تعريف الصداق:
لغة: مأخوذ من الصدق خلاف الكذب.
وشرعاً: هو المال الذي وجب على الزوج دفعه لزوجته؛ بسبب عقد النكاح.
وسمي الصداق صداقاً لإشعاره بصدق رغبة باذله في النكاح، ويسمى أيضاً: المهر، والنِّحْلة، والعُقْر.
ب- مشروعيته:
الأصل في مشروعية الصداق الكتاب والسنة والإجماع، كما سيأتي بيانه في الكلام على حكم الصداق.
ج- حكم الصداق:
يجب على الزوج دفع المال بمجرد تمام العقد، ولا يجوز إسقاطه. ودل على هذا قوله تعالى: {وَآَتُوا النِّسَاءَ صَدُقَاتِهِنَّ نِحْلَةً} [النساء: 4]، وقوله تعالى: {فَمَا اسْتَمْتَعْتُمْ بِهِ مِنْهُنَّ فَآَتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ فَرِيضَةً} [النساء: 24]. وقوله تعالى: {لَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِنْ طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ مَا لَمْ تَمَسُّوهُنَّ أَوْ تَفْرِضُوا لَهُنَّ فَرِيضَةً} [البقرة: 236].
وحديث سهل بن سعد رضي الله عنه قال: أتت امرأة النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقالت: إني وهبت نفسي لله ولرسوله، فقال: «مالي في النساء من حاجة»، فقال رجل: زوجنيها، قال: «أعطها ثوباً... الحديث»، وحديث أنس بن مالك رضي الله عنه أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رأى على عبد الرحمن بن عوف أثر زعفران، فقال النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَهْيَمْ؟»،- يعني: ما شأنك وما أمرك؟- فقال: يا رسول الله تزوجت امرأة، فقال: «ما أصدقتها؟» قال: وزن نواة من ذهب، فقال: «بارك الله لك، أولم ولو بشاة». وأجمع المسلمون على مشروعية الصداق في النكاح.
كم المغالاة في الصداق:
حدُّه، وحكمته، وتسميته:
أ- حد الصداق:
لا حد لأقل الصداق ولا أكثره، فكل ما صح أن يكون ثمناً أو أجرة صح أن يكون صداقاً؛ لقوله تعالى: {وَأُحِلَّ لَكُمْ مَا وَرَاءَ ذَلِكُمْ أَنْ تَبْتَغُوا بِأَمْوَالِكُمْ} [النساء: 24]، فأطلق المال، ولم يقدره بحد معين. ولحديث سهل بن سعد رضي الله عنه وفيه أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال في المرأة الواهبة نفسها: «أعطها، ولو خاتماً من حديد». فدل هذا على جواز أقل ما يطلق عليه مال.
وأما الدليل على أنه يجوز ولو كان كثيراً، فقوله تعالى: {وَإِنْ أَرَدْتُمُ اسْتِبْدَالَ زَوْجٍ مَكَانَ زَوْجٍ وَآَتَيْتُمْ إِحْدَاهُنَّ قِنْطَارًا فَلَا تَأْخُذُوا مِنْهُ شَيْئًا} [النساء: 20]، والقنطار المال الكثير.
ب- الحكمة من مشروعية الصداق:
الحكمة من تشريع الصداق: هي إظهار صدق رغبة الزوج في معاشرة زوجته معاشرة شريفة، وبناء حياة زوجية كريمة. كما أن فيه إعزازاً للمرأة، وإكراماً لها، وتمكيناً لها من أن تتهيأ للزواج بما تحتاج إليه من لباس ونفقات.
ج- الحكمة في جعل الصداق بيد الرجل:
جعل الإسلام الصداق على الزوج؛ رغبة منه في صيانة المرأة من أن تمتهن كرامتها في سبيل جمع المال الذي تقدمه مهراً للرجل، وهذا يتفق مع المبدأ التشريعي: في أن الرجل هو المكلف بواجبات النفقة، دون المرأة.
د- ملكية الصداق:
الصداق ملك للزوجة وحدها، ولا حق لأحد فيه من أوليائها، وإن كان لهم حق قبضه، إلا أنهم يقبضونه لحسابها وملكها؛ لقوله تعالى: {فَإِنْ طِبْنَ لَكُمْ عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ نَفْسًا فَكُلُوهُ هَنِيئًا مَرِيئًا} [النساء: 4]، وقوله تعالى: {فَلَا تَأْخُذُوا مِنْهُ شَيْئًا أَتَأْخُذُونَهُ بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا} [النساء: 20].
هـ- تسمية الصداق في العقد:
يسن تسمية الصداق في عقد الزواج وتحديده؛ لأن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لم يخل نكاحاً من تسمية المهر فيه، ولأن في تسميته دفعاً للخصومة والنزاع بين الزوجين.
و- شروط المهر وما يكون مهراً ومالا يكون:
1- أن يكون مالاً متقوَّماً، مباحاً، مما يجوز تملكه وبيعه والانتفاع به، فلا يجوز بخمر وخنزير ومال مغصوب يعلمانه.
2- أن يكون سالماً من الغرر، بأن يكون معلوماً معيناً، فلا يصح بالمجهول كدار غير معينة، أو دابة مطلقة، أو ما يثمر شجره مطلقاً، أو هذا العام ونحو ذلك.
وعلى هذا، يصح المهر بكل ما يصلح أن يكون ثمناً، أو أجرة، من عين أو دين أو منفعة معلومة.
ز- تعجيل المهر وتأجيله:
يجوز تعجيل المهر وتأجيله، كله أو بعضه، حسب عرف الناس وعاداتهم، بشرط ألا يكون الأجل مجهولاً جهالة فاحشة، وألا تكون المدة بعيدة جداً؛ لأن ذلك مظنة سقوط الصداق.
يستحب عدم المغالاة في المهر لما يلي:
1- حديث عائشة رضي الله عنها عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنه قال: «من يُمْنِ المرأة تسهيل أمرها، وقلة صداقها». واليُمْن: البركة.
2- عن عمر رضي الله عنه أنه قال: (ألا لا تغالوا في صُدُق النساء، فإنه لو كان مكرمة في الدنيا أو تقوى عند الله، كان أولاكم بها رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ما أصدق رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ امرأة من نسائه، ولا أصدقت امرأة من بناته أكثر من اثنتي عشرة أوقية، وإن الرجل ليغلي بصدقة امرأته حتى يكون لها عداوة في قلبه، وحتى يقول كَلِفْتُ فيك عَلَقَ القِرْبة).
