يحكم سريان النصوص الجنائية من حيث المكان أصل عام يعرف بـ" قاعدة الإقليمية" ويرد على هذا الأصل بعض الاستثناءات ونوالي توضيح ذلك:
أولاً :- قاعدة إقليمية النص الجنائي
النصوص الجنائية تعد مظهراً لسيادة الدولة وسلطانها ، ولذلك فإن تحديد نطاق سريان هذه النصوص الجنائية قد ارتبط وثيقاً بالنطاق والمجال الذي تمارس فيه الدولة سيادتها ونفوذها. وقد نص قانون العقوبات المصري صراحة على أخذه بقاعدة افليمية كضابط عام لتحديد مجال سريان القانون الجنائي مكانياً وذلك في المادتين الأولى والثانية منه.
فقد نصت المادة الأولى على أنه:"تسري أحكام هذا القانون على كل من يرتكب في القطر المصري جريمة من الجرائم المنصوص عليها فيه".
كما نصت المادة الثانية على أنه :"تسري أحكام هذا القانون أيضاً على الأشخاص الآتي ذكرهم:
أولا: كل من ارتكب في خارج القطر فعلاً يجعله فاعلاً أو شريكاً في جريمة وقعت كلها أو بعضها في القطر المصري".
وعلى ذلك فإن مؤدى قاعدة الإقليمية أن النصوص الجنائية للدولة تطبق على مايقع من جرائم فوق إقليمها سواء كان متركبيها من الوطنيين أو من الأجانب، بينما لامحل لسريان هذه القوانين على مايقع من جرائم خارج هذا الاقليم أياً كانت جنسية مرتكبيها. واعمال قاعدة الإقليمية بمفهومها المتقدم، يقتضي ضرورة أيضاح أمرين:
أولا: المقصود بإقليم الدولة :
المرجع في تحديد المقصود بإقليم الدولة هو مايقرره القانون الدولى العام ، وطبقاً للمتعارف عليه في القانون الدولي العام فإن إقليم الدولة يتضمن عناصر ثلاثة:
الإقليم الأرضي : ويشمل الأرض اليابسة والأنهار الداخلية التي تنتهي عند حدود الدولة السياسية مع مايجاورها من بلاد.
الإقليم البحري : ويشمل المياه الإقليمية للدولة ، أي جزء البحر العام والملاصق لشواطئها الداخلية. ويحدد العرف الدولي قدر هذا الجزء بثلاثة أميال بحرية مالم تحدده الدولة بغير ذلك بقرار منها.
الإقليم الجوي : ويشمل طبقات الفضاء الجوي الذي يعلو الإقليم الأرض والبحري للدولة.
ثانيا : المقصود بوقوع الجريمة :
السائد فقهياً أن العربة في وقوع الجريمة هي بحصول مادياتها في إقليم الدولة سواء كاملة (تامة) أو ناقصة (شروع)، فإن قانوننا العقابي يطبق على مايلي من وقائع متى حدثت هذه الوقائع في الإقليم المصري :
الجرائم التي تقع مكتملة الأركان والعناصر داخل إقليمنا المصري. فلا يثير اختصاص قانوننا العقابي بهذه الجرائم مكانياً أية صعوبة تذكر.
الجرائم التي يقع جزء من ماديتها فحسب في الإقليم المصري ، حيث من الممكن أن يتخذ الإقليم المصري فيها مسرحاً لأي من السلوك أو النتيجة، ويكون أيهما كافياً لإنعقاد الاختصاص المكاني لقانوننا العقابي على الواقعة بأسرها.
ومن أمثلة حصول النتيجة وحدها في القطر المصري : من يرسل طرداً بريدياً ملغماً وهو في الخارج إلى مصري أو شخص مقيم في مصر فيقتله، ومن يضع سماً طويل المفعول في طعام قادم إلى مصر فلا يحدث السم أثره القاتل إلا بوصول المسافر إلى الأراضي المصرية، ومن يتفق مع آخرين في الخارج على تحريض بعض الفتيات المصريات على مغادرة البلاد للإشتغال بالدعارة ، وتقع الجريمة حسب المتفق عليه.
