدمات الضرورية لها إضافة إلى أن نظام تعدد الأحزاب السياسية قد يدفع الدولة إلى زيادة المشروعات الاجتماعية لكسب رضا الناخبين  الذي ترتب عليه زيادة في النفقات العامة كذلك فان للتعاون الدولي ومساهمة الدولة في المنظمات الدولية والإقليمية واتساع رقعة التمثيل الخارجي تكلف الميزانية الكثير من النفقات 0

رابعاً :- الأسباب الإدارية  :-

لقد تمخض عن تطور دور الدولة وزيادة تدخلها في الحياة الاقتصادية والاجتماعية زيادة عدد المؤسسات والإدارات والمرافق العامة ثم زيادة عدد الموظفين والعاملين وارتفاع تكاليف تسييرها ومن ثم زيادة النفقات العامة غير أن زيادة عدد الموظفين عن الحد الذي تحتاج أليه الإدارات وسوء التنظيم الإداري وانعدام التعاون والتنسيق في العمل بين الإدارات إضافة إلى الروتين المعقد تساهم كثيرا” في زيادة النفقات العامة 0

خامساً :- الأسباب المالية   :-

تميز العصر الحديث بسهولة الاقتراض حيث لم يتحدد القرض العام بمفهومة السابق من انه مصدرا” غير اعتياديا” تلجأ أليه الدولة في الظروف غير الطبيعية لزيادة إيراداتها العامة وقد تفرض على الدولة المقترضة شروطا” غير ميسرة من قبل المؤسسات المقرضة مما يؤدي إلى زيادة عبء خدمة الدين (سداد اصل الدين والفوائد المترتبة عليه ) نتيجة لهذا الاقتراض 0

وقد تضاءلت هذه القيود نتيجة للجوء الدولة إلى إصدار سندات ذات أجال وفئات مختلفة وتشجع الأفراد على شراءها من خلال المزايا التي ترافق عملية طرح السندات كالإعفاء من الفوائد والضرائب وغيرها من المحفزات وقد تلجأ الدولة إلى القرض الإجباري إذا اصبح  القرض الاختياري لا يلبي احتياجاتها من الأموال اللازمة لتغطية النفقات المتزايدة كما أن اللجوء إلى القرض العام قد أدى إلى زيادة خدمة الدين ومن بعد إلى زيادة النفقات العامة كما أن وجود فائض في الإيرادات العامة أو مال احتياطي غير مخصص قد يغري الدولة بانفاقة في وجوه غير ضرورية مما يزيد من النفقات العامة 0

سادساً :- الأسباب القانونية   :-

أن تطور المبادئ القانونية وتقرير مسؤولية الدولة أمام القضاء نتيجة لما يلحق الأفراد من أضرار من قبل دوائر الدولة وموظفيها سواء أكان بتعمد أو نتيجة خطأ أو إهمال أو نتيجة القيام بمشروع مثل إنشاء جسر تسبب في تصدع جدران الدور القريبة من قواعده الجانبية نتيجة لدق ركائزه ، بل حتى لو اقتضت المصلحة العامة باستملاك بعض الأراضي والدور للصالح العام ، فعلى الدولة تعويض أصحابها بما يناسب القيمة وقت الاستملاك وغالبا” ما تكون الدولة كريمة في التقدير لتشجيع أصحاب هذه الأراضي والدور على الانتقال إلى أماكن جديدة وإنشاء دور حديثة لهم إضافة إلى بعض التعويضات التي تغريهم بالانتقال إلى هذه الدور كل ذلك يساهم في زيادة النفقات العامة 0

سابعاً :- نفقات الدفاع والكوارث الطبيعية   :-

أن قيام المنازعات بين الدول والأطماع الدولية من قبل بعضها ضد بعض أخر يجعل الدولة في استعداد دائم للدفاع عن نفسها من خلال تدريب مواطنيها وحصولها على الأسلحة الحديثة والذي يعني زيادة النفقات العامة كما إن حدوث النكبات والكوارث الطبيعية في البلد كالزلزال والفيضانات يلزم الدولة بإزالتها وذلك بتقديم المعونات والمساعدات للمتضررين وتعويضهم واعادة بناء ما خلفته تلك الكوارث والنكبات 0