3- وعن أبي سلمة قال: سألت عائشة رضي الله عنها عن صداق رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ فقالت: اثنتي عشرة أوقية ونَشّاً. قالت: أتدري ما النشُّ؟ قلت: لا أدري. قالت: نصف أوقية.
(الخلع واللعان)
سؤال / عرف الخلع مبيناً حكمه الفقهي؟
الإجابة
أولاً: تعريف الخلع:
عرف الحنفية الخلع بقولهم (إزالة ملك النكاح بلفظ الخلع أو ما في معناه نظير عوض تلتزم به الزوجة وهذا التعريف يشير إلى قيود الخلع عند الحنفية وهي:
1) أن تكون علاقة الزوجية قائمة بين الزوجين فيجب أن يكون ملك المتعة بين الزوجين قائم بقيام الزوجية حقيقة أو حكماً حتى يمكن إزالته فإذا لم تكن الزوجية قائمة لا يتحقق ذلك.
2) أن يكون الخلع بلفظ الخلع أو ما في معناه مثل الإبراء والاقتداء فلو قال لها خالعتك على كذا تتساوى مع قوله أبرأتك أو فارقتك على كذا ويتم الخلع بقبول المرأة . أما لو قال لها طلقتك على كذا لم يكن خلعاً بل طلاقاً على مال.
3) أن يكون الخلع مقابل عوض من جهة الزوجة سواء أكان مالاً أم غير مال.
4) الرضا المتبادل بين الزوجين بمعنى رضى الزوجة به إذا صدر من الزوج ورضا الزوج إذا صدر من الخلع من الزوجة.
ثانياً: الحكم الفقهي لطلب الخلع:
طلب الخلع إذا صدر من الزوجة أو إذا صدر من الزوج يعد فعلاً من أفعال الملكفين في كلتا الحالتين وأفعال المكلفين.أما أن تكون واجب أو مندوب أو حرام أو مكروه أو مباح. وعلى ذلك يقول الفقيه ابن قدامة (إذا كانت الحال بين الزوجين جيدة والأخلاق ملتئمة فإنه يكره للزوجة طلب الخلع ثم نقل عن أمام المذهب إحتمال حرمته) في هذه الحالة. وأكثر الفقهاء ترى أنه يباح للزوجة طلب الخلع إذا كرهت زوجها لسبب طبيعي كدمامته وقبح شكله أو كرهته لسبب شرعي كنقص في دينه أو لكبر سنه وعجزه عن أداء حقوقها وخشيت أن يؤدي بها ذلك إلى تفريطها بحقه وما يترتب على هذا التفريط من لحوق الإثم بها.
وجوب طلب الخلع:
شيخ الإسلام بن تيمية يرحمه الله يقول (ويجب على الزوج أمر زوجته بالصلاة فإن لم تصلي وجب عليه فراقها في الصحيح وإذا دعيت إلى الصلاة وامتنعت انفسخ نكاحها في أحد قولى العلماء ولا ينفسخ في الآخر).
وقياساً على قول ابن تيمية استظهر أحد الباحثين العكس وجوباً – بمعنى أن المرأة إذا رأت من زوجها إصراراً على ترك الصلاة بالرغم من تذكيره بها فإنه يجب على المرأة طلب الطلاق منه فإن رفض وجب عليها مخالعته لأنه لا ينبغي للمسلمة أن تكون زوجة لمثل هذا الرجل المتلبس بما يكفر اعتقاداً أو فعلاً لاختلاف العلماء في كفر تارك الصلاة عمداً وقد اشترط الباحث أن يكون الزوج متلبساً باعتقاد أو فعل يخرجه من الإسلام ويجعله مرتداً.حتى يجب على المرأة مخالعته.
وإذا كان إزالة الضرر عن الزوجة بسبب بقاء النكاح بينها وبين زوجها لبغضها له أو لعدم قيامه بحقوقها هو أساس مشروعية الخلع فإن مصلحة الزوج ودفع الضرر عنه يجب وضعها في الاعتبار أيضاً.
سؤال/ ما هو الفرق بين الخلع والطلاق على مال؟
الإجابة
1) مواضع الاتفاق بين الخلع والطلاق على مال:
أ- يتفق الخلع والطلاق على مال في أنه عندما يقع يكون الطلاق هنا (بائن) لصدوره نظير عوض تدفعه الزوجة لتتخلص من سلطان الزوج عليها وهذا لا يتحقق إلا بالطلاق البائن لإنه يزيل الملك.
ب- كما يتفقان أيضاً في أن هذا المال تدفعه الزوجة وهو يقع ديناً في ذمة الزوجة لزوجها سواء أكان خلعاً أم طلاقاً على مال، وحتى يكون المقابل ديناً فى ذمة الزوجة لابد من قبول الزوجة لأنه بدون قبول المرأة لا يتم واحد منهما .
2) مواضع الاختلاف:"
أ- يختلف الخلع والطلاق على مال في أن الخلع يسقط كل حقوق الزوجة لدى الزوج وكل حقوق الزوج لدى الزوجة على رأي الإمام أبي حنيفة رضي الله عنه ولكن الطلاق على مال لا يسقط شيئاً من هذه الحقوق بالاتفاق بين الإمام وصحابيه إذ ليس في لفظ الطلاق ما ينبئ مطلقاً على البراءة من شيء من هذه الحقوق.
ب- أيضاً يختلفان في أن العوض في الطلاق على مال إذا أبطل بأن كان مقدار من الخمر وهو مال غير مشروع فى الاسلام فهو ليس متقوماً هنا يكون الطلاق رجيعاً أما إذا بطل بدل الخلع فإن الطلاق
سؤال / ما هي شروط الخلع وما هو حكم خلع عديم الأهلية وناقصها والمريض مرض الموت؟
الإجابة
أولاً: في شروط الخلع وركنه:
- بالخلع تنحل رابطة الزوجية من قبل الزوج نظير عوض تدفعه الزوجة لذا كان من الطبيعي أن يكون ركن الخلع هو الإيجاب والقبول شأنه في ذلك شأن كافة العقود.
ويشترط لصحة الخلع ما يشترط لصحة الطلاق وهو أن يكون الزوج أهلاً لإيقاع الطلاق لأن من جاز تطليقه بلا عوض جاز تطليقه بعوض من باب أولى ومن ثم فالخلع غير صحيح إذا وقع من الصبي والمجنون والمعتوه ومختل العقل لمرض أو شيخوخة.