ومن أمثلة حصول السلوك وحده في الأراضي المصرية من يطلق عياراً نارياً وهو داخل الحدود المصرية على شخص داخل الحدود الليبية فيقتله، أو يضع قنبلة موقوته في طائرة تقلع من مطار مصري لتنفجر وهي في أجواء بلد آخر، أو يستخدم طرق احتيالية على شخص في مصر ويتوصل بها إلى الاستيلاء على مال له في الخارج. وليس بلازم في مثل هذه الأحوال أن يباشر الجاني السلوك الإجرامي كاملاً على الإقليم المصري، وإنما يكفي أن يأتي جزءاً فقط من هذا السلوك المادي. ومثال ذلك من يعطي شخصاً وهو في مصر جرعة من السم ثم يتعقبه في الخارج بجرعة أخرى فيمت.
وإذا كانت العبرة في وقوع الجريمة هي بمادياتها ، بحيث لاينعقد الاختصاص المكاني لقانوننا العقباي إلا بما يقع من هذه الماديات داخل القطر المصري فإن ماعدا الماديات لايؤدي إلى انطباق القانون الجنائي وعلى ذلك تخرج عن ماديات الجريمة مايلي:
مجرد التفكير في الجريمة ، ولو وصل إلى حد التصميم والعزم المؤكد على ارتكابها، متى وقعت بكاملها في الخارج.
الأعمال التحضيرية للجريمة. ومثالها أن يتم إعداد السلاح أو السم أو أدوات ومعدات التزييف داخل مصر، بينما يقع القتل وتزييف العملة خارج البلاد ، مالم يكن العمل التحضيري معتبراً جريمة في ذاته قانوناً.
أفعال الاشتراك في جريمة وقعت كلها في الخارج. فلا اختصاص لقانوننا العقابي في حالة من يباشر في الاقليم المصري سلوكاً يعتبر بموجبه شريكاً في جريمة (بالتحريض أو بالاتقاق أو بالمساعدة) إذا كانت هذه الجريمة لم ينفذ ولو جزء من جانبها المادي داخل البلاد.
إستثناءات قاعدة الإقليمية
يرد على قاعدة إقليمة النص الجنائي نوعين من الاستثناءات :
أولهما : استثناءات ذات طبيعة سلبية.
وثانيهما : استثاءات ذات طبيعة إيجابية.
أولاً :- قاعدة إقليمية النص الجنائي
النصوص الجنائية تعد مظهراً لسيادة الدولة وسلطانها ، ولذلك فإن تحديد نطاق سريان هذه النصوص الجنائية قد ارتبط وثيقاً بالنطاق والمجال الذي تمارس فيه الدولة سيادتها ونفوذها. وقد نص قانون العقوبات المصري صراحة على أخذه بقاعدة افليمية كضابط عام لتحديد مجال سريان القانون الجنائي مكانياً وذلك في المادتين الأولى والثانية منه.
فقد نصت المادة الأولى على أنه:"تسري أحكام هذا القانون على كل من يرتكب في القطر المصري جريمة من الجرائم المنصوص عليها فيه".
كما نصت المادة الثانية على أنه :"تسري أحكام هذا القانون أيضاً على الأشخاص الآتي ذكرهم:
أولا: كل من ارتكب في خارج القطر فعلاً يجعله فاعلاً أو شريكاً في جريمة وقعت كلها أو بعضها في القطر المصري".
وعلى ذلك فإن مؤدى قاعدة الإقليمية أن النصوص الجنائية للدولة تطبق على مايقع من جرائم فوق إقليمها سواء كان متركبيها من الوطنيين أو من الأجانب، بينما لامحل لسريان هذه القوانين على مايقع من جرائم خارج هذا الاقليم أياً كانت جنسية مرتكبيها. واعمال قاعدة الإقليمية بمفهومها المتقدم، يقتضي ضرورة أيضاح أمرين:
أولا: المقصود بإقليم الدولة :
المرجع في تحديد المقصود بإقليم الدولة هو مايقرره القانون الدولى العام ، وطبقاً للمتعارف عليه في القانون الدولي العام فإن إقليم الدولة يتضمن عناصر ثلاثة:
الإقليم الأرضي : ويشمل الأرض اليابسة والأنهار الداخلية التي تنتهي عند حدود الدولة السياسية مع مايجاورها من بلاد.