المبحث الثالث :- العوامل المحددة لحجم النفقات العامة

لم تكتفي النظرية المالية التقليدية بالربط بين الدخل القومي وبين حجم النفقات العامة وانما سارت إلى ابعد من ذلك عندما حدد بعض كتابها نسبة الأنفاق العام من الدخل القومي فاقترح بعضهم أن تكون النسبة 15% وحددها آخرون بـ 16% وان الحد الأقصى لنسبة الأنفاق العام من الدخل القومي والتي يجب أن لا تتعداه هي 25% وان السبب الذي جعل النظرية المالية التقليدية تحدد هذه النسبة الضئيلة من الدخل القومي للأنفاق العام هي لأنها افترضت أن الأنفاق العام ذو طبيعة استهلاكية وبالتالي يجب أن تحدده في أضيق الحدود وعند افتراضها لحيادية النفقات العامة لم ترى حاجة للبحث في أنواعها وأثارها المختلفة لذا عمل التقليديون على تحديد الحجم الكلي للأنفاق العام واهملوا حجمة ونوعه  وحجم كل نوع 0ومع أن هناك صلة قائمة بين حجم النفقات العامة والدخل القومي ألا أن هذه تهمل طبيعة النفقات العامة وكيف أن مقدارها يختلف باختلاف كل من  الغرض منها وباختلاف أثارها والظروف الاجتماعية والاقتصادية في الدول فمثلاً الأنفاق العام على مشاريع التنمية الاقتصادية ينبغي أن تكون كبيراً في حين أن الأنفاق على نشاطات أخرى اقل أهمية يفترض أن يكون صغيراً ولهذا فان المسألة تختلف باختلاف ظروف الزمان والمكان 0

وفي ضوء ما تقدم يمكن تحديد عدة عوامل تحدد حجم الأنفاق العام وهذه العوامل هي دور الدولة والإيرادات العام وحالة النشاط الاقتصادي 0



أولاً :-  دور الدولة :-

لقد تم التطرق من قبل إلى أن الدولة تقوم بإشباع الحاجات العامة عن طريق الأنفاق عليها وان الحاجات العامة تنمو باستمرار مع توسع وظائف الدولة ولهذا فان دور الدولة يعد عاملا” محددا” لمقدار النفقات العامة حيث أن الأنفاق لا يتقرر ألا عند إشباع حاجة عامة أي عند تدخل الدولة ومن ثم فكلما كان دور الدولة كبيرا” كلما كان حجم الأنفاق كبيرا” أيضا” والعكس صحيح 0

لذلك يلاحظ أن حجم النفقات العامة كان صغيرا” خلال فترة الدولة الحارسة واتسع اكثر حجم النفقات العامة في فترة الدولة المتدخلة والدولة المنتجة فلم يكن الأنفاق العام مهما” في ظل المفهوم التقليدي لدور الدولة  ذلك لان النشاط الاقتصادي المربح كان من اختصاص القطاع الخاص إما الدولة فتقوم بحراسة المجتمع من الاعتداء الخارجي وتوفير الأمن الدخلي والقضاء إضافة إلى بعض المشاريع العامة التي لا يقترب منها القطاع الخاص مثل شق الطرق العامة واقامة الجسور والسدود وبناء المستشفيات والمدارس ومافي حكمها 0

أما في فترة الدولة المتدخلة والدولة المنتجة فان حجم النفقات العامة اخذ بالزيادة مع اتساع دور الدولة في هذه الفترة وقد اشتركت عدة عوامل في زيادة تدخل الدولة ثم زيادة نفقاتها العامة فتدخلت الدولة في الحياة الاقتصادية من اجل إعادة أعمار ما دمرته الحرب العالمية الأولى ولمعالجة الأزمة الاقتصادية في عام 1929 عن طريق التوسع في الاستخدام وزيادة الدخول الموزعة لزيادة الطلب الفعال وتدخلت الدولة في الحياة الاجتماعية لمكافحة البطالة والجهل والمرض من خلال التوسع في إقامة المشاريع العامة كبناء المدارس والمستشفيات وكذلك تدخلت الدول في الحياة السياسية عن طريق انتشار المبادئ والنظم الديمقراطية والعلاقات الخارجية ونمو مسؤولية الدولة إضافة إلى تحول الدول الى الاشتراكية  وما يرافقها من زيادة في حجم النفقات العامة نتيجة لاتساع النشاط العام 0

 ثانياً :-  الإيرادات العامة  :-

يتأثر حجم النفقات العامة  والزيادة فيها بمقدار الإيرادات العامة ونسبة الزيادة فيها إذ انه لايمكن للدولة أن تنفق امولاً تفوق الأموال التي تحصل عليها وذلك لان سلطاتها في الحصول على الإيرادات العامة محدودة 0