- كما يشترط في المختلعة أن تكون محلاً للطلاق وأهلاً للتبرع إذا كانت هي الملتزمة ببدل الخلع بأن تكون بالغة عاقلة رشيدة غير محجور عليها لأن الخلع في حقها يعني معاوضة مشوبة بتبرع.
- أيضاً يشترط في الزوجة المختلعة أن تكون راضية غير مكرهة على المخالعة وعالمة بماهية الخلع وأثره فإن كانت لا تعي هذا المعنى للخلع ولقنها زوجها كلمة اختلعت منك بالمهر ونفقة العدة فقالت هذه الكلمات وهي لا تعي معناها وقبل الزوج طلقت طلاقاً بائناً ولا شيء له من البدل لأن العقود يشترط فيها التوافق بين الإرادتين الظاهرة والباطنة.
وأهلية المرأة لقبول بدل الخلع أن تكون مميزة ومع ذلك فلو قبلت الخلع وهي مميزة غير رشيدة وقع الطلاق ولم يلزمها بدل الخلع ولا المال لأنها ليست من أهل الغرامة.
ويلاحظ أن الرشد هنا يرتبط بسن الزوجة في نظر القانون المعمول به فإذا كان القانون يعتبر سن الرشد إحدى وعشرين سنة كما في مصر يكون خلع الزوجة قبل بلوغها تلك السن كخلع غير الرشيدة فلا يلزم المال ويكون الطلاق رجيعاً وذات الحكم إذا كان محجوزاً عليها للسفه.
ثانياً: خلع عديم الأهلية:
- أقوال عديم الأهلية غير معتبرة لا إيجاباً ولا قبولاً فإذا تولت عديمة الاهلية الخلع بنفسها فالخلع باطلاً لا يترتب عليه أي أثر.
أما إذا تولى أبوها الاتفاق مع الزوج على خلعها أو طلاقها في نظير مال التزم به فيقع الطلاق بأننا في الحالتين وعلة ذلك أن الزوج علق تمام التصرف على قبول الأب وقبوله لا شائبة فيه وعليه يقع الالتزام بدفع المال للزوج ولا يسقط بهذا الخلع شيء من حقوق الزوجة التى تسقط بالخلع عند الإمام أبي حنيفة رضي الله عنه.
أما إذا قبل الأب الخلع أو الطلاق على مال ولكنه لم يلتزم بدفع البدل من ماله الخاص بل أضافه في قبوله إلى مال ابنته وقع الطلاق في الخلع بائناً وفي الطلاق على مال رجعياً لأنه علق على قبوله وقبوله معتبر.
الثا- خلع ناقصة الأهلية:
- الخلع يكون على بدل تدفعه الزوجة لا تأخذ مقابله شيئاً من المال إنما تستفيد استخلاص عصمتها من زوجها ولذلك تعتبر كأنها متبرعة بما تدفعه من العوض نظير أمر كان يمكن أن يخلص لها بالمجان فلو اختلعت الصغيرة المميزة أو ناقصة الأهلية بنفسها من زوجها وهي تفهم معنى الخلع وآثاره وقبلت ذلك وقع عليها طلاق بائن لأن الخلع علق على قبولها ومادامت مميزة فقبولها معتبر في حق وقوع الطلاق كما لا يلزمها شيء من البدل الذي قبلته.
رابعاً: خلع الزوجة في مرض موتها:
الاتفاق الفقهي قائم على صحة خلع الزوجة المريضة مرض الموت من جهة وقوع الفرقة به فهو من هذه الجهة كخلع الزوجة الصحيحة لأنه معاوضة فيصح الخلع في المرض كما يصح البيع.
غير أن هذا العوض أو البدل لما كلن شبيهاً بالتبرع وهو في هذه الحالة يأخذ حكم الوصية تتعلق بحق الورثة والدائنين بالتركة من أول المرض الذي كان سبباً في الموت فلا ينفذ إلا في حدوث ثلث التركة لأنها لا تملك التبرع بأكثر من ذلك والأمر هنا لا يخرج عن حالتين إما أن تبرء الزوجة من مرضها أو تموت بسبب هذا المرض.
فإن برئت من مرضها كان للزوج كل البدل لتراضيهما كما لو وهبته شيئاً ثم برئت من مرضها .
أما لو ماتت الزوجة في مرضها أثناء عدتها فالحنفية يوجبون للزوج الأقل من أمور ثلاثة هي:
1) بدل الخلع.
2) ثلث التركة.
3) نصيبه من الميراث – لبقاء الزوجية وميراث الرجل لزوجته بالفعل.
ما عليه العمل في مصر في هذه المسألة
- العمل في المحاكم المصرية كان يجرى على وفق رأي الحنفية السابق إلى أن صدر قانون الوصية رقم 71 لسنة 1946 الذي تضمن صحة إجازة الوصية أو ما في حكمها للوارث مثل الأجنبي تماماً في حدود ثلث التركة دون توقف على إجازة باقي الورثة.
وهنا أصبح الزوج المخالع لزوجته في مرض موتها طبقاً لهذا القانون يستحق الأقل من بدل الخلع ومن ثلث التركة ولو زاد على نصيبه في الميراث سواء توفيت الزوجة أثناء عدتها أو بعد انقضائها.
رأى الإمام بن حزم في القضية:
- الخلع عند الإمام بن حزم طلاق وقد نص على ذلك بقوله رحمه الله – (الخلع طلاق رجعي إلا أن يطلقها ثلاثاً) ومرض الموت لا يؤثر في صحة الطلاق الواقع فيه سواء أكان المريض مرض الموت هو الزوج أو الزوجة – فالقاعدة عند الظاهرية أن طلاق المريض كطلاق الصحيح ولا فرق وكذلك طلاق الصحيح للمريض وطلاق المريض للمريضة لا فرق بين كل هذه الصور.
بيد أن يشترط لصحة الخلع – عند الإمام بن حزم – يرحمه الله أن يقع في حالتين ذكرهما بقوله (الخلع هو الافتداء إذا كرهت المرأة زوجها فخافت أن لا توفيه حقه أو خافت أن يبغضها فلا يوفيها حقها فلا تفتدي منه ويطلقها إن رضى هو ولا يجبر هو ولا تجبر هي إنما يجوز بتراضيهما ولا يحل الافتداء إلا بأحد الوجهين المذكورين أو باجتماعهما فإن وقع بغيرهما فهو باطل).
