- هذا الشرح خاص بالجزء الاول وهو الزواج مفهوم عقد الزواج ودليل مشروعيته وحكمته أولاً: تعريف عقد الزواج: - عقد الزواج في اللغة: يعنى الاقتران والارتباط والازدواج تصديقا لقوله تعالى (وَزَوَّجْنَاهُم بِحُورٍ عِينٍ) أي قرناهم بهن وقوله تعالى (احْشُرُوا الَّذِينَ ظَلَمُواوَأَزْوَاجَهُمْ) أي وقرناؤهم وقوله تعالى (قُلْنَا احْمِلْ فِيهَا مِن كُلٍّ زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ) وقد شاع استعمال لفظ "الزواج" في اقتران الرجل بالمرأة طلبا للإنس والتناسل، وعند إطلاقه يسبق هذا المعنى غيره من المعاني الأخرى، كما يطلق على الزواج لفظ "النكاح" وقد ورد هذا الاستعمال في أكثر من آية في القرآن الكريم منها قوله تعالى (وَلاَتَعْزِمُوا عُقْدَةَ النِّكَاحِ حَتَّى يَبْلُغَ الكِتَابُ أَجَلَهُ) وقوله تعالى (فَانكِحُوا مَا طَابَ لَكُم مِّنَ النِّسَاءِ مَثْنَىوَثُلاثَ وَرُبَاعَ)، وكلمة النكاح في الكتب الفقهية أكثر تداولا من لفظه الزواج. - الزواج في اصطلاح الفقهاء: عرف بعض الفقهاء عقد الزواج بأنه: "عقد يفيد حل استمتاع كل من العاقدين بالآخر على الوجه المشروع"، وعرفه البعض بأنه "عقد يفيد ملك المتعة قصدا"، وتذهب معظم تعريفات الزواج عند الفقهاء إلى التأكيد على أنه "عقد" وإن موضوعه هو امتلاك الطرفين بهذا العقد الاستمتاع بالآخر على وجه مشروع، وإن كانت المتعة ليست هي الغرض الوحيد من عقد الزواج، وإن كانت من أهم أغراضه إضافة إلى أغراض الأخرى من تحقيق التناسل والمحافظة على الجنس البشري، وتحقيق العشرة والمئونة الروحية بين الزوجين تصديقا لقوله تعالى: (وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَاوَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةًوَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ) وقد جمع الإمام أبو زهرة كل هذه المعاني التي ابتغاها الشرع من عقد الزواج فعرفه بقوله "هو عقد يفيد حل العشرة بين الرجل والمرأة وتعاونهما، ويحدد ما لكليهما من حقوق وما عليه من واجبات". ثانيا: مشروعة عقد الزواج والحكمة منه: 1- أدلة مشروعية الزواج: أ- من القرآن الكريم: منها قوله تعالى (يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍوَاحِدَةٍوَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَاوَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراًوَنِسَاءًوَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِوَالأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً)، ومنها قوله تعالى (وَاللَّهُ جَعَلَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجاً وَجَعَلَ لَكُم مِّنْ أَزْوَاجِكُم بَنِينَوَحَفَدَةًوَرَزَقَكُم مِّنَ الطَّيِّبَاتِ أَفَبِالْبَاطِلِ يُؤْمِنُونَوَبِنِعْمَةِ اللَّهِ هُمْ يَكْفُرُونَ). ب- من السنة: فقد وردت أحاديث كثيرة تحض على الزواج وتدعوا إليه وترغب فيه باعتباره سنة من سنن الكون، التي تلبي فطرة الإنسان من أهم هذه الأحاديث: 1- ما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم عن ابن مسعود رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج ومن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء"، والباءة هي تكاليف الزواج ومؤنته. 2- ما روي عن انس رضي الله عنه أن النبي صلى الله كان يأمر بالباءة، وينهى عن التبتل نهيا شديدا، ويقول "تزوجوا الودود الولود، فإني مكاثر بكم الأنبياء يوم القيامة" والتبتل هو الانقطاع عن الزواج. ج- من الإجماع: أجمعت الأمة بعلمائها في كل العصور على مشروعية الزواج، وأنه سنة عن النبي صلى الله عليه وسلم. 2- حكمة مشروعية الزواج: فقد تحدث الكثيرون من العلماء على أمور كثيرة ومعان جليلة تبين حكمة مشروعية الزواج من أهمها: أ- صيانة الأعراض وحفظ الأنساب: نظرا لتكريم المولى عز وجل بجعله أكرم المخلوفات وكرمه بالعقل، وميزه به عن الحيوانات وغيره من الكائنات، فنظم أمر الأنساب وجعل لها قدرا عظيما، فجرم السفاح وحث على النكاح، لأنه يشبع الوطر، ويحفظ النسب، ويعين على الدين، وسبب للتكاثر الذي يباهي به النبي الكريم صلوات الله وسلامه عليه الأمم يوم القيامة، فالله سبحانه خلق من الماء بشرا وجعله نسبا وصهرا. ب- السكن النفسي: إذا نجح الرجل في اختيار امرأته والعكس صحيح، وذلك من خلال الضوابط التي وضعها الشرع للاستئناس بها في هذا الاختيار فإنه لا مفر من حدوث الاطمئنان القلبي تصديقا لقوله تعالى: (وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا). ج- بقاء النوع الإنساني: فقد خلق الله العالم وقدر بقاءه واستمراره ومع الأخذ بالأسباب فإن بقاء العالم إلى الأجل الذي حدده المولى عز وجل إنما يتوقف على بقاء النوع البشري، والذي لا يتحقق إلا بالطريق الشرعي بتنفيذ أمر الله بالزواج، ومن هنا كانت نصيحة النبي صلى الله عليه وسلم فقد روي عن معقل بن يسار رضي الله عنه أن رجالا جاء يسأل النبي صلى الله عليه وسلم عن التزوج بامرأة ذات حسن وجمال وحسب ومنصب ومال غير أنها لا تلد، فنهاه النبي صلى الله عليه وسلم عن التزوج بها، ثم أتاه الثانية فقال مثل ذلك، ثم أتاه الثالثة فقال صلى الله عليه وسلم "تزوجوا الودود الولود فإني مكاثر بكم الأمم يوم القيامة".
- حكم عقد الزواج - مقدمة: يراد بالحكم هنا الحكم التكليفي بمعنى أن العباد مكلفون به أم غير مكلفين وما درجة هذا التكليف من بين الأحكام الشرعية الخمسة هل هو واجب أم حرام أم مكروه أم مباح أم مندوب ومسنون، وقد ذهب الفقهاء إلى أن الزواج يمكن أن تعتريه الأحكام التكليفية أي يوصف بها حسب مقتضى الحال. أولا: الزواج واجب: ويكون كذلك إذا كان المرء قادرا على أعباء الزواج ويمكنه القيام بما يترتب عليه من أحكام أخرى ويخشى على نفسه أن يقع في الفاحشة إن لم يتزوج، وسبب الوجوب هنا: إن امتناع المكلف عن الزواج في هذه الحالة سيترتب عليه الوقوع في المحرمات، وما يؤدي إلى الحرام فهو حرام والواجب على كل مكلف أن يفعل ما يحول بينه وبين المحظور فوجب الزواج لهذه الأسباب، وهي: 1- القدرة على الأعباء. 2- التمكن من القيام بكل أحكامه. 3- يخشى على نفسه ويتعين أنه سيقع في الفاحشة. 4- أن يأمن على نفسه من ظلم زوجته إن تزوج. ثانيا: الزواج حرام: والحرام هو ما يطلب الشارع من المكلف تركه على سبيل الحتم والإلزام، ويتحقق ذلك: 1- إذا كان المكلف غير قادر على مؤنة الزواج وأعبائه. 2- يتأكد أنه سيظلم زوجته أن تزوج. ويكون الزواج حراما هنا لأنه سيكون ذريعة للوقوع في الحرام وهو ظلم زوجته، ومعلوم شرعا أن كل ما يؤدي إلى الحرام هو حرام. ثالثا: الزواج المكروه: والمكروه هو ما يمدح تاركه ولا يذم فاعله أو ما طلب الشارع من المكلف تركه من غير إلزام، ويكون الزواج كذلك في حالة ما إذا: 1- غلب على ظن المكلف إنه سيظلم زوجته إن تزوج. 2- لا يتعين أنه سيقع في الفاحشة إن لم يتزوج ويستطيع مجاهدة نفسه بالصوم ونحوه. رابعا: الزواج سنه، مندوب، مستحب: وذلك إذا كان المكلف: 1- في حال الاعتدال أي سوى في احتياجه إليه. 2- لا يخشى الوقوع في الفاحشة إذا لم يتزوج. 3- لا يخاف من ظلم زوجته إن تزوج. 4- قادر على تكاليف الزواج. وفي هذه الحالة ذهب جمهور الفقهاء إلى أن الزواج سنة ويندب إليه ويستحب فعله لورود الأحاديث الكثيرة الدالة على هذا المعنى، بل نصت بعض الأحاديث صراحة على هذا الحكم، كقوله في حديث أنس عطفا على ما جاء قبله "وأتزوج النساء فمن رغب عن أمتي فليس مني"، ومن الفقهاء من ذهب إلى أن الزواج حتى في هذه الحالة واجب أيضا وهم الظاهرية... لأنهم يحملون الأمر الوارد في قوله تعالى (وَأَنكِحُوا الأَيَامَى مِنكُمْوَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْوَإِمَائِكُمْ)، والأمر في قوله صلى الله عليه وسلم "تزوجوا الودود الولود فإني مكاثر بكم الأمم يوم القيامة" فهم لا يصرفون الأمر عن ظاهره ويقولن إن دلالته الوجوب مع أنه للندب كما ذهب إلى ذلك جمهور الفقهاء. وهناك حالة خاصة: وذهب إليها الشافعية في المشهور عنهم إن الزواج مباح في حال الاعتدال فيستوي الأمر بين أن يتزوج أو يترك وقالوا إن الزواج مثله مثل المباحات من الطيبات كالطعام والشراب وهما من المباحات فكان الزواج مباحا، وقالوا إن الله سبحانه امتدح نبيه يحي عليه السلام بقوله سبحانه (وَسَيِّداًوَحَصُوراً) والحصور هو من لا رغبة له في النساء فلو كان الزواج أفضل لما امتدحه سبحانه بتركه. والراجح: هو ما ذهب إليه جمهور الفقهاء من أن الزواج في الظروف العادية سنة مؤكدة وأن الزواج مستحب لما فيه من العفاف والطهر وتحقيق الذرية الصالحة. الخطبة أولا: تعريف الخطبة: الخطبة بكسر الخاء هي التماس الشخص الزواج من امرأة معينة تحل له شرعا، أو هي تواعد متبادل بالزواج في المستقبل، وهي مرحلة تتوسط بين الاختيار بالضوابط الشرعية وإبرام العقد، ولما كانت الخطبة وعدا وليست عقدا فإنها لا تحتاج إلى صيغة محدد بل تجوز بكل ما يدل على المراد منها ويرد عليها بالقبول أو بالرفض. ثانيا: شروط المرأة التي يجوز خطبتها: 1- ألا يكون الزواج بها محرما شرعا على الخاطب: فلا يحل خطبة امرأة متزوجة، ولا امرأة تحرم عليه تحريما مؤبدا بسبب نسب أو رضاع أو مصاهرة كالأخت من النسب أو الرضاع وامرأة أبيه، وزوجة ابنه وبنت زوجته المدخول بها كذا تحرم خطبة المرأة المحرمة حرمة مؤقتة كأخت الزوجة، والقاعدة: هي أن كل من يجوز الزواج بها شرعا تجوز خطبتها فالغاية إذا كانت حلال كانت الوسيلة حلالا، ولو كانت حراما كانت خطبتها حراما، ومن أهم تطبيقات هذا الشرط: أ- حكم خطبة المعتدة من طلاق رجعي: المعتدة من طلاق رجعي هي المرأة التي تقضي عدتها من طلاق يجوز لزوجها أن يراجعها فيه وهي في حكم الزوجة لأن لزوجها أن يراجعها خلال عدتها ويرثها لو ماتت وترثه لو مات خلال العدة، وعليه تحرم خطبتها سواء بطريق التصريح بالخطبة أو بطريق التعريض والتلميح، لأن هذا المنع حق للشرع وحق للزوج التي هي في عدتها منه. ب- خطبة المعتدة من وفاة زوجها: اتفق الفقهاء على أنه لا تجوز خطبة المتوفي عنها زوجها خلال عدتها بطريق التصريح وأجازوا التعريض لها بالخطبة تلميحا، واستدلوا على ذلك بقوله تعالى: (وَلاَجُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا عَرَّضْتُم بِهِ مِنْ خِطْبَةِ النِّسَاءِ أَوْ أَكْنَنتُمْ فِي أَنفُسِكُمْ عَلِمَ اللَّهُ أَنَّكُمْ سَتَذْكُرُونَهُنَّ وَلَكِن لاَّ تُوَاعِدُوهُنَّ سِراًّ إِلاَّ أَن تَقُولُوا قَوْلاً مَّعْرُوفاً)، أي لا حرج عليكم ولا إثم ولا وزر عليكم أن تعرضوا بالخطبة في عدة الوفاء وهو توصيل المعنى بطريق احتمالي غير مباشر، ومنع الخطبة هنا تصريحا لا يمس الزوج الميت بقدر ما يحافظ على الجانب المعنوي والنفسي للمرأة. ج- حكم خطبة المعتدة من طلاق بائن: المقصود بالبينونة هنا البينونة مطلقا صغرى كانت أم كبرى وقد ذهب الفقهاء في حكم خطبة البائنة إلى ما يلي: 1- يرى جمهور الفقهاء أنه لا يجوز خطبتها تصريحا وذلك مراعاة لمشاعر الزوج التي تعتد بسببه، وأجازوا التعريض بخطبتها لانقطاع الزوجية بالطلاق البائن وهو قياس على جواز التعريض بخطبة المتوفي عنها زوجها. 2- يرى الأحناف: أنه لا تجوز خطبة البائنة لا تصريحا ولا تعريضا لأنها مازالت في العدة إلا أن بعض آثار الزواج لازالت قائمة وبالتالي لا يجوز خطبتها لديهم مطلقا، حتى وإن انقطعت الزوجية عندهم بالطلاق البائن وفي ذلك مراعاة لمشاعر المطلق، وحسما لما قد ينشأ بين المطلق وبين الخاطب ومن نزاع وخلاف وحتى لا يدفعها التقدم لخطبتها في إدعاء انقضاء عدتها على خلاف الواقع حتى تعجل بزواجها، وقد يجيبها القاضي بناء على إقرارها غير الصحيح.. بخلاف المتوفي عنها زوجها فقد جازت خطبتها تعريضا فلا محل للكذب في عدتها. الراجح: ينبغي أن نفرق بين البائن بينونة كبرى والبائن بينونة صغرى لا تصريح في الحالتين وهو ما ذهب إليه الجميع، أما التعريض: فإنه يمكن القول بأنه في البينونة الكبرى تتفكك العلاقة الزوجية نهائيا ولابد لكي تحل له أن تتزوج من رجل غيره فيجوز خطبتها تعريضا، وأما البائن بينونة صغرى لا تنفصم العلاقة الزوجية نهائيا إنما يبقى حق الزوجين العودة إن رغبا بعقد ومن جديدين، ومادامت هذه الفرصة قائمة فإنه ينبغي ألا تتم خطبتها تعريضا في هذه الحالة. 2- ينبغي ألا تكون المرأة المطلوب خطبتها مخطوبة للغير:
