عناصر القصد الاحتمالي
 هي
أولاً: توقع إمكانية حدوث النتيجة الإجرامية
كأثر مترتب على السلوك الذي ارتكبه.
ثانيا: قبول حدوث تلك النتيجة التي سبق للجاني توقعها.
أولاً. توقع حدوث النتيجة الإجرامية:
التوقع هو تخيل الذي يمكن أن يحدث عقلاً أو بعبارة أخرى هو الحكم على ما يمكن أن يحدث مستقبلاً.
والقصد الاحتمالي يتوافر عندما يكون هناك قدر من توقع حدوث النتيجة الإجرامية، فإذا لم يحدث أي نوع من التوقع فلا مجال للقول بتوافر القصد الاحتمالي. ويخرج من نطاق القصد الاحتمالي توقع حدوث النتيجة الإجرامية كأثر حتمي ولازم للسلوك الذي ارتكبه الجاني باعتبار أن ذلك القدر من التوقع يدخل في إطار القصد المباشر، فعندما يكون اليقين ولا يدور في الذهن غير احتمال واحد يكون القصد مباشراً، وحيث يحل الإمكان محل اليقين
وتتعدد الاحتمالات في الذهن يكون القصد احتمالياً، فالضابط في التمييز بين نوعي القصد الجنائي أن تستبعد النتائج غير الحتمية من نطاق القصد المباشر وتعد المجال الحقيقي للقصد الاحتمالي.
وللتمييز بين النتائج الحتمية والنتائج الممكنة يتطلب البحث فيما دار في ذهن الجاني من خلال ما تصوره من هذه النتائج كأثر حتمي لسلوكه أو كأثر ممكن فحسب حتى ولو كان هذا التصور خاطئاً أو مخالفاً للواقع والمجرى العادي للأمور، فالحتمية تعني اللزوم والضرورة، أما الإمكان فهو عكس ذلك حيث يفترض الشك أي حدوث النتيجة الإجرامية وعدم حدوثها، والحقيقة أن الحتمية لاتعدو أن تكون أعلى درجات الإمكان، فالفارق بينهما هو فارق من حيث الكم وليس من حيث الكيف.
وللتمييز بين النتائج الحتمية والممكنة فان هناك صعوبة في ذلك، فلا توجد حالات تبدو فيها الحتمية أو الإمكان على نحو مطلق، فالحتمية تحتوي على قدر من الإمكان ولكن يتغلب فيها عنصر الحتمية نظراً لمعرفة كثير من العوامل التي تساهم في إحداث النتيجة، لذا كان أمر حدوثها يرجح رجحاناً كبيراً على عدم حدوثها، والإمكان يحتوي أيضاً على قدر من الحتمية إلا أنه قدر أقل من الحالة الأولى نتيجة اقتصار معرفة الجاني على عدد محدود من العوامل التي تساهم في إحداث النتيجة الأمر الذي يجعل أمر حدوثها ممكناً فقط، والجاني يتخذ من العلم بالعوامل المتقدمة أساساً يعتمد عليه في توقعه للنتيجة الإجرامية فهو يتوقعها كأثر حتمي لسلوكه إذا قدر أن العوامل التي تساهم في إحداث النتيجة تمحو آثار العوامل المنافية لحدوث تلك النتيجة، وهو يتوقع النتيجة كأثر ممكن لسلوكه إذا قدر أن العوامل التي تساهم في إحداث النتيجة تتساوى مع العوامل التي تحول دون حدوثها
ولا يقتصر نطاق القصد الاحتمالي على الحالات التي فيها يتوقع الجاني إمكان حدوث النتيجة الإجرامية كأثر للسلوك الذي ارتكبه، بل ليشمل كل واقعة أو عنصر يتوجب العلم به لتوافر القصد الجنائي، فالقصد الاحتمالي يتوافر في جميع الحالات التي يكون علم الجاني فيها يشوبه شك وليس علماً يقينياً يؤدي إلى توافر العنصر الأول من عناصر القصد الجنائي. فتوقع حدوث النتيجة الإجرامية وتوقع النتيجة هو الأساس النفسي الذي تقوم عليه إرادتها، فحين لايكون التوقع لا تتصور الإرادة، ولا يتوافر القصد الجنائي.