الإقليم البحري : ويشمل المياه الإقليمية للدولة ، أي جزء البحر العام والملاصق لشواطئها الداخلية. ويحدد العرف الدولي قدر هذا الجزء بثلاثة أميال بحرية مالم تحدده الدولة بغير ذلك بقرار منها.
الإقليم الجوي : ويشمل طبقات الفضاء الجوي الذي يعلو الإقليم الأرض والبحري للدولة.
ثانيا : المقصود بوقوع الجريمة :
السائد فقهياً أن العربة في وقوع الجريمة هي بحصول مادياتها في إقليم الدولة سواء كاملة (تامة) أو ناقصة (شروع)، فإن قانوننا العقابي يطبق على مايلي من وقائع متى حدثت هذه الوقائع في الإقليم المصري :
الجرائم التي تقع مكتملة الأركان والعناصر داخل إقليمنا المصري. فلا يثير اختصاص قانوننا العقابي بهذه الجرائم مكانياً أية صعوبة تذكر.
الجرائم التي يقع جزء من ماديتها فحسب في الإقليم المصري ، حيث من الممكن أن يتخذ الإقليم المصري فيها مسرحاً لأي من السلوك أو النتيجة، ويكون أيهما كافياً لإنعقاد الاختصاص المكاني لقانوننا العقابي على الواقعة بأسرها.
ومن أمثلة حصول النتيجة وحدها في القطر المصري : من يرسل طرداً بريدياً ملغماً وهو في الخارج إلى مصري أو شخص مقيم في مصر فيقتله، ومن يضع سماً طويل المفعول في طعام قادم إلى مصر فلا يحدث السم أثره القاتل إلا بوصول المسافر إلى الأراضي المصرية، ومن يتفق مع آخرين في الخارج على تحريض بعض الفتيات المصريات على مغادرة البلاد للإشتغال بالدعارة ، وتقع الجريمة حسب المتفق عليه.
ومن أمثلة حصول السلوك وحده في الأراضي المصرية من يطلق عياراً نارياً وهو داخل الحدود المصرية على شخص داخل الحدود الليبية فيقتله، أو يضع قنبلة موقوته في طائرة تقلع من مطار مصري لتنفجر وهي في أجواء بلد آخر، أو يستخدم طرق احتيالية على شخص في مصر ويتوصل بها إلى الاستيلاء على مال له في الخارج. وليس بلازم في مثل هذه الأحوال أن يباشر الجاني السلوك الإجرامي كاملاً على الإقليم المصري، وإنما يكفي أن يأتي جزءاً فقط من هذا السلوك المادي. ومثال ذلك من يعطي شخصاً وهو في مصر جرعة من السم ثم يتعقبه في الخارج بجرعة أخرى فيمت.
وإذا كانت العبرة في وقوع الجريمة هي بمادياتها ، بحيث لاينعقد الاختصاص المكاني لقانوننا العقباي إلا بما يقع من هذه الماديات داخل القطر المصري فإن ماعدا الماديات لايؤدي إلى انطباق القانون الجنائي وعلى ذلك تخرج عن ماديات الجريمة مايلي:
مجرد التفكير في الجريمة ، ولو وصل إلى حد التصميم والعزم المؤكد على ارتكابها، متى وقعت بكاملها في الخارج.
الأعمال التحضيرية للجريمة. ومثالها أن يتم إعداد السلاح أو السم أو أدوات ومعدات التزييف داخل مصر، بينما يقع القتل وتزييف العملة خارج البلاد ، مالم يكن العمل التحضيري معتبراً جريمة في ذاته قانوناً.
أفعال الاشتراك في جريمة وقعت كلها في الخارج. فلا اختصاص لقانوننا العقابي في حالة من يباشر في الاقليم المصري سلوكاً يعتبر بموجبه شريكاً في جريمة (بالتحريض أو بالاتقاق أو بالمساعدة) إذا كانت هذه الجريمة لم ينفذ ولو جزء من جانبها المادي داخل البلاد.
إستثناءات قاعدة الإقليمية
يرد على قاعدة إقليمة النص الجنائي نوعين من الاستثناءات :
أولهما : استثناءات ذات طبيعة سلبية.