- ثالثا: حكم الخطبة على خطبة الغير: إذا تقدم رجل طالبا خطبة امرأة فلا يخلو الأمر إما أن يرد على طلبه إيجابا أو رفضا، أو يؤجل الرد عليه من أهل المخطوبة لمزيد من السؤال عن الخاطب، وقد اشترط الفقهاء استنادا إلى سنة النبي صلى الله عليه وسلم لصحة الخطبة ألا تكون المرأة المطلوب خطبتها مخطوبة فعلا وذلك لقوله صلى الله عليه وسلم "المؤمن أخو المؤمن فلا يحل للمؤمن أن يبتاع على بيع أخيه، ولا يخطب على خطبة أخيه حتى يذر" كذا روي عن النبي صلى الله عليه وسلم قال "لا يخطب الرجل على خطبه أخيه حتى ينكح أو يترك". فكل هذه الأحاديث تحرم الخطبة على الخطبة وذلك لأن: - النهي يقتضي التحريم ما لم تكن هناك قرينة تصرف النهي عن التحريم إلى غيره ولا توجد قرينة ها هنا. - لأن هذا النهي لتجنب ضرر يلحق بالإنسان، ذلك أن الخطبة على الغير فيها اعتداء على حق الغير، ويؤدي إلى إثارة العداوة والبغضاء بين الناس، كما أنه يتنافى مع ما أرساه الإسلام من مبادئ الأخلاق. فاتفاق الفقهاء على حرمة خطبة مخطوبة الغير مادامت قد قبلت خطتبها للأول، وبديهي أن خطبة الأول لو رفضت فهي خالية ولا حرج في خطبتها بالاتفاق. 1- حكم خطبة من تقدم لها من يخطبها ولم يرد على طلبه بالإيجاب أو بالرفض: اختلف الفقهاء في حكم التقدم لخطبتها على النحو التالي: أ- ذهب جمهور الفقهاء من الأحناف والمالكية والحنابلة إلى أن الخطبة من الثاني قبل الرد على الأول محرمة شرعا، وذلك لدخولها ضمن الأحاديث المحرمة للخطبة على خطبة الغير فربما كان التأجيل في الرد لمزيد من التأني والتروي ودراسة أمور الخاطب الأول وهو أمر معتاد بين الناس لمن لا يعرفونه وخاصة لو كان المتقدم غير معروف لديهم من قبل، كما أن في تقدم الثاني بالخطبة قبل الرد على الأول يشوش على إرادة المخطوبة وأهلها ويمارون في الاختيار نتيجة المقارنة بين المتقدمين، وفي كل هذا اعتداء على حق الخاطب الأول وكل هذا يؤدي إلى حرمة الخطبة. ب- ذهب اتجاه آخر وهو لبعض الشافعية: وقالوا فيه أن التقدم لخطبة امرأة لم تحسم أمر الرد على متقدم لها مباح وتقدم الثاني لخطبتها مباح، وبرروا ذلك: بأن السكوت على خطبة الأول وتأجيل الرد عليه يعد رفضا ضمنيا، كما استندوا إلى أن النبي صلى الله عليه وسلم اختار لفاطمة بنت قيس واحد من ثلاثة تقدموا لخطبتها وهم معاوية وأبو جهم وأسامة بن زيد فرجح لها صلى الله عليه وسلم أسامة قائلا لها هكذا أسامة وقال لها موجها "طاعة الله وطاعة رسوله، قالت فتزوجته فاغتبطت"، فالنبي صلى الله عليه وسلم في نظر أصحاب هذا الاتجاه خطب لفاطمة أسامة يعد تقدم معاوية وإلى جهم لخطبتها ولم تكن قد صرحت برفضها لأحد منهما. والراجح: ما ذهب إليه جمهور الفقهاء لوضوح أدلتهم وقوتها وردوا على أصحاب الاتجاه الثاني بأن السكوت لا يكون رفضا دائما ويمكن أن يكون للتروي وبالنسبة لواقعة فاطمة بنت قيس فربما يكونوا قد خطبوها في وقت واحد. 2- مدى صحة عقد النكاح المترتب على خطبة غير مشروعة: هناك احتمالان في هذا النكاح هما: أ- خطبة المعتدة في عدتها وأثر ذلك على صحة العقد عليها: إذا خطب امرأة خطبة غير مشروعة كخطبة المطلقة رجعيا أو بائنا أو المتوفى عنها زوجها تصريحا فهذه الخطبة محرمة ويأثم فاعلها، فلو عقد عليها فعلا بناء على هذه الخطبة المحرمة خلال عدتها كان العقد باطلا بالاتفاق، أما لو عقد عليها بناء على هذه الخطبة المحرمة ولكن بعد انقضاء عدتها صح العقد عند جمهور الفقهاء ورتب آثاره. ب- خطبة مخطوبة الغير ومدى صحة العقد عليها عند الفقهاء: ذهب الفقهاء في ذلك إلى الآراء التالية: 1- جمهور الفقهاء: ذهبوا إلى أنه لا تأثير الخطبة غير المشروعة في صحة العقد، فالعقد يستقل عن الخطبة وقد قام مستكملا وأركانه وشروطه فيكون صحيحا ونافذا، كما أن الخطبة ليست من شروط صحة النكاح حتى تؤثر فيه، وعليه فلا يفسخ النكاح بهذه الخطبة المحرمة، ومع ذلك فالخطبة المحرمة يأثم فاعلها ديانة لتعديه على حق غيره. 2- ذهب بعض المالكية: إلى أن الخطبة على خطبة الغير تؤثر على العقد على النحو التالي: إن كان العقد قد تم ولكن لم يحدث دخول فسخ العقد لنهي الشرع عن ذلك- أما لو تم العقد وأعقبه دخول فلا يفسخ العقد لأن العقد قد تأكد بالدخول وتم البدء في نفاذه. 3- ذهب الظاهرية: إلى فسخ الخطبة في هذه الحالة مطلقا، سواء عقد وتم دخول أو لم يتم دخول، وذلك لمخالفة الخاطب لأوامر الشرع التي وردت في الحديث، ولارتكابه ما نهاه الشرع عنه, كما أن بطلان العقد هنا قياسا على بطلان بيع الرجل على بيع أخيه. والراجح: ما ذهب إليه جمهور الفقهاء الذاهب إلى صحة العقد المترتب على الخطبة في هذه الحالة ولا أثر للخطبة المحرمة في صحة العقد مع بقاء الإثم الشرعي على فعل الخاطب. رابعا: حق العدول عن الخطبة والآثار المترتبة عليه: 1- تكييف وتوصيف الخطبة: الأصل أن الخطبة مجرد وعد يقصد منه إنشاء عقد الزواج مستقبلا، فهي ليست عقدا ولا إلزام فيها، وبالتالي فلكل من طرفيها الرجوع عنها وفسخها متى رغب في ذلك، وإن كان الشرع يكره فسخ الخطبة تعسفا وبلا سبب ديانة أمام الله سبحانه وتعالى لأن فيه خلف للوعد وقد أمرنا الله بالوفاء بالوعد، لكن الرجوع حق لمستخدمه كمن يرجع في شراء سلعة شاهدها ثم ألا يشتريها أو ألا يبيعها لو كان بائعا، فإذا ظهر لأحد طرفيها أن يرجع لأمر ظهر له فيه مصلحته كان له الحق في ذلك. 2- الأثر المترتب على العدول في الخطبة: أ- أثر العدول عن الخطبة على المهر والهدايا: 1- المهر: اتفق الفقهاء على أن المهر يجب رده لأنه لا يجب إلا بالعقد ولما كان العقد في الخطبة لم يتم بعد فالمهر ليس من حق المرأة، ويجب عليها رده سواء تم الرجوع من الخاطب أو من المخطوبة فهو حق للخاطب ويرد بعينه أو برد مثله إن كان مثليا أو قيمته يوم دفعه إن كان قيميا، كما يأخذ حكم المهر كل ما تعارف الناس على أنه تابع للمهر ويجب ردها للخاطب عند العدول عن الخطبة مثل العرف السائد في مصر على اعتبار الشبكة جزء من المهر، أما لو جرى العرف على غير ذلك فيعمل به. 2- موقف الهدايا التي قدمها أطراف الخطبة بعد العدول عنها: 1- يرى الأحناف: أن الهدايا تأخذ حكم الهبة ولما كانت الهبة عندهم يجوز الرجوع فيها فإنه يجب رد الهدايا إذا كانت أعيانها موجودة ولم تستهلك أو لم تزد زيادة كبيرة متصلة بها ولا يمكن فصلها عن الهدية كقطعة أرض تم البناء عليها، أما إذا هلكت الهدية بأن تلفت أو استهلكت أو زادت زيادة متصلة لا تقبل الفصل كقماش تحول إلى ثوب أو تم بيع الهدية أو التبرع بها عندئذ لا يجب رد الهدية عندهم لأن الأحناف يقولون بعدم رد الهبة ومثلها الهدية في حالة هلاكها أو استهلاكها أو التصرف فيها أو بتغير حالتها بالزيادة عليه زيادة متصلة لا تنفصل عنها. 2- يرى الشافعية: ضرورة رد الهدايا مطلقا فإن بقيت عينها ولم تستهلك وجب رد عينها، وإن تلفت أو تم استهلاكها وجب رد مثلها إن كانت من الأموال المثلية أو يرد قيمتها إن كانت قيمية وسواء تم الرجوع عندهم من الخاطب أو الخاطبة. 3- يرى المالكية: أنه ينبغي تحكيم العرف في المسألة أو الشرط الذي اتفق عليه الطرفان فيعمل بالشرط أو بالعرف، فإذا لم يوجد شرط ولا عرف فإنه يجب التفريق بين الآتي: 1- إذا كان العدول من جانب الخاطب فليس له الحق في استرداد ما قدمه من هدايا للمخطوبة لأنه هو المتسبب في الرجوع عن الخطبة فلا نلحق بالمخطوبة ألمين ألم العدول عن الخطبة وألم سحب الهدايا وردها منها. 2- إن كان العدول من جهة المخطوبة فإنه يجب عليها أن ترد الهدايا بعينها أو رد مثلها إن استهلكت إن كانت مثلية أو رد قيمتها إن كانت قيمية لأنها المتسببة في العدول. ونرجح ما ذهب إليه المالكية من تفصيل لما فيه من التوازن والعدالة بين الطرفين ومواساة للطرف غير العادل عن الخطبة وتنبيه وإنذار لمن قام بفسخ الخطبة، ولأن القول بأن الهدايا تأخذ حكم الهبة إنما هي ليست هبة مطلقة إنما هي هبة مقيدة بأنها هبة مقيدة بنجاح الخطبة في تحصيل النكاح فإذا فسخت الخطبة ولم يحصل الزواج فات الهدف الذي من أجله قدمت الهدايا. ب- مدى الحق في المطالبة بالتعويض نتيجة العدول عن الخطبة: أن العدول عن الخطبة من أحد طرفيها أمر جائز شرعا لأن الخطبة غير لازمة وليست عقدا.. ومادام العدول مشروع فقد اتفق الفقهاء على أنه لا يجوز لمن فسخت الخطبة في مواجهته أن يطلب تعويض من الطرف الآخر عن مجرد العدول أن الراجح في خطبته قد استخدم حقا مشروعا في الرجوع في أمر غير ملزم له بالبقاء عليه. ج- مدى الحق في التعويض عن الأضرار المادية والمالية بسبب الرجوع في الخطبة: قد يترتب على الرجوع في الخطبة والعدول عنها بعض الأضرار المادية أو الأدبية المنفصلة عن ضرر العدول المجرد، فهل يتحمل المتسبب في هذه الأضرار بسب عدوله عن الخطبة تعويض عن هذه الأضرار، فقد يشترط الخاطب على مخطوبته أن تترك وظيفتها لكي يتم الزواج فتتركه فيعدل عن خطبته، كما قد تشترط المخطوبة على الخاطب توفير مسكن لها قريب من منزل أهلها، أو تشترك عليه العمل في مدينة أهلها حتى لا تغترب، فتعدل عن الخطبة بعد أن تحمل نفقات مالية لتحقيق رغباتها كما قد يكون الضرر الناتج ليس لمجرد العدول بل نتيجة تشويه سمعة الآخر أو كشف أسرار علمها عنه أو نشر شائعات غير صحيحة عنه بما يسبب له أضرار أدبيا يسئ إلى سمعته أمام الناس فالضرر في كل ما سبق أمر مستقل تماما عن العدول المجرد عن الخطبة فالعدول غير المقترن بضرر مادي أو أدبي لا يرتب أي ضمانه أو تعويض، أما في حالة الضرر المادي أو الأدبي الناجم عن العدول فهل يلزم العادل عن الخطبة تعويض عن هذه الأضرار؟ فاختلفوا الفقهاء في هذا على النحو الآتي: أ- جانب من الفقهاء المعاصرين: ذهبوا إلى أنه لا مطالبة بتعويض عن الضرر المادي أو الأدبي الذي يلحق بمن فسخت خطبته وليس له أن يلجأ للقاضي ليحكم له بذلك، وذلك لأن العدول حق بلا قيد ولا شرط والمعلوم أن من يستخدم حقه لا ضمان عليه كما أن من حدث له ضرر يعلم تماما قبل الخطبة وبعدها أن من حق الخاطب أن يرجع في خطبته، كما أننا لو ألزمنا من فسخ الخطبة بتعويض لكنا في ذلك نرفضه إلى إتمام الزواج تفاديا لغرامته المالية، كما أن الخاطب ولو كان هو العادل يسترد هداياه عند بعض الفقهاء فكيف يلزمه بضمان. ب- يرى فريق آخر من الفقهاء: إلى إلزام العادل بالتعويض تصديقا لقوله صلى الله عليه وسلم "لا ضرر ولا ضرار" وللقاعدة الفقهية "الضرر يزال"، كما أن في العدول تغرير وخداع للآخر يترتب عليه أضرار مالية. ج- يرى فريق ثالث التفرقة بين أمرين: أولا: أن العدول المجرد لا يكون سببا للتعويض لأنه استعمل حقه. ثانيا: إذا كان الضرر ليس مجرد العدول وإنما حدث بناء على فعل العادل، وخداعه وتغريره وجب عليه التعويض، وهو ما عليه العمل قضاء وهو ما نرجحه بهذه التفرقة الواضحة.