وقد تطور مفهوم الإيرادات العامة مع تطور المالية العامة ففي فترة الدولة الحارسة نجد أن الدولة لا تلجأ إلى تحصيل الإيرادات من الأفراد ألا لغرض تمويل نفقاتها وان هذه الإيرادات التي تم تجميعها يجب أن لاتزيد عما يلزم لتمويل النفقات العامة أي يجب أن تكون الميزانية العامة متوازنة بمعنى آت تغطي النفقات العامة عن طريق الإيرادات العادية أي عدم الالتجاء إلى القروض العامة وهذا يترتب عليه أن يتم إقرار النفقات العامة في الميزانية قبل الإيرادات العامة حتى لا يتحقق فائض في الإيرادات الذي كان من الممكن للقطاع الخاص الاستفادة منه أن هذا الوضع كان مقبولاً في ظل المفهوم التقليدي لدور الدولة ألا أن الأحداث التي وقعت في العقود الأخيرة من القرن التاسع عشر وبداية القرن العشرين وأزمة 1929 أوضحت عدم أما كنية الاستمرار في تطبيق مفهوم المالية العامة الذي جاءت به المدرسة التقليدية والذي يقضي بوجوب تحقيق التوازن في الميزانية العامة للدولة وعلى اثر ذلك توسعت النفقات العامة من  ناحية وتم  اللجوء إلى القروض العامة لتمويل بعض النفقات من ناحية أخرى واصبح توازن الميزانية ليس أمرا مهماً بقدر أهمية التوازن الاقتصادي 0



ثالثاً  :-  حالة النشاط الاقتصادي  :-

تعد حالة النشاط الاقتصادي محدداً مهما” لحجم النفقات العامة فإذا كانت حالة الاقتصاد تعاني من ظاهرة الارتفاع المستمر في مستويات الأسعار ( ارتفاع معدلات التضخم ) فان العلاج لذلك يقتضي تخفيض حجم النفقات العامة ألان تخفيضها يؤدي إلى تقليل الطلب الفعال على السلع والخدمات وهذا يعني أن النفقات العامة تعد إحدى مكونات الطلب الكلي الفعال 0

وإذا كان الاقتصاد يعاني من حالة الركود أي أن العرض الكلي من السلع والخدمات يفوق كثيرا” الطلب الكلي عليها فان علاج ذلك يكون في زيادة حجم النفقات العامة لان زيادتها تؤدي إلى زيادة الدخول الموزعة والذي يقود إلى زيادة الطلب الكلي الفعال لمقابلة الزيادة في المعروض من السلع والخدمات 0























أسئلة الفصل

س1 :- عرف ظاهرة ازدياد النفقات العامة ، ثم ميز بين الزيادة الظاهرية في النفقات العامة والزيادة  الحقيقة في النفقات العامة 0

س2:- ماهي أهم الأسباب الظاهرية لزيادة النفقات العامة

س3:- بين الأسباب الاقتصادية التي تؤدي الى الزيادة الحقيقية في النفقات العامة س4:- تلكم عن الأسباب الاجتماعية  والأسباب السياسية للزيادة الحقيقية في النفقات العامة

س5:- وضح كيف يؤدي تطور الجوانب الاتيه إلى أحداث زيادة حقيقية في النفقات العامة

الجانب الإداري
الجانب المالي
الجانب القانوني
س6 :- ماهي أهم  العوامل المحددة لحجم الأنفاق العام  مع الشرح













مصادر الفصل

د. حسن عواضة ، المالية العامة ، دار النهضة العربية بيروت ، 1973
د. رياض الشيخ ، المالية العامة دار النهضة العربية القاهرة 1969
د. رفعت المحجوب ، المالية العامة ، دار النهضة العربية القاهرة 1971
د. عاطف صدقي مبادئ المالية ، مكتبة وهبة القاهرة 1964
د. عادل احمد حشيش ، اقتصاديات المالية العامة مؤسسة الثقافة الجامعية ، الإسكندرية 1983
د. عبد الجواد نايف ، اقتصاديات المالية العامة مطبعة الجامعة بغداد 1983
د. علي لطفي ، اقتصاديات المالية العامة ، القاهرة 1983
د. علي العربي ، د. عبد المعطي عساف ، إدارة المالية العامة بدون تاريخ
د. محمود فؤاد إبراهيم ، مبادئ  علم المالية العامة ، مكتبه النهضة المصرية ، القاهرة ، بدون  تاريخ 0




