وثانيهما : استثاءات ذات طبيعة إيجابية.
low-zag |
يحكم سريان النصوص الجنائية من حيث المكان أصل عام يعرف بـ" قاعدة الإقليمية" ويرد على هذا الأصل بعض الاستثناءات ونوالي توضيح ذلك:
أولاً :- قاعدة إقليمية النص الجنائي
النصوص الجنائية تعد مظهراً لسيادة الدولة وسلطانها ، ولذلك فإن تحديد نطاق سريان هذه النصوص الجنائية قد ارتبط وثيقاً بالنطاق والمجال الذي تمارس فيه الدولة سيادتها ونفوذها. وقد نص قانون العقوبات المصري صراحة على أخذه بقاعدة افليمية كضابط عام لتحديد مجال سريان القانون الجنائي مكانياً وذلك في المادتين الأولى والثانية منه.
فقد نصت المادة الأولى على أنه:"تسري أحكام هذا القانون على كل من يرتكب في القطر المصري جريمة من الجرائم المنصوص عليها فيه".
كما نصت المادة الثانية على أنه :"تسري أحكام هذا القانون أيضاً على الأشخاص الآتي ذكرهم:
أولا: كل من ارتكب في خارج القطر فعلاً يجعله فاعلاً أو شريكاً في جريمة وقعت كلها أو بعضها في القطر المصري".
وعلى ذلك فإن مؤدى قاعدة الإقليمية أن النصوص الجنائية للدولة تطبق على مايقع من جرائم فوق إقليمها سواء كان متركبيها من الوطنيين أو من الأجانب، بينما لامحل لسريان هذه القوانين على مايقع من جرائم خارج هذا الاقليم أياً كانت جنسية مرتكبيها. واعمال قاعدة الإقليمية بمفهومها المتقدم، يقتضي ضرورة أيضاح أمرين:
أولا: المقصود بإقليم الدولة :
المرجع في تحديد المقصود بإقليم الدولة هو مايقرره القانون الدولى العام ، وطبقاً للمتعارف عليه في القانون الدولي العام فإن إقليم الدولة يتضمن عناصر ثلاثة:
الإقليم الأرضي : ويشمل الأرض اليابسة والأنهار الداخلية التي تنتهي عند حدود الدولة السياسية مع مايجاورها من بلاد.
الإقليم البحري : ويشمل المياه الإقليمية للدولة ، أي جزء البحر العام والملاصق لشواطئها الداخلية. ويحدد العرف الدولي قدر هذا الجزء بثلاثة أميال بحرية مالم تحدده الدولة بغير ذلك بقرار منها.
الإقليم الجوي : ويشمل طبقات الفضاء الجوي الذي يعلو الإقليم الأرض والبحري للدولة.
ثانيا : المقصود بوقوع الجريمة :
السائد فقهياً أن العربة في وقوع الجريمة هي بحصول مادياتها في إقليم الدولة سواء كاملة (تامة) أو ناقصة (شروع)، فإن قانوننا العقابي يطبق على مايلي من وقائع متى حدثت هذه الوقائع في الإقليم المصري :
الجرائم التي تقع مكتملة الأركان والعناصر داخل إقليمنا المصري. فلا يثير اختصاص قانوننا العقابي بهذه الجرائم مكانياً أية صعوبة تذكر.
الجرائم التي يقع جزء من ماديتها فحسب في الإقليم المصري ، حيث من الممكن أن يتخذ الإقليم المصري فيها مسرحاً لأي من السلوك أو النتيجة، ويكون أيهما كافياً لإنعقاد الاختصاص المكاني لقانوننا العقابي على الواقعة بأسرها.
ومن أمثلة حصول النتيجة وحدها في القطر المصري : من يرسل طرداً بريدياً ملغماً وهو في الخارج إلى مصري أو شخص مقيم في مصر فيقتله، ومن يضع سماً طويل المفعول في طعام قادم إلى مصر فلا يحدث السم أثره القاتل إلا بوصول المسافر إلى الأراضي المصرية، ومن يتفق مع آخرين في الخارج على تحريض بعض الفتيات المصريات على مغادرة البلاد للإشتغال بالدعارة ، وتقع الجريمة حسب المتفق عليه.