ويتعين إحاطة العلم بكل واقعة يقوم عليها كيان الجريمة، ويتعين علم الجاني بالأمور الآتية:
1. العلم بموضوع الحق المعتدى عليه: القصد هو إرادة الاعتداء على الحق الذي يحميه القانون، وللحق موضوعه الذي يتعين أن تتوافر له خصائص معينة كي يصلح أن يكون محلاً للحق وموضوعاً للاعتداء الذي يناله، ويتعين علم الجاني بتوافر هذا الموضوع، فان جهل ذلك انتفى القصد لديه، فلا يتوافر القصد في القتل إلا إذا علم مرتكبه أن فعله ينصب على جسد حي. فان ظنَّ أنه ينصب على جثة، كالطبيب الذي يظن أنه يشرح جثة فإذا بصاحبها لا يزال حياً ولكن أصابه إغماء، وإذا بالوفاة تحدث كأثر لفعله، فالقصد لا يعد متوافراً لديه، وان أمكن نسبة الخطأ إليه.
2 .. العلم بخطورة الفعل: إذا كان القصد الجنائي هو إرادة الاعتداء، ويقتضي ذلك العلم بالوقائع التي تقترن بالفعل وتحدد خطورته، فإذا جهل الجاني بعض هذه الوقائع فارتكب الفعل معتقداً بعدم وقوع اعتداء منه على الحق فلا ينسب إليه القصد، فإذا اتهم شخص بضرب أو جرح تعين إثبات علمه أن من شأن فعله المساس بسلامة جسد المجنى عليه، أما إذا كان يجهل ذلك انتفى القصد لديه، وان أمكن نسبة الخطأ إليه، فمن يضع على جسد المجنى عليه مادة ملهبة معتقداً أنها غير ذات خطر لا يتوافر القصد لديه.
3. العلم بمكان ارتكاب الفعل: القاعدة أن المشرع يجرم الفعل دون اعتبار لمكان ارتكابه، ولكنه يخرج على هذه القاعدة فلا يعاقب على الفعل إلا إذا اقترف في مكان معين، وعلة ذلك أن الفعل لايكون خطراً على الحق إلا إذا ارتكب في هذا المكان، في هذه الحالات يتعين علم الجاني بمكان فعله، فان جهل ذلك انتفى القصد لديه، فزنا الزوج لا يعاقب عليه المشرع إلا إذا ارتكب في منزل الزوجية (377/2 من قانون العقوبات العراقي والمادة 277 ق.ع المصري) ومن ثم كان علم الزوج وشريكته بأن مكان الزنا هو منزل الزوجية عنصراً في القصد الجنائي المتطلب لدى كل منهما.
4. . العلم بزمن ارتكاب الفعل: القاعدة أن المشرع حين يعاقب على الفعل لا يضع اعتباراً للزمن الذي ارتكب فيه، لكنه قد يخرج على هذه القاعدة فيشترط للعقاب على بعض الجرائم ثبوت مقارفة ارتكاب الفعل في زمن معين، ويفسر ذلك تقدير المشرع أن الفعل لايمثل خطورة إلا إذا ارتكب في هذا الزمن، فجريمة إهانة الموظف أو المكلف بخدمة عامة أو الاعتداء عليهما (المادة 229-230) من قانون العقوبات العراقي والمادة (133) من قانون العقوبات المصري، في هذه الجريمة لايعد القصد متوافراً إلا إذا علم الجاني بأنه يرتكب فعله في الزمن الذي يحدده القانون وهو قيام الموظف أو المكلف بخدمة عامة أثناء تأديته وظيفته أو بسببها.
5. علم الجاني بالصفات التي يتطلبها القانون فيه والصفات التي يتطلبها في المجنى عليه: إذا تطلب المشرع فيمن يرتكب بعض الجرائم أن يتصف بحالة قانونية أو فعلية معينة فانه يتعين علمه بهذه الحالة، فان جهلها انتفى القصد لديه: فالمرأة الحامل لا ترتكب جريمة إجهاض نفسها (المادة 417/1 من قانون العقوبات العراقي وتعادلها المادة 262 من قانون العقوبات المصري) إلا إذا علمت أنها حامل، فان جهلت ذلك وارتكبت الفعل الذي ترتب عليه إجهاضها فلا يعد القصد متوافراً لديها.
6. توقع علاقة السببية: ان القصد الجنائي يتطلب توقع النتيجة الإجرامية كأثر للفعل، يعنى ذلك أن يشترط توقع الرابطة التي تصل ما بين الفعل والنتيجة وهي علاقة السببية
ثانياً. قبول حدوث النتيجة الإجرامية:
ان الذي يحدد مجال القصد الاحتمالي ويميزه عن القصد المباشر هو عنصر العلم باعتبار أن إمكان التوقع الذي ينصرف إلى أي عنصر من الجريمة هو المجال الحقيقي للقصد الاحتمالي، أما التوقع الحتمي أو الضروري فيختص بالقصد المباشر.