سؤال : عرف اللعان موضحاً كيفيته وشروطه والامتناع عنه ؟ وآثاره ؟
الإجابة
تعـريف اللعــان وشرعيتة:
هو اسم لما يجري بين الزوجين من الشهادات بالألفاظ المعروفة مقرونة باللعن من جانب الزوج وبالغضب من جانب الزوجة.والدليل على اللعان من الكتاب قوله تعالى
"والذين يرمون أزواجهم ولم يكن لهم شهداء إلا أنفسهم فشهادة أحدهم أربه شهادات بالله أنه لمن الصادقين، والخامسة أن لعنة الله عليه إن كان من الكاذبين ، وبدراً عنها العذاب أن تشهد أربع شهادات بالله أنه لمن الكاذبين، والخامسة أن غضب الله عليها أن كان من الصادقين".
فلما نزلت هذه الآيات أقام رسول الله اللعان بين زوجين أتهم الزوج زوجته بالزنى مع شخص معين بعد أن وعظهما وبين لهما أن عذاب الدنيا أهون من عذاب الآخرة لأن أحدهما كاذب بيقين، فصار ذلك هو الحكم المقرر فيما إذا اتهم الزوج زوجته بالزنى أو نفي نسب ولدها إليه ولم تكن له بينة على دعواه ولم تصدقه الزوجة وطلبت إقامة حد القذف عليه.
ويجب الابتداء بالرجل فى الحلف لأنه المدعي فبينته بينة إثبات وبينتها بينة إنكار لأنهما منكرة ويبدأ الزوج بالحلف بالله أربع شهادات لأن الزنى لا يثبت إلا إذا شهد عليه أربعة من الرجال أو أقر به صاحبه أربع مرات ، فكانت هذه الشهادات منه قائمة مقام شهادة الشهود الأربعة. فإذا فعل ذلك سقط عنه القذف وإذا فاءاذا حلفت الزوجة بشهاداتها سقط عنها حد الزنى.
أما إذا امتنع الرجل عن الملاعنة بعد اتهامه زوجته بالزنى أو بنفي ولدها حبسه القاضي حتى يلاعن أو يكذب نفسه فيقام عليه حد القذف عند الحنفية.و يقام عليه حد القذف بمجرد امتناعه. ويدل على ذلك أن الرسول(ص) قال لهلال بن أمية – لما قذف زوجته بالزنى مع شريك بن شحماء- "البينة أو حد في ظهرك".
وإذا امتنعت الزوجة عن اللعان بعد وان لاعنها الزوج حبست عند الحنفية حتى تلاعن أو تصدق الزوج فيما ادعاه فإن صدقته لا تحد حد الزنى حتى تقربه صريحاً أربع مرات لأن تصديقها ليس إقراراً بالزنى قصداً ولأنها لو أقرت بالزنى ثم رجعت عن إقرارها لم تحد ووافقهم الحنابلة في ذلك. يقام عليها حد الزنى وهو الرجم، لأن الواجب الأصلي هو الحد واللعان .
شروط اللعان:
1-أن تكون الزوجية الصحيحة قائمة بينهما حقيقة أو حكماً عند القذف
2-أن يكون كل من الزوجين أهلاً للشهادة على المسلم بأن يكون كل منهما مسلماً بالغاً عاقلاً حراً قادراً على النطق غير محدود في قذف فإذا تخلف قيد من ذلك لا يقام بينهما اللعان وهذا عند الحنفية لأن اللعان عندهم شهادات مؤكدات بالإيمان. فيشترط فيه أن يكون كل منهما أهلاً لليمين والزوج أهلاً للطلاق
3-ألا يقيم الزوج بينه على ما ادعاه بالاتفاق فلو أقام بينه وجب عليها الحد ولا لعان لأن اللعان حجة ضعيفة فلا تقاوم بالبينة.
4-أن تكون الزوجة عفيفة عن الزنى.
5-أن تنكر الزوجة ما رماها به زوجها.
آثار اللعـان :
إذا توافرت شروط اللعان ووقع أمام القاضي ترتب عليه الآثار الآتية:
1-سقوط الحد عنهما.
2-يحرم بمجرد اللعان استمتاع كل من الزوجين بالآخر حتى قبل تفريق القاضي بينهما.
3-تقع الفرقة بين الزوجين بالاتفاق. غير أنهم اختلفوا في وقوعها. هل تقع بمجرد اللعان ولا تتوقف على تفريق القاضي أو لا تقع إلا بتفريقه؟
فذهب أبو حنيفة وصاحباه إلى أنهما لا تقع إلا بتفريق القاضي فلو تلاعنا وتأخر تفريق القاضي كانت الزوجية باقية بينهما فلو مات أحدهما ورثه الآخر ولو طلقها وقع عليها الطلاق ولو أكذب نفسه حلت له من غير تجديد عقد الزواج واستدلوا بما روى عن ابن عباس في قصة المتلاعنين: "ففرق رسول الله بينهما ، وهذا يفيد أن التفريق حصل بفعل رسول الله لا قبله",
وذهب مالك وأحمد في إحدى الروايتين عنه وزفر من الحنفية والجعفرية إلى أن الفرقة تقع بمجرد الملاعنة لأن سبب الفرقة هو اللعان وقد وجد ولولاه ما وقعت وقول ابن عباس السابق ليس نصاً في إنشاء الفرقة بل يحتمل أنه علام لهما بها أو تنفيذها حساً بينهما، ومع الاحتمال لا يدل على الفرقة على حكم القاضي.
وإذا وقعت الفرقة بينهما اعتبرت طلاقاً بائناً وتحتسب من عدد الطلقات لأن سبب الفرقة جاء من جانب الرجل لأنه المتسبب فيها ، فلا يحل له أن يتزوجها قبل أن يكذب نفسه أو تصدقه في دعواه
4-إذا كان اللعان ينفي الولد ينتفي نسبه منه ويلحق بأمه فيكون أجنبياً في بعض الأحكام بالتوارث والنفقة فلا توارث بينهما إذا مات أحدهما كما لا يرث الولد قرابة أبيه وإنما ترثه أمه وأقرباؤها ولا تجب لأحدهما نفقة على الآخر لأن كلاً منهما لا يثبت إلا بسبب متيقن.
وتبقى أحكام البنوة في الأحكام الأخرى التي يراعى فيها الاحتياط لاحتمال أنه ابنه حقيقة فلا يحل لأحدهما إعطاء زكاته للأخر ولا تقبل شهادة أحدهما للآخر. وتثبت بينهما حرمة المصاهرة فلا يجوز أن يزوجه من أولاده كما لا يجوز له أن يتزوج امرأته التي عقد عليها وبالعكس.
