الشروط الواجب توافرها لإبطال العقد لعيب الغلط:
القاعدة تنص المادة 120 من القانون المدني:
إذا وقع المتعاقد في غلط جوهري، جاز له ان يطالب، ابطال العقد إذا كان المتعاقد الآخر قد وقع مثله في هذا الغلط أو كان على علم به أو كان من السهل عليه أن يتبينه".
ووفقاً للمادة 120 يجب توافر شرطين للتمسك بالغلط هما:
أولاً: يجب ان يكون الغلط جوهرياً:
أخذ القانون المدني بالغلط الجوهري وقد أخذ في هذا بالنظرية الحديثة في الغلط التي أخذ بها الفقه الفرنسي الحديث.
وكان الفقه الفرنسي قد هجر النظرية التقليدية في الغلط وكانت تقسم الغلط إلى ثلاثة أنواع:
النوع الأول: غلط لا يؤثر في صحة العقد: فالعقد صحيح كالغلط في شخص المتعاقد أن لم تكن شخصه محل اعتبارفي العقد، أو كالغلط في الباعث كمن يشتري ساعة معتقداً أن ساعته فقدت على حين أنها لم تفقد أو كالغلط في شيء غير جوهري في محل المبيع، أو الغلط في قيمة الشيء موضوع العقد بأن باع شيء ثمين وبثمن بخس لأنه لا يعلم قيمة الشيء الذي باعه فهنا نكون بصدد حالة غبن والغبن ليس بذاته سبب يؤدي إلى أبطال العقد في القانون الفرنسي إلا في الحلات التي نص عليها القانون الفرنسي.
النوع الثاني: غلط يصيب العقد بالبطلان النسبي:
وهذا النوع من الغلط يفسد الرضا ولا يعدمه فيجعل العقد باطلاً بطلاناً نسبياً، كالغلط الذي يقع في شخص المتعاقد إذا كانت شخصيته محل اعتبار في العقد، كما في عقود التبرع فهنا يكون العقد باطلاً بطلاناً نسبياً لمصلحة من وقع في الغلط وكالغلط الذي يقع في ماده الشيء ذاتها فمن يشتري ساعه يعتقد انه مصنوعة من الذهب على حين أنها مطلية باللون الذهبي فقط هنا قد وقع المتعاقد في غلط في مادة الشيء ذاتها المصنوع منه يجعل العقد قابلاً للبطلان بالنسبة لمن وقع في غلط.
النوع الثالث: غلط يبطل العقد بطلاناً مطلقاً:
فهذا النوع يعدم الرضا، ويجعله باطلاً بطلاناً مطلقاً مثال ذلك كالغلط في ماهية العقد، ومثال ذلك أن يبيع شخص شيء لآخر ويعتقد الطرف الآخر أنه هبه، وهنا العقد يكون غير موجود وباطل بطلاناً مطلقاً وقد يكون الغلط في ذاتيه محل الإلتزام الناشئ من العقد كمن يشتري كتاب لمؤلف معين فيبيع التاجر له كتاب آخر.
وفي النظرية الحديثة ووفقاً لنص المادة (121) فيجب أن يكون الغلط جوهرياً، والمعيار هو لولا هذا الغلط لما أقدم المتعاقد على إبرام العقد، وهذه هي القاعدة وتنص المادة 1110 من القانون المدني الفرنسي أنه:
لا يعتبر الغلط سبباً لبطلان العقد (الاتفاق) إلا إذا وقع على جوهر الشيء ذاته الذي يعتبر موضوع التعاقد. ورغم أن القانون المصري في المادة 121 أو ورد حالتين للغلط الجوهري وهما:
1- الغلط في صفة جوهرية للشيء
2- الغلط في شخص المتعاقد أو صفة من صفاته وكانت تلك الذات أو هذه الصفة السبب الرئيسي في التعاقد وتنص م121 مدني ويعتبر الغلط جوهرياً على الأخص:
1) إذا وقع في صفة للشئ تكون جوهرية في اعتبار المتعاقدين، او يجب اعتبارها كذلك لما يلابس العقد من ظروف ولما ينبغي في التعامل من حسن نية.
أ) إذا وقع في ذات التعاقد أو في صفه من صفاته، وكانت تلك الذات، وهذه الصفة السبب الرئيسي في التعاقد.
ويلاحظ أن الحالتين الواردتين بالنص السابق على سبيل المثال وليس الحصر فقد يقع الغلط جوهرياً في حالات أخرى كالغلط في الباعث للتعاقد، والغلط في قيمة الشيء، وسوف نعرض لهذه الحالات.