الفصل الرابع

الآثار الاقتصادية للنفقات  العامة

المبحث الأول : اثر النفقات العامة  في الناتج القومي وعناصره

المبحث الثاني :-  اثر النفقات العامة  في الاستهلاك القومي

المبحث الثالث :- اثر النفقات العامة في إعادة توزيع الدخل القومي













الفصل  الرابع

الآثار الاقتصادية للنفقات العامة

تمهيد :-

تمثل النفقات  العامة في معظم الدول المعاصرة نسبة لا يستهان بها من الدخل القومي وعليه فان تأثيرها يصبح كبيرا” على سير الحياة الاقتصادية والاجتماعية والسياسية لهذه الدول – ولقد انتبهت معظم الحكومات إلى قوة مثل هذا التأثير فصارت تستعمل النفقات العامة كأداة للسيطرة على الاقتصاد القومي وتوجيهه بما يلي حاجات المجتمع على المديين  القريب والبعيد وبما يحقق أكبر منفعة ممكنة لجمهور المواطنين وسيتم استعراض الآثار المختلفة للنفقات العامة في الإنتاج والاستهلاك وتوزيع الدخل

المبحث الأول :- اثر النفقات العامة في الناتج القومي وعناصره :-

تؤثر النفقات العامة في الناتج القومي عن طريق تأثيرها في حجم الطلب الكلي الفعال وذلك لان النفقات التي تقوم بها الدولة تشكل جزءا” مهما” من هذا الطلب وتتوقف علاقة النفقات العامة بحجم الطلب الكلي وأثرها عليه  أي مقدار النفقات العامة ونوعها من ناحية ، وعلى درجة مرونة الجهاز الإنتاجي وقدرته على التوسع في إنتاج السلع والخدمات وعلى درجة التنمية الاقتصادية والاجتماعية المتحققة في البلد  من ناحية أخرى    ومن أجل الوقوف على أثر النفقات العامة في الناتج القومي لأبد من دراسة أثر الأنواع الرئيسة لتلك النفقات في الناتج القومي وكما يأتي :-

أولا ً :-  أثر النفقات الاجتماعية في الناتج القومي   :-

تأخذ هذه النفقات شكل نفقات تحويلية سواء كانت نقدية أم عينية بصورة سلع وخدمات ، وفي كلتا الحالتين فأنها تؤثر في إنتاج القومي ، فالنفقات التحويلية النقدية تتمثل في نقل جزء من القوة الشرائية من فئات ذوي الدخول المرتفعة إلى فئات ذوي الدخول المنخفضة في صورة إعانات البطالة ومساعدات الضمان الاجتماعي وغيرها وبما أن الميل الحدي للاستهلاك للطبقات الفقيرة مرتفعاً ، فان زيادة دخول هؤلاء الأفراد سيؤدي إلى زيادة الطلب لاسيما على السلع الأساسية التي لم يتحقق الأسباع منها وهذا يؤدي إلى تحفيز الإنتاج وزيادته

كما أن الدولة عندما تقوم التحويلات النقدية لهذه الطبقات الفقيرة لا تطمح من ذلك تحسين أحوالها المعيشية فحسب وانما لكي تتجنب بهذه التحويلات الهزات الاجتماعية الناشئة من زيادة عدد العاطلين وانخفاض الدخول 0

أما عندما تأخذ النفقات الاجتماعية طابعاً عينياً ( التحويلات العينية ) كالخدمات الطبية والإسكانية والتعليم المجاني فان الفائدة منها قد تكون أكبر مقارنة الحويلات النقدية ، التي توجه معظمها لأغراض استهلاكية وعليه فالنفقات الاجتماعية بصورها المختلفة تزيد من كفاءة الأفراد من ذوي الدخول المحدودة وقدراتهم الذهنية والجسمانية وتؤمنهم من مخاطر المستقبل ، ومن بعد تزيد من قدرتهم على العمل والإنتاج ومن ثم تساهم في زيادة الناتج القومي وهذا كله مرتبط بمقدار النفقات العامة ونوعها 0



ثانياً :- أثر النفقات الاقتصادية في الناتج القومي   :-

وتتمثل هذه النفقات في قيام الدولة بأنفاق جزء من امواها لأنتاج السلع والخدمات الضرورية للمجتمع ، أو بتنفيذ هذه النفقات في صورة إعانات اقتصادية إلى بعض المشروعات الخاصة لتحقيق هدف اقتصادي معين كالحد من أثر ارتفاع أسعار بعض السلع بقصد تمكين الأفراد من ذوي الدخول المنخفضة من الحصول على هذه السلع بأسعار مناسبة ، اوبقصد تعويض هذه المشاريع عما تفرضه عليها الدولة من التزامات لتأمين نشاطها الذي تقوم به لان نشاطها يتعلق بخدمة عامة يحتاجها المجتمع ، كما أن بعض الإعانات تستخدم لمساعدة مشروعات معينة على تجهيز نفسها من الآلات والمعدات اللازمة لاستمرار  نشاطها الإنتاجي 0