إلا أن عنصر العلم يمثل عنصراً مشتركاً بين القصد الاحتمالي والخطأ غير العمدي مع التوقع، لأن الجاني قد يتوقع إمكان حدوث النتيجة الإجرامية وتكون مسؤوليته عنها مسؤولية غير عمدية فلابد إذاً من عنصر آخر بجانب عنصر التوقع ليحدد نطاق القصد الاحتمالي ويميز بينه وبين الخطأ غير العمدي مع التوقع، ويتحدد ذلك العنصر عندما يتخذ الجاني موقفاً إرادياً من النتيجة المتوقعة، لكي يمكن مساءلته عنها على أساس القصد الاحتمالي سواء تمثل هذا الموقف بالترحيب بحدوث تلك النتيجة، أو عدم المبالاة بحدوثها من عدمه، أما إذا توقع الجاني النتيجة الإجرامية فرفضها سواء بالامتناع كلياً عن القيام بالسلوك أو تمثل الرفض بالقيام بالسلوك مع اتخاذه من الاحتياطات اللازمة ما يراه كافياً لمنع حدوثها، فلا يسأل الجاني في مثل هذه الحالات سوى مسؤولية غير عمدية ان توافرت لها سائر شروطها، باعتبار أن انتفاء أي توجه إرادي نحو النتيجة الإجرامية يعدل عدم توافر التوقع بجميع درجاته من حيث انتفاء المسؤولية العمدية المباشرة أو غير المباشرة.
نخلص بعد أن عرضنا المفهوم الحقيقي للقصد الاحتمالي أن الرأي الذي يرجح أساس المسؤولية عن النتائج المتجاوزة قصد الجاني إلى القصد الاحتمالي يقصد بذلك النتيجة المحتملة، حيث يذهب إلى القول بأن النتيجة الإجرامية التي تحققت لم تتجه إرادة الجاني إلى إحداثها وإنما كان تحققها أمراً محتملاً، وإن هذا النوع من القصد يقع بين القصد الجنائي والخطأ غير العمدي حيث لايفترض قبول النتيجة المحتملة ولا السعي وراء تحقيق مثل هذه النتيجة وأن المسؤولية الجنائية عن هذه النتيجة هو الخطأ غير العمدي أياً كان احتمال حدوثها، لأن احتمال حدوث تلك النتيجة دون انصراف الإرادة إلى تحقيقها لا يشكل إلا الخطأ غير العمدي، فلكي يتوافر القصد الجنائي يجب أن يكون على الأقل ثمة توقع وقبول للنتيجة المحتملة، ولذلك فانهم يعيبون على المشرع مماثلة القصد الاحتمالي بالقصد الجنائي من حيث العقوبة كما في جريمة الحريق العمد التي يترتب عليها موت شخص أو أكثر حيث يعاقب على هذه الجريمة بالسجن المؤبد كما لو كان الجاني قد قصد قتل الضحايا الذين لقوا حتفهم عرضاً على وفق نص المادة (332/10) من قانون العقوبات الفرنسي الجديد وكما في جريمة أفعال العنف العمدية ضد أطفال تقل أعمارهم عن خمس عشرة سنة إذا ترتب على ذلك موت أحدهم، حتى إذا لم يتم هذا الضرب أو الحرمان من الأكل بقصد القتل على وفق نص المادة (222/14) من قانون العقوبات الفرنسي الجديد والرأي الغالب عندهم يقصر نطاق القصد الاحتمالي على الأحوال التي نص القانون عليها صراحةً.
فالقصد الاحتمالي يفترض علماً يحيط به الشك وتوقعاً للاعتداء كأثر ممكن للفعل ويفترض إلى جانب ذلك إرادة اتخذت صورة القبول وجعلت من الاعتداء غرضاً ثانياً للفعل، في حين يفترض القصد المباشر علماً يقيناً وتوقعاً للاعتداء كأثر لازم للفعل، فضلاً عن إرادة جعلت من الاعتداء غرضاً أصلياً حمل الجاني منذ البداية على الإقدام على الفعل أو اتجهت الوقائع التي ترتبط على نحو لازم بهذا الغرض .