#low-zag
تعريف الصداق:
لغة: مأخوذ من الصدق خلاف الكذب.
وشرعاً: هو المال الذي وجب على الزوج دفعه لزوجته؛ بسبب عقد النكاح.
وسمي الصداق صداقاً لإشعاره بصدق رغبة باذله في النكاح، ويسمى أيضاً: المهر، والنِّحْلة، والعُقْر.
ب- مشروعيته:
الأصل في مشروعية الصداق الكتاب والسنة والإجماع، كما سيأتي بيانه في الكلام على حكم الصداق.
ج- حكم الصداق:
يجب على الزوج دفع المال بمجرد تمام العقد، ولا يجوز إسقاطه. ودل على هذا قوله تعالى: {وَآَتُوا النِّسَاءَ صَدُقَاتِهِنَّ نِحْلَةً} [النساء: 4]، وقوله تعالى: {فَمَا اسْتَمْتَعْتُمْ بِهِ مِنْهُنَّ فَآَتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ فَرِيضَةً} [النساء: 24]. وقوله تعالى: {لَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِنْ طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ مَا لَمْ تَمَسُّوهُنَّ أَوْ تَفْرِضُوا لَهُنَّ فَرِيضَةً} [البقرة: 236].
وحديث سهل بن سعد رضي الله عنه قال: أتت امرأة النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقالت: إني وهبت نفسي لله ولرسوله، فقال: «مالي في النساء من حاجة»، فقال رجل: زوجنيها، قال: «أعطها ثوباً... الحديث»، وحديث أنس بن مالك رضي الله عنه أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رأى على عبد الرحمن بن عوف أثر زعفران، فقال النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَهْيَمْ؟»،- يعني: ما شأنك وما أمرك؟- فقال: يا رسول الله تزوجت امرأة، فقال: «ما أصدقتها؟» قال: وزن نواة من ذهب، فقال: «بارك الله لك، أولم ولو بشاة». وأجمع المسلمون على مشروعية الصداق في النكاح.
كم المغالاة في الصداق:
حدُّه، وحكمته، وتسميته:
أ- حد الصداق:
لا حد لأقل الصداق ولا أكثره، فكل ما صح أن يكون ثمناً أو أجرة صح أن يكون صداقاً؛ لقوله تعالى: {وَأُحِلَّ لَكُمْ مَا وَرَاءَ ذَلِكُمْ أَنْ تَبْتَغُوا بِأَمْوَالِكُمْ} [النساء: 24]، فأطلق المال، ولم يقدره بحد معين. ولحديث سهل بن سعد رضي الله عنه وفيه أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال في المرأة الواهبة نفسها: «أعطها، ولو خاتماً من حديد». فدل هذا على جواز أقل ما يطلق عليه مال.
وأما الدليل على أنه يجوز ولو كان كثيراً، فقوله تعالى: {وَإِنْ أَرَدْتُمُ اسْتِبْدَالَ زَوْجٍ مَكَانَ زَوْجٍ وَآَتَيْتُمْ إِحْدَاهُنَّ قِنْطَارًا فَلَا تَأْخُذُوا مِنْهُ شَيْئًا} [النساء: 20]، والقنطار المال الكثير.
ب- الحكمة من مشروعية الصداق:
الحكمة من تشريع الصداق: هي إظهار صدق رغبة الزوج في معاشرة زوجته معاشرة شريفة، وبناء حياة زوجية كريمة. كما أن فيه إعزازاً للمرأة، وإكراماً لها، وتمكيناً لها من أن تتهيأ للزواج بما تحتاج إليه من لباس ونفقات.
ج- الحكمة في جعل الصداق بيد الرجل:
جعل الإسلام الصداق على الزوج؛ رغبة منه في صيانة المرأة من أن تمتهن كرامتها في سبيل جمع المال الذي تقدمه مهراً للرجل، وهذا يتفق مع المبدأ التشريعي: في أن الرجل هو المكلف بواجبات النفقة، دون المرأة.
د- ملكية الصداق:
الصداق ملك للزوجة وحدها، ولا حق لأحد فيه من أوليائها، وإن كان لهم حق قبضه، إلا أنهم يقبضونه لحسابها وملكها؛ لقوله تعالى: {فَإِنْ طِبْنَ لَكُمْ عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ نَفْسًا فَكُلُوهُ هَنِيئًا مَرِيئًا} [النساء: 4]، وقوله تعالى: {فَلَا تَأْخُذُوا مِنْهُ شَيْئًا أَتَأْخُذُونَهُ بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا} [النساء: 20].
هـ- تسمية الصداق في العقد:
يسن تسمية الصداق في عقد الزواج وتحديده؛ لأن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لم يخل نكاحاً من تسمية المهر فيه، ولأن في تسميته دفعاً للخصومة والنزاع بين الزوجين.
و- شروط المهر وما يكون مهراً ومالا يكون:
1- أن يكون مالاً متقوَّماً، مباحاً، مما يجوز تملكه وبيعه والانتفاع به، فلا يجوز بخمر وخنزير ومال مغصوب يعلمانه.
2- أن يكون سالماً من الغرر، بأن يكون معلوماً معيناً، فلا يصح بالمجهول كدار غير معينة، أو دابة مطلقة، أو ما يثمر شجره مطلقاً، أو هذا العام ونحو ذلك.
وعلى هذا، يصح المهر بكل ما يصلح أن يكون ثمناً، أو أجرة، من عين أو دين أو منفعة معلومة.
ز- تعجيل المهر وتأجيله:
يجوز تعجيل المهر وتأجيله، كله أو بعضه، حسب عرف الناس وعاداتهم، بشرط ألا يكون الأجل مجهولاً جهالة فاحشة، وألا تكون المدة بعيدة جداً؛ لأن ذلك مظنة سقوط الصداق.
يستحب عدم المغالاة في المهر لما يلي:
1- حديث عائشة رضي الله عنها عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنه قال: «من يُمْنِ المرأة تسهيل أمرها، وقلة صداقها». واليُمْن: البركة.
2- عن عمر رضي الله عنه أنه قال: (ألا لا تغالوا في صُدُق النساء، فإنه لو كان مكرمة في الدنيا أو تقوى عند الله، كان أولاكم بها رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ما أصدق رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ امرأة من نسائه، ولا أصدقت امرأة من بناته أكثر من اثنتي عشرة أوقية، وإن الرجل ليغلي بصدقة امرأته حتى يكون لها عداوة في قلبه، وحتى يقول كَلِفْتُ فيك عَلَقَ القِرْبة).