- آثار عقد النكاحالآثار المترتبة على عقد النكاح تنقسم إلى ثلاثة أقسام:القسم الأول هو الحقوق والواجبات المشتركة.القسم الثاني حقوق وواجبات تخص الرجل.القسم الثالث حقوق وواجبات تخص المرأة.
- أولاً: الآثار المشتركةحل المعاشرة والاستمتاع:الأثر الأول من آثار عقد النكاح الصحيح هو حل المعاشرة والاستمتاع، ونعني بالمعاشرة الخلطة والسكنى تحت سقف واحد والحياة معاً، ونعني بالاستمتاع التلذذ البدني والنفسي لكل من الزوجين بالآخر. وهذا حق مشترك للزوجين بالآخر، وواجب أيضاً على كل طرف نحو الآخر.وقد جاء الإسلام بما يكفل سعادة الزوجين وإحسان معاشرة كل منهما للآخر، واستمتاعه به على أكمل وجه وأحسن صورة. فقد جاءت الآيات الكثيرة التي تأمر الرجال بإحسان معاشرة النساء، وإمساك المرأة التي يرى الرجل فيها ما يكرهه رجاء أن يبارك الله له فيها كقوله تعالى: {وعاشروهن بالمعروف فإن كرهتموهن فعسى أن تكرهوا شيئاً ويجعل الله فيه خيراً كثيراً}.. وحث النبي على حسن معاشرة النساء وأوصى بهن كثيراً كما قال صلى الله عليه وسلم: [خيركم خيركم لأهله، وأنا خيركم لأهلي].. وقوله: [استوصوا بالنساء فإن المرأة خلقت من ضلع أعوج. وإن أعوج شيء في الضلع أعلاه، وإن ذهبت تقيمه كسرته، وإن تركته لم يزل أعوج، فاستوصوا بالنساء]. متفق عليه، وفي حديث آخر: [لا يفرك مؤمن مؤمنة، إن كره منها خلقاً رضي منها آخر]. (رواه أحمد ومسلم)، والفرك هو الكراهية.. وقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم خير مثال على حسن المعاشرة وطيب الخلق. وجاءت الأوامر الكثيرة في القرآن والسنة أيضاً للمرأة كقوله تعالى: {فالصالحات قانتات حافظات للغيب بما حفظ الله}. والقنوت هنا فسره العلماء بطاعة الزوج.
- ذا في المعاشرة والطاعة والعطف والحنان والحب وأما في الاستمتاع البدني فهدى الإسلام في هذا أحسن هدى، فقد جاء في الأمر العام بالاستمتاع بالنساء على أي كيفية كما قال تعالى: {نساؤكم حرث لكم فأتوا حرثكم أنى شئتم وقدموا لأنفسكم واتقوا الله واعلموا أنكم ملاقوه وبشر المؤمنين}. غير أن الله سبحانه وتعالى نهى عن إتيان النساء وقت الحيض لما في هذا من الأذى والضرر على الزوجين كليهما وليس هذا مجال تفصيل ذلك كما قال تعالى: {ويسألونك عن المحيض قل هو أذى فاعتزلوا النساء في المحيض}. ولقد جاءت السنة الصحيحة بجواز الاستمتاع بالحائض في غير مكان الحيض، وجاءت السنة والآثار الصحيحة أيضاً بحرمة إتيان النساء في أدبارهن. وهذا من كمال الإسلام وطهارته.كما جاءت السنة أيضاً بآداب تجعل المباضعة عبادة يتقرب بها إلى الله كما قال الرسول صلى الله عليه وسلم: [وفي بضع أحدكم صدقة].. قالوا يا رسول الله: أيأتي أحدنا شهوته ويكون له فيها أجر؟ قال: [أرأيتم لو وضعها في الحرام أكان عليه فيها وزر وكذلك إذا وضعها في الحلال كان له فيها أجر]. ولذلك قال صلى الله عليه وسلم معلماً ومؤدباً: [لو أن أحدكم إذا أتى أهله قال: بسم الله، اللهم جنبنا الشيطان وجنب الشيطان ما رزقتنا فإن قدر بينهما في ذلك ولد لن يضر ذلك الولد الشيطان أبداً] (رواه الجماعة إلا النسائي).هذا وقد نهى الرسول صلى الله عليه وسلم عن إفشاء أسرار الجماع ونشر أخباره وهذا من كمال الأدب والأخلاق كما قال صلى الله عليه وسلم: [إن من شر الناس عند الله منزلة يوم القيامة الرجل يفضي إلى المرأة وتفضي إليه: ثم ينشر سرها]. (رواه أحمد ومسلم)، وأخبر صلى الله عليه وسلم في حديث آخر إن مثل هذا كمثل شيطان وشيطانة لقي أحدهما بالسكة (الطريق) فقضى حاجته منها والناس ينظرون إليه، وهذا معناه أن الخبر في أمر النكاح كالعيان.وبهذه الأخلاق والآداب يرسي الإسلام قواعده النظيفة الكاملة، في أول أثر من عقد النكاح وهو المعاشرة وحل الاستمتاع.وهذا مما تجدر الإشارة إليه أنه لم يصح شيء عن تحريم نظر الرجل إلى أي جزء في امرأته ولا المرأة كذلك، هذا ولم يصح أيضاً شيء في نهي عن تجرد المرأة والرجل. وبهذا نجد أن الإسلام لم ينه في هذا إلا بما يعيب على الحقيقة وأباح ما سوى ذلك مما يعد سعادة واستمتاعاً، وأحاط كل ذلك بحسن المعاشرة وطيبها.ومن الآثار المشتركة التي تترتب على عقد النكاح: الاستمتاع والمعاشرة، وقد فصلنا ذلك سابقاً ثم التوارث، وثبوت نسب الأولاد هذا مقام تفصيله بحمد الله وتوفيقه.
- ذا في المعاشرة والطاعة والعطف والحنان والحب وأما في الاستمتاع البدني فهدى الإسلام في هذا أحسن هدى، فقد جاء في الأمر العام بالاستمتاع بالنساء على أي كيفية كما قال تعالى: {نساؤكم حرث لكم فأتوا حرثكم أنى شئتم وقدموا لأنفسكم واتقوا الله واعلموا أنكم ملاقوه وبشر المؤمنين}. غير أن الله سبحانه وتعالى نهى عن إتيان النساء وقت الحيض لما في هذا من الأذى والضرر على الزوجين كليهما وليس هذا مجال تفصيل ذلك كما قال تعالى: {ويسألونك عن المحيض قل هو أذى فاعتزلوا النساء في المحيض}. ولقد جاءت السنة الصحيحة بجواز الاستمتاع بالحائض في غير مكان الحيض، وجاءت السنة والآثار الصحيحة أيضاً بحرمة إتيان النساء في أدبارهن. وهذا من كمال الإسلام وطهارته.كما جاءت السنة أيضاً بآداب تجعل المباضعة عبادة يتقرب بها إلى الله كما قال الرسول صلى الله عليه وسلم: [وفي بضع أحدكم صدقة].. قالوا يا رسول الله: أيأتي أحدنا شهوته ويكون له فيها أجر؟ قال: [أرأيتم لو وضعها في الحرام أكان عليه فيها وزر وكذلك إذا وضعها في الحلال كان له فيها أجر]. ولذلك قال صلى الله عليه وسلم معلماً ومؤدباً: [لو أن أحدكم إذا أتى أهله قال: بسم الله، اللهم جنبنا الشيطان وجنب الشيطان ما رزقتنا فإن قدر بينهما في ذلك ولد لن يضر ذلك الولد الشيطان أبداً] (رواه الجماعة إلا النسائي).هذا وقد نهى الرسول صلى الله عليه وسلم عن إفشاء أسرار الجماع ونشر أخباره وهذا من كمال الأدب والأخلاق كما قال صلى الله عليه وسلم: [إن من شر الناس عند الله منزلة يوم القيامة الرجل يفضي إلى المرأة وتفضي إليه: ثم ينشر سرها]. (رواه أحمد ومسلم)، وأخبر صلى الله عليه وسلم في حديث آخر إن مثل هذا كمثل شيطان وشيطانة لقي أحدهما بالسكة (الطريق) فقضى حاجته منها والناس ينظرون إليه، وهذا معناه أن الخبر في أمر النكاح كالعيان.وبهذه الأخلاق والآداب يرسي الإسلام قواعده النظيفة الكاملة، في أول أثر من عقد النكاح وهو المعاشرة وحل الاستمتاع.وهذا مما تجدر الإشارة إليه أنه لم يصح شيء عن تحريم نظر الرجل إلى أي جزء في امرأته ولا المرأة كذلك، هذا ولم يصح أيضاً شيء في نهي عن تجرد المرأة والرجل. وبهذا نجد أن الإسلام لم ينه في هذا إلا بما يعيب على الحقيقة وأباح ما سوى ذلك مما يعد سعادة واستمتاعاً، وأحاط كل ذلك بحسن المعاشرة وطيبها.ومن الآثار المشتركة التي تترتب على عقد النكاح: الاستمتاع والمعاشرة، وقد فصلنا ذلك سابقاً ثم التوارث، وثبوت نسب الأولاد هذا مقام تفصيله بحمد الله وتوفيقه.
- التوارث:إذا تم عقد النكاح صحيحاً ومات أحد طرفي العقد (الرجل أو المرأة) ثبت الميراث في مال الميت للحي وقد جعل الله في هذا فريضة محكمة في كتابه فجعل للزوج نصف مال زوجته المتوفاة إذا لم يكن لها ولد منه أو من غيره، وجعل له الربع من مالها إذا كان لها ولد منه أو من غيره.وأما الزوجة فقد فرض الله لها ربع تركة زوجها إذا لم يكن له ولد منها أو من غيرها ولها الثمن إذا كان له ولد منها أو من غيرها، غير أنها تشترك مع ضرائرها في هذا الثمن إن كان لزوجها المتوفى زوجات غيرها لم يفارقهن. وهذا مفصل في قوله تعالى: {ولكم نصف ما ترك أزواجكم إن لم يكن لهن ولد، فإن كان لهن ولد فلكم الربع مما تركن من بعد وصية يوصين بها أو دين، ولهن الربع مما تركتم إن لم يكن لكم ولد، فإن كان لكم ولد فلهن الثمن مما تركتم إن لم يكن لكم ولد، فإن كان لكم ولد فلهن الثمن مما تركتم من بعد وصية توصون بها أو دين}.وهذا الميراث حق في مال الزوجة والزوج بمجرد العقد وحتى لو لم يحصل دخول (ولهذه المسألة مزيد تفصيل مستقبلاً إن شاء الله).
- ثانياً: آثار عقد الزواج على الرجل خاصةقدمنا أن عقد الزواج من أعجب العقود في الأرض وذلك للعلاقات الخاصة والمتشابكة والآثار العظيمة التي يخلفها عقد الزواج فهذا العقد يترتب عليه مسائل مالية وعاطفية وخلقية ونفسية وأمور أخرى في غاية الحساسية والتعقيد ولا نستطيع أن نأتي بمسطرة وقلم ونخط خطاً ونقول هنا يقع حق الزوج وواجباته وها هي حقوق الزوجة وواجباتها، ومن ظن أنه يستطيع أن يفعل ذلك فهو واهم تماماً ولا يدرك على الحقيقة ماهية هذا العقد العجيبة وآثاره في النفس والحياة. وحتى في الأمور الظاهرية الحسية فإن تحديد مقدار الحق والواجب في غاية الصعوبة والحرج فمن يستطيع أن يقدر مقدار النفقة الواجبة للزوجة على زوجها تحديداً فاصلاً أيضاً وإذا كان هذا هو الشأن في هذه الأمور الظاهرة الحسية المادية فكيف في الأمور المعنوية وكيف أيضاً في الأمور السرية والخاصة بين الزوجين؟ ولذلك فنحن عندما نقول الحق والواجب في عقد الزواج فإنما نعني الخطوط العريضة فقط والعموميات فقط لعلاقات من أدق علاقات الأرض ولا نعني المدلول لهاتين الكلمتين (الحق والواجب).ولذلك نجد أن الإسلام في توجيهه لهذا العقد قد أرشد إلى الإحسان والبر وهي منزلة متقدمة فوق الحقوق والواجبات ومعنى هذا أن الرجل والمرأة كليهما يجب أن ينظرا ويجتهدا نحو تحقيق الإحسان والفضل وأنهما لا ينبغي لهما أن يقفا فقط عند الحق والواجب، وباب الإحسان والفضل والبذل والتضحية والوفاء باب واسع جداً لا تحده الحدود ولا تقف أمامه السدود فكلما كان الرجل معطاء كريماً شجاعاً متسامحاً كان أحظى عند الزوجة وأعظم مكانة وأكثر استفادة بزواجه وكلما كانت المرأة وفية مخلصة متفانية في خدمة زوجها ملغية ذاتها في ذاته كانت سعيدة محبوبة مبجلة، وإذا وجد العكس وهو الشح ومطالبة كل منهما بما له أولاً عند الطرف الآخر وتأخير سداد ما عليه نحو الآخر كلما كان الزواج فاشلاً والحياة صعبة ثقيلة متكلفة.