                عناصر القصد الاحتمالي
 هي
أولاً: توقع إمكانية حدوث النتيجة الإجرامية
كأثر مترتب على السلوك الذي ارتكبه.
ثانيا: قبول حدوث تلك النتيجة التي سبق للجاني توقعها.
أولاً. توقع حدوث النتيجة الإجرامية:
التوقع هو تخيل الذي يمكن أن يحدث عقلاً أو بعبارة أخرى هو الحكم على ما يمكن أن يحدث مستقبلاً.
والقصد الاحتمالي يتوافر عندما يكون هناك قدر من توقع حدوث النتيجة الإجرامية، فإذا لم يحدث أي نوع من التوقع فلا مجال للقول بتوافر القصد الاحتمالي. ويخرج من نطاق القصد الاحتمالي توقع حدوث النتيجة الإجرامية كأثر حتمي ولازم للسلوك الذي ارتكبه الجاني باعتبار أن ذلك القدر من التوقع يدخل في إطار القصد المباشر، فعندما يكون اليقين ولا يدور في الذهن غير احتمال واحد يكون القصد مباشراً، وحيث يحل الإمكان محل اليقين
وتتعدد الاحتمالات في الذهن يكون القصد احتمالياً، فالضابط في التمييز بين نوعي القصد الجنائي أن تستبعد النتائج غير الحتمية من نطاق القصد المباشر وتعد المجال الحقيقي للقصد الاحتمالي.
وللتمييز بين النتائج الحتمية والنتائج الممكنة يتطلب البحث فيما دار في ذهن الجاني من خلال ما تصوره من هذه النتائج كأثر حتمي لسلوكه أو كأثر ممكن فحسب حتى ولو كان هذا التصور خاطئاً أو مخالفاً للواقع والمجرى العادي للأمور، فالحتمية تعني اللزوم والضرورة، أما الإمكان فهو عكس ذلك حيث يفترض الشك أي حدوث النتيجة الإجرامية وعدم حدوثها، والحقيقة أن الحتمية لاتعدو أن تكون أعلى درجات الإمكان، فالفارق بينهما هو فارق من حيث الكم وليس من حيث الكيف.
وللتمييز بين النتائج الحتمية والممكنة فان هناك صعوبة في ذلك، فلا توجد حالات تبدو فيها الحتمية أو الإمكان على نحو مطلق، فالحتمية تحتوي على قدر من الإمكان ولكن يتغلب فيها عنصر الحتمية نظراً لمعرفة كثير من العوامل التي تساهم في إحداث النتيجة، لذا كان أمر حدوثها يرجح رجحاناً كبيراً على عدم حدوثها، والإمكان يحتوي أيضاً على قدر من الحتمية إلا أنه قدر أقل من الحالة الأولى نتيجة اقتصار معرفة الجاني على عدد محدود من العوامل التي تساهم في إحداث النتيجة الأمر الذي يجعل أمر حدوثها ممكناً فقط، والجاني يتخذ من العلم بالعوامل المتقدمة أساساً يعتمد عليه في توقعه للنتيجة الإجرامية فهو يتوقعها كأثر حتمي لسلوكه إذا قدر أن العوامل التي تساهم في إحداث النتيجة تمحو آثار العوامل المنافية لحدوث تلك النتيجة، وهو يتوقع النتيجة كأثر ممكن لسلوكه إذا قدر أن العوامل التي تساهم في إحداث النتيجة تتساوى مع العوامل التي تحول دون حدوثها
ولا يقتصر نطاق القصد الاحتمالي على الحالات التي فيها يتوقع الجاني إمكان حدوث النتيجة الإجرامية كأثر للسلوك الذي ارتكبه، بل ليشمل كل واقعة أو عنصر يتوجب العلم به لتوافر القصد الجنائي، فالقصد الاحتمالي يتوافر في جميع الحالات التي يكون علم الجاني فيها يشوبه شك وليس علماً يقينياً يؤدي إلى توافر العنصر الأول من عناصر القصد الجنائي. فتوقع حدوث النتيجة الإجرامية وتوقع النتيجة هو الأساس النفسي الذي تقوم عليه إرادتها، فحين لايكون التوقع لا تتصور الإرادة، ولا يتوافر القصد الجنائي.