3- وعن أبي سلمة قال: سألت عائشة رضي الله عنها عن صداق رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ فقالت: اثنتي عشرة أوقية ونَشّاً. قالت: أتدري ما النشُّ؟ قلت: لا أدري. قالت: نصف أوقية.
(الخلع واللعان)
سؤال / عرف الخلع مبيناً حكمه الفقهي؟
الإجابة
أولاً: تعريف الخلع:
عرف الحنفية الخلع بقولهم (إزالة ملك النكاح بلفظ الخلع أو ما في معناه نظير عوض تلتزم به الزوجة وهذا التعريف يشير إلى قيود الخلع عند الحنفية وهي:
1) أن تكون علاقة الزوجية قائمة بين الزوجين فيجب أن يكون ملك المتعة بين الزوجين قائم بقيام الزوجية حقيقة أو حكماً حتى يمكن إزالته فإذا لم تكن الزوجية قائمة لا يتحقق ذلك.
2) أن يكون الخلع بلفظ الخلع أو ما في معناه مثل الإبراء والاقتداء فلو قال لها خالعتك على كذا تتساوى مع قوله أبرأتك أو فارقتك على كذا ويتم الخلع بقبول المرأة . أما لو قال لها طلقتك على كذا لم يكن خلعاً بل طلاقاً على مال.
3) أن يكون الخلع مقابل عوض من جهة الزوجة سواء أكان مالاً أم غير مال.
4) الرضا المتبادل بين الزوجين بمعنى رضى الزوجة به إذا صدر من الزوج ورضا الزوج إذا صدر من الخلع من الزوجة.
ثانياً: الحكم الفقهي لطلب الخلع:
طلب الخلع إذا صدر من الزوجة أو إذا صدر من الزوج يعد فعلاً من أفعال الملكفين في كلتا الحالتين وأفعال المكلفين.أما أن تكون واجب أو مندوب أو حرام أو مكروه أو مباح. وعلى ذلك يقول الفقيه ابن قدامة (إذا كانت الحال بين الزوجين جيدة والأخلاق ملتئمة فإنه يكره للزوجة طلب الخلع ثم نقل عن أمام المذهب إحتمال حرمته) في هذه الحالة. وأكثر الفقهاء ترى أنه يباح للزوجة طلب الخلع إذا كرهت زوجها لسبب طبيعي كدمامته وقبح شكله أو كرهته لسبب شرعي كنقص في دينه أو لكبر سنه وعجزه عن أداء حقوقها وخشيت أن يؤدي بها ذلك إلى تفريطها بحقه وما يترتب على هذا التفريط من لحوق الإثم بها.
وجوب طلب الخلع:
شيخ الإسلام بن تيمية يرحمه الله يقول (ويجب على الزوج أمر زوجته بالصلاة فإن لم تصلي وجب عليه فراقها في الصحيح وإذا دعيت إلى الصلاة وامتنعت انفسخ نكاحها في أحد قولى العلماء ولا ينفسخ في الآخر).
وقياساً على قول ابن تيمية استظهر أحد الباحثين العكس وجوباً – بمعنى أن المرأة إذا رأت من زوجها إصراراً على ترك الصلاة بالرغم من تذكيره بها فإنه يجب على المرأة طلب الطلاق منه فإن رفض وجب عليها مخالعته لأنه لا ينبغي للمسلمة أن تكون زوجة لمثل هذا الرجل المتلبس بما يكفر اعتقاداً أو فعلاً لاختلاف العلماء في كفر تارك الصلاة عمداً وقد اشترط الباحث أن يكون الزوج متلبساً باعتقاد أو فعل يخرجه من الإسلام ويجعله مرتداً.حتى يجب على المرأة مخالعته.
وإذا كان إزالة الضرر عن الزوجة بسبب بقاء النكاح بينها وبين زوجها لبغضها له أو لعدم قيامه بحقوقها هو أساس مشروعية الخلع فإن مصلحة الزوج ودفع الضرر عنه يجب وضعها في الاعتبار أيضاً.
سؤال/ ما هو الفرق بين الخلع والطلاق على مال؟
الإجابة
1) مواضع الاتفاق بين الخلع والطلاق على مال:
أ- يتفق الخلع والطلاق على مال في أنه عندما يقع يكون الطلاق هنا (بائن) لصدوره نظير عوض تدفعه الزوجة لتتخلص من سلطان الزوج عليها وهذا لا يتحقق إلا بالطلاق البائن لإنه يزيل الملك.
ب- كما يتفقان أيضاً في أن هذا المال تدفعه الزوجة وهو يقع ديناً في ذمة الزوجة لزوجها سواء أكان خلعاً أم طلاقاً على مال، وحتى يكون المقابل ديناً فى ذمة الزوجة لابد من قبول الزوجة لأنه بدون قبول المرأة لا يتم واحد منهما .
2) مواضع الاختلاف:"
أ- يختلف الخلع والطلاق على مال في أن الخلع يسقط كل حقوق الزوجة لدى الزوج وكل حقوق الزوج لدى الزوجة على رأي الإمام أبي حنيفة رضي الله عنه ولكن الطلاق على مال لا يسقط شيئاً من هذه الحقوق بالاتفاق بين الإمام وصحابيه إذ ليس في لفظ الطلاق ما ينبئ مطلقاً على البراءة من شيء من هذه الحقوق.
ب- أيضاً يختلفان في أن العوض في الطلاق على مال إذا أبطل بأن كان مقدار من الخمر وهو مال غير مشروع فى الاسلام فهو ليس متقوماً هنا يكون الطلاق رجيعاً أما إذا بطل بدل الخلع فإن الطلاق
سؤال / ما هي شروط الخلع وما هو حكم خلع عديم الأهلية وناقصها والمريض مرض الموت؟
الإجابة
أولاً: في شروط الخلع وركنه:
- بالخلع تنحل رابطة الزوجية من قبل الزوج نظير عوض تدفعه الزوجة لذا كان من الطبيعي أن يكون ركن الخلع هو الإيجاب والقبول شأنه في ذلك شأن كافة العقود.
ويشترط لصحة الخلع ما يشترط لصحة الطلاق وهو أن يكون الزوج أهلاً لإيقاع الطلاق لأن من جاز تطليقه بلا عوض جاز تطليقه بعوض من باب أولى ومن ثم فالخلع غير صحيح إذا وقع من الصبي والمجنون والمعتوه ومختل العقل لمرض أو شيخوخة.