- وعلى ضوء من هذين الأمرين نناقش قضية الحق والواجب في عقد الزواج وهما:أولاً: نحن لا نملك حداً فاصلاً بين ما للزوج وما عليه نحو زوجته وما للزوجة وما عليها نحو زوجها ولكننا نملك خطوطاً عريضة فقط.ثانياً: لا يجوز بتاتاً أن يقام عقد الزواج على ما الذي لي وما الذي لك ولكن يجب أن يقوم على: ما المقدار الذي أستطيع أن أبذله لك وما المدى الذي يستطيع الطرف الآخر أن يقدمه لي وهذا هو باب الإحسان والفضل والحب والرحمة والوداد ومن هذا المنطق نستطيع تحديد واجبات الرجل نحو زوجته بما يلي:
- 1- النفقة:وهذا يعني أن يقوم الزوج بالإنفاق على زوجته منذ عقد العقد وحتى الانفصال عنها بأي صورة (كما سيأتي هذا مفصلا إن شاء الله) وهذه النفقة تشمل كل لوازم الزوجة من طعام ومسكن وكسوة ونحو ذلك وأن لا يلزم المرأة شيئاً من هذا أصلاً سواء كانت مالكة وغنية أم لا. وأن العمل بقصد الكسب ليس واجباً على المرأة بحال وعلى ضوء القواعد السابقة فلا تحديد لحجم النفقة وكيفيتها وفي هذا يقول تعالى: {لينفق ذو سعة من سعته ومن قدر عليه رزقه لينفق مما آتاه الله لا يكلف الله نفساً إلا ما أتاها}.2- إحسان المعاشرة:وهذه أيضاً قضية عامة لا نستطيع تحديدها في قوالب قانونية لأن قضية المعاشرة أمر أخلاقي والأخلاق كثيرة منها ما لا يستطيع أن يضبطه القانون فهل تطالب المرأة زوجها مثلاً أن يبتسم إذا رآها وأن يهش للقائها؟..وهذا لا نشك أنه من حسن المعاشرة ولكن لا نستطيع أن نسن ذلك بقانون ولا أن يجبر إنسان على فعله. ولذلك فأمر إحسان المعاشرة أمر واسع خلاصته وجوب اتباع مكارم الأخلاق في المعاشرة وهذا يعني أن لا تقبيح للزوجة، ولا سباب ولا لعن، وإنما لين جانب، وبذل معروف.3- القوامة:ونعني بالقوامة كون الرجل مسؤولاً عن تقويم زوجته وأن له الكلمة الأخيرة في شئون الحياة الزوجية، وهذا الأمر قد ينظر أناس إليه أنه حق للرجل ولكن يحسن بنا أن نجعله واجباً لا حقاً، فالرجل مسئول عن زوجته لأنها رعية استرعاها الله إياها كما قال صلى الله عليه وسلم: [والرجل في بيته راع وهو مسئول عن رعيته].والقوامة لا تعني التسلط والقهر ولا إنفاذ رأي الرجل صواباً كان أو خطأ وإنما تعني حسن السياسة وإدارة دفة الحياة الزوجية على وجه الشورى والإحسان والحرص الدائم على بذل النصح والخير، والوقوف الحازم أمام الانحراف والنشوز.هذه هي أهم واجبات الرجل نحو زوجته ولا شك أن رجلاً يستطيع أن يقوم بهذه الواجبات على الوجه الأكمل إلا أن يكون زوجاً صالحاً.
- ثالثاً: آثار عقد الزواج على المرأة خاصة
- فرض عقد النكاح حقوقاً للرجل نحو زوجته أو واجبات على الزوجة نحو زوجها، ونستطيع إيجاز هذه الواجبات في الأمور الثلاثة الآتية:1- الطاعة:
- 1- الطاعة:بما أن القوامة على الأسرة واجب من الله سبحانه وتعالى يسأل عنه الرجل يوم القيامة ويسأل عنه الرجل في الدنيا أيضاً أمام المجتمع وولي الأمر فإن من مستلزمات القوامة للرجل أن يطاع من قبل من جعلهم الله سبحانه وتعالى في كفالته ورعايته، ولا نتصور أن يكون الرجل قواماً في بيته متكفلاً بشئون أسرته (زوجته وأولاده) ولا يكون مطاعاً من زوجته وأولاده، ولذلك فطاعة المرأة لزوجها حق يفرضه الله سبحانه وتعالى أولاً وتقتضيه مصالح الأسرة ونظامها ثانياً، وتفرضه الضرورة والواجب ثالثاً. ونعني بالضرورة الخلقة والجبلة والفطرة وهذا لا يماري فيه إلا مكابر، ونعني بالواجب الالتزام الأدبي والخلقي الذي يفرضه إنفاق الرجل على زوجته وكفالته لها فلا أقل من الطاعة والإذعان لأمره.
- 2- الخدمة:الخدمة المنزلية من ميادين الطاعة وقد سبق أن هذا حق من حقوق الرجل، وواجب على المرأة، وليس هناك تحديد شرعي أيضاً لمواصفات الخدمة والذي يحدد هذا أيضاً هو العرف والمعروف، وقد أبعد جداً من ظن أن الخدمة المنزلية ليست واجباً على المرأة نحو زوجها إلا طاعة الفراش فقط، وهذا الفهم إساءة بالغة لمعنى عقد النكاح في الإسلام، وقد كانت الصحابيات بما فيهن فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم يخدمن أزواجهن، ويلقين العنت والتعب في هذه الخدمة ولم يقل رسول الله صلى الله عليه وسلم يوماً أن لا يجب على امرأة أن تخدم زوجها بل على العكس من ذلك أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم النساء بطاعة أزواجهن كما أمر الأزواج بالإحسان إلى النساء. والخدمة أيضاً قضية فطرية جبلية من المرأة نحو زوجها وموافقة الفطرة هي السعادة الحقيقة ولا شك أن أسعد النساء حظاً في الحياة الزوجية أكملهن طاعة وخدمة لأزواجهن وأشقاهن في حياتهن الزوجية من يتخلين عن هذه المهمة الفطرية التي جاء عقد الزواج ليوجبها ويحقها.
- 3- القنوت:والقنوت يطلق في اللغة إطلاقات كثيرة ونعني به هنا حبس المرأة نفسها على زوجها فقط حيث لا يكون في قلبها ووقتها شغل بغيره.فعقد الزواج ينقل طاعة المرأة من والديها إلى الزوج رأساً ليكون هو الولي المباشر وليكون برها وطاعتها بوالديها من بعد طاعتها لزوجها. وهكذا أيضاً في الآخرين فلا يجوز لامرأة أن تجعل من نفسها نصيباً في خدمة أو تطلع لغير زوجها إلا بإذنه. فالمرأة أسيرة عند الرجل محبوسة عليه وحده ولاءً وطاعة وخدمة، وهذا هو الموقف الشرعي والموقف الفطري والأخلاقي الكامل. ومن هذا الباب كان الرجل مطالباً في الإسلام برعاية زوجته رعاية كاملة لهذا كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: [اتقوا الله في النساء فإنهن عوان عندكم] والعاني هو الأسير أي أسيرات.
- نظم الزواج عند العرب في الجاهليةتوطنت الجزيرة العربية قبل الإسلام قبائل شتى، كانت حياتها تتمركز في الحل والترحال بسبب الظروف التي تجد فيها بعض الماء اللازم لحياتها وحياة دوابها، وكان الرعي وغزو القبائل الأخرى عمادين أساسيين لحياة هذه القبائل. وقبل ظهور الإسلام بفترة، وكأثر لوقوع مكة في موقع فريد بالنسبة لحركة التجارة بين سواحل الجزيرة الجنوبية والشرقية وبين الشام بدأت تتكون معالم لحياة المدن في مكة، وفي نفس الوقت، فإنه على بعد قليل من مكة، قامت معالم لحياة المدن في يثرب التي لظروفها الجغرافية عرفت قدراً من الزراعة وأشكالاً من الصناعة الحرفية، في ظل هذه الظروف الرعوية الطاغية والباديات المتواضعة تتشكل المدن، كانت حياة القبائل العربية قبل الإسلام.وقد عرفت هذه القبائل أنواعا متعددة من أنظمة الزواج، يمكن إيجازها في الآتي:تعدد الأزواج:كانت تمارسه بعض القبائل حيث تكون الزوجة الواحدة لأزواج متعددين، وفيه تقول السيدة عائشة رضى الله عنها، عن أنكحة العرب في الجاهلية (صحيح البخاري-جـ7 صـ 15)، يجتمع الرهط ما دون العشرة فيدخلوا على المرأة كلهم يصيبها "فإذا حملت المرأة" ووضعت ومرت ليال بعد أن تضع أرسلت إليهم، فلم يستطع رجل منهم أن يمتنع، حتى يجتمعوا عندها، فتقول لهم قد عرفتم الذي كان من أمركم، أني ولدت فهو ابنك يا فلان، تُسمي من أحبت باسمه فيلحق به ولدها، ولا يستطيع أن يمتنع منه الرجل.التعدد المطلق للزوجات:ولم يكن يتقيد فيه الرجل بعدد معين من الزوجات.زواج المقت:وهو زواج الابن الأكبر من زوجة أبيه بعد وفاته دون أن يكون لها خيار في ذلك، فهي مال يرثه وحده.زواج الشغار:وهو تبادل النساء بدون مهر، حيث تكون كل واحدة مهراً للأخرى.زواج السبي:كان الغزو شائعاً بين القبائل العربية، وكانت الغنائم والأسلاب أهم ما تسفر عنه هذه الغزوات وأهم الأغنام والأسلاب هم النساء، وكان نصر القبيلة واقتدارها يبين في أسر الشرائف من النساء.الزواج الموقوت أو زواج المتعة:وفيه تحدد منذ لحظة انعقاده مدة الزواج حيث ينتهي بانتهائها، ولم يكن هناك حد أدنى أو أقصى لتحديد هذه المدة، وإن كان الغالب أن تكون المدة قصيرة.الخلافة على الأرامل أو وراثة النساء:وكان مقتضاه أن الرجل إن مات عن أرملة خلفه عليها أحد أقاربه الأقربين، ولا تعتبر هذه الخلافة زواجاً جديداً، فلا يدفع القريب مهراً جديداً وإنما يعاشرها بالمهر الذي دفعه الزوج الميت، وعلى ذلك، فإن الأولاد الذين يولدون من علاقة الأرملة بقريب الزوج الميت كانوا ينسبون إلى الزوج الميت نفسه.وقد نهى القرآن عن هذا النوع من الزواج، حيث فسر الطبري الآية الكريمة: "يا أيها الذين آمنوا لا يحل لكم أن ترثوا النساء كرها" (النساء- الآية19) بأنها كانت نهباً عن هذا النوع من الزواج الذي كان له قدر وافر من الشيوع.ومن الجدير في هذا المقام الإشارة إلى بعض العادات المرتبطة بالزواج حتى يمكن استخلاص الرؤية الأكثر شيوعاً للعلاقة بين الرجل والمرأة.أ: الاستبضاع:وفيه يقدم الرجل زوجته إلى آخر لتحمل منه، إما لعدم إنجابه هو منها أو لدواعي النجابة، وفي ذلك تقول السيدة عائشة رضى الله عنها: "إن الرجل في الجاهلية كان يقول لامرأته إذا طهرت من طمثها: أرسلي إلى فلان فاستبضعي منه، ويعتزلها زوجها ولا يمسها أبداً حتى يتبين حملها من ذلك الرجل، فإذا تبين حمله ا أصابها زوجها إذا أحب، وإنما يفعل ذلك رغبة في نجابة الولد".الضيافة الجنسية:وفيه تقدم الزوجة للمتعة كمظهر من مظاهر إكرام الضيف.الاستخلاف على الزوجة:وفيه يختار الزوج عندما يزمع التغيب عن بيته رجلاً آخر يعهد إليه بزوجته، ويحل هذا الأخير محل الزوج في معاشرتها لحين عودة الزوج.ولا يحتاج الأمر إلى تحليل طويل لاستخلاص النتيجة بأن مجموع هذه النظم والعادات التي نشأت في بيئة كان عمل الرجل فيها محدوداً، وأخطر الأعمال التي يمكن أن يقوم بها وهي الصيد والرعي والحرب ليس فيها ثمة دور جوهري للنساء، إن تحددت فيه مكانة المرأة دورها في الإنجاب وأداء المتعة الجنسية، ولذلك فإنه كان من الطبيعي أن علاقات الزواج التي تنتج عن هذا الواقع، إن هي إلا تعبير عنه، حيث تبهت كثيراً فكرة الرضائية التي هي دعامة التصور العقدي للعلاقة.