وآيا كان نوع الإعانة فقد تعطي للمشروعات العامة أو المشروعات الخاصة وقد يستفيد بعض المنتجين مباشرة منها ، وبعض المستهلكين كما أن الإعانات قد تعطي في صورة مباشرة كنقود أو غيرها وقد تقر في صورة غير مباشرة كإعفاءات من الضرائب مثلاً ، فأن من شأنها أن تساهم في زيادة إنتاج السلع والخدمات ثم عرضها في السوق بأسعار مناسبة وهذا يؤدي الى زيادة الناتج القومي ورفع الكفاءة الإنتاجية للاقتصاد القومي ، كما أن الإعانات التي تقدم لتشجيع عملية التصدير مثلاً تعمل على تحسين الميزان التجاري وتنشط الاقتصاد بوجه عام إذ تؤدي هذه الإعانات إلى جذب رؤوس أموال أخرى ومنتجين آخرين للدخول في سوق إنتاج التصدير وهذا يعود بالفائدة على الاقتصاد القومي نتيجة للحصول على العملات الأجنبية التي يمكن أن يستخدم جزء منها لاستيراد الآلات والمعدات اللازمة لنمو مشروعات معينة والذي يساهم في تقوية الاقتصاد وزيادة ناتجة القومي 0

ثالثاً :-  أثر النفقات العسكرية في الناتج القومي  :-

مع أهمية النفقات العسكرية التي تعد لازمة في توفير المناخ الملائم لعملية الإنتاج واستمرارها فأنها تشكل عبئاً كبيراً على الموازنة العامة في عديد من الدول مما يحتم على الدولة أن تكون حذرة قدر الإمكان تجاه ما تسببه نفقاتها العسكرية من أثار اقتصادية بحيث تستفيد من الجوانب الإيجابية فيها وتقلص حجم الآثار السلبية منها 0لقد اعتبر الفكر المالي التقليدي النفقات العسكرية ضمن النفقات الاستهلاكية في حين يميل الفكر المالي الحديث إلى التمييز بين أنواع هذه النفقات حيث يرى أن هناك ما يعتبر نافعاً واخر ضاراً بحسب ظروف الدولة التي فيها الأنفاق العسكري وبوجه عام  فأنه يميز بين نوعين من الآثار التي تصيب الناتج القومي من جراء هذا الأنفاق هما الآثار السلبية والآثار الإيجابية 0

ففي ما يتعلق بالآثار السلبية للنفقات العسكرية في الناتج القومي والتي تحدث عندما تقوم الدولة بتحويل عناصر الإنتاج والموارد ( القوة العاملة والكوادر الفنية والإدارية والمواد الإدارية والآلات والمعدات والأجهزة والأراضي والمباني وغيرها ) من الاستخدامات التي تسمح بإشباع الحاجات المدنية للمجتمع إلى العمليات العسكرية ، الذي يؤدي إلى ارتفاع أسعار هذه العناصر والموارد والى تقليل حجم الإنتاج المدني ومن ثم انخفاض الناتج القومي ، كما تؤثر النفقات العسكرية على توازن ميزان المدفوعات من جراء صرف العملات الأجنبية لأغراض التسليح ألا أن هذه النفقات مفيدة إذا استخدمت في إنشاء صناعات حربية في الداخل حيث تعمل في هذه الحالة على زيادة الدخل القومي 0 أما الآثار الإيجابية للنفقات العسكرية في الناتج القومي فهي تحدث عندما تقوم الدولة بتوفير الحماية الخارجية والأمن الداخلي والعدالة التي تعد ضرورية لاستتباب  الأمن وبعث الطمأنينة في نفوس المجتمع وفي نفوس أصحاب المشاريع لممارسة نشاطهم وكذلك بالنسبة للأيدي العاملة والخبرات المتنوعة الوطنية ومنها والأجنبية كما أن النفقات العسكرية قد تساهم في إنشاء صناعات معينة تستفيد منها المجالات الحربية والمدنية سواء بسواء أقامة منشأة حيوية مثل المطارات والمؤني والطرق والجسور والسدود والمخازن وما في حكمها ، التي يستفيد منها الاقتصاد القومي في الإنتاج المدني خلال فترة الحرب وبعدها كذلك قد يتولد عن النفقات العسكرية في كثير من المجالات تقدم علمي في فنون الإنتاج المختلفة  حيث تخصص نسبة كبيرة منها للبحوث العلمية التي تعود بالنفع للاقتصاد ككل