- كما يشترط في المختلعة أن تكون محلاً للطلاق وأهلاً للتبرع إذا كانت هي الملتزمة ببدل الخلع بأن تكون بالغة عاقلة رشيدة غير محجور عليها لأن الخلع في حقها يعني معاوضة مشوبة بتبرع.
- أيضاً يشترط في الزوجة المختلعة أن تكون راضية غير مكرهة على المخالعة وعالمة بماهية الخلع وأثره فإن كانت لا تعي هذا المعنى للخلع ولقنها زوجها كلمة اختلعت منك بالمهر ونفقة العدة فقالت هذه الكلمات وهي لا تعي معناها وقبل الزوج طلقت طلاقاً بائناً ولا شيء له من البدل لأن العقود يشترط فيها التوافق بين الإرادتين الظاهرة والباطنة.
وأهلية المرأة لقبول بدل الخلع أن تكون مميزة ومع ذلك فلو قبلت الخلع وهي مميزة غير رشيدة وقع الطلاق ولم يلزمها بدل الخلع ولا المال لأنها ليست من أهل الغرامة.
ويلاحظ أن الرشد هنا يرتبط بسن الزوجة في نظر القانون المعمول به فإذا كان القانون يعتبر سن الرشد إحدى وعشرين سنة كما في مصر يكون خلع الزوجة قبل بلوغها تلك السن كخلع غير الرشيدة فلا يلزم المال ويكون الطلاق رجيعاً وذات الحكم إذا كان محجوزاً عليها للسفه.
ثانياً: خلع عديم الأهلية:
- أقوال عديم الأهلية غير معتبرة لا إيجاباً ولا قبولاً فإذا تولت عديمة الاهلية الخلع بنفسها فالخلع باطلاً لا يترتب عليه أي أثر.
أما إذا تولى أبوها الاتفاق مع الزوج على خلعها أو طلاقها في نظير مال التزم به فيقع الطلاق بأننا في الحالتين وعلة ذلك أن الزوج علق تمام التصرف على قبول الأب وقبوله لا شائبة فيه وعليه يقع الالتزام بدفع المال للزوج ولا يسقط بهذا الخلع شيء من حقوق الزوجة التى تسقط بالخلع عند الإمام أبي حنيفة رضي الله عنه.
أما إذا قبل الأب الخلع أو الطلاق على مال ولكنه لم يلتزم بدفع البدل من ماله الخاص بل أضافه في قبوله إلى مال ابنته وقع الطلاق في الخلع بائناً وفي الطلاق على مال رجعياً لأنه علق على قبوله وقبوله معتبر.
الثا- خلع ناقصة الأهلية:
- الخلع يكون على بدل تدفعه الزوجة لا تأخذ مقابله شيئاً من المال إنما تستفيد استخلاص عصمتها من زوجها ولذلك تعتبر كأنها متبرعة بما تدفعه من العوض نظير أمر كان يمكن أن يخلص لها بالمجان فلو اختلعت الصغيرة المميزة أو ناقصة الأهلية بنفسها من زوجها وهي تفهم معنى الخلع وآثاره وقبلت ذلك وقع عليها طلاق بائن لأن الخلع علق على قبولها ومادامت مميزة فقبولها معتبر في حق وقوع الطلاق كما لا يلزمها شيء من البدل الذي قبلته.
رابعاً: خلع الزوجة في مرض موتها:
الاتفاق الفقهي قائم على صحة خلع الزوجة المريضة مرض الموت من جهة وقوع الفرقة به فهو من هذه الجهة كخلع الزوجة الصحيحة لأنه معاوضة فيصح الخلع في المرض كما يصح البيع.
غير أن هذا العوض أو البدل لما كلن شبيهاً بالتبرع وهو في هذه الحالة يأخذ حكم الوصية تتعلق بحق الورثة والدائنين بالتركة من أول المرض الذي كان سبباً في الموت فلا ينفذ إلا في حدوث ثلث التركة لأنها لا تملك التبرع بأكثر من ذلك والأمر هنا لا يخرج عن حالتين إما أن تبرء الزوجة من مرضها أو تموت بسبب هذا المرض.
فإن برئت من مرضها كان للزوج كل البدل لتراضيهما كما لو وهبته شيئاً ثم برئت من مرضها .
أما لو ماتت الزوجة في مرضها أثناء عدتها فالحنفية يوجبون للزوج الأقل من أمور ثلاثة هي:
1) بدل الخلع.
2) ثلث التركة.
3) نصيبه من الميراث – لبقاء الزوجية وميراث الرجل لزوجته بالفعل.
ما عليه العمل في مصر في هذه المسألة
- العمل في المحاكم المصرية كان يجرى على وفق رأي الحنفية السابق إلى أن صدر قانون الوصية رقم 71 لسنة 1946 الذي تضمن صحة إجازة الوصية أو ما في حكمها للوارث مثل الأجنبي تماماً في حدود ثلث التركة دون توقف على إجازة باقي الورثة.
وهنا أصبح الزوج المخالع لزوجته في مرض موتها طبقاً لهذا القانون يستحق الأقل من بدل الخلع ومن ثلث التركة ولو زاد على نصيبه في الميراث سواء توفيت الزوجة أثناء عدتها أو بعد انقضائها.
رأى الإمام بن حزم في القضية:
- الخلع عند الإمام بن حزم طلاق وقد نص على ذلك بقوله رحمه الله – (الخلع طلاق رجعي إلا أن يطلقها ثلاثاً) ومرض الموت لا يؤثر في صحة الطلاق الواقع فيه سواء أكان المريض مرض الموت هو الزوج أو الزوجة – فالقاعدة عند الظاهرية أن طلاق المريض كطلاق الصحيح ولا فرق وكذلك طلاق الصحيح للمريض وطلاق المريض للمريضة لا فرق بين كل هذه الصور.
بيد أن يشترط لصحة الخلع – عند الإمام بن حزم – يرحمه الله أن يقع في حالتين ذكرهما بقوله (الخلع هو الافتداء إذا كرهت المرأة زوجها فخافت أن لا توفيه حقه أو خافت أن يبغضها فلا يوفيها حقها فلا تفتدي منه ويطلقها إن رضى هو ولا يجبر هو ولا تجبر هي إنما يجوز بتراضيهما ولا يحل الافتداء إلا بأحد الوجهين المذكورين أو باجتماعهما فإن وقع بغيرهما فهو باطل).