- وهكذا، فإننا نجد من العرض السابق، أن نظام الزواج عند الرومان، لم يبلغ في أوج تطوره إلا أن يكون نظاماً للزواج بغير سيادة، وهو ما يبعد به عن العقدية الرضائية، أما الأنظمة العربية قبل الإسلام، فقد كانت أيضاً بعيدة عن هذه الرضائية، بل كانت انتهاكاً لها في بعض منها كزواج السبي أو وراثة النساء أو زواج الشغار أوالمقت.في إطار هذه المقارنة الزمانية والمكانية، نلتفت إلى الإسلام، فنجد أنه قد جاء بمفهوم جديد تماماً عن الزواج، حيث جعل العلاقة التي يقوم بها هي علاقة تعاقدية بكل الشروط التي يستلزمها العقد من رضائية نابعة من إرادات خالية من أي عيب من عيوب الإرادة، وجعل الحقوق والواجبات بين الزوجين متبادلة، وجعل الرغبة المشتركة في تواصل الحياة الزوجية شرطاً لاستمرارها، وأجاز إنهاء الزواج بالطلاق للرجل والمرأة على السواء، وإن جعل حق المرأة في ذلك مرتبطاً بحكم القاضي إلا إذا اشترطت لنفسها هذا لحق عند الزواج، وهكذا كان الإسلام ثورة كاملة في المفاهيم التي كانت سائدة في المجتمع الجاهلي بشأن الزواج، كما أنه كان أكثر تقدماً بكثير مما بلغه القانون الروماني.وهكذا، فإن الزواج في الإسلام هو عقد رضائي. يعرفه بعض الفقهاء، بأنه "عقد يفيد حل استمتاع كل من العاقدين على الوجه المشرع"(3)، ويعرفه التشريع السوري والعراقي والجزائري والأردني بأنه عقد بين رجل وامرأة، تحل له شرعاً، غايته إنشاء رابطة للحياة المشتركة والنسل
.#low-zag
#mody---------asmaaمتنساش لايك لصفحتنا ع الفيسبوك علشان
- هذا الشرح خاص بالجزء الاول وهو الزواج مفهوم عقد الزواج ودليل مشروعيته وحكمته أولاً: تعريف عقد الزواج: - عقد الزواج في اللغة: يعنى الاقتران والارتباط والازدواج تصديقا لقوله تعالى (وَزَوَّجْنَاهُم بِحُورٍ عِينٍ) أي قرناهم بهن وقوله تعالى (احْشُرُوا الَّذِينَ ظَلَمُواوَأَزْوَاجَهُمْ) أي وقرناؤهم وقوله تعالى (قُلْنَا احْمِلْ فِيهَا مِن كُلٍّ زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ) وقد شاع استعمال لفظ "الزواج" في اقتران الرجل بالمرأة طلبا للإنس والتناسل، وعند إطلاقه يسبق هذا المعنى غيره من المعاني الأخرى، كما يطلق على الزواج لفظ "النكاح" وقد ورد هذا الاستعمال في أكثر من آية في القرآن الكريم منها قوله تعالى (وَلاَتَعْزِمُوا عُقْدَةَ النِّكَاحِ حَتَّى يَبْلُغَ الكِتَابُ أَجَلَهُ) وقوله تعالى (فَانكِحُوا مَا طَابَ لَكُم مِّنَ النِّسَاءِ مَثْنَىوَثُلاثَ وَرُبَاعَ)، وكلمة النكاح في الكتب الفقهية أكثر تداولا من لفظه الزواج. - الزواج في اصطلاح الفقهاء: عرف بعض الفقهاء عقد الزواج بأنه: "عقد يفيد حل استمتاع كل من العاقدين بالآخر على الوجه المشروع"، وعرفه البعض بأنه "عقد يفيد ملك المتعة قصدا"، وتذهب معظم تعريفات الزواج عند الفقهاء إلى التأكيد على أنه "عقد" وإن موضوعه هو امتلاك الطرفين بهذا العقد الاستمتاع بالآخر على وجه مشروع، وإن كانت المتعة ليست هي الغرض الوحيد من عقد الزواج، وإن كانت من أهم أغراضه إضافة إلى أغراض الأخرى من تحقيق التناسل والمحافظة على الجنس البشري، وتحقيق العشرة والمئونة الروحية بين الزوجين تصديقا لقوله تعالى: (وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَاوَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةًوَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ) وقد جمع الإمام أبو زهرة كل هذه المعاني التي ابتغاها الشرع من عقد الزواج فعرفه بقوله "هو عقد يفيد حل العشرة بين الرجل والمرأة وتعاونهما، ويحدد ما لكليهما من حقوق وما عليه من واجبات". ثانيا: مشروعة عقد الزواج والحكمة منه: 1- أدلة مشروعية الزواج: أ- من القرآن الكريم: منها قوله تعالى (يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍوَاحِدَةٍوَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَاوَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراًوَنِسَاءًوَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِوَالأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً)، ومنها قوله تعالى (وَاللَّهُ جَعَلَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجاً وَجَعَلَ لَكُم مِّنْ أَزْوَاجِكُم بَنِينَوَحَفَدَةًوَرَزَقَكُم مِّنَ الطَّيِّبَاتِ أَفَبِالْبَاطِلِ يُؤْمِنُونَوَبِنِعْمَةِ اللَّهِ هُمْ يَكْفُرُونَ). ب- من السنة: فقد وردت أحاديث كثيرة تحض على الزواج وتدعوا إليه وترغب فيه باعتباره سنة من سنن الكون، التي تلبي فطرة الإنسان من أهم هذه الأحاديث: 1- ما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم عن ابن مسعود رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج ومن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء"، والباءة هي تكاليف الزواج ومؤنته. 2- ما روي عن انس رضي الله عنه أن النبي صلى الله كان يأمر بالباءة، وينهى عن التبتل نهيا شديدا، ويقول "تزوجوا الودود الولود، فإني مكاثر بكم الأنبياء يوم القيامة" والتبتل هو الانقطاع عن الزواج. ج- من الإجماع: أجمعت الأمة بعلمائها في كل العصور على مشروعية الزواج، وأنه سنة عن النبي صلى الله عليه وسلم. 2- حكمة مشروعية الزواج: فقد تحدث الكثيرون من العلماء على أمور كثيرة ومعان جليلة تبين حكمة مشروعية الزواج من أهمها: أ- صيانة الأعراض وحفظ الأنساب: نظرا لتكريم المولى عز وجل بجعله أكرم المخلوفات وكرمه بالعقل، وميزه به عن الحيوانات وغيره من الكائنات، فنظم أمر الأنساب وجعل لها قدرا عظيما، فجرم السفاح وحث على النكاح، لأنه يشبع الوطر، ويحفظ النسب، ويعين على الدين، وسبب للتكاثر الذي يباهي به النبي الكريم صلوات الله وسلامه عليه الأمم يوم القيامة، فالله سبحانه خلق من الماء بشرا وجعله نسبا وصهرا. ب- السكن النفسي: إذا نجح الرجل في اختيار امرأته والعكس صحيح، وذلك من خلال الضوابط التي وضعها الشرع للاستئناس بها في هذا الاختيار فإنه لا مفر من حدوث الاطمئنان القلبي تصديقا لقوله تعالى: (وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا). ج- بقاء النوع الإنساني: فقد خلق الله العالم وقدر بقاءه واستمراره ومع الأخذ بالأسباب فإن بقاء العالم إلى الأجل الذي حدده المولى عز وجل إنما يتوقف على بقاء النوع البشري، والذي لا يتحقق إلا بالطريق الشرعي بتنفيذ أمر الله بالزواج، ومن هنا كانت نصيحة النبي صلى الله عليه وسلم فقد روي عن معقل بن يسار رضي الله عنه أن رجالا جاء يسأل النبي صلى الله عليه وسلم عن التزوج بامرأة ذات حسن وجمال وحسب ومنصب ومال غير أنها لا تلد، فنهاه النبي صلى الله عليه وسلم عن التزوج بها، ثم أتاه الثانية فقال مثل ذلك، ثم أتاه الثالثة فقال صلى الله عليه وسلم "تزوجوا الودود الولود فإني مكاثر بكم الأمم يوم القيامة".
- حكم عقد الزواج - مقدمة: يراد بالحكم هنا الحكم التكليفي بمعنى أن العباد مكلفون به أم غير مكلفين وما درجة هذا التكليف من بين الأحكام الشرعية الخمسة هل هو واجب أم حرام أم مكروه أم مباح أم مندوب ومسنون، وقد ذهب الفقهاء إلى أن الزواج يمكن أن تعتريه الأحكام التكليفية أي يوصف بها حسب مقتضى الحال. أولا: الزواج واجب: ويكون كذلك إذا كان المرء قادرا على أعباء الزواج ويمكنه القيام بما يترتب عليه من أحكام أخرى ويخشى على نفسه أن يقع في الفاحشة إن لم يتزوج، وسبب الوجوب هنا: إن امتناع المكلف عن الزواج في هذه الحالة سيترتب عليه الوقوع في المحرمات، وما يؤدي إلى الحرام فهو حرام والواجب على كل مكلف أن يفعل ما يحول بينه وبين المحظور فوجب الزواج لهذه الأسباب، وهي: 1- القدرة على الأعباء. 2- التمكن من القيام بكل أحكامه. 3- يخشى على نفسه ويتعين أنه سيقع في الفاحشة. 4- أن يأمن على نفسه من ظلم زوجته إن تزوج. ثانيا: الزواج حرام: والحرام هو ما يطلب الشارع من المكلف تركه على سبيل الحتم والإلزام، ويتحقق ذلك: 1- إذا كان المكلف غير قادر على مؤنة الزواج وأعبائه. 2- يتأكد أنه سيظلم زوجته أن تزوج. ويكون الزواج حراما هنا لأنه سيكون ذريعة للوقوع في الحرام وهو ظلم زوجته، ومعلوم شرعا أن كل ما يؤدي إلى الحرام هو حرام. ثالثا: الزواج المكروه: والمكروه هو ما يمدح تاركه ولا يذم فاعله أو ما طلب الشارع من المكلف تركه من غير إلزام، ويكون الزواج كذلك في حالة ما إذا: 1- غلب على ظن المكلف إنه سيظلم زوجته إن تزوج. 2- لا يتعين أنه سيقع في الفاحشة إن لم يتزوج ويستطيع مجاهدة نفسه بالصوم ونحوه. رابعا: الزواج سنه، مندوب، مستحب: وذلك إذا كان المكلف: 1- في حال الاعتدال أي سوى في احتياجه إليه. 2- لا يخشى الوقوع في الفاحشة إذا لم يتزوج. 3- لا يخاف من ظلم زوجته إن تزوج. 4- قادر على تكاليف الزواج. وفي هذه الحالة ذهب جمهور الفقهاء إلى أن الزواج سنة ويندب إليه ويستحب فعله لورود الأحاديث الكثيرة الدالة على هذا المعنى، بل نصت بعض الأحاديث صراحة على هذا الحكم، كقوله في حديث أنس عطفا على ما جاء قبله "وأتزوج النساء فمن رغب عن أمتي فليس مني"، ومن الفقهاء من ذهب إلى أن الزواج حتى في هذه الحالة واجب أيضا وهم الظاهرية... لأنهم يحملون الأمر الوارد في قوله تعالى (وَأَنكِحُوا الأَيَامَى مِنكُمْوَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْوَإِمَائِكُمْ)، والأمر في قوله صلى الله عليه وسلم "تزوجوا الودود الولود فإني مكاثر بكم الأمم يوم القيامة" فهم لا يصرفون الأمر عن ظاهره ويقولن إن دلالته الوجوب مع أنه للندب كما ذهب إلى ذلك جمهور الفقهاء. وهناك حالة خاصة: وذهب إليها الشافعية في المشهور عنهم إن الزواج مباح في حال الاعتدال فيستوي الأمر بين أن يتزوج أو يترك وقالوا إن الزواج مثله مثل المباحات من الطيبات كالطعام والشراب وهما من المباحات فكان الزواج مباحا، وقالوا إن الله سبحانه امتدح نبيه يحي عليه السلام بقوله سبحانه (وَسَيِّداًوَحَصُوراً) والحصور هو من لا رغبة له في النساء فلو كان الزواج أفضل لما امتدحه سبحانه بتركه. والراجح: هو ما ذهب إليه جمهور الفقهاء من أن الزواج في الظروف العادية سنة مؤكدة وأن الزواج مستحب لما فيه من العفاف والطهر وتحقيق الذرية الصالحة. الخطبة أولا: تعريف الخطبة: الخطبة بكسر الخاء هي التماس الشخص الزواج من امرأة معينة تحل له شرعا، أو هي تواعد متبادل بالزواج في المستقبل، وهي مرحلة تتوسط بين الاختيار بالضوابط الشرعية وإبرام العقد، ولما كانت الخطبة وعدا وليست عقدا فإنها لا تحتاج إلى صيغة محدد بل تجوز بكل ما يدل على المراد منها ويرد عليها بالقبول أو بالرفض. ثانيا: شروط المرأة التي يجوز خطبتها: 1- ألا يكون الزواج بها محرما شرعا على الخاطب: فلا يحل خطبة امرأة متزوجة، ولا امرأة تحرم عليه تحريما مؤبدا بسبب نسب أو رضاع أو مصاهرة كالأخت من النسب أو الرضاع وامرأة أبيه، وزوجة ابنه وبنت زوجته المدخول بها كذا تحرم خطبة المرأة المحرمة حرمة مؤقتة كأخت الزوجة، والقاعدة: هي أن كل من يجوز الزواج بها شرعا تجوز خطبتها فالغاية إذا كانت حلال كانت الوسيلة حلالا، ولو كانت حراما كانت خطبتها حراما، ومن أهم تطبيقات هذا الشرط: أ- حكم خطبة المعتدة من طلاق رجعي: المعتدة من طلاق رجعي هي المرأة التي تقضي عدتها من طلاق يجوز لزوجها أن يراجعها فيه وهي في حكم الزوجة لأن لزوجها أن يراجعها خلال عدتها ويرثها لو ماتت وترثه لو مات خلال العدة، وعليه تحرم خطبتها سواء بطريق التصريح بالخطبة أو بطريق التعريض والتلميح، لأن هذا المنع حق للشرع وحق للزوج التي هي في عدتها منه. ب- خطبة المعتدة من وفاة زوجها: اتفق الفقهاء على أنه لا تجوز خطبة المتوفي عنها زوجها خلال عدتها بطريق التصريح وأجازوا التعريض لها بالخطبة تلميحا، واستدلوا على ذلك بقوله تعالى: (وَلاَجُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا عَرَّضْتُم بِهِ مِنْ خِطْبَةِ النِّسَاءِ أَوْ أَكْنَنتُمْ فِي أَنفُسِكُمْ عَلِمَ اللَّهُ أَنَّكُمْ سَتَذْكُرُونَهُنَّ وَلَكِن لاَّ تُوَاعِدُوهُنَّ سِراًّ إِلاَّ أَن تَقُولُوا قَوْلاً مَّعْرُوفاً)، أي لا حرج عليكم ولا إثم ولا وزر عليكم أن تعرضوا بالخطبة في عدة الوفاء وهو توصيل المعنى بطريق احتمالي غير مباشر، ومنع الخطبة هنا تصريحا لا يمس الزوج الميت بقدر ما يحافظ على الجانب المعنوي والنفسي للمرأة. ج- حكم خطبة المعتدة من طلاق بائن: المقصود بالبينونة هنا البينونة مطلقا صغرى كانت أم كبرى وقد ذهب الفقهاء في حكم خطبة البائنة إلى ما يلي: 1- يرى جمهور الفقهاء أنه لا يجوز خطبتها تصريحا وذلك مراعاة لمشاعر الزوج التي تعتد بسببه، وأجازوا التعريض بخطبتها لانقطاع الزوجية بالطلاق البائن وهو قياس على جواز التعريض بخطبة المتوفي عنها زوجها. 2- يرى الأحناف: أنه لا تجوز خطبة البائنة لا تصريحا ولا تعريضا لأنها مازالت في العدة إلا أن بعض آثار الزواج لازالت قائمة وبالتالي لا يجوز خطبتها لديهم مطلقا، حتى وإن انقطعت الزوجية عندهم بالطلاق البائن وفي ذلك مراعاة لمشاعر المطلق، وحسما لما قد ينشأ بين المطلق وبين الخاطب ومن نزاع وخلاف وحتى لا يدفعها التقدم لخطبتها في إدعاء انقضاء عدتها على خلاف الواقع حتى تعجل بزواجها، وقد يجيبها القاضي بناء على إقرارها غير الصحيح.. بخلاف المتوفي عنها زوجها فقد جازت خطبتها تعريضا فلا محل للكذب في عدتها. الراجح: ينبغي أن نفرق بين البائن بينونة كبرى والبائن بينونة صغرى لا تصريح في الحالتين وهو ما ذهب إليه الجميع، أما التعريض: فإنه يمكن القول بأنه في البينونة الكبرى تتفكك العلاقة الزوجية نهائيا ولابد لكي تحل له أن تتزوج من رجل غيره فيجوز خطبتها تعريضا، وأما البائن بينونة صغرى لا تنفصم العلاقة الزوجية نهائيا إنما يبقى حق الزوجين العودة إن رغبا بعقد ومن جديدين، ومادامت هذه الفرصة قائمة فإنه ينبغي ألا تتم خطبتها تعريضا في هذه الحالة. 2- ينبغي ألا تكون المرأة المطلوب خطبتها مخطوبة للغير:
- ثالثا: حكم الخطبة على خطبة الغير: إذا تقدم رجل طالبا خطبة امرأة فلا يخلو الأمر إما أن يرد على طلبه إيجابا أو رفضا، أو يؤجل الرد عليه من أهل المخطوبة لمزيد من السؤال عن الخاطب، وقد اشترط الفقهاء استنادا إلى سنة النبي صلى الله عليه وسلم لصحة الخطبة ألا تكون المرأة المطلوب خطبتها مخطوبة فعلا وذلك لقوله صلى الله عليه وسلم "المؤمن أخو المؤمن فلا يحل للمؤمن أن يبتاع على بيع أخيه، ولا يخطب على خطبة أخيه حتى يذر" كذا روي عن النبي صلى الله عليه وسلم قال "لا يخطب الرجل على خطبه أخيه حتى ينكح أو يترك". فكل هذه الأحاديث تحرم الخطبة على الخطبة وذلك لأن: - النهي يقتضي التحريم ما لم تكن هناك قرينة تصرف النهي عن التحريم إلى غيره ولا توجد قرينة ها هنا. - لأن هذا النهي لتجنب ضرر يلحق بالإنسان، ذلك أن الخطبة على الغير فيها اعتداء على حق الغير، ويؤدي إلى إثارة العداوة والبغضاء بين الناس، كما أنه يتنافى مع ما أرساه الإسلام من مبادئ الأخلاق. فاتفاق الفقهاء على حرمة خطبة مخطوبة الغير مادامت قد قبلت خطتبها للأول، وبديهي أن خطبة الأول لو رفضت فهي خالية ولا حرج في خطبتها بالاتفاق. 1- حكم خطبة من تقدم لها من يخطبها ولم يرد على طلبه بالإيجاب أو بالرفض: اختلف الفقهاء في حكم التقدم لخطبتها على النحو التالي: أ- ذهب جمهور الفقهاء من الأحناف والمالكية والحنابلة إلى أن الخطبة من الثاني قبل الرد على الأول محرمة شرعا، وذلك لدخولها ضمن الأحاديث المحرمة للخطبة على خطبة الغير فربما كان التأجيل في الرد لمزيد من التأني والتروي ودراسة أمور الخاطب الأول وهو أمر معتاد بين الناس لمن لا يعرفونه وخاصة لو كان المتقدم غير معروف لديهم من قبل، كما أن في تقدم الثاني بالخطبة قبل الرد على الأول يشوش على إرادة المخطوبة وأهلها ويمارون في الاختيار نتيجة المقارنة بين المتقدمين، وفي كل هذا اعتداء على حق الخاطب الأول وكل هذا يؤدي إلى حرمة الخطبة. ب- ذهب اتجاه آخر وهو لبعض الشافعية: وقالوا فيه أن التقدم لخطبة امرأة لم تحسم أمر الرد على متقدم لها مباح وتقدم الثاني لخطبتها مباح، وبرروا ذلك: بأن السكوت على خطبة الأول وتأجيل الرد عليه يعد رفضا ضمنيا، كما استندوا إلى أن النبي صلى الله عليه وسلم اختار لفاطمة بنت قيس واحد من ثلاثة تقدموا لخطبتها وهم معاوية وأبو جهم وأسامة بن زيد فرجح لها صلى الله عليه وسلم أسامة قائلا لها هكذا أسامة وقال لها موجها "طاعة الله وطاعة رسوله، قالت فتزوجته فاغتبطت"، فالنبي صلى الله عليه وسلم في نظر أصحاب هذا الاتجاه خطب لفاطمة أسامة يعد تقدم معاوية وإلى جهم لخطبتها ولم تكن قد صرحت برفضها لأحد منهما. والراجح: ما ذهب إليه جمهور الفقهاء لوضوح أدلتهم وقوتها وردوا على أصحاب الاتجاه الثاني بأن السكوت لا يكون رفضا دائما ويمكن أن يكون للتروي وبالنسبة لواقعة فاطمة بنت قيس فربما يكونوا قد خطبوها في وقت واحد. 2- مدى صحة عقد النكاح المترتب على خطبة غير مشروعة: هناك احتمالان في هذا النكاح هما: أ- خطبة المعتدة في عدتها وأثر ذلك على صحة العقد عليها: إذا خطب امرأة خطبة غير مشروعة كخطبة المطلقة رجعيا أو بائنا أو المتوفى عنها زوجها تصريحا فهذه الخطبة محرمة ويأثم فاعلها، فلو عقد عليها فعلا بناء على هذه الخطبة المحرمة خلال عدتها كان العقد باطلا بالاتفاق، أما لو عقد عليها بناء على هذه الخطبة المحرمة ولكن بعد انقضاء عدتها صح العقد عند جمهور الفقهاء ورتب آثاره. ب- خطبة مخطوبة الغير ومدى صحة العقد عليها عند الفقهاء: ذهب الفقهاء في ذلك إلى الآراء التالية: 1- جمهور الفقهاء: ذهبوا إلى أنه لا تأثير الخطبة غير المشروعة في صحة العقد، فالعقد يستقل عن الخطبة وقد قام مستكملا وأركانه وشروطه فيكون صحيحا ونافذا، كما أن الخطبة ليست من شروط صحة النكاح حتى تؤثر فيه، وعليه فلا يفسخ النكاح بهذه الخطبة المحرمة، ومع ذلك فالخطبة المحرمة يأثم فاعلها ديانة لتعديه على حق غيره. 2- ذهب بعض المالكية: إلى أن الخطبة على خطبة الغير تؤثر على العقد على النحو التالي: إن كان العقد قد تم ولكن لم يحدث دخول فسخ العقد لنهي الشرع عن ذلك- أما لو تم العقد وأعقبه دخول فلا يفسخ العقد لأن العقد قد تأكد بالدخول وتم البدء في نفاذه. 3- ذهب الظاهرية: إلى فسخ الخطبة في هذه الحالة مطلقا، سواء عقد وتم دخول أو لم يتم دخول، وذلك لمخالفة الخاطب لأوامر الشرع التي وردت في الحديث، ولارتكابه ما نهاه الشرع عنه, كما أن بطلان العقد هنا قياسا على بطلان بيع الرجل على بيع أخيه. والراجح: ما ذهب إليه جمهور الفقهاء الذاهب إلى صحة العقد المترتب على الخطبة في هذه الحالة ولا أثر للخطبة المحرمة في صحة العقد مع بقاء الإثم الشرعي على فعل الخاطب. رابعا: حق العدول عن الخطبة والآثار المترتبة عليه: 1- تكييف وتوصيف الخطبة: الأصل أن الخطبة مجرد وعد يقصد منه إنشاء عقد الزواج مستقبلا، فهي ليست عقدا ولا إلزام فيها، وبالتالي فلكل من طرفيها الرجوع عنها وفسخها متى رغب في ذلك، وإن كان الشرع يكره فسخ الخطبة تعسفا وبلا سبب ديانة أمام الله سبحانه وتعالى لأن فيه خلف للوعد وقد أمرنا الله بالوفاء بالوعد، لكن الرجوع حق لمستخدمه كمن يرجع في شراء سلعة شاهدها ثم ألا يشتريها أو ألا يبيعها لو كان بائعا، فإذا ظهر لأحد طرفيها أن يرجع لأمر ظهر له فيه مصلحته كان له الحق في ذلك. 2- الأثر المترتب على العدول في الخطبة: أ- أثر العدول عن الخطبة على المهر والهدايا: 1- المهر: اتفق الفقهاء على أن المهر يجب رده لأنه لا يجب إلا بالعقد ولما كان العقد في الخطبة لم يتم بعد فالمهر ليس من حق المرأة، ويجب عليها رده سواء تم الرجوع من الخاطب أو من المخطوبة فهو حق للخاطب ويرد بعينه أو برد مثله إن كان مثليا أو قيمته يوم دفعه إن كان قيميا، كما يأخذ حكم المهر كل ما تعارف الناس على أنه تابع للمهر ويجب ردها للخاطب عند العدول عن الخطبة مثل العرف السائد في مصر على اعتبار الشبكة جزء من المهر، أما لو جرى العرف على غير ذلك فيعمل به. 2- موقف الهدايا التي قدمها أطراف الخطبة بعد العدول عنها: 1- يرى الأحناف: أن الهدايا تأخذ حكم الهبة ولما كانت الهبة عندهم يجوز الرجوع فيها فإنه يجب رد الهدايا إذا كانت أعيانها موجودة ولم تستهلك أو لم تزد زيادة كبيرة متصلة بها ولا يمكن فصلها عن الهدية كقطعة أرض تم البناء عليها، أما إذا هلكت الهدية بأن تلفت أو استهلكت أو زادت زيادة متصلة لا تقبل الفصل كقماش تحول إلى ثوب أو تم بيع الهدية أو التبرع بها عندئذ لا يجب رد الهدية عندهم لأن الأحناف يقولون بعدم رد الهبة ومثلها الهدية في حالة هلاكها أو استهلاكها أو التصرف فيها أو بتغير حالتها بالزيادة عليه زيادة متصلة لا تنفصل عنها. 2- يرى الشافعية: ضرورة رد الهدايا مطلقا فإن بقيت عينها ولم تستهلك وجب رد عينها، وإن تلفت أو تم استهلاكها وجب رد مثلها إن كانت من الأموال المثلية أو يرد قيمتها إن كانت قيمية وسواء تم الرجوع عندهم من الخاطب أو الخاطبة. 3- يرى المالكية: أنه ينبغي تحكيم العرف في المسألة أو الشرط الذي اتفق عليه الطرفان فيعمل بالشرط أو بالعرف، فإذا لم يوجد شرط ولا عرف فإنه يجب التفريق بين الآتي: 1- إذا كان العدول من جانب الخاطب فليس له الحق في استرداد ما قدمه من هدايا للمخطوبة لأنه هو المتسبب في الرجوع عن الخطبة فلا نلحق بالمخطوبة ألمين ألم العدول عن الخطبة وألم سحب الهدايا وردها منها. 2- إن كان العدول من جهة المخطوبة فإنه يجب عليها أن ترد الهدايا بعينها أو رد مثلها إن استهلكت إن كانت مثلية أو رد قيمتها إن كانت قيمية لأنها المتسببة في العدول. ونرجح ما ذهب إليه المالكية من تفصيل لما فيه من التوازن والعدالة بين الطرفين ومواساة للطرف غير العادل عن الخطبة وتنبيه وإنذار لمن قام بفسخ الخطبة، ولأن القول بأن الهدايا تأخذ حكم الهبة إنما هي ليست هبة مطلقة إنما هي هبة مقيدة بأنها هبة مقيدة بنجاح الخطبة في تحصيل النكاح فإذا فسخت الخطبة ولم يحصل الزواج فات الهدف الذي من أجله قدمت الهدايا. ب- مدى الحق في المطالبة بالتعويض نتيجة العدول عن الخطبة: أن العدول عن الخطبة من أحد طرفيها أمر جائز شرعا لأن الخطبة غير لازمة وليست عقدا.. ومادام العدول مشروع فقد اتفق الفقهاء على أنه لا يجوز لمن فسخت الخطبة في مواجهته أن يطلب تعويض من الطرف الآخر عن مجرد العدول أن الراجح في خطبته قد استخدم حقا مشروعا في الرجوع في أمر غير ملزم له بالبقاء عليه. ج- مدى الحق في التعويض عن الأضرار المادية والمالية بسبب الرجوع في الخطبة: قد يترتب على الرجوع في الخطبة والعدول عنها بعض الأضرار المادية أو الأدبية المنفصلة عن ضرر العدول المجرد، فهل يتحمل المتسبب في هذه الأضرار بسب عدوله عن الخطبة تعويض عن هذه الأضرار، فقد يشترط الخاطب على مخطوبته أن تترك وظيفتها لكي يتم الزواج فتتركه فيعدل عن خطبته، كما قد تشترط المخطوبة على الخاطب توفير مسكن لها قريب من منزل أهلها، أو تشترك عليه العمل في مدينة أهلها حتى لا تغترب، فتعدل عن الخطبة بعد أن تحمل نفقات مالية لتحقيق رغباتها كما قد يكون الضرر الناتج ليس لمجرد العدول بل نتيجة تشويه سمعة الآخر أو كشف أسرار علمها عنه أو نشر شائعات غير صحيحة عنه بما يسبب له أضرار أدبيا يسئ إلى سمعته أمام الناس فالضرر في كل ما سبق أمر مستقل تماما عن العدول المجرد عن الخطبة فالعدول غير المقترن بضرر مادي أو أدبي لا يرتب أي ضمانه أو تعويض، أما في حالة الضرر المادي أو الأدبي الناجم عن العدول فهل يلزم العادل عن الخطبة تعويض عن هذه الأضرار؟ فاختلفوا الفقهاء في هذا على النحو الآتي: أ- جانب من الفقهاء المعاصرين: ذهبوا إلى أنه لا مطالبة بتعويض عن الضرر المادي أو الأدبي الذي يلحق بمن فسخت خطبته وليس له أن يلجأ للقاضي ليحكم له بذلك، وذلك لأن العدول حق بلا قيد ولا شرط والمعلوم أن من يستخدم حقه لا ضمان عليه كما أن من حدث له ضرر يعلم تماما قبل الخطبة وبعدها أن من حق الخاطب أن يرجع في خطبته، كما أننا لو ألزمنا من فسخ الخطبة بتعويض لكنا في ذلك نرفضه إلى إتمام الزواج تفاديا لغرامته المالية، كما أن الخاطب ولو كان هو العادل يسترد هداياه عند بعض الفقهاء فكيف يلزمه بضمان. ب- يرى فريق آخر من الفقهاء: إلى إلزام العادل بالتعويض تصديقا لقوله صلى الله عليه وسلم "لا ضرر ولا ضرار" وللقاعدة الفقهية "الضرر يزال"، كما أن في العدول تغرير وخداع للآخر يترتب عليه أضرار مالية. ج- يرى فريق ثالث التفرقة بين أمرين: أولا: أن العدول المجرد لا يكون سببا للتعويض لأنه استعمل حقه. ثانيا: إذا كان الضرر ليس مجرد العدول وإنما حدث بناء على فعل العادل، وخداعه وتغريره وجب عليه التعويض، وهو ما عليه العمل قضاء وهو ما نرجحه بهذه التفرقة الواضحة.