ومن أمثلة حصول السلوك وحده في الأراضي المصرية من يطلق عياراً نارياً وهو داخل الحدود المصرية على شخص داخل الحدود الليبية فيقتله، أو يضع قنبلة موقوته في طائرة تقلع من مطار مصري لتنفجر وهي في أجواء بلد آخر، أو يستخدم طرق احتيالية على شخص في مصر ويتوصل بها إلى الاستيلاء على مال له في الخارج. وليس بلازم في مثل هذه الأحوال أن يباشر الجاني السلوك الإجرامي كاملاً على الإقليم المصري، وإنما يكفي أن يأتي جزءاً فقط من هذا السلوك المادي. ومثال ذلك من يعطي شخصاً وهو في مصر جرعة من السم ثم يتعقبه في الخارج بجرعة أخرى فيمت.
وإذا كانت العبرة في وقوع الجريمة هي بمادياتها ، بحيث لاينعقد الاختصاص المكاني لقانوننا العقباي إلا بما يقع من هذه الماديات داخل القطر المصري فإن ماعدا الماديات لايؤدي إلى انطباق القانون الجنائي وعلى ذلك تخرج عن ماديات الجريمة مايلي:
مجرد التفكير في الجريمة ، ولو وصل إلى حد التصميم والعزم المؤكد على ارتكابها، متى وقعت بكاملها في الخارج.
الأعمال التحضيرية للجريمة. ومثالها أن يتم إعداد السلاح أو السم أو أدوات ومعدات التزييف داخل مصر، بينما يقع القتل وتزييف العملة خارج البلاد ، مالم يكن العمل التحضيري معتبراً جريمة في ذاته قانوناً.
أفعال الاشتراك في جريمة وقعت كلها في الخارج. فلا اختصاص لقانوننا العقابي في حالة من يباشر في الاقليم المصري سلوكاً يعتبر بموجبه شريكاً في جريمة (بالتحريض أو بالاتقاق أو بالمساعدة) إذا كانت هذه الجريمة لم ينفذ ولو جزء من جانبها المادي داخل البلاد.
إستثناءات قاعدة الإقليمية
يرد على قاعدة إقليمة النص الجنائي نوعين من الاستثناءات :
أولهما : استثناءات ذات طبيعة سلبية.
وثانيهما : استثاءات ذات طبيعة إيجابية.
أولاً :- قاعدة إقليمية النص الجنائي
النصوص الجنائية تعد مظهراً لسيادة الدولة وسلطانها ، ولذلك فإن تحديد نطاق سريان هذه النصوص الجنائية قد ارتبط وثيقاً بالنطاق والمجال الذي تمارس فيه الدولة سيادتها ونفوذها. وقد نص قانون العقوبات المصري صراحة على أخذه بقاعدة افليمية كضابط عام لتحديد مجال سريان القانون الجنائي مكانياً وذلك في المادتين الأولى والثانية منه.
فقد نصت المادة الأولى على أنه:"تسري أحكام هذا القانون على كل من يرتكب في القطر المصري جريمة من الجرائم المنصوص عليها فيه".
كما نصت المادة الثانية على أنه :"تسري أحكام هذا القانون أيضاً على الأشخاص الآتي ذكرهم:
أولا: كل من ارتكب في خارج القطر فعلاً يجعله فاعلاً أو شريكاً في جريمة وقعت كلها أو بعضها في القطر المصري".
وعلى ذلك فإن مؤدى قاعدة الإقليمية أن النصوص الجنائية للدولة تطبق على مايقع من جرائم فوق إقليمها سواء كان متركبيها من الوطنيين أو من الأجانب، بينما لامحل لسريان هذه القوانين على مايقع من جرائم خارج هذا الاقليم أياً كانت جنسية مرتكبيها. واعمال قاعدة الإقليمية بمفهومها المتقدم، يقتضي ضرورة أيضاح أمرين:
أولا: المقصود بإقليم الدولة :
المرجع في تحديد المقصود بإقليم الدولة هو مايقرره القانون الدولى العام ، وطبقاً للمتعارف عليه في القانون الدولي العام فإن إقليم الدولة يتضمن عناصر ثلاثة:
الإقليم الأرضي : ويشمل الأرض اليابسة والأنهار الداخلية التي تنتهي عند حدود الدولة السياسية مع مايجاورها من بلاد.