ويتعين إحاطة العلم بكل واقعة يقوم عليها كيان الجريمة، ويتعين علم الجاني بالأمور الآتية:
1. العلم بموضوع الحق المعتدى عليه: القصد هو إرادة الاعتداء على الحق الذي يحميه القانون، وللحق موضوعه الذي يتعين أن تتوافر له خصائص معينة كي يصلح أن يكون محلاً للحق وموضوعاً للاعتداء الذي يناله، ويتعين علم الجاني بتوافر هذا الموضوع، فان جهل ذلك انتفى القصد لديه، فلا يتوافر القصد في القتل إلا إذا علم مرتكبه أن فعله ينصب على جسد حي. فان ظنَّ أنه ينصب على جثة، كالطبيب الذي يظن أنه يشرح جثة فإذا بصاحبها لا يزال حياً ولكن أصابه إغماء، وإذا بالوفاة تحدث كأثر لفعله، فالقصد لا يعد متوافراً لديه، وان أمكن نسبة الخطأ إليه.
2 .. العلم بخطورة الفعل: إذا كان القصد الجنائي هو إرادة الاعتداء، ويقتضي ذلك العلم بالوقائع التي تقترن بالفعل وتحدد خطورته، فإذا جهل الجاني بعض هذه الوقائع فارتكب الفعل معتقداً بعدم وقوع اعتداء منه على الحق فلا ينسب إليه القصد، فإذا اتهم شخص بضرب أو جرح تعين إثبات علمه أن من شأن فعله المساس بسلامة جسد المجنى عليه، أما إذا كان يجهل ذلك انتفى القصد لديه، وان أمكن نسبة الخطأ إليه، فمن يضع على جسد المجنى عليه مادة ملهبة معتقداً أنها غير ذات خطر لا يتوافر القصد لديه.
3. العلم بمكان ارتكاب الفعل: القاعدة أن المشرع يجرم الفعل دون اعتبار لمكان ارتكابه، ولكنه يخرج على هذه القاعدة فلا يعاقب على الفعل إلا إذا اقترف في مكان معين، وعلة ذلك أن الفعل لايكون خطراً على الحق إلا إذا ارتكب في هذا المكان، في هذه الحالات يتعين علم الجاني بمكان فعله، فان جهل ذلك انتفى القصد لديه، فزنا الزوج لا يعاقب عليه المشرع إلا إذا ارتكب في منزل الزوجية (377/2 من قانون العقوبات العراقي والمادة 277 ق.ع المصري) ومن ثم كان علم الزوج وشريكته بأن مكان الزنا هو منزل الزوجية عنصراً في القصد الجنائي المتطلب لدى كل منهما.
4. . العلم بزمن ارتكاب الفعل: القاعدة أن المشرع حين يعاقب على الفعل لا يضع اعتباراً للزمن الذي ارتكب فيه، لكنه قد يخرج على هذه القاعدة فيشترط للعقاب على بعض الجرائم ثبوت مقارفة ارتكاب الفعل في زمن معين، ويفسر ذلك تقدير المشرع أن الفعل لايمثل خطورة إلا إذا ارتكب في هذا الزمن، فجريمة إهانة الموظف أو المكلف بخدمة عامة أو الاعتداء عليهما (المادة 229-230) من قانون العقوبات العراقي والمادة (133) من قانون العقوبات المصري، في هذه الجريمة لايعد القصد متوافراً إلا إذا علم الجاني بأنه يرتكب فعله في الزمن الذي يحدده القانون وهو قيام الموظف أو المكلف بخدمة عامة أثناء تأديته وظيفته أو بسببها.
5. علم الجاني بالصفات التي يتطلبها القانون فيه والصفات التي يتطلبها في المجنى عليه: إذا تطلب المشرع فيمن يرتكب بعض الجرائم أن يتصف بحالة قانونية أو فعلية معينة فانه يتعين علمه بهذه الحالة، فان جهلها انتفى القصد لديه: فالمرأة الحامل لا ترتكب جريمة إجهاض نفسها (المادة 417/1 من قانون العقوبات العراقي وتعادلها المادة 262 من قانون العقوبات المصري) إلا إذا علمت أنها حامل، فان جهلت ذلك وارتكبت الفعل الذي ترتب عليه إجهاضها فلا يعد القصد متوافراً لديها.
6. توقع علاقة السببية: ان القصد الجنائي يتطلب توقع النتيجة الإجرامية كأثر للفعل، يعنى ذلك أن يشترط توقع الرابطة التي تصل ما بين الفعل والنتيجة وهي علاقة السببية
ثانياً. قبول حدوث النتيجة الإجرامية:
ان الذي يحدد مجال القصد الاحتمالي ويميزه عن القصد المباشر هو عنصر العلم باعتبار أن إمكان التوقع الذي ينصرف إلى أي عنصر من الجريمة هو المجال الحقيقي للقصد الاحتمالي، أما التوقع الحتمي أو الضروري فيختص بالقصد المباشر.