- آثار عقد النكاحالآثار المترتبة على عقد النكاح تنقسم إلى ثلاثة أقسام:القسم الأول هو الحقوق والواجبات المشتركة.القسم الثاني حقوق وواجبات تخص الرجل.القسم الثالث حقوق وواجبات تخص المرأة.
- أولاً: الآثار المشتركةحل المعاشرة والاستمتاع:الأثر الأول من آثار عقد النكاح الصحيح هو حل المعاشرة والاستمتاع، ونعني بالمعاشرة الخلطة والسكنى تحت سقف واحد والحياة معاً، ونعني بالاستمتاع التلذذ البدني والنفسي لكل من الزوجين بالآخر. وهذا حق مشترك للزوجين بالآخر، وواجب أيضاً على كل طرف نحو الآخر.وقد جاء الإسلام بما يكفل سعادة الزوجين وإحسان معاشرة كل منهما للآخر، واستمتاعه به على أكمل وجه وأحسن صورة. فقد جاءت الآيات الكثيرة التي تأمر الرجال بإحسان معاشرة النساء، وإمساك المرأة التي يرى الرجل فيها ما يكرهه رجاء أن يبارك الله له فيها كقوله تعالى: {وعاشروهن بالمعروف فإن كرهتموهن فعسى أن تكرهوا شيئاً ويجعل الله فيه خيراً كثيراً}.. وحث النبي على حسن معاشرة النساء وأوصى بهن كثيراً كما قال صلى الله عليه وسلم: [خيركم خيركم لأهله، وأنا خيركم لأهلي].. وقوله: [استوصوا بالنساء فإن المرأة خلقت من ضلع أعوج. وإن أعوج شيء في الضلع أعلاه، وإن ذهبت تقيمه كسرته، وإن تركته لم يزل أعوج، فاستوصوا بالنساء]. متفق عليه، وفي حديث آخر: [لا يفرك مؤمن مؤمنة، إن كره منها خلقاً رضي منها آخر]. (رواه أحمد ومسلم)، والفرك هو الكراهية.. وقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم خير مثال على حسن المعاشرة وطيب الخلق. وجاءت الأوامر الكثيرة في القرآن والسنة أيضاً للمرأة كقوله تعالى: {فالصالحات قانتات حافظات للغيب بما حفظ الله}. والقنوت هنا فسره العلماء بطاعة الزوج.
- ذا في المعاشرة والطاعة والعطف والحنان والحب وأما في الاستمتاع البدني فهدى الإسلام في هذا أحسن هدى، فقد جاء في الأمر العام بالاستمتاع بالنساء على أي كيفية كما قال تعالى: {نساؤكم حرث لكم فأتوا حرثكم أنى شئتم وقدموا لأنفسكم واتقوا الله واعلموا أنكم ملاقوه وبشر المؤمنين}. غير أن الله سبحانه وتعالى نهى عن إتيان النساء وقت الحيض لما في هذا من الأذى والضرر على الزوجين كليهما وليس هذا مجال تفصيل ذلك كما قال تعالى: {ويسألونك عن المحيض قل هو أذى فاعتزلوا النساء في المحيض}. ولقد جاءت السنة الصحيحة بجواز الاستمتاع بالحائض في غير مكان الحيض، وجاءت السنة والآثار الصحيحة أيضاً بحرمة إتيان النساء في أدبارهن. وهذا من كمال الإسلام وطهارته.كما جاءت السنة أيضاً بآداب تجعل المباضعة عبادة يتقرب بها إلى الله كما قال الرسول صلى الله عليه وسلم: [وفي بضع أحدكم صدقة].. قالوا يا رسول الله: أيأتي أحدنا شهوته ويكون له فيها أجر؟ قال: [أرأيتم لو وضعها في الحرام أكان عليه فيها وزر وكذلك إذا وضعها في الحلال كان له فيها أجر]. ولذلك قال صلى الله عليه وسلم معلماً ومؤدباً: [لو أن أحدكم إذا أتى أهله قال: بسم الله، اللهم جنبنا الشيطان وجنب الشيطان ما رزقتنا فإن قدر بينهما في ذلك ولد لن يضر ذلك الولد الشيطان أبداً] (رواه الجماعة إلا النسائي).هذا وقد نهى الرسول صلى الله عليه وسلم عن إفشاء أسرار الجماع ونشر أخباره وهذا من كمال الأدب والأخلاق كما قال صلى الله عليه وسلم: [إن من شر الناس عند الله منزلة يوم القيامة الرجل يفضي إلى المرأة وتفضي إليه: ثم ينشر سرها]. (رواه أحمد ومسلم)، وأخبر صلى الله عليه وسلم في حديث آخر إن مثل هذا كمثل شيطان وشيطانة لقي أحدهما بالسكة (الطريق) فقضى حاجته منها والناس ينظرون إليه، وهذا معناه أن الخبر في أمر النكاح كالعيان.وبهذه الأخلاق والآداب يرسي الإسلام قواعده النظيفة الكاملة، في أول أثر من عقد النكاح وهو المعاشرة وحل الاستمتاع.وهذا مما تجدر الإشارة إليه أنه لم يصح شيء عن تحريم نظر الرجل إلى أي جزء في امرأته ولا المرأة كذلك، هذا ولم يصح أيضاً شيء في نهي عن تجرد المرأة والرجل. وبهذا نجد أن الإسلام لم ينه في هذا إلا بما يعيب على الحقيقة وأباح ما سوى ذلك مما يعد سعادة واستمتاعاً، وأحاط كل ذلك بحسن المعاشرة وطيبها.ومن الآثار المشتركة التي تترتب على عقد النكاح: الاستمتاع والمعاشرة، وقد فصلنا ذلك سابقاً ثم التوارث، وثبوت نسب الأولاد هذا مقام تفصيله بحمد الله وتوفيقه.
- ذا في المعاشرة والطاعة والعطف والحنان والحب وأما في الاستمتاع البدني فهدى الإسلام في هذا أحسن هدى، فقد جاء في الأمر العام بالاستمتاع بالنساء على أي كيفية كما قال تعالى: {نساؤكم حرث لكم فأتوا حرثكم أنى شئتم وقدموا لأنفسكم واتقوا الله واعلموا أنكم ملاقوه وبشر المؤمنين}. غير أن الله سبحانه وتعالى نهى عن إتيان النساء وقت الحيض لما في هذا من الأذى والضرر على الزوجين كليهما وليس هذا مجال تفصيل ذلك كما قال تعالى: {ويسألونك عن المحيض قل هو أذى فاعتزلوا النساء في المحيض}. ولقد جاءت السنة الصحيحة بجواز الاستمتاع بالحائض في غير مكان الحيض، وجاءت السنة والآثار الصحيحة أيضاً بحرمة إتيان النساء في أدبارهن. وهذا من كمال الإسلام وطهارته.كما جاءت السنة أيضاً بآداب تجعل المباضعة عبادة يتقرب بها إلى الله كما قال الرسول صلى الله عليه وسلم: [وفي بضع أحدكم صدقة].. قالوا يا رسول الله: أيأتي أحدنا شهوته ويكون له فيها أجر؟ قال: [أرأيتم لو وضعها في الحرام أكان عليه فيها وزر وكذلك إذا وضعها في الحلال كان له فيها أجر]. ولذلك قال صلى الله عليه وسلم معلماً ومؤدباً: [لو أن أحدكم إذا أتى أهله قال: بسم الله، اللهم جنبنا الشيطان وجنب الشيطان ما رزقتنا فإن قدر بينهما في ذلك ولد لن يضر ذلك الولد الشيطان أبداً] (رواه الجماعة إلا النسائي).هذا وقد نهى الرسول صلى الله عليه وسلم عن إفشاء أسرار الجماع ونشر أخباره وهذا من كمال الأدب والأخلاق كما قال صلى الله عليه وسلم: [إن من شر الناس عند الله منزلة يوم القيامة الرجل يفضي إلى المرأة وتفضي إليه: ثم ينشر سرها]. (رواه أحمد ومسلم)، وأخبر صلى الله عليه وسلم في حديث آخر إن مثل هذا كمثل شيطان وشيطانة لقي أحدهما بالسكة (الطريق) فقضى حاجته منها والناس ينظرون إليه، وهذا معناه أن الخبر في أمر النكاح كالعيان.وبهذه الأخلاق والآداب يرسي الإسلام قواعده النظيفة الكاملة، في أول أثر من عقد النكاح وهو المعاشرة وحل الاستمتاع.وهذا مما تجدر الإشارة إليه أنه لم يصح شيء عن تحريم نظر الرجل إلى أي جزء في امرأته ولا المرأة كذلك، هذا ولم يصح أيضاً شيء في نهي عن تجرد المرأة والرجل. وبهذا نجد أن الإسلام لم ينه في هذا إلا بما يعيب على الحقيقة وأباح ما سوى ذلك مما يعد سعادة واستمتاعاً، وأحاط كل ذلك بحسن المعاشرة وطيبها.ومن الآثار المشتركة التي تترتب على عقد النكاح: الاستمتاع والمعاشرة، وقد فصلنا ذلك سابقاً ثم التوارث، وثبوت نسب الأولاد هذا مقام تفصيله بحمد الله وتوفيقه.
- التوارث:إذا تم عقد النكاح صحيحاً ومات أحد طرفي العقد (الرجل أو المرأة) ثبت الميراث في مال الميت للحي وقد جعل الله في هذا فريضة محكمة في كتابه فجعل للزوج نصف مال زوجته المتوفاة إذا لم يكن لها ولد منه أو من غيره، وجعل له الربع من مالها إذا كان لها ولد منه أو من غيره.وأما الزوجة فقد فرض الله لها ربع تركة زوجها إذا لم يكن له ولد منها أو من غيرها ولها الثمن إذا كان له ولد منها أو من غيرها، غير أنها تشترك مع ضرائرها في هذا الثمن إن كان لزوجها المتوفى زوجات غيرها لم يفارقهن. وهذا مفصل في قوله تعالى: {ولكم نصف ما ترك أزواجكم إن لم يكن لهن ولد، فإن كان لهن ولد فلكم الربع مما تركن من بعد وصية يوصين بها أو دين، ولهن الربع مما تركتم إن لم يكن لكم ولد، فإن كان لكم ولد فلهن الثمن مما تركتم إن لم يكن لكم ولد، فإن كان لكم ولد فلهن الثمن مما تركتم من بعد وصية توصون بها أو دين}.وهذا الميراث حق في مال الزوجة والزوج بمجرد العقد وحتى لو لم يحصل دخول (ولهذه المسألة مزيد تفصيل مستقبلاً إن شاء الله).
- ثانياً: آثار عقد الزواج على الرجل خاصةقدمنا أن عقد الزواج من أعجب العقود في الأرض وذلك للعلاقات الخاصة والمتشابكة والآثار العظيمة التي يخلفها عقد الزواج فهذا العقد يترتب عليه مسائل مالية وعاطفية وخلقية ونفسية وأمور أخرى في غاية الحساسية والتعقيد ولا نستطيع أن نأتي بمسطرة وقلم ونخط خطاً ونقول هنا يقع حق الزوج وواجباته وها هي حقوق الزوجة وواجباتها، ومن ظن أنه يستطيع أن يفعل ذلك فهو واهم تماماً ولا يدرك على الحقيقة ماهية هذا العقد العجيبة وآثاره في النفس والحياة. وحتى في الأمور الظاهرية الحسية فإن تحديد مقدار الحق والواجب في غاية الصعوبة والحرج فمن يستطيع أن يقدر مقدار النفقة الواجبة للزوجة على زوجها تحديداً فاصلاً أيضاً وإذا كان هذا هو الشأن في هذه الأمور الظاهرة الحسية المادية فكيف في الأمور المعنوية وكيف أيضاً في الأمور السرية والخاصة بين الزوجين؟ ولذلك فنحن عندما نقول الحق والواجب في عقد الزواج فإنما نعني الخطوط العريضة فقط والعموميات فقط لعلاقات من أدق علاقات الأرض ولا نعني المدلول لهاتين الكلمتين (الحق والواجب).ولذلك نجد أن الإسلام في توجيهه لهذا العقد قد أرشد إلى الإحسان والبر وهي منزلة متقدمة فوق الحقوق والواجبات ومعنى هذا أن الرجل والمرأة كليهما يجب أن ينظرا ويجتهدا نحو تحقيق الإحسان والفضل وأنهما لا ينبغي لهما أن يقفا فقط عند الحق والواجب، وباب الإحسان والفضل والبذل والتضحية والوفاء باب واسع جداً لا تحده الحدود ولا تقف أمامه السدود فكلما كان الرجل معطاء كريماً شجاعاً متسامحاً كان أحظى عند الزوجة وأعظم مكانة وأكثر استفادة بزواجه وكلما كانت المرأة وفية مخلصة متفانية في خدمة زوجها ملغية ذاتها في ذاته كانت سعيدة محبوبة مبجلة، وإذا وجد العكس وهو الشح ومطالبة كل منهما بما له أولاً عند الطرف الآخر وتأخير سداد ما عليه نحو الآخر كلما كان الزواج فاشلاً والحياة صعبة ثقيلة متكلفة.
- وعلى ضوء من هذين الأمرين نناقش قضية الحق والواجب في عقد الزواج وهما:أولاً: نحن لا نملك حداً فاصلاً بين ما للزوج وما عليه نحو زوجته وما للزوجة وما عليها نحو زوجها ولكننا نملك خطوطاً عريضة فقط.ثانياً: لا يجوز بتاتاً أن يقام عقد الزواج على ما الذي لي وما الذي لك ولكن يجب أن يقوم على: ما المقدار الذي أستطيع أن أبذله لك وما المدى الذي يستطيع الطرف الآخر أن يقدمه لي وهذا هو باب الإحسان والفضل والحب والرحمة والوداد ومن هذا المنطق نستطيع تحديد واجبات الرجل نحو زوجته بما يلي:
- 1- النفقة:وهذا يعني أن يقوم الزوج بالإنفاق على زوجته منذ عقد العقد وحتى الانفصال عنها بأي صورة (كما سيأتي هذا مفصلا إن شاء الله) وهذه النفقة تشمل كل لوازم الزوجة من طعام ومسكن وكسوة ونحو ذلك وأن لا يلزم المرأة شيئاً من هذا أصلاً سواء كانت مالكة وغنية أم لا. وأن العمل بقصد الكسب ليس واجباً على المرأة بحال وعلى ضوء القواعد السابقة فلا تحديد لحجم النفقة وكيفيتها وفي هذا يقول تعالى: {لينفق ذو سعة من سعته ومن قدر عليه رزقه لينفق مما آتاه الله لا يكلف الله نفساً إلا ما أتاها}.2- إحسان المعاشرة:وهذه أيضاً قضية عامة لا نستطيع تحديدها في قوالب قانونية لأن قضية المعاشرة أمر أخلاقي والأخلاق كثيرة منها ما لا يستطيع أن يضبطه القانون فهل تطالب المرأة زوجها مثلاً أن يبتسم إذا رآها وأن يهش للقائها؟..وهذا لا نشك أنه من حسن المعاشرة ولكن لا نستطيع أن نسن ذلك بقانون ولا أن يجبر إنسان على فعله. ولذلك فأمر إحسان المعاشرة أمر واسع خلاصته وجوب اتباع مكارم الأخلاق في المعاشرة وهذا يعني أن لا تقبيح للزوجة، ولا سباب ولا لعن، وإنما لين جانب، وبذل معروف.3- القوامة:ونعني بالقوامة كون الرجل مسؤولاً عن تقويم زوجته وأن له الكلمة الأخيرة في شئون الحياة الزوجية، وهذا الأمر قد ينظر أناس إليه أنه حق للرجل ولكن يحسن بنا أن نجعله واجباً لا حقاً، فالرجل مسئول عن زوجته لأنها رعية استرعاها الله إياها كما قال صلى الله عليه وسلم: [والرجل في بيته راع وهو مسئول عن رعيته].والقوامة لا تعني التسلط والقهر ولا إنفاذ رأي الرجل صواباً كان أو خطأ وإنما تعني حسن السياسة وإدارة دفة الحياة الزوجية على وجه الشورى والإحسان والحرص الدائم على بذل النصح والخير، والوقوف الحازم أمام الانحراف والنشوز.هذه هي أهم واجبات الرجل نحو زوجته ولا شك أن رجلاً يستطيع أن يقوم بهذه الواجبات على الوجه الأكمل إلا أن يكون زوجاً صالحاً.
- ثالثاً: آثار عقد الزواج على المرأة خاصة
- فرض عقد النكاح حقوقاً للرجل نحو زوجته أو واجبات على الزوجة نحو زوجها، ونستطيع إيجاز هذه الواجبات في الأمور الثلاثة الآتية:1- الطاعة:
- 1- الطاعة:بما أن القوامة على الأسرة واجب من الله سبحانه وتعالى يسأل عنه الرجل يوم القيامة ويسأل عنه الرجل في الدنيا أيضاً أمام المجتمع وولي الأمر فإن من مستلزمات القوامة للرجل أن يطاع من قبل من جعلهم الله سبحانه وتعالى في كفالته ورعايته، ولا نتصور أن يكون الرجل قواماً في بيته متكفلاً بشئون أسرته (زوجته وأولاده) ولا يكون مطاعاً من زوجته وأولاده، ولذلك فطاعة المرأة لزوجها حق يفرضه الله سبحانه وتعالى أولاً وتقتضيه مصالح الأسرة ونظامها ثانياً، وتفرضه الضرورة والواجب ثالثاً. ونعني بالضرورة الخلقة والجبلة والفطرة وهذا لا يماري فيه إلا مكابر، ونعني بالواجب الالتزام الأدبي والخلقي الذي يفرضه إنفاق الرجل على زوجته وكفالته لها فلا أقل من الطاعة والإذعان لأمره.
- 2- الخدمة:الخدمة المنزلية من ميادين الطاعة وقد سبق أن هذا حق من حقوق الرجل، وواجب على المرأة، وليس هناك تحديد شرعي أيضاً لمواصفات الخدمة والذي يحدد هذا أيضاً هو العرف والمعروف، وقد أبعد جداً من ظن أن الخدمة المنزلية ليست واجباً على المرأة نحو زوجها إلا طاعة الفراش فقط، وهذا الفهم إساءة بالغة لمعنى عقد النكاح في الإسلام، وقد كانت الصحابيات بما فيهن فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم يخدمن أزواجهن، ويلقين العنت والتعب في هذه الخدمة ولم يقل رسول الله صلى الله عليه وسلم يوماً أن لا يجب على امرأة أن تخدم زوجها بل على العكس من ذلك أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم النساء بطاعة أزواجهن كما أمر الأزواج بالإحسان إلى النساء. والخدمة أيضاً قضية فطرية جبلية من المرأة نحو زوجها وموافقة الفطرة هي السعادة الحقيقة ولا شك أن أسعد النساء حظاً في الحياة الزوجية أكملهن طاعة وخدمة لأزواجهن وأشقاهن في حياتهن الزوجية من يتخلين عن هذه المهمة الفطرية التي جاء عقد الزواج ليوجبها ويحقها.
- 3- القنوت:والقنوت يطلق في اللغة إطلاقات كثيرة ونعني به هنا حبس المرأة نفسها على زوجها فقط حيث لا يكون في قلبها ووقتها شغل بغيره.فعقد الزواج ينقل طاعة المرأة من والديها إلى الزوج رأساً ليكون هو الولي المباشر وليكون برها وطاعتها بوالديها من بعد طاعتها لزوجها. وهكذا أيضاً في الآخرين فلا يجوز لامرأة أن تجعل من نفسها نصيباً في خدمة أو تطلع لغير زوجها إلا بإذنه. فالمرأة أسيرة عند الرجل محبوسة عليه وحده ولاءً وطاعة وخدمة، وهذا هو الموقف الشرعي والموقف الفطري والأخلاقي الكامل. ومن هذا الباب كان الرجل مطالباً في الإسلام برعاية زوجته رعاية كاملة لهذا كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: [اتقوا الله في النساء فإنهن عوان عندكم] والعاني هو الأسير أي أسيرات.
- نظم الزواج عند العرب في الجاهليةتوطنت الجزيرة العربية قبل الإسلام قبائل شتى، كانت حياتها تتمركز في الحل والترحال بسبب الظروف التي تجد فيها بعض الماء اللازم لحياتها وحياة دوابها، وكان الرعي وغزو القبائل الأخرى عمادين أساسيين لحياة هذه القبائل. وقبل ظهور الإسلام بفترة، وكأثر لوقوع مكة في موقع فريد بالنسبة لحركة التجارة بين سواحل الجزيرة الجنوبية والشرقية وبين الشام بدأت تتكون معالم لحياة المدن في مكة، وفي نفس الوقت، فإنه على بعد قليل من مكة، قامت معالم لحياة المدن في يثرب التي لظروفها الجغرافية عرفت قدراً من الزراعة وأشكالاً من الصناعة الحرفية، في ظل هذه الظروف الرعوية الطاغية والباديات المتواضعة تتشكل المدن، كانت حياة القبائل العربية قبل الإسلام.وقد عرفت هذه القبائل أنواعا متعددة من أنظمة الزواج، يمكن إيجازها في الآتي:تعدد الأزواج:كانت تمارسه بعض القبائل حيث تكون الزوجة الواحدة لأزواج متعددين، وفيه تقول السيدة عائشة رضى الله عنها، عن أنكحة العرب في الجاهلية (صحيح البخاري-جـ7 صـ 15)، يجتمع الرهط ما دون العشرة فيدخلوا على المرأة كلهم يصيبها "فإذا حملت المرأة" ووضعت ومرت ليال بعد أن تضع أرسلت إليهم، فلم يستطع رجل منهم أن يمتنع، حتى يجتمعوا عندها، فتقول لهم قد عرفتم الذي كان من أمركم، أني ولدت فهو ابنك يا فلان، تُسمي من أحبت باسمه فيلحق به ولدها، ولا يستطيع أن يمتنع منه الرجل.التعدد المطلق للزوجات:ولم يكن يتقيد فيه الرجل بعدد معين من الزوجات.زواج المقت:وهو زواج الابن الأكبر من زوجة أبيه بعد وفاته دون أن يكون لها خيار في ذلك، فهي مال يرثه وحده.زواج الشغار:وهو تبادل النساء بدون مهر، حيث تكون كل واحدة مهراً للأخرى.زواج السبي:كان الغزو شائعاً بين القبائل العربية، وكانت الغنائم والأسلاب أهم ما تسفر عنه هذه الغزوات وأهم الأغنام والأسلاب هم النساء، وكان نصر القبيلة واقتدارها يبين في أسر الشرائف من النساء.الزواج الموقوت أو زواج المتعة:وفيه تحدد منذ لحظة انعقاده مدة الزواج حيث ينتهي بانتهائها، ولم يكن هناك حد أدنى أو أقصى لتحديد هذه المدة، وإن كان الغالب أن تكون المدة قصيرة.الخلافة على الأرامل أو وراثة النساء:وكان مقتضاه أن الرجل إن مات عن أرملة خلفه عليها أحد أقاربه الأقربين، ولا تعتبر هذه الخلافة زواجاً جديداً، فلا يدفع القريب مهراً جديداً وإنما يعاشرها بالمهر الذي دفعه الزوج الميت، وعلى ذلك، فإن الأولاد الذين يولدون من علاقة الأرملة بقريب الزوج الميت كانوا ينسبون إلى الزوج الميت نفسه.وقد نهى القرآن عن هذا النوع من الزواج، حيث فسر الطبري الآية الكريمة: "يا أيها الذين آمنوا لا يحل لكم أن ترثوا النساء كرها" (النساء- الآية19) بأنها كانت نهباً عن هذا النوع من الزواج الذي كان له قدر وافر من الشيوع.ومن الجدير في هذا المقام الإشارة إلى بعض العادات المرتبطة بالزواج حتى يمكن استخلاص الرؤية الأكثر شيوعاً للعلاقة بين الرجل والمرأة.أ: الاستبضاع:وفيه يقدم الرجل زوجته إلى آخر لتحمل منه، إما لعدم إنجابه هو منها أو لدواعي النجابة، وفي ذلك تقول السيدة عائشة رضى الله عنها: "إن الرجل في الجاهلية كان يقول لامرأته إذا طهرت من طمثها: أرسلي إلى فلان فاستبضعي منه، ويعتزلها زوجها ولا يمسها أبداً حتى يتبين حملها من ذلك الرجل، فإذا تبين حمله ا أصابها زوجها إذا أحب، وإنما يفعل ذلك رغبة في نجابة الولد".الضيافة الجنسية:وفيه تقدم الزوجة للمتعة كمظهر من مظاهر إكرام الضيف.الاستخلاف على الزوجة:وفيه يختار الزوج عندما يزمع التغيب عن بيته رجلاً آخر يعهد إليه بزوجته، ويحل هذا الأخير محل الزوج في معاشرتها لحين عودة الزوج.ولا يحتاج الأمر إلى تحليل طويل لاستخلاص النتيجة بأن مجموع هذه النظم والعادات التي نشأت في بيئة كان عمل الرجل فيها محدوداً، وأخطر الأعمال التي يمكن أن يقوم بها وهي الصيد والرعي والحرب ليس فيها ثمة دور جوهري للنساء، إن تحددت فيه مكانة المرأة دورها في الإنجاب وأداء المتعة الجنسية، ولذلك فإنه كان من الطبيعي أن علاقات الزواج التي تنتج عن هذا الواقع، إن هي إلا تعبير عنه، حيث تبهت كثيراً فكرة الرضائية التي هي دعامة التصور العقدي للعلاقة.
- وهكذا، فإننا نجد من العرض السابق، أن نظام الزواج عند الرومان، لم يبلغ في أوج تطوره إلا أن يكون نظاماً للزواج بغير سيادة، وهو ما يبعد به عن العقدية الرضائية، أما الأنظمة العربية قبل الإسلام، فقد كانت أيضاً بعيدة عن هذه الرضائية، بل كانت انتهاكاً لها في بعض منها كزواج السبي أو وراثة النساء أو زواج الشغار أوالمقت.في إطار هذه المقارنة الزمانية والمكانية، نلتفت إلى الإسلام، فنجد أنه قد جاء بمفهوم جديد تماماً عن الزواج، حيث جعل العلاقة التي يقوم بها هي علاقة تعاقدية بكل الشروط التي يستلزمها العقد من رضائية نابعة من إرادات خالية من أي عيب من عيوب الإرادة، وجعل الحقوق والواجبات بين الزوجين متبادلة، وجعل الرغبة المشتركة في تواصل الحياة الزوجية شرطاً لاستمرارها، وأجاز إنهاء الزواج بالطلاق للرجل والمرأة على السواء، وإن جعل حق المرأة في ذلك مرتبطاً بحكم القاضي إلا إذا اشترطت لنفسها هذا لحق عند الزواج، وهكذا كان الإسلام ثورة كاملة في المفاهيم التي كانت سائدة في المجتمع الجاهلي بشأن الزواج، كما أنه كان أكثر تقدماً بكثير مما بلغه القانون الروماني.وهكذا، فإن الزواج في الإسلام هو عقد رضائي. يعرفه بعض الفقهاء، بأنه "عقد يفيد حل استمتاع كل من العاقدين على الوجه المشرع"(3)، ويعرفه التشريع السوري والعراقي والجزائري والأردني بأنه عقد بين رجل وامرأة، تحل له شرعاً، غايته إنشاء رابطة للحياة المشتركة والنسل
.#low-zag
#mody---------asmaaمتنساش لايك لصفحتنا ع الفيسبوك علشان
0 التعليقات:
إرسال تعليق