رابعاً  :- أثر النفقات العامة على تحويل عناصر الإنتاج  :-

تتمكن الدولة من خلال نفقاتها العامة أن تؤثر في نقل بعض عناصر الإنتاج من نشاط إلى أخر أو من منطقة إلى أخرى وكما يأتي :-

1- نقل بعض عناصر الإنتاج من نشاط إلى آخر :-

تستطيع الدولة بواسطة النفقات العامة أن توجه الإنتاج في الاتجاه الذي تتحقق فيه مصلحة المجتمع في مجموعة فإذا رأت الدولة أن من مصلحة المجتمع التوسع في إنتاج المنسوجات الشعبية مثلاً والعمل على تقليل إنتاج المنسوجات الحريرية فسيتم ذلك عن طريق منح إعانات مالية للمشاريع التي تقوم بإنتاج المنسوجات الشعبية وفرض ضرائب على إنتاج المنسوجات الحريرية وبذلك تتجه بعض عناصر الإنتاج إلى النشاط الذي شملته الدولة برعايتها وذلك بانتقالها من صناعة المنسوجات الحريرية إلى صناعة المنسوجات الشعبية نظرا” لضمان الربح فيها 0

2-نقل بعض عناصر الإنتاج من منطقة إلى أخرى :-

تستطيع الدولة أن تعمل على انتقال بعض عناصر الإنتاج من مكان إلى أخر وذلك عن طريق زيادة حجم النفقات العامة المخصصة لخدمات التعليم  والصحة والمشروعات العمرانية في المناطق الفقيرة أو المناطق النائية فيؤدي ذلك إلى زيادة كفاءة سكان هذه المناطق وبالتالي تزداد مقدرتهم على العمل وعلى الادخار فتصبح هذه المناطق قادرة على اجتذاب عناصر الإنتاج أليها وذلك بأغراء أصحاب رؤوس الأموال باستثمار أموالهم في هذه المناطق لتوفر إمكانات الربح فيها 0

المبحث الثاني : اثر النفقات في الاستهلاك القومي :-

أن التوسع في النفقات العامة  تؤدي عادة إلى تحسن مستوى دخول الأفراد العاملين ومن ثم زيادة مقدرتهم على الادخار وعلى شراء السلع الاستهلاكية والخدمات مما يشجع المنتجين على إنتاج مزيد من السلع وتقديم المزيد من الخدمات وهكذا يؤدي الأنفاق الأولي الذي باشرته الدولة إلى ظهور سلسة من الحلقات المتتالية من الأنفاق تفوق في مجموعها المبالغ التي قامت الدولة بأنفاقها  في بداية الأمر  أي انه عندما تخصص الدولة جزءا” من نفقات العامة بصورة أجور ورواتب للعمال والموظفين الذين تم تشغيلهم فان جزءا” من هذه الدخول التي حصل عليها هؤلاء العمال والموظفين تتجه نحو إشباع الحاجات الاستهلاكية الخاصة أي تؤدي إلى زيادة الطلب وهذا سيحفز على التوسع في الإنتاج والى تشغيل عمال اكثر وهذا يؤدي إلى زيادة توزيع الدخول التي ستنفق جزءا” منها على السلع والخدمات النهائية والذي يقود إلى توسع اكبر في الإنتاج والتشغيل ويؤدي هذا التوسع في الإنتاج والتشغيل إلى توزيع دخول جديدية أخرى يستعمل جزء منها في زيادة الطلب على السلع والخدمات النهائية أيضا” وهكذا وفي كل مرة يتزايد الناتج القومي ويستخدم عمال جدد اكثر ويتجه الناتج نحو مستوى التشغيل الكامل ويسمى هذا بالمضاعف الذي هو عبارة عن معالم عددي يبين مقدار الزيادة في الدخل القومي ( الناتج القومي الإجمالي )نتيجة للزيادة في الأنفاق الاستثماري فمثلا” لو ازداد الدخل القومي بمقدار (400  ) دينار نتيجة لزيادة الأنفاق الاستثماري أو الإنتاج بمقدار (100 ) دينار فان المضاعف سيكون (4  ) أي أن :-

K  =    Y   =   400   =  4

                    I         100

حيث أن (K ) ترمز إلى المضاعف الاستثماري و (     Y ) ترمز للزيادة في الدخل القومي (I   ) ترمز للزيادة في الأنفاق الاستثماري ، وان الأساس في العلاقة بين الدخل والاستثمار تأتي من خلال الزيادة في الأنفاق الاستهلاكي التي تحدثها زيادة الأنفاق الاستثماري الأصلية 0