سؤال : عرف اللعان موضحاً كيفيته وشروطه والامتناع عنه ؟ وآثاره ؟
الإجابة
تعـريف اللعــان وشرعيتة:
هو اسم لما يجري بين الزوجين من الشهادات بالألفاظ المعروفة مقرونة باللعن من جانب الزوج وبالغضب من جانب الزوجة.والدليل على اللعان من الكتاب قوله تعالى
"والذين يرمون أزواجهم ولم يكن لهم شهداء إلا أنفسهم فشهادة أحدهم أربه شهادات بالله أنه لمن الصادقين، والخامسة أن لعنة الله عليه إن كان من الكاذبين ، وبدراً عنها العذاب أن تشهد أربع شهادات بالله أنه لمن الكاذبين، والخامسة أن غضب الله عليها أن كان من الصادقين".
فلما نزلت هذه الآيات أقام رسول الله اللعان بين زوجين أتهم الزوج زوجته بالزنى مع شخص معين بعد أن وعظهما وبين لهما أن عذاب الدنيا أهون من عذاب الآخرة لأن أحدهما كاذب بيقين، فصار ذلك هو الحكم المقرر فيما إذا اتهم الزوج زوجته بالزنى أو نفي نسب ولدها إليه ولم تكن له بينة على دعواه ولم تصدقه الزوجة وطلبت إقامة حد القذف عليه.
ويجب الابتداء بالرجل فى الحلف لأنه المدعي فبينته بينة إثبات وبينتها بينة إنكار لأنهما منكرة ويبدأ الزوج بالحلف بالله أربع شهادات لأن الزنى لا يثبت إلا إذا شهد عليه أربعة من الرجال أو أقر به صاحبه أربع مرات ، فكانت هذه الشهادات منه قائمة مقام شهادة الشهود الأربعة. فإذا فعل ذلك سقط عنه القذف وإذا فاءاذا حلفت الزوجة بشهاداتها سقط عنها حد الزنى.
أما إذا امتنع الرجل عن الملاعنة بعد اتهامه زوجته بالزنى أو بنفي ولدها حبسه القاضي حتى يلاعن أو يكذب نفسه فيقام عليه حد القذف عند الحنفية.و يقام عليه حد القذف بمجرد امتناعه. ويدل على ذلك أن الرسول(ص) قال لهلال بن أمية – لما قذف زوجته بالزنى مع شريك بن شحماء- "البينة أو حد في ظهرك".
وإذا امتنعت الزوجة عن اللعان بعد وان لاعنها الزوج حبست عند الحنفية حتى تلاعن أو تصدق الزوج فيما ادعاه فإن صدقته لا تحد حد الزنى حتى تقربه صريحاً أربع مرات لأن تصديقها ليس إقراراً بالزنى قصداً ولأنها لو أقرت بالزنى ثم رجعت عن إقرارها لم تحد ووافقهم الحنابلة في ذلك. يقام عليها حد الزنى وهو الرجم، لأن الواجب الأصلي هو الحد واللعان .
شروط اللعان:
1-أن تكون الزوجية الصحيحة قائمة بينهما حقيقة أو حكماً عند القذف
2-أن يكون كل من الزوجين أهلاً للشهادة على المسلم بأن يكون كل منهما مسلماً بالغاً عاقلاً حراً قادراً على النطق غير محدود في قذف فإذا تخلف قيد من ذلك لا يقام بينهما اللعان وهذا عند الحنفية لأن اللعان عندهم شهادات مؤكدات بالإيمان. فيشترط فيه أن يكون كل منهما أهلاً لليمين والزوج أهلاً للطلاق
3-ألا يقيم الزوج بينه على ما ادعاه بالاتفاق فلو أقام بينه وجب عليها الحد ولا لعان لأن اللعان حجة ضعيفة فلا تقاوم بالبينة.
4-أن تكون الزوجة عفيفة عن الزنى.
5-أن تنكر الزوجة ما رماها به زوجها.
آثار اللعـان :
إذا توافرت شروط اللعان ووقع أمام القاضي ترتب عليه الآثار الآتية:
1-سقوط الحد عنهما.
2-يحرم بمجرد اللعان استمتاع كل من الزوجين بالآخر حتى قبل تفريق القاضي بينهما.
3-تقع الفرقة بين الزوجين بالاتفاق. غير أنهم اختلفوا في وقوعها. هل تقع بمجرد اللعان ولا تتوقف على تفريق القاضي أو لا تقع إلا بتفريقه؟
فذهب أبو حنيفة وصاحباه إلى أنهما لا تقع إلا بتفريق القاضي فلو تلاعنا وتأخر تفريق القاضي كانت الزوجية باقية بينهما فلو مات أحدهما ورثه الآخر ولو طلقها وقع عليها الطلاق ولو أكذب نفسه حلت له من غير تجديد عقد الزواج واستدلوا بما روى عن ابن عباس في قصة المتلاعنين: "ففرق رسول الله بينهما ، وهذا يفيد أن التفريق حصل بفعل رسول الله لا قبله",
وذهب مالك وأحمد في إحدى الروايتين عنه وزفر من الحنفية والجعفرية إلى أن الفرقة تقع بمجرد الملاعنة لأن سبب الفرقة هو اللعان وقد وجد ولولاه ما وقعت وقول ابن عباس السابق ليس نصاً في إنشاء الفرقة بل يحتمل أنه علام لهما بها أو تنفيذها حساً بينهما، ومع الاحتمال لا يدل على الفرقة على حكم القاضي.
وإذا وقعت الفرقة بينهما اعتبرت طلاقاً بائناً وتحتسب من عدد الطلقات لأن سبب الفرقة جاء من جانب الرجل لأنه المتسبب فيها ، فلا يحل له أن يتزوجها قبل أن يكذب نفسه أو تصدقه في دعواه
4-إذا كان اللعان ينفي الولد ينتفي نسبه منه ويلحق بأمه فيكون أجنبياً في بعض الأحكام بالتوارث والنفقة فلا توارث بينهما إذا مات أحدهما كما لا يرث الولد قرابة أبيه وإنما ترثه أمه وأقرباؤها ولا تجب لأحدهما نفقة على الآخر لأن كلاً منهما لا يثبت إلا بسبب متيقن.
وتبقى أحكام البنوة في الأحكام الأخرى التي يراعى فيها الاحتياط لاحتمال أنه ابنه حقيقة فلا يحل لأحدهما إعطاء زكاته للأخر ولا تقبل شهادة أحدهما للآخر. وتثبت بينهما حرمة المصاهرة فلا يجوز أن يزوجه من أولاده كما لا يجوز له أن يتزوج امرأته التي عقد عليها وبالعكس.
#low-zag
0 التعليقات:
إرسال تعليق