إلا أن عنصر العلم يمثل عنصراً مشتركاً بين القصد الاحتمالي والخطأ غير العمدي مع التوقع، لأن الجاني قد يتوقع إمكان حدوث النتيجة الإجرامية وتكون مسؤوليته عنها مسؤولية غير عمدية فلابد إذاً من عنصر آخر بجانب عنصر التوقع ليحدد نطاق القصد الاحتمالي ويميز بينه وبين الخطأ غير العمدي مع التوقع، ويتحدد ذلك العنصر عندما يتخذ الجاني موقفاً إرادياً من النتيجة المتوقعة، لكي يمكن مساءلته عنها على أساس القصد الاحتمالي سواء تمثل هذا الموقف بالترحيب بحدوث تلك النتيجة، أو عدم المبالاة بحدوثها من عدمه، أما إذا توقع الجاني النتيجة الإجرامية فرفضها سواء بالامتناع كلياً عن القيام بالسلوك أو تمثل الرفض بالقيام بالسلوك مع اتخاذه من الاحتياطات اللازمة ما يراه كافياً لمنع حدوثها، فلا يسأل الجاني في مثل هذه الحالات سوى مسؤولية غير عمدية ان توافرت لها سائر شروطها، باعتبار أن انتفاء أي توجه إرادي نحو النتيجة الإجرامية يعدل عدم توافر التوقع بجميع درجاته من حيث انتفاء المسؤولية العمدية المباشرة أو غير المباشرة.
نخلص بعد أن عرضنا المفهوم الحقيقي للقصد الاحتمالي أن الرأي الذي يرجح أساس المسؤولية عن النتائج المتجاوزة قصد الجاني إلى القصد الاحتمالي يقصد بذلك النتيجة المحتملة، حيث يذهب إلى القول بأن النتيجة الإجرامية التي تحققت لم تتجه إرادة الجاني إلى إحداثها وإنما كان تحققها أمراً محتملاً، وإن هذا النوع من القصد يقع بين القصد الجنائي والخطأ غير العمدي حيث لايفترض قبول النتيجة المحتملة ولا السعي وراء تحقيق مثل هذه النتيجة وأن المسؤولية الجنائية عن هذه النتيجة هو الخطأ غير العمدي أياً كان احتمال حدوثها، لأن احتمال حدوث تلك النتيجة دون انصراف الإرادة إلى تحقيقها لا يشكل إلا الخطأ غير العمدي، فلكي يتوافر القصد الجنائي يجب أن يكون على الأقل ثمة توقع وقبول للنتيجة المحتملة، ولذلك فانهم يعيبون على المشرع مماثلة القصد الاحتمالي بالقصد الجنائي من حيث العقوبة كما في جريمة الحريق العمد التي يترتب عليها موت شخص أو أكثر حيث يعاقب على هذه الجريمة بالسجن المؤبد كما لو كان الجاني قد قصد قتل الضحايا الذين لقوا حتفهم عرضاً على وفق نص المادة (332/10) من قانون العقوبات الفرنسي الجديد وكما في جريمة أفعال العنف العمدية ضد أطفال تقل أعمارهم عن خمس عشرة سنة إذا ترتب على ذلك موت أحدهم، حتى إذا لم يتم هذا الضرب أو الحرمان من الأكل بقصد القتل على وفق نص المادة (222/14) من قانون العقوبات الفرنسي الجديد والرأي الغالب عندهم يقصر نطاق القصد الاحتمالي على الأحوال التي نص القانون عليها صراحةً.
فالقصد الاحتمالي يفترض علماً يحيط به الشك وتوقعاً للاعتداء كأثر ممكن للفعل ويفترض إلى جانب ذلك إرادة اتخذت صورة القبول وجعلت من الاعتداء غرضاً ثانياً للفعل، في حين يفترض القصد المباشر علماً يقيناً وتوقعاً للاعتداء كأثر لازم للفعل، فضلاً عن إرادة جعلت من الاعتداء غرضاً أصلياً حمل الجاني منذ البداية على الإقدام على الفعل أو اتجهت الوقائع التي ترتبط على نحو لازم بهذا الغرض .

0 التعليقات:

إرسال تعليق

 
low-zag © جميع الحقوق محفوظة