ومن ناحية أخرى فان زيادة الطلب على السلع والخدمات النهائية نتيجة لزيادة النفقات العامة تؤدي في النهاية إلى زيادات متتابعة في الطلب على السلع الرأسمالية أو الاستثمارية ( الآلات والمعدات والمكائن ) اللازمة لانتاج هذه السلع الاستهلاكية والخدمات التي تزايد الطلب عليها وهذا يؤدي إلى زيادة كل من الناتج القومي الإجمالي ومستوى التشغيل أو الاستخدام والاتجاه نحو مستوى التشغيل الكامل ويسمى هذا  بالمعجل الذي هو عبارة عن مبدأ يوضح العلاقة بين الطلب على السلع والخدمات النهائية ( أي حجم الناتج القومي الإجمالي ) والطلب على السلع الرأسمالية للازمة لانتاج تلك السلع والخدمات النهائية فالزيادة في الطلب على السلع والخدمات النهائية يقتضي بالضرورية زيادة الطلب على السلع الرأسمالية الداخلة في إنتاج تلك السلع والخدمات النهائية في الاقتصاد القومي وإذا كانت  ( A ) تمثل نسبة راس المال المستخدمة الى حجم الناتج القومي وان (   K ) تمثل الزيادة في راس المال المستخدمة وان ( Y ) تمثل الزيادة في حجم الناتج القومي من السلع والخدمات النهائية فيمكن تمثيل مبدأ المعجل بالمعادة الآتية :-

A  =  ∆K

            Y

وطالما أن الزيادة في رأس المال المستخدم (   K ) تمثل الاستثمار الصافي في الاقتصاد القومي (In ) فيمكن إعادة كتابة المعادلة أعلاه بالشكل الأتي :-

A = IN

          Y    

ثم أن IN = A.   Y



والمعادلة  الأخيرة تشير إلى أن الاستثمار الصافي في الاقتصاد القومي يساوي الزيادة في الناتج القومي  مضروبة  في نسبة رأس المال المستخدم إلى الناتج وان هذه المعادلة تمثل الصيغة الجبرية لمبدأ المعجل 0

ولكي تحدث هذه الآثار الانتعاشية المضاعفة التي أشرنا أليها أعلاه نموا” وتوسعا” في مستويات الدخول والاستهلاك







والاستثمار والرخاء الاقتصادي ينبغي أن يتميز الاقتصاد المعنى بجهاز إنتاجي مرن  بأنه يستطيع أن يلبي الحاجات المتزايدة من الطلب على الخدمات والسلع الاستهلاكية وان مستوى التشغيل لم يصل إلى مستوى التشغيل الكامل حتى يمكن زيادة مستويات التشغيل التي ترافق التوسع في الإنتاج لان عدم مرونة الجهاز الإنتاجي أو أن استخدام القوى العاملة قد وصل إلى حالة الاستخدام الكامل فان الزيادة في الطلب نتيجة لزيادة النفقات العامة تؤدي إلى زيادة المستوى  العام للأسعار والذي يعني ارتفاع معدلات التضخم وبالتالي تعذر تطبيق مبدأ المضاعف والمعجل في هذا الاقتصاد 0

كما أن تمويل هذه الزيادة في النفقات العامة يجب أن تكون عن طريق القروض أو الإصدار النقدي أو عن طريق السحب من الاحتياطي العام أو أي طريق أخر لا يؤثر بدرجة كبيرة في الدخول الخاصة التي ينوي أصحابها القيام بأنفاقها على شراء السلع والخدمات النهائية لانه إذا تم تمويل هذه النفقات العامة عن طريق فرض الضرائب على المواطنين فان من شأنها أن تؤد الى انقاص حجم النفقات الخاصة لاسيما ذوي الدخول  المحدودة  الذي يترتب عليه أضعاف اثر الزيادة الكلية التي كان من الممكن ان تحدث في الطلب الكلي للاقتصاد القومي نتيجة للزيادة في النفقات العامة 0