الإقليم البحري : ويشمل المياه الإقليمية للدولة ، أي جزء البحر العام والملاصق لشواطئها الداخلية. ويحدد العرف الدولي قدر هذا الجزء بثلاثة أميال بحرية مالم تحدده الدولة بغير ذلك بقرار منها.
الإقليم الجوي : ويشمل طبقات الفضاء الجوي الذي يعلو الإقليم الأرض والبحري للدولة.
ثانيا : المقصود بوقوع الجريمة :
السائد فقهياً أن العربة في وقوع الجريمة هي بحصول مادياتها في إقليم الدولة سواء كاملة (تامة) أو ناقصة (شروع)، فإن قانوننا العقابي يطبق على مايلي من وقائع متى حدثت هذه الوقائع في الإقليم المصري :
الجرائم التي تقع مكتملة الأركان والعناصر داخل إقليمنا المصري. فلا يثير اختصاص قانوننا العقابي بهذه الجرائم مكانياً أية صعوبة تذكر.
الجرائم التي يقع جزء من ماديتها فحسب في الإقليم المصري ، حيث من الممكن أن يتخذ الإقليم المصري فيها مسرحاً لأي من السلوك أو النتيجة، ويكون أيهما كافياً لإنعقاد الاختصاص المكاني لقانوننا العقابي على الواقعة بأسرها.
ومن أمثلة حصول النتيجة وحدها في القطر المصري : من يرسل طرداً بريدياً ملغماً وهو في الخارج إلى مصري أو شخص مقيم في مصر فيقتله، ومن يضع سماً طويل المفعول في طعام قادم إلى مصر فلا يحدث السم أثره القاتل إلا بوصول المسافر إلى الأراضي المصرية، ومن يتفق مع آخرين في الخارج على تحريض بعض الفتيات المصريات على مغادرة البلاد للإشتغال بالدعارة ، وتقع الجريمة حسب المتفق عليه.
ومن أمثلة حصول السلوك وحده في الأراضي المصرية من يطلق عياراً نارياً وهو داخل الحدود المصرية على شخص داخل الحدود الليبية فيقتله، أو يضع قنبلة موقوته في طائرة تقلع من مطار مصري لتنفجر وهي في أجواء بلد آخر، أو يستخدم طرق احتيالية على شخص في مصر ويتوصل بها إلى الاستيلاء على مال له في الخارج. وليس بلازم في مثل هذه الأحوال أن يباشر الجاني السلوك الإجرامي كاملاً على الإقليم المصري، وإنما يكفي أن يأتي جزءاً فقط من هذا السلوك المادي. ومثال ذلك من يعطي شخصاً وهو في مصر جرعة من السم ثم يتعقبه في الخارج بجرعة أخرى فيمت.
وإذا كانت العبرة في وقوع الجريمة هي بمادياتها ، بحيث لاينعقد الاختصاص المكاني لقانوننا العقباي إلا بما يقع من هذه الماديات داخل القطر المصري فإن ماعدا الماديات لايؤدي إلى انطباق القانون الجنائي وعلى ذلك تخرج عن ماديات الجريمة مايلي:
مجرد التفكير في الجريمة ، ولو وصل إلى حد التصميم والعزم المؤكد على ارتكابها، متى وقعت بكاملها في الخارج.
الأعمال التحضيرية للجريمة. ومثالها أن يتم إعداد السلاح أو السم أو أدوات ومعدات التزييف داخل مصر، بينما يقع القتل وتزييف العملة خارج البلاد ، مالم يكن العمل التحضيري معتبراً جريمة في ذاته قانوناً.
أفعال الاشتراك في جريمة وقعت كلها في الخارج. فلا اختصاص لقانوننا العقابي في حالة من يباشر في الاقليم المصري سلوكاً يعتبر بموجبه شريكاً في جريمة (بالتحريض أو بالاتقاق أو بالمساعدة) إذا كانت هذه الجريمة لم ينفذ ولو جزء من جانبها المادي داخل البلاد.
إستثناءات قاعدة الإقليمية
يرد على قاعدة إقليمة النص الجنائي نوعين من الاستثناءات :
أولهما : استثناءات ذات طبيعة سلبية.
وثانيهما : استثاءات ذات طبيعة إيجابية.
low-zag |
0 التعليقات:
إرسال تعليق