1) الغلط في صفة جوهرية في الشيء:
يعتبر الغلط جوهرياً إذا وقع في صفة للشيء تكون جوهرية في اعتبار المتعاقدين او يجب اعتبارها كذلك من الظروف التي تلابس العقد وما ينبغي من حسن نية، وهنا الغلط يتعلق بموضوع الإلتزام فإذا كان الغلط هو الدافع الرئيسي إلى التعاقد يكون العقد باطل بطلاناً نسبياً، والقضاء هنا يأخذ بمعيار شخصي إذ يرجع إلى نية المتعاقدين فمن يشتري جهاز كمبيوتر على أنه جديد فيثبت أنه جهاز مستعمل يكون قد وقع في غلط في الشيء أو في صفة جوهرية للشيء.
2) الغلط في شخص المتعاقد:
يعتبر الغلط في شخص المتعاقد جوهرياً إذا كانت شخصية المتعاقد محل اعتبار، إما إذا كانت شخصية المتعاقد ليس محل اعتبار فلا يعتبر الخطأ جوهرياً وفقاً للمادة 121 مصري والمادة 1110 فقره 2فرنسي.
فإذا أراد شخص أن يهب مالاً لشخص معين فإن قبض الهبة شخص آخر، فهنا الغلط جوهرياً يجعل العقد قابلاً للإبطال، وإن كان الغلط في شخص المتعاقد جوهرياً دائماً في عقود التبرع إلا أنه نادر في العقود بعوض، كما في عقد الوكالة ولا يكون في عقد البيع.
3) الغلط فى الباعث:
يعتبر الغلط في الباعث غلطاً جوهرياً ويكون سبباً لبطلان العقد إذا كان هو الدافع للتعاقد فالموظف الذي يستأجر شقة في مكان معين معتقداً على خلاف الحقيقة أنه نقل مكان عمله إلى المكان الذي استأجر فيه الموظف يكون قد وقع في غلط في الباعث.
4) الغلط في القيمة:
يعتبر الغلط في القيمة غلطاً جوهرياً إذا كان هو الدافع الرئيسي للتعاقد، وهو ما يجعل العقد باطلاً بطلاناً نسبياً.
ومثال ذلك ان يبيع شخص تمثالاً أو أي شيء بثمن بخس وكان يجهل قيمته الحقيقية وأنه غالي الثمن.
5) الغلط في الوقائع والغلط في القانون:
علاوة على صور الغلط في الواقع السابق عرضها في الحالات الأربع السابقة فقد يقع الغلط في القانون. والغلط في القانون يجعل العقد قابلاً للإبطال شأنه شأن باقي صور الغلط الجوهري.
متى كان هو الدافع للتعاقد ومثاله أن يتعاقد شخص مع آخر معتقداً أنه كامل الأهلية لأنه كان يعتقد أن سن الرشد 18 عاماً ولم يعلم بصدور قانون جديد يرفع سن الرشد إلى إحدى وعشرين عاماً، ولا يحتج بالقاعدة التي تقضي بإن لا يعذر أحد بجهله بالقانون لأنها تتعلق بالإحكام القانونية التي تعتبر من النظام العام فالغلط في القانون يختلف عن الجهل بالقانون، فالغلط في القانون شخص يطبق القانون ويريد تطبيقه وإن كان قد وقع في غلط أما الجاهل بالقانون فشخص يريد استبعاد تطبيق القانون لعدم علمه بالقانون، وقد نصت المادة 122 مدني على أنه "يكون العقد قابلاً للإبطال الغلط في القانون إذا توافرت فيه شروط الغلط في الواقع طبقاً للمادتين السابقتين ما لم يقض القانون بغيره".
ثانياً: يجب أن يتصل الغلط بعلم المتعاقد الآخر:
يجب أن يتصل الغلط بعلم المتعاقد الآخر (الذي لم يقع في الغلط) أو كان من السهل عليه أن يعلم به، وتنص المادة 120 مدني على أنه إذا وقع المتعاقد في غلط جوهري جاز له أن يطلب إبطال العقد إذا كان المتعاقد الآخر قد وقع نفسه في هذا الغلط أو كان على علم به، أو كان من السهل عليه أن يتبينه "وإذا كان الطرف الآخر لم يتصل بالغلط ولم يقع فيه ولم يعلم به ولم يكن من السهل عليه العلم به فلا يبطل العقد.
عدم جواز التمسك بالغلط على وجه يتعارض مع حسن النيه:
تنص المادة 124 من القانون المدني بأنه "ليس لمن وقع في غلط أن يتمسك به على وجه يتعارض مع ما يقضي به حسن النية،ويبقى بالأخص ملزماً بالعقد الذي قصد إبرامه إذا أظهر الطرف الآخر استعداده لينفذ هذا العقد".
فلا يجوز التعسف في استخدام الحق، فإذا توافرت شروط الغلط وعرض الطرف الآخر تصحيح الخطأ فليس لمن له الحق في إبطال العقد للغلط أن يتمسك به متعسفاً في استخدام حقه لأن ذلك يتعارض مع مبدأ حسن النية.
*البطلان النسبي جزاء توافر شروط الغلط الجوهري:-
يترتب على توفر شروط تحقق الغلط الجوهري السابق أن يكون العقد باطلاً بطلاناً نسبياً لمصلحة من وقع في غلط.