المبحث الثالث :- النفقات العامة في اعادة توزيع الدخل القومي :-

 تؤثر الدولة من خلال نفقاتها تأثيرا” واسعا” في تكوين الدخل القومي وفي توزيعه ويتحقق هذا التأثير في توزيع الدخل القومي على مرحلتين0 المرحلة الأولى  وتسمى بالتوزيع الأولي للدخل ، ويقصد بالتوزيع الأولي للدخل إعطاء دخول  إلى عوامل الإنتاج    ( العمل وراس المال والأرض والتنظيم ) وان دخل كل عامل من هذه العوامل يتحدد بمقدار مساهمته في العملية الإنتاجية ، وان  هذه الدخول تأخذ شكل أجور وفوائد وربح وأرباح على التولي 0

أما المرحلة الثانية وتظهر الحاجة لها عندما ينتج عن التوزيع الأولي تفاوت كبير في الدخول الموزعة وترغب الدولة في إعادة توزيع هذه الدخول مرة أخرى لصالح ذوي الدخول المنخفضة أي تسعى إلى تقليص حدة التفاوت بين الذين أصابوا نصيبا”حسنا” من التوزيع الأولي  والذين لم يحققوا ألا القدر اليسير منه وتستخدم الدولة في ذلك عدة وسائل أهمها التوسع في النفقات  العامة لاسيما النفقات التحويلية منها والتي تتمثل في كل من الإعانات الاجتماعية كمخصصات الضمان والمرتبات التقاعدية والإعانات الاقتصادية كمدفوعات مكافحة البطالة والغلاء وكذلك تتمثل في النفقات التي تقدمها الدولة من خدمات مجانية في مجالات التعليم والصحة واقامة دور الرعاية  الاجتماعية والعجزة إضافة إلى ذلك فان التوسع في القطاع العام يعني أن هناك تحديدا” للقطاع الخاص وعلى الأقل في مجال إنتاج بعض لسلع والخدمات 0 وهذا بدوره يؤدي إلى الحد من أهمية الملكية الخاصة باعتبارها المصدر الأساسي للتفاوت في توزيع الدخول في المجتمع 0

وتجب الإشارة هنا إلى اثر النفقات العامة في إعادة توزيع الدخل لا تتحدد في طبيعة  النفقات العامة فقط وانما تتوقف على مصادر تمويلها أيضا” فمحاولة الدولة  إعادة توزيع الدخل لصالح  ذوي الدخول المنخفضة تتمثل أساسا” في عملية نقل جزء من دخل الأغنياء إلى دخل الفقراء من خلال نشاط الهيئات المختلفة في الدولة ويتم ذلك عن طريق فرض ضرائب مباشرة وخاصة التصاعدية منها وذلك لان حصة الطبقات الغنية في حصيلتها تكون اكبر من حصة الطبقات الفقيرة أما إذا تم تمويل نفقات الدولة عن طريق الضرائب غير المباشرة فان الطبقات الفقيرة سوف تتحمل معظمها وبالتالي فأنها ستؤدي إلى زيادة التفاوت في توزيع الدخل وليس إلى تقليله 0

كما أن سعي الدولة إلى إعادة توزيع الدخل لا تقتصر أهميتها على قام الدولة بخدمة الأهداف والقيم التي يعتنقها المجتمع في اقترابها من العدالة في توزيع الدخل وتأكيدها لمبدأ  التضامن الاجتماعي وتوفيرها لمبدأ تكافؤ الفرص فحسب بل أن لها أثارا” أخرى حيث أن عملية إعادة توزيع الدخل لصالح الطبقات الفقيرة ؤدي إلى زيادة الطلب على الخدمات والسلع الاستهلاكية لارتفاع الميل الحدي للاستهلاك هذه الطبقات والذي يقود إلى تحفيز المشاريع إلى التوسع في الإنتاج والاستخدام ومن ثم زيادة الناتج القومي الإجمالي 0












أسئلة الفصل

س1:- ميز بين اثر النفقات الاجتماعية النقدية واثر النفقات الاجتماعية العينية في الناتج القومي 0

س2:- وضح اثر النفقات الاقتصادية في الناتج القومي

س3:- للنفقات العسكرية أثارا” إيجابية أثارا” سلبيا” في الناتج القومي وضح ذلك 0

س4:- تتمكن الدولة من خلال نفقاتها العامة أن تؤثر في نقل بعض عناصر الإنتاج من نشاط إلى أخر أو من منطقة إلى أخرى هل توافق  على ذلك أم  لا ؟ ولماذا ؟

س5:- وضح اثر النفقات العامة في الاستهلاك القومي من خلال مفهومي المضاعف والمعجل 0

س6:- يمكن للدولة من خلال نفقاتها ان تعمل على تقليل التفاوت في توزيع الدخل القومي وضح ذلك 0

0 التعليقات:

إرسال تعليق

 
low-zag © جميع الحقوق